الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع السابع والستون:
رواية التابعين بعضِهم عن بعض
.
الغالب في الراوي عن التابعي، أن يكون من أتباع التابعين.
[153 / ظ] وفائدة التنبيه على ذلك، العلمُ بأنه هذا ليس من الغالب.
وذلك يقع على وجوه:
فمن ذلك: تابعي عن تابعي، ثلاثة من التابعين يروي بعضُهم عن بعض، وأربعة من التابعين يروي بعضهم عن بعض.
فأما تابعي روى عن تابعي؛ فكثير، ومن ذلك: رواية الزهري عن نافع. والزهري عن علي بن عبدالله بن عباس. والزهري عن سالم.
وأما ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، فمثاله: ما رواه ابن شهاب: أخبرني عبدالملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام، أن خارجة بن زيد الأنصاري أخبره أن أباه زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الوضوء مما مست النارُ " أخرجه " مسلم " في صحيحه (1) بإسناده إلى ابن شهاب. و " ابن شهاب الزهري ": تابعي، و " عبدالملك ": تابعي، و " خارجة ": تابعي، فهؤلاء ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض.
قال " مسلم " عقيبَ ذلك: قال ابنُ شهاب: أخبرني عمر بن عبدالعزيز، أن عبدالله بن إبراهيم بن قارظ، أخبره أنه وجد أبا هريرة يتوضأ على المسجد، فقال: إنما أتوضأ من أثوارِ أقطٍ أكلتُها؛ لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " توضئوا مما مست
(1) ك الحيض، باب الوضوء مما مست النار. ح (90/ 351) يليه ما جاء في نَسْخِه. وانظر معه. (شرح معاني الآثار للطحاوي 1/ 63، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي: باب ما يدل على نسخه: 98).
النار " (1) وهذا أيضا مما اجتمع فيه ثلاث من التابعين يروي بعضهم عن بعض: " الزهري، وعمر بن عبدالعزيز، وابن قارظ. " وذلك كثير.
وأما ما اجتمع فيه أربعة من التابعين يروي بعضهم عن بعض؛ فرواية محمد بن عجلان، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبدالله بن محيريز عن الصنابحي عن عبادة بن الصامت أنه قال (2):" دخلتُ عليه وهو في الموت فبكيت، فقال: مهلا، لم تبكي فوالله لئن استُشهِدتُ لأشهدن لك، ولئن استطعت لأنفعنك "[154 / و] ثم قال: والله ما من حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم به خير إلا حدثتكموه، إلا حديثًا واحدًا سوف أحدثكموه اليوم، وقد أحيط بنفسي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؛ حرم الله عليه النار ".
أخرجه " مسلم، والترمذي " من حديث قتيبة عن الليث بن سعد (3).
فـ " محمد بن عجلان " تابعي أدرك أنسا وأبا الطفيل.
و " محمد بن يحيى بن حبان " تابعي سمع أبا محذورة وعبادة بن الصامت وأبا سعيد الخُدري، ورأى جمعًا من الصحابة وروى عنهم.
و " الصنابحي: عبدالرحمن بن عسيلة " تابعي، وقد بسطتُ الكلام عليه وعلى من
(1) مسلم، في باب الوضوء، مما مست النار، الحديث 90/ 351 ورواه الحاكم بإسناده عن الزهري عن عمر بن عبدالعزيز عن ابن قارظ. في النوع السادس والأربعين من المعرفة: في رواية الأقران من التابعين وأتباعهم ومن بعدهم (217) ورواه الدارقطني بهذا الإسناد، من طريقين عن الزهري (العلل 3/ 41 - 43) والأقط، بفتح الهمزة وكسر القاف على اللغة المشهورة. ويقال بسكون القاف وهي لغة تميم. جُبن اللبن المستخرج زبده. والأثوار، جمع ثور، مثلثة مفتوحة: القطعة من الأقط (مشارق الأنوار: 1/ 548 / 1/ 153).
(2)
القائل، هو الصنابحي عبدالرحمن بن عسيلة التابعي. وحديثه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه في ترجمته بالإصابة (ق أول 4/ 27 (4488).
(3)
صحيح مسلم، ك الإيمان، باب الدليل على أن مات على التوحيد دخل الجنة (ح 47/ 29) والترمذي في جامعه، باب ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله:(10/ 104) مع عارضة الأحوذي.
يلتبس به، في جزء سميته (الطريقة الواضحة في تمييز الصنابحة) فليُنظَرْ فإن فيه نفائسَ (1).
وأكثر ما وُجِدَ رواية ستة من التابعين بعضهم عن بعض في حديث يتعلق بسورة الإخلاص (2).
ولنختم الكتاب بزيادة ثلاثة أنواع من أنواع علوم الحديث لتكون جملة أنواع الكتاب سبعين فنقول:
(1) نبه " ابن عبدالبر " في (الاستيعاب 1245) على ما يقع من التباس: " الصنابحي " التابعي، بِـ " الصنابح بن الأعسر الأحمسي " رضي الله عنه، قال في ترجمة الصنابح:" وليس هو الصنابحي - عبدالرحمن بن عسيلة - الذي روى عن أبي بكر الصديق، الذي يروي عنه عطاء بن يسار في فضل الوضوء، وفي النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة، وذلك لا تصح له صحبة. وقد بينا القول فيه في (كتاب التمهيد، وفي الاستذكار) أيضًا. وهو الصنابحي: منسوب إلى قبيلة من اليمن. وهذا " الصنابح " اسم لا نسب، ونسبه أحمس. وذلك تابعي، وهذا له صحبة. وذلك معدود في أهل الشام، وهذا كوفي له صحبة ورواية ".
(2)
لم أقف على مثل هذا الإسناد فيما يتعلق بسورة الإخلاص، ومنه الحديث المشهور " قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن "، في فضائل القرآن. في الصحيحين والموطأ. وانظر تخريجه في (فتح الباري، والتمهيد لابن عبدالبر 7/ 114) ومعه: مجمع الزوائد للهيثمي: 7/ 144، وكشف الخفا 2/ 131.