المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌10 - (باب الرجل يجمع بين المرأة وابنتها وبين المرأة وأختها في ملك اليمين) - التعليق الممجد على موطأ محمد - جـ ٢

[أبو الحسنات اللكنوي - محمد بن الحسن الشيباني]

فهرس الكتاب

- ‌76 - (بَابُ الْوِتْرِ)

- ‌77 - (بَابُ الْوِتْرِ عَلَى الدَّابَّةِ)

- ‌78 - (بَابُ تَأْخِيرِ الْوِتْرِ)

- ‌79 - (بَابُ السَّلامِ فِي الْوِتْرِ

- ‌81 - (بَابُ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي)

- ‌82 - (بَابُ مَا يُستَحبّ مِنَ التَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ دُخُولِهِ)

- ‌84 - (بَابُ صَلاةِ المُغمى عَلَيْهِ)

- ‌85 - (بَابُ صَلاةِ الْمَرِيضِ)

- ‌92 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ يصلِّي وَبَيْنَ القِبلة وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ قَائِمَةٌ

- ‌94 - (بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌95 - (باب الصلاة على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌96 - (بَابُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌97 - (بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي ثُمَّ يَجْلِسُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ)

- ‌101 - (بَابُ فَضْلِ الجِهاد

- ‌102 - (بَابُ ما يكون من الموتِ شهادة

- ‌(أَبْوَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌2 - (بَابُ مَا يُكَفَّن بِهِ الْمَيِّتُ)

- ‌3 - (بَابُ الْمَشْيِ بِالْجَنَائِزِ وَالْمَشْيِ مَعَهَا)

- ‌4 - (بَابٌ الْمَيِّتُ لا يُتَّبَعُ بنارٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ مِجْمَرة فِي جِنَازَتِهِ)

- ‌5 - (بَابُ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ)

- ‌6 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌7 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌8 - (بَابٌ يَحْمِلُ الرَّجُلُ الْمَيِّتَ أَوْ يحنِّطه أَوْ يُغَسِّلُهُ هَلْ يَنْقُضُ ذَلِكَ وُضُوءَهُ

- ‌9 - (بَابُ الرَّجُلِ تُدْرِكُهُ الصَّلاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌10 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ مَا يُدفن)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌1 - (بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌3 - (بَابُ الْمَالِ مَتَى تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ)

- ‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْن هَلْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ)

- ‌6 - (بَابُ العُشُر

- ‌8 - (بَابُ زَكَاةِ الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ والبَراذين

- ‌9 - (بَابُ الرِّكَازِ

- ‌10 - (بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ)

- ‌11 - (بَابُ الْكَنْزِ

- ‌12 - (بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ)

- ‌13 - (بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌14 - (باب صَدَقَةِ الزَّيْتُونِ)

- ‌(أَبْوَابُ الصِّيَامِ

- ‌2 - (بَابُ مَتَى يَحْرُمُ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ)

- ‌3 - (بَابُ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فِي رَمَضَانَ)

- ‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَطْلُعُ لَهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ

- ‌5 - (بَابُ القُبلة لِلصَّائِمِ

- ‌6 - (بَابُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ)

- ‌8 - (بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ)

- ‌9 - (بَابُ قَضَاءِ رَمَضَانَ هَلْ يُفرَّق

- ‌10 - (بَابُ مَنْ صَامَ تَطَوُّعًا ثُمَّ أَفْطَرَ)

- ‌11 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِفطار)

- ‌15 - (بَابُ الأَيَّامِ الَّتِي يُكْرَهُ فِيهَا الصَّوْمُ)

- ‌16 - (بَابُ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ)

- ‌17 - (بَابُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الصِّيَامِ)

- ‌18 - (باب صوم يوم عَاشُورَاءَ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌1 - (بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌7 - (بَابُ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا وَهُوَ مُقِيمٌ)

- ‌15 - (بَابُ المُحرم يَغْسِلُ رَأْسَهُ، أَيَغْتَسِلُ

- ‌16 - (بَابُ مَا يُكره لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ)

- ‌17 - (بَابُ مَا رُخِّص للمُحرم أَنْ يَقْتُلَ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌22 - (بَابُ المُحرم يَتَزَوَّجُ)

- ‌23 - (بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ)

- ‌26 - (بَابُ فَضْلِ الْعُمْرَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ)

- ‌27 - (بَابُ المتمتِّع مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الهَدْي)

- ‌29 - (بَابُ المكِّي وَغَيْرِهِ يَحُجُّ أَوْ يَعْتَمِرُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّمْل)

- ‌31 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ)

- ‌37 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَمَا يُستحبّ مِنَ الْغُسْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ

- ‌41 - (بَابُ الصَّلاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَدُخُولِهَا)

- ‌42 - (بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ أَوْ عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ)

- ‌51 - (بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكِبًا)

- ‌53 - (بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ

- ‌60 - (بَابُ المُحْصَر

- ‌61 - (بَابُ تَكْفِينِ الْمُحْرِمِ

- ‌65 - (بَابُ الرَّجُلِ يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُفيض

- ‌66 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِهلال

- ‌70 - (بَابُ النُّزُولِ بالمحصَّب

- ‌73 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِسِلاحٍ)

- ‌(كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌3 - (بَابُ لا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وعمَّتها فِي النِّكَاحِ)

- ‌5 - (باب الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)

- ‌7 - (بَابُ مَا يُوجِبُ الصَّدَاق

- ‌8 - (بَابُ نِكَاحِ الشِّغار

- ‌10 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ)

- ‌15 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُزَوَّجُ فِي عِدّتها

- ‌16 - (باب العزل

- ‌(كِتَابُ الطَّلاقِ)

- ‌3 - (بَابُ مَا يُكره للمطلَّقة الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ الْمَبِيتِ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا)

- ‌6 - (بَابُ الْخُلْعِ كَمْ يَكُونُ مِنَ الطَّلاقِ)

- ‌8 - (بَابُ الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَتَتَزَوَّجُ زَوْجًا ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا الأَوَّلُ)

- ‌9 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْعَلُ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا أَوْ غَيْرِهَا)

- ‌11 - (بَابُ الأَمَةِ تَكُونُ تحت العبد فَتُعْتَقُ)

- ‌13 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تطلَّق أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ)

- ‌17 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُسَافِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا)

- ‌22 - (بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الزِّينَةِ فِي الْعِدَّةِ)

- ‌27 - (بابُ المرأةِ تُسْلِمُ قَبْلَ زوجِهَا)

- ‌28 - (بَابُ انْقِضَاءِ الْحَيْضِ)

- ‌30 - (بَابُ عِدَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ

- ‌31 - (بَابُ الرَّضاع

- ‌1 - (بَابُ مَا يُكره مِنَ الضَّحَايَا)

- ‌2 - (بَابُ لُحُومِ الأَضَاحِي)

- ‌4 - (بَابُ مَا يُجْزِئ مِنَ الضَّحَايَا عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ)

- ‌5 - (بَابُ الذَّبَائِحِ)

- ‌7 - (بَابُ أَكْلِ الضَبّ

- ‌9 - (بَابُ السَّمَكِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ)

- ‌11 - (بَابُ أَكْلِ الجرَاد

- ‌13 - (بَابُ مَا قَتَل الْحَجَرُ

- ‌16 - (بَابُ صَيْدِ الْكَلْبِ المعلَّم)

الفصل: ‌10 - (باب الرجل يجمع بين المرأة وابنتها وبين المرأة وأختها في ملك اليمين)

عَنْ حَمَّادٍ (1)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) أنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجَازَ شهادةَ رجلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي النِّكَاحِ والفُرْقَة (3) . قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.

‌10 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ)

535 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيّ، عَنْ عُبَيْد اللَّهِ (4) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ (5)، عَنْ أَبِيهِ (6) : أنَّ عُمَرَ سُئل عَنِ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا مِمَّا مَلَكَت الْيَمِينُ أَتُوْطَأ (7) إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الأُخرى؟ قال: لا أُحبُّ (8) أنْ

(1) ابن أبي سليمان لا ابن أبي سلمة كما ظنه القاري.

(2)

النخعي.

(3)

أي في الفسخ.

(4)

بضم العين.

(5)

بضم الأولى وسكون الثانية ابن مسعود.

(6)

عبد الله بن عتبة بن مسعود الهُذَلي ابن أخي عبد الله بن مسعود.

(7)

بهمزة الاستفهام بيان للسؤال. وفي بعض نسخ "موطأ" يحيى بدون الهمزة.

(8)

قوله: لا أحبُّ أن أجيزَهما، مأخوذ من الإِجازة أي لا أحبُّ أن أجيز الجمع بينهما وطياً. وفي "الموطأ" برواية يحيى: ما أحب أن أَخْبُرهما جميعاً. قال الزرقاني بفتح الهمزة وإسكان الخاء المعجمة وضم الباء الموحدة أي أطأهما، يقال للحراث: خبير، ومنه المخابرة. انتهى.

ص: 469

أُجِيزَهما جَمِيعًا وَنَهَاهُ (1) .

536 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْريّ، عَنْ قّبِيصّة (2) بْنِ ذُؤيْب: أنَّ رَجُلا (3) سَأَلَ عُثْمَانَ (4) عَنِ الأُخْتَيْن مِمَّا مَلَكَت الْيَمِينُ هَلْ يُجمع بينهما؟ فقال: أحلَّتْهما (5)

(1) قوله: ونهاه (نهي تحريم باتفاق العلماء إلَاّ ما رُوي عن ابن عباس. كذا في الأوجز 9/375) ، أي نهى عمر السائل عن الجمع بينهما والمعنى أنه لا يطأ واحدة، ما لم يحرِّم الأخرى بعتقها أو بعتق بعضها أو بتمليك بعضها أو جميعها، كذا قال القاري.

(2)

قوله: قبيصة بن ذؤيب، هو قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي المدني، وُلد عام الفتح، وروى عن عثمان وابن عوف وحذيفة وزيد بن ثابت وعائشة وأم سلمة. قال الزهري: كان من علماء هذه الأمة، مات بالشام سنة 87، كذا في "الإِسعاف".

(3)

ابن عفان أحد الخلفاء الأربعة.

(4)

والجمع بملكة اليمين.

(5)

قوله: أحلَّتهما آية، قال ابن حبيب: يريد قوله: {والمُحْصَنات من النساء إلَاّ ما ملكتْ أيمانُكم} (سورة النساء: الآية 24) ، حيث عمَّ ولم يخصّ أختين ولا غيرهما، وقيل قوله تعالى:{والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ملكت أيمانهم} (سورة المؤمنون: الآية 5 - 6) . وقال ابن عبد البَرّ: يريد تحليل الوطء بملك اليمين في غير آية، كذا في "شرح الزرقاني".

ص: 470

آيَةٌ وحرَّمتهما آيَةٌ (1) ، مَا كُنْتُ (2) لأصْنَع ذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجَ (3) فَلَقِي رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ (4) لِي مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ، ثُمَّ أُتيتُ بأحدٍ فَعَلَ ذَلِكَ جعلتُه نِكالاً. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ (5) : أُرَاه (6) عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنه.

(1) يعني قولَه تعالى: {وأنْ تَجمعوا بين الأختين} لكونه عامّاً من النكاح والجمع بملك اليمين.

(2)

قوله: ما كنت لأصنع ذلك، أخبره برأيه بعد ما ذكر التعارض بين الآيتين كأنه يشير إلى تقديم الحَظر على الإباحة أو إلى أن اشتراك العلة يقتضي كون الحكم في ما نحن فيه مثل الحكم في النكاح فكما لا يجوز الجمع نكاحاً لا يجوز وطياً بملك اليمين.

(3)

قوله: ثم خرج، أي ذلك السائل، فلقي علياً فسأله عن ذلك لما أن جواب عثمان رضي الله عنه لم يكن شافياً لعدم جزمه بذلك.

(4)

قوله: لو كان لي من الأمر، أي الحكومة والخلافة أي لو كانت لي حكومة على الناس بالعقوبة ثم جئت بأحد فعل ذلك أي الجمع بين الأختين بملك اليمين، واطَّلعت على ذلك جعلته أي فعلَه ذلك نَكالاً - بالفتح - أي باعث عقوبة وعذاب، يعني لأجريتُ عليه عقوبة زاجرة عن مثل ذلك. قال ابن عبد البر: لم يقل حددتُه حدَّ الزناء لأن المأوِّل ليس بزانٍ إجماعاً، وإن أخطأ إلَاّ ما لا يُعذر بجهله وهذا شبهة قوية، وهي شبهة عثمان وغيره.

(5)

الزهري شيخ مالك.

(6)

قوله: أراه علياً، أي أظن ذلك الصحابي القائل له علي بن أبي طالب وكنى عنه قَبيصة لصحبته عبد الملك بن مروان، وبنو أمية تستثقل سماع ذكر عليّ لا سيما ما خالف فيه عثمان، كذا في "شرح الزرقاني"، وقال القاري: لا يبعد أن

ص: 471

قَالَ محمدٌ: وَبِهَذَا (1) كُلِّهِ نَأْخُذُ لا يَنْبَغِي (2) أَنْ يُجمع بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ ابْنَتِهَا، وَلا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ. قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ (3) : مَا حرَّم اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْحَرَائِرِ شَيْئًا إلَاّ وَقَدْ حرَّم مِنَ الإِماء مثلَه إلَاّ أَنْ يَجْمَعَهُنَّ رَجُلٌ. يَعْنِي (4)

يكون الرجل هو ابن مسعود فإنه سُئل عن الرجل يجمع بين الأختين المملوكتين في الوطئ فكرهه.

(1)

وبه قال الجمهور.

(2)

أي لا يحل لأحد.

(3)

قوله: قال عمار بن ياسر، أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة، كذا قال السيوطي في "الدر المنثور"، وذكر فيه آثاراً أُخَر منها قول إياس بن عامر: سألت عليّاً أن لي أختين مما ملكت يميني اتخذت إحداهما سُرِّيَّة وولدت لي أولاداً، ثم رغبتُ في الأخرى فما أصنع؟ قال: تعتق التي كنتَ تطأ ثم تطأ الأخرى، ثم قال: إنه يحرم عليك مما ملكتْ يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله من الحرائر إلَاّ العدد، ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب، أخرجه ابن عبد البر في "الاستذكار". ومنها ما أخرجه ابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي عن عليّ وسئل عن رجل له أمتان أختان، وطئ إحداهما (في الأصل:"أحدهما") ، ثم أراد أن يطأ الأخرى؟ قال: لا، حتى يُخرجها عن ملكه. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود أنه سُئل عن الرجل يجمع بين الأختين الأمتين فكرهه، فقيل له: يقول الله: {إلَاّ ما ملكت أَيْمانكم} فقال: وبعيرك مما ملكت يمينك. وأخرج ابن المنذر والبيهقي عنه، قال: يحرم من الإِماء ما يحرم من الحرائر إلَاّ العدد، وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي عن ابن عمر نحو ذلك.

(4)

بيان لمراد عمار من قوله: إلاِّ أن يجمعهن.

ص: 472

بِذَلِكَ أَنَّهُ يَجْمَعُ مَا شَاءَ (1) مِنَ الإِماء، وَلا يحلُّ لَهُ فوقَ أربعِ حرائرَ. وَهُوَ قولُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

11 -

(بَابُ الرَّجُلِ يَنْكح الْمَرْأَةَ وَلا يَصِلُ إِلَيْهَا لعلَّة (2) بِالْمَرْأَةِ أَوْ بِالرَّجُلِ)

537 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شهاب، عن سعيد بن المسيب أنَّه كان يَقُولُ: مَنْ تزوَّج امْرَأَةً فَلَمْ (3) يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فإنَّه يُضْرَب لَهُ أجَل سَنَة فَإِنْ مَسَّها وإلَاّ فُرَّقَ بينما.

قَالَ محمدُ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَهُوَ قولُ أَبِي حنيفة رحمه الله إن

(1) من غير اعتبار عدد ولو تجاوز عن الألف.

(2)

علة الرجل: كالعُنَّة، وعلَّة المرأة كالرَّتق (الرتق أن يكون الفرج مسدوداً يعني أن يكون ملتصقاً لا يدخل الذكر فيه. المغني 6/651) ، والمشتركة كالجنون، كذا قال القاري.

(3)

قوله: فلم يستطع أن يمسها، أي يجامعها لمانع به بأن يكون عِنيِّناً، فإنه يُضرب له أي يُعَيَّن له أجل سنة أي قمرية على الأصح، أما إذا كان مجبوباً فإنه يُفرَّق بطلبها إذ لا فائدة في تأجيله، فإن مسَّها أي جامعها ولو مرة فبها، وإلَاّ فَرَّق بينهما أي القاضي إن طلبته وتَبين بطلقة. وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن محمد، عن الشعبي أن عمر بن الخطاب كتب إلى شُريح أن يؤجِّل العِنِّين سنة من يوم يرفع إليه، فإن استطاعها وإلَاّ فخيَّرها، فإن شاءت أقامت وإن شاءت فارقت. ورُوي أيضاً عن علي وابن مسعود والمغيرة بن شعبة أن العِنّين يؤجَّل سنَّة، كذا في "شرح القاري".

ص: 473

مَضَتْ سَنَةٌ وَلَمْ يمسَّها خُيِّرَت (1) فَإِنِ (2) اختارَتْه فَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَلا خِيَار لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا. وَإِنِ اختارَت نَفْسَهَا فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بائِنَة، وإن قال (3)

(1) بين الافتراق والإِقامة معه (فإن اختارت الفسخ لم يجز إِلَاّ بحكم الحاكم لأنه مختلف فيه فإما أن يفسخ وإما أن يرده إليها فتفسخ هي في قول عامة القائلين به، ولا يفسخ حتى تختار الفسخ وتطلبه لأنه لحقها فلا تُجبر على استيفائه كالفسخ بالإِعسار، فإذا فسخ فهو فسخ وليس بطلاق. وهذا قول الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك والثوري: يفرق الحاكم بينهما وتكون تطليقة لأنه فرقة لعدم الوطء فكانت طلاقاً كفرقة المولى. المغني 6/669. وفي "المحلى" تبين بطلقة بائنة عند أبي حنيفة ولها كل المهر إن خلا بها ونصفه إن لم يخل بها، وقال الشافعي وأحمد: فسخ، لا يجب المهر ولا المتعة ويجب العدة. كذا في الأوجز 10/222) .

(2)

قوله: فإن اختارته فهي زوجته، أي إن اختارته بعد ظهور عِنَّته فهي زوجته من غير طلاق ولا فسخ لأنها أسقطت حقَّها، ولا يعود الساقط، وإن اختارت نفسها وطلبت التفريق فهو طلاق بائن. به وردت الآثار، فروى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: قضى عمر في العِنّين أن يؤجل سنة، قال معمر: وبلغني أن التأجيل من يوم تخاصمه. وكذا رواه الدارقطني، وفي رواية ابن أبي شيبة، عن سعيد، عن عمر أنه أجَّل العِنّين سنة، وقال: إن أتاها وإلَاّ فرَّقوا بينهما، ولها الصَّدَاق كاملاً. وروى محمد في كتاب "الآثار" عن أبي حنيفة، عن إسماعيل بن مسلم المكي، عن الحسن، عن عمر أن امرأة أتته، فأخبرته أن زوجها لا يصل إليها فأجَّله حولاً، فلما انقضى حول ولم يصل إليها خَيَّرها، فاختارت نفسها، ففرَّق بينهما عمر، وجعلها تطليقة بائنة. وفي الباب آثار عن علي وابن مسعود والمغيرة بن شعبة والحسن والشَّعْبي والنَّخَعي وغيرهم، ذكرها الزيلعي في "تخريج أحاديث الهداية".

(3)

أي الزوج بعد مضيِّ السنة.

ص: 474

إني قد مَسِستُها (1) السَنَةِ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبَاً (2) فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (3) مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بكْراً نَظَرَ إِليها النِّساء (4) ، فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ خُيِّرت بَعْدَ مَا (5) تُحَلَّفُ بِاللَّهِ مَا مَسَّها وَإِنْ قُلْنَ هِيَ ثَيِّب، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لَقَدْ مَسِسْتُها (6) وهو قول أبي حنيفة والعامةِ من فقهائنا.

538 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا مُجَبَّر (7)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيَّب أنَّه قَالَ: أيُّما رجلٍ تزوَّج امْرَأَةً وَبِهِ جُنُون أَوْ ضُرٌّ (8) فَإِنَّهَا تُخَيّر إِنْ شاءَت قَرَّت (9) وَإِنْ شاءَت فَارَقَتْ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا كَانَ (10) أَمْرًا لا يُحْتَملُ خُيِّرَتْ، فَإِنْ شَاءَتْ قَرَّت وَإِنْ شاءَت فارقَتْ، وإلَاّ لا خيار لها إلَاّ في العِنِّيْن والمجْبُوب.

(1) أي جامعها في أثناء السنة.

(2)

أي قبل هذا النزاع.

(3)

أي الزوج.

(4)

أي العارفات بهذه الأحوال.

(5)

لعل هذا اليمين استظهار، قاله القاري.

(6)

بكسر السين الأولى.

(7)

على وزن اسم المفعول من التفعيل (مجبَّر لقب، اسمه عبد الرحمن بن عبد الرحمن الأصغر ابن عمر بن الخطاب، وابنه عبد الرحمن هو شيخ مالك. تعجيل المنفعة ص 393) .

(8)

أي ضرر آخر كالجذام والبرص وغير ذلك.

(9)

أي بقيت عنده.

(10)

قوله: إذا كان أمراً لا يحتمل، أي لا يمكنها المُقام معه إلَاّ بضررها،

ص: 475

12 -

(بَابُ الْبِكْرِ تُستأمر (1) فِي نَفْسِهَا)

539 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ (2) بْنُ الفَضْل (3) ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْر (4)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنَّ (5) رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم

فحينئذٍ تُخَيَّر وإن كان أمراً يُحتمل فلا خيار لها إلَاّ في العِنّين، وهو من لا يصل إلى النساء مع وجود الآله أو يصل إلى الثيِّب دون البكر أو إلى بعض النساء دون بعض، وذلك لمرض أو ضعف بكبر سنه أو في خلقته أو لسحر، وكذا المجبوب والمراد به الخصي سواء كان مسلولاً سُلَّت منه خصيتاه أو موجوداً فهو كالعنّين في التأجيل لأن الوطء منه متوقع، بخلاف المجبوب غير المتوقع منه الوطء فإنه لا فائدة في تأجيله. وبالجملة إذا كان بالزوج جنون أو برص أو جذام فلا خيار لها عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لها الخيار دفعاً للضرر عنها، كذا قال علي القاري وغيره (بسط ابن قدامة هذه المسألة في "المغني"6/651، فارجع إليه) .

(1)

أي تُستأذن، إذا كانت عاقلة بالغة.

(2)

قوله: عبد الله، قال الزرقاني: ثقة من رجال الجميع، تابعي صغير من طبقة الزهري، قال السيوطي: وثقة النسائي وأبو حاتم وابن معين.

(3)

ابن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.

(4)

ابن مُطعم.

(5)

قوله: أنَّ

إلى آخره، أخرجه مسلم وأصحاب السنن الأربعة وأحمد والشافعي كلهم من طريق مالك، تابعه زياد بن سعد، عن عبد الله بن الفضل بلفظ: الثيِّب أحق بنفسها من وليِّها والبكر يستأذنها أبوها، وإذنها صُماتها. وربما قال: صمتها إقرارها، رواه مسلم. وقال ابن عبد البر: هذا حديث رفيع رواه عن

ص: 476

قال: الأيِّم (1) أَحَقُّ (2) بنفسها من وَلِيِّها،

مالك جماعة من الأجلَّة كشعبة والسفيانين ويحيى القطان، قيل: ورواه أبو حنيفة، ولا يصح.

(1)

قوله: الأيِّم، بفتح الهمزة وتشديد الياء المكسورة، كل امرأة لا زوج لها صغيرةً أو كبيرةً، بكراً أو ثيِّباً، حكاه الحربي وغيره. واختلفوا في المراد به ههنا، فقال الكوفيون وزفر والشعبي والزهري: المراد ههنا هو المعنى اللغوي ثيباً كان أو بكراً بالغة، فعقدها على نفسها جائز، وليس الولي من أركان العقد. وتُعُقِّب بأنه لو كان كذلك لما كان لفصل الأيِّم من البكر معنى، وقال علماء الحجاز وكافة الفقهاء: المراد منه الثيِّب المتوفى عنها، أو المطلَّقة لرواية أخرى بلفظ:"الثيب" مكان "الأيم"، كذا في "شرح الزرقاني" وغيره.

(2)

قوله: أحق بنفسها، لفظة أحقُّ للمشاركة أي أنَّ لها في نفسها حقاً ولوليها، وحقها آكد من حقه، كذا قال النووي، وقال عياض: يحتمل أن المراد أحق في كل شيء من عقدٍ وغيره، ويحتمل أنها أحق بالرضى أن لا تزوَّج حتى تنطق بالإِذن بخلاف البكر. وفي "تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي: احتج الشافعي وأحمد بما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس مرفوعاً: الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأمرها أبوها في نفسها، قال ابن الجوزي في "التحقيق": وجه الدليل أنه قسم النساء قسمين، ثم خصَّ الثيب بأنها أحق من وليها، فلو أن البكر كالثيب في ترجيح حقها على حق الولي لم يكن لإِفراد الثيب معنى، فإن قالوا: قد رواه مسلم أيضاً بلفظ "الأيم" وهو مَن لا زوج لها بكراً كانت أو ثيِّباً، قلنا: المراد به الثيب، وقال في "التنقيح": لا دلالة فيه على أن البكر ليست أحق بنفسها إلَاّ من جهة المفهوم، والحنفية لا يقولون به، وعلى تقدير القول به كما هو الصحيح لا حجة فيه على إجبار كل بكر لأنه قد خالفه منطوق، وهو قوله "البكر تُستأذن" والاستيذان منافٍ للإِجبار، وإنما وقع التفريق في الحديث بين الثيب والبكر لأن الثيب يخطب إلى نفسها، والبكر يخطب وليها فيستأذنها.

ص: 477

والبكْر (1) تُسْتَأمر فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُماتُها (2) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَذَاتُ الأَبِ وَغَيْرِ الأَبِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

540 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا قَيْس (3) بْنُ الرَّبِيعِ الأسَدي (4) ، عن عبد الكريم (5) الجَزَرِي (6) ،

(1) أي البالغة.

(2)

بالضم أي سكوتها.

(3)

قوله: قيس، هو ثقة، وثقه شعبة وسفيان، وعن ابن عيينة ما رأيت بالكوفة أجود حديثاً منه، وضعفه وكيع وغيره، قال ابن عون: عامَّة رواياته مستقيمة والقول فيه ما قاله شعبة، وأنه لا بأس به، مات سنة 107، وقيل: غير ذلك، كذا في "تهذيب التهذيب".

(4)

نسبة إلى أسد بفتحتين: قبيلة.

(5)

قوله: عن عبد الكريم الجزري، هو عبد الكريم بن مالك الجزري، أبو سعيد الحراني أحد الأثبات، وثقه الأئمة، قال ابن معين: ثقة ثبت، وقال ابن سعد: كان ثقةً كثير الحديث. مات سنة 127، وهو غير عبد الكريم بن أبي المُخارق أبو أمية البصري، وهو مختلف فيه، وقد يشتبه أحدهما بثانيهما، كذا في "مقدمة فتح الباري" للحافظ ابن حجر وغيره.

(6)

قوله: الجزري، بفتح الجيم وفتح الزاء المعجمة نسبة إلى جزيرة ابن عمر، موضع عمَّره رجل معروف بابن عمر، وليس هو بعبد الله بن عمر الصحابي، وإليها يُنسب ابن الأثير الجزري مؤلِّف "النهاية في غريب الحديث" و"جامع الأصول"، واسمه مبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم، وأخوه نصر الله المعروف أيضاً بابن الأثير الجزري المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر"، وأخوه الآخر المعروف أيضاً بابن الأثير الجزري مؤلف "أسد الغابة في أخبار الصحابة" و"الكامل في التاريخ"، و"مختصر أنساب السمعاني"، وإليها

ص: 478

عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيَّب (1) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تُسْتَأذَن الأبْكار فِي أنفسهنَّ ذَوَات الأَبِ وَغَيْرِ الأَبِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: فَبِهَذَا (2) نَأْخُذُ.

13 -

(بَابُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ (3) وَلِيٍّ)

541 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا (4) رَجُلٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيّب

يُنسب مؤلف "الحصن الحصين" شمس الدين محمد بن محمد الجزري، وقد بسطت في تراجم هؤلاء في "التعليقات السنيَّة على الفوائد البهية في تراجم الحنفية".

وقال السيوطي في "لب الألباب في تحرير الأنساب": الجزري نسبةً إلى عدة بلاد: المَوْصل، وسنجار، وحرّان، والرها، والرقة، ورأس عين، وآمد، وديار بكر، وجزيرة ابن عمر. انتهى. وفي "جامع الأصول": هو نسبة إلى الجزيرة وهي البلاد التي بين الفرات ودجلة وبها ديار بكر وربيعة.

(1)

هذا مرسل.

(2)

قوله: فبهذا نأخذ، حاصل مذهب أصحابنا أن تزويج البكر البالغة العاقلة لا يجوز بدون رضاها، وفي غير البالغة يجوز، وعند الشافعي يجوز للأب والجد تزويج البكر بغير رضاها صغيرةً كانت أو كبيرة، وفي الثيبة لا يجوز بدون رضاها، وبه قال مالك في الأب. وهو أشهر الروايتين عن أحمد في الجَدِّ، وقال في رواية أخرى: ليس للجد ولاية الإِجبار، كذا قال القاري.

(3)

قوله: بغير ولي، هو العصبة على ترتيبهم بشرط حرية وتكليف، ثم الأم، ثم ذو الرَّحِم، الأقرب فالأقرب ثم مَوْلى الموالاة ثم القاضي، كذا قال القاري.

(4)

في موطأ مالك برواية يحيى: مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال

إلخ.

ص: 479

قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لا يَصْلُحُ لامرأةٍ أَنْ تُنْكَح (1) إِلا بِإِذْنِ وليِّها (2) أَوْ ذِي الرَّأْيِ (3) مِنْ أَهْلِهَا أَوِ السُّلْطَانِ.

قَالَ محمدٌ: لا نِكَاحَ (4) إِلا بوَليّ (5)، فَإِنْ (6) تشاجَرَت (7) هِيَ وَالْوَلِيُّ فالسُّلطان ولِيّ مَنْ لا وَلِيّ (8) لَهُ. فَأَمَّا (9) أَبُو حنيفة فقال: إذا

(1) بصيغة المجهول قال القاري: ويمكن المعلوم.

(2)

أي الأقرب.

(3)

أي ذي التدبير والعقل الصائب من أهلها ولو كان أبعد.

(4)

قوله: لا نكاح إلا بولي

إلى آخره، لحديث عائشة مرفوعاً: أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإنْ دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان وليّ من لا وليّ له، أخرجه الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه وأبو عوانة والطحاوي والحاكم وابن حبان، وحديث أبي موسى مرفوعاً: لا نكاح إلا بولي، أخرجه أحمد وابن ماجه وأبوداود والترمذي وابن حبان والحاكم. وفي الباب عن عائشة وأم سلمة وزينب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلي وابن عباس. وقد جمع الدمياطي طرقه في جزء، كذا في "التلخيص الحبير".

(5)

أي ولو المرأة بالغة.

(6)

في نسخة: وإن.

(7)

أي تنازعت المرأة وليها بأن رضيت بنكاح لم يرض به وليها.

(8)

أي حقيقة وحكماً كما في صورة المشاجرة.

(9)

قوله: فأما أبو حنيفة

إلى آخره، أخرج الطحاوي في "شرح معاني الآثار" حديث عائشة بأسانيده من طريق ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعاً: أيّما امرأةٍ نكحت. . . الحديث، ومن طريق

ص: 480

وَضَعَتْ (1) نَفْسَهَا فِي كَفَاءَةٍ وَلَمْ تُقَصِّر فِي نَفْسِهَا فِي صَدَاق (2) ، فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ، وَمِنْ حُجَّته قَوْلُ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَوْ ذِي الرَّأي

الحجاج بن أرطأة عن الزهري وابن لهيعة عن عبيد الله بن جعفر عن الزهري ثم قال: فذهب إلى هذا قوم، فقالوا: لا يجوز تزويج المرأة نفسها إلا بإذن وليها، وممن قال به أبو يوسف ومحمد، وخالفهم في ذلك آخرون وقالوا: للمرأة أن تزوج نفسها ممن شاءت وليس لوليها أن يعترض عليها في ذلك إذا وضعت نفسها حيث كان ينبغي لها أن تضعها، ثم ذكر في حجتهم ما أخرج عن عائشة أنها زوّجت حفصةَ بنت عبد الرحمن: المنذرَ بنَ الزبير، وعبدُ الرحمن غائب بالشام، فلما قدم قال: أمثلي يُصنع به هذا (هكذا في الأصل، وفي "شرح معاني الآثار"2/5: زاد بعد "هذا": ويُفتات عليه. (أي إذا تفرد برأيه) ؟ فكلّمت عائشة المنذر وقالت: ذلك بيد عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن: ما كنتُ أردّ أمراً قضيته فقررت حفصة عند المنذر، ولم يكن ذلك طلاقاً، ثم علل حديث عائشة السابق، وطرق حديث لا نكاح إلا بولي، وأطال الكلام في ذلك بما أكثره مدفوع، وقال في آخر الباب: وأما النظر في ذلك فإنا قد رأينا المرأة قبل بلوغها يجوز أمر والديها على بضعها ومالها، فإذا بلغت فكل قد أجمع على أن ما كان من العقد إليه في مالها قد عاد إليها، فكذلك العقد على بضعها يخرج من يده، وهذا هو قول أبي حنيفة إلا أنه كان يقول: إن زوّجت المرأة نفسها من غير كفؤ فلوليّها فسخ ذلك وكذلك إن قصَّرتْ في مهرها بأن تزوّجت بدون مهر مثلها، فلوليّها أن يخاصم. وقد كان أبو يوسف يقول: إن بضع المرأة إليها، وإنه ليس للولي أن يعترض عليها في نقصان ما تزوجت عليه عن مهر مثلها ثم رجع إلى قول محمد. إنه لا نكاح إلا بولي.

(1)

أي نكحت من كفؤ.

(2)

أي من مهر مثلها.

ص: 481

مِنْ أَهْلِهَا. إِنَّهُ لَيْسَ بوَلِيّ، وَقَدْ أَجَازَ (1) نِكَاحَهُ (2) لأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ لا تُقَصِّر (3) بِنَفْسِهَا فَإِذَا فَعَلَتْ هِيَ ذَلِكَ جَازَ (4) .

14 -

(بَابُ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَلا يَفْرِضُ (5) لَهَا صَدَاقًا)

542 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ بِنْتًا لعُبَيْد اللَّهِ (6) بْنِ عُمَرَ - وأُمها (7) ابْنَةُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَتْ تَحْتَ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - فَمَاتَ (8) ، وَلَمْ يُسَمِّ (9) لَهَا صَدَاقاً، فَقَامَتْ أمها (10) تطلُبُ (11) صَدَاقها؟

(1) أي عمر.

(2)

أي تزويج ذي الرأي.

(3)

من اعتبار الكفاءة وتمام المهر.

(4)

لحصول المقصود.

(5)

أي لا يقدّر المهر، ولا يسمّيه عند العقد.

(6)

قوله: لعبيد الله، هو أخو عبد الله بن عمر بن الخطاب، وُلد في العهد النبوي، وقُتل بصفّين مع معاوية سنة 37، وزيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب أسلم قبله واستشهد قبله قاله الزرقاني.

(7)

الجملة حالية معترضة.

(8)

وفي رواية يحيى عن مالك: ولم يدخل بها.

(9)

أي عند النكاح.

(10)

وهي ابنة زيد بن الخطاب أخي عمر بن الخطاب.

(11)

أي وكالة عن بنتها عن أبي زوجها.

ص: 482

فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَيْسَ لَهَا صَدَاق وَلَوْ كَانَ (1) لَهَا صَدَاق لَم نُمْسِكْه وَلَمْ نَظلمها. وَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ (2) فَجَعَلُوا بَيْنَهُمْ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ (3) فقَضَى (4) أَنْ لا صَدَاق لَهَا، ولها الميراث.

(1) أي لو كانت مستحقة لصداق شرعاً لأعطيته.

(2)

أي قول ابن عمر.

(3)

أي جعلوا زيداً حَكَماً لفصل هذه القضية.

(4)

قوله: فقضى أن لا صداق لها (والمرجح عند المالكية أن لا صداق لها ولها الميراث واجب في مال المتوفى، ولهم قول آخر: إنه يجب الصداق بالموت، قال الزرقاني في شرحه 4/129: وهو قول شاذ عندنا وقال الموفق: لو مات أحدهما قبل الإِصابة وقبل الفرض ورثه صاحبه وكان لها مهر نسائها، أما الميراث فلا خلاف فيه فإن الله تبارك وتعالى فرض لكل واحد من الزوجين فرضاً، وعقد الزوجية ههنا صحيح ثابت فورث به لدخوله في عموم النص، وأما الصداق فإنه يكمل لها مهر نسائها في الصحيح من المذاهب، وإليه ذهب ابن مسعود وابن شبرمة وابن أبي ليلى والثوري وإسحاق، وروي عن عليّ وابن عباس وابن عمر والزهري وربيعة ومالك والأوزاعي: لا مهر لها، وقال أبو حنيفة: كقولنا في المسلمة، وكقولهم في الذميّة، وعن أحمد رواية أخرى: لا يكمل ويَنتصف، وللشافعي قولان كالروايتين. المعني 6/721) ، هكذا أخرجه الشافعي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي أيضاً، وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي عن علي بن أبي طالب أنه قال في المتوفَّى عنها زوجها (في الأصل:"زوجة"، وهو تحريف) ولم يفرض لها صداقاً: إن لها الميراث وعليها العدة ولا صداق لها، قال: ولا يقبل قول أعرابي من أشجع على كتاب الله. ويخالفه ما أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه والبيهقي عن علقمة أن قوماً أتوا ابن مسعود، فقالوا: إنّ رجلاً منّا تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً، ولم يجمعها إليه حتى مات، فقال: ما سئلتُ عن شيء منذ فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ من هذه، فأْتُوا غيري، فاختلفوا إليه فيها شهراً، ثم قالوا له في آخر ذلك: من

ص: 483

قال محمد: ولسنا (1)

نسأل إذا لم نسألك وأنت آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البلد، ولا نجد غيرك؟ فقال: سأقول فيها بجهد رأيي، فإن كان صواباً فمن الله وحده لا شريك له وإن كان خطأ فمني، والله ورسوله بريئان، أرى أن أجعل لها صَدَاقاً كصَدَاق نسائها، لا وكس ولا شطط ولها الميراث، وعليها العدة أربعة أشهر وعشراً، قال: وذلك بسمع من ناس من أشجع، فقاموا منهم معقل بن سنان، فقالوا: نشهد أنك قضيتَ بمثل الذي قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة منا يقال لها: بروع بنت

ص: 484

نَأْخُذُ بِهَذَا (1) .

543 -

أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ حمَّاد، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ: أَنَّ رَجُلا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يفْرِض (2) لَهَا صَدَاقاً، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: لَهَا صَدَاق مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا، لا وَكْسَ (3) وَلا شَطَطَ، فَلَمَّا قَضَى قَالَ فَإِنْ (4) يَكُنْ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ (5) وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي (6) وَمِنَ الشَّيْطَانِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ، فَقَالَ رَجُلٌ (7) من

واشق، قال: ما رُئي عبد الله فَرِح بشيء ما فرح يومئذٍ إلا بإسلامه، ثم قال: اللَّهم إن كان صواباً فمنك وحدك لا شريك لك. كذا أورده السيوطي في "الدر المنثور".

(1)

قوله: ولسنا نأخذ بهذا، لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافه، ولا حجة بعد قول الرسول بقول غيره، وكل أحد يؤخد من قوله ويُترك إلا قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال محيي السنّة البغوي في " معالم التنزيل" عند قوله تعالى:{لاجُناح عليكم إن طَلَّقْتُم النساء ما لم تمسّوهن أو تفرضوا لهن فريضة} (سورة البقرة: الآية 236) : من حكم الآية أنّ من تزوّج امرأةً بالغةً برضاها على غير مهر يصح النكاح، وللمرأة مطالبة بأن يفرض لها صداقاً، فإن دخل بها قبل الفرض فلها مهر مثلها، وإن طلّقها قبل الفرض والدخول فلها المتعة، وإن مات أحدهما قبل الدخول والفرض فاختلف أهل العلم في أنها هل تستحق المهر أم لا؟ فذهب جماعة إلى أن لا مهر لها، وهو قول علي وزيد وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس كما لو طلّقها قبل الدخول والفرض. وذهب قوم إلى أنّ لها المهر لأن الموت كالدخول في تقرير المسمَّى، فكذلك في تقرير مهر المثل إذا لم يكن في العقد مسمى، وهو قول الثوري وأصحاب الرأي، واحتجوا بما روي عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل تزوّج امرأة ولم يفرض لها صداقاً ولم يدخل بها حتى مات فقال ابن مسعود: لها صداق نسائها، لا وكس ولا شطط، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله في بروع بنت واشق امرأةٍ منا مثل ما قضيت. قال الشافعي: فإن ثبت حديث بروع فلا حجة في قول أحد دون النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يثبت فلا مهر لها. انتهى. وقال علي القاري في "سند الأنام شرح مسند الإمام": قال شيخنا رئيس المفسرين في زمانه الشيخ عطية السلمي المكي الشافعي: فقد ثبت حديثها أخرجه أبو داود والترمذي وصححه وأحمد والحاكم وصححه، وابن أبي شيبة وعبد الرزاق. ولم يتفرد به معقل بن سنان بل قال هو وجماعة من أشجع لابن مسعود: نشهد أنك قضيتَ بما قضى به رسول الله. وهو أحد قولي الشافعي، قاله قياساً، ولو ثبت عنده الحديث لما خالف فيه، وهو المرجّح عند النووي، والقول الثاني رجّحه الرافعي.

(1)

أي بحكومة زيد بعدم الصداق، وأما كون الميراث لها فمجمع عليه.

(2)

بكسر الراء أي لم يقدّر.

(3)

أي لا نقصان ولا زيادة.

(4)

قوله: فإن يكن، فيه إشارة إلى أن المجتهد يخطئ ويصيب، وأن الخطألا يُنسب إلى الله تعالى تأدُّباً.

(5)

أي من توفيقه.

(6)

أي من نفسي ومن وسوسة الشيطان.

(7)

قوله: فقال رجل من جلسائه

إلى آخره، قال الرافعي من علماء

ص: 485

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشافعية في "شرح الوجيز": في راوي هذا الحديث اضطراب قيل عن معقل بن سنان، وقيل عن رجل من بني أشجع، أو ناس من أشجع، وقيل: غير ذلك، وصححه بعض أصحاب الحديث، وقالوا: إن الاختلاف في اسم راويه لا يضرّ لأن الصحابة كلهم عدول. انتهى. قال الحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديثه": هذا الذي ذكره الأصل فيه ما ذكره الشافعي في "الأم" قال: قد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي أنه قضى في بروع بنت واشق، وقد نكحت بغير مهر فمات زوجها، فقضى بمهر نسائها، وقضى لها بالميراث، فإن كان ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أولى الأمور بنا، ولا حجة في قول أحد دون النبي صلى الله عليه وسلم وإن كثر، ولا شيء في قوله إلا طاعة الله بالتسليم له ولم أحفظ عنه من وجه يثبت مثله، مرة يقال عن معقل بن سنان، ومرة عن معقل بن يسار، ومرة عن بعض أشجع لا يسمَّى، وقال البيهقي: قد سُمِّي فيه معقل بن سنان، هو صحابي مشهور والاختلاف فيه لا يضر، فإن جميع الروايات فيه صحيحة وفي بعضها ما يدل على أن جماعة من أشجع شهدوا بذلك. وقال ابن أبي حاتم: قال أبو زرعة: الذي قال معقل بن سنان أصح، وروى الحاكم في "المستدرك"، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم يقول: سمعت الحسن بن سفيان يقول: سمعت حرملة بن يحيى قال: سمعت الشافعي يقول: إنْ صح حديث بروع قلتُ به، قال الحاكم: فقال شيخنا أبو عبد الله: لو حضرت الشافعي لقمت على رؤوس الناس، وقلت قد صح الحديث فَقُل به. انتهى. وفي "فتح القدير": لنا أن سائلاً سأل عبد الله بن مسعود في صورة موت الرجل فقال بعد شهر أقول فيه بنفسي فإن يك صواباً فمن الله ورسوله وإن يكُ خطأً فمن ابن أمّ عبد. وفي رواية ومن الشيطان والله ورسوله بريئان، أرى لها مهر مثل نسائها، لاوكس ولا شطط، فقال رجل يقال له معقل بن سنان وأبو الجراح حامل راية الأشجعيِّين فقالا: نشهد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في امرأة منا يُقال لها برووع بنت واشق الأشجعية بمثل قضائك هذا، فسُرّ ابن مسعود سروراً لم يُسَرّ مثله قط بعد إسلامه. هكذا رواه أصحابنا، وروى الترمذي والنسائي وأبو داود

ص: 486

جُلَسَائِهِ: (1) بَلَغَنا (2) أَنَّهُ مَعْقِل (3) بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ، وكان من

هذا الحديث بلفظ أخصر وهو أن ابن مسعود قال في رجل تزوج امرأة فمات عنها، ولم يدخل بها ولم يفرض لها الصداق: إن لها الصداق كاملاً ولها الميراث، وعليها العدة، فقال: معقل بن سنان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق بمثله، هذا اللفظ لأبي داود وله روايات أخر بألفاظ، قال البيهقي: جميع روايات هذا الحديث وأسانيدها صحيحة، والذي رُوي من ردّ علي (أما الذي رُوي عن عليّ رضي الله عنه فلم يصح ولو صح ما أثّر فيه لأن الرواة قد ذكروا عن عمر رضي الله عنه أنه ردّ حديث فاطمة بنت قيس وهو مشهور. والحديث مذكور في "مسند أبي حنيفة" وبسط في هامشه تخريجه، وقال: رواه الحاكم من وجه صححه، على شرط مسلم ومن وجه على شرط الشيخين، ورواه ابن حبان في صحيحه وحكى الزرقاني عن الإمام مالك بعد ذكر هذا الحديث، قال مالك: ليس عليه العمل. أوجز المسالك 9/305) رضي الله عنه فلمذهب تفرد به، وهو تحليف الرواي إلا أبا بكر الصديق، ولم ير هذا الرجل ليحلّفه، لكنه لم يصح عنه ذلك، وممن أنكر ثبوته عنه الحافظ المنذري. انتهى.

(1)

أي من شركاء مجلس ابن مسعود.

(2)

هذا كلام محمد بيان للرجل المبهم.

(3)

قوله: إنه معقل، بكسر القاف وفتح الميم بن سنان بكسر السين، وبِروع بكسر الموحدة على المشهور وقيل بفتحها وبسكون الراء وفتح الواو بعدها عين مهملة، وقال بعض اللغويين: كسر الباء خطأ، وقيل: رواه المحدثون بالكسر ولا سبيل إلى دفع الرواية، وأسماء الأعلام لا مجال للقياس فيها، كذا في "شرح القاري" وفي "الاستيعاب": بروع بنت واشق الأشجعية مات عنها زوجها هلال بن مرة الأشجعي، ولم يفرض صداقاً، فقضى رسول الله بمثل صداق نسائها. روى حديثها أبو سنان معقل وجراح الأشجعيان وناس من أشجع، وشهدوا بذلك عند ابن مسعود. وفيه أيضاً: معقل بن سنان الأشجعي يُكنى أبا عبد الرحمن، وقيل

ص: 487