المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌4 - (باب الرجل يطلع له الفجر في رمضان وهو جنب - التعليق الممجد على موطأ محمد - جـ ٢

[أبو الحسنات اللكنوي - محمد بن الحسن الشيباني]

فهرس الكتاب

- ‌76 - (بَابُ الْوِتْرِ)

- ‌77 - (بَابُ الْوِتْرِ عَلَى الدَّابَّةِ)

- ‌78 - (بَابُ تَأْخِيرِ الْوِتْرِ)

- ‌79 - (بَابُ السَّلامِ فِي الْوِتْرِ

- ‌81 - (بَابُ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي)

- ‌82 - (بَابُ مَا يُستَحبّ مِنَ التَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ دُخُولِهِ)

- ‌84 - (بَابُ صَلاةِ المُغمى عَلَيْهِ)

- ‌85 - (بَابُ صَلاةِ الْمَرِيضِ)

- ‌92 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ يصلِّي وَبَيْنَ القِبلة وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ قَائِمَةٌ

- ‌94 - (بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌95 - (باب الصلاة على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌96 - (بَابُ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌97 - (بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي ثُمَّ يَجْلِسُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ)

- ‌101 - (بَابُ فَضْلِ الجِهاد

- ‌102 - (بَابُ ما يكون من الموتِ شهادة

- ‌(أَبْوَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌2 - (بَابُ مَا يُكَفَّن بِهِ الْمَيِّتُ)

- ‌3 - (بَابُ الْمَشْيِ بِالْجَنَائِزِ وَالْمَشْيِ مَعَهَا)

- ‌4 - (بَابٌ الْمَيِّتُ لا يُتَّبَعُ بنارٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ مِجْمَرة فِي جِنَازَتِهِ)

- ‌5 - (بَابُ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ)

- ‌6 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌7 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌8 - (بَابٌ يَحْمِلُ الرَّجُلُ الْمَيِّتَ أَوْ يحنِّطه أَوْ يُغَسِّلُهُ هَلْ يَنْقُضُ ذَلِكَ وُضُوءَهُ

- ‌9 - (بَابُ الرَّجُلِ تُدْرِكُهُ الصَّلاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌10 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ مَا يُدفن)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌1 - (بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌3 - (بَابُ الْمَالِ مَتَى تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ)

- ‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْن هَلْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ)

- ‌6 - (بَابُ العُشُر

- ‌8 - (بَابُ زَكَاةِ الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ والبَراذين

- ‌9 - (بَابُ الرِّكَازِ

- ‌10 - (بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ)

- ‌11 - (بَابُ الْكَنْزِ

- ‌12 - (بَابُ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ)

- ‌13 - (بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌14 - (باب صَدَقَةِ الزَّيْتُونِ)

- ‌(أَبْوَابُ الصِّيَامِ

- ‌2 - (بَابُ مَتَى يَحْرُمُ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ)

- ‌3 - (بَابُ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فِي رَمَضَانَ)

- ‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَطْلُعُ لَهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ

- ‌5 - (بَابُ القُبلة لِلصَّائِمِ

- ‌6 - (بَابُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ)

- ‌8 - (بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ)

- ‌9 - (بَابُ قَضَاءِ رَمَضَانَ هَلْ يُفرَّق

- ‌10 - (بَابُ مَنْ صَامَ تَطَوُّعًا ثُمَّ أَفْطَرَ)

- ‌11 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِفطار)

- ‌15 - (بَابُ الأَيَّامِ الَّتِي يُكْرَهُ فِيهَا الصَّوْمُ)

- ‌16 - (بَابُ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ)

- ‌17 - (بَابُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الصِّيَامِ)

- ‌18 - (باب صوم يوم عَاشُورَاءَ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌1 - (بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌7 - (بَابُ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا وَهُوَ مُقِيمٌ)

- ‌15 - (بَابُ المُحرم يَغْسِلُ رَأْسَهُ، أَيَغْتَسِلُ

- ‌16 - (بَابُ مَا يُكره لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ)

- ‌17 - (بَابُ مَا رُخِّص للمُحرم أَنْ يَقْتُلَ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌22 - (بَابُ المُحرم يَتَزَوَّجُ)

- ‌23 - (بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ)

- ‌26 - (بَابُ فَضْلِ الْعُمْرَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ)

- ‌27 - (بَابُ المتمتِّع مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الهَدْي)

- ‌29 - (بَابُ المكِّي وَغَيْرِهِ يَحُجُّ أَوْ يَعْتَمِرُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّمْل)

- ‌31 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ)

- ‌37 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَمَا يُستحبّ مِنَ الْغُسْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ

- ‌41 - (بَابُ الصَّلاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَدُخُولِهَا)

- ‌42 - (بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ أَوْ عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ)

- ‌51 - (بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ رَاكِبًا)

- ‌53 - (بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ

- ‌60 - (بَابُ المُحْصَر

- ‌61 - (بَابُ تَكْفِينِ الْمُحْرِمِ

- ‌65 - (بَابُ الرَّجُلِ يُجَامِعُ قَبْلَ أَنْ يُفيض

- ‌66 - (بَابُ تَعْجِيلِ الإِهلال

- ‌70 - (بَابُ النُّزُولِ بالمحصَّب

- ‌73 - (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِسِلاحٍ)

- ‌(كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌3 - (بَابُ لا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وعمَّتها فِي النِّكَاحِ)

- ‌5 - (باب الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)

- ‌7 - (بَابُ مَا يُوجِبُ الصَّدَاق

- ‌8 - (بَابُ نِكَاحِ الشِّغار

- ‌10 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ)

- ‌15 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُزَوَّجُ فِي عِدّتها

- ‌16 - (باب العزل

- ‌(كِتَابُ الطَّلاقِ)

- ‌3 - (بَابُ مَا يُكره للمطلَّقة الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنَ الْمَبِيتِ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا)

- ‌6 - (بَابُ الْخُلْعِ كَمْ يَكُونُ مِنَ الطَّلاقِ)

- ‌8 - (بَابُ الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَتَتَزَوَّجُ زَوْجًا ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا الأَوَّلُ)

- ‌9 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْعَلُ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا أَوْ غَيْرِهَا)

- ‌11 - (بَابُ الأَمَةِ تَكُونُ تحت العبد فَتُعْتَقُ)

- ‌13 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تطلَّق أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ)

- ‌17 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تُسَافِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا)

- ‌22 - (بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الزِّينَةِ فِي الْعِدَّةِ)

- ‌27 - (بابُ المرأةِ تُسْلِمُ قَبْلَ زوجِهَا)

- ‌28 - (بَابُ انْقِضَاءِ الْحَيْضِ)

- ‌30 - (بَابُ عِدَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ

- ‌31 - (بَابُ الرَّضاع

- ‌1 - (بَابُ مَا يُكره مِنَ الضَّحَايَا)

- ‌2 - (بَابُ لُحُومِ الأَضَاحِي)

- ‌4 - (بَابُ مَا يُجْزِئ مِنَ الضَّحَايَا عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ)

- ‌5 - (بَابُ الذَّبَائِحِ)

- ‌7 - (بَابُ أَكْلِ الضَبّ

- ‌9 - (بَابُ السَّمَكِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ)

- ‌11 - (بَابُ أَكْلِ الجرَاد

- ‌13 - (بَابُ مَا قَتَل الْحَجَرُ

- ‌16 - (بَابُ صَيْدِ الْكَلْبِ المعلَّم)

الفصل: ‌4 - (باب الرجل يطلع له الفجر في رمضان وهو جنب

‌4 - (بَابُ الرَّجُلِ يَطْلُعُ لَهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ

(1))

349 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ (2) بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ (3)، عَنْ أَبِي يونس (4) مولى عَائِشَةَ (5) أَنَّ رَجُلا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ (6) وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وأنا أسمع (7) : إني أصبحتُ

المعجَّل (قال الحافظ: قد اعتنى به - أي بالحديث المذكور - بعض المتأخرين ممن أدركه شيوخنا، فتكلم عليه في مجلّدين جمع فيهما ألف فائدة وفائدة. فتح الباري 3/172) .

(1)

أي والحال أنه يجب عليه الغسل سواء يكون عن احتلام أو جماع أو انقطاع حيض أو نفاس.

(2)

أبو طوالة قاضي المدينة لعمر بن عبد العزيز، ثقة مات سنة 134 هـ، كذا في "التقريب".

(3)

ابن حزم الأنصاري.

(4)

وثقه ابن حبان، قاله السيوطي، قوله: عن أبي يونس أن رجلاً....إلى آخره، هكذا في بعض النسخ، وفي بعضها عن أبي يونس عن عائشة، وقال الزرقاني: هكذا لجميع رواة الموطأ، كيحيى عند ابن وضاح عن أبي يونس عن عائشة أن رجلاً

إلى آخره، وأرسله عبيد الله بن يحيى عنه، فلم يذكر عن عائشة.

(5)

نادت عائشة - في مسلم - من وراء الباب.

(6)

أي: والحال أن الرجل.

(7)

أي قولَه.

ص: 175

جُنُباً وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ (1)، فَقَالَ (2) رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَأَنَا (3) أُصْبِحُ (4) جُنُبًا، ثُمَّ أَغْتَسِلُ (5) فَأَصُومُ، فَقَالَ الرَّجُلُ (6) : إنَّكَ لستَ (7) مِثْلَنَا، فَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ (8) مَا تقدَّم مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَغَضِبَ (9) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

(1) فهل يصح صيامي؟

(2)

أجابه بالفعل لأنه أبلغ.

(3)

ولك فيّ أسوة.

(4)

أي أحياناً.

(5)

بعد الصبح للصلاة.

(6)

اعتقد الرجل أن ذلك من خصائصه لأن الله يحلّ لرسوله ما شاء.

(7)

كأن السائل لم يكن ماهراً في قيام المبنى ولا في مقام المعنى وإلا فحقُّه أن يقول إنا لسنا مثلك فلا يُقاس حالنا على حالك، كذا قال القاري.

(8)

قوله: فقد غفر الله لك

إلى آخره، أي ستر وحال بينك وبين الذنب فلا يقع منك ذنب أصلاً، إلا أن الغفر هو الستر، فهو كناية عن العصمة.

(9)

أي لِما ظهر من قوله ترك الاقتداء بفعله مع أنه يجب المتابعة لفعله وقوله وتقريره في جميع الأحكام. نعم له خصوصيات معلومة عند العلماء الكرام، لكنه صلى الله عليه وسلم حيث دلّه على حكمه بفعله تبيّن أنه ليس من مخصوص حكمه، فغضب لأجله.

قوله: فغضب، لاعتقاده الخصوصية بلا علم مع كونه أخبره بفعله جواباً لسؤاله وذلك أقوى دليل على عدم الاختصاص، أشار إليه ابن العربي. وقال الباجي: قول السائل ذلك وإن كان على معنى الخوف والتوقِّي، لكن ظاهره أنه يعتقد فيه صلى الله عليه وسلم ارتكاب ما شاء لأنه غُفر له أو لعله أراد أن الله يُحلّ لرسوله ما شاء.

ص: 176

وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أكونَ أَخْشَاكُمْ (1) لِلَّهِ عز وجل وَأَعْلَمَكُمْ (2) بِمَا أَتَّقِي (3) .

350 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا سُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (4) أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَأَبِي (5) عِنْدَ مروان بن الحكم (6)

(1) قوله: أخشاكم، قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: فيه إشكال لأن الخوف والخشية حالتان تنشآن عن ملاحظة شدّة النقمة الممكن وقوعها بالخائف، وقد دل القاطع على أنه صلى الله عليه وسلم غير معذَّب، فكيف يُتصوَّر منه الخوف؟! فكيف أشد الخوف؟! والجواب أن الذهول جائز عليه فإذا حصل الذهول حصل له الخوف، كذا في "مرقاة الصعود".

(2)

وأعلمكم بما أتقي، قال عياض: فيه وجوب الاقتداء بأفعاله والوقوف عندها إلا ما قام الدليل على اختصاصه به، هو قول مالك، وأكثر أصحابنا البغداديين، وأكثر أصحاب الشافعي، وقال معظم الشافعية: إنه مندوب، وحملته طائفة على الإِباحة.

(3)

أي بما يجب أن أتَّقي منه من فعل أو ترك أو قول.

(4)

ابن الحارث بن هشام.

(5)

عبد الرحمن المدني، له رؤية، وكان من كبار ثقات التابعين، مات سنة 43، كذا ذكره الزُّرقاني.

(6)

قوله: عند مروان بن الحكم، مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، يقال: له رؤية، فإن ثبت فلا يعرج على من تُكُلِّم فيه، وإلَاّ فقد قال عروة بن الزبير: كان مروان لا يُتَّهم في الحديث، وقد روى سهل بن سعد الساعدي الصحابي اعتماداً على صدقه وإنما نقموا عليه أنه رمى طلحة يوم الجمل بسهم،

ص: 177

وَهُوَ أَمِيرُ (1) الْمَدِينَةِ، فذَكَر (2) أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ (3) قَالَ: مَنْ أَصْبَحَ جُنُباً أَفْطَرَ (4)، فَقَالَ مَرْوَانُ: أقسمتُ عليك

فقتله ثم شهر السيف في طلب الخلافة حتى جرى ما جرى، كذا في "هدي الساري مقدمة فتح الباري" للحافظ ابن حجر.

(1)

من جهة معاوية.

(2)

قوله: فذكر، بالبناء للفاعل ففي رواية لمسلم: فذكر له عبد الرحمن، وللبخاري: أنَّ أباه عبد الرحمن أخبر مروان أن أبا هريرة

إلى آخره.

(3)

قوله: أنَّ أبا هريرة قال، أجمع أهل هذه الأعصار على صحة صوم الجنب سواء كان من احتلام أو جماع، وبه قال جماهير الصحابة والتابعين، وحُكي عن الحسن بن صالح بن يحيى إبطاله، وكان عليه أبو هريرة، والصحيح أنه رجع عنه كما صرح به في رواية مسلم، وقيل: لم يرجع عنه وليس بشيء، وحُكي عن طاوس وعروة إن علِم بجنابته لا يصح، وإلَاّ يصح، وحُكي مثله عن أبي هريرة، وحُكي أيضاً عن الحسن البصري، وحُكي عن النخعي أنه يجزيه في صوم التطوع دون الفرض، وحُكي عن سالم بن عبد الله والحسن بن صالح والحسن البصري يصومه ويقضيه، ثم ارتفع الخلاف، وأجمع العلماء بعد هؤلاء على صحته (اختلف السلف في هذه المسألة على أقوال كثيرة، لكن الجمهور وفقهاء الأمصار على الجواز، فصارت المسألة كالإِجماعية بعدما كانت كثيرة الاختلاف. انظر لامع الدراري 5/384، وأوجز المسالك 5/30 - 46، وفتح الملهم 3/129) ، كذا في "شرح صحيح مسلم" للنووي رحمه الله

(4)

أي بطل صومه، لكنه أمسك وقضى، قوله: أفطر، لحديث الفضل بن عباس في مسلم، وحديث أسامة بن زيد عند النسائي مرفوعاً: من أدركه الفجر جنباً فلا يصم، والنسائي عن أبي هريرة: لا وربِّ هذا البيت، ما أنا قلتُ من أدركه الصبح وهو جنب، فلا يصوم، محمّدٌ وربِّ الكعبة قاله.

ص: 178

يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لتذهبَنَّ إِلَى أمَّيْ (1) الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ فَتَسْأَلْهُمَا عَنْ ذَلِكَ، قَالَ (2) : فَذَهَبَ (3) عبدُ الرَّحْمَنِ (4) وذهبتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ، فسلَّمنا (5) عَلَى عَائِشَةَ، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، كُنَّا عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَذَكَرَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَنْ أَصْبَحَ جُنُباً أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، قَالَتْ: لَيْسَ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، أترغَبُ (6) عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ؟ قَالَ: لا (7) وَاللَّهِ، قَالَتْ: فأشهدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُصبح جُنُباً من

(1) تثنية أمّ.

(2)

أي أبو بكر.

(3)

قوله: فذهب عبد الرحمن، قال الزرقاني: ووقع عند النسائي من رواية عبد ربه بن سعيد عن أبي عياض، عن عبد الرحمن: أرسلني مروان إلى عائشة فأتيتُها فلقيتُ ذكوان، فأرسلته إليها، فسألها عن ذلك فذكر الحديث مرفوعاً: قال: فأتيت مروان فحدثته فأرسلني إلى أمِّ سلمة، فأتيتها، فلقيت غلامها نافعاً، فأرسلته إليها، فسألها عن ذلك، فذكر مثله. قال الحافظ: في إسناده نظر لأن أبا عياض مجهول، فإنْ كان محفوظاً فيُجمع بأنَّ كلاًّ من الغلامين كان واسطة بين عبد الرحمن وبينهما في السؤالن وسمع عبد الرحمن وابنُه أبو بكر كلامَهما من وراء الحجاب بعد الدخول.

(4)

يعني أباه.

(5)

أي من وراء حجاب.

(6)

الرغبة إذا كانت صلتها بـ"عن"، يكون معناه الإِعراض، أتت بذلك مبالغة في الردِّ عليه.

(7)

أي لا أرغب عنه. والأصل عدم الاختصاص.

ص: 179

جِماع (1) غَيْرَ احْتِلامٍ (2)، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمِ. قَالَ (3) : ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَهَا (4) عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ كَمَا قَالَتْ (5) عَائِشَةُ، فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا مَرْوَانَ، فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا قَالَتَا، فَقَالَ (6) : أقسمتُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ (7) لتركَبَنَّ دابَّتي (8) ، فَإِنَّهَا بِالْبَابِ (9) ، فلتذهبَنَّ إلى أبي هريرة، فإنه (10)

(1) وفي رواية للنسائي: كان يصبح جُنُباً منِّي.

(2)

قوله: احتلام، في دليل لمن يقول بجواز الاحتلام على الأنبياء، والأشهر امتناعه، قالوا: لأنه من تلاعب الشيطان وهم منزَّهون عنه، ويتأوَّلون هذا الحديث على أن المراد يصبح جُنُباً من جماع، ولا يجنب من احتلام لامتناعه منه ويكون قريباً من معنى قوله تعالى:{وَيقْتُلُون النَّبِيّيْنَ بِغَيْرِ حَقٍّ} ، كذا في "شرح صحيح مسلم" للنووي. وقال السيوطي: قصدت بذلك المبالغة في الردِّ، والمنفي على إطلاقه لا مفهوم له لأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحتلم، إذ الاحتلام من الشيطان، وهو معصوم منه.

(3)

أبو بكر.

(4)

عبد الرحمن.

(5)

في رواية النسائي: فقالت أم سلمة: كان يصبح جنباً مني فيصوم ويأمرني بالصيام.

(6)

أي مروان.

(7)

كنية عبد الرحمن.

(8)

أي الخاصة.

(9)

أي واقفة بها.

(10)

قوله: فإنه بأرضه بالعقيق، وفي رواية للبخاري: ثم قُدِّر لنا أن نجتمع

ص: 180

بِأَرْضِهِ بِالْعَقِيقِ (1) ، فلتخبِرَنَّهُ ذَلِكَ (2)، قَالَ: فَرَكِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَرَكِبْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَتَحَدَّثَ مَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَاعَةً (3) ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ (4)، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لا عِلْمُ لي (5) بذلك، إنما أخبَرَنِيه (6)

بذي الحُلَيْفةِ وكان لأبي هريرة هناك أرض. فظاهره أنهم اجتمعوا من غير قصد، ورواية مالك نصٌّ في القصد، فيُحمل قوله:"ثم قُدِّر لنا" على المعنى الأعمّ من التقدير، لا الاتفاق، ولا تخالف بين قوله بذي الحليفة وبين قوله بالعقيق لاحتمال أنهما قصداه إلى العقيق، فلم يجداه ثم وجداه بذي الحليفة وكان له بها أرض أيضاً. وفي رواية معمر عن الزهري، عن أبي بكر، فقال مروان: عزمتُ عليكما إلَاّ ذهبتما إلى أبي هريرة، قال: فلقينا أبا هريرة عند باب المسجد، والظاهر أن المراد مسجده بالعقيق لا المسجد النبوي، أو يُجمع بأنهما التقيا بالعقيق، فذكر له عبد الرحمن القصَّة مجملة، ولم يذكرها، بل شرع فيها ثم لم يتهيَّأ له ذكر تفصيلها، وسماع جواب أبي هريرة إلَاّ بعد رجوعه إلى المدينة وإرادة دخول المسجد النبوي، قاله الحافظ.

(1)

موضع.

(2)

أي نقْلَهما المخالفَ لقوله.

(3)

وعند البخاري فقال له عبد الرحمن: إني ذاكر لك أمراً، ولولا أن مروان أقسم عليّ لم أذكره لك.

(4)

وفي مسلم: فقال: أهما قالتا ذلك؟ قال: نعم، قال: هما أعلم، ورجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك.

(5)

أي من المصطفى صلى الله عليه وسلم بلا واسطة.

(6)

وفي البخاري: فقال: كذلك أخبرني الفضل بن عباس، وهو أعلم أي بما روى. قوله: إنما أخبرنيه مخبر، لما ثبت عنده أن حديث عائشة وأمّ سلمة على ظاهره، وهذا متأوَّل رجع عنه، وكان حديث عائشة وأم سلمة أَوْلَى بالاعتماد لأنهما

ص: 181

مُخبر (1) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ مِنْ غَيْرِ احْتِلامٍ (2) فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ اغْتَسَلَ بَعْدَ مَا طَلَعَ الفجر فلا بأس

أعلم بمثل هذا من غيرهما، ولأنه موافق للقرآن، فإن الله تعالى أباح الأكل والمباشرة إلى طلوع الفجر، ومعلوم أنه إذا جاز الجماع إلى طلوع الفجر لزم منه أن يصبح جُنُباً، ويصح صومه، وإذا دلَّ القرآن وفعل الرسول صلى الله عليه وسلم على جواز الصوم لمن أصبح جنباً وجب الجواب عن حديث أبي هريرة، عن الفضل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجوابه من ثلاثة أوجه، أحدها: أنه إرشاد إلى الأفضل، فالأفضل أن يغتسل قبل الفجر، ولو خالف جاز، وهذا مذهب أصحابنا وجوابهم عن الحديث، فإن قيل: كيف يقولون: الاغتسال قبل الفجر أفضل وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه؟ فالجواب أنه فعله لبيان الجواز، ويكون في حقه حينئذٍ أفضل لأنه يتضمَّن البيان للناس، وهذا كما أنه يتوضأ مرَّة مرَّة، في بعض الأوقات بياناً للجواز، ومعلوم أن الثلاث أفضل. والجواب الثاني: أنه لعله محمول على من أدركه الفجر مجامعاً فاستدام بعد طلوع الفجر عالماً فإنه يفطر. والثالث: جواب ابن المنذر في ما رواه البيهقي عنه أن حديث أبي هريرة منسوخ، وأنه كان في أول الأمر حينما كان الجماع محرَّماً في الليل بعد النوم كما كان الطعام والشراب محرّماً، ثم نُسخ ولم يعلمه أبو هريرة، فكان يُفتي بما علمه حتى بلغه الناسخ، فرجع إليه، قال ابن المنذر: هذا أحسن ما سمعت فيه، كذا في "شرح صحيح مسلم"(3/165، من طبعة دار الشعب) للنووي.

(1)

للنسائي: أخبرنيه أسامة بن زيد، وله أيضاً: أخبرنيه فلان وفلان، فيحتمل أنه سمعه من الفضل وأسامة فأرسل الحديث أولاً ثم أسنده لمّا سُئل عنه.

(2)

قوله: من غير احتلام، إنما ذكره لأن الدليل الذي سيذكره إنما يدل عليه، لا لأن حكمه مخالف لما نحن فيه، بل حكم الاحتلام والجماع سواء، ويدل

ص: 182

بِذَلِكَ، وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ عز وجل: {أُحِلَّ لَكُمْ (1) ليلةَ الصيام الرَّفَثُ (2) إلى نسائكم،

عليه قوله عليه الصلاة والسلام: ثلاث لا يفطّرن الصائم: الحجامة والقيء والاحتلام. أخرجه الترمذي والبيهقي في سننه وابن حبان في "الضعفاء" والدارقطني وابن عدي من حديث أبي سعيد الخدري، والبزار وابن عَدِيّ من حديث ابن عباس، والطبراني في "الأوسط" من حديث ثوبان. وفي أسانيده كلام يرتفع بكثرة الطرق، كما بسطه الحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديث الهداية" وغيره.

(1)

قوله: أُحلَّ لكم، أخرج وكيع وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن البراء قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائماً فحضر الإِفطار، فنام قبل أن يُفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإنّ قيس بن صرمة الأنصاري كان صائماً وكان يعمل في أرضه، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال: هل عندك طعام؟ قالت: لا، ولكن انطلق فاطلب، فغلبت عيناه فنام، وجاءت امرأته، فلما انتصف النهار غُشي عليه، فذكر ذلك لرسول الله فنزلت هذه الآية. وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر بسند حسن عن كعب: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فنام حَرُم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سَمُر عنده، فوجد امرأته قد نامت فأيقظها وأرادها، فقالت: إني نمت، ثم وقع بها، فغدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فأنزل الله {علم الله أنكم كنتم تختانون} (سورة البقرة: الآية 187) الآية. وفي الباب أخبار كثيرة إن شئت الاطلاع عليها فارجع إلى "الدر المنثور" للسيوطي.

(2)

أي الجماع، به فسَّره ابن عباس، أخرجه عنه ابن المنذر وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم وعبد الرزاق وعبد بن حُمَيد وغيرهم.

ص: 183

هنَّ (1) لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لباسٌ لهنَّ، عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ (2) أَنْفُسَكُمْ، فَتَابَ (3) عَلَيْكُمْ وعفا عنكم (4) ، فالآن باشروهنَّ} يعني (5) الجماع {وابتغُوا (6) ما كتب الله لكم} يَعْنِي (7) الْوَلَدَ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخيطُ الأبيضُ من الخيط الأسود} يعني (8) حتى يطلع الفجر

(1) قوله: هن لباس لكم، أي هن سكن لكم تسكنون إليه في الليل والنهار به فسره ابن عباس، أخرجه عنه الطيالسي.

(2)

أي تبالغون في خيانتها لارتكاب جنايتها بالجماع بعد صلاة العشاء أو بعد النوم فإنه كان محرَّماً أولاً، ثم نُسخ.

(3)

أي رجع عليكم بالتخفيف.

(4)

أي ما صدر وما مضى.

(5)

قوله: يعني الجماع، هذا التفسير منقول عن ابن عباس، أخرجه عنه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق.

(6)

أي اطلبوا.

(7)

تفسير من الإِمام محمد، قوله: يعني الولد، هذا التفسير أيضاً منقول عن ابن عباس أخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم، وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد وقتادة والضحّاك مثله، وأخرج البخاري في "تاريخه" عن أنس {ما كتب الله لكم} : أي ليلة القدر، وأخرج عبد الرزاق عن قتادة قال: ابتغوا الرخصة التي كتب الله عليكم.

(8)

قوله: يعني حتى يطلع الفجر، كان بعض الصحابة لمّا نزل قوله تعالى:{حتى يتبيّن لكم الخَيطُ الأبيض من الخيط الأسود} إذا أراد الصوم ربط في رجله

ص: 184