المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌10 - (باب الصلاة على الميت بعد ما يدفن) - التعليق الممجد على موطأ محمد - جـ ٢

[أبو الحسنات اللكنوي - محمد بن الحسن الشيباني]

فهرس الكتاب

- ‌76 - (بَابُ الْوِتْرِ)

- ‌77 - (بَابُ الْوِتْرِ عَلَى الدَّابَّةِ)

- ‌78 - (بَابُ تَأْخِيرِ الْوِتْرِ)

- ‌79 - (بَابُ السَّلامِ فِي الْوِتْرِ

- ‌81 - (بَابُ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي)

- ‌82 - (بَابُ مَا يُستَحبّ مِنَ التَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ دُخُولِهِ)

- ‌84 - (بَابُ صَلاةِ المُغمى عَلَيْهِ)

- ‌85 - (بَابُ صَلاةِ الْمَرِيضِ)

- ‌92 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ يصلِّي وَبَيْنَ القِبلة وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ قَائِمَةٌ

- ‌94 - (بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌95 - (باب الصلاة على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌96 - (بَابُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌97 - (بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي ثُمَّ يَجْلِسُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ)

- ‌101 - (بَابُ فَضْلِ الجِهاد

- ‌102 - (بَابُ ما يكون من الموتِ شهادة

- ‌(أَبْوَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌2 - (بَابُ مَا يُكَفَّن بِهِ الْمَيِّتُ)

- ‌3 - (بَابُ الْمَشْيِ بِالْجَنَائِزِ وَالْمَشْيِ مَعَهَا)

- ‌4 - (بَابٌ الْمَيِّتُ لا يُتَّبَعُ بنارٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ مِجْمَرة فِي جِنَازَتِهِ)

- ‌5 - (بَابُ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ)

- ‌6 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌7 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌8 - (بَابٌ يَحْمِلُ الرَّجُلُ الْمَيِّتَ أَوْ يحنِّطه أَوْ يُغَسِّلُهُ هَلْ يَنْقُضُ ذَلِكَ وُضُوءَهُ

- ‌9 - (بَابُ الرَّجُلِ تُدْرِكُهُ الصَّلاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌10 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ مَا يُدفن)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌1 - (بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌3 - (بَابُ الْمَالِ مَتَى تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ)

- ‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْن هَلْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ)

- ‌6 - (بَابُ العُشُر

- ‌8 - (بَابُ زَكَاةِ الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ والبَراذين

- ‌9 - (بَابُ الرِّكَازِ

- ‌10 - (بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ)

- ‌11 - (بَابُ الْكَنْزِ

- ‌12 - (بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ)

- ‌13 - (بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌14 - (باب صَدَقَةِ الزَّيْتُونِ)

- ‌(أَبْوَابُ الصِّيَامِ

- ‌2 - (بَابُ مَتَى يَحْرُمُ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ)

- ‌3 - (بَابُ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فِي رَمَضَانَ)

- ‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَطْلُعُ لَهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ

- ‌5 - (بَابُ القُبلة لِلصَّائِمِ

- ‌6 - (بَابُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ)

- ‌8 - (بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ)

- ‌9 - (بَابُ قَضَاءِ رَمَضَانَ هَلْ يُفرَّق

- ‌10 - (بَابُ مَنْ صَامَ تَطَوُّعًا ثُمَّ أَفْطَرَ)

- ‌11 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِفطار)

- ‌15 - (بَابُ الأَيَّامِ الَّتِي يُكْرَهُ فِيهَا الصَّوْمُ)

- ‌16 - (بَابُ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ)

- ‌17 - (بَابُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الصِّيَامِ)

- ‌18 - (باب صوم يوم عَاشُورَاءَ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌1 - (بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌7 - (بَابُ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا وَهُوَ مُقِيمٌ)

- ‌15 - (بَابُ المُحرم يَغْسِلُ رَأْسَهُ، أَيَغْتَسِلُ

- ‌16 - (بَابُ مَا يُكره لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ)

- ‌17 - (بَابُ مَا رُخِّص للمُحرم أَنْ يَقْتُلَ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌22 - (بَابُ المُحرم يَتَزَوَّجُ)

- ‌23 - (بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ)

- ‌26 - (بَابُ فَضْلِ الْعُمْرَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ)

- ‌27 - (بَابُ المتمتِّع مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الهَدْي)

- ‌29 - (بَابُ المكِّي وَغَيْرِهِ يَحُجُّ أَوْ يَعْتَمِرُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّمْل)

- ‌31 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ)

- ‌37 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَمَا يُستحبّ مِنَ الْغُسْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ

- ‌41 - (بَابُ الصَّلاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَدُخُولِهَا)

- ‌42 - (بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ أَوْ عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ)

- ‌51 - (بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكِبًا)

- ‌53 - (بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ

- ‌60 - (بَابُ المُحْصَر

- ‌61 - (بَابُ تَكْفِينِ الْمُحْرِمِ

- ‌65 - (بَابُ الرَّجُلِ يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُفيض

- ‌66 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِهلال

- ‌70 - (بَابُ النُّزُولِ بالمحصَّب

- ‌73 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِسِلاحٍ)

- ‌(كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌3 - (بَابُ لا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وعمَّتها فِي النِّكَاحِ)

- ‌5 - (باب الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)

- ‌7 - (بَابُ مَا يُوجِبُ الصَّدَاق

- ‌8 - (بَابُ نِكَاحِ الشِّغار

- ‌10 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ)

- ‌15 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُزَوَّجُ فِي عِدّتها

- ‌16 - (باب العزل

- ‌(كِتَابُ الطَّلاقِ)

- ‌3 - (بَابُ مَا يُكره للمطلَّقة الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ الْمَبِيتِ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا)

- ‌6 - (بَابُ الْخُلْعِ كَمْ يَكُونُ مِنَ الطَّلاقِ)

- ‌8 - (بَابُ الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَتَتَزَوَّجُ زَوْجًا ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا الأَوَّلُ)

- ‌9 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْعَلُ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا أَوْ غَيْرِهَا)

- ‌11 - (بَابُ الأَمَةِ تَكُونُ تحت العبد فَتُعْتَقُ)

- ‌13 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تطلَّق أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ)

- ‌17 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُسَافِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا)

- ‌22 - (بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الزِّينَةِ فِي الْعِدَّةِ)

- ‌27 - (بابُ المرأةِ تُسْلِمُ قَبْلَ زوجِهَا)

- ‌28 - (بَابُ انْقِضَاءِ الْحَيْضِ)

- ‌30 - (بَابُ عِدَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ

- ‌31 - (بَابُ الرَّضاع

- ‌1 - (بَابُ مَا يُكره مِنَ الضَّحَايَا)

- ‌2 - (بَابُ لُحُومِ الأَضَاحِي)

- ‌4 - (بَابُ مَا يُجْزِئ مِنَ الضَّحَايَا عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ)

- ‌5 - (بَابُ الذَّبَائِحِ)

- ‌7 - (بَابُ أَكْلِ الضَبّ

- ‌9 - (بَابُ السَّمَكِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ)

- ‌11 - (بَابُ أَكْلِ الجرَاد

- ‌13 - (بَابُ مَا قَتَل الْحَجَرُ

- ‌16 - (بَابُ صَيْدِ الْكَلْبِ المعلَّم)

الفصل: ‌10 - (باب الصلاة على الميت بعد ما يدفن)

‌10 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ مَا يُدفن)

316 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بن المسيب (1) : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَعَى (2) النجاشيَّ (3) فِي الْيَوْمِ الَّذِي

قال: يتيمَّم ويصلِّي (قال ابن رُشد: اتفق الأكثر على أن من شرطها الطهارة كما اتفق جميعهم على أن من شرطها القبلة، واختلفوا في جواز التيمم لها إذا خيف فواتها، فقال قوم: يتيمم ويصلي لها إذا خاف الفوات وبه قال أبو حنيفة وسفيان والأوزاعي وجماعة، وقال مالك والشافعي وأحمد: لا يصلي عليها بتيمُّم، بداية المجتهد 1/243) ، رواه سعيد بن منصور عن حماد بن زيد، عن كثير بن شنظير عنه، وروي عنه أنه قال: لا يتيمَّم ولا يصلّي إلَاّ على طهر، رواه ابن أبي شيبة عن حفص، عن الأشعث عنه، كذا في "فتح الباري". والحديث المرفوع الذي أشار إليه هو ما أخرجه ابن عدي من حديث اليمان بن سعيد عن وكيع، عن معافى بن عمران، عن مغيرة بن زياد، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا فاجأتك الجنازة وأنت على غير وضوء فتيمَّم، قال ابن عدي: هذا مرفوعاً غير محفوظ، والحديث موقوف على ابن عباس، وقال ابن الجوزي في "التحقيق": قال أحمد: مغيرة بن زياد ضعيف، حدَّث بأحاديث مناكير، وكل حديث رفعه فهو منكر، وقد أخرجه ابن أبي شيبة والطحاويُّ والنسائي في كتاب "الكنى" موقوفاً من قول ابن عباس، ذكره الزَّيْلَعي.

(1)

في نسخة عن أبي هريرة.

(2)

أخبر بموته.

(3)

قوله: نعى النجاشي (واختلفوا في أن النجاشي هذا، هو الذي أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابه أو غيره؟ قال ابن القيم: بَعَثَ ستَّة نفر في يوم واحد في المحرم سنة سبع فأولهم عمرو بن أمية الضَّمري بعثه إلى النجاشي فعظم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم أسلم وصلى عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم مات بالمدينة وهو بالحبشة، انظر أوجز المسالك 4/217) ، هو من سادات التابعين أسلم ولم يهاجر،

ص: 119

مَاتَ فِيهِ، فَخَرَجَ بِهِمْ (1) إِلَى الْمُصَلَّى (2) ، فصفَّ (3) بهم وكبَّر عليه أربع تكبيرات.

وهاجر المسلمون إليه إلى الحبشة مرَّتين وهو يحسن إليهم، وأرسل إليه رسول الله عمرو بن أمية بكتابين: أحدهما: يدعوه فيه إلى الإِسلام، والثاني: يَطلب منه تزويجه بأمِّ حبيبة، فأخذ الكتاب ووضعه على عينيه وأسلم وزوَّجه أمَّ حبيبة، وأسلم على يده عمرو بن العاص قبل أن يصحب النبي صلى الله عليه وسلم فصار يُلغز به فيقال: صحابيٌّ كثيرُ الحديث أسلم على يد تابعي، كذا في "ضياء الساري". وفي "شرح القاري": النجاشيّ بفتح النون وتكسر وبتشديد التحتية في الآخر وتخفيف اسم لملك الحبشة كما يقال كسرى وقيصر لمن ملك الفرس والروم، وكان اسمه أصحمة، وكان نعيه في رجب سنة تسع.

(1)

أي بأصحابه.

(2)

قوله: إلى المصلى، مكان ببطحان، فقوله في رواية ابن ماجه: فخرج وأصحابه إلى البقيع أي بقيع بطحان، أو المراد بالمصلى موضع مُعَدّ للجنائز ببقيع الغرقد غير مصلى العيدين، والأول أظهر قاله الحافظ. وفي الصحيحين عن جابر: قال رسول الله: قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلم فصلوا عليه. وللبخاري فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة. ولمسلم: مات عبد الله الصالح أصحمة، كذا في شرح الزرقاني.

(3)

قوله: فصف بهم، قال الزرقاني: فيه أن للصفوف تأثيراً ولو كثر الجمع لأن الظاهر أنه خرج معه صلى الله عليه وسلم عدد كثير والمصلى فضاء لا يضيق بهم لو صفّوا فيه صفاً واحداً ومع ذلك صفَّهم، وفيه الصلاة على الميت الغائب، وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر السلف، وقال الحنفية والمالكية: لا تُشرع، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء وأنهم قالوا: ذلك خصوصية له صلى الله عليه وسلم، قال: ودلائل الخصوصية واضحة لأنه - والله أعلم - أحضر روحه أو رفعت جنازته حتى شاهدها، وقول ابن دقيق العيد: يحتاج إلى نقل، تُعُقِّب بأن الاحتمال كافٍ في مثل هذا من جهة المانع، ويؤيده

ص: 120

317 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا أُمامة بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنيف، أَخْبَرَهُ (1) أنَّ مِسْكِينَةً (2) مَرِضت، فأُخبر رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَرَضِهَا، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُ الْمَسَاكِينَ وَيَسْأَلُ (3) عَنْهُمْ، قَالَ (4) : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا ماتَتْ فآذنوني (5)

ما ذكره الواحدي بلا إسناد عن ابن عباس: كُشف للنبي صلى الله عليه وسلم عن سرير النجاشي حتى رآه وصلى عليه، ولابن حبان عن عمران بن حصين: فقاموا وصفّوا خلفه وهم لا يظنون إلَاّ أن جنازته بين يديه. ولأبي عوانة عن عمران: فصلينا خلفه ونحن لا نرى إلَاّ أن الجنازة قُدَّامنا. وأُجيب أيضاً بأنَّ ذلك خاصٌّ بالنجاشي لإِشاعة أنه مات مسلماً إذ لم يأت في حديث صحيح أنه صلى الله عليه وسلم صلى على ميت غائب غيره، وأما حديث صلاته على معاوية بن معاوية الليثي فجاء من طرق لا تخلو من مقالٍ، وعلى تسليم صلاحيته للحجية بالنظر إلى جميع طرقه، دُفع بما ورد أنه رُفعت له الحُجُب حتى شاهد جنازته.

(1)

قوله: أخبره، قال ابن عبد البر: لم يختلف على مالك في إرسال هذا الحديث، وقد وصله موسى بن محمد بن إبراهيم القرشي عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة، عن أبيه، وموسى متروك، وقد روى سفيان بن حسين، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة، عن أبيه أخرجه ابن أبي شيبة وهو حديث مسند متصل صحيح، وروي من وجوه كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أي هريرة، وعامر بن ربيعة، وابن عباس، وأنس.

(2)

وفي حديث أي هريرة: كانت امرأة سوداء تنقي المسجد من الأذى، وفي لفظ: تقُمُّ - مكان تنقي - أخرجه الشيخان وغيرهما.

(3)

لمزيد تواضعه وحُسن خُلُقه.

(4)

أي أبو أمامة.

(5)

أي فأعلموني بموتها أو بحضور جنازتها.

ص: 121

بِهَا (1)، قَالَ: فأُتي بِجِنَازَتِهَا لَيْلا (2)(3) ، فَكَرِهُوا (4) أنْ يُؤذنوا رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُخبر (5) بِالَّذِي كَانَ (6) مِنْ شَأْنِهَا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَلَمْ آمُرُكُمْ أَنْ تُؤْذِنُوْني؟ فَقَالُوا (7) : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرِهْنَا (8) أَنْ نخرجَك لَيْلا أَوْ (9) نُوقِظَكَ،

(1) بشهود جنازتها والاستغفار لها.

(2)

قوله: ليلاً، لجوازه (قال العيني: ذهب الحسن البصري وسعيد بن المسيب وقتادة وأحمد في رواية إلى كراهة دفن الميت بالليل لرواية، وقال ابن حزم: لا يجوز أن يُدفن أحد ليلاً إلَاّ عَنْ ضرورة، وكل من دُفن ليلاً منه صلى الله عليه وسلم ومن أزواجه وأصحابه رضي الله عنهم، فإنَّما ذلك لضرورة أوْجبت ذلك

وذهب النخعي والثوري وعطاء وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في الأصح وإسحاق وغيرهم إلى أن دفن الميت بالليل يجوز. اهـ. عمدة القاري 7/150) وإن كان الأفضل تأخيرها للنهار ليكثر من يحضرها من دون مشقَّة ولا تكلُّف.

(3)

ولابن أبي شيبة: فأَتَوْه ليؤذنوه فوجدوه نائماً وقد ذهب الليل.

(4)

قوله: فكرهوا، إجلالاً له لأنه كان لا يُوقَظ لأنه لا يُدرى ما يحدث له في نومه. زاد ابن أبي شيبة: وتخوَّفوا عليه ظلمَةَ الليل وهوامَّ الأرض.

(5)

لابن أبي شيبة: فلما أصبح سأل عنها.

(6)

أي موتها ودفنها.

(7)

في حديث بريدة عند البيهقي: أن الذي أجابه عن سؤاله أبو بكر.

(8)

قوله: كرهنا

إلى آخره، زاد في حديث عامر بن ربيعة: فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تفعلوا، ادعوني لجنائزكم، أخرجه ابن ماجه. وفي حديث يزيد بن ثابت قال: فلا تفعلوا، لا يموتَنَّ فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلَاّ آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة، أخرجه أحمد.

(9)

شكّ من الرواي.

ص: 122

قَالَ (1) : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى صفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا فَصَلَّى على قبرها (2) فكبَّر أربع تكبيرات (3) .

(1) أي أبو أمامة.

(2)

قوله: فصلى على قبرها، قال الإِمام أحمد: رُويت الصلاة على القبر من النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه حسان. قال ابن عبد البر: بل من تسعة كلها حسان، وساقها كلها بأسانيده في"تمهيده" من حديث سهل بن حنيف، وأبي هريرة وعامر بن ربيعة، وابن عباس، وزيد بن ثابت الخمسة في صلاته على المسكينة، وسعد بن عبادة في صلاة المصطفى على أم سعد بعد دفنها بشهر، وحديث الحصين بن وَحْوَح صلاته صلى الله عليه وسلم على قبر طلحة بن البراء، وحديث أبي أمامة بن ثعلبة أنه صلى الله عليه وسلم رجع من بدر وقد تُوفيت أمُّ أبي أمامة فصلى عليها، وحديث أنس أنه صلى على امرأة بعد ما دُفنت، وهو محتمل للمسكينة وغيرها، وكذا ورد من حديث بريد عند البيهقي وسمّاها محجنة.

(3)

قوله: أربع تكبيرات، هو المأثور عن عمر والحسن والحسين وزيد ين ثابت وعبد الله بن أوفى وابن عمر وصهيب بن سنان وأبيّ بن كعب والبراء بن عازب وأبي هريرة وعقبة بن عامر، وهو مذهب محمد بن الحنفية والشَّعبيّ وعلقمة وعطاء بن أبي رباح وعمر بن عبد العزيز ومحمد بن علي بن حسين والثوري وأكثر أهل الكوفة ومالك وأكثر أهل الحجاز والأَوْزاعي وأكثر أهل الشام والشافعي وأحمد في المشهور عنه وإسحاق وغيرهم. وروي عن ابن مسعود وزيد بن أرقم وحذيفة خمس تكبيرات، وروي عن علي ست تكبيرات، ورُوي عن زرِّ بن حبيش سبع، وروي عن أنس وجابر ثلاث تكبيرات، كذا في "الاعتبار" للحازمي رحمه الله. وقد اختلفت الأخبار المرفوعة في ذلك والأمر واسع، لكن ثبت من طرق كثيرة أن آخر ما كبَّر على الجنازة كان أربعاً. ولهذا أخذ به أكثر الصحابة، وروى محمد في "الآثار" عن النخعي أن الناس كانوا يصلون على الجنائز خمساً وستاً وأربعاً حتى قُبض النبيّ، ثم كبَّروا كذلك في ولاية أبي بكر، ثم وُلِّي عمر فقال لهم: إنكم معشرَ أصحاب محمد متى تختلفون يختلف الناس بعدكم، والناس حديثو عهد

ص: 123

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ التَّكْبِيرُ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ وَلا يَنْبَغِي (1) أَنْ يصلِّي (2) عَلَى جنازة قد صلِّي عليها (3) ، وليس (4)

بالجاهلية فأجمع رأيهم أن ينظروا آخر جنازةٍ كبَّر عليها النبي صلى الله عليه وسلم فيأخذون به، ويرفضون ما سواه، فنظروا فوجدوا آخر ما كبر أربعاً (قال ابن عبد البر: انعقد الإِجماع بعد ذلك على أربع، أوجز المسالك 4/214) .

(1)

لأنَّ التنفُّل به غير مشروع.

(2)

أي أحد من آحاد الأمة.

(3)

قوله: قد صلِّي عليها، سواء كانت المرة الثانية على القبر أو خارجه. وقد اختلفوا في الصلاة على القبر، فقال بجوازها الجمهور، ومنهم الشافعي وأحمد وابن وهب وابن عبد الحكم ومالك في رواية شاذة. والمشهور عنه منعه، وبه قال أبو حنيفة والنخعي وجماعة، وعنهم إن دُفن قبل الصلاة شُرع وإلَاّ فلا، وأجابوا عن الحديث بأنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وردّه ابن حبان بأنَّ تركَ إنكاره على من صلّى معه على القبر دليل على أنه ليس خاصاً به، وتُعُقِّب بأنَّ الذي يقع بالتبعيَّة لا ينهض دليلاً للأصالة، كذا قال ابن عبد البر والزرقاني والعيني وغيرهم، والكلام في هذه المسألة، وفي تكرار الصلاة على الجنازة، وفي الصلاة على الغائب موضع أنظار وأبحاث لا يتحمَّلها المقام.

(4)

قوله: وليس....إلى آخره، لمّا ورد على ما ذكره بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلّى على من صُلِّي عليه أجاب بما حاصله: أنه من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم لأن صلاته على أمته بركة وطهور كما يفيده ما ورد في صحيح مسلم وابن حبان، فصلى على القبر ثم قال: إن هذه القبور مملوءةٌ ظلمة على أهلها وإنَّ الله ينوِّرها لهم بصلاتي عليهم. وفي حديث زيد، فإن صلاتي عليه رحمة. وهذا لا يتحقق في غيره كما أنه صلّى على النجاشي مع أنه قد صُلّي عليه في بلده ومع غيبوبة الجنازة. والكلام بعدُ موضع نظر فإن إثبات الاختصاص أمر عسير، واحتماله وإن

ص: 124

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا كَغَيْرِهِ (1) ، أَلا يُرى أَنَّهُ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ مَاتَ (2) بِالْحَبَشَةِ. فَصَلاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرَكَةٌ (3) وَطَهُورٌ فَلَيْسَتْ كَغَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.

11 -

(بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ الْمَيِّتَ يعذَّب (4) بِبُكَاءِ الْحَيِّ)

318 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لا تَبْكوا (5) عَلَى مَوْتَاكُمْ، فإنَّ الْمَيِّتَ يُعذَّب (6) بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ.

319 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ (7) ، عَنْ أَبِيهِ

كان كافياً في مقام المنع، لكن لا ينفع في مقام تحقيق المذهب (انظر أوجز المسالك 4/223) .

(1)

بل له خصوصيات.

(2)

ولا شك أنه صُلِّي عليه هناك.

(3)

أي كثيرة الخير.

(4)

في القبر.

(5)

أي بطريق النياحة وإلَاّ فأصل البكاء من الرحمة.

(6)

قوله: يُعذّب، قال النووي: تأوّله الجمهور على من أوصى أن يُبكى عليه ويناح بعد موته، فنُفِّذت وصيّته، وقالت طائفة: معناه أنه يُعذَّب بسماع بكاء أهله ويرقّ لهم، وإليه ذهب جرير، ورجَّحه عياض، وقالت عائشة: معناه أنَّ الكافر يُعذَّب في حال بكاء أهله بذنبه لا ببكائه، قال: والصحيح قول الجمهور.

(7)

ابن محمد بن عمر بن حزم.

ص: 125

عَنْ عَمْرة (1) ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (2) أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عائشةَ رضي الله عنها زوجَ النبيّ صلى الله عليه وسلم و (3) ذُكر (4) لَهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ (5) : أَنَّ الْمَيِّتَ (6) يُعذَّب بِبُكَاءِ الْحَيِّ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ:

(1) كانت في حجر عائشة، ماتت قبل مائةٍ أو بعدها، كذا قال السيوطي.

(2)

ابن سعد بن زرارة.

(3)

أي والحال أنه قد ذُكر لعائشة.

(4)

قوله: وذُكر، زاد ابن عوانة أن ابن عمر لمّا مات رافع بن خديج قال لهم: لا تبكوا عليه، فإن بكاء الحيّ على الميت عذاب على الميت، قالت عَمْرة: فسألت عائشة عن ذلك فقالت يرحمه الله إنّما مرّ

الحديث (انظر عمدة القاري 8/82 ولامع الدراري 4/409) .

(5)

أي عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من طريق ابن أبي مُلَيكة عن ابن عمر.

(6)

قوله: إن الميت يعذَّب ببكاء الحيّ، اختلفوا فيه على أقوال: فمنهم من حمله على ظاهره، وإليه مال ابن عمر كما رواه عبد الرزاق أنه شهد جنازة رافع بن خديج فقال لأهله: إن رافعاً شيخ كبير، لا طاقة له بالعذاب، وإن الميت يُعذَّب ببكاء أهله عليه، وهو ظاهر صنيع عمر، حيث منع صهيباً لما قال وا أخاه عند إصابته، وقال: أما علمت أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت ليُعذَّب ببكاء الحيّ. ومنهم من أنكره مطلقاً كما روى أبو يعلى عن أبي هريرة والله لأن انطلق رجل مجاهد في سبيل الله فاستشهد فعَمِدَتْ امرأتُه سَفَهاً وجهلاً فبكت عليه أيُعذَّب هذا الشهيد بذنب هذه السفيهة؟ وقالت: طائفة: إن الباء للحال أي إنّ مبدأ عذاب الميت يقع عند بكاء أهله لا بسببه، ولا يخفى ما فيه من التكلف. وقال جمع: إنَّ الحديث ورد في معهود معين كما تدل عليه رواية عمرة عن عائشة، وقال جمع: إنه مختَصّ بالكافر لرواية ابن عباس عن عائشة عند البخاري وغيره: والله ما حدَّث

ص: 126

يَغْفِرُ (1) اللَّهُ لابْنِ عُمَرَ، أمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِب (2) ، وَلَكِنَّهُ قَدْ نَسِيَ (3) أَوْ أَخْطَأَ (4) ، إِنَّمَا مرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جِنَازَةٍ (5) يُبكى عَلَيْهَا، فَقَالَ: إِنَّهُمْ ليَبْكون عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لتُعذَّب (6) فِي قَبْرِهَا.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها نَأْخُذُ (7) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.

12 -

(بَابٌ الْقَبْرُ يُتّخذ مَسْجِدًا أَوْ يُصلّى (8) إِلَيْهِ أَوْ يُتوسَّد)

320 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيّب،

رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليعذّب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن قال: إن الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه، وقيل: معنى التعذيب توبيخ الملائكة بما يندبه، كما روى أحمد من حديث أبي موسى مرفوعاً: الميت يعذَّب ببكاء الحي إذا قالت النائحة وا عضداه وا ناصراه، جُبذ الميت، وقيل له أنت عضدها، أنت ناصرها. وروى نحوه ابن ماجه والترمذي، وهو قول حسن مفسّر، وهناك أقوالٌ أخَرٌ مبسوطةٌ في "فتح الباري"، وغيره.

(1)

أي يسامحه فيما ذَكر.

(2)

أي في نقله.

(3)

أي سبب وروده.

(4)

في تأويله وحمل الحديث على عمومه.

(5)

وليحيى: على يهودية.

(6)

أي بذنبها ولم ينفعها بكاؤهم عليه.

(7)

أي فإنه مطابق لقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} (سورة الأنعام: الآية 164) .

(8)

بأن يكون القبر أمامه.

ص: 127

عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَاتَلَ (1) اللهُ اليهودَ اتَّخَذُوا قبورَ (2) أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ.

321 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، قَالَ: بَلَغَنِي (3) أنَّ عليَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه كان يتوسَّدُ (4) عليها

(1) أي قتلهم أو لعنهم أو عاداهم، قوله: قاتل الله، المعنى أنهم كانوا يسجدون إلى قبورهم ويتعبَّدون في حضورهم، لكنْ لمّا كان هذا بظاهره

يشابه عبادة الأوثان استحقوا أن يُقال قاتلهم الله، وقيل: معناه النهي عن السجود على قبور الأنبياء، وقيل: النهي عن اتخاذها قِبلةً يصلّى إليها.

(2)

قوله: قبور أنبيائهم، ورد في سنن النسائي أن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنَوْا على قبره مسجداً، قال البيضاوي: لمّا كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيماً بشأنهم (هكذا في الأصل، والصواب: "لشأنهم") يجعلونه قِبلةً يتوجَّهون إليها في الصلاة ونحوها واتخذوها أوثاناً، لعنهم ومنع المسلمين من ذلك، فأما من اتّخذ مسجداً في جوار صالح لقصد التبرُّك لا التعظيم له (قلت: قوله لا التعظيم له: يقال اتخاذ المساجد بقربه وقصد التبرك به تعظيم له، انظر سبل السلام 1/153) ولا التوجُّه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد، كذا في "زهر المجتبى"للسيوطي.

(3)

بلاغه صحيح، وقد أخرجه الطحاوي برجال ثقات عن علي، وفي البخاري عن نافع: كان ابن عمر يجلس على القبور.

(4)

قوله: كان يتوسَّدُ عليها، دلّ فعل عليّ على جوازه إذ لا مهانة فيه للقبر وصاحبه ورُوي أنه عليه الصلاة والسلام رأى رجلاً متكياً على قبر، فقال: لا تؤذِ صاحب القبر، كذا في "النهاية"، فالنهي للتنزيه، وعَمَل عليّ محمول على الرخصة إذا لم يكن على وجه الإِهانة، كذا قال القاري.

ص: 128

ويضطجع (1) عليها. قال بشر: يعني (2) القبور.

(1) قوله: ويضطجع عليها، ورد في صحيح مسلم وغيره عن أبي مَرثد الغَنَوي مرفوعاً: لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها، وعن أبي هريرة مرفوعاً: لأن يَقعد أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر. وأخرج أحمد عن عمرو بن حزم مرفوعاً: لا تقعدوا على القبور. وبهذه الأخبار وأمثالها أخذ الشافعي والجمهور فقالوا بحرمة الجلوس على القبر أو كراهته، ذكره النووي وغيره، وذكر الطحاوي - بعد ما أخرج الروايات السابقة - عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد أن النهي عن الجلوس محمول على الجلوس للتغوُّط ونحوه وأما لغير ذلك فلا، وأيّده بما ساقه بإسناده إلى زيد بن ثابت أنه قال: إنما نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبور لحَدَثٍ غائط أو بول. ثم أخرج عن أبي هريرة مرفوعاً: من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوَّط فكأنما جلس على جمرة نار، ثم أخرج عن عليّ أنه اضطجع على القبر، وعن ابن عمر أنه كان يجلس على القبور. وهذا التأويل الذي ذكره من حمل أخبار النهي على الجلوس لحَدَثٍ قد ذكره مالك أيضاً ظنّاً، وتعقَّبوه بأنه تأويل ضعيف أو باطل لا دلالة عليه في الحديث، وأُجيب بأن ما ذكره قد ثبت عن زيد بن ثابت، والصحابةُ أعلم بموارد النصوص، والذي يظهر بالنظر الغائر أنّ أكثر أخبار النهي مطلقة، لا دلالة فيه على فرد، وما نقل عن زيد يخالفه ما أخرجه أحمد من حديث عمرو بن حزم: رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا متَّكئ على قبر فقال: لا تؤذِ صاحب القبر، وسنده صحيح، فإنَّه صريح في أن العلة للنهي هو تأذِّي الميت، غاية ما في الباب أن يكون الجلوس لحدثٍ أشد وأغلظ، والجلوس لغيره والتوسّد ونحوه أخف (الأَوْلى أن يُحمل من هذه الأحاديث ما فيه التغليظ على الجلوس للحدث فإنه يحرم وما لا تغليظ فيه على الجلوس المطلق فإنه مكروه، وهذا التفصيل حسن، قاله أبو الطيب، كذا في الكوكب الدرّي 2/196) ، وأما فعل عليّ وابن عمر فيُحمل على بيان الجواز.

(2)

أي يريد بضمير عليها.

ص: 129