الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- بعد ثبوتِ عدالته * - بأنه صحابي. والله أعلم.
الثانية: للصحابةِ بأسرهم خَصِيصَة، وهي أنه لا يُسأل عن عدالةِ أحد منهم
، بل ذلك أمر مفروغ منه لكونِهم على الإطلاق معدَّلين بنصوص الكتابِ والسنة وإجماع ِ من يُعتدُّ به في الإجماع من الأمة (1).
قال الله تبارك وتعالى: " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ "(2) الآية. قيل: اتفق المفسرون على أنه وارد في أصحابِ رسول الهل صلى الله عليه وسلم. وقال تعالى: " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ "(3) وهذا خطاب مع الموجودين حينئذ. وقال سبحانه: " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ "(4) الآية.
وفي نصوص السُّنة الشاهدة بذلك كثرة، منها حديثُ " أبي سعيد " المتَّفَقُ على صحتِه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تَسُبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدَكم أنفق مثلَ
(1) بمزيد تفصيل في (الكفاية: باب ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة (46 - 48) ومعه تقييد العراقي: 299.
(2 - 4) الآيات: آل عمران 110، البقرة: 143، الفتح 29.
_________
* المحاسن:
" فائدة: لا يقال: هذا منافٍ لما سيأتي من أن " للصحابة بأسرهم خصيصة، وهي أنه لا يُسأل عن عدالة أحدٍ منهم ".
لأنا نقول: الخصيصة لمن ظهرت صحبتُه لا لكلِّ من ادَّعاها؛ لجواز أن يكون فاسقًا، فلا يقبل قولُه. ولو جاء إنسان إلى تابعي وقال له: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل كذا، لم يَسُغْ لذلك التابعي أن يرويَ ذلك الحديثَ على أنه صحابي بمجرد قوله، ولا أن يقول: حدثني بعضُ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى يظهر له أمرُه في الدين. ومن ادعى تسويغَ ذلك فليس بصحيح. ولكنْ يسوغ أن يقول: قال فلان: رأيتُ - إلى آخره - ولم يظهر لي صحبتُه. انتهت " 99 / ظ.
أحُدٍ ذهبًا ما أدرك مُدّ أحدِهم ولا نَصِيفَه " (1) *.
ثم إن الأمة مجمعة على تعديل الصحابة، ومَن لابسَ الفتن منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذي يُعتَدُّ بهم في الإجماع (2)، إحسانًا للظنِّ بهم، ونظرًا إلى ما تمهَّد لهم من المآثر، وكأن الله - سبحانه - أتاح (2) الإجماعَ على ذلك؛ لكونِهم نَقَلةَ الشريعة. والله أعلم.
(1) حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا أخرجه البخاري في المناقب، فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر تخريجه ورواياته وشرحه في (فتح الباري 7/ 24 - 26) وأخرجه مسلم في الفضائل، باب تحريم سب الصحابة - رضي الله [عنهم] (ت) (ح 2540) وفي شرحه أن هذا التحريم شامل لمن لابس الفتن منهم وغيره؛ لأنهم مجتهدون في ذلك. والخطيب في باب ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة (الكفاية: 47) والطبراني في الصغير.
المد: هو ربع الصاع. وروي: مَد، بالفتح، وهو الغاية، من قولهم: لا يبلغ مَدَّ فلان؛ أي: لا يلحق شأوه. (الفائق في غريب الحديث 3/ 15). والنصيف: هو النصف، كالعشير في العشر (النهاية) ومشارق الأنوار (1/ 375، 2/ 15).
(2)
انظر تقييد العراقي (203) على القول بالإجماع. وقال: " وإذا نهي الصحابي عن سب الصحابي؛ فغير الصحابي أولى بالنهي عن سب الصحابي ".
_________
* المحاسن:
" فائدة: لا يقال: حديث " لا تَسُبُّوا أصحابي " ليس بعامٍّ في جميع الصحابة، بل في ناس دون آخرين، ويُسنَد ذلك بما ذكره " الحكيم الترمذي " في كتابه (نوادر الأصول) أن خالد بن الوليد تقاول هو وعبدُالرحمن بن عوف فكأن خالدًا أغلظ لعبدالرحمن، فشكاه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لخالد: " هل أنتم تاركون لي أصحابي؟ فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحُدٍ ذهبا .. " الحديث (1).
لأنا نقول: الذي سبق الاحتجاجُ به هو " لا تسبوا أصحابي " وهو عام. وأما حديثُ خالد ففيه: " هل أنتم تاركون لي أصحابي " فاقتضت العربية التخصيص. على أنه يمكن حملُه على العموم من جهة اللفظ والمعنى، ولا يكون السبب مخصصًا. وفائدة قوله:" هل أنتم تاركون لي أصحابي؟ " وإن كان المقول له منهم، التنبيهُ على مزية هذه المنزلة العظيمة، كما لو كان لإنسان قريبان تخاصما، فقال للذي أغلظ: لا أحب أن تسب أقاربي؛ وإن كان المقول له قريبًا له أيضًا، لكن التنبيه على أن القرابة أريد حفظُها من هذه الأمور. انتهت " 100 / و.
_________
(1)
نوادر الأصول: (الأصل 84/ 124) في أن الناس ينزلون منازلهم / ط بيروت عن ط القسطنطينية.