الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثالث والستون:
معرفة طبقات الرواة والعلماء
.
وذلك من المهمات التي افتضح بسببِ الجهل بها غيرُ واحدٍ من المصنفين وغيرهم. و (كتاب الطبقات الكبير لمحمد بن سعد، كاتب الواقدي) كتاب حفيل كثير الفوائد وهو ثقة، غير أنه كثير الرواية فيه عن الضعفاء ومنهم:" الواقدي " وهو محمد بن عمر، الذي لا ينسبه *.
* المحاسن:
" فائدة: قد اعتمد " مالك " على قول الواقدي في الساحرة. قال يعقوبُ بن شيبة: " ذُكِرَ لنا أن مالكًا سُئِل عن قتل الساحرة، فقال: انظروا هل عند الواقدي في هذا شيء؟ فذاكروه ذلك، فذكر شيئًا عن الضحاك بن عثمان، فذكروا أن مالكًا قنع به (1)" ورُوِي أن مالكًا سئل عن المرأة التي سمَّت النبيَّ صلى الله عليه وسلم بخيبر، ما فَعَلَ بها؟ فقال: ليس عندي بهذا علم وسأسأل أهلَ العلم. قال: فلقي الواقديَّ فقال: يا أبا عبدالله، ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالمرأة التي سَمَّتْه بخيبرَ؟ فقال: الذي عندنا أنه قتلها. فقال مالك: لقد سألتُ أهلَ العلم فأخبروني أنه قتلها "(2). قال " أبو بكر الصاغاني ": " لولا أنه عندي ثقة ما حدثتُ عنه، حدث عنه أربعة أئمة: أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو عبيد "(3) - وأحسبه ذكر أبا خيثمة ورجلا آخر - وقال " عَمْرو الناقدُ ": " قلت للدراوردي: ما تقول في الواقدي؟ قال: تسألني عنه؟ [سل الواقدي عني] وقال عنه: ذاك أمير المؤمنين في الحديث "(4). وسئل =
_________
(1 - 2) الخطيب البغدادي، بإسناده، في ترجمة الواقدي بتاريخ بغداد (3/ 8 - 9) وأبو الفتح اليعمري في مقدمات (عيون الأثر 1/ 17) من طريق الخطيب. وقابل على أمر الشاة المسمومة بخيبر، في صحيح البخاري، ك المغازي، ومعه (فتح الباري 7/ 348).
والسيرة لابن إسحاق (الهشامية 3/ 352) وطبقات ابن سعد (2/ 84 ليدن).
(3 - 4) تاريخ بغداد، ترجمة الواقدي، والمقابلة عليه.
.............................................................................................................................
= عنه " مصعب الزبيري " فقال: " ثقة مأمون " وكذلك قال المسَيَّبي. وسئل عنه " أبو يحيى الزهري " فقال: " ثقة مأمون ". ووثَّقه " يزيد بن هارون ". وقال " عباس العنبري ": " هو أحَبُّ إليَّ من عبدالرزاق "(1).
واعلمْ أن الكلام فيه كثير جدًّا: ضُعِّفَ، ونُسِب إلى الوضع، قال " أحمد ": هو كذاب. وقال " يحيى ": ليس بثقة. وقال " البخاري، والرازي، والنسائي "(2): متروك. وللنسائي فيه كلام أشد من هذا (3). وقال " الدارقطني ": ضعيف (4). وقال " ابن عدي " أحاديثُه غير محفوظة، والبلاء منه.
واعلم أن سعة العلم مظنة لكثرة الإغراب، وكثرة الإغراب مظنة للتهمة، و " الواقدي " واسع العلم. قال " الخطيب " عنه:" طبق شرقَ الأرض وغربها ذكرُه، ولم يخف على أحد من الناس أمره، وسارت الركبان بكتبه في فنون العلم: من المغازي، والسير، والطبقات، وأخبار النبي صلى الله عليه وسلم والوقائع والأحداث التي كانت تحدث في وقته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، وكتب الفقه، واختلاف الناس في الحديث، وغير ذلك، وكان جوادًا كريمًا مشهورًا بالسخاء " وقال " يعقوب بن شيبة ": " لما انتقل " الواقدي " من الجانب الغربي إلى ههنا، يقال إنه حُملت كتبه على عشرين ومائة وقر: وقيل: كانت كتبه ستمائة قمطر ". وقال " محمد بن جرير الطبري ": " قال ابن سعد: كان الواقدي يقول: ما من أحد إلا وكتبُه أكثرُ من حفظه، وحفظي أكثر من كتبي "(5).
وترجمته طويلة، والمختارُ أنه لا يُطلقُ القولُ بضعفِه. انتهى " 147 / و ظ.
_________
(1)
تاريخ بغداد، ترجمة الواقدي (3/ 11) بأسانيد الخطيب.
(2)
الضعفاء للبخاري (104/ 334) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي (8/ 20 - 21 ترجمة 92) والضعفاء للمتروكون للنسائي (193/ 531).
(3)
قال النسائي: " والكذابون المعروفون بوضع الحديث أربعة: ابن أبي يحيى - إبراهيم - بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بن سليمان بخراسان، ومحمد بن السعيد المصلوب بالشام ". (الضعفاء والمتروكون: 123).
(4)
قال الدارقطني فيه: " مختلف فيه، فيه ضعف، لين في حديثه " الضعفاء والمتروكون: 347 رقم 477 ط الرياض 1404 هـ.
(5)
الأقوال هنا في هذه الفقرة، في ترجمته بتاريخ بغداد والمقابلة عليه.
والطبقة في اللغة عبارة عن القوم المتشابهين، وعند هذا فربَّ شخصين يكونان من طبقة واحدة لتشابههما بالنسبة إلى جهة، ومن طبقتين بالنسبة إلى جهة أخرى لا يتشابهان فيها.
فـ " أنَس بن مالك الأنصاري " وغيره من أصاغر الصحابة: مع العشرةِ وغيرهم من أكابر الصحابة من طبقة واحدة إذا نظرنا إلى تشابههم في أصل صفة الصحبة. وعلى هذا فالصحابةُ بأسرِهم طبقة أولى، والتابعون طبقة ثانية، وأتباع التابعين طبقة ثالثة. [118 و] وهلم جرا.
وإذا نظرنا إلى التفاوت في الصحابة في سوابقهم ومراتبهم، كانوا على ما سبق ذِكرُه، بضعَ عشرة طبقة، ولا يكون عند هذا " أنس " وغيرُه من أصاغر الصحابة، من طبقة العشرة من الصحابة، بل دونهم بطبقات (1).
والباحثُ الناظر في هذا الفن يحتاج إلى معرفةِ المواليد والوفيات، ومن أخذوا عنه، ومن أخذ عنهم، ونحو ذلك. والله أعلم.
(1) في (معرفة علوم الحديث للحاكم) في النوع التاسع والأربعين: معرفة الأئمة الثقات المشهورين من التابعين وأتباعهم. ممن يجمع حديثهم للحفظ والمذاكرة، مرتبين على طبقاتهم، وعلى بلدانهم (240 - 249).