الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ النِّكَاحِ
(1))
1 -
(بَابُ الرَّجُلِ تَكُونُ عِنْدَهُ نِسْوَةٌ (2) كيف يَقْسِمُ بينهنَّ)
523 -
أخبرنا مالك،
(1) قوله: كتاب النكاح، هو في اللغة حقيقة في الوطء مجاز في العقد، وقيل: مشترك بينهما وفي الشرع حقيقة في العقد الموضوع قاله علي القاري، وقد وردت أحاديث كثيرة ناطقة بفضله والترغيب إليه، وطرق بعضها وإن كانت مما تُكُلِّم في رواتها فلا يضر في إثبات المقصود (لا خلاف أن النكاح فرض حالة التَّوَقان، حتى إنّ من تاقت نفسه إلى النساء بحيث لا يمكنه الصبر عنهن وهو قادر على المهر والنفقة ولم يتزوَّج يأثم، واختلف فيما إذا لم تُتقْ نفسه، فقال نفاة القياس مثل داود بن علي الأصبهاني وغيره من أصحاب الظواهر: فرض عين بمنزلة الصوم والصلاة وغيرهما، وقال الشافعي: مباح كالبيع والشراء واختلف أصحابنا فيه، فقال بعضهم: إنه مندوب ومستحب وإليه ذهب الكرخي، وقال بعضهم: فرض كفاية بمنزلة الجهاد وقال بعضهم: واجب
…
إلخ. بذل المجهود 10/4، نقلاً عن "البدائع") . فأخرج ابن ماجه من حديث عائشة مرفوعاً: النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم ومن كان ذا طَوْل فلينكح، ومن لم يجد فعليه بالصوم، فإنَّ الصوم وجاء له، وفي سنده عيسى بن ميمون ضعيف، وفي الصحيحين من حديث أنس في ضمن حديث: ولكني أصوم وأُفطر وأصلي وأنام وأتزوج، فمن رغب عن سنتي فليس مني، وعن أنس مرفوعاً: حُبِّب إليَّ من الدنيا النساءُ والطِّيبُ، وجُعل قرَّةُ عيني في الصلاة، رواه النسائي وأسناده حسن، وقد اشتُهر على الألسنة بزيادة ثلاث، وهكذا ذكره الغزالي في "الإحياء" ولم يوجد في شيء من طرقه المسندة كذا قال الحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديث الرافعي".
(2)
قوله: نسوة، المراد بهنَّ الزوجات لأن السَّراري وأمهات الأولاد لا حق لهن في القسمة، كذا قال القاري.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ (1) ، عَنْ عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ (2) (3) : أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَنَى (4) بأمِّ سَلَمَةَ (5) قَالَ لَهَا حِينَ (6) أصبحتْ (7) عِنْدَهُ (8) : لَيْسَ بكِ (9) على أهلك (10)
(1) ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني.
(2)
أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بن هشام المخزومي المدني.
(3)
قوله: عن أبيه أن النبي
…
إلى آخره، قال ابن عبد البر: هذا حديث ظاهره الانقطاع وهو متصل مسند صحيح قد سمعه أبو بكر من أم سلمة كما صُرِّح به عند مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه، كذا في "تنوير الحوالك".
(4)
أي زفَّت إليه ودخل عليها.
(5)
هند بنت أبي أمية المخزومية.
(6)
قوله: حين أصبحت عنده، وفي رواية لمسلم: دخل عليها فإذا أراد أن يخرج أخذت بثوبه فقال لها ليس بك
…
إلى آخره، وفي رواية الحاكم في "المستدرك": أنها أخذت بثوبه مانعةً له من الخروج من بيتها، فقال لها إن شئتِ. وهذا يشعر بتقديم التماس أم سلمة لذلك، فخيَّرها (في الأصل:"خيره"، وهو خطأ) النبي صلى الله عليه وسلم بين التسبيع والتثليث
(7)
أي دخلت في الصباح.
(8)
أي في بيته.
(9)
يا أم سلمة.
(10)
قوله: على أهلك، يريد به نفسه صلى الله عليه وسلم. يقول ليس عليَّ بك احتقار
هَوَانٌ (1) ، إِنْ شِئْتِ سبَّعْتُ عندكِ وسبَّعتُ (2) عندهنَّ (3) ، وإن شئت ثلَّثتُ (4) عندكِ ودُرت (5) ،
وإذلال بالنسبة إلى باقي الأزواج، فلا أفعل فعلاً يكون فيه هوانك، بل الأمر بيدك إن شئتِ سبَّعتُ عندكِ وإن شئتِ ثلَّثت.
(1)
قوله: هوان، قال النووي: معناه لا يلحقك هوان ولا يضيع من حقك شيء بل تأخُذِينه كاملاً، وقال الأبَّي: قيل: المراد بالأهل قبيلتها لأن الإعراض عن المرأة وعدم المبالاة بها يدل على عدم المبالاة بأهلها فالباء على الأول متعلقة بهوان، وعلى الثاني للسببية أي لا يلحق أهلك بسببك هوان، كذا قال الزرقاني.
(2)
أي أقمتُ عندك سبعاً.
(3)
أي عند بقية الزوجات.
(4)
أي أقمت ثلاثاً.
(5)
قوله: ودُرْت، ظاهره أن الثلاث حق للجديدة الثيبة فإن معنى درت الدوران المعتاد وهو القسم يوماً يوماً، فكأنه قال لأم سلمة: وكانت ثيبة إن شئتِ سبَّعتُ عندك فأسبِّع عند بقية الأزواج للتسوية، إذ لا حق لك في السبعة، وأن شئتِ ثلَّثتُ عندك فتُوَفِّي حقك، ثم درت على بقية النساء يوماً يوماً بالسوية، وفُهم منه جواز تخيير الثيب بين الثلاث بلا قضاء، والسبع مع القضاء، وإليه ذهب الجمهور والشافعي وأحمد كما ذكره النووي وغيره، وقال مالك وأصحابه: لا تُخيَّر بل للبكر الجديدة سبع وللثيب ثلاث يرون التخيير والقضاء، قال ابن عبد البر: هذا أي حديث أم سلمة تركه مالك وأصحابه للحديث الذي رواه مالك عن أنس. انتهى. وأشار به إلى ما في صحيح البخاري عن أنس أنه قال: السنَّة إذا تزوُّج البكر أقام عندها سبعاً، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً، وفيه أيضاً عنه: من السنَّة إذا تزوَّج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعاً وقسم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثاً ثم قسم. وأخرج ابن ماجه والدارمي وابن خزيمة والإسماعيلي
قالت (1) : ثلِّثْ.
والدارقطني والبيهقي وابن حبان هذا الحديثَ عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سَبعٌ للبكر وثلاث للثيب. واعتذر أصحاب مالك عن حديث أم سلمة الدال صريحاً على التخيير بأن مالكاً رأى ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم لأنه خُصَّ في النكاح بخصائص فاحتمال الخصوصية مَنَع من الأخذ به، وفيه ضعفٌ ظاهر لأن مجرد الاحتمال لا يمنع الاستدلال، وقال أصحابنا الحنفية: لا فرق بين الجديدة والقديمة ولا بين البكر والثيبة، بل يجب القسم على السوية بينهن يوماً يوماً لإِطلاق قوله تعالى:{ولَنْ تَستَطيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَين النِّسَاءِ ولو حَرَصْتُم فَلا تَمِيلُوا كُلَّ المَيلِ} (سورة النساء: الآية 129)، وقوله تعالى:{فإنْ خِفْتُم ألا تَعدِلُوا فَواحدة أو مَا ملكتْ أَيمَانُكُم} (سورة النساء: الآية 3)، وإطلاق ما روى أصحاب السنن الأربعة عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ويعدل ويقول: اللَّهم هذا قَسْمي فيما أملك فلا تَلُمْني فيما تملك ولا أملك يعني القلب أي زيادة المحبة. فظاهره أنَّ ماعداه داخل تحت ملكه فتجب السوية فيه، ولما روى أصحاب السنن وأحمد والحاكم من حديث أبي هريرة مرفوعاً، من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقّه مائل. فظاهر هذه النصوص يقتضي التسوية من غير فصل، فإن سبَّع عند الجديدة سبَّع عند غيرها، وإن ثلَّث عندها ثلث عند غيرها، ولا حق لها في الزيادة بكراً كانت أم ثيباً، كذا قرره ابن الهمام وغيره. وعلى هذا حملوا حديث أم سلمة، وقالوا: معنى دُرتُ: الدوران عند البقية بالثلاث ليحصل المساواة إلَاّ أنه خلاف الظاهر، وخلاف ما أخرجه النسائي والدارقطني بطريق فيه الواقدي: أنه قال لأم سلمة: إن شئتِ أقمتُ عندك ثلاثاً خالصةً لك، وإن شئتِ سبَّعتُ لك وسبَّعت لنسائي.
(1)
قوله: قالت: ثلاث، قال القاضي عياض: اختارت التثليث مع أخذها
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ يَنْبَغِي إِنْ سبَّع عِنْدَهَا (1) أَنْ يُسبِّع عِنْدَهُنَّ (2) لا يَزِيدُ لَهَا عَلَيْهِنَّ شَيْئًا وَإِنْ ثلَّث عِنْدَهَا أَنْ يُثلِّث (3) عندهن، وهو قول (4) أبو حنيفة والعامة من فقهائنا.
بثوبه حرصاً على طول إقامتِه عندها لأنها رأت أنه إذا سبَّع لها وسبَّع لغيرها لم يقرب رجوعه إليها.
(1)
أي الجديدة.
(2)
أي القديمة.
(3)
قوله: أن يثلِّث عندهن، لعله مبني على حمل الدَّوْر المذكور في الحديث على الدَّوْر بالتثليث، وقد عرفتَ ما فيه، ولذا قال القاري في شرحه تحت هذا القول: فيه أن ظاهر الحديث السابق أن بعد التثليث هو الدور ولا يفهم منه التثليث عندهن إلَاّ من دليل خارج يحتاج إلى بيانه. انتهى.
(4)
قوله: وهو قول أبي حنيفة، قال علي القاري في "المرقاة شرح المشكاة": عندنا لا فرق بين القديمة والجديدة لإطلاق قوله تعالى: {فإن خفتُم ألَاّ تَعدِلُوا فواحدة} وقوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أن تَعْدِلُوا بَينَ النِّسَاءِ} (سورة النساء: الآية 129) . وخبر الواحد لا ينسخ الكتاب. انتهى. فأشار إلى بناء الكلام على مسألة أصولية وهي عدم جواز نسخ إطلاق الكتاب القطعي بخبر الآحاد الظني، ففي ما نحن فيه لما ثبت بإطلاق الكتاب وجوب عموم المساواة ومنع الميل إلى إحدى الزوجات مطلقاً أفاد ذلك وجوب المساواة في القديمة والجديدة أيضاً والبكر والثيب أيضاً، فإن فُرِّق بينهما بحديث أنس أو أم سلمة وغيرها يلزم إبطال إطلاق الكتاب بالخبر الظني، وأشار في شرحه لهذا الكتاب إلى الإِيراد على هذا المسلك حيث قال بعد ذكر استناد علمائنا بآية:{ولن تستطيعوا أن تعدلوا} وغيره فيه أنه إذا كان التخصيص وقع شرعاً يكون عدلاً فلا منافاة ولا معارضة أصلاً. انتهى.
2 -
(بَابُ أَدْنَى (1) مَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ عَلَيْهِ الْمَرْأَةَ)
524 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا حُميد (2) الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ (3) عَوْفٍ جاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ (4) أَثَر صُفْرة فَأَخْبَرَهُ (5) أنَّه تزوَّج امْرَأَةً من الأنصار،
(1) أي أقلّ مهرها.
(2)
قوله: حميد الطويل، هو حُميد بضم الحاء بن أبي حميد أبو عبيدة البصري الطويل، روى عن أنس والحسن وعكرمة، وعنه مالك وشعبة والحمّادان والسفيانان وخلق، وثقه ابن معين وأبو حاتم، مات سنة ثلاث وأربعين ومائة، كذا في "الإِسعاف".
(3)
أحد العشرة المبشَّرة بالجنة المتوفى سنة 32 هـ.
(4)
قوله: وعليه أثر صفرة (وفي رواية وضر من صفرة بفتح الواو والضاد المعجمة آخره راء، هو في الأصل الأثر، وفي أخرى ردغ وردع بمهملات، مفتوح الأول ساكن الثاني هو أثر الزعفران.
والمراد بالصفرة صفرة خلوق والخلوق طيب يُصنع من زعفران وغيره، قاله الحافظ. انظر الأوجز 9/438) ، تعلقت بجلده أو ثوبه من طيب العروس، وهذا أولى ما فُسِّر به، وفي رواية: به ردع من زعفران أي أثره، وليس بداخل في النهي عن تزعفر الرجل لأنه فيما قصد به التشبه بالنساء، كذا قال الزرقاني.
(5)
قوله: فأخبره، أي فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ما هذا؟ فأخبره. كذا ورد في رواية، وفيه افتقاد الكبير أصحابه وسؤاله عما يختلف عليه من حالهم، فإنه كان نهي عن التضمخ بالطيب، فأجابه بأنه لم يضمِّخ به، وإنما تعلق به من العروس. وهذه المرأة التي أخبر أنه تزوَّجها لم تسمَّ في الروايات إلَاّ أن الزبير بن بكار جزم بأنها ابنة أبي الحَيْسَر - بفتح المهملتين بينهما تحتية ساكنة آخره راء مهملة -
قَالَ: كَمْ (1) سُقْتَ إِلَيْهَا؟ قَالَ: وَزْنُ (2) نَوَاة من ذهب، قال: أَوْلِم (3)
اسمه أنس بن رافع الأنصاري، وأنها وَلَدَتْ له القاسم وعبد الله، كذا قال الحافظ ابن حجر.
(1)
قوله: كم سُقت إليها، بضم السين من السوق، أي كم أرسلتَ من المهر مطلقاً، أو المعجل كذا قال القاري. وقال الزرقاني: فيه أنه لا بد في النكاح من المهر، وقد يشعر ظاهره احتياجه إلى تقدير لأن كم موضوعة له، ففيه حجة للمالكية والحنفية في أنَّ أقل الصداق مقدَّر (قال ابن رشد: اتفقوا على أنه لا حدَّ لأكثره، واختلفوا في أقلِّه، فقال الشافعي وأحمد وإسحاق وفقهاء المدينة من التابعين لا حدَّ لأقله، وكل ما جاز أن يكون ثمناً وقيمة لشيء جاز أن يكون صداقاً، وقال طائفة بوجوب تحديد أقله، والمشهور من ذلك مذهبان: أحدهما: مذهب مالك لا بد من ربع دينار أو ثلاثة دراهم، ومذهب أبي حنيفة لا بد من عشرة وقيل خمسة وقيل أربعون
…
إلخ. انظر بداية المجتهد 2/20) .
(2)
قوله: وزن نواة من ذهب، قال الخطابي والأكثرون: هي خمسة دراهم من ذهب فالنواة اسم المقدار المعروف عندهم، وقال أحمد بن حنبل: النواة ثلاثة دراهم وثلث، وقيل: المراد: نواة التمر أي وزنها من ذهب، والأول أظهر وأصح، وقال بعض المالكية: النواة بالمدينة ربع دينار كذا في "شرح الزرقاني"، وفيه أيضاً قال عياض: قيل: زنة نواة من ذهب ثلاثة دراهم وربع، وأراد قائله أن يحتج به على أنه أقلّ الصداق، ولا يصح لقوله من ذهب وذلك أكثر من دينارين، وهذا لم يقله أحد، وهو غفلة من قائله بل فيه حجة لمن يقول لا يكون أقل من عشرة دراهم.
(3)
زاد في رواية: قال: فبارك الله لك، أَوْلِمْ ولو بشاة. قوله: أَوْلم، أمر ندب عند الجمهور وقيل للوجوب، ووقته على الأشهر بعد الدخول كما يُستنبط من هذا الحديث أيضاً.
وَلَوْ (1) بِشَاةٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا (2) نَأْخُذُ. أَدْنَى المهر عَشَرة دراهم ما تُقطع
(1) هو للتقليل.
(2)
قوله: وبهذا نأخذ أدنى المهر
…
إلى آخره، لعله حمل النواة على هذا المقدار، وقد ورد بالتقدير بهذا المقدار آثار أُخَر أكثرها مما تُكُلِّم فيها، فأخرج الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن داود الأزدي عن الشَّعبي عن علي قال: لا تُقطع الأيدي في أقل من عشرة دراهم ولا يكون المهر أقل من عشرة دراهم، قال ابن الجوزي في "التحقيق": قال ابن حبان: داود ضعيف والشعبي لم يسمع علياً. وأخرجه الدارقطني أيضاً عن جويبر - وهو ضعيف - عن الضحاك، عن النزال بن سبرة، عن علي، ومن طريق آخر عن الضحاك بسند فيه محمد بن مروان أبو جعفر لا يكاد يعرف. وأخرج الدارقطني والبيهقي عن مبشر بن عبيد، عن الحجاج بن أرطأة، عن عطاء عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعاً: لا تنكحوا النساء إلَاّ الأَكْفاء ولا يزوِّجهن إلَاّ الأولياء ولا مهر دون عشرة دراهم، قال الدارقطني: ابن عبيد متروك الحديث، وأسند البيهقي عن أحمد أنه قال: أحاديث مبشر موضوعة، ورواه أبو يعلى المَوْصلي في مسنده عن ميسرة عن أبي الزبير، عن جابر، عن أبي يعلى رواه ابن حبان في "كتاب الضعفاء"، كذا ذكره الزيلعي في "تخريج أحاديث الهداية"، والكلام في هذا الحديث نقضاً وإبراماً كثير، والإِنصاف أن هذا الحديث بعد ثبوته لا يدل على التقدير بحيث لا يصح دونه، وفي الأحاديث كثرة دالة على إطلاق المهر، وعدم التقدير بالعشرة وظواهر الآيات تؤيِّده، وقد أجاب عنها أصحابنا بحملها على المعجَّل (يحتمل أن يكون معجلاً في المهر لا أصل المهر على ما جرت العادة بتعجيل شيء من المهر قبل الدخول. ويحتمل أن يكون ذلك كله في حال جواز النكاح بغير مهر على ما قيل: إن النكاح كان جائزاً بغير مهر إلى أن نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشِّغار. بذل المجهود 10/131) ، فافهم ولا تعجل بالقبول فإنه يَرِدُ عليهم نسخ إطلاق الكتاب وتقييده بأخبار الآحاد، وهو خلاف أصولهم.