الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجِيَفَ (1) مِمَّا لَهُ مِخْلب أَوْ لَيْسَ لَهُ مِخْلَبٌ. وَهُوَ قَوْلُ (2) أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ.
7 - (بَابُ أَكْلِ الضَبّ
(3))
644 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالِدِ (4) بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: أَنَّهُ (5) دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بيتَ مَيْمُونَةَ (6) زوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فأُتي بضَبّ مَحْنُوذ (7) فَأَهْوَى (8) إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يده،
(سورة الأعراف: الآية 157)
(1)
الجِيَف بكسر الجيم وفتح الياء جمع جيفة.
(2)
قوله: وهو قول، أخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي أنهم يعني الصحابة كانوا يكرهون ما يأكل الجِيَف. وعن مجاهد أنه سئل عنه فعافه، ذكره ابن حجر في "التلخيص".
(3)
بفتح الضاد وتشديد الباء: حيوان معروف برّيّ، يقال له سوسمار كَوه باللغة الأردية.
(4)
قوله: خالد، هو ابن خالة ابن عباس، أبو سفيان المخزومي، أسلم بعد الحديبية وقبل الفتح، وشهد غزوة مؤتة، مات بحمص سنة 21، وقيل: بالمدينة، كذا في "الإِسعاف".
(5)
قال ابن عبد البر: كذا قال يحيى وجماعة من رواة "الموطأ". وقال ابن بكير عن ابن عباس وخالد: أنهما دخلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(6)
هي خالة ابن عباس وخالد.
(7)
بالذال المعجمة أي مشويّ.
(8)
أي أمال إليه يده للتناول للأكل.
فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ اللاتِي كنَّ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ: أَخبِرُوا (1) رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، فَقُلْنَ (2) : هُوَ ضَبٌّ، فَرَفَعَ (3) يدَه، فَقُلْتُ (4) : أَحَرَامٌ (5) هُوَ؟ قَالَ: لا (6) ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ (7) قَوْمِي، فأجِدُني أعافُه (8) . قَالَ (9) : فاجترَرْتُه (10) فأكلتُ وَرَسُولُ (11) اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ينظُرُ.
645 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: نَادَى رَجُلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى (12) فِي أَكْلِ الضبّ؟
(1) أي سَمُّوا له ليعرف حِلّه وحُرمته.
(2)
قوله: فقلن، منهن ميمونة كما عند الطبراني وبقية النساء لم يسمَّيْن، كذا ذكره ابن حجر وغيره.
(3)
معرضاً عن أكله.
(4)
هذا قول خالد.
(5)
أي أأعرضت عن أكله لحُرمته؟
(6)
أي ليس بحرام.
(7)
أي مكة وأطرافها.
(8)
بفتح الهمزة أي أجد نفسي أكرهه.
(9)
أي خالد.
(10)
أي جررته إلى نفسي.
(11)
الواو حالية والغرض منه بيان تقريره عليه السلام على أكله الدال على حله فإنه لو كان حراماً لمنعه عن أكله.
(12)
أي ما حكمه؟.
قال: لستُ (1) بآكله ولامُحَرِّمه.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَدْ جَاءَ (2) فِي أَكْلِهِ اخْتِلَافٌ، فأما نحن فلا نرى أن يؤكل.
(1) أي لا أحرّمه ولكن لا آكله لا لتحريمه بل لما مرّ.
(2)
قوله: قد جاء في أكله اختلاف، أي وردت في جواز أكله وعدمه أحاديث مختلفة، فإن حديث ابن عمر وكذا حديث خالد المذكورَيْن سابقاً يدلاّن على الحِلّ من غير كراهة، وحديث عائشة وعليّ المذكورَيْن لاحقاً يدلان على النهي والكراهة، وإذا تعارضت الأخبار في الحلّ وعدمه رُجِّحت أخبار عدمه (قد جمع الشيخ في بذل المجهود 16/121 بين هذه الروايات المتعارضة، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباحه أولاً، ولكن ترك أكله تقذُّراً واعتذر بأنه لم يكن في أرض قومي فأجدني أعافه، ثم تردّد فيه باحتمال كونه من الممسوخات فلم يأمر فيه بشيء ولم ينه عنه، فكان في حكم الإِباحة الأصلية، ثم بعد ذلك نهى عنه فصار حراماً، وهذا الوجه أولى لأن فيه تغليب الحظر على الإِباحة) احتياطاً.
قال بعض الأعلام في "شرح مسند الإِمام"(أي: تنسيق النظام ص 192) : أخرج أبو داود عن عبد الرحمن ابن شبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب. وفي إسناده إسماعيل بن عيّاش عن ضمضم بن زرعة عن عتبة عن أبي راشد عنه، قال الحافظ: وحديث (في الأصل هكذا. والظاهر أحاديث) ابن عياش عن الشاميين مقبولة، وهؤلاء ثقات شاميون، ولا يُلتفت إلى قول الخطابي: ليس بإسناده بذلك وبهذا تمسّك أبو حنيفة وأصحابه، وقالوا بامتناع أكل الضبّ، وقد وردت أحاديث في أكل الضّب بعضها تشتمل على النهي لعلة المسخ، وبعضها على أن النبي عليه السلام لم يأكل منه ولم ينه عنه، فمن الأول: ما أخرجه أحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني بإسناد رجاله ثقات عن عبد الرحمن بن حسنة: كنّا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأسفر، فنزلنا منزلاً أرضاً كثيرة الضباب فأصبنا ضبّاً وذبحنا، فبينما القِدْرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يغلي إذ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمة من بني إسرائيل فُقدت وإني أخاف أن تكون هي، فاكْفَؤوها، فَكفأناها، وفي رواية: وإنا جياع.
ومن الثاني: ما أخرجه مسلم عن أبي سعيد أنّ أعرابياً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني في غائط مُضِبة (قال الحافظ: مُضِبة - بضم أوله وكسر المعجمة - أي كثيرة الضباب. فتح الباري 9/663) وإنّه عامُّ طعام أهلي، فلم يجبه، فقلنا: عاوِدْهُ فعاودَهُ، فلم يجبه ثلاثاً ثم ناداه في الثالثة، وقال: يا أعرابي، إنّ الله لعن على سبطٍ من بني إسرائيل، فمسخهم دوابّ يدبّون على الأرض فلا أدري لعل هذا منها، فلست آكلها ولا أنهى عنها. وعند أبي داود والنسائي من حديث ثابت بن وديعة نحو ذلك. فلما كانت الأحاديث في الضبّ كما ترى اختلف العلماء في أكله، فمنهم من حرّمه حكاه عياض عن قوم، ومنهم من كرهه وهو رأي أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ونقله ابن المنذر عن علي، ومنهم من قال بإباحة أكله، وهو قول الجمهور. وقالوا في الأحاديث التي ورد النهيُ فيها لعلّة المسخ ليس فيها ما يدل على الجزم بأن الضبّ ممسوخ، وإنما توقف في ذلك وهذا لا يكون إلا قبل أن يُعلم اللَّهُ نبيَّه أن الممسوخ لا ينسل، وبهذا أجاب الطحاوي، ثم أخرج عن ابن مسعود: سئل رسول الله عن القرود والخنازير وهي ممّا مُسخ. قال: إن الله لا يُهللك قوماً فيجعل لهم نسلاً، فلما عُلم أن الممسوخ لا نسل له وكان صلى الله عليه وسلم يستقذره فلا يأكله، ولا يحرمه وأكل على مائدته دل على الإِباحة وتكون الكراهة تنزيهية في حق من يتقذّره، ورجح الطحاوي إباحة أكله، ونقل الشيخ بيري زاده في "شرح الموطأ" لمحمد عن العيني أنه قال: الأصح أن الكراهة عند أصحابنا تنزيهية لا تحريمية للأحاديث الصحيحة أنه ليس بحرام
646 -
أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النّخَعي، عَنْ عَائِشَةَ:(1) أَنَّهُ أُهْدِيَ (2) لَهَا ضَبّ، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَتْهُ عَنْ أَكْلِهِ فَنَهَاهَا عَنْهُ، فَجَاءَتْ (3) سَائِلَةٌ فَأَرَادَتْ (4) أَنْ تُطْعِمَها إِيَّاهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتُطْعِمِينَها (5) مِمَّا لا تُأكلين؟
647 -
أخبرنا عبد الجبار (6) ، عن ابن عبّاس الهمدانيّ، عن
(قال الحافظ: والمعروف عن أكثر الحنفية فيه كراهة التنزيه وجنح بعضهم إلى التحريم ويبدو أن الطحاوي أيضاً فهم عن محمد أنّ الكراهية فيه للتحريم. انظر فتح الباري 9/666) .
(1)
قوله: عن عائشة، هذه الرواية منقطعة، فإن النخَعي لم يسمع من عائشة شيئاً كما ذكره ابن حجر في "تهذيب التهذيب"، وقد وجدنا هذا الحديث في "مسند الإِمام أبي حنيفة" الذي جمعه الحصفكي، وفي "مسنده" الذي جمعه الخوارزمي هكذا: أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة، وكذا أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ونقل عن محمد أنه احتج بهذا الحديث على كراهة أكل الضب، وقال: قد دلّ ذلك على أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كره لنفسه ولغيره أكلَ الضَّبَ، فبذلك نأخذ، ثم أجاب عنه الطحاوي بقوله: قيل له: ما في هذا دليل على ما ذكرت، فقد يجوز أن يكون كره أن تُطعمه السائل لأنها إنما فعلت ذلك من أجل أنها عافته، ولولا أنها عافته لما أطعمته إيّاه، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يكون ما يتقرب به إلى الله إلا من خير الطعام كما قد روي أنه نهى عن أن يُتَصَدّق بالتمر الرديء.
(2)
بصيغة المجهول.
(3)
في رواية الطحاوي: فجاء سائل.
(4)
أي عائشة.
(5)
من باب الإِطعام مع همزة الاستفهام للزجر والملام.
(6)
قوله: أخبرنا عبد الجبار عن ابن عباس الهمداني، بالفتح نسبة إلى همدان،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قبيلة عن عزيز - على وزن فعيل بزائين معجمتين بينهما ياءً تحتية مثناة أولها عين مهملة - بن مَرْثَد - بفتح الميم والثاء المثلثة بينهما راء مهملة ساكنة - عن الحارث عن علي بن أبي طالب إلخ، هكذا وجدنا العبارة في كثير من النسخ وفي بعضها عن أبي عباس مكان عن ابن عباس، وفي بعضها مكانه عن ابن عيّاش بتشديد الباء المثناة التحتية بعد العين المهملة آخره شين معجمة، والذي أظن أن هذا كله تصحيف، والصحيح عبد الجبار ابن عباس الهمداني قال في "تهذيب التهذيب" عبد الجبار بن العباس الشِّبامي الهمداني الكوفي، وشبام جبل باليمن، روى عن أبي إسحاق السبيعي وعدي بن ثابت وسلمة بن كهيل وقيس بن وهب وعون وعثمان بن المغيرة الثقفي وعُرَيب بن مرثد المَشْرِقي وعدة، وعنه ابن المبارك وإسماعيل بن محمد بن جحادة ومسلم بن قتيبة وإبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق السبيعي. وأبو أحمد الزبيري والحسن بن صالح ووكيع وغيرهم قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: أرجو أن لا يكون به بأس وكان يتشيّع، وقال ابن معين وأبو داود: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: ثقة، وقال البزار: أحاديثه مستقيمة، وقال العجلي: صويلح، لا بأس به. انتهى ملخصاً. وفي "أنساب السمعاني" بعد ذكر أن الشبامي نسبة إلى شبام بلدة باليمن - بكسر الشين المعجمة بعدها باء موحدة - المشهور بالنسبة إليها عبد الجبار بن عباس الشبامي الهمداني من أهل الكوفة، يروي عن عون بن أبي جحيفة وعطاء بن السائب، وروى عنه ابن أبي زائدة والكوفيون، كان غالياً في التشيع. انتهى. وفيه أيضاً بعد ما ذكر المَشْرِقي وضبطه بفتح الميم وسكون الشين المعجمة وكسر الراء المهملة في آخره قاف، نسبة إلى مشرق بطن من همدان، والمشهور بالنسبة إليه عريب بن مرثد المَشْرِقي الهمداني، يروي المقاطيع، روى عنه عبد الجبار بن العباس الشبامي انتهى ملخصاً. ومنه يُعلم أنّ شيخ عبد الجبار اسمه عريب لا عزيز فليحرر هذا المقام: وأما الحارث فهو ابن عبد الله الأعور الهمداني الكوفي، روى عن علي وابن مسعود وزيد بن ثابت، وعنه الشَّعبي وأبو إسحاق السَّبيعي وعطاء بن أبي رباح وجماعة، كذَّبه الشعبي على ما أخرجه
عَزِيزِ بْنِ مَرثَد، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ الضَّبِّ والضّبُع (1) .
قَالَ محمدٌ: فَتَرْكُهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله تعالى.
مسلم في "مقدمة صحيحة" وأبو إسحاق وعليّ بن المديني وغيرهم، ووثقه يحيى بن معين، وقال ابن حبان: كان غالياً في التشيع، واهياً في الحديث، مات سنة 65 هـ، وقال أحمد بن صالح المصري: الحارث الأعور ثقة ما أحفظه وما أحسن ما روى عن عليّ، وأثنى عليه، قيل له: فقد قال الشعبي: كان يكذب؟ قال: لم يكن يكذب في الحديث وإنما كان كذبه في رأيه. وقال الذهبي: النسائي مع تعنُّته في الرجال قد احتج به والجمهور على توهينه مع روايتهم لحديثه في الأبواب، وهذا الشعبي يكذِّبه ثم يروي عنه، والظاهر أنه يكذب في حكاياته لا في الحديث، كذا في "تهذيب التهذيب".
(1)
قوله: والضَّبُع، هو كالسَّبُع وزناً ويقال له كفتار (بالفارسية) وهو حلال عند الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور، وكرهه مالك، والمكروه عنده ما يأثم آكله ولا يُقطع بتحريمه، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يحل أكله، وبه قال سعيد بن المسيب والثوري محتجِّين بأنه ذو ناب (إن الضبع سبع ذو ناب، وذهب الجمهور إلى التحريم لتحريم كل ذي ناب من السباع، ولحديث الترمذي من رواية خزيمة بن جزء. انظر الكوكب الدري 3/10 وبذل المجهود 16/128) كذا ذكره الدَّميري، وقد ورد النهي عن أكله في روايات عديدة أخرجها الترمذي وابن أبي شيبة وأحمد وإسحاق وأبو يعلى وغيرهم كما بسطه العيني في "البناية" مع الجواب عما استدَلّ به المخالفون.
8 -
(بَابُ مَا لَفَظَه (1) البحرُ مِنَ السَّمَك الطَّافِي (2) وَغَيْرِهِ)
648 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (3) بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ سَأَلَ عبدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ عَمَّا لَفَظَهُ (4) الْبَحْرُ؟ فَنَهَاهُ عنه، ثم انقلب (5) فدعا بمصحفٍ فقرأ:
(1) أي رماه على الساحل ونحوه.
(2)
قوله: الطافي، يقال: طفا الشيء فوق الماء يطفو طفواً إذا علا، ومنه السمك الطافي، وهو الذي يموت في الماء ويعلو على الماء ولا يرسب، كذا في "المغرب" وغيره.
(3)
قوله: أن عبد الرحمن، قال القاري: قيل ليس لعبد الرحمن هذا حديث غير هذا في "الموطأ". انتهى. وقد ذكره ابن حِبّان في ثقات التابعين.
(4)
قوله: عما لفظه البحر، أي رماه البحر على الساحل، من أكلتُ التمرةَ ولفظتُ النواة أي رميتُها، ومنه قوله تعالى:{ما يَلْفِظُ من قولٍ إلاّ لديه رقيب عتيد} (سورة ق: الآية 69) وإطلاق اللفظ على الملفوظ لأنه مرميّ من الفم.
(5)
قوله: ثم انقلب، أي انصرف إلى بيته، ورجع إلى أهله كما يُعلم مما ذكره السيوطي في "الدر المنثور": أخرج عبد بن حُمَيد وابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن نافع أن عبد الرحمن بن أبي هريرة سأل ابنَ عمر عن حيتان ألقاها البحر؟ فقال: أمَيْتَة هي؟ قال: نعم، فنهاه، فلما رجع عبد الله إلى أهله أخذ المصحف فقرأ سورة المائدة فأتى على هذه الآية {وطعامه} فقال: طعامه هو الذي ألقاه فالْحَقْه، فمره بأكله. انتهى. وبه يظهر ما في كلام القاري حيث فسر انقلب بقوله أي رجع عن قوله. انتهى.
{أُحِلّ لَكُمْ (1) صَيْدُ (2) الْبَحْرِ وَطَعَامُه} (3)، قَالَ نَافِعٌ: فَأَرْسَلَنِي إِلَيْهِ (4) أنْ (5) لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ فَكُلْه.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ الآخِرِ (6) نَأْخُذُ. لا بَأْسَ بِمَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ وَبِمَا حَسَر (7) عَنْهُ الماءُ إِنَّمَا (8) يُكره مِنْ ذلك الطافي. وهو
(1) الخطاب إلى المُحْرِمين.
(2)
قوله: صيد البحر وطعامه، قال أبو هريرة: طعامه ما لفظه ميتاً، أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم مرفوعاً وموقوفاً، وقال أبو بكر الصدّيق: صيده ما حويت عليه وطعامه ما لفظه عليك، أخرجه أبو الشيخ، وفي رواية عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عنه: صيد البحر ما نصطاده بأيدينا، وطعامه ما لاثه البحر، ومثله أخرجه البيهقي وغيره عن ابن عباس. وفي الباب آثار أُخَر مذكورة في "الدر المنثور".
(3)
بعده: {متاعاً لكم وللسيّارة وحُرِّم عليكم صيد البرِّ مادُمْتُمْ حرماً} (سورة المائدة: الآية 96) .
(4)
أي إلى عبد الرحمن بن أبي هريرة.
(5)
بيان للمرسل به أي بهذا الحكم.
(6)
بكسر الخاء أي المتأخر.
(7)
أي انكشف عنه ونضب وغار.
(8)
قوله: إنما يُكره من ذلك الطافي، لما أخرجه أبو داود وابن ماجه عن يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً: ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوا: وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه. وأعله البيهقي بيحيى بن سليم، وقال: إنه كثير الوهم سيّئ الحفظ، وقد رواه غيره موقوفاً، وردّه العيني بأنه