الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى الأَوَّلِ بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا (1) الآخَرُ عَادَتْ عَلَى طَلاقٍ جَدِيدٍ ثَلاثِ تَطْلِيقَاتٍ مُسْتَقْبِلاتٍ. وَفِي أَصْلِ ابْنِ الصَّوَّافِ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم.
9 - (بَابُ الرَّجُلِ يَجْعَلُ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا أَوْ غَيْرِهَا)
566 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ (2) بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ (3)، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَهُ (4) ، فَأَتَاهُ بَعْضُ (5) بَنِي أَبِي عَتِيقٍ وَعَيْنَاهُ تدمعان (6)، فال لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: ملَّكت امْرَأَتِي أَمْرَهَا بيدها ففارتني، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: الْقَدَرُ (7) ، قَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ارْتَجِعْهَا (8)
(1) أي وطيها.
(2)
هو من رجال الجميع ومن الثقات، كذا قال الزرقاني.
(3)
أحد الفقهاء السبعة، من الثقات، مات سنة 100 أو قبلها، وهو عم سعيد، قاله الزرقاني.
(4)
أي عند والده زيد.
(5)
هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ المدني مقبول. روى له البخاري وغيره كما في موطأ يحيى وشرحه.
(6)
بفتح الميم أي تسيلان دمعاً من البكاء.
(7)
أي قدر الله وقضاؤه.
(8)
هذا بناء على مذهبه أنها واحد رجعية.
إِنْ شِئْتَ فَإِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ وَأَنْتَ أملكُ (1) بِهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا عِنْدَنَا (2) عَلَى مَا نَوَى الزَّوْجُ فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَهُوَ خَاطِبٌ مِنَ الخطُاب وَإِنْ نَوَى ثَلاثًا فَثَلاثٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا، وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما: الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ.
567 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القاسم، عن
(1) أي أحق من غيرك (قال مالك: لا آخذ بحديث زيد في التمليك، ولكني أرى إذا ملك امرأته أن القضاء ما قضت إلا أن ينكر عليها فيحلف كما قال ابن عمر رضي الله عنهما، ويحتمل قول مالك هذا أن يعلم أن يكون علم مذهب زيد أنها لا تكون إلا واحدة وإن أوقعت أكثر من ذلك على كل، ويحتمل أيضاً أن يكون مالك يريد بذلك أني لا أقول بظاهر اللفظ على الإطلاق كقوله: فارقتني، والفراق عند مالك في بعض الروايات عنه يقتضي أكثر من الواحد، والحديث يحتمل أن يكون ذكر فراقاًعلى غير لفظ الفراق، وأنها فارقته بطلقة واحدة، ويحتمل أن يكون ملكها طلقة واحدة بالتصريح فلا يلزمه مازادت ولا يلزمه في ذلك يمين، فلذلك قال له: ارتجعها فيكون ذلك موافقاً لقول مالك وإنما كان جزعه على هذا فرقاً من أن تكون واحدة بائنة، وعلم من مخالفتها له أنها إذا ملكت نفسها لم تعد إليه. انظر المنتقى 4/20)
(2)
قوله: هذا عندنا، أي الطلاق عندنا على ما نوى الزوج به، فإذا نوى واحدة فواحدة بائنة فلا يرجعها بل يكون خاطباً من الخُطاب وينكحها نكاحاً ثانياً وإن نوى ثلاثاً فثلاث، وهو قول أبي حنيفة. وقال مالك: يقع بالتفويض ثلاث لأن الثلاث أتم ما يكون من الاختيار. وقال الشافعي: يقع واحدة رجعية لأنها أدنى ما يكون من الاختيار، وبه قال أحمد. وفي"الهداية": أنه يقع طلقة رجعية اعتباراً لما أتت به من صريح الطلاق، فقيل: هذا سهو، وقيل: فيه روايتان، إحداهما: يقع واحدة رجعية والأخرى بائنة، وهذا أصح كما في "شرح الوقاية"، وقال
أبيه (1)، عن عائشة رضي الله عنها: أنها خَطَبَتْ (2) عَلَى (3) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قُرَيْبَةَ (4) بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ فزوجته (5)
عثمان بن عفان وعلي: القضاء ما قضت أي الحكم ما نوت من رجعية أو بائنة واحدة أو ثلاثاً لأن الأمر مفوض إليها، ولعل هذا عند إطلاق زوجها فلا ينافي ما تقدم، كذا في "شرح القاري".
(1)
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
(2)
من الخطبة بالكسر أي طلبت النكاح لأخيها عبد الرحمن.
(3)
قوله: على عبد الرحمن، هو شقيق عائشة: عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة عثمان، أمهما أم رومان: أسلم في هدنة الحديبية، وكان اسمه عبد الكعبة، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن، وله فضائل حسنة، ولا يعرف في الصحابة أربعة كلهم ابن الذي قبله صحبوا النبي وأسلموا إلا أبو قحافة وابن أبو بكر وابنه عبد الرحمن هذا وابنه أبو عتيق محمد، وكان قد سكن المدينة، وامتنع من بيعة يزيد حين طلبها معاوية وبعث إليه معاوية بمائة ألف درهم، فردها وقال: لا أبيع ديني بدنياي، وخرج إلى مكة ومات فجأة في نومه بمكان اسمه "حبشي" على عشرة أميال من مكة. وحُمل إليها فدفن في المعلى، وكان ذلك سنة 53 وعليه الأكثر، وقيل: سنة 55، وقيل: سنة 52، كذا في "أسد الغابة في معرفة الصحابة" لابن الأثير الجزري.
(4)
قوله: قريبة، بفتح القاف وكسر الراء وسكون التحتية بعدها باء موحدة فتاء تأنيث، ويقال بالتصغير: هي بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية الصحابية أخت أم سلمة أم المؤمنين، وكانت موصوفة بالجمال، وقد من عبد الرحمن عبد الله وأم حكيم وحفصة، ذكره ابن سعد، كذا قال الزرقاني.
(5)
قوله: فَزُوِجَتْهُ، قال القاري: بصيغة المجهول، أي زوجها أهلها إياه
ثُمَّ إِنَّهُمْ (1) عَتَبُوا (2) عَلَى (3) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. وَقَالُوا: (4) مَا زَوَّجْنَا إِلا عَائِشَةَ فَأَرْسَلَتْ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَذَكَرَتْ (5) لَهُ ذَلِكَ (6) ، فَجَعَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَمْرَ قريبةَ بِيَدِهَا، فَاخْتَارَتْهُ. وَقَالَتْ (7) : مَا كُنْتُ لِأَخْتَارَ عَلَيْكَ أَحَدًا، فَقَرَّتْ (8) تَحْتَهُ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلاقًا.
568 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا زوَّجت (9) حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرحمن بن أبي بكر
أو بالمعلوم أي فصارت عائشة سبباً لتزويجها إياه. انتهى. وفي "موطأ يحيى" فزوجوه وهو أصغر.
(1)
أي أولياء قريبة.
(2)
أي غضبوا.
(3)
لأمر فعله، وكان في خلقه شدة.
(4)
قوله: وقالوا: ما زَوَجَنا إلا عائشة، أي ما صار سبب تزويجنا إلا هي وما زوجناها إلا لأجل خطبة عائشة واعتماداً عليها.
(5)
حضوراً أو غيبة.
(6)
أي عتبهم عليه وشكايتهم لها.
(7)
قوله: وقالت، في رواية ابن سعد بسند صحيح عن ابن أبي مليكه قال: تزوج عبد الرحمن بن أبي بكر قريبة أخت أم سلمة، وكان في خلقه شدة فقالت له يوماً: أما والله لقد حذرتك، قال: فأمرك بيدك، فقالت: لا أختار على ابن الصديق أحداً، فأقام عليها.
(8)
أي استقرت ودامت تحت عبد الرحمن ولم يكن مجرد التخيير طلاقاً.
(9)
قوله: أنها زوجت حفصة، هي بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق،
الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وعبدُ الرَّحْمَنِ (1) غَائِبٌ بالشَّام، فَلَمَّا قَدِمَ (2) عبدُ الرَّحمن قَالَ: وَمِثْلِي (3) يُصنع بِهِ هَذَا ويُفْتَات عَلَيْهِ بِبَنَاتِهِ؟ فَكَلَّمَتْ (4) عائشةُ المُنْذَرَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: فَإِنَّ ذَلِكَ (5) فِي يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا لِي (6) رَغْبَةٌ عَنْهُ وَلَكِنَّ مِثْلِي لَيْسَ يُفْتَات (7) عليه ببناتِه،
من ثقات التابعيات روى لها مسلم والثلاثة، وزوّجها المنذر بن الزبير بن العوّام الأسدي شقيق عبد الله بن الزبير، ذكره ابن حبان في ثقات التابعين: ذكر الزبير بن بكار أنّ المنذر كان عند عبيد الله بن زياد لما امتنع عبد الله بن الزبير من بيعة يزيد بن معاوية، فكتب يزيد إلى ابن زياد أن يوجِّه إليه المنذر فبلغه فهرب إلى مكة فقتُل في الحصار الأول بعد وقعة الحرّة، سنة 64، كذا في "شرح الزرقاني".
(1)
جملة معترضة حالية.
(2)
أي من سفره.
(3)
قوله: ومثلي يصنع هذا، أي تزويج بناته بغير أمره، ويقتات (هكذا في الأصل والصواب يُفتات بالفاء كما في الأوجز 10/41 قال صاحب مجمع البحار 4/180. يقال: تفوّت فلان على فلان في كذا وافتات عليه إذا تفرّد برأيه دونه في التصرف فيه وعُدِّي بعلى لتصرف معنى التغلب. يقال لكل من أحدث شيئاً في أمرك دونك فقد افتات عليك فيه) عليه أي يستبد برأيه وهو بصيغة المجهول من الإفتيات المأخوذ من الفوت قاله القاري.
(4)
أي أخبرته بقول أخيها.
(5)
أي أمرها بيد والدها.
(6)
أي ليس لي إعراض عنه.
(7)
أي لا يفعل شيء بدون أمره.
وَمَا كُنْتُ لأَردّ أَمْرًا قَضَيْتِهِ (1) ، فَقَرَّتْ امرأُته تحتَه وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلاقًا.
569 -
أَخْبَرَنَا مالكٌ، أَخْبَرَنَا نافعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يقولُ: إِذَا مَلَّكَ الرجلُ امرأَته أمرهَا فالقضاءُ مَا قَضَتْ (2) إِلا أنْ يُنكر عَلَيْهَا، فَيَقُولُ: لَمْ أُرِدْ إِلا تَطْلِيقَةً واحدةْ فَيُحَلَّفُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَكُونُ (3) أملَكَ بِهَا (4) فِي عِدَّتِها.
570 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا مَلَّك الرجلُ امرأتُه أمرَها فَلَمْ تُفارِقْه وَقَّرتْ (5) عِنْدَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِطَلاقٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ (6) . إِذَا اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِطَلاقٍ وَإِنِ اخْتَارَتْ (7) نَفْسَهَا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى الزَّوْجُ، فَإِنْ نوى واحدة
(1) بكسر التاء: خطاب لعائشة.
(2)
واحداً كان أو أكثر.
(3)
في نسخة: فيكون.
(4)
أي أحق بها من غيره.
(5)
أي ثبتت.
(6)
قوله: وبهذا نأخذ (إليه ذهب الأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء خلافاً لبعض السلف. انظر الأوجز 10/39) إذا اختارت زوجها فليس ذلك بطلاق، وقد ورد ذلك عن عائشة كما في الصحيحين قالت: خيّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه، فلم يقدّره علينا شيئاَ وفي لفظ لهما: فلم يعدّ ذلك طلاقاً.
(7)
قوله: وإن اختارت نفسها، أي في ذلك المجلس لما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن مسعود ومن
فَهِيَ وَاحِدَةٌ (1) بَائِنَةٌ. وَإِنْ نَوَى ثَلاثًا فَثَلاثٌ. وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.
طريقه أخرجه الطبراني في معجمه عنه قال: إذا ملّكها أمرها فتفرقا قبل أن ينقضي شيء فلا أمر لها. وفيه انقطاع بين مجاهد وابن مسعود قاله البيهقي. وأخرج عبد الرزاق: أنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: إذا خيّر الرجل امرأته فلم تختر في مجلسها ذلك فلا خيار لها. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الرزاق عن المثنى ابن الصباح عن عمرو بن شعيب عن جده عبد الله بن عمرو: أن عمر وعثمان قالا: أيّما رجلٍ ملّك امرأته أمرها، ثم افترقا من ذلك المجلس: فليس لها خيار وأمرها إلى زوجها. وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه ابن أبي شيبة، ونحوه أخرجه عن مجاهد وجابر بن زيد والشَّعبي والنَّخَعي وطاوس وعطاء. قال البيهقي: وقد تعلق بعض من يجعل لها الخيار ولو قامت من المجلس بحديث عائشة وهو في الصحيحين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك. وهذا غير ظاهر لأنه عليه السلام لم يخّيرها في إيقاع الطلاق بنفسها وإنما خيّرها على أنها إن اختارت نفسها أخذت لها طلاقاً، كذا في "تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي.
(1)
قوله: فهي واحدة بائنة، هذا قول أكثر أهل العلم والفقه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وهو قول عمر وعبد الله بن مسعود فإنهما قالا: إن اختارت نفسها فواحدة بائنة. ورُوي عنهما أنهما قالا: واحدة يملك الرجعة وإن اختارت زوجها فلا شيء. وروي عن علي أنه قال: إن اختارت نفسها فواحدة بائنة وإن اختارت زوجها فواحدة يملك الرجعة. وقال زيد بن ثابت: إن اختارت زوجها فواحدة وإن اختارت نفسها فثلاث. ومذهب أحمد موافق لقول علي رضي الله عنه، ويعارضه صريح حديث عائشة، كذا في "جامع الترمذي". وفيه أيضاً اختلف أهل العلم في: أمِرك بيدِك، فقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: منهم عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود هي واحدة، وهو قول غير واحد من أهل العلم من التابعين ومن بعدهم، وقال عثمان
10 -
(بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ تَحْتَهُ (1) أَمَةٌ فَيُطَلِّقُهَا ثُمَّ يَشْتَرِيهَا)
571 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي (2)
وزيد بن ثابت: القضاء ما قضت، وقال ابن عمر: إذا جعل أمرها بيدها وطلقت نفسها ثلاثاً وأنكر الزوج وقال: لم أجعل أمرها إلا في واحدة استُحلف الزوج وكان القول قوله في يمينه. وذهب سفيان وأهل الكوفة إلى قول عمر وعبد الله، وأما مالك فقال: القضاء ما قضت، وهو قول أحمد، وأما إسحاق فذهب إلى قول ابن عمر (إن قالت: اخترت نفسي فواحدة رجعية عند الثلاثة وعند الحنفية واحدة بائنة هذا إذا لم تنوِ أكثر منها، فإن نوت أكثر منها وقع ما نوت عند الثلاثة وعند الحنفية لا تقع إلا واحدة أو ثلاثة. فإن طلقت ثلاثاً وقال الزوج: لم أجعل إليها إلا واحدة فالقضاء ما قضت عند أحمد، وعند الثلاثة أنها تطليقة، لا تقدر أكثر ما نوى الزوج. انظر "هامش بذل المجهود" 10/210) .
(1)
أي يكون زوجته أمة لرجل فيطلقها الزوج، ثم يشتريها من مالكها.
(2)
قوله: عن أبي عبد الرحمن، فقال ابن عبد البر: اختلف في اسم أبي عبد الرحمن شيخ ابن شهاب. فقيل: سليمان بن يسار، وهو بعيد لأنه أجلّ من أن يستر عنه اسمه، ويكنى عنه، وقيل: هو أبو الزناد، وهو أبعد لأنه لم يرو عن زيد بن ثابت ولا رآه ولا روى عنه ابن شهاب، وقيل: هو طاوس وهو أشيه بالصواب، وإنما كتم اسمه مع جلالته لأن طاوساً كان يطعن على بني أمية. ويدعو عليهم في مجالسه، وكان ابن شهاب يدخل عليهم ويقبل جوائزهم، وقد سُئل مرة في مجلس هشام أتروي عن طاوس؟ فقال: للسائل لو رأيت طاوساً علمتَ أنه لا يكذب ولم يجبه بأنه يروي أو لا يروي. فهذا كله دليل على أن أبا عبد الرحمن في هذا الحديث هو طاوس. انتهى.