الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدخل
1 -
أبو عمرو ابن الصلاح، وكتابه
2 -
السراج البلقيني وكتابه.
بياض بالأصل.
مدخل:
" يحمل هذا العلم من كل خلف عُدولُه، يَنفُون عنه تحريف الغالِين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين "
[حديث شريف]
أخرجه الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي من عدة طرق، في الباب التاسع من كتابه (شرف أصحاب الحديث).
قدمت في الطبعة الأولى عرضًا سريعًا لمن تتابعوا على خدمة الحديث الشريف وعلومه ورجاله، من القرن الثاني إلى أبي عمرو ابن الصلاح وطبقته، ناظرة فيهم إلى توالي الطبقات واختلاف الأمصار من مشرق ومغرب. ومن وقتئذ وأنا أستدرك عليهم بين يوم وآخر من فاتني ذكرهم. فما عُدت اليوم أتجاسر على هذه المحاولة، وإني لأعتبر بالحافظ أبي عبد الله الذهبي: ترجم في المجلد الأول وبعض الثاني من (تذكرة الحفاظ) لأكثر من خمسمائة من أعيان الحفاظ إلى منتصف القرن الثالث للهجرة، ثم قال: عقب الطبقة الأخيرة منهم: " فهؤلاء المُسَمَّون في هذه الطبقة هم ثقات الحفاظ. ولعل قد أهملنا طائفة من نظرائهم، فإن المجلس الواحد في هذا الوقت كان يجتمع فيه أزيد من عشرة آلاف محبرة، يكتبون الحديث ويعتنون بهذا الشأن وبينهم نحو من مائتي إمام - في هذه الطبقة - قد برزوا وتأهلوا للفتيا " التذكرة 2/ 529.
على مر المراحل، كانت قواعد المصطلح يتوارد عليها العلماء تأصيلاً وضبطًا وتحريرًا، فبلغت من الكثرة بحيث احتيج إلى مصنفات فيها جامعة، أجمل ذكرها الحافظُ ابن حجر (773 - 852 هـ) في خطبة كتابه (شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر) قال بعد الحمد والصلاة على النبي: " أما بعد فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث قد كثرت للأئمة في القديم والحديث. فمن أول من صنف في ذلك القاضي أبو محمد الرامهرمزي (- 360 هـ) في كتابه المحدث الفاصل، لكنه لم يستوعب، والحاكم أبو عبد الله
النيسابوري (- 405 هـ) لكنه لم يهذب ولم يرتب. وتلاه أبو نعيم الأصبهاني (- 430 هـ) فعمل على كتابه مستخرجًا وأبقى أشياء للمتعقب. ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي (- 463 هـ) فصنف في قوانين الرواية كتابًا سماه الكفاية، وفي آدابها كتابًا سماه الجامع لآداب الشيخ والسامع .. وقلَّ فنٌّ من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابًا مفردًا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر ابن نقطة (1):" كل من أنصف عَلِمَ أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه " ثم جاء بعض من تأخر عن الخطيب فأخذ من هذا العلم بنصيب، فجمع القاضي عياض (- 544 هـ) كتابًا لطيفًا سماه الإِلماع، وأبو حفص المَيَانجي (- 580 هـ) جزءًا سماه ما لا يَسَعُ المحدث جهلُه. وأمثال ذلك من التصانيف التي اشتهرت وبُسِطت ليُتوفَّرَ عليها. واختُصِرت ليتيسر فهمُها. إلى أن جاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح الشهرزوري نزيل دمشق، فجمع لَمَّا ولِيَ تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية كتابه المشهور، فهذب فنونه وأملاه شيئاً بعد شيء، فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب. واعتنى بتصانيف الخطيب المفرَّقة، فجمع شتات مقاصدها، وضم إليها من غيرها نُخَبَ فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره، فلهذا اجتمع الناس عليه وساروا بسَيْره فلا يُحصَى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر. ومعارض له ومنتصر .. " (2).
من هذه الفقرة المجملة، يتبين مسار علوم المصطلح في مصنفاتها الجامعة، يتعاقب على خدمتها العلماء على توالي الأعصار، وتباعد الأمصار، من رامهرمز في خوزستان، ونيسابور وأصبهان وشهرزور وبغداد ودمشق، إلى مصر والمغرب. ومعهم في كل عصر عدول أئمة من الحفاظ والنظار، يحملون هذا العلم الشريف خلفًا عن سلف " ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ".
(1) أبو بكر ابن نقطة: (كتاب التقييد في معرفة رواة السنن والمسانيد) ترجمة الخطيب البغدادي أحمد بن علي بن ثابت: لـ56 مصورة من ميكروفلم معهد المخطوطات بالقاهرة 186/ 1 تاريخ، لمخطوط المتحف البريطاني 836.
(2)
خطبة شرح النخبة، وتواريخ الوفيات لمن ذكرهم الحافظ في هذه الفقرة، إضافة منا لضبط السياق الزمني.