الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
92 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ يصلِّي وَبَيْنَ القِبلة وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ قَائِمَةٌ
(1))
288 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ (2) مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عوف، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا أخبرتْه (3)، قَالَتْ: كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ورِجلَايَ فِي الْقِبْلَةِ (4)(5) ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَني (6) ، فقبضتُ رِجْلَيَّ (7) ، وإذا قام بسطتُها (8) ،
(1) وفي نسخة، أو قاعدة، والمراد بالرجل المصلّي، وفي نسخة: زيادة يصلي، وهو صفة الرجل أو حال منه، وقعت معترضة.
(2)
اسمه سالم بن أبي أمية.
(3)
أي: أبا سلمة.
(4)
أي: في مكان سجوده.
(5)
أي: في جهتها.
(6)
أي: طعن بإصبعه فيَّ لأقبض رِجْليَّ من قِبلته. قوله. غمزني، قال النووي: استدل به من يقول لمسُ النساء لا ينقض الوضوء، والجمهور حملوه على أنه غمزها فوق حائل، وهذا هو الظاهر من حال النائم. وقال الزرقاني: فيه دلالة، على أن لمس المرأة بلا لذة لا ينقض الوضوء لأن شأن المصلي عدم اللذة، لا سيَّما النبي صلى الله عليه وسلم، واحتمال الحائل والخصوصية بعيد، فإن الأصل عدم الحائل، والخصائص لا تثبت بالاحتمال، وعلى أن المرأة لا تقطع صلاة من صلّى إليها، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وجماعة من التابعين وغيرهم.
(7)
بشد الياء، مثنّى.
(8)
قوله: بسطتها (هكذا في الأصل، والصحيح: "بسطتهما". انظر فتح الباري 1/492) ، بالتثنية عند أكثر رواة البخاري، ولبعض رواته رجليّ ولبعضهم بسطتها بالإفراد فيهما.
والبيوتُ (1) يومئذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: لا بَأْسَ (2) بِأَنْ يصلِّيَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ نَائِمَةٌ أَوْ قَائِمَةٌ أَوْ قَاعِدَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ إِلَى جَنْبِهِ، أَوْ تُصَلِّيَ إِذَا كَانَتْ (3) تصلِّي فِي غَيْرِ صَلاتِهِ، إِنَّمَا يُكره أَنْ تصلِّيَ إِلَى جَنْبِهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُمَا (4) فِي صَلاةٍ وَاحِدَةٍ (5) أَوْ يصلِّيان مَعَ إِمَامٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَتْ (6) كَذَلِكَ فَسَدَتْ (7) صَلاتُهُ، وَهُوَ (8) قَوْلُ أبي حنيفة رحمه الله.
(1) قوله: والبيوت
…
إلى آخره، قال النووي: أرادت به الاعتذار تقول لو كانت فيها مصابيح لقبضتُ رجلي عند إرادته السجود ولم أُحْوِجْه إلى غمزي. وقال ابن عبد البر: قولها يومئذٍ تريد حينئذٍ، إذ المصابيح إنما تُتَّخذ في الليالي دون الأيام، وهذا مشهور في لسان العرب، يُعبَّر باليوم عن الحين والوقت كما يُعبَّر به عن النهار، كذا في "التنوير"، والظاهر أنه بيان لعادتهم في تلك الأوقات أنهم لم يكونوا معتادين بالمصابيح في تمام الليل إلَاّ عند الضرورة.
(2)
المعنى أن محاذاتها لا تضرّ إذا لم تكن معه في صلاة مشتركة
تحريماً وأداء.
(3)
بأن لم يكونا مشتركَيْن تحريماً وأداءً.
(4)
أي: المرأة والرجل.
(5)
أي: هي مقتدية به.
(6)
أي: محاذاتها.
(7)
قوله: فسدت صلاته، لقول ابن مسعود: أخِّروهنَّ من حيث أخَّرهنَّ الله، أخرجه الطبراني وعبد الرزاق. أفاد ذلك افتراض قيام الرجل أمام المرأة، فإذا قام جنبها أو خلفها وهما مشتركان في الصلاة فسدت صلاته لأنه ترك ما فُرِضَ عليه إذ هو المأمور بالتأخير، كذا قالوا، وفي المقام أبحاث وشرائط مذكورة في كتب الفقه.
(8)
وفيه خلاف الشافعي وغيره وهو الاستحسان.
93 -
(بَابُ (1) صَلاةِ الْخَوْفِ (2))
289 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئل عَنْ صَلاةِ الْخَوْفِ، قَالَ: يَتَقَدَّمُ (3) الإِمامُ وطائفةٌ مِنَ الناس فيصلِّي بهم
(1) قوله: باب صلاة الخوف، أي صفتها من حيث إنه يَحتمل في الصلاة ما لا يَحتمل في غيره، ومنعها ابن الماجشون في الحضر تعلّقاً بمفهوم قوله تعالى:{وإذا ضربتم في الأرض} وأجازها الباقون، وقال أبو يوسف في إحدى الروايتين عنه وصاحبه الحسن بن زياد اللؤلؤي وإبراهيم بن عُلَيّة والمزني: لا تُصلَّى بعد النبي صلى الله عليه وسلم لمفهوم قوله تعالى: {وإذا كنتَ فيهم} . واحتُجّ عليهم بإجماع الصحابة على فعلها بعده وبقوله: "صلوا كما رأيتموني أصلّي"، فمنطوقه مقدّم على ذلك المفهوم، وقال ابن العربي وغيره: شرط كونه فيهم إنما ورد لبيان الحكم لا لوجوده، أي بيِّنْ لهم بفعلك لأنه أوضح من القول، ثم الأصل أنّ كل عذر طرأ على العبادة فهو على التساوي كالقصر، والكيفية وردت لبيان الحذر من العدوّ، وذلك لا يقتضي التخصيص بقوم دون قوم، كذا في "شرح الزرقاني"(1/369. وفي أوجز المسالك 4/5 - 12 ههنا ثمانية أبحاث لطيفة لا بدّ لطالب الحديث من النظر فيها) .
(2)
قوله: صلاة الخوف، قيل: إنها شُرعت في غزوة ذات الرِّقاع، وهي سنة خمس من الهجرة، وقيل في غزوة بني النضير، كذا في "تخريج أحاديث الهداية" للزَّيْلعي.
(3)
حيث لا يبلغهم سهام العدوّ.
سَجْدَةً (1) وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُ (2) وَبَيْنَ الْعَدُوِّ وَلَمْ يُصَلُّوا (3) ، فَإِذَا صَلَّى الَّذِينَ مَعَهُ سَجْدَةً اسْتَأْخَرُوا (4) مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا وَلا يسلِّمون (5) ، وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يصلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَهُ (6) سَجْدَةً، ثُمَّ ينصرفُ (7) الإِمامُ (8) وَقَدْ صَلَّى (9) سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يقوم كلُّ واحدة من الطائفتين فيصلون (10)
(1) أي ركعة.
(2)
أي الإِمام ومن معه.
(3)
لحرسهم العدو.
(4)
فيكونون في وجه العدو.
(5)
بل يستمّرون في الصلاة.
(6)
أي الإِمام.
(7)
من صلاته بالتسليم.
(8)
أي بعد التشهد والسلام.
(9)
هذا في الصبح مطلقاً، وكذا في الرباعية في السفر، وأما في المغرب فيصلي مع الأُولى ركعتين ومع الثانية ركعة.
(10)
قوله: فيصلون لأنفسهم
…
إلى آخره، قال الحافظ: لم تختلف الطرق عن ابن عمر في هذا، وظاهره أنهم أتمُّوا في حالة واحدة، ويحتمل أنهم أتمُّوا على التعاقب، وهو الراجح من حيث المعنى وإلاّ لزم ضياع الحراسة المطلوبة، وإفراد الإِمام وحده، ويرجّحه ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود: ثم سلَّم، فقام هؤلاء - أي الطائفة الثانية - فقضَوْا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا، ثم ذهبوا. ورجع أولئك إلى مقامهم، فصلَّوْا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا. وظاهره أن الثانية والت بين رَكْعَتَيْها ثم أتمَّتْ الأولى بعدها. واختار هذه الصفةَ أَشهب والأَوزاعي وأخذ بما في حديث
لأنفسهم (1) سجدةً (2) سَجْدَةً، بَعْدَ انْصِرَافِ الإِمام، فَيَكُونُ كلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صلَّوْا سَجْدَتَيْنِ. فَإِنْ كَانَ خَوْفًا هُوَ أَشَدَّ (3) مِنْ ذَلِكَ صلَّوْا رِجَالا قِيَاماً (4) عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا (5) مُسْتَقْبِلِي القِبلةِ (6) وغيرَ مُسْتَقْبِلِيهَا. قَالَ نَافِعٌ (7) : وَلا أُرى (8) عبدَ الله بنَ عمر (9)
ابن عمر الحنفية، ورجّحها ابنُ عبد البَرّ لقوة إسنادها ولموافقة الأصول في أن المأموم لا يُتمّ صلاته قبل صلاة إمامه، كذا في "شرح الزرقاني"(1/371) .
(1)
أي وحدهم.
(2)
أي ركعة ركعة.
(3)
من كثرة العدو.
(4)
تفسير لقوله: رجالاً.
(5)
على دوابّهم.
(6)
أي عند القدرة على استقبالها، وبه قال الجمهور، لكن قال المالكية لا يصنعون ذلك حتى يخشَوا فوات الوقت.
(7)
قوله: قال نافع ولا أُرى
…
إلى آخره، قال ابن عبد البرّ: هكذا روى مالك هذا الحديث عن نافع على الشك في رفعه، ورواه عن نافع جماعة ولم يشكُّوا في رفعه، منهم ابن أبي ذئب وموسى بن عقبة وأيوب بن موسى، وكذا رواه الزهري عن سالم عن ابن عمر مرفوعاً، ورواه خالد بن معدان عن ابن عمر مرفوعاً.
(8)
أي لا أظن.
(9)
أي فهو موقوف في حكم مرفوع.
إلَاّ حَدَّثَهُ (1) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ (2) ، وَهُوَ قَوْلُ (3) أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَكَانَ مَالِكُ بن أنس لا يأخذ (4) به.
(1) في نسخة: يحدثه.
(2)
لقوة إسناده.
(3)
قوله: وهو قول، اتفقوا على أن جميع الصفات المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف معتدّ بها، وإنما الخلاف بينهم في الترجيح، كذا في "مرقاة المفاتيح".
(4)
قوله: لا يأخذ به، بل كان يأخذ بما أخرجه هو والترمذيُّ وابن ماجه وغيرهم عن سهل بن أبي حَثْمة: أن صلاة الخوف أن يقوم الإِمام ومعه طائفة من أصحابه وطائفة مواجهة العدو فيركع الإِمام ركعة، ويسجد، ثم يقوم فإذا استوى قائماً ثبت، وأتموا لأنفسهم ركعة باقية، ثم يسلّمون وينصرفون فيكونون وُجاه العدو والإِمام قائم، ثم يُقبل الذين لم يصلّوا فيكبِّرون وراء الإِمام فيركع بهم الركعة الباقية، ثم يسلّمون فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلِّمون، وبه قال الشافعيّ وأحمد وداود مع تجويزهم الصفة التي في حديث ابن عمر، ذكره الزرقاني. وكان مالك يقول أولاً بما رواه يزيد بن رومان عن صالح بن خوّات عمن صلى مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرِّقاع صلاة الخوف، وهو نحو الحديث السابق إلَاّ أن فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم ثبت جالساً حتى أتمت الطائفة الثانية، ثم سلّم بهم، ثم رجع مالك إلى الحديث السابق، ذَكَره ابن عبد البر. وقد رُويت في كيفية صلاة الخوف أخبار مرفوعة وآثار موقوفة على صفات مختلفة حتى ذكر بعضهم أنه ورد ستة عشر نوعاً، وأخذ بكلٍّ جماعة من العلماء، وذكر ابن تيمية في "منهاج السنة" وغيره أن الاختلاف الوارد فيه ليس اختلاف تضاد، بل اختلاف سَعَة وتخيير