الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أحاديثَ أُخَر، فإن ذاكِرَه آمِنٌ من أن يكون متقوِّلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل. والله أعلم (1) *.
العاشر: إذا كان الإِصلاحُ بزيادةِ شيءٍ قد سقط؛ فإن لم يكن من ذلك مغايرةٌ في المعنى؛ فالأمرُ فيه على ما سبق
، وذلك كنحو [64 / و] ما رُوِيَ عن " مالك " رضي الله عنه أنه قيل له:" أرأيت حديثَ النبي صلى الله عليه وسلم يُزاد فيه الواوُ والألف، والمعنى واحد؟ فقال: أرجو أن يكون خفيفًا ".
وإن كان الإِصلاحُ بالزيادةِ يشتمل على معنى مغايرٍ لما وقع في الأصل؛ تأكد فيه الحكمُ بأنه يذكر ما في الأصل مقرونًا بالتنبيهِ على ما سقطَ؛ ليسلم من معرَّةِ الخطأ، ومن أن يقول على شيخه ما لم يقل. حدَّث " أبو نعيم الفضلُ بن دكين " عن شيخ له بحديث قال فيه:" عن بُحَيْنةَ " فقال أبو نعيم: " إنما هو ابنُ بُحينةَ، ولكنه قال: بحينة "(2).
وإذا كان مَن دُون موضع ِ الكلام الساقِط معلومًا أنه أتى به، وإنما أسقطه مَنْ بعدَه، ففيه وجهٌ آخر، وهو أن يُلحقَ الساقط في موضعِه من الكتاب مع كلمة: يعني (3)، كما فعل
(1) عياض: الإلماع: 185 - 187 وانظر خطبته لمشارق الأنوار.
(2)
أسنده الخطيب عن أبي نعيم في (الكفاية: باب إصلاح الكلمة التي لا بد منها)251.
(3)
طرة، على هامش (غ):[قوله: وإذا كان من دون موضع الكلام .. إلى آخره. عبر عنه " النواوي " في (اختصاره) فقال: فإن عَلمَ أن بعض الرواة أسقطه وحده؛ فله أيضًا أن يلحقه مع كلمة: يعني]- متن التقريب (مع تدريب الراوي 2/ 108).
_________
* المحاسن:
" فائدة: قال الإِمام ابن دقيق العيد: " سمعت أبا محمد بن عبدالسلام، وكان أحد سلاطين العلماء، يذكر في هذه المسألة ما لم أره لأحد، وهو أن هذا اللفظ المحتمل لا يروى على الصوابِ ولا على الخطأ. أما على الصوابِ فلأنه لم يسمع من الشيخ ذلك، وأما على الخطأ فلأن سيدَنا سيد المخلوقين صلى الله عليه وسلم لم يقله كذلك. " (1) وقال: هذا معنى ما قاله، أو قريب منه (1). انتهت " 73 / ظ.
_________
(1)
ابن دقيق العيد، في (الاقتراح 294 - 295) بلفظه هنا، لا مع اختلاف يسير كما ذكر الأستاذ قحطان الدوري، محقق الاقتراح (ط أولى بغداد)، ثم نقل ما في (المحاسن) بخروم ليست في طبعتنا من أصله هنا وإليها رجع.
" الخطيب الحافظ " إذ روى عن أبي عمرَ بن مهدي، عن القاضي المحاملي بإِسناده عن عروة، عن عمرةَ بنت عبدالرحمن - تعني عن عائشة - أنها قالت:" كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُدنِي إليَّ رأسَه فأُرَجِّله " قال " الخطيب ": كان في أصل ابن مهدي: عن عمرة أنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إليَّ رأسَه " فألحقنا فيه ذكرَ " عائشةَ " إذ لم يكن منه بُدٌّ، وعلمنا أن " المحاملي " كذلك رواه، وإنما سقط من كتابِ شيخِنا أبي عمر، وقلنا فيه:" تعني عن عائشة "؛ لأجل أن ابن مهدي لم يقل لنا ذلك. وهكذا رأيتُ غيرَ واحدٍ من شيوخِنا يفعل في مثل هذا " ثم ذكر بإِسناده عن " أحمدَ بنِ حنبل " رضي الله عنه قال: " سمعت وكيعًا يقول: أنا أستعين في الحديثِ بِ: يعني " (1).
قلتُ: وهذا إذا كان شيخُه قد رواه له على الخطأ. فأما إذا وجد ذلك في كتابِه وغلب على ظنِّه أن ذلك من الكتابِ لا من شيخه؛ فيتجه ههنا إصلاحٌ ذلك في كتابِه وفي روايته عند تحديثِه به [64 / ظ] معًا. ذكر " أبو داودَ " أنه قال لأحمدَ بن حنبل: " وجدتُ في كتابي: حجاج عن جريج عن أبي الزبير؛ يجوزُ لي أن أصلحَه: ابن جريج؟ فقال: أرجو أن يكونَ هذا لا بأسَ به "(2). والله أعلم.
وهذا من قبيل ِ ما إذا دَرَس من كتابه بعضُ الإِسنادِ أو المتن؛ فإنه يجوز له استدراكُه من كتاب غيره، إذا عرف صحتَه وسكنتْ نفسُه إلى أن ذلك هو الساقط من كتابِه؛ وإن كان في المحدِّثين من لا يستجيز ذلك. وممن فعل ذلك " نعيم بن حماد " فيما رُوِي عن يحيى بن معين عنه. قال " الخطيبُ الحافظ ":" ولو بيَّن ذلك في حال الرواية كان أوْلَى "(3).
(1) الكفاية: باب إلحاق الاسم المتيقن سقوطه من المتن: 253.
وانظر الحديث في (الموطأ، ك الاعتكاف ح 1) ومعه (التمهيد 8/ 316، ومشارق الأنوار 2/ 91) وسنن أبي داود: ك الصوم، باب المعتكف يدخل بيته لحاجته ح 2467 (2/ 332).
وأخرجه البخاري في (ك الاعتكاف، باب لا يدخل البيت إلا لحاجة) من حديث الليث عن ابن شهاب عن عروة وعمرة، عن عائشة (معه فتح الباري 4/ 194) وأخرجه مسلم في (ك الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله) من عدة طرق: مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة، وعن الليث عن ابن شهاب عن عمرة عن عائشة، وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها.
(2)
أبو داود: مسائل أحمد 283. وأسنده الخطيب عنه في الكفاية 251. وفيها: " عن جريج بن أبي الزبير عن جابر " رضي الله عنه.
(3)
في الكفاية: باب ما جاء فيمن دَرَس - أي بلى - من كتابه بعض الإِسناد أو المتن. (253 - 254).