الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - (بَابُ زَكَاةِ الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ والبَراذين
(1))
334 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ صَدَقَةِ الْبَرَاذِينَ فَقَالَ: أَوَفي (2) الخيلِ (3) صَدَقَةٌ؟
335 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن دينار، عن سليمان بن يسار، عن عِراك (4) بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ (5) عَلَى الْمُسْلِمِ (6) فِي عَبْدِهِ وَلا فِي فرسه
(1) بفتح الموحدة، جمع البِرْذَوْن كفردوس، الفرس الفارسي، وقال المُطَرِّزي: البرذون: التركي من الخيل، قاله القاري.
(2)
همزة الاستفهام للإِنكار لا للاستفهام.
(3)
وقد صح: ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة. وقال صلى الله عليه وسلم: قد عفوتُ عن الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرقة. أخرجه أبو داود بسند حسن.
(4)
قوله: عن عراك بن مالك، قال السيوطي في "الإِسعاف": عِرَاك بن مالك الغِفاري المدني، روى عن ابن عباس وأبي هريرة وابن عمر وعائشة وجماعة، وعنه سليمان بن يسار وخيثم وعبد الله ابنا عراك، وثًّقه أبو زرعة وأبو حاتم، مات بالمدينة في خلافة يزيد بن عبد الملك، انتهى. وعِرَاك بكسر العين المهملة، وفتح الراء المخففة بعدها ألف بعدها كاف، كذا ضبطه ابن حجر في "التقريب"وابن الأثير في "جامع الأصول" والفَتَّني في "المغني" وغيرهم.
(5)
قال الباجي: هذا نفي، والنفي على الإِطلاق يقتضي الاستغراق، قاله القاري.
(6)
قوله: ليس على المسلم
…
إلى آخره، أخرجه الأئمة الستة في كتبهم
صَدَقَةٌ (1) .
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ (2) لَيْسَ فِي الْخَيْلِ صَدَقَةٌ سَائِمَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ سَائِمَةٍ. وأما في قوله أبي حنيفة (3) رحمه الله: فإذا كانت
ورواه ابن حبان وزاد: إلَاّ صدقةَ الفطر، ورواه الدارقطني بلفظ: لا صدقة على الرجل في فرسه ولا في عبده إلَاّ زكاة الفطر، كذا في "نصب الراية" للزيلعي.
(1)
قوله: صدقة، لا خلاف أنه ليس في رقاب العبيد صدقة إلَاّ أن يُشْتَروا للتجارة، وأوجب حماد وأبو حنيفة وزفر الزكاة في الخيل إذا كانت إناثاً وذكوراً، فإذا انفردت زُكِّي إناثها لا ذكورها، ثم يُخَيَّر بين أن يُخرج عن كل فرس ديناراً وبين أن يقوِّمها أو يخرج ربع العشر. ولا حجة لهم لصحة هذا الحديث، واستدل بالحديث من قال من الظاهرية بعدم وجوب الزكاة فيهما ولو كانا للتجارة، وأجيب بأن زكاة التجارة ثابتة بالإِجماع، فيخص به عموم الحديث، كذا في "شرح الزرقاني".
(2)
قال القاري: ووافقه أبو يوسف واختاره الطحاوي. وفي "الينابيع": عليه الفتوى وهو قول مالك والشافعي.
(3)
قوله: وأما في قول أبي حنيفة
…
إلى آخره، استُدل له بما أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق الليث بن حماد الإِصطخري، نا أبو يوسف عن فورك عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر مرفوعاً: في الخيل السائمة في كل فرس دينار. ويُرَدُّ على هذا الاستدلال بوجهين: أحدهما أن في سنده كلاماً، قال الدارقطني: تفرد به فورك وهو ضعيف جداً، ومَنْ دونه ضعفاء. انتهى. وقال البيهقي: لو كان هذا الحديث صحيحاً عند أبي يوسف لم يخالفه. انتهى. وقال ابن القطان: أبو يوسف هو أبو يوسف يعقوب القاضي وهو مجهول عندهم. انتهى.
فلا يصلح للاحتجاج به في مقابلة الحديث الصحيح النافي للصدقة، لكنَّ فيما قال ابن القطان نظراً، فإن أبا يوسف وثَّقه ابن حبان وغيره، قال الزيلعي، وقال العيني:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قول ابن القطان لم يصدر عن عقل، وهل يُقال في مثل أبي يوسف إنه مجهول، وهو أول من سُمِّي بقاضي القضاة، وعلمه شاع في ربع الدنيا وهو إمام ثقة حجة. انتهى. وفي "أنساب السمعاني": لم يختلف يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني في كون أبي يوسف ثقة في الحديث. انتهى. وقد بسطتُ في ترجمته في "مقدمة الهداية" ثم في "مقدمة السعاية، شرح شرح الوقاية"، ثم في "النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير" ثم في "الفوائد البهية في تراجم الحنفية". وثانيهما: أنه على تقدير صحته يُحمل على أنه كان في الابتداء، ثم نُسخ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: عفوتُ عن صدقة الخيل. أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، والعفو لا يكون إلاّ عن حقٍّ لازم، وقد يُستدل لما ذهب إليه أبو حنيفة بأخبار أُخر، منها ما في الصحيحين، مرفوعاً في حديث طويل: الخيل ثلاثة: هي لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر
…
الحديث، وفيه فأمّا الذي له ستر فرجل ربطها تعفُّفاً ولم ينسَ حقَّ الله في رقابها ولا ظهورها
…
الحديث، فإن الحق الثابت على رقاب الحيوانات ليس إلَاّ الزكاة فدل ذلك على وجوبها. وأجاب عنه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" بأنه يجوز أن يكون ذلك الحق سوى الزكاة، فإنه قد روى ما نا ربيع المؤذن نا أسد نا شريك بن عبد الله بسنده عن عامر، عن فاطمة بنت قيس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: في المال حقٌّ سوى الزكاة، وحجة أخرى أنّا رأينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الإِبل السائمة، فقال: فيها حق، فسُئل: ما هو؟ فقال: إطراقُ فحلها، وإعارةُ دلوها، ومنيحة سمينها، فاحتمل أن يكون هو في الخيل (انظر شرح معاني الآثار 1/310. إطراق فحلها أي عاريته للضراب، ومنيحة سمينها أي عطية سمينها من المنح وهو إعطاء ذات لبن فقيراً ليشرب لبنها مدة، ثم يردها على صاحبها إذا ذهب درّها. اهـ) . انتهى ملخصاً. ومنها ما روي أن عمر أخذ الصدقة من الخيل وكذلك عثمان، أخرجه ابن عبد البر والدارقطني وغيرهما، وأجاب عنه الطحاوي بأنه لم يأخذه عمر على أنه حق واجب عليهم، بل لسبب آخر، ثم أخرج بسنده عن حارثة قال:
سَائِمَةً (1) يُطلب نَسْلُهَا فَفِيهَا الزَّكَاةُ، إِنْ شئتَ (2) فِي كُلِّ فَرَسٍ دِينَارٌ، وَإِنْ شِئْتَ فَالْقِيمَةُ، ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خمسةُ دَرَاهِمَ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعي (3) .
336 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ (4) : أَنَّ عمرَ (5) بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ لا يَأْخُذَ مِنَ الْخَيْلِ وَلا الْعَسَلِ (6) صدقة.
حججت مع عمر فأتاه أشراف الشام، فقالوا: إنا أصبنا خيلاً وأموالاً فخذ من أموالنا صدقة، فقال: هذا شيء لم يفعله اللذان كانا قبلي، ولكن انتظروا حتى أسأل المسلمين، فسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم عليّ، فقالوا: حسن، وعليٌّ ساكت، فقال عمر: ما لك يا أبا الحسن؟ فقال: قد أشاروا عليك ولا بأس بما قالوا إن لم يكن واجباً، وجزية راتبة يؤخذون بها بعدك. فدل ذلك على أنه إنما أخذ على سبيل التطوع بعد ابتغائهم ذلك لا على سبيل أنه شيء واجب، وقد أخبر أنه لم يأخذه رسول الله ولا أبو بكر.
(1)
بأن ترعى في أكثر الحول.
(2)
أي أيها السائل.
(3)
كما أخرجه المؤلف في كتاب "الآثار"، عن أبي حنيفة، عن حمّاد عنه.
(4)
هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قاضي المدينة.
(5)
وأحد الفقهاء والخلفاء من بني أمية.
(6)
قوله: ولا العسل، قد ذهب الأئمة إلى أن لا زكاة في العسل (يجب العشر في العسل، به قال أبو حنيفة والشافعي في القديم وأحمد. وفي الجديد لا عشر فيه، وعليه مالك، مرقاة المفاتيح 4/155) ، وضعَّف
قَالَ مُحَمَّدٌ: أَمَّا الْخَيْلُ فَهِيَ عَلَى مَا وصفتُ (1) لَكَ، وَأَمَّا الْعَسَلُ فَفِيهِ العُشُر (2) إِذَا أصبتَ مِنْهُ الشيءَ الْكَبِيرَ (3) خمسةَ أَفْرَاقٍ (4) فَصَاعِدًا، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْعُشُرُ (5) ، وَقَدْ بَلَغَنَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ جَعَلَ فِي الْعَسَلِ الْعُشُرَ.
337 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سُلْيَمَانَ بن
أحمد حديث أنه صلى الله عليه وسلم أخذ منه العُشر، قال أبو عمر: هو حديث حسن يرويه عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
(1)
من أنه ليس فيه صدقة خلافاً لأبي حنيفة.
(2)
قوله: ففيه العشر، لما روى الترمذي عن ابن عمر مرفوعاً: في العسل العشر، في كل عشرة أزقّ زقّ. ورواه الطبراني بلفظ: في العسل العشر، في كل عشر قِرَب قِربة، وليس في ما دون ذلك شيء.
وروى العقيلي عن أبي هريرة مرفوعاً: في العسل العشر.
وروى أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد والبيهقي والطبراني وغيرهم قصة فيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ العُشر. وفي أسانيد أكثر هذه الأخبار مقال، وسند بعضها حسن. وللبسط موضع آخر.
(3)
في نسخة: الكثير،
(4)
قال القاري: جمع فَرَق بالفتح، مكيال بالمدينة يسع ثلاثة آصع أو ستة عشر رطلاً.
(5)
قوله: العشر، أي إذا كان في أرض عشرية أو جبلي، وقال الشافعي: لا شيء في العسل، وقال أبو يوسف: لا شيء في العسل الجبلي، كذا قال القاري.