الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22 - (بَابُ المُحرم يَتَزَوَّجُ)
435 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنْ نُبَيْه (1) بْنِ وَهْبٍ أَخِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ: أَنَّ عمرَ بنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرْسَلَ (2) إلى أبانَ بنِ عثمان - و (3) أبان أَمِيرُ (4) الْمَدِينَةِ - هُمَا (5) مُحرمان، فَقَالَ (6) : إِنِّي أردتُ أَنْ أُنكح (7) طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ ابنةَ شيبةَ بنِ جُبَيْرٍ، وأردتُ (8) أَنْ تَحْضُرَ ذَلِكَ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ (9) أَبَانٌ، وَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عفان قال: قال:
(1) قوله عن نبيه، هو بضم النون - مصغَّراً - بن وهب بن عثمان العبدري أخي بني عبد الدار بن قصيّ قبيلة أي هو أحد منهم، وهو من صغار التابعين، مات سنة 126، وشيخه عمر بن عبيد الله بن معمر بن عثمان بن عمرو بن كعب القرشي جده معمر صحابي، وهو من التابعين، ذكره ابن حبان في "الثقات" كذا في "شرح الزرقاني".
(2)
أي نُبَيْهاً الراوي كما في رواية لمسلم.
(3)
الواو حالية وكذا الواو التي بعدها.
(4)
في "موطأ يحيى" وأبان يومئذ أمير الحاجّ أي من جهة عبد الملك.
(5)
أي عمر وأبان.
(6)
أي عمر.
(7)
قوله: أن أنكح، من الإِنكاح، طلحة بن عمر أي ابنه مع ابنة شيبة، اسمها: أمة الحميد بن جبير بن عثمان بن أبي طلحة العبدري.
(8)
أي قصدتُ وأحببتُ أن تحضر في مجلس العقد. وفيه دلالة على ندب الإِيذان لحضور العقد.
(9)
وقال لا أُراه إلا عراقياً، كما في رواية لمسلم، أي آخذاً بمذهب أهل العراق تاركاً للسنة.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يَنْكِحُ المحرمُ وَلا يَخْطُبُ وَلا يُنْكَح (1) .
436 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: لا يَنكحُ المُحرم وَلا يَخْطُبُ عَلَى نَفْسِهِ وَلا عَلَى غَيْرِهِ.
437 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا (2) غَطَفان بْنُ طَرِيف أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ طَرِيفًا تَزَوَّجَ وَهُوَ مُحرم فَرَدَّ (3) عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نِكاحَه.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَدْ جَاءَ فِي هَذَا (4) اختلاف (5) ، فأبطل أهل (6)
(1) قوله: لا يَنْكِح، بفتح أوله، المحرم بحج أو عمرة أي لا يعقد لنفسه ولا يُنْكَح بضمّ أوله أي لا يعقد لغيره بولاية أو وكالة، ولا يخطب من الخِطبة بالكسر، ويحتمل أن يريد خطبة النكاح. والسرّ في النهي عن هذه الأمور أنها من أمور العيش الدنيوي والإحرام ينبغي فيه ترك الترفُّه والتعيش، ولذا نهي عن التطيب ولُبْس المخيط ونحو ذلك.
(2)
قوله: حدثنا غطفان، هكذا في النسخ الحاضرة، وفي "موطأ يحيى": مالك عن داود بن الحصين أن أبا غطفان بن طريف المُرِّي أخبره أن أباه
…
إلى آخره. وأبو غَطَفان - بفتحات - قيل: اسمه سعد تابعي ثقة، وأبوه طَرِيف ككريم أيضاً من التابعين ونسبته المُرِّيّ - بضم الميم وكسر الراء المشددة - إلى مُرٍّ، قبيلة، ذكره السَّمْعاني.
(3)
قوله: فردّ نكاحه، ظاهره أنه فسخه بغير طلاق أخذاً بظاهر الحديث وهو قول الشافعية. وعند المالكية يُفسخ بطلقة احتياطاً، ذكره السَّمْعاني.
(4)
أي في نكاح المُحرم.
(5)
أي اختلاف الروايات واختلاف العلماء.
(6)
قوله: أهل المدينة، منهم سعيد بن المسيب والقاسم وسليمان بن يسار، وبه قال الليث والأوْزاعي ومالك وأحمد وإسحاق: أنه لا يجوز للمحرم النكاح، فإن
الْمَدِينَةِ نِكَاحَ الْمُحْرِمِ، وَأَجَازَ أَهْلُ مَكَّةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ نِكَاحَهُ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّجَ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَهُوَ مُحرم. فَلا نَعْلَمُ (1) أَحَدًا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أعلمَ بتزوُّج رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعل ذلك فهو باطل، وهو قول عمر وابن عمر وعلي وأبان وغيرهم. وأجاز ذلك إبراهيم النَّخَعي والثوْري وعطاء بن أبي رباح والحكم بن عتيبة وحماد بن أبي سليمان وعكرمة ومسروق وأبو حنيفة وأصحابه. واحتج المانعون بحديث عثمان المذكور سابقاً، وقد رواه الجماعة إلا البخاريّ وابن حِبّان وغيرهما. واحتجّ المجوِّزون بحديث ابن عباس قال: تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم، أخرجه الأئمة الستة وغيرهم، زاد البخاري في رواية: وبنى بها وهو حلال وماتت بسَرَف. وقال الترمذي: هو حديث حسن صحيح. وفي الباب عن عائشة أخرجه ابن حبان والبيهقي. قالت: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم تزوج وهو محرم. وأخرجه الطحاوي أيضاً، وأخرج أيضاً عن أبي هريرة: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم. وكذا أخرجه الدارقطني. وأجاب المجوِّزون عن حديث المانعين بحمل "لا يَنْكح" على منع الوطء فإن النكاح يُستعمل فيه. وفيه سخافة ظاهرة فإن لا يخطُبُ ولا يُنكح بالضم آبيان عن هذا التأويل (قلت: قد ذهب أكثر المؤرخين إلى أنه نكحها بسَرِف ذاهباً إلى مكة وأنه صلى الله عليه وسلم أراد بمكة البناء بها ودعا أهل مكة إلى الوليمة فلم يقبلوها. أفترى أنه صلى الله عليه وسلم ورد مكة ولم يحرم بعد؟ فكيف يُتصوَّر ما قالوا من أنه تزوج وهو حلال؟ انظر الكوكب الدرى 2/104) والكلام في هذا البحث طويل من الطرفين مبسوط في "تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي وشرح "الهداية" وشرح "صحيح البخاري" للعيني.
(1)
قوله: فلا نعلم، إشارة إلى ترجيح هذه الرواية بأن ابن عباس أعلم بكيفية تزوُّج ميمونة، وهو يخبر أنه كان في حالة الإحرام، فروايته مقدَّمة على رواية من روى أنها تزوجها حلالاً، كما أخرجه الطبراني في "معجمه" عن صفية بنت
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَيْبة وغيرُه. وههنا أبحاث يظهر بالتَعمُّق فيها ترجيح قول المانع على ما ذهب إليه المجوِّزون:
أحدها: وهو أقواها أنه قد رُوي عن ميمونة وهي صاحب القصة أنها تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حلال. وفي رواية: تزوجني ونحن حلالان بسرف. وفي رواية: بعد أن رجعنا من مكة، أخرجه أبو داود والترمذي ومسلم وأبو يعلى وغيرهم، ولاشك أن صاحب القصة أدرى بحاله من ابن أخته.
وثانيها: أنه لو كان كون ابن عباس ابن أخت ميمونة مرجِّحاً، فكذلك يزيد بن الأصم ابن أختها، وهو روى أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالاً. وابن عباس وإن كان أعلم منه وأفضل منه لكنهما يتساويان في القرابة، ورواية يزيد أخرجها الطحاوي وغيره.
وثالثها: أن أبا رافع مولى رسول الله أخبر أنه تزوّجها وهو حلال وكان سفيراً بينهما، كما أخرجه الترمذي وحسّنه وأحمد وابن حبان وابن خزيمة. ولاشك أن الرسول في واقعة أدرى بها من غيره.
ورابعها: أن أبا داود أسند عن سعيد بن المسيب أن ابن عباس وهم في أنه تزوجها وهو محرم.
وخامسها: أنه لا شك أنّ تزويج ميمونة كان في عمرة القضاء، وإنما اختُلف في أنه كان ذاهباً إلى مكة فيكون في حالة الإحرام، أو راجعاً منها فيكون في حالة الإحلال، وابن عباس كان إذ ذاك صغيراً لم يبلغ مبلغ الرجال، فلا يبعد وهمه وقلة حفظه لهذه الواقعة لصغره، وليس فيه حطّ لشأنه بل بيان لدفع استبعاد وهمه لا سيما إذا خالفه أبو رافع وميمونة.
وسادسها: أنه على تقدير صحة روايته يمكن أن يكون معنى قوله مُحرماً أي في الحرم فإن المحرم يستعمل في عرفهم في هذا المعنى أيضاً، وفيه بُعد، كما يشهد به رواية البخاري: تزوّجها وهو محرم وبنى بها وهو حلال.