الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تطلَّق أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ)
576 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، أَنَّ ابنَ عُمَرَ سُئل (1) عَنِ امْرَأَةٍ (2) يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا؟ قَالَ: إِذَا وَضَعَتْ (3) فَقَدْ حَلَّتْ (4)، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ (5) كَانَ عِنْدَهُ (6) : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَوْ وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ (7) لَمْ يُدْفن بعدُ حَلَّتْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا (8) نَأْخُذُ. وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.
(1) قوله: سئل
…
إلخ، كذا رواه الشافعي أيضاً في "مسنده" من طريق مالك، وكذلك رواه عبد الرزاق في " مصنفه" من معمر عن أيوب عن نافع به، وروى هو وابن شيبة عن ابن عُيَينة عن الزهري عن سالم قال: سمعت رجلاً من الأنصار يحدث ابن عمر يقول: سمعت أباكَ لو وضعت المتوفَّى عنها زوجها وهو على السرير حلّت، كذا ذكره الزيلعي.
(2)
أي عن عدتها.
(3)
ولو قبل أربعة أشهر وعشراً.
(4)
أي خرجت من العدة.
(5)
نقويةً لما أفتى به ابن عمر.
(6)
أي في مجلس ابن عمر.
(7)
أي الميت على نعشه لم يُكَفَّنْ ولم يُدْفَنْ.
(8)
قوله: وبهذا نأخذ، وبه قال أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم أنّ المتوفَّى عنها زوجا والمطلَّقة الحاملة تنقضي عدتها بوضع الحمل، وروي عن علي وابن عباس أن المتوفَّى عناه الحاملة تنتظر آخر الأجلين من وضع
577 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِذَا وضعتْ مَا فِي بَطْنِهَا (1) حَلَّتْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ فِي الطَّلاقِ (2) وَالْمَوْتِ جَمِيعًا، تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْوِلادَةِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حنيفة رحمه الله تعالى.
الحمل وأربعة أشهر وعشراً، وقال عبد الله بن مسعود: أُنزلت سورة النساء القُصرى بعد الطولى، وأراد بالقصرى سورة الطلاق التي فيها:(وأولاتُ الأحمالِ أجلُهُنّ أن يضعن حملَهن)(سورة الطلاق: الآية 4)، نزلت بعد قوله تعالى في سورة البقرة:{والذين يُتَوَفَّوْنَ منكم ويذرون أزواجاً يتربَّصْنَ بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً} (سورة البقرة: الآية 234) ، فحُمل على النسخ. كذا قال البغوي في "معالم التنزيل"، ومن مستندات الجمهور ما روي أن سبيعة بنت الحارث الأسلمية مات عنها زوجها، فوضعت الحمل بعد خمسة وعشرين يوماً من موته فأفتاها النبي صلى الله عليه وسلم بانقضاء عدتها كما ورد في رواية البخاري والترمذي والنسائي وغيرهم، وهو نصّ في الباب، ولعله لم يبلغ من خالف ذلك، وقد قال ابن عبد البر وغيره: إن هذا مما أجمع عليه جمهور العلماء من السلف والخلف إلا ما رُوي عن علي من وجه منقطع أن عدّتَها آخر الأجلين، ونحوه جاء عن ابن عباس. لكن جاء عنه أيضاً أنه رجع إلى حديث أمّ سلمة في قصة سبيعة ويصححه أن أصحابه عكرمة وعطاء وطاوس وغيرهم على أن عدّتها الوضع.
(1)
ولو كان سقطاً تمّ بعض خلقته (قال مالك في "المدونة": ما ألقته المرأة من مضغة أو علقة أو شيء يستقين أنه ولد فإنه تنقضي به العدة وتكون به الأمة أم ولد. المنتقى للباجي 4/133) .
(2)
قوله: في الطلاق والموت جميعاً، هذا الحكم في الطلاق متفق عليه، وفي الموت فيه خلاف غير معتدّ به كما مرّ.
14 -
(بَابُ (1) الإِيلاءِ)
578 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سعيد بن المسيّب
(1) قوله: باب الإيلاء، قال عياض في "الإكمال": الإيلاء الحلف، وأصله الامتناع من الشيء، يُقال آلى يولي إيلاءً، وفي عرف الفقهاء: الحلف على ترك وطء الزوجة أربعة أشهر أو أكثر، فلو قال: لا أقربك، ولم يقل: والله لم يكن مُولياً، وقد فسَّر ابن عباس قوله تعالى:(للذين يُولون من نسائهم) بالقسم، أخرجه عبد الرزاق وابن المنذر وعبد بن حميد، وفي مصحف أبيّ بن كعب (للذين يُقيمون) أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" عن حماد. ثم عند أبي حنيفة وأصحابه والشافعي في الجديد: إذا حلف على ترك قربان زوجته أربعة أشهر يكون مُولياً، واشترط مالك أن يكون مضرا بها أو يكون حالة الغضب فإن كان للإصلاح لم يكن موليا ووافقه أحمد. وأخرج نحوه عبد الرزاق عن علي، وكذلك أخرج الطبري عن ابن عباس وعلي والحسن. وحجة من أطلق بإطلاق قوله تعالى:(للذين يولون) الآية. واتفق الأئمة الأربعة وغيرهم على أنه لو حلف أن لا يتقرب أقل من أربعة أشهر لا يكون مولياً، وكذلك أخرجه الطبري وسعيد بن منصور وعبد بن حميد عن ابن عباس قال: كان إيلاء الجاهلية السنة فالسنتين، فوقَّت الله لهم أربعة أشهر وعشراً، فمن كان إيلاؤه أقلَّ فليس بإيلاء، وقال جماعة - منهم الحسن وابن ابي ليلى وعطاء - إنه إنْ حلف أن يطأها على يوم فصاعداً، ثم لم يطأها إنه يكون مًلياً. ثم في الإيلاء الشرعي إن جامع زوجته في أربعة أشهر فليس عليه إلَاّ كفارة يمين، وإن مضت أربعة اشهر، ولم يفء الجماع ولا بلسان طُلِّقت طلقة بائنة عن الحنفية، وبه قال ابن مسعود. أخرجه الطبري عنه وعلي وزيد بن ثابت وغيرهم، وقال سعيد بن المسيب وأبو بكر وعطاء وربيعة ومكحول والزهري والأوزاعي: طلقة رجعية. وذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أن المُولي إذا لم يفء ومضت أربعة أشهر لا يقع بمضيِّ هذه المدة طلاق، بل يوقف حتى يفيء أو يطلق.. وكذلك أخرجه ابن ابي شيبة وعبد الرزاق والشافعي عن عثمان وابن أبي شيبة عن عليّ، والبخاري عن ابن عمر؟، وسعيد بن منصور عن
قَالَ: إِذَا آلَى الرجلُ مِنِ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ فَاء (1) قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ امْرَأَتُهُ لَمْ يَذْهَبْ مِنْ طَلاقِهَا شَيْءٌ، فَإِنْ مَضَتِ الأَرْبَعَةُ (2) الأَشْهُرُ قَبْلَ أَنْ يَفِيءَ (3) فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ وَهُوَ أَمْلَك (4) بِالرَّجْعَةِ مَا لَمْ تَنْقَضِ عدَّتُها. قَالَ (5) : وَكَانَ مَرْوَانُ يَقْضِي بِذَلِكَ.
579 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أيُّما رَجُلٍ آلَى مِنِ امْرَأَتِهِ فَإِذَا (6) مَضَتِ الأربعة الأشهر وُقِفَ (7) حتى يطلِّق
عائشة، وابن أبي شيبة عن أبي الدرداء، كذا ذكره بعض الأعلام في "شرح مسند الإمام".
(1)
قوله: فاء، أي رجع عن يمينه بأن جامع في أثناء أربعة أشهر وهي مدة الإيلاء للحرَّة أو شهرين وهي مدة الإيلاء للأمة.
(2)
أي في الحرة.
(3)
أي يرجع عن يمينه بالوطء أو ما قام مقامه.
(4)
أي زوجها أحقّ بالرجعة في العدة.
(5)
قوله: قال: وكان، أي قال سعيد بن المسيب: كان مروان بن الحكم يحكم بكونها رجعية، كذا قال القاري. وفي "موطأ يحيى": مالك عن ابن شهاب أن سعيد بن المسيب وأبا بكر بن عبد الرحمن كان يقولان في الرجل يُولي من امرأته: إنها إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة، ولزوجها الرجعة ما دامت في العدة. مالك أنه بلغه أن مروان بن الحكم كان يقضي في الرجل إذا آلى من امرأته أنها إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة وله عليها الرجعة ما دامت في عدتها. قال مالك: وعلى ذلك كان رأي ابن شهاب. انتهى.
(6)
في نسخة: فإنه إذا.
(7)
بصيغة المجهول: أي أُمسك
أَوْ يَفِيءَ، وَلا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلاقٌ وَإِنْ مَضَتِ الأَرْبَعَةُ الأَشْهُرُ حَتَّى يُوقَفَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: بَلَغَنَا (1) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ يَفِيءَ فقد بانت بتطليقة بائنة وهو خاطب (2)
(أي يُحبس عند الحاكم، فإمّا يطلِّق وإما يفيء، أي يرجع عن اليمين، ويكفِّر عن يمينه، فإن امتنع طلَّق القاضي، وهو المشهور عن مالك وبه قال الشافعي، وعن مالك رواية: لا يطلق القاضي عنه بل يُجبر على الجماع أو الطلاق ويعزَّر على ذلك إن امتنع، كذا حكاه النووي عن عياض. أوجز المسالك 10/47)
(1)
قوله: بلغنا عن عمر. . . إلخ، هذا البلاغ أسنده عبد الرزاق وابن جرير وابن ابي حاتم والبيهقي عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس قالوا: الإيلاء طلقة بائنة إذا مرت أربعة أشهر قبل أن يفيء، فهي أحق بنفسها، وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال: عزيمة الطلاق انقاضء أربعة أشهر. وأخرج عبد بن حميد، عن أيوب قال: قلت لابن جرير: أكان ابن عباس يقول في الإيلاء إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة؟ قال: نعم. وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق والبيهقي عن ابن مسععود قال: إذا آلى الرجل من امرأته فمضت أربعة اشهر فهي تطليقة بائنة، وتعتدُّ بعد ذلك ثلاث قروء ويخطبها زوجها في عدَّتها ولا يخطبها غيره، فإذا انقضت عدتها خطبها زوجها وغيره. وأخرج عبد بن حميد عن علي في الإيلاء: إذا مضت أربعة اشهر فقد بانت منه بتطليقة ولا يخطبها هو ولاغيره إلَاّ بعد العدة، كذا أورده السيوطي في "الدر المنثور"، وفيه آثار أخر مبسوطة تدل على أن المسألة مختلَف فيها من عهد الصحابة إلى من بعدهم.
(2)
أي إن شاء خطبها ونكحها بالعقد الجديد كغيره من الخُطّاب.
مِنَ الخُطّاب وَكَانُوا (1) لا يَرَوْنَ أَنْ يُوْقَفَ بَعْدَ الأَرْبَعَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُون مِنْ نِسَائِهِمْ تربُّصُ (2) أربعة أشهر فإن فاؤوا (3) فإن الله غفور رحيم وَإِنْ عَزَمُوا (4) الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (5)، قَالَ: الْفَيْءُ الْجِمَاعُ فِي الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، وَعَزِيمَةُ الطَّلاقِ انْقِضَاءُ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، فَإِذَا مَضَتْ بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ وَلا يوقَف بَعْدَهَا. وَكَانَ (6) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمَ (7) بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِهِ. وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.
(1) أي الأصحاب المذكورون.
(2)
أي انتظار.
(3)
قوله: فإن فاؤوا (سورة البقرة: الآية 227) ، أي بالجماع، كذا أخرجه عبد بن حميد بن علي، وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس، وابن المنذر عن ابن مسعود. وأخرج ابن ابي حاتم، عن ابن مسعود قال: إذا حال بينه وبينها مرض أوسفر أو حبس أو شيء يُعذَر به فإشهاده فيء.
(4)
أي قصدوا.
(5)
أعاده لطول الفصل، وفصلاً بين كلامه وكلام الله عز وجل.
(6)
قوله: وكان، أشار به إلى ترجيح تفسير ابن عباس وفتواه على فتوى من أفتى بالوقف أو بالتطليقة الرجعية.
(7)
قوله: أعلم، ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللَّهم علِّمه القرآن وفقِّهه في الدين. ومن ثَمَّ صار حبر المفسرين ورأس المتبحِّرين.
15 -
(باب الرجل يطلِّق امرأتَه ثلاثاً قَبْلَ (1) أَنْ يَدْخُلَ بِهَا)
580 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوبان، عَنْ مُحَمَّدِ (2) بْنِ إِيَاسِ بْنِ بُكير قَالَ: طلَّق رجلٌ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا قَبْلَ أَنْ يدْخل بِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ (3) أَنْ يَنْكِحَهَا فجاءَ يَستفتي، قَالَ (4) : فَذَهَبَتْ مَعَهُ، فَسَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالا: لا يَنْكحها (5) حَتَّى تنكحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ طَلاقِي إِيَّاهَا (6) وَاحِدَةً. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرْسَلْتَ (7) مِنْ يَدِكَ مَا كَانَ لَكَ مِنْ فضْل.
قَالَ محمدٌ: وَبِهَذَا (8) نأخذُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ والعامة من
(1) قوله: قبل أن يدخل بها، اختُلف فيه،
فقال أصحابنا: يقع الثلاث، وهو قول أبي هريرة وعلي وعمر وابن عباس وجمهور العلماء،
وقال الحسن وعطاء وجابر بن زيد: يقع واحدة لأنها تبين بقوله أنت طالق.
ولنا أن الثلاث صفة للطلاق الذي أوقعه والموصوف لا يوجد بدون صفته، كذا قال القاري.
(2)
تابعي. ثقة، ووهم من ذكره من الصحابة، قاله الزرقاني.
(3)
أي ظهر له وخطر بباله أن ينكحها.
(4)
أي ابن بكير.
(5)
بصيغة الغَيْبة أو الخطاب.
(6)
أي لأنها كانت غير مدخولة.
(7)
قوله: أرسلت مِنْ يدك، أي كان لك ذلك لو اقتصرتَ على الواحدة والثنتين، فإذا أرسلت الثلاثة جملة واحدة ما بقي لك شيء.
(8)
قوله: وبهذا نأخذ، لظاهر القرآن ولما مرَّ من فتوى أبي هريرة وابن عباس.
فُقَهَائِنَا لأَنَّهُ (1) طلَّقها ثَلاثًا جَمِيعًا، فَوَقَعْنَ عَلَيْهَا جَمِيعًا مَعًا وَلَوْ فَرَّقَهُنَّ وَقَعَتِ الأُولَى خَاصَّةً لأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَلا عِدَّةَ (2) عَلَيْهَا فَتَقَعُ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مَا دامت في العدَّة.
16 -
(باب المرأة يطلِّقها زوجُها فتتزوَّجُ (3) رجلاً فيطلِّق (4) قبل الدخول)
581 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا المِسْور (5) بْنُ رِفاعة القُرَظي، عن
(1) قوله: لأنه طلقها ثلاثاً جميعاً، أي مجموعاً لا متفرقاً، والوقوع فرع الإِيقاع، فإذا أوقع الثلاث دفعة وقع، ولو فرَّقهن بأن قال: أنت طالق وطالق وطالق، أو بالتكرير من غير عطف وقعت الأولى خاصة، لأن الواو لمطلق العطف، وليس في آخر الكلام ما يغيِّر أوَّلَه من شرط أو استثناء. وقال مالك والشافعي في القديم والأوْزاعي والليث بن سعد يطلق ثلاثاً، كذا قال القاري.
(2)
يعني إن كانت له العدة كما للمدخولة تقع عليها الثانية والثالثة، وإذ ليست فليست.
(3)
في نسخة: "فتزوّجُ".
(4)
أي الزوج الآخر.
(5)
قوله: المسور، بكسر الميم وإسكان المهملة وفتح الواو، ابن رفاعة بكسر الراء ابن أبي مالك القُرَظي - بضم القاف وفتح الراء نسبة إلى بني قريظة، المدني تابعي صغير، مقبول، له في "الموطأ" مرفوعاً هذا الحديث الواحد، وليس له رواية في الكتب الستة، وثقه ابن حبان، مات سنة 138 هـ. عن الزَّبير بن عبد الرحمن بن الزَّبير بن باطيا القرظي المدني، والزاء في الاسمين مفتوحة والباء مكسورة عند سائر رواة الموطأ عن مالك إلَاّ ابن بكير، فإنه روي عنه ضم الزاء في الأول وفتحها في الثاني، وقال ابن عبد البر: الصحيح فيهما الفتح أي عن مالك، وقال ابن حجر في "الإِصابة": هو بضم الزاء بخلاف جده فإنه بفتحها وكسر الموحدة. أن رفاعة بن سِمْوال، بكسر السين وإسكان الميم القرظي الصحابي كذا
الزَّبير بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزَّبير: أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ سِمْوَالٍ طلَّق (1) امرأتَه تميمةَ بنتَ وَهْبٍ فِي عَهْدِ (2) رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثًا، فَنَكَحَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَأَعْرَضَ (3) عَنْهَا، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يمسَّها، فَفَارَقَهَا (4) وَلَمْ يمسَّها، فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا، وَهُوَ زَوْجُهَا الأَوَّلُ الَّذِي طلَّقها، فَذَكَرَ ذَلِكَ (5) لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَهَاهُ عَنْ تَزْوِيجِهَا، وَقَالَ: لا تحلُّ لَكَ حَتَّى تذوقَ (6) العُسَيْلةَ.
أرسله أكثر الرواة عن مالك، ووصله ابن وهب عن مالك، وتابعه ابن القاسم وعلي بن زيادة وإبراهيم بن طهمان وعبيد الله بن عبد الحميد كلهم عن مالك، عن المسور، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن أبيه أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ سِمْوَالٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَميمة بفتح التاء، وقيل: بضمها، وقيل: اسمها أميمة، وقيل: سحيمة، وقيل: عائشة بنت وهب القرظية الصحابية ولا أعلم لها غير هذه القصة، فنكحها عبد الرحمن بن الزبير، كان صحابياً وأبوه الزبير قتل يهودياً في غزوة بني قريظة، كذا قال السيوطي والزرقاني.
(1)
أي ثلاث تطليقات كما في رواية الصحيحين وغيرهما.
(2)
أي في زمانه.
(3)
أي لم يقدر على مجامعتها لعُنَّة.
(4)
أي طلَّقها قبل الدخول.
(5)
قوله: فذكر ذلك، الظاهر أنه معروف، أي ذكر رفاعة ذلك، ويحتمل أن يكون مجهولاً أي فذكره ذاكر. وفي رواية للبخاري أن المرأة هي التي ذكرت وقالت إنما معه مثل الهُدْبة وأخذت بهدبة جلبابها شبَّهته بذلك لصغر ذَكَرَه أو استرخائه.
(6)
قوله: تذوق العسيلة، هو تصغير العسلة، والمراد به الجماع، وأفاد به أن مجرد النكاح الثاني لا يحلل، بل يُشترط معه وطء الزوج الثاني. وقد روى هذا