الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - (بَابُ نِكَاحِ الشِّغار
(1))
532 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى (2) عَنِ الشِّغَارِ. وَالشِّغَارُ أن يُنكح الرجل ابنته على أن
(1) بكسر الشين المعجمة. قوله: نكاح الشغار، هو مأخوذ من قولهم: شغر البلد عن السلطان إذا خلا عنه، سُمِّي به لخلوّه عن الصداق أو بعض شرائطه، وقال ثعلب: من قولهم شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول، كأن كلاً من الوليَّيْن يقول للآخر لا ترفع رجل بنتي حتى أرفع رجل بنتك، كذا قال الزرقاني.
(2)
قوله: نهى عن الشغار (ذكر شيخنا في أوجز المسالك 9/347 في هذا الحديث عدة مباحث فارجع إليه) ، هذا حديث متفق عليه من حديث نافع عن ابن عمر، وفي رواية لهما عن عبيد الله بن عمر قلت لنافع: ما الشغار؟ قال: أن ينكح ابنة الرجل وتنكحه ابنتك بغير صداق وينكح أخت الرجل وتنكحه أختك بغير صداق. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: نُهي عن الشغار وهو أن يزوِّج الرجلُ ابنته على أن يزوِّجَه صاحبُه بنته. وفي الباب عن جابر رواه مسلم، وعن أنس رواه أحمد والترمذي وصححه والنسائي، وعن معاوية رواه أبو داود. وقال الشافعي في حديث ابن عمر: لا أدري تفسير الشغار من النبي صلى الله عليه وسلم أو من ابن عمر أو من نافع أو مالك. انتهى. وقال الخطيب "المدرج": هو من قول مالك بيّنه وفصّله القعنبي وابن مهدي ومحرز بن عون عنه. انتهى. ورواية البخاري ومسلم من طريق عبيد الله صريح في أنه من نافع، ولذا قال القرطبي في "شرح صحيح مسلم": إن التفسير في حديث ابن عمر جاء عن نافع وعن مالك وأما حديث أبي هريرة فهو على الاحتمال، والظاهر أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، كذا ذكره الحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديث الرافعي"، ثم قال: في الطبراني من حديث أبيّ بن كعب مرفوعاً: لا شغار في الإِسلام، قالوا: يا رسول الله، وما الشغار؟ قال: نكاح المرأة بالمرأة، لا صَدَاق بينهما. وإسناده وإن كان ضعيفاً لكنه يُستأنس به في هذا المقام.
يُنكحه الآخَرُ ابْنَتَهُ (1) لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا (2) نَأْخُذُ. لا يَكُونُ الصَّداق نِكَاحَ امْرَأَةٍ (3) فَإِذَا تَزَوَّجَهَا (4) عَلَى أَنْ يَكُونَ صَدَاقها أَنْ يُزَوِّجَهُ (5) ابْنَتَهُ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا، وَلا وَكْس (6) وَلا شَطَطَ (7) . وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.
(1) أو أخته أو غيرها ممن له ولاية عليها.
(2)
قوله: وبهذا نأخذ، قال عياض: لا خلاف في النهي (أجمع العلماء على أنه منهيّ عنه، لكن اختلفوا هل هو نهي يقتضي إبطال النكاح أم لا؟ وعند الشافعي يقتضي إبطاله، وحكاه الخطّابي عن أحمد وإسحاق وأبي عبيد، وقال مالك: يُفسخ قبل الدخول وبعده، وفي رواية عنه قبله لا بعده، وقال جماعة: يصح بمهر المثل وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله. كذا في بذل المجهود 10/65) عن الشغار ابتداءً فإن وقع أمضاه الكوفيون والليث والزهري وعطاء بصداق المثل، وأبطله مالك والشافعي، كذا في "شرح الزرقاني"، وفي "شرح القاري": لا يفسد النكاح، ويفسد الشرط عند أبي حنيفة والشافعي وعن مالك وأحمد روايتان.
(3)
قوله: لا يكون الصداق نكاح امرأة كذا في الأصل، والظاهر أنه وهم ويمكن حمله على القلب. هذا كلام القاري، ولا يخفى وهنه فإن مؤدَّى هذه العبارة وقلبها واحد.
(4)
أيّ امرأة بولاية وليِّها.
(5)
أي يزوّج هذا المتزوج بنته أو أخته مثلاً بذلك الولي الذي تزوج هو ببنته.
(6)
بفتح وسكون أي لا نقص.
(7)
أي لا زيادة.
9 -
(بَابُ نِكَاحِ (1) السِّرِّ)
533 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ (2) : أَنَّ عُمَرَ (3) أُتِيَ (4) برجلٍ فِي نِكَاحٍ لَمْ يَشهد عَلَيْهِ إِلا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا نِكَاحُ السِّرّ (5) وَلا نُجيزه وَلَوْ كنتُ (6) تَقَدَّمْتُ فيه لَرَجَمْتُ.
(1) قوله: نكاح السرّ، قال القاري: أي تزويج الخفية. وهو أن يعقد بغير حضور نصاب الشهادة وشرائطه.
(2)
قوله: عن أبي الزبير، هو محمد بن مسلم بن تَدْرُس الأسدي المكي، روى عن جابر وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وعائشة، وعنه مالك وأبو حنيفة وشعبة والسفيانان، وثّقه ابن المديني وابن معين والنسائي، مات سنة 128 هـ، كذا في "الإِسعاف".
(3)
ابن الخطاب أحد الخلفاء الأربعة.
(4)
بصيغة المجهول.
(5)
أي لا بد في النكاح من الإِعلان ولو بحضور شاهدين.
(6)
قوله: ولو كنتُ تَقَدَّمتُ، بفتح التاء والقاف والدال، أي سبقت غيري، وفي رواية ابن وضاح بضم التاء والقاف وكسر الدال على بناء المفعول أي سبقني غيري، كذا قال الزرقاني. والظاهر أن معناه لو تقدمت في هذا الأمر بالمنع وسَبقتُ بإقامة الحجة على عدم جوازه وشهّرت ذلك، ثم فعلت بعد الاطلاع عليه لرجمت أي أقمت عليك تعزيراً وعقوبة
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، لأَنَّ النِّكَاحَ لا يجوزُ (1) فِي أقَلّ مِنْ شاهِدَيْن وَإِنَّمَا شَهِدَ عَلَى هَذَا الَّذِي رَدَّهُ عُمَرُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ، فَهَذَا نِكَاحُ السِّرِّ لأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَكْمُلْ (2) وَلَوْ كَمُلَتِ الشَّهَادَةُ بِرَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ (3) وَامْرَأَتَيْنِ كَانَ نِكَاحًا جَائِزًا وَإِنْ كَانَ سِرّاً (4) ، وَإِنَّمَا يَفْسُد (5) نِكَاحَ السِّرِّ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ شهودٍ، فَأَمَّا إِذَا كَمُلَتْ فِيهِ الشَّهَادَةُ فَهُوَ نِكَاحُ العَلَانِيَة وَإِنْ كَانُوا أسَرُّوه (6) .
534 -
قَالَ مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا محمد بن أَبَان (7) ،
(والأوجه ما في "المحلَّى" إذ قال: تقدمت ورجمت بزنة المتكلم المعلوم فيهما. يعني لو أعلمتُ الناس أنه لا يحل نكاح إلا بشاهد وامرأتين حتى تعرفوا لرجمت فيه بعد تقدمي مَنْ فعله. انظر الأوجز 9/356) .
(1)
قوله: لا يجوز في أقل من شاهدين، لورود كثير من الأخبار في ذلك، والكلام في رواة أكثرها لا يضر لحصول القوة للمجموع، فأخرج ابن حبان في "صحيحه" من حديث عائشة مرفوعاً: لا نكاح إلَاّ بوليّ وشاهِدَيْ عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل. وأخرج الترمذي عن ابن عباس مرفوعاً وموقوفاً - وقال: الموقوف أصح -: البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بيِّنة. وفي الباب من حديث أبي هريرة وعليّ وأنس وجابر وابن مسعود وابن عمر وعمران بن حصين ذكرها الزيلعي في "تخريج أحاديث الهداية" مع ما لها وما عليها.
(2)
أي لم تتم.
(3)
قوله: أو رجل وامرأتين، فيه خلاف الأئمة الثلاثة حيث قالوا: لا دخل للنساء في النكاح، وإنما يصح بشهادة عَدْلين رجلين إلَاّ أنِّ مالكاً أجاز العقد بدون شهادة ثم يشهدان قبل الدخول، وقال: نكاح السرّ ما أوصى بكتمه. وعند غيره لا يجوز ما لم يشهد عليه، كذا قال الزرقاني.
(4)
أي خفياً، وليس الشرط الإِعلان في المجالس والمجامع.
(5)
في نسخة: يفسر.
(6)
أي أهل العقد.
(7)
بفتح الموحدة وخفة الباء.