المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌76 - (بَابُ الْوِتْرِ)

- ‌77 - (بَابُ الْوِتْرِ عَلَى الدَّابَّةِ)

- ‌78 - (بَابُ تَأْخِيرِ الْوِتْرِ)

- ‌79 - (بَابُ السَّلامِ فِي الْوِتْرِ

- ‌81 - (بَابُ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي)

- ‌82 - (بَابُ مَا يُستَحبّ مِنَ التَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ دُخُولِهِ)

- ‌84 - (بَابُ صَلاةِ المُغمى عَلَيْهِ)

- ‌85 - (بَابُ صَلاةِ الْمَرِيضِ)

- ‌92 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ يصلِّي وَبَيْنَ القِبلة وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ قَائِمَةٌ

- ‌94 - (بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌95 - (باب الصلاة على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌96 - (بَابُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌97 - (بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي ثُمَّ يَجْلِسُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ)

- ‌101 - (بَابُ فَضْلِ الجِهاد

- ‌102 - (بَابُ ما يكون من الموتِ شهادة

- ‌(أَبْوَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌2 - (بَابُ مَا يُكَفَّن بِهِ الْمَيِّتُ)

- ‌3 - (بَابُ الْمَشْيِ بِالْجَنَائِزِ وَالْمَشْيِ مَعَهَا)

- ‌4 - (بَابٌ الْمَيِّتُ لا يُتَّبَعُ بنارٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ مِجْمَرة فِي جِنَازَتِهِ)

- ‌5 - (بَابُ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ)

- ‌6 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌7 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌8 - (بَابٌ يَحْمِلُ الرَّجُلُ الْمَيِّتَ أَوْ يحنِّطه أَوْ يُغَسِّلُهُ هَلْ يَنْقُضُ ذَلِكَ وُضُوءَهُ

- ‌9 - (بَابُ الرَّجُلِ تُدْرِكُهُ الصَّلاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌10 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ مَا يُدفن)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌1 - (بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌3 - (بَابُ الْمَالِ مَتَى تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ)

- ‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْن هَلْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ)

- ‌6 - (بَابُ العُشُر

- ‌8 - (بَابُ زَكَاةِ الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ والبَراذين

- ‌9 - (بَابُ الرِّكَازِ

- ‌10 - (بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ)

- ‌11 - (بَابُ الْكَنْزِ

- ‌12 - (بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ)

- ‌13 - (بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌14 - (باب صَدَقَةِ الزَّيْتُونِ)

- ‌(أَبْوَابُ الصِّيَامِ

- ‌2 - (بَابُ مَتَى يَحْرُمُ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ)

- ‌3 - (بَابُ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فِي رَمَضَانَ)

- ‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَطْلُعُ لَهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ

- ‌5 - (بَابُ القُبلة لِلصَّائِمِ

- ‌6 - (بَابُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ)

- ‌8 - (بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ)

- ‌9 - (بَابُ قَضَاءِ رَمَضَانَ هَلْ يُفرَّق

- ‌10 - (بَابُ مَنْ صَامَ تَطَوُّعًا ثُمَّ أَفْطَرَ)

- ‌11 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِفطار)

- ‌15 - (بَابُ الأَيَّامِ الَّتِي يُكْرَهُ فِيهَا الصَّوْمُ)

- ‌16 - (بَابُ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ)

- ‌17 - (بَابُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الصِّيَامِ)

- ‌18 - (باب صوم يوم عَاشُورَاءَ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌1 - (بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌7 - (بَابُ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا وَهُوَ مُقِيمٌ)

- ‌15 - (بَابُ المُحرم يَغْسِلُ رَأْسَهُ، أَيَغْتَسِلُ

- ‌16 - (بَابُ مَا يُكره لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ)

- ‌17 - (بَابُ مَا رُخِّص للمُحرم أَنْ يَقْتُلَ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌22 - (بَابُ المُحرم يَتَزَوَّجُ)

- ‌23 - (بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ)

- ‌26 - (بَابُ فَضْلِ الْعُمْرَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ)

- ‌27 - (بَابُ المتمتِّع مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الهَدْي)

- ‌29 - (بَابُ المكِّي وَغَيْرِهِ يَحُجُّ أَوْ يَعْتَمِرُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّمْل)

- ‌31 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ)

- ‌37 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَمَا يُستحبّ مِنَ الْغُسْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ

- ‌41 - (بَابُ الصَّلاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَدُخُولِهَا)

- ‌42 - (بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ أَوْ عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ)

- ‌51 - (بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكِبًا)

- ‌53 - (بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ

- ‌60 - (بَابُ المُحْصَر

- ‌61 - (بَابُ تَكْفِينِ الْمُحْرِمِ

- ‌65 - (بَابُ الرَّجُلِ يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُفيض

- ‌66 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِهلال

- ‌70 - (بَابُ النُّزُولِ بالمحصَّب

- ‌73 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِسِلاحٍ)

- ‌(كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌3 - (بَابُ لا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وعمَّتها فِي النِّكَاحِ)

- ‌5 - (باب الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)

- ‌7 - (بَابُ مَا يُوجِبُ الصَّدَاق

- ‌8 - (بَابُ نِكَاحِ الشِّغار

- ‌10 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ)

- ‌15 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُزَوَّجُ فِي عِدّتها

- ‌16 - (باب العزل

- ‌(كِتَابُ الطَّلاقِ)

- ‌3 - (بَابُ مَا يُكره للمطلَّقة الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ الْمَبِيتِ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا)

- ‌6 - (بَابُ الْخُلْعِ كَمْ يَكُونُ مِنَ الطَّلاقِ)

- ‌8 - (بَابُ الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَتَتَزَوَّجُ زَوْجًا ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا الأَوَّلُ)

- ‌9 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْعَلُ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا أَوْ غَيْرِهَا)

- ‌11 - (بَابُ الأَمَةِ تَكُونُ تحت العبد فَتُعْتَقُ)

- ‌13 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تطلَّق أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ)

- ‌17 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُسَافِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا)

- ‌22 - (بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الزِّينَةِ فِي الْعِدَّةِ)

- ‌27 - (بابُ المرأةِ تُسْلِمُ قَبْلَ زوجِهَا)

- ‌28 - (بَابُ انْقِضَاءِ الْحَيْضِ)

- ‌30 - (بَابُ عِدَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ

- ‌31 - (بَابُ الرَّضاع

- ‌1 - (بَابُ مَا يُكره مِنَ الضَّحَايَا)

- ‌2 - (بَابُ لُحُومِ الأَضَاحِي)

- ‌4 - (بَابُ مَا يُجْزِئ مِنَ الضَّحَايَا عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ)

- ‌5 - (بَابُ الذَّبَائِحِ)

- ‌7 - (بَابُ أَكْلِ الضَبّ

- ‌9 - (بَابُ السَّمَكِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ)

- ‌11 - (بَابُ أَكْلِ الجرَاد

- ‌13 - (بَابُ مَا قَتَل الْحَجَرُ

- ‌16 - (بَابُ صَيْدِ الْكَلْبِ المعلَّم)

الفصل: ‌79 - (باب السلام في الوتر

الصَّامِتِ كَانَ يَؤُمُّ يَوْمًا، فَخرج يَوْمًا لِلصُّبْحِ، فَأَقَامَ الْمُؤَذِّنُ الصَّلاةَ، فَأَسْكَتَهُ حَتَّى أَوْتَرَ (1) ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يُوتِرَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ (2) وَلا يؤخِّرَهُ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَإِنْ طَلَعَ قَبْلَ أَنْ يُوتِرَ فَلْيُوتِرْ، وَلا يَتَعَمَّدْ (3) ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ

أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.

‌79 - (بَابُ السَّلامِ فِي الْوِتْرِ

(4))

258 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ (5) يسلِّم فِي الْوِتْرِ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ حَتَّى يَأْمُرَ (6) بِبَعْضِ حَاجَتِهِ.

(1) كأنه تذكر بعد خروجه، وأراد الترتيب.

(2)

لحديث: فصلُّوها - أي الوتر - ما بين العشاء وطلوع الفجر. أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم.

(3)

قوله: ولا يتعمد، وآثار الصحابة الذين أوتروا بعد الطلوع محمولة على أنهم لم يتعمَّدوا ذلك، بل فاتهم ذلك لوجه من الوجوه، فأدَّوْه بعد طلوع الفجر.

(4)

أي: في أثنائه.

(5)

قوله: كان، هذا الأثر وغير ذلك من الآثار التي ذكرناها في ما سبق يضعِّف ما أخرجه ابن أبي شيبة، عن الحسن، قال أجمع المسلمون على أن الوتر ثلاث، لا يسلّم إلَاّ في آخرهن، وفي سنده عمرو بن عبيد، متكلَّم فيه، ذكره الزيلعي (نصب الراية 2/122) .

(6)

قوله: حتى يأمر ببعض حاجته، ظاهره أنه كان يصلي الوتر موصولاً فإن

ص: 11

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِهَذَا، وَلَكِنَّا (1) نَأْخُذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَلا نرَى (2) أَنْ يسلِّم بينهما.

عرضت له حاجة فصلّى ثم بنى على مضى، وهذا دفع لقول من قال: لا يصح الوتر إلَاّ مفصولاً، وأصرح من ذلك ما رواه سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن بكر بن عبد الله المزني، قال: صلّى ابن عمر ركعتين، ثم قال: يا غلام! ارحل لنا، ثم قام فأوتر بركعة، وروى الطحاوي عن سالم، عن أبيه، أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة، وأخبر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله، وإسناده قوي، ولم يعتذر الطحاوي عنه إلَاّ باحتمال أن المراد بقوله تسليمة أي: التسليم في التشهد، ولا يخفى بعده كذا في "فتح الباري"(3/26) وفي دعواه أن ظاهره وصله، وأن رواية سعيد أصرح في ذلك وقفه، بل ظاهر رواية مالك أنه كان عادته فصله، لإِتيانه بكان وحرف المضارعة، وحتى الغائية، نعم لو عبر بحين بدل حتى لكان ذلك ظاهراً، وأما رواية سعيد، فمحتملة كذا قاله الزرقاني.

(1)

قوله: ولكنا نأخذ بقول عبد الله، قال التقيُّ الشُّمُنِّي في "شرح النقاية": مذهبنا قويٌّ من حيث النظر، لأن الوتر لا يخلو إما أن يكون فرضاً أو سنّة، فإن كان فرضاً فالفرض ليس إلَاّ ركعتين أو ثلاثاً أو أربعاً، وكلهم أجمعوا على أن الوتر لا يكون اثنين ولا أربعاً، فثبت أنه ثلاث، وإن كان سنة فلا توجد سنة إلَاّ ولها مثل في الفرض، والفرض لم يوجد فيه الوتر إلَاّ المغرب، وهو ثلاث. وذكر صاحب "التمهيد"، عن جماعة من الصحابة روى عنهم الوتر منهم بثلاث، لا يسلِّم إلَاّ في آخرهن، منهم عمر وعليّ وابن مسعود وزيد وأبيّ وأنس. انتهى. وذكر البخاري، عن القاسم قال: رأينا أناساً منذ أدركنا يوترون بثلاث، وإن كلاًّ لواسع، وأرجو أن لا يكون بشيء منه بأس.

(2)

قوله: ولا نرى أن يسلِّم بينهما، قد يؤيد ذلك بحديث أخرجه

ص: 12

259 -

قال محمد: أخبرنا أبو حنيفة،

ابن عبد البر في "التمهيد"، عن عبد الله بن محمد بن يوسف، نا أحمد بن محمد بن إسماعيل، نا أبي، نا الحسن بن سليمان، نا عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، نا عبد العزيز الدراوردي، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البُتَيراء أن يصلي الرجل واحدة يوتر بها. ويُجاب عنه بوجوه: أحدها: أن في سنده عثمان، وهو متكلَّم فيه (قال ابن التركماني: لم يتكلم عليه أحد بشيء فيما علمنا غير العقيلي وكلامه ضعيف. وقد أخرج له الحاكم في "المستدرك". الجوهر النقيّ 3/27) ، فقد ذكر ابنُ القطّان في كتاب "الوهم والإيهام": هذا الحديث من جهة ابن عبد البر، وقال: الغالب على حديث عثمان بن محمد بن ربيعة الوهم، والثاني: أنه معارَض بما أخرجه الطحاوي من طريق الأوزاعي، عن المطلب بن عبد الله المخزومي أن رجلاً سأل ابن عمر عن الوتر، فأمره بثلاث، يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة، فقال الرجل: إني أخاف أن يقول الناس هي البُتَيراء، فقال ابن عمر: هذه سنَّة الله ورسوله، فهذا يدل على أن الوتر بركعة بعد ركعتين، قد وُجد من النبي صلى الله عليه وسلم، والثالث: أنه معارَض بحديث: "فمن أحبَّ أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث، فيفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليوتر". رواه أبو داود وغيره، وقد مرَّ في (باب الصلاة على الدابة)، والرابع: أن البتيراء، فسَّره ابن عمر بعدم إتمام الركوع والسجود كما أخرجه البيهقي في "المعرفة" بسنده، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مولى لسعد بن أبي وقاص، قال: سألت عبد الله بن عمر عن وتر الليل؟ فقال: يا بُنَيَّ هل تعرف وتر النهار؟ قلت: نعم، هو المغرب، قال: صدقت، ووتر الليل واحدة، بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا أبا عبد الرحمن إن الناس يقولون هي البتيراء، فقال: يا بُنَيَّ ليست تلك البتيراء، إنما البتيراء أن يصلي الرجل الركعة يتم ركوعها وسجودها وقيامها، ثم يقوم

ص: 13

حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ (1) قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يصلِّي مَا بَيْنَ صَلاةِ الْعِشَاءِ إِلَى صَلاةِ الصُّبْحِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثَمَانِيَ (2) رَكَعَاتٍ تطوُّعاً وَثَلاثَ رَكَعَاتِ (3) الْوِتْرِ، وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ (4) .

260 -

قَالَ مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعي، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: ما أُحِبُّ (5) أني

في الأخرى ولا يتم لها ركوعاً ولا سجوداً ولا قياماً فتلك البتيراء (انظر: السنن الكبرى 3/26، قال ابن التركماني في سنده ابن إسحاق وسلمة بن الفضل متكَّلم فيهما، فتأويل ابن عمر ليس بأولى من تفسير البتيراء الذي رواه أبو سعيد مرفوعاً وعرفه الناس قاطبةً. فافهم) .

(1)

قوله: حدثنا أبو جعفر، هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهو المعروف بالباقر سمي به لأنَّه تبقَّر في العلوم أي توسَّع وتبحر، سمع أباه زين العابدين وجابر بن عبد الله وروى عنه ابنه جعفر الصادق وغيره، ولد سنة 56 هـ، ومات بالمدينة سنة 117 هـ (انظر ترجمته في تقريب التهذيب 2/192) ، كذا ذكره القاريّ في "سند الأنام شرح مسند الإمام"، وقال: هذا الحديث رواه الشيخان وأبو داود عن عائشة: كان صلى الله عليه وسلم يصلِّي من الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الفجر. انتهى.

(2)

هو مقدار تهجّد.

(3)

ظاهر هذا وما بعده هو عدم الفصل بالسلام، ولذلك استدلَّ به المؤلف على مُدَّعاه.

(4)

أي: سنة الفجر.

(5)

قوله: ما أحب، يعني لو أعطاني أحد نَعَماً حُمْراً بدل ترك الوتر ثلاث ركعات لم أحب أن أتركه.

ص: 14

تَرَكْتُ الْوِتْرَ بِثَلاثٍ (1) وإنَّ (2) لِي حُمْرَ النَّعَم.

261 -

قَالَ مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ (3) قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: الْوِتْرُ ثَلاثٌ كَثَلاثِ (4) الْمَغْرِبِ.

262 -

قَالَ مُحَمَّدٌ: حدثنا أبو معاوية (5) المكفوف، عن

(1) قوله: بثلاث، ظاهره أنه ثلاث موصولة، وهو المرويّ عن فعله صريحاً ذكرناه سابقاً، وأخرج الحاكم (المستدرك 1/304)، أنه قيل للحسن: إن ابن عمر كان يسلم في الركعتين من الوتر، فقال: كان عمر أفقه منه، وكان ينهض في الثالثة بالتكبير.

(2)

قوله: وإنَّ لي حُمْر النَّعَم، الحمر بضم فسكون، جمع أحمر، والنَّعَم، بفتحتين بمعنى الأنعام والدوابّ، والمراد بها الإِبل، والحمر منها أحسن أنواعها، ذكره السيوطي.

(3)

قوله: عن أبي عُبيدة، بضم العين هو ابن عبد الله بن مسعود مشهور بكنيته، والأشهر أنه لا اسم له غيره، ويقال: اسمه عامر، كوفي، ثقة، من كبار التابعين، روى عن أبيه، وعنه أبو إسحاق السَّبيعي وعمرو بن مرَّة، والراجح أنه لا يصح سماعه من أبيه، مات بعد سنة 180 هـ، كذا في "التقريب" و"جامع الأصول".

(4)

التشبيه الكامل إنما يكون إذا لم يكن فصل بين السلام وهو المراد.

(5)

قوله: أبو معاوية المكفوف، أي: الممنوع عنه البصر، يعني الأعمى، وهو محمد بن خازم الضرير الكوفي عَمِيَ وهو صغير، ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره، روى عن الأعمش وسفيان، وعنه أحمد وإسحاق وابن معين مات سنة 195 هـ، كذا في "التقريب"(2/157) و"الكاشف".

ص: 15

الأَعْمَشِ (1) ، عَنْ مَالِكِ (2) بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (3) بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الْوِتْرُ ثَلاثٌ كَصَلاةِ الْمَغْرِبِ.

263 -

قَالَ محمد: أخبرنا إسماعيل (4) بن إبراهيم، عن

(1) قوله: عن الأعمش: بالفتح من العَمَش، بفتحتين، وهو عبارة عن ضعف البصر، وكونه بحيث يجري منه الدمع لمرض، والمشهور به سليمان بن مِهران - بالكسر - الأسدي الكاهلي مولاهم أبو محمد الكوفي أصله من طبرستان، وولد بالكوفة، وروى عن أنس، ولم يثبت له منه سماع، وابن أبي أوفى وأبي وائل وقيس بن أبي حازم والشعبي والنخعي وغيرهم، وعنه أبو إسحاق السَّبيعي وشعبة والسفيانان وغيرهم، قال ابن معين: ثقة، والنسائي: ثقة ثَبْت، وابن عمار: ليس في المحدثين أثبت من الأعمش، ومنصور ثبت أيضاً إلَاّ أن الأعمش أعرف منه بالمسند، مات سنة 147 هـ، وقيل سنة 146 هـ، وترجمته مطوَّلة في "تهذيب التهذيب".

(2)

قوله: عن مالك بن الحارث، قال الذهبي في "الكاشف" مالك بن الحارث السلمي، عن أبي سعيد الخدري وعلقمة النخعي، وعنه منصور والأعمش، ثقة، مات سنة 194 هـ. انتهى.

(3)

قوله: عن عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي، نسبة إلى نَخَع، بفتحتين، قبيلة، أبو بكر الكوفي، روى عن أخيه الأسود بن يزيد، وعمِّه علقمة بن قيس، وعن حذيفة وابن مسعود وأبي موسى وعائشة وغيرهم، وعنه ابنه محمد وإبراهيم النخعي وأبو إسحاق السبيعي ومنصور وغيرهم، قال ابن سعد وابن معين والعجلي والدارقطني: ثقة، مات سنة 73 هـ، وقيل سنة 83 هـ، كذا في "تهذيب التهذيب".

(4)

قوله: إسماعيل بن إبراهيم، ذكر في "تهذيب التهذيب" و"الميزان" كثيراً بهذا الاسم والنسب، بعضهم ثقات، وبعضهم ضعفاء. والظاهر أن المذكور

ص: 16

لَيْثٍ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ (2)، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: الْوِتْرُ كَصَلاةِ الْمَغْرِبِ.

264 -

قَالَ مُحَمَّدٌ: أخبرنا يعقوب (3) بن إبراهيم، حدثنا حصين (4) بن إبراهيم،

ههنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر البجلي، والنخعي الكوفي ضعَّفه البخاري والنسائي، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، يُكتب حديثه، روى عن أبيه وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهما، وعنه ابن نمير ووكيع وطلق بن غنام وأبو على الحنفي وغيرهم، فليُحرَّر هذا المقام.

(1)

قوله: عن ليث، هو ليث بن أبي سُليم، بالضم، قال الحافظ عبد العظيم المنذري في آخر كتاب "الترغيب والترهيب": فيه خلاف، وقد حدَّث عنه الناس، وضعَّفه يحيى والنسائي، وقال ابن حبان: اختلط في آخر عمره، وقال الدارقطني: كان صاحب سُنَّة، إنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاووس ومجاهد فحسب، ووثَّقه ابن معين في رواية. انتهى. وقد بسطتُ في ترجمته في رسالتي في بحث الزيارة النبوية "الكلام المبرور في ردّ القول المنصور وردّ المذهب المأثور" المسمّى بـ"السعي المشكور" حين ظن بعض أفاضل عصرنا أن ضعفَه بلغ إلى أن لا يُحتَجّ به.

(2)

هو ابن أبي رباح المكي أو ابن يسار المدني، وقد وُجد في بعض النسخ كذلك عطاء بن يسار.

(3)

القاضي أبو يوسف صاحب أبي حنيفة.

(4)

قوله: حصين بن إبراهيم، كذا في النسخ الحاضرة، ولم أقف على حاله في "تهذيب التهذيب" و"تقريب التهذيب" و"الكاشف" و"جامع الأصول" و"ميزان الاعتدال" وغيرهما. وقد مرَّت سابقاً في (بحث رفع اليدين) رواية عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم، عن حصين بن عبد الرحمن، ومرَّ هناك أنه من

ص: 17

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ (1) : مَا أجزأتْ (2) ركعةٌ وَاحِدَةٌ قَطُّ.

265 -

قَالَ مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا سَلامُ بْنُ سُلَيْمٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ (3) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ (4) قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَهْوَنُ (5) مَا يَكُونُ الْوِتْرُ ثَلاثُ رَكَعَاتٍ.

266 -

قَالَ مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ (6) بْنُ أَبِي عروبة، عن

أعالي شيوخه، فلعله هو، والذي في كتاب "الحجج"، حصين، عن إبراهيم، فيتعيَّن أن الحصين هو السابق، وإبراهيم هو النخعي.

(1)

لما سمع سعداً أنه أوتر بركعة كما ذكرنا سابقاً.

(2)

قوله: ما أجزأت (نصب الراية 1/278، قلت: ومثله لا يقال بالرأي فهو مرفوع حكماً) ، فيه إشارة إلى التنفُّل بركعة واحدة، باطل، وبه صرَّح أصحابنا.

(3)

قوله: عن أبي حمزة، ذكر في "تهذيب التهذيب" و"الكاشف" وغيرهما كثيراً من الكوفيين يكنّى بأبي حمزة، بعضهم ثقات، وبعضهم ضعفاء، ولم أدرِ أن المذكور ههنا من هو منهم، فليحرَّر.

(4)

ابن قيس النخعي.

(5)

أي: أدنى ما يكون ثلاث ركعات، فلا يجوز الأدنى منه.

(6)

قوله: أخبرنا سعيد بن أبي عَرُوبة، بفتح العين وضم الراء وسكون الواو - اسمه مِهران بالكسر - العدوي مولى بني عدي بن يشكر، أبو النضر البصري، قال ابن معين والنسائي وأبو زرعة: ثقة، وقال ابن أبي خيثمة: أثبت الناس في قتادة سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي، وقال أبو داود الطيالسي: كان أحفظ أصحاب قتادة، وقال أبو حاتم: هو قبل أن يختلط ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال مات سنة 155 هـ، وبقي في اختلاطه خمس سنين، كذا في "تهذيب التهذيب".

ص: 18

قَتَادَةَ (1) ، عَنْ زُرَارَةَ (2) بْنِ أَبِي أَوْفَى، عَنْ سَعِيدِ (3) بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم

(1) قوله: عن قتادة، هو ابن دِعامة - بكسر الدال المهملة وخِفَّة العين المهملة - كما ضبطه الفَتَّني في "المغني" ابن قتادة بن عزيز أبو الخطاب السدوسي البصري الضرير الأكمه المفسر، وُلد أكمه، وحدَّث، عن أنس رضي الله عنه وعبد الله بن سرجس رضي الله عنه وسعيد بن المسيب وغيرهم وعنه مسعر وأبو عوانة وهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم، قال ابن سيرين: كان أحفظ الناس، وقال أحمد: عالم بالتفسير وباختلاف العلماء، ووصفه بالحفظ والفقه، وأطنب في ذكره، وكان من أجلَّة الثقات، عالماً بالعربية واللغة وأيام العرب والأنساب، مات بواسط بالطاعون سنة 118 هـ، وقيل: سنة 117 هـ، كذا في "تذكرة الحفاظ" للذهبي، وله ترجمة طويلة مشتملة على ثناء الناس عليه في "تهذيب التهذيب" وغيره.

(2)

قوله: عن زُرارة، بضم الزاء المعجمة وفتح الرائين المهملتين، بينهما ألف، كما ذكر في "المغني" ابن أبي أوفى، هكذا في بعض النسخ، وفي كثير من النسخ المصحَّحة ابن أوفى، وكذا ذكره في "التهذيب" وغيره أنه زرارة بن أوفى العامري، أبو حاجب البصري، وثقه النسائي والعجلي وابن حبان وغيرهم، مات سنة 93 هـ، على ما ذكره ابن سعد، وقيل غير ذلك.

(3)

قوله: عن سعيد بن هشام، هكذا وجدنا في النسخ الحاضرة، والذي في "تهذيب الكمال" و"تهذيبه" و"تقريبه" و"تذهيبه" و"الكاشف" و"جامع الأصول" وكتاب "الثقات" لابن حبان، أن اسمه سعد - بدون الياء - بن هشام بن عامر الأنصاري المدني ابن عم أنس، روى عن أبيه وعائشة وابن عباس وسمرة وأنس وغيرهم، وعنه زرارة والحسن البصري وثَّقه النسائي وابن سعد، استشهد بمُكران - بضم الميم - بلدة بالهند، وكذا هو في كتاب "الحجج".

ص: 19

كان لا يسلِّم (1) في ركعتي الوتر.

(1) قوله: كان لا يسلِّم في ركعتي الوتر، هذا صريح في إثبات المقصود، وقد أخرجه النسائي، والحاكم (سنن النسائي 1/248، والمستدرك 1/204) أيضاً، وصحَّحه الحاكم، وفيه ردّ على من أبطل الوتر بالثلاث أخذاً مما روى الدارقطني - وقال: رواته ثقات - عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا توتروا بثلاث، وأوتروا بخمس أو سبع، ولا تشبّهوا بصلاة المغرب"، ومن المعلوم أن حديث عائشة في عدم السلام في الركعتين مرجَّح على حديث أبي هريرة بوجوه لا تخفى على ماهر الفن، مع أن حديث أبي هريرة معارَض بحديث:"ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل" المخرَّج في السنن، وهو من أسباب الترجيح، هذا وقد يستدل على عدم الفصل بحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعة الأولى من الوتر بفاتحة الكتاب، و {سَبِّح اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلى} ، وفي الثانية بـ {قُلْ يا أَيُّها الكَافِرون} ، وفي الثالثة بـ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدْ} والمعوذتين، أخرجه أصحاب السنن الأربعة وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك" وقال: صحيح على شرط الشيخين والطحاوي وغيرهم، فإن ظاهره أن الثالثة متصلة لا منفصلة، وإلَاّ لقالت: وفي ركعة الوتر، أو في الركعة المفردة، أو نحو ذلك. وروى الطحاوي بنحوه من حديث ابن عباس وعلي وعمران بن حصين، لكن وقع في طريق الدارقطني بلفظ: كان يقرأ في الركعتين اللتين يوتر بعدهما بـ {سَبِّح اسْمَ رَبِّكَ الأَعلى} ، و {قُلْ يا أَيُّها الكَافِرون} ويقرأ في الوتر بـ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدْ} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفلق} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس} .

ص: 20

80 -

(بَابُ (1) سُجُودِ (2) الْقُرْآنِ)

267 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عبدُ اللَّهِ بنُ يزيدَ مَوْلَى الأسودِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأَ بِهِمْ (3){إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ} فَسَجَدَ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ حدَّثهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِيهَا (4) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله

(1) قوله: باب سجود القرآن (شرح الزرقاني 2/20، وبسط الكلام في ذلك في أوجز المسالك 4/139) ، هي أربع عشرة سجدات معروفة، عند أبي حنيفة والشافعي غير أنه عدَّ الشافعي منها السجدة الثانية من سورة الحج دون سجدة (ص) وقال أبو حنيفة بالعكس هذا هو المشهور وقال الترمذي رأى بعض أهل العلم أن يُسجد في (ص) وهو قول سفيان وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق. انتهى. فعلى هذا يكون عند الشافعي وأحمد خمس عشرة سجدة، وهو رواية عن مالك، كذا في "المحلّى بحلّ أسرار الموطأ" للشيخ سلام الله (هو الشيخ العالم المُحدِّث سلام الله بن شيخ الإِسلام بن فخر الدين الدهلوي، أحد كبار العلماء، توفي سنة 1129 هـ أو 1133 هـ. انظر نزهة الخواطر: 7/205) رحمه الله تعالى.

(2)

هو سنَّة، أو فضيلة، قولان مشهوران عند مالك، وعند الشافعية سنَّة مؤكدة، وقال الحنفية: واجب.

(3)

قال الباجي: الأظهر أنه كان يصلي، وجاء ذلك مفسَّراً في حديث أبي رافع: صليت خلف أبي هريرة العشاء، فقرأ:{إذا السماء انشقت} .

(4)

قوله: سجد فيها، وبهذا قال الخلفاء الأربعة والأئمة الثلاثة، وجماعة، ورواه ابن وهب عن مالك، وروى ابن القاسم والجمهور عنه أنه لا سجود لأن أبا سلمة قال لأبي هريرة: لما سجد: لقد سجدت في سورة ما رأيتُ الناس

ص: 21

وَكَانَ مَالِكُ (1) بْنُ أَنَسٍ لا يَرَى (2) فِيهَا سجدة.

يسجدون فيها، فدلَّ هذا على أن الناس تركوه، وجرى العمل بتركه. وردَّه ابن عبد البر بما حاصله، أي عمل يَّدعى مع مخالفة المصطفى والخلفاء بعده (انظر شرح الزرقاني 2/20، وبسط الكلام في ذلك في أوجز المسالك 4/139) .

(1)

قوله: مالك، وسلفه في ذلك ابن عمر وابن عباس فإنهما قالا: ليس في المفصَّل سجدة، أخرجه عبد الرزاق في "مصنَّفه".

(2)

قوله: لا يرى فيها سجدة، أي: في سورة {انشقت} بل لا في المفصّل مطلقاً، كما صرَّح به حيث قال: الأمر عندنا أنَّ عزائم السجود إحدى عشرة سجدة، ليس في المفصَّل منها شيء، وبه قال الشافعي في القديم، ثم رجع عنه، ذكره البيهقي، وحجَّتهم حديث زيد بن ثابت، قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم "والنجم"، فلم يسجد فيها، أخرجه الشيخان وغيرهما. وأجاب الجمهور عنه بأنه لعله تركه في بعض الأحيان لبيان الجواز فإن سجود التلاوة ليس بواجب كما يشهد به قول عمر: من سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. وقول ابن عمر: إن الله لم يفرض السجود إلَاّ أن نشاء، أخرجهما البخاري وغيره. هذا على قول من قال باستحباب السجود، أو سنّيته، وأما على رأي من قال بالوجوب كأصحابنا الحنفية، فيجاب عن حديث زيد بأن وجوب السجدة ليس حتماً في الفور، فلعله أخَّره النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسجد في الفور لبيان ذلك، وليس في الحديث بيان أنه لم يسجد بعد ذلك أيضاً، وقد ثبت سجود النبي صلى الله عليه وسلم في سورة النجم، من حديث ابن مسعود عند البخاريّ وأبي داود والنسائي، ومن حديث ابن عباس عند البخاري والترمذي. ومن حديث أبي هريرة عند البزّار والدارقطني بإسناد رجاله ثقات، وثبت السجود في سورة "انشقت" من حديث أبي هريرة عند مالك والبخاري وأبي داود والنسائي وغيرهم. ومن حجَّة المالكية حديث أمّ الدرداء قالت: سجدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة ليس فيها شيء من المفصَّل، أخرجه ابن ماجه، وفي سنده متكلَّم فيه مع أن الإثبات مقدَّم على النفي، ومن حجتهم حديث

ص: 22

268 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَرَأَ بِهِمُ (1) النَّجْمَ، فَسَجَدَ فِيهَا، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ (2) سُورَةً أُخْرَى (3) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لا يَرَى فِيهَا سَجْدَةً.

269 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ: أَنَّ عُمَرَ قَرَأَ سُورَةَ الْحَجِّ، فَسَجَدَ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ، وَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ فُضِّلت بِسَجْدَتَيْنِ (4) .

270 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بن دينار، عن ابن عمر

ابن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصَّل، منذ تحوَّل إلى المدينة، وإسناده ليس بقوي (انظر فتح الباري 2/555، 556) مع ثبوت أن أبا هريرة سجد مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في سورة {انشقت} ، وهو أسلم سنة سبع من الهجرة.

(1)

أي: في الصلاة.

(2)

ليقع ركوعه عقب قراءة كما هو شأن الركوع.

(3)

روى الطبراني بسند صحيح عن عمر أنه قرأ النجم، فسجد فيها، ثم قام فقرأ {إذا زُلزلت} .

(4)

قوله: بسجدتين، أولاهما عند قوله تعالى:{إن الله يفعل ما يشاء} ، وهي متفق عليها، والثانية: عند قوله: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} .

ص: 23

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ (1) رَآهُ سَجَدَ فِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ (2) : رُوي هَذَا عن عن عمرَ وابنِ عمرَ (3) وكان (4)

(1) قوله: أنه، هذا مقدَّم على ما أخرجه الطحاوي، عن سويد قال: سئل

نافع: هل كان ابن عمر يسجد في الحج سجدتين؟ فقال: مات ابن عمر، ولم يقرأها، ولكن كان يسجد في النجم وفي {اقرأ باسم ربك} .

(2)

به قال الشافعي وأحمد، ورواه ابن وهب، عن مالك، ولم يقل به مالك في المشهور عنه، ذكره الزرقاني.

(3)

قوله: عن عمر وابن عمر، وكذا رواه الطحاوي عن أبي الدرداء وأبي موسى وأبي موسى الأشعري أنهما سجدا في الحج سجدتين. وروى الحاكم على ما ذكره الزيلعي، عن ابن عمر وابن عباس وابن مسعود وعمار بن ياسر وأبي موسى وأبي الدرداء أنهم سجدوا سجدتين. ويؤيده من المرفوع ما أخرجه أبو دواد والترمذي عن عقبة، قلت: يا رسول الله، أفُضِّلت سورة الحج بسجدتين؟ قال: نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما، وكذا رواه أحمد والحاكم، وفي سنده ضعف ذكره الترمذي، وأشار إليه الحاكم، وأخرج أبو دواد، عن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة، وفي سنده ضعيف وهو عبد الله بن منين (انظر نصب الراية 1/306، وقال في بذل المجهود 7/201: وفي سورة الحج سجدتان، إحداهما متفق عليها والثانية اختلف فيها، فالحنفية أنكروها والشافعية أثبتوها) .

(4)

قوله: وكان ابن عباس لا يرى

إلخ، كما أخرجه الطحاوي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال في سجود الحج إن الأولى عزيمة، والأخرى تعليم، قال الطحاوي: فبقول: ابن عباس نأخذ. انتهى. لكنْ قد مرَّ أن الحاكم ذكره في من سجد فيها سجدتين، والحق في هذا الباب هو ما ذهب إليه عمر رضي الله عنه وابن عمر رضي الله عنه.

ص: 24