المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌16 - (باب ما يكره للمحرم أن يلبس من الثياب) - التعليق الممجد على موطأ محمد - جـ ٢

[أبو الحسنات اللكنوي - محمد بن الحسن الشيباني]

فهرس الكتاب

- ‌76 - (بَابُ الْوِتْرِ)

- ‌77 - (بَابُ الْوِتْرِ عَلَى الدَّابَّةِ)

- ‌78 - (بَابُ تَأْخِيرِ الْوِتْرِ)

- ‌79 - (بَابُ السَّلامِ فِي الْوِتْرِ

- ‌81 - (بَابُ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي)

- ‌82 - (بَابُ مَا يُستَحبّ مِنَ التَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ دُخُولِهِ)

- ‌84 - (بَابُ صَلاةِ المُغمى عَلَيْهِ)

- ‌85 - (بَابُ صَلاةِ الْمَرِيضِ)

- ‌92 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ يصلِّي وَبَيْنَ القِبلة وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ قَائِمَةٌ

- ‌94 - (بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌95 - (باب الصلاة على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌96 - (بَابُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌97 - (بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي ثُمَّ يَجْلِسُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ)

- ‌101 - (بَابُ فَضْلِ الجِهاد

- ‌102 - (بَابُ ما يكون من الموتِ شهادة

- ‌(أَبْوَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌2 - (بَابُ مَا يُكَفَّن بِهِ الْمَيِّتُ)

- ‌3 - (بَابُ الْمَشْيِ بِالْجَنَائِزِ وَالْمَشْيِ مَعَهَا)

- ‌4 - (بَابٌ الْمَيِّتُ لا يُتَّبَعُ بنارٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ مِجْمَرة فِي جِنَازَتِهِ)

- ‌5 - (بَابُ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ)

- ‌6 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌7 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌8 - (بَابٌ يَحْمِلُ الرَّجُلُ الْمَيِّتَ أَوْ يحنِّطه أَوْ يُغَسِّلُهُ هَلْ يَنْقُضُ ذَلِكَ وُضُوءَهُ

- ‌9 - (بَابُ الرَّجُلِ تُدْرِكُهُ الصَّلاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌10 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ مَا يُدفن)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌1 - (بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌3 - (بَابُ الْمَالِ مَتَى تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ)

- ‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْن هَلْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ)

- ‌6 - (بَابُ العُشُر

- ‌8 - (بَابُ زَكَاةِ الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ والبَراذين

- ‌9 - (بَابُ الرِّكَازِ

- ‌10 - (بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ)

- ‌11 - (بَابُ الْكَنْزِ

- ‌12 - (بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ)

- ‌13 - (بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌14 - (باب صَدَقَةِ الزَّيْتُونِ)

- ‌(أَبْوَابُ الصِّيَامِ

- ‌2 - (بَابُ مَتَى يَحْرُمُ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ)

- ‌3 - (بَابُ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فِي رَمَضَانَ)

- ‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَطْلُعُ لَهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ

- ‌5 - (بَابُ القُبلة لِلصَّائِمِ

- ‌6 - (بَابُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ)

- ‌8 - (بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ)

- ‌9 - (بَابُ قَضَاءِ رَمَضَانَ هَلْ يُفرَّق

- ‌10 - (بَابُ مَنْ صَامَ تَطَوُّعًا ثُمَّ أَفْطَرَ)

- ‌11 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِفطار)

- ‌15 - (بَابُ الأَيَّامِ الَّتِي يُكْرَهُ فِيهَا الصَّوْمُ)

- ‌16 - (بَابُ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ)

- ‌17 - (بَابُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الصِّيَامِ)

- ‌18 - (باب صوم يوم عَاشُورَاءَ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌1 - (بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌7 - (بَابُ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا وَهُوَ مُقِيمٌ)

- ‌15 - (بَابُ المُحرم يَغْسِلُ رَأْسَهُ، أَيَغْتَسِلُ

- ‌16 - (بَابُ مَا يُكره لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ)

- ‌17 - (بَابُ مَا رُخِّص للمُحرم أَنْ يَقْتُلَ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌22 - (بَابُ المُحرم يَتَزَوَّجُ)

- ‌23 - (بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ)

- ‌26 - (بَابُ فَضْلِ الْعُمْرَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ)

- ‌27 - (بَابُ المتمتِّع مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الهَدْي)

- ‌29 - (بَابُ المكِّي وَغَيْرِهِ يَحُجُّ أَوْ يَعْتَمِرُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّمْل)

- ‌31 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ)

- ‌37 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَمَا يُستحبّ مِنَ الْغُسْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ

- ‌41 - (بَابُ الصَّلاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَدُخُولِهَا)

- ‌42 - (بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ أَوْ عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ)

- ‌51 - (بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكِبًا)

- ‌53 - (بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ

- ‌60 - (بَابُ المُحْصَر

- ‌61 - (بَابُ تَكْفِينِ الْمُحْرِمِ

- ‌65 - (بَابُ الرَّجُلِ يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُفيض

- ‌66 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِهلال

- ‌70 - (بَابُ النُّزُولِ بالمحصَّب

- ‌73 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِسِلاحٍ)

- ‌(كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌3 - (بَابُ لا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وعمَّتها فِي النِّكَاحِ)

- ‌5 - (باب الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)

- ‌7 - (بَابُ مَا يُوجِبُ الصَّدَاق

- ‌8 - (بَابُ نِكَاحِ الشِّغار

- ‌10 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ)

- ‌15 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُزَوَّجُ فِي عِدّتها

- ‌16 - (باب العزل

- ‌(كِتَابُ الطَّلاقِ)

- ‌3 - (بَابُ مَا يُكره للمطلَّقة الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ الْمَبِيتِ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا)

- ‌6 - (بَابُ الْخُلْعِ كَمْ يَكُونُ مِنَ الطَّلاقِ)

- ‌8 - (بَابُ الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَتَتَزَوَّجُ زَوْجًا ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا الأَوَّلُ)

- ‌9 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْعَلُ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا أَوْ غَيْرِهَا)

- ‌11 - (بَابُ الأَمَةِ تَكُونُ تحت العبد فَتُعْتَقُ)

- ‌13 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تطلَّق أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ)

- ‌17 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُسَافِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا)

- ‌22 - (بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الزِّينَةِ فِي الْعِدَّةِ)

- ‌27 - (بابُ المرأةِ تُسْلِمُ قَبْلَ زوجِهَا)

- ‌28 - (بَابُ انْقِضَاءِ الْحَيْضِ)

- ‌30 - (بَابُ عِدَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ

- ‌31 - (بَابُ الرَّضاع

- ‌1 - (بَابُ مَا يُكره مِنَ الضَّحَايَا)

- ‌2 - (بَابُ لُحُومِ الأَضَاحِي)

- ‌4 - (بَابُ مَا يُجْزِئ مِنَ الضَّحَايَا عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ)

- ‌5 - (بَابُ الذَّبَائِحِ)

- ‌7 - (بَابُ أَكْلِ الضَبّ

- ‌9 - (بَابُ السَّمَكِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ)

- ‌11 - (بَابُ أَكْلِ الجرَاد

- ‌13 - (بَابُ مَا قَتَل الْحَجَرُ

- ‌16 - (بَابُ صَيْدِ الْكَلْبِ المعلَّم)

الفصل: ‌16 - (باب ما يكره للمحرم أن يلبس من الثياب)

أَتُرِيدُ (1) أَنْ تَجْعَلَهَا (2) فيَّ؟ إِنْ أَمَرْتَنِي صببتُ، قَالَ: اصْبُبْ. فَلَمْ يَزد (3) الْمَاءُ إلَاّ شَعَثًا (4) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: لا نَرَى بِهَذَا بَأْسًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله والعامَة مِنْ فُقَهَائِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.

‌16 - (بَابُ مَا يُكره لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ)

421 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أخبرنا نافع، عن ابن عمر (5) : أن رجلا (6) سَأَلَ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاذَا يَلْبَسُ (7) المحرمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ: لا يَلْبَسُ (8)

(1) قوله: أتريد أن تجعلها فيَّ، قال ابن وهب: معناه إنما أفعله طوعاً لك لفضلك وأمانتك، ولا رأي لي فيه، وقال أبو عمرك أي الفدية إن مات شيء من دوابّ رأسك أو زال شيء من الشعر لزمتني الفدية فإن أمرتني كانت عليك.

(2)

أي هذه الخصلة.

(3)

في نسخة: فلن يزيده.

(4)

فلا ينافي ما ورد من أن الحاجّ أشعث.

(5)

قال القاري: هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة.

(6)

قال الحافظ: لم أقف على اسمه في شيء من الطرق.

(7)

قوله: ماذا يلبس المحرم؟، وعند البخاري: ما نلبس من الثياب إذا أحرمنا؟ وعند البيهقي: نادى رجلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب بذلك المكان. وأشار نافع إلى مقدَّم المسجد أي مسجد المدينة. وللبخاري ومسلم عن ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم خطب بذلك في عرفات لكن ليس في أنه أجاب به السائل فهو محمول على تعدُّده.

(8)

قوله: لا يلبس، بالرفع خبر عن الحكم الشرعي، أو بمعنى النهي،

ص: 301

القُمُص (1) وَلا الْعَمَائِمَ وَلا السَّرَاوِيلاتِ وَلا البَرَانِس (2) وَلا الخِفاف (3) إِلا أَحَدٌ (4) لا يَجِدُ (5) نَعْلَيْنِ، فيَلْبَس خُفَّيْن وليقطَعْهُما أسفلَ من الكعبين (6) ،

وبالجزم بمعنى النهي، وفي رواية: لا تلبسوا. وإنما ذكر ما لا يجوزُ لُبْسُه مع أنّ السؤال كان عما يجوزُ لُبسه لكون ما لا يُلبس منحصراً، فقال: لا يلبس كذا أي يلبس ما سواه. وهذا على رواية مشهورة. وإلا فعند أحمد وابن خزيمة وأبي عوانة: أن رجلاً سأل ما يجتنب المحرم من الثياب؟ وهذا الحكم أي عدم جواز لُبْس المَخيط من القميص وغيره مخصوص بالرجال. وأما المرأة فيجوز لها جميع ذلك، قاله ابن المنذر كذا في "فتح الباري".

(1)

قوله: القُمُص، بضمتين جمع قميص، ولا العمائم جمع عِمامة - بالكسر - ما يُلَفّ على الرأس ولا السراويلات جمع سراويل - وهو مفرد - أو جمع سروال.

(2)

قوله: البرانس، بفتح الموحدة وكسر النون جمع البُرنس بضم وهو قَلْنَسُوة طويلة أو كل ثوب رأسه منه دراعة كانت أو جبّة، كذا في "القاموس".

(3)

بالكسر جمع خُفّ.

(4)

بالرفع بدل من فاعل لا يلبس وهو أَوْلَى من نصبه استثناء، قاله القاري.

(5)

قوله: لا يجد نعلين، ظاهره أنه إذا كان قادراً على النعلين لا يلبس الخفّ مقطوعاً، يعني لا يحل له ذلك لما فيه من إتلاف المال من غير ضرورة، وقد صرّح بهذا ابن نجيم في "البحر الرائق"، وقال العيني في "البناية" إنْ وَجَد النعلين فلبس الخفّين مقطوعين لا شيء عليه عندنا، وعند مالك يفدي، وكذا عند أحمد، وعن الشافعي قولان. وقد بسطت الكلام في هذه المسألة في رسالتي "غاية المقال فيما يتعلّق بالنعال".

(6)

المراد بهما المَفْصِلان اللذان في وسط القدمين من عند معقد الشِّراك.

ص: 302

وَلا تَلْبَسُوا (1) مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا (2) مَسَّهُ الزَّعفران وَلَا الوَرس (3) .

422 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: نَهَى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَلْبَسَ المحرمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ (4) أَوْ وَرس، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فيلبسْ خُفَّين. وليقطَعْهما (5) أسفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ.

423 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حدثنا نافع، عن ابن عمر أنه كان (6)

(1) هذا الحكم عامّ للرجال والنساء.

(2)

قوله: شيئاً مسّه الزعفران، قال الطِّيبي: نبَّه بالورس والزعفران على ما في معناهما ممّا يُقصد به الطيب، فيُكره للمحرم الثوب المصبوغ بغير طيب أيضاً.

(3)

بفتح الواو: نبت أصفر يُصبغ به، قاله في "النهاية".

(4)

وفي حكمه العصفر.

(5)

قوله: وليقطعهما، اتَّفق على وجوب القطع بحيث ينكشف الكعب وعدم جواز لُبْس الساتر له الجمهور، وخالف في ذلك أحمد، وحُكي عن عطاء مثله قال: لأن في قطعهما إفساداً، قال الخطابي: يُشبه أن يكون عطاء لم يبلغ الحديث وما أذن فيه رسول الله ليس بفساد والعجب من أحمد فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغه، وقلّت سنة لم تبلغه، ويشبه أن يكون ذهب إلى حديث ابن عباس فإن فيه: من لم يجد نعلين فليلبس الخفين من غير ذكر القطع. انتهى. وللحنابلة في تصحيح هذا القول أقوال مردودة بسطها العينيّ في "عمدة القاري".

(6)

قوله: أنه كان يقول، هذا رواه موقوفاً مالك وعبيد الله العمري وليث وأيوب السختياني وموسى بن عقبة كلهم عن نافع كما عند البخاري وأبي داود. وأخرجاه من طريق الليث عن نافع فجعله من جملة المرفوع السابق، فقال بعد قوله:

ص: 303

يَقُولُ: لا تَنْتَقِبُ (1) الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلا تَلْبَسُ القُفَّازين (2) .

424 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَسْلَمَ يحدّث (3) عبدَ الله بنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى عَلَى طَلْحَةَ (4) بْنِ عبيد الله

ولا ورس ولا تنتقب، وورد ذلك مفرداً أيضاً مرفوعاً عند أبي داود، وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كلَّه والخفاف، وأنّ لها أن تُغطِّي رأسها وتسترَ شعرها إلا الوجه فتسدل عليها الثوب سدلاً خفيفاً تستتر به عن أعين الرجال ولا تخمّر لما ورد عن عائشة: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرَّ بنا الركب سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات، فإذا جاوزنا رفعناه، أخرجه أبو داود وابن ماجه. وعليه يُحمل ما أخرجه مالك عن هشام بن عروة عن زوجته فاطمة بنت المنذر أنها قالت: كنا نخمّر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصِّديق، كذا في "شرح الزرقاني".

(1)

قوله: لا تنتقب (جاز لها نقاب لا يمس وجهها، قال في المغني 3/326. فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريباً منها فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها، رُوي ذلك عن عثمان وعائشة، وبه قال عطاء ومالك والثوري والشافعي وإسحاق ومحمد بن الحسن، ولا نعلم فيه خلافاً

، وذكر القاضي أن الثوب يكون متجافياً عن وجهها....إلخ) ، أي لا تلبس النقاب وهو ما يستر الوجه من البرد ونحوه، وهو يحتمل أن يكون نفياً أو نهياً إلا إذا جافتْ بينه وبين وجهها، قاله القاري.

(2)

قوله: القُفَّازين، بضم القاف وتشديد الفاء شيء يتخذه نساء العرب ويحشى بقطن يُغطي كفَّيْ المرأة وأصابعها. بالفارسية (دستانه) .

(3)

أي يرويه له.

(4)

قوله: طلحة بن عبيد الله، هو أحد العشرة المبشَّرة: طلحة بن

ص: 304

ثَوْبًا مَصْبُوغًا (1) وَهُوَ مُحرم، فَقَالَ عُمَرُ: مَا هَذَا الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ يَا طَلْحَةُ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ مَدَر (2)، قَالَ إِنَّكُمْ - أَيُّهَا (3) الرَهْط - أئمةٌ (4) يَقْتَدِي بِكُمُ النَّاسُ وَلَوْ أنَّ (5) رَجُلا جَاهِلا رَأَى هَذَا الثَّوْبَ لَقَالَ (6) : أَنَّ طَلْحَةَ كَانَ يَلْبَس (7) الثِّيَابَ الْمُصْبَغَةَ في الإِحرام.

عبيد الله بن عثمان بن عمرو القرشي التيمي، يُعرف بطلحة الخير، وطلحة الفيَّاض، وهو من السابقين الأولين شهداء أحد وما بعدها، رُوي عنه قال: سمّاني رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أحد طلحة الخير، ويوم العُسْرة طلحة الفيّاض، ويوم حنين طلحة الجَوَاد. واستشهد في وقعة "الجمل" سنة ست وثلاثين، وله مناقب جمّة ذكرها ابن الأثير في "أسد الغابة".

(1)

بغير ورس وزعفران.

(2)

بفتحتين أي من طين أحمر وليس فيه طيب.

(3)

خطاب إلى الصحابة.

(4)

من المجتهدين.

(5)

قوله: ولو أن رجلاً، يؤخذ منه أن العلماء يُستحب لهم التجنُّب عن مواضع التُّهم، وأنه ينبغي لهم ترك مباح يُحتمل فيه الفتنة.

(6)

ولم يفرِّق الرأي بين الحلال والحرام، على أن نفس هذا اللون مع قطع النظر عن كونه طيباً لا يليق بالعلماء.

(7)

قوله: كان يلبس

إلى آخره، قال الزرقاني: إنما كره عمر ذلك لئلا يقتدي به جاهل فيظن جواز لُبْس المورس والمزعفر فلا حجة لأبي حنيفة في أن العصفر طيب وفيه الفدية، قاله ابن المنذر. وقد أجاز الجمهور لُبْس المعصفر للمحرم. انتهى. وفيه نظر ظاهر فإن الظاهر من أثر عمر أنه كره ذلك لئلاّ يظن جاهل من لُبْس الثوب المصبغ بالمَدَر - ولونه أحمر - جواز لُبْس الأحمر مطلقاً

ص: 305

قَالَ مُحَمَّدٌ: يُكره أَنْ يَلْبَس الْمُحْرِمُ الْمُشَبَّعُ (1) بِالْعُصْفُرِ (2) وَالْمَصْبُوغَ بِالْوَرْسِ أَوِ الزَّعْفَرَانِ، إِلا أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَدْ غُسِلَ، فَذَهَبَ (3) رِيحُهُ وَصَارَ لا ينفَضُّ (4) ، فَلا بَأْسَ (5) بِأَنْ يلبسه. ولا ينبغي للمرأة أن

حتى المعصفر لا لئلا يظن جواز المورس والمعصفر، فإن لون كل منهما أصفر يبعد من رؤيته لونَ المدرِ جوازَه.

(1)

من أشبع الثوب إذا أكثر صبغه.

(2)

بضم العين والفاء: نبت معروف يُصبغ به الثوب صبغاً أحمر، يقال له كسم.

(3)

قوله: فذهب ريحه، يشير إلى أن المنع من المصبوغ بالزعفران والورس إنما هو لريحه لا لنفس اللون، قال العيني في "عمدة القاري": ظاهر الحديث أنه لا يجوز لُبس ما مسَّه الزعفران والورس سواء انقطعت رائحته أو لم تنقطع، وفي "الموطأ" أن مالكاً سُئل عن ثوب مسّه طيب، ثم ذهب ريح الطيب هل يُحرم فيه؟ قال: نعم، لا بأس بذلك، ما لم يكن فيه صباغ زعفران أو ورس، قال: وإنما يُكره لُبْسُ المشبعات لأنها تنفَضُّ وذهب الشافعي إلى أنه إن كان بحيث لو أصابه الماء فاحت الريح منه لم يجز استعماله، وقال أصحابنا: ما غسل من ذلك حتى صار لا ينفضّ فلا بأس بلبسه في الإِحرام، وهو المنقول عن سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح والحسن وطاوس وقتادة والنخعي والثوري وأحمد وإسحاق، وقد روى الطحاوي عن فهد عن يحيى بن عبد المجيد عن أبي معاوية، وعن ابن أبي عمران عن عبد الرحمن بن صالح الأزدي عن أبي معاوية عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تلبسوا ثوباً مسّه ورس أو زعفران - يعني في الإِحرام - إلا أن يكون غسيلاً". وهذه الزيادة صحيحة لأن رجاله ثقات.

(4)

بفتح الفاء وتشديد الضاد أيضاً أي لا يتناثر منه الطيب ولا يفوح منه.

(5)

قوله: فلا بأس بأن يلبسه، ظاهره أنه يجوز للرجال لبس المزعفر

ص: 306

تتنقَّب (1) فَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تُغَطِّيَ (2) وَجْهَهَا فلتَسْدِلْ (3) الثَّوْبَ سَدْلا مِنْ فَوْقِ (4) خِمَارِهَا عَلَى وَجْهِهَا، وتُجافيه (5) عَنْ وَجْهِهَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حنيفة والعامة من فقهائنا.

425 -

أخبرنا مالك، حدثنا حميد بن قيس المكي، عن

والمعصفر، وحقق العيني في "شرح البخاري" نقلاً عن شيخه الزين العراقي وأقره أنَّ لُبس المزعفر لغير المحرم جائز، والمراد في النهي الوارد عن تزعفر الرجل فيما أخرجه الشيخان وغيرهما تزعفر بدنه، لكن أكثر كتب فقهائنا ناصّة على كراهة المعصفر والمزعفر للرجل غير المحرم (في الأصل الغير المحرم) فما بالك بالمحرم ويمكن أن يُقال: معنى قوله لا بأس بأن يلبسه ههنا لا بأس به للإِحرام، ولا يضرّ لُبسه للإِحرام إذا ذهب ريحه. وأما كراهته لنفس اللون فهو أمر آخر يُعلم من موضع آخر.

(1)

أي تلبس النقاب.

(2)

لمقابلة غير محرم وغير ذلك.

(3)

قوله: فلتسدل الثوب، يقال: سدلت الثوب أرخته وأرسلته من غير ضمّ جانبيه وإن ضمّتهما فهو قريب من التلفيف.

(4)

قوله: من فوق خِمارها، بالكسر ما يغطي به المرأة رأسها أي تُرخي الثوب من فوق رأسها على وجهها من غير أن يمسّه، وفسّره القاري بقوله: بكسر أوّلها أي ما تغطي بها وجهها من خشب أو قصب. انتهى، وفيه نظر ظاهر لكونه تفسيراً بما ليس بتفسير.

(5)

أي تباعد الثوب المسدول عن الوجه.

ص: 307

عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ (1) : أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بحُنَين (2) وَعَلَى الأَعْرَابِيِّ (3) قميصٌ بِهِ (4) أَثَرُ صُفرة (5)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أهللتُ (6) بِعُمْرَةٍ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي أَصْنَعُ (7) ؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: انزع (8) قميصَك

(1) مرسل وصله البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود من طرق عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه.

(2)

قوله: بحنين، بالتصغير وادٍ بالطائف، قال ابن عبد البر: المراد منصرفه من غزوة حنين، والموضع الذي لقيه فيه هو الجعرّانة، ذكره السيوطي. وكانت تلك الغزوة سنة ثمان كما ذكره ابن حزم وغيره.

(3)

قوله: الأعرابي، قال الحافظ: لم أقف على اسمه. وفي "تفسير الطرطوشي" اسمه عطاء بن أمية، قال ابن فتحون: إن صح هذا فهو أخو يعلى راوي الخبر.

(4)

أي بذلك القميص. وفي رواية: جبة.

(5)

أي من زعفران.

(6)

أي أحرمت.

(7)

أي في إحرامها وأعمالها.

(8)

وقوله: انزع قميصك، أي لأنه مخيط لا يحل استعماله في الإِحرام ولم يأمره بالفدية، فأخذ به الشافعي والثوري وعطاء وأحمد في رواية، وقالوا: من لبس في إحرامه ما لا يجوز جاهلاً أو ناسياً، فلا فدية عليه، قال أبو حنيفة وجماعة: يلزمه إذا غطى رأسه ووجهه متعمّداً أو ناسياً يوماً إلى الليل الفدية، وفي أقل منه الصدقة. وفيه أن المحرم إذا لبس مخيطاً لا يجب عليه شَقُّه، بل نزعه خلافاً للشافعي والنخعي والشعبي قالوا: لا ينزعه لئلا يصير مغطياً رأسه. ونحوه عن علي والحسن وأبي قلابة عند أبي شيبة. كذا ذكره العيني.

ص: 308