الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْدَ مَا يَقِفُ بِعَرَفَةَ لَمْ يفسُد حجُّه، وَلَكِنْ عَلَيْهِ بَدَنة (1) لِجمَاعِه، وحجُّه تامٌّ، وَإِذَا (2) جَامَعَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ لا يَفْسَدُ حَجُّهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا.
66 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِهلال
(3))
513 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: يَا أَهْلَ (4) مكة، ما شأنُ الناس يأتون
وعليه بدنة لأثر ابن عباس خلافاً للشافعي فيما إذا جامع قبل رمي يوم النحر فإنه عنده وعند مالك وأحمد مفسد، هذا إذا جامع قبل الحلق، فإن جامع بعد الحلق فعليه شاة لبقاء إحرامه في حق النساء، ودون لُبس المَخيط فخفِّفت الجناية.
(1)
أي جزاءً لفعله.
(2)
هذا بظاهره مكرر.
(3)
أي الإِحرام لمن بمكة.
(4)
قوله: يا أهل مكة، خطاب إلى مَن بمكة مكِّيّاً كان أو آفاقياً. ما شأن الناس أي الآفاقيون يأتون أي يدخلون مكة شُعثاً - بالضم فسكون - جمع أشعث: وهو الشَّعِث بفتح أوله وكسر ثانيه، مغبَّر الرأس متفرِّق الشعر مشتَّت الحال يعني يدخلون وهم محرمون من المواقيت مغبَّروا الرأس لا أثر عليهم للدُّهن والطيب، والحال يا أهل مكة أنتم مدَّهنون - بتشديد الدال من الادِّهان - أي مستعملون الدهن في الشعر. أهِلّوا، أي أحرموا بالحج إذا رأيتم الهلال أي هلال ذي الحجة، وهذا الأمر منه للندب وقد مرَّ أن ابن عمر كان يحرم يوم التروية ويستحبُّه ويتأسّى في ذلك بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأمر في ذلك واسع (انظر المنتقى للباجي 2/219) فمن تعجل فلا إثم عليه ومن تأخَّر فلا إثم عليه. والأفضل هو التعجيل إذا أمن من الوقوع في المحظورات.
شُعثاً، وَأَنْتُمْ مُدَّهِنُون، أهِلُّوا إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: تَعْجِيلُ الإِهلال أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِهِ إِذَا ملكتَ (1) نفسَك. وَهُوَ قولُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا.
67 -
(بَابُ القُفُول (2) مِنَ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ)
514 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابن عمر: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ حجٍّ أَوْ عُمرةٍ أَوْ غَزوة يُكَبِّر (3) عَلَى كُلِّ (4) شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ ثَلاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ (5) : لا إله إلَاّ الله وحده لا شريك لَهُ، لَهُ المُلك وَلَهُ الْحَمْدُ يُحيِي ويُمِيت وهو على كل
(1) قدرت نفسك وأمنت من الوقوع في المحظور.
(2)
بالضم أي الرجوع إلى وطنه.
(3)
أي يقول: الله أكبر.
(4)
قوله: على كل شرف، قال العيني في "عمدة القاري": هو بفتحتين المكان العالي، قال الجوهري: جبل مشرف أي عالٍ، وقوله: آيبون، أي راجعون إلى الله، وفيه إيهام معنى الرجوع إلى الوطن، يقال آب إلى الشيء أوباً وإياباً أي رجع، وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أي نحن آيبون، وكذا ارتفاع تائبون وما بعده. وقوله: لربنا، إما خاص بقوله ساجدون، وإما عامّ لسائر الصفات. وقوله: هَزَم الأحزاب، هم الطائفة المتفرِّقة الذين اجتمعوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب فهزمهم الله بلا مقاتلة ولا إيجاف خيل، وقال عياض: يحتمل أن يريد أحزاب الكفر في جميع الأيام والمواطن، ويحتمل أن يريد به الدعاء أي الَّلهم افعل ذلك.
(5)
اختار هذا الذكر لكونه جامعاً، ولكونه أفضل ما قاله الأنبياء قبله.
شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيُبون تَائِبُونَ عابدُون ساجِدُون (1) لرَبِّنا حامِدُونَ، صَدَقَ (2) اللَّهُ وَعدَه ونَصَرَ عَبدَه وهَزَمَ الأحزابَ وَحدَه.
68 -
(بَابُ (3) الصَّدَر)
515 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نافع، عن ابن عمر: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَدَرَ (4) مِنَ الحجِّ أَوِ العُمرَة أَنَاخَ (5) بالبَطحَاءِ الَّذِي (6) بِذِي الحُلَيفة فَيُصَلِّي بِهَا ويُهَلِّل قَالَ (7) : فَكَانَ (8) عبد الله بن
(1) أي مصلون أو منقادون.
(2)
قوله: صدق الله وعده، أي في إظهار الدين ونصرة المسلمين وغلبة أمور اليقين. ونصرعبده أي عبده الخاص المستحق لكمال العبودية المشار إليه بقوله تعالى:{سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً} (سورة الإِسراء: الآية 1) ، وغير ذلك، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم.
(3)
قوله: باب الصَّدَر، بفتحتين بمعنى الرجوع، ومنه قوله تعالى:{يومئذٍ يصدر الناس أشتاتاً} (سورة الزلزلة: الآية 6)
(4)
أي رجع.
(5)
قوله: أناخ، أي أجلس بعيره، ونزل بالبَطحاءِ بالفتح الوادي الذي فيه دقاق الحصى الذي بذي الحليفة - ميقات أهل المدينة - فيصلي بها نفلاً أداءً للشكر، ويهلِّلُ أي يؤدي التهليل المذكور سابقاً. قال القاري: فيه تنبيه على أنه يُستَحَبُّ لأهل المدينة أن ينزلوا بذي الحُلَيفة ذهاباً وإياباً وينبغي أن يكون كذا أمر غيرهم ببلدهم.
(6)
احتراز عن البطحاء الذي بين مكة ومنى.
(7)
أي نافع.
(8)
في نسخة: وكان.
عُمَرَ يَفْعَلُ (1) ذَلِكَ.
516 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لا يصدُرَنَّ (2) أَحَدٌ (3) مِنَ الحاجِّ حَتَّى يَطُوفَ (4) بِالْبَيْتِ فإنَّ آخِرَ النُّسُكِ (5) الطَّوَافُ بالبيت.
(1) قوله: يفعل ذلك، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان كثير الاهتمام بمتابعة النبي عليه السلام ولو في المندوبات بل المباحات.
(2)
بضمِّ الدال أي لا يرجعن من مكة.
(3)
أي من أهل الآفاق.
(4)
أي طواف الوداع.
(5)
قوله: فإن أخر النسك، بضمَّتين أي أخر المناسك المتعلِّقة بالحج والعمرة هو الطواف بالبيت، قال مالك: وذلك فيما نرى والله أعلم لقول الله: {ومن يعظِّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} (سورة الحج: الآية 32)، وقال:{ثم مَحِلُّها إلى البيت العتيق} ومحل الشعائر (ذكر الباجي عن زيد بن أسلم: أن الشعائر ستّ: الصفا، والمروة، والجمار، والمشعر الحرام، وعرفة، والركن. والحرمات خمس: الكعبة الحرام، والمسجد الحرام، والبلد الحرام، والشهر الحرام، والمحرم حتى يَحِلّ. المنتقى للباجي 2/294) كلها وانقضاؤها إلى البيت العتيق. انتهى. وقد اقتدى عمر في هذا الحكم بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت، أخرجه مسلم ورواه الشافعي وزاد: فإنَّ آخر النسك الطواف بالبيت. وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: أُمر الناس أن يكون آخرعهدهم بالبيت الطواف إلَاّ أنه خُفِّف عن الحائض، وعن هذا قال أئمتنا: إن طواف الصدر واجب يجب بتركه الدم، وبه قال أحمد والحسن ومجاهد والثوري والحكم وحماد، وعن
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، طوافُ الصَّدَر واجِبٌ عَلَى الحاجِّ (1) وَمَنْ تَرَكَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ إلَاّ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ فَإِنَّهَا (2) تَنفِر (3) وَلا تَطُوفُ إِنْ شَاءَتْ (4) . وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا.
69 -
(بَابُ الْمَرْأَةِ يُكره لَهَا إِذَا حلَّت (5) مِنْ إِحْرَامِهَا أَنْ تمتشطَ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْ شَعْرِهَا)
517 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْمَرْأَةُ المُحرِمة إِذَا حلَّت (6) لا تَمتَشِط حَتَّى تأخذَ مِنْ شعرِها، شعرِ رأسِها (7) ، وَإِنْ كَانَ لَهَا هديٌ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ شعرها شيئاً حتى تنحر (8) .
ابن عباس ما يدل عليه، وعند الشافعي في أحد القولين مستحب، وقال مالك: سنة ولا شيء على تاركه، كذا ذكره في "البناية".
(1)
وكذا على المعتمر من أهل الآفاق إذا أراد الرجوع.
(2)
أي كل منها.
(3)
أي تسافر.
(4)
إذا اضطُرَّت إلى ذلك، والأَولى أن تنفر بعد الطواف.
(5)
قوله: يُكره لها إذا حلت، أي أرادت الخروج من الإِحرام، والتحلُّل أن تمتشط أي تسرِّح شعرها بالمشط حتى تأخذ من شعرها أي تقصر قدر أنملة فإنَّ القصر متعيِّن في حقَّها والحلق منهيٌّ عنه لها.
(6)
إذا أرادت التحلُّل.
(7)
بدل من شعرها.
(8)
أي تذبح ذلك الهدي. قال القاري: الترتيب بالنسبة إلى القارن