الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُرْجُوان (1) ثُمَّ أُتِيَ بِلَحْمِ صَيْدٍ، فَقَالَ: كُلُوا، قالوا: ألا تأكل؟ قال: لستُ كهيأتكم، إِنَّمَا صِيد مِنْ أَجْلِي (2) .
417 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: مَا فَوْقَ الذَّقن (3) مِنَ الرَّأْسِ فَلا يُخَمِّرُهُ (4) الْمُحْرِمُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ نَأْخُذُ، وَهُوَ قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا رحمهم اللَّهُ تَعَالَى.
15 - (بَابُ المُحرم يَغْسِلُ رَأْسَهُ، أَيَغْتَسِلُ
؟ (5))
418 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لا يَغْسِلُ (6) رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ إِلا من الاحتلام (7) .
(1) بضم الهمزة والجيم: صوف أحمر أي فيه خطوط حمر.
(2)
فالمدار على النيّة.
(3)
هو مجتمع لَحْيَيْ الإِنسان.
(4)
أي فلا يغطّيه فإن الوجه في حكم الرأس.
(5)
أي بجميع بدنه من غير قصد إزالة وسخه.
(6)
فكان يعمل بالأفضل.
(7)
قوله: إلا من الاحتلام، ولا ينافيه ما سبق من غسله لدخول مكة وعشية عرفة، فلعله كان يغسل جسده دون رأسه. قال الشافعي: نحن ومالك لا نَرَى بَأْسًا أَنْ يَغْسِلَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ من غير احتلام، ورُوي أنه عليه السلام اغتسل وهو محرم. ثم أطال الكلام إلى أن قال: وقد يذهب على ابن عمر وغيره السنن، ولو علمها ما خالفها. كذا ذكره البيهقي في "المعرفة" كذا في "المحلّى".
419 -
أخبرنا مالك، أخبرنا زيد بن أسلم، عن (1) إِبْرَاهِيمَ (2) ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ عَبَّاسٍ، والمِسْور (3) بْنَ مَخْرَمة تَمَارَيَا (4) بالأَبْواء (5)، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسل (6) المُحرم رأسَه، وقال (7) المِسْور: لا
(1) قوله: عن إبراهيم
…
إلى آخره، ليحيى: مالك عن زيد بن أسلم عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله
…
إلى آخره. قال ابن عبد البَرّ: لم يتابع أحدٌ من رواة الموطأ يحيى على إدخال نافع بين زيد وإبراهيم، وهو خطأ لا شك فيه، وهو مما يُحفظ من خطأ يحيى في "الموطأ" وغلطه. وأَمَرَ ابن وضّاح بطرحه (قلت: فإسقاطه من النسخ المصرية ليس بصحيح لأنه موجود في رواية يحيى، وإن كان غلطاً في نفسه. وليس في رواية محمد أيضاً. أوجز المسالك 6/166) .
(2)
هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم في الحج، وكذا النسائي وابن ماجه، كذا في "إرشاد الساري".
(3)
قوله: المَسْور، بكسر الميم وسكون السين المهملة وخِفَّة الواو، وابن مخْرمة بفتح الميم وسكون المعجمة ابن نوفل القرشي، له ولأبيه صحبة، ذكره في "الإِصابة" وغيره.
(4)
أي تشاكّا وتشاحّا وتخالفا في جواز غسل المحرم وعدمه.
(5)
بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمدّ: جبل بين مكة والمدينة وعنده بلد يُنسب إليه، كذا في "النهاية".
(6)
أي يجوز له.
(7)
قوله: وقال المسور لا، قال الأُبِّي: الظنّ بهما أنهما لا يختلفان إلا ولكلٍّ منهما مستند. قال عياض: ودلّ كلامُهما أنهما اختلفا في تحريك الشعر إذ لا خلاف في غسل المحرم رأسه في غسل الجنابة، ولا بدّ من صبّ الماء، فخاف
فَأَرْسَلَهُ (1) ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى (2) أَبِي أَيُّوب يَسْأَلُهُ (3) فَوَجَدَهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ (4) وَهُوَ يُستر (5) بِثَوْبٍ، قَالَ: فسلَّمت عَلَيْهِ (6) فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ أَرَسَلَنِي إِلَيْكَ ابنُ عباس
المسور أن يكون في تحريكه باليد قتل بعض دوابّها أو طرحها. وعلم ابن عباس أن عند أبي أيوب عِلمَ ذلك.
(1)
أي ابن حنين.
(2)
قوله: إلى، قال ابن عبد البَرّ: فيه أن الصحابة إذا اختلفوا لم يكن قول أحدهما حجة على الآخر إلا بدليل.
(3)
أي عن حكم الغُسل للمُحرم.
(4)
قوله: القرنين، تثنية قرن، وهما الخشبتان القائمتان على رأس البئر وشبههما من البناء ويمد بينهما خشبة يجرّ عليها الحبل المستقى به ويعلو عليها البكرة، ذكره السيوطي.
(5)
فيه التستّر للغسل.
(6)
قوله: فسلمت عليه
…
إلى آخره، قال عياض والنووي وغيرهما: فيه جواز السلام على المتطهِّر في حال طهارته بخلاف من هو على الحدث، وتعقّبه الوليّ العراقي بأنه لم يصرِّح بأنه ردّ عليه السلام، بل ظاهره أنه لم يَرُدّ لقوله: فقال: من هذا؟ بفاء التعقيب الدالّة على أنه لم يفصل بين سلامه وبينها بشيء، فيدل على عكس ما استدل به فإن قيل: الظاهر أنه ردّ السلام وتَرَكَ ذِكْرَه لوضوحه، وأما الفاء فهي مثل قوله تعالى:{أن اضرب بعصاك البحر فانفلق} (سورة الشعراء: الآية 63) قلتُ: لمّا لم يصرِّح بذكر ردّ السلام احتمل الردَّ وعدمه فسقط الاستدلال للجانبين. انتهى. قال الزرقاني: وفيه وقفة.
أسألُك (1) كَيْفَ (2) كَانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رأسَه وَهُوَ مُحْرِم؟ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الثَّوْبِ (3) وَطَأْطَأَهُ (4) حَتَّى بَدَا (5) لِي رأسَه، ثُمَّ قَالَ لإِنسان (6) يَصُبُّ الماءَ عَلَيْهِ: اصبُبْ (7) ، فَصُبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ (8) بيده، فأقبل بيده وأدبر، فقال (9) :
(1) أي لأن أسأل.
(2)
قوله: كيف كان
…
إلى آخره، قال ابن عبد البر: فيه أنَّ ابنَ عباس كان عنده علم غسل رأس المحرم، أنبأه أبو أيوب أو غيره لأنه كان يأخذ عن الصحابة. وقال ابن دقيق العيد: هذا يُشعر بأن ابن عباس كان عنده علم بأصل الغسل، وقال القاري: فيه أنه لم يكن النزاع في كيفية غسله لكنها تفيد زيادة في بيان جواز فعله. انتهى. وفيه ما فيه.
(3)
أي الساتر له.
(4)
أي أرخاه وأخّره وخفّضه.
(5)
أي ظهر.
(6)
لم يُسَمّ في رواية.
(7)
بضمّ الباء الأولى، أي صبّه.
(8)
وليحيى: بيديه فأقبل بهما وأدبر - أي بهما -.
(9)
قوله: فقال هكذا رأيته يفعل، في هذا الحديث فوائد: منها جواز اغتسال المحرم وغسله رأسه، وإمرار اليد على شعره بحيث لا ينتف شعراً. ومنها قبول خبر الواحد وأنّ قبوله كان مشهوراً بين الصحابة. ومنها الرجوع إلى النصّ وترك الاجتهاد والقياس عند وجود النص. ومنها السلام على المتطهِّر في وضوء أو غسل بخلاف الجالس على الحدث. ومنها جواز الاستعانة في الطهارة ولكن الأَوْلى تركها إلاّ لحاجة. واتفق العلماء على جواز غسل المحرم رأسه وجسده عن
هَكَذَا رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ (1) .
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِقَوْلِ أَبِي أَيُّوبَ نَأْخُذُ (2) ، لا نَرَى بَأْسًا أَنْ يغسلَ المحرمُ رأسَه (3) بِالْمَاءِ. وَهَلْ يَزِيدُهُ (4) الْمَاءُ إلَاّ شعثاً (5) ؟!
الجنابة، بل هو واجب عليه وأما غسله للتبرّد فمذهبنا ومذهب الجمهور جوازه بلا كراهة، ويجوز عند الشافعي غسل رأسه بالسدر والخِطْمي (قال ابن رشد: اتفقوا على منع غسل رأسه بالخطمي، وقال مالك وأبو حنيفة: إن فعل ذلك افتدى، وقال أبو ثور وغيره: لا شيء عليه. بداية المجتهد 1/403 وقال العيني إن غسل رأسه بالخطمي والسدر فإن الفقهاء يكرهونه وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وأوجب مالك وأبي حنيفة عليه الفدية وقال الشافعي وأبو ثور لا شيء عليه وفي شرح الوجيز لا يكره الخطمي والسدر وفي القديم يكره ولكن لا فدية عليه وبه قال أحمد انظر أوجز المسالك 6/174) بحيث لا ينتف شعراً ولا فدية عليه ما لم ينتف شعراً، كذا في "شرح صحيح مسلم" للنووي.
(1)
أي يغتسل في حال الإِحرام. قوله: يفعل، زاد ابن عيينة: فرجعت إليهما فأخبرتهما فقال المسور لابن عباس: لا أُماريك أبداً أي لا أجادلك، كذا في "إرشاد الساري".
(2)
قوله: نأخذ، لأن المثبتَ مقدَّمٌ على النافي، ولأنّ الأصل الجواز حتى يثبت دليل على منعه لثبوت ذلك بكثير من الروايات.
(3)
سواء غسل سائر بدنه أم لا.
(4)
أي لا يزيده إلا شعثاً.
(5)
قوله: إلا شعثاً، قيل فيه إن الشعث - محرّكة - انتشار الشعر وتفرُّقه وتغيُّره كما ينتشر رأس السوال. ولا شك أن بالماء يحصل الاجتماع والالتئام. انتهى. وفيه نظر، فإن مجرد غسل الرأس دون أن يُنقيَه ويصفيه بالخِطمي أو غير
وهو قول (1) أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.
420 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ الْمَكِّيُّ، عَنْ عَطَاءِ (2) بْنِ أَبِي رَباح (3)، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لِيَعْلَى بْنِ مُنِيَّة (4) وَهُوَ يَصُبُّ (5) عَلَى عُمَرَ مَاءً وَعُمَرُ يَغْتَسِلُ (6) : اصْبُبْ (7) عَلَى رَأْسِي، قَالَ لَهُ يعلى:
ذلك يدخل الغبار في أصول الشعر وينتشر بعد الجفاف كانتشار أطراف السواك، بل أَزْيَد لفقدان التدهين. فلم يزده الماء إلا شعثاً.
(1)
قوله: وهو قول أبي حنيفة، وبه قال مالك والشافعي، وعن ابن عباس قال: يدخل المحرم الحمام، ذكره البخاري تعليقاً ووصله البيهقي والدارقطني من طريق أيوب عن عكرمة عنه قال: يدخل المحرم الحمام، وينزع رأسه، وإذا انكسر ظفره طرحه ويقول: أَمِيطوا عنكم الأذى فإن الله لا يصنع بأوساخكم شيئاً. وحكى ابن أبي شيبة كراهةَ ذلك عن الحسن وعطاء. وهذا كلُّه في مجرد الغسل، وأما غسله بالخِطمي وغيره. فإن الفقهاء يكرهونه. وأوجب مالك والشافعي الفدية عليه، ورخص عطاء ومجاهد لمن لبّد رأسه ذلك، كذا في "عمدة القاري بشرح صحيح البخاري".
(2)
هو فقيه ثقة فاضل لكنه كثير الإِرسال، مات سنة 114، كذا ذكره الزرقاني.
(3)
بالفتح اسمه أسلم.
(4)
هي أمّه، واسم أبيه أمية بن أبي عبيدة بن همام وهو صحابي، مات سنة بضع وأربعين، قاله الزرقاني.
(5)
أي حال اغتساله.
(6)
أي في حال إحرامه.
(7)
مقولة عمر.