المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(أَبْوَابُ الْجَنَائِزِ (1)) 1 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُغَسِّلُ (2) زَوْجَهَا) 303 - - التعليق الممجد على موطأ محمد - جـ ٢

[أبو الحسنات اللكنوي - محمد بن الحسن الشيباني]

فهرس الكتاب

- ‌76 - (بَابُ الْوِتْرِ)

- ‌77 - (بَابُ الْوِتْرِ عَلَى الدَّابَّةِ)

- ‌78 - (بَابُ تَأْخِيرِ الْوِتْرِ)

- ‌79 - (بَابُ السَّلامِ فِي الْوِتْرِ

- ‌81 - (بَابُ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي)

- ‌82 - (بَابُ مَا يُستَحبّ مِنَ التَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ دُخُولِهِ)

- ‌84 - (بَابُ صَلاةِ المُغمى عَلَيْهِ)

- ‌85 - (بَابُ صَلاةِ الْمَرِيضِ)

- ‌92 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ يصلِّي وَبَيْنَ القِبلة وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ قَائِمَةٌ

- ‌94 - (بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌95 - (باب الصلاة على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌96 - (بَابُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌97 - (بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي ثُمَّ يَجْلِسُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ)

- ‌101 - (بَابُ فَضْلِ الجِهاد

- ‌102 - (بَابُ ما يكون من الموتِ شهادة

- ‌(أَبْوَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌2 - (بَابُ مَا يُكَفَّن بِهِ الْمَيِّتُ)

- ‌3 - (بَابُ الْمَشْيِ بِالْجَنَائِزِ وَالْمَشْيِ مَعَهَا)

- ‌4 - (بَابٌ الْمَيِّتُ لا يُتَّبَعُ بنارٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ مِجْمَرة فِي جِنَازَتِهِ)

- ‌5 - (بَابُ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ)

- ‌6 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌7 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌8 - (بَابٌ يَحْمِلُ الرَّجُلُ الْمَيِّتَ أَوْ يحنِّطه أَوْ يُغَسِّلُهُ هَلْ يَنْقُضُ ذَلِكَ وُضُوءَهُ

- ‌9 - (بَابُ الرَّجُلِ تُدْرِكُهُ الصَّلاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌10 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ مَا يُدفن)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌1 - (بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌3 - (بَابُ الْمَالِ مَتَى تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ)

- ‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْن هَلْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ)

- ‌6 - (بَابُ العُشُر

- ‌8 - (بَابُ زَكَاةِ الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ والبَراذين

- ‌9 - (بَابُ الرِّكَازِ

- ‌10 - (بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ)

- ‌11 - (بَابُ الْكَنْزِ

- ‌12 - (بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ)

- ‌13 - (بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌14 - (باب صَدَقَةِ الزَّيْتُونِ)

- ‌(أَبْوَابُ الصِّيَامِ

- ‌2 - (بَابُ مَتَى يَحْرُمُ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ)

- ‌3 - (بَابُ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فِي رَمَضَانَ)

- ‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَطْلُعُ لَهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ

- ‌5 - (بَابُ القُبلة لِلصَّائِمِ

- ‌6 - (بَابُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ)

- ‌8 - (بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ)

- ‌9 - (بَابُ قَضَاءِ رَمَضَانَ هَلْ يُفرَّق

- ‌10 - (بَابُ مَنْ صَامَ تَطَوُّعًا ثُمَّ أَفْطَرَ)

- ‌11 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِفطار)

- ‌15 - (بَابُ الأَيَّامِ الَّتِي يُكْرَهُ فِيهَا الصَّوْمُ)

- ‌16 - (بَابُ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ)

- ‌17 - (بَابُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الصِّيَامِ)

- ‌18 - (باب صوم يوم عَاشُورَاءَ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌1 - (بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌7 - (بَابُ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا وَهُوَ مُقِيمٌ)

- ‌15 - (بَابُ المُحرم يَغْسِلُ رَأْسَهُ، أَيَغْتَسِلُ

- ‌16 - (بَابُ مَا يُكره لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ)

- ‌17 - (بَابُ مَا رُخِّص للمُحرم أَنْ يَقْتُلَ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌22 - (بَابُ المُحرم يَتَزَوَّجُ)

- ‌23 - (بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ)

- ‌26 - (بَابُ فَضْلِ الْعُمْرَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ)

- ‌27 - (بَابُ المتمتِّع مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الهَدْي)

- ‌29 - (بَابُ المكِّي وَغَيْرِهِ يَحُجُّ أَوْ يَعْتَمِرُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّمْل)

- ‌31 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ)

- ‌37 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَمَا يُستحبّ مِنَ الْغُسْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ

- ‌41 - (بَابُ الصَّلاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَدُخُولِهَا)

- ‌42 - (بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ أَوْ عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ)

- ‌51 - (بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكِبًا)

- ‌53 - (بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ

- ‌60 - (بَابُ المُحْصَر

- ‌61 - (بَابُ تَكْفِينِ الْمُحْرِمِ

- ‌65 - (بَابُ الرَّجُلِ يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُفيض

- ‌66 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِهلال

- ‌70 - (بَابُ النُّزُولِ بالمحصَّب

- ‌73 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِسِلاحٍ)

- ‌(كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌3 - (بَابُ لا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وعمَّتها فِي النِّكَاحِ)

- ‌5 - (باب الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)

- ‌7 - (بَابُ مَا يُوجِبُ الصَّدَاق

- ‌8 - (بَابُ نِكَاحِ الشِّغار

- ‌10 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ)

- ‌15 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُزَوَّجُ فِي عِدّتها

- ‌16 - (باب العزل

- ‌(كِتَابُ الطَّلاقِ)

- ‌3 - (بَابُ مَا يُكره للمطلَّقة الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ الْمَبِيتِ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا)

- ‌6 - (بَابُ الْخُلْعِ كَمْ يَكُونُ مِنَ الطَّلاقِ)

- ‌8 - (بَابُ الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَتَتَزَوَّجُ زَوْجًا ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا الأَوَّلُ)

- ‌9 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْعَلُ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا أَوْ غَيْرِهَا)

- ‌11 - (بَابُ الأَمَةِ تَكُونُ تحت العبد فَتُعْتَقُ)

- ‌13 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تطلَّق أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ)

- ‌17 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُسَافِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا)

- ‌22 - (بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الزِّينَةِ فِي الْعِدَّةِ)

- ‌27 - (بابُ المرأةِ تُسْلِمُ قَبْلَ زوجِهَا)

- ‌28 - (بَابُ انْقِضَاءِ الْحَيْضِ)

- ‌30 - (بَابُ عِدَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ

- ‌31 - (بَابُ الرَّضاع

- ‌1 - (بَابُ مَا يُكره مِنَ الضَّحَايَا)

- ‌2 - (بَابُ لُحُومِ الأَضَاحِي)

- ‌4 - (بَابُ مَا يُجْزِئ مِنَ الضَّحَايَا عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ)

- ‌5 - (بَابُ الذَّبَائِحِ)

- ‌7 - (بَابُ أَكْلِ الضَبّ

- ‌9 - (بَابُ السَّمَكِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ)

- ‌11 - (بَابُ أَكْلِ الجرَاد

- ‌13 - (بَابُ مَا قَتَل الْحَجَرُ

- ‌16 - (بَابُ صَيْدِ الْكَلْبِ المعلَّم)

الفصل: ‌ ‌(أَبْوَابُ الْجَنَائِزِ (1)) 1 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُغَسِّلُ (2) زَوْجَهَا) 303 -

‌(أَبْوَابُ الْجَنَائِزِ

(1))

1 -

(بَابُ الْمَرْأَةِ تُغَسِّلُ (2) زَوْجَهَا)

303 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ بْنُ أَنَسٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ (3) بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ أَسْمَاءَ (4) بِنْتَ عُمَيس امْرَأَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه غَسَّلَتْ

(1) قوله: الجنائز، - بفتح الجيم - جمع جَِنازة بالفتح والكسر لغتان، وقيل بالكسر النعش، وبالفتح للميت.

(2)

بعد موته.

(3)

قوله: عبد الله، هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني قاضي المدينة المتوفَّى سنة 135 هـ كما ذكره الزرقاني، لا عبد الله بن أبي بكر الصديق كما ظنه القاري.

(4)

قوله: أن أسماء بنت عميس، هي أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأم الفضل زوج العباس، وأخت أخواتهما لأم، وهن تسع، وقيل: عشر، وكانت أسماء من المهاجرات إلى أرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب، فولدت له محمداً وعبد الله، وعوناً، ثم هاجرت إلى المدينة، فلما قُتل جعفر تزوَّجها أبو بكر الصديق فولدت له محمداً ولما مات تزوَّجها علي، فولدت له يحيى، كذا في "الاستيعاب" وفيه أيضاً في الكنى: أبو بكر الصديق هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر القرشي التيمي، وروى حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: من أكبر أنا أو أنت؟ فقال: أنت أكبر مني وأكرم، وأنا أسنُّ منك. وهذا الخبر لا يُعرف إلَاّ بهذا الإِسناد، وأظنه وهماً لأن جمهور أهل العلم بالأخبار والسِّيَر يقولون: إن أبا بكر استوفى بمدة خلافته سنّ رسول الله وهو ابن ثلاث وستين سنة.

ص: 98

أَبَا بَكْرٍ حِينَ (1) تُوُفِّيَ، فَخَرَجَتْ (2) فَسَأَلَتْ (3) مَنْ حَضَرَهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَتْ: إِنِّي صَائِمَةٌ، وَإِنَّ هَذَا يومٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ فَهَلْ عليَّ (4) مِنْ غُسْلٍ؟ قَالُوا: لا.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، لا بَأْسَ (5) أَنْ تُغَسِّلَ المرأةُ (6) زوجَها إِذَا توفي، ولا غُسل (7)

(1) قوله: حين توفي، ليلةَ الثلاثاء لثمانٍ بقين من الجمادى الآخرة سنة 13 هـ، وله ثلاث وستون سنة كما رواه الحاكم وغيره عن عائشة رضي الله عنها.

(2)

أي من المغتسل.

(3)

أي مستفتية.

(4)

أي يجب عليَّ الغُسْلُ من غسل الميت؟

(5)

قوله: لا بأس

إلىآخره، نقل ابن المنذر وغيره الإِجماع على جواز غُسل المرأة زوجها، وإنما اختلفوا في العكس: فمنهم من أجاز، وإليه مال الشافعي ومالك وأحمد وآخرون، ومنهم من منعه، وهو قول الثوري والأَوْزاعي وأبي حنيفة وأصحابه، كذا ذكر العيني (انظر أوجز المسالك 4/199) .

(6)

أي ولو كانت مُحرمة أو صائمة، كذا ذكره الشُّمنِّي.

(7)

قوله: ولا غسل....إلى آخره، أقول: يحتمل محملين: أحدهما: أن يكون نفياً للوجوب، والمعنى لا يجب الغسل على من اغتسل، ولا الوضوء. فحينئذٍ لا يكون هذا الكلام نفياً للاستحباب، وثانيهما: أن يكون نفياً للمشروعية، فيكون نفياً للاستحباب أيضاً. والأول أَوْلى، لورود الأمر بالغسل لمن غسل ميتاً، فإن لم يثبت الوجوب فلا أقل من الندب، وهو ما أخرجه الترمذي وابن ماجه من

ص: 99

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حديث عبد العزيز بن المختار، وابن حبان من رواية حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً من غسله الغسل ومن حمله الوضوء وروى أبو داود من رواية عمرو بن عمي عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ، وأخرجه أحمد والبيهقي من رواية صالح مولى التوأمة عنه مرفوعاً - وصالح متكلم فيه - وأخرجه البزار من رواية محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ومن رواية أبي بحر البكراوي عبد الرحمن بن عثمان، عن محمد بن عمر، عن أبي سلمة عنه مرفوعاً. وقد اختلف العلماء في هذا الباب فمذهب جمهور العلماء أنه لا شيء في ذلك، وقال بعض أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: إن عليه الغسل، وقال بعضهم: عليه الوضوء، وقال مالك: أستحب الغسل ولا أرى ذلك واجباً، وقال أحمد: من غسل ميتاً أرجو أن لا يجب عليه الغسل، وقال إسحاق: لا بد فيه من الوضوء، وروي عن ابن المبارك: لا يغتسل ولا يتوضأ من غسل الميت، كذا حكاه الترمذي، وقال الخطّابي في "حواشي سنن أبي داود": لا أعلم أحداً من الفقهاء يوجب غُسل من غَسَل ميتاً ولا الوضوء من حمله ولعله أمرُ ندبٍ. انتهى. وفيه نظر، فقد قال الشافعي: لا غسل عليه إلَاّ أن يثبت حديث أبي هريرة، والخلاف ثابت عند المالكية فروى ابن القاسم وابن وهب عن مالك أنه قال: عليه الغسل، وروى المدنيون وابن عبد الحكم عنه أنه مستحب لا واجب، وهو مشهور مذهبه وصار إلى الوجوب بعض الشافعية أيضاً، كذا ذكره الحافظ ابن حجر والزرقاني وغيرهما. ولما استُشكل على القائلين بعدم الوجوب ورودُ حديث أبي هريرة، وظاهره الوجوب، أجابوا عنه بوجوه:

الأول: أنَّ أبا هريرة تفرَّد بروايته، وفي قبول خبر الواحد في ما يعم به البلوى كلام، وفيه نظر فإنه مع قطع النظر عما يرد على ما أصّلوه من عدم قبول خبر الواحد في ما يعمُّ به البلوى لا يثبت تفرد أبي هريرة، ففي الباب عن عائشة رواه أحمد والبيهقي، وفي إسناده مصعب بن شيبة وفيه مقال، وضعفه أبو زرعة وأحمد

ص: 100

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والبخاري، وصحَّحه ابن خزيمة، كذا ذكره ابن حجر في "تخريج أحاديث الرافعي"، وعن حذيفة ذكره ابن أبي حاتم والدارقطني في "العلل"، وقالا: إنه لا يثبت، قال ابن حجر: نفيهما الثبوت على طريق المحدِّثين، وإلَاّ فهو على طريقة الفقهاء قويّ، لأنَّ رواته ثقات أخرجه البيهقي من طريق معمر عن أبي إسحاق، عن أبيه، عن حذيفة، وعن أبي سعيد رواه ابن وهب في جامعه، وعن المغيرة رواه أحمد، وعن علي أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن أبي شيبة والبزار وأبو يعلى عنه قال: لما مات أبو طالب أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن عمَّك الشيخَ الضَّالَّ قد مات فقال: انطلق فوارِه ولا تحدثن حدثاً حتى تأتيني، فانطلقت فواريته، فأمرني فاغتسلت فدعا لي. ووقع عند أبي يعلى في آخره، وكان عليّ إذا غسل ميتاً اغتسل. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" بلفظ: لما أخبرت رسولَ الله بموت أبي طالب بكى، وقال: اذهب فاغسله وكفِّنه، قال ففعلت ثم أتيته فقال لي: اذهب فاغتسل، وروى البيهقي هذا الحديث وضعَّفه، قال ابن حجر: مدار كلام البيهقي على الضعيف، ولا يتبين وجه ضعفه. انتهى.

الوجه الثاني: أن جماعة من المحدثين صرَّحوا بتضعيف طرق أبي هريرة بل صرح بعضهم بأنه لا يثبت في هذا الباب شيء، فنقل الترمذي عن ابن المديني والبخاري أنهما قالا: لا يصح في الباب شيْء، وقال الذُّهلي: لا أعلم فيه حديثاً ثابتاً، لو ثبت للزمنا استعماله، وقال ابن المنذر: ليس في الباب حديث يثبت، وقال ابن أبي حاتم في "العلل": حديث أبي هريرة لا يرفعه الثقات، إنما هو موقوف، وقال الرافعي: لم يصحِّح علماء الحديث في هذا الباب شيئاً مرفوعاً، وفيه نظر، لأنَّ بعض الطرق وإن كانت ضعيفة لكنَّ ضعفها ليس بحيث لا ينجبر بكثرة الطرق مع أنَّ بعض طرقها بانفراده حسن أيضاً. قال الحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديث الرافعي" بعد نقل كلام الرافعي: قلت: قد حسَّنه الترمذي وصحَّحه ابن حبان، وله طريق آخر، قال عبد الله بن صالح، حدثنا يحيى بن أيوب عن عقيل، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أي هريرة رفعه: من غسل ميتاً فليغتسل،

ص: 101

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ذكره الدارقطني، وقال: فيه نظر. قلت: رواته موثُّقون، وقال ابن دقيق العيد في "الإِمام": لا يخلو إسناد من طرق هذا الحديث من متكلَّم فيه، وأحسنُها رواية سهيل عن أبيه، عن أبي هريرة وهي معلولة، وإن صحَّحها ابن حبان وابن حزم، فقد رواه سفيان عن سهيل، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة، قلت: إسحاق أخرج له مسلم، فينبغي أن يصحِّح الحديث، قال: وأما رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فإسناده حسن إلَاّ أنَّ الحفّاظ من أصحاب محمد بن عمرو روَوْه عنه موقوفاً. وفي الجملة هو بكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسناً، فإنكار النووي على الترمذي بتحسينه معتَرَض، وقد قال الذهبي في "مختصر البيهقي": طرق هذا الحديث أقوى من عدة أحاديث احتَجَّ بها الفقهاء ولم يُعِلّوها: بالوقف، بل قدّموا رواية الرفع، وذكر الماورديّ أن بعض أصحاب الحديث خرَّج لهذا الحديث مئةً وعشرين طريقاً، قلت: ليس ذلك ببعيد. انتهى. ملخصاً.

الوجه الثالث: أنَّ الأمر بالغسل لمن غسل ميتاً منسوخ جزم به أبو داود ونقله عن أحمد، وأيَّده بعضهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر النسوة اللّواتي (في الأصل "التي"، والظاهر ما أثبتناه كما في "التلخيص" 2/106) غَسَّلن ابنته بالغسل، ولو كان واجباً لأمرهن، وفيه نظر لأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، بل إذا وُجد ناسخ صريح متأخِّر وهو مفقود.

الوجه الرابع: وهو أَوْلاها حمل الأمر على الندب، ويؤيِّده ما رواه الخطيب في ترجمة محمد بن عبد الله المخزومي من طريق عبد الله بن أحمد قال أبي: كتبتَ حديث عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل؟ قال: قلت: لا، قال: في ذلك الجانب شابٌّ يقال له: محمد بن عبد الله يحدِّثه عن أبي هشام المخزومي عن وهيب فاكتبه عنه، قال الحافظ ابن حجر: هذا إسناد صحيح، وهو أحسن ما جُمع به بين مختلف هذه

ص: 102