الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: " قرب الإسناد، قربٌ أو قربةٌ، إلى الله عز وجل ". وهكذا كما قال؛ لأن قربَ الإسناد قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقرب إليه قرب من الله عز وجل.
الثاني: وهو الذي ذكره " الحاكم أبو عبدالله الحافظ ": القربُ من إمام من أئمة الحديث
، وإن كثر العددُ من ذلك الإمام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1). فإذا وُجِد ذلك في إسنادٍ؛ وُصِفَ بالعلوِّ نظرًا إلى قربه من ذلك الإمام، وإن لم يكن عاليًا بالنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكلام " الحاكم " يوهم أن القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُعَدُّ من العلوِّ المطلوبِ أصلا. وهذا غلط من قائله؛ لأن القرب منه صلى الله عليه وسلم بإسنادٍ نظيف غير ضعيف، أوْلَى بذلك، ولا ينازع في هذا مَن له مُسْكَةٌ من معرفة (2). وكأن " الحاكم " أرادَ بكلامه ذلك إثباتَ العلو للإسنادِ لقربه من إمام، وإن لم يكن قريبًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإنكارَ على من يراعي في ذلك مجردَ قربِ الإسناد إلى رسول ِ الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان إسنادًا ضعيفًا، ولهذا مثَّل ذلك بحديث " أبي هُدبةَ، ودينارٍ، والأَشجِّ " وأشباهِهم * والله أعلم.
(1) علوم الحاكم: النوع الأول، 9 - 11.
(2)
في الطرة على هامش (غ): [قال وكيع: أي الإسنادين أحب إليكم: الأعمش عن أبي وائل عن عبدالله؟ أو: سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله؟ فقلنا: الأعمش عن أبي وائل، فقال: يا سبحان الله! الأعمش شيخ وأبو وائل شيخ، وسفيان فقيه ومنصور فقيه وإبراهيم فقيه وعلقمة فقيه. وحديث يتداوله الفقهاء، خير من أن يتداوله الشيوخ].
تأتي في فائدة الإمام البلقيني التالية، نقلا من علوم الحاكم. وعلى هامش (غ) أيضًا: [قال القاضي عياض: قرأت بخط الشيخ أبي عمر ابن عبدالبر الحافظ، مما نسبه للقعنبي:
إذا لم يكن خبر صحيح ........................... عن الأشياخ متضح الطريق
فلا ترفع به رأسًا ودعه .......................... فإني ناصح لك يا صديقي
وإسقاط المشايخ من حديث ....................... أشد عليَّ من فقد الشقيق
وما في الأرض خير من حديث ................... له نور بإسناد وثيق]
- بنصه، في (الإلماع:(197 - 198).
_________
* المحاسن:
" فائدة: ليس في كلام " الحاكم " ما يوهم ما تقدم. كيف، وقد ساق حديث " زعم رسولُك "، وما تقدم؟ وقوله: " فأما معرفة العالية من الأسانيد؛ فليس على ما يتوهمه عوام الناس؛ يعدون الأسانيد، فما وجدوا منها أقربَ عددًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوهمونه أعلى ". =
.............................................................................................................................
= يعني " الحاكم " بمجرد العدد من غير معرفة ما يفهم، يعني ولا نظر إلى صحيح ولا ضعيف، وذلك واضح من كلامه. فلا يقال:" وكأن الحاكم " إلى آخر ما قال ابن الصلاح، بل يجزم بذلك. ومثَّل " الحاكم " لنفسه برباعيات - وكلها بِ: أخبرنا - من جهة [أبي الحسن علي بن محمد بن عقبة] الشيباني، عن [الخضر] بن أبان الهاشمي، عن أبي هُدبة عن أنس ٍ " قال: وهذه نسخة عندنا بهذا الإسناد، ومن جهة " أحمدَ بن كامل، عن أحمد بن محمد بن غالب، عن عبدالله بن دينار عن أنَس "، وهي نسخة كبيرة، ومن جهة " الصفار، عن محمد بن مسلمة الواسطي، عن موسى بن عبدالله الطويل عن أنس "، وهي نسخة. قال:" وأعجب من ذلك ما حدثناه جماعة من شيوخنا عن أبي الدنيا، واسمه عثمان بن الخطاب، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال: وعلى الجملة قهذه الأسانيد وأشباهها كَـ: " خِراش بن عبدالله، وكثير بن سُلَيم، ويَغْنَم بن سالم بن قَنْبَرَ (1) مما لا يفرحُ بها (2) ولا يُحتج بشيء منها. وقَلَّ ما يوجد في مسانيد أئمة الحديث حديث واحد عنهم. وأقربُ ما يصح لأقراننا من الأسانيدِ بعددِ الرجال، ما حدثونا عن أحمد بن شبيان الرملي: حدثنا سفيان بن عيينة، عن: عمرو بن دينار عن ابن عمر، وعن الزهري عن أنس، وعن عبيدالله بن أبي يزيد عن ابن عباس، وعن عبدالله بن دينار عن ابن عمر، (3) وعن زياد بن علاقة عن جرير. فهذه أسانيد لابن عيينةَ صحيحة، ومن =
_________
(1)
يغنم؛ غير منقوط في الأصل، وما هنا في (علوم الحاكم) ولم يضبط في مطبوعته، والضبط للأمير ابن ماكولا: يغنم بياء مفتوحة معجمة باثنتين من تحتها، بعدها غين معجمة ثم نون مفتوحة: خادم الإمام علي رضي الله عنه. يروي عن أنس (الإكمال 7/ 358). قال أبو حاتم: مجهول ضعيف الحديث (الجرح والتعديل: أفراء الياء 9/ 314 / 136).
(2)
من علوم الحاكم. وتقرأ في أصل المحاسن [يعرج بها].
(3)
في مطبوعة (علوم الحاكم): " عن ابن عمرو عن زياد بن علاقة "(ص 10) قلت: تحرير الإسناد كما في المحاسن: عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر، وعن زياد بن علاقة عن جرير. من أسانيد عالية لسفيان بن عيينة. وسفيان من الرواة عن عبدالله بن دينار، أبي عبدالرحمن المدني، مولى ابن عمر، عن ابن عمر، وعنه السفيانان. ت 127 هـ وعن زياد بن علاقة الثعلبي أبي مالك الكوفي - 126 هـ - عن جرير البجلي، وعنه السفيانان.
(تهذيب التهذيب: 5/ 201 / 349، 3/ 380 / 693).
.............................................................................................................................
= رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبة. وكذلك حدثونا [عن جماعة من شيوخنا] عن يزيد بن هارون عن سليمان التيمي عن أنَس ٍ، وعن حميد الطويل عن أنس. قال " الحاكم ":" والعالي من الأسانيد: الذي لا يعرف بالفهم لا بعددِ الرجال؛ فَرُبَّ إسنادٍ يزيد عددُه على السبعة والثمانية إلى العشرة، وهو أعلى من ذلك ". ومثَّل ذلك بحديث: " أربع مَنْ كُنَّ فيه كان منافقًا " وعددُ رواته سبعة: أولهم: " أبو العباس محمد بن يعقوب " والصحابيُّ سابعهُم " عبدالله بن عمرو "(1). قال " الحاكم ": [هذا إسناد صحيح مخرج في مسلم](2) وهو أعلى من الأربع السابقة ". فإن الغرض فيه القربُ من الأعمش، والحديثُ له، وهو إمام. وبين " الحاكم " وبينه ثلاثة. وكذلك كلُّ إسنادٍ يقربُ من إمام. فإذا صحت الرواية إليه بالعدد والسنين فإنه عال ٍ. روى " الحاكم " عن علي بن خشرم قال (3): " قال لنا وكيع: أي الإسنادين أحبُّ إليكم: الأعمش عن أبي وائل عن عبدالله؟ أو: سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله؟ فقلنا: الأعمش عن أبي وائل. فقال: يا سبحان الله! الأعمش شيخ وأبو وائل شيخ، وسفيان فقيه ومنصور فقيه وإبراهيم فقيه وعلقمة فقيه؛ وحديث يتداوله الفقهاءُ خيرٌ من أن يتداوله الشيوخُ ". ثم روى " الحاكم " عن ابن عمر مرفوعًا:" مَطْلُ الغَنيِّ ظُلْم " وفي إسناده ستة، وصار عاليًا لِقُربه من =
_________
(1)
يقتضي البيان، ذكر سند الحاكم إلى حديث الأعمش: حثناه أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، ثنا عبدالله بن نمير عن الأعمش عن عبدالله بن مرة عن مسروق عن عبدالله بن عمرو ". (المعرفة: النوع الأول) ص 11.
(2)
إضافة من (علوم الحاكم) لا بد منها. فحديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، مرفوعًا:" أربع من كنَّ فيه كان منافقًا " متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب علامات المنافق، عن قُبيصة عن عقبة عن سفيان عن الأعمش (فتح الباري 1/ 67) وهو في مسلم (ك الإيمان، باب بيان خصال المنافق ح 106) من طريقين عن عبدالله بن نمير عن الأعمش، كسند الحاكم، ثم من طريق وكيع عن سفيان عن الأعمش.
(3)
أخرجه الحاكم عن أبي الطيب محمد بن أحمد المُذَكِّر عن إبراهيم بن محمد المروزي، عن علي بن خشرم. وكذلك أسنده ابن خلاد في (المحدث الفاصل: القول في فضل من جمع بين الرواية والدراية)، عن وكيع (238 ف 139) والخطيب في الكفاية، من طريق أبي الطيب المذكر بسنده عند الحاكم (436).
وذكره الحازمي، مما " حكي عن علي بن خشرم عن وكيع " في الوجه الثالث والعشرين من وجوه الترجيح: أن يكون رواة أحد الحديثين، مع تساويهم في الحفظ والإتقان، فقهاء (الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار)39.