المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الثاني والعشرون:معرفة المقلوب - مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح

[سراج الدين البلقيني]

فهرس الكتاب

- ‌هذه الطبعة:

- ‌مدخل

- ‌موجز سيرته، رحلاته وشيوخه *

- ‌مصنفات أبي عمرو ابن الصلاح

- ‌أصحابه وتلاميذه:

- ‌كتاب ابن الصلاح

- ‌ رواته وأصولهم

- ‌المصنفات على كتاب ابن الصلاح

- ‌المبحث الثاني:السراج البلقيني

- ‌ موجز سيرته وعصره

- ‌أصحابه وتلاميذه

- ‌مصنفاته:

- ‌محاسن الاصطلاح وما عليها

- ‌نُسخ المقدمة والمحاسن

- ‌1 - مقدمة ابن الصلاح

- ‌النسخ المخطوطة

- ‌متن ابن الصلاح في هذه الطبعة

- ‌2 - محاسن الاصطلاح

- ‌النوع الأول من أنواع علوم الحديث:معرفة الصحيح من الحديث

- ‌النوع الثاني:معرفة الحسَنِ من الحديث

- ‌النوع الثالث:معرفةُ الضعيفِ من الحديث

- ‌النوع الرابع:معرفةُ المُسْنَد

- ‌النوع الخامس:معرفة المتصل

- ‌النوع السادس:معرفة المرفوع

- ‌النوع السابع:معرفة الموقوف

- ‌النوع الثامن:معرفة المقطوع

- ‌تفريعات:

- ‌أحدُها: قولُ الصحابيِّ: " كنا نفعل كذا " أو: " كنا نقول كذا

- ‌الثاني: قولُ الصحابي: " أُمِرْنا بكذا، أو: نُهينا عن كذا

- ‌الثالث: ما قيل من أن تفسيرَ الصحابيِّ حديثٌ مسنَدٌ

- ‌الرابع: من قبيل المرفوع، الأحاديثُ التي قيل في أسانيدِها عند ذكر الصحابيِّ: يَرفعُ الحديثَ

- ‌النوع التاسع:معرفةُ المرسَل

- ‌النوع العاشر:معرفة المنقطِع

- ‌النوع الحادي عشر:معرفة المُعْضَل

- ‌تفريعات:

- ‌أحدُها: الإِسناد المعنعَنُ، وهو الذي يقالُ فيه: فلان عن فلان. عَدَّه بعضُ الناس من قبيل المرسَل والمنقطِع

- ‌الثاني: اختلفوا في قول الراوي: أن فلانًا قال كذا وكذا؛ هل هو بمنزلة " عن

- ‌الثالث: قد ذكرنا ما حكاه " ابنُ عبدالبر " من تعميم الحكم بالاتصال فيما يذكره الراوي عن من لقيه بأي لفظٍ كان

- ‌الرابع: التعليقُ الذي يذكره " أبو عبدالله الحميدي " صاحب (الجمع بين الصحيحين) [

- ‌الخامس: الحديثُ الذي رواه بعضُ الثقات مرسَلاً وبعضُهم متصلا

- ‌النوع الثاني عشر:معرفة التدليس وحُكم المدلس

- ‌النوع الثالث عشر:معرفة الشاذِّ

- ‌النوع الرابع عشر:معرفة المنكَر من الحديث

- ‌النوع السادس عشر:معرفة زيادات الثقاتِ وحكمها

- ‌النوع السابع عشر:معرفة الأفراد

- ‌النوع الثامن عشر:معرفة الحديثِ المُعلَّل

- ‌النوع التاسع عشر:معرفة المضطرب من الحديث

- ‌النوع العشرون:معرفة المدرج من الحديث

- ‌النوع الحادي والعشرون:معرفة الموضوع

- ‌النوع الثاني والعشرون:معرفة المقلوب

- ‌النوع الرابع والعشرون:معرفة كيفية سماع الحديثِ وتحمُّلِه وصفة ضبطه

- ‌بيان أقسام طرق نقل الحديث وتحمله

- ‌الأول: السماع من لفظ الشيخ

- ‌تفريعات:

- ‌الثاني: إذا قرأ القارئ على الشيخ قائلا: أخبرك فلان، أو قلتَ: أخبرنا فلان، أو نحو ذلك، والشيخُ ساكتٌ

- ‌الثالث: فيما نرويه عن " الحاكم أبي عبدالله الحافظ " رحمه الله قال: " الذي أختاره في الرواية

- ‌السابع: يَصحُّ السماعُ ممَّن هو وراءَ حجاب، إذا عُرِفَ صوتُه فيما إذا حَدَّثَ بلفظِه

- ‌الثامن: من سمع من شيخ حديثًا ثم قال له: " لا تَروِه عني، أو: لا آذَنُ لك في روايته عني

- ‌القسم الثالثُ من أقسام طرق نقل الحديث وتحمله: الإِجازةُ.وهي متنوعة أنواعًا:

- ‌أولها: أن يُجيزَ لمعيَّنٍ في مُعينٍ

- ‌النوع الثاني من أنواع الإجازة:أن يجيزَ لمعيَّنٍ في غير مُعيَّنٍ

- ‌النوع الثالث من أنواع الإجازة:أن يجيزَ لغير مُعَيَّن بوصفِ العموم

- ‌النوع الخامس من أنواع الإجازة:الإِجازةُ للمعدوم

- ‌النوع السادس من أنواع الإجازة:إجازة ما لم يسمعه المجيزُ ولم يتحملْه أصلاً بعدُ ليرويه المجازُ له إذا تحمله المجيزُ بعد ذلك

- ‌النوع السابع من أنواع الإجازة: إجازة المُجاز

- ‌أحدُهما: المناولةُ المقرونةُ بالإجازة

- ‌الثاني: المناولة المجردة عن الإجازة

- ‌القسم الخامس من أقسام طرق نقل الحديث وتلقيه:المكاتبة:

- ‌ القسم السادس من أقسام الأخذ ووجوهِ النقل:إعلامُ الراوي للطالبِ بأن هذا الحديثَ أو هذا الكتابَ سماعُه من فلان أو روايتُه

- ‌القسم السابع من أقسام الأخذِ والتحمل:الوصيةُ بالكُتُب:

- ‌القسم الثامن: الوجادة:

- ‌النوع الخامسُ والعشرون:في كتابة الحديث وكيفية ضبطِ الكتابِ وتقييده

- ‌النوع السادس والعشرون:في صفةِ روايةِ الحديث وشرطِ أدائه وما يتعلق بذلك

- ‌تفريعات:

- ‌أحدُها: إذا كان الراوي ضريرًا ولم يحفظ حديثَه من فم من حدثه

- ‌الثاني: إذا سمع كتابًا ثم أراد روايتَه من نسخة ليس فيها سماعُه، ولا هي مقابَلة بنسخةِ سماعه، غير أنه سُمِع منها على شيخِه، لم يجز له ذلك

- ‌الثالث: إذا وجد الحافظُ في كتابِه خلافَ ما يحفظه، نظر؛ فإن كان إنما حفظ ذلك من كتابِه فليرجعْ إلى ما في كتابه

- ‌الرابع: إذا وجد سماعَه في كتابِه وهو غير ذاكر لسماعِه

- ‌الخامس: إذا أراد روايةَ ما سمعه على معناه دون لفظِه

- ‌السادس: ينبغي لمن رَوى حديثًا بالمعنى أن يُتبعه بأن يقول: أو كما قال، أو نحو هذا وما أشبه ذلك من الألفاظ

- ‌السابع: هل يجوز اختصارُ الحديث الواحد وروايةُ بعضِه دون بعض

- ‌الثامن: ينبغي للمحدِّث ألا يروي حديثه بقراءةِ لحَّانٍ أو مصحِّف

- ‌التاسع: إذا وقع في روايتِه لحنٌ أو تحريف؛ فقد اختلفوا

- ‌العاشر: إذا كان الإِصلاحُ بزيادةِ شيءٍ قد سقط؛ فإن لم يكن من ذلك مغايرةٌ في المعنى؛ فالأمرُ فيه على ما سبق

- ‌الحادي عشر: إذا كان الحديث عند الراوي عن اثنين أو أكثرَ، وبين روايتهما تفاوتٌ في اللفظ، والمعنى واحدٌ

- ‌الثالث عشر: جرت العادةُ بحذفِ " قال " ونحوِه فيما بين رجال الإِسنادِ خَطًّا

- ‌الرابع عشر: النسخُ المشهورةُ المشتملة على أحاديثَ بإِسنادٍ واحدٍ

- ‌السابع عشر: إذا ذكر الشيخُ إسناد الحديثِ ولم يذكر من متنِه إلا طرفًا ثم قال: وذكرَ الحديثَ. أو قال: وذكر الحديث بطولِه

- ‌الثامن عشر: الظاهرُ أنه لا يجوز تغيير " عن النبي " إلى: " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌التاسعَ عشر: إذا كان سماعُه على صفةٍ فيها بعضُ الوَهَنِ، فعليه أن يذكرها في حالة الرواية؛ فإن في إغفالها نوعًا من التدليس

- ‌الحادي والعشرون: إذا سمع بعضَ حديثٍ من شيخ وبعضَه من شيخ آخر، فخلَطه ولم يميزه، وعَزَا الحديثَ جملةً إليهما مبيِّنًا أن عن أحدهما بعضَه وعن الآخر بعضه؛ فذلك جائزٌ

- ‌النوع السابع والعشرون:معرفةُ آدابِ المحدِّث

- ‌النوع التاسع والعشرون:معرفةُ الإسنادِ العالي والنازل ِ

- ‌الثاني: وهو الذي ذكره " الحاكم أبو عبدالله الحافظ ": القربُ من إمام من أئمة الحديث

- ‌الثالث: العُلوُّ بالنسبة إلى رواية (الصحيحين) أو أحدِهما، أو غيرهما من الكتب المعروفة المعتمَدة

- ‌الرابع: من أنواع العلوِّ، العلوُّ المستفاد من تقدم وفاة الراوي

- ‌الخامس: العلو المستفاد من تقدم السماع

- ‌النوع الموفي ثلاثين:معرفة المشهورِ من الحديث

- ‌النوع الثاني والثلاثون:معرفة غريبِ الحديث

- ‌النوع الخامس والثلاثون:معرفة المصحَّف من أسانيدِ الأحاديث ومتونِها

- ‌النوع السادس والثلاثون:معرفة مختلِف الحديث

- ‌أحدهما: أن يمكنَ الجمعُ بين الحديثين

- ‌القسم الثاني: أن يتضادا بحيث لا يمكن الجمعُ بينهما

- ‌النوع الثامن والثلاثون:معرفة المراسيل الخفيِّ إرسالها

- ‌النوع التاسع والثلاثون:معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين

- ‌وأنا أورد نُكَتًا نافعة - إن شاء الله تعالى - قد كان ينبغي لمصنفي كتبِ الصحابة أن يتوجوها بها

- ‌إحداها: اختلف أهل العلم في أن الصحابي من

- ‌الثانية: للصحابةِ بأسرهم خَصِيصَة، وهي أنه لا يُسأل عن عدالةِ أحد منهم

- ‌الثالثة: أكثرُ الصحابة حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أبو هريرة

- ‌الرابعة: روينا عن " أبي زُرعةَ الرازي " أنه سئل عن عِدَّةِ مَن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الخامسة: أفضلُهم على الإطلاق: " أبو بكر، ثم عمر

- ‌السادسة: اختلف السلفُ في أوَّلهم إسلامًا

- ‌السابعة: آخرُهم على الإطلاق موتًا " أبو الطفيل عامرُ بنُ واثِلةَ

- ‌ النوع الموفي أربعينَ:معرفة التابعين

- ‌ مهماتٌ في هذا النوع:

- ‌إحداها: ذكر " الحافظُ أبو عبدالله " أن التابعين على خمسَ عشرةَ طبقةً

- ‌الثانية: المخضرَمون من التابعين، هم الذين أدركوا الجاهليةَ وحياةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلموا ولا صحبة لهم *

- ‌الثالثة: من أكابر التابعين، الفقهاءُ السبعةُ من أهل المدينة

- ‌الرابعة: ورد عن " أحمد بن حنبل " أنه قال: " أفضل التابعين سعيدُ بن المسيّب

- ‌النوع الحادي والأربعون:معرفة الأكابرِ الرواةِ عن الأصاغر

- ‌النوع الثالث والأربعون:معرفة الإخوة والأخوات من العلماء والرواة

- ‌النوع الرابع والأربعون:معرفةُ روايةِ الآباء عن الأبناء

- ‌النوع الخامس والأربعون:معرف رواية الأبناء عن الآباء

- ‌ وهو نوعان:

- ‌أحدُهما: رواية الابن عن الأبِ عن الجدِّ

- ‌الثاني: روايةُ الابنِ عن أبيه دونَ الجَدِّ

- ‌النوع السادس والأربعون:معرفةُ من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر

- ‌النوع السابع والأربعون:معرفة من لم يرو عنه إلا راوٍ واحدٌ من الصحابة والتابعين فمن بعدَهم رضي الله عنهم

- ‌النوع التاسع والأربعون:معرفةُ المفرداتِ الآحادِ من أسماء الصحابة ورواةِ الحديث والعلماء، وألقابِهم وكُناهم

- ‌النوع الموفي خمسين:معرفة الأسماء والكُنَى

- ‌ أصحاب الكنى فيها على ضروب:

- ‌أحدهما: من له كنيةٌ أخرى سوى الكُنية التي هي اسمه فصار كأن للكنيةِ كُنية

- ‌الثاني: من هؤلاء: مَن لا كُنيةَ له غير الكنية التي هي اسمه

- ‌الضرب الثاني: الذين عُرفوا بكُناهم ولم يُوقَفْ على أسمائهم ولا على حالِهم فيها، هل هي كُناهم أو غيرها

- ‌الضرب الثالث: الذين لقبوا بالكنى ولهم غير ذلك كنى وأسماء

- ‌الضرب الرابع: من له كنيتان أو أكثر

- ‌الضربُ الخامس: من اختُلِفَ في كنيته، فذُكِرَ له على الاختلاف كنيتان أو أكثر

- ‌الضربُ السادس: من عُرِفتْ كنيتهُ واختُلِفَ في اسمِه

- ‌الضربُ السابع: من اختُلِف في كنيته واسمه معًا

- ‌الضربُ الثامن: من لم يُختَلف في كنيته واسمه، وعُرِفَا جميعًا واشتهرا

- ‌النوع الحادي والخمسون:معرفة كُنى المعروفين بالأسماء دون الكُنَى

- ‌فممن يكنى بِـ " أبي محمد " من هذا القبيل:

- ‌وممن يكنى منهم بِـ " أبي عبدالله

- ‌وممن يكنى منهم بِـ " أبي عبدالرحمن

- ‌النوع الثاني والخمسون:معرفة ألقاب المحدِّثين ومن يُذكر معهم

- ‌النوع الثالث والخمسون:معرفة المؤتلف والمختلف من الأسماء والأنساب وما يلتحق بها

- ‌النوعُ الرابع والخمسون:معرفة المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ونحوِها

- ‌فأحدُها: المفترق ممن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم

- ‌القسم الثاني: المفترق ممن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم أو أكثر ذلك

- ‌القسم الثالث: ما اتفق من ذلك في الكنية والنسبة معًا

- ‌القسم الرابع: عكسُ هذا *

- ‌القسم الخامس: المفترق ممن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم ونسبتهم

- ‌القسم السادس: ما وقع فيه الاشتراك في الاسم خاصةً أو الكنية خاصة، وأشكِلَ مع ذلك لكونه لم يُذْكَر بغير ذلك

- ‌القسم السابع: المشترك المتفق في النسبة خاصة

- ‌النوع السادس والخمسون:معرفة الرواة المتشابهينَ في الاسم والنسبِ المتمايزينَ بالتقديم والتأخير في الابن والأب

- ‌النوع السابع والخمسون:معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم

- ‌وذلك على ضروب

- ‌أحدُها: من نُسب إلى أمِّه

- ‌الثاني: من نُسبَ إلى جَدَّته

- ‌الثالث: من نُسِب إلى جَدِّه

- ‌النوع التاسع والخمسون:معرفة المبهمات

- ‌النوع الموفي ستين:معرفة تواريخ الرواة

- ‌ولنذكر من ذلك عيونًا:

- ‌أحدُها: الصحيحُ في سِن سيدِنا -[113 / ظ] سيِّد البشر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه " أبي بكر، وعمر ": ثلاثٌ وستون سنةً *

- ‌الثاني: شخصان من الصحابة عاشا في الجاهلية ستينَ سنة، وفي الإسلام ستين سنة، وماتا بالمدينة سنة أربع وخمسين:

- ‌الثالث: أصحاب المذاهب الخمسة المتبوعة رضي الله عنهم

- ‌الرابع: أصحاب كتبِ الحديث الخمسة المعتمدة:

- ‌الخامس: سبعة من الحُفاظ في ساقتِهم، أحسنوا التصنيفَ وعظُمَ الانتفاعُ بتصانِيفهم في أعصارنا **

- ‌النوع الحادي والستون:معرفة الثقاتِ والضعفاء من رواة الحديث

- ‌النوع الثاني والستون:معرفةُ من خَلَّط في آخر عمرِه من الثقات

- ‌النوع الثالث والستون:معرفة طبقات الرواة والعلماء

- ‌النوع الرابع والستون:معرفة الموالي من الرواة والعلماء

- ‌النوع الخامس والستون:معرفة أوطان الرواة

- ‌ النوع السادس والستون:رواية الصحابة بعضِهم عن بعض *

- ‌النوع السابع والستون:رواية التابعين بعضِهم عن بعض

- ‌النوع الثامن والستون:معرفة من اشترك من رجال الإسناد في فقه أو بلد أو إقليم أو عِلم أو غير ذلك

- ‌النوع التاسع والستون:معرفة أسباب الحديث

- ‌دليل‌‌ الأعلام *: الرجال

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ث

- ‌(ج):

- ‌ح

- ‌(خ

- ‌د

- ‌ ر

- ‌(ذ):

- ‌ز

- ‌س

- ‌ش

- ‌ص

- ‌(ض):

- ‌ط

- ‌ ع

- ‌(ظ):

- ‌(غ):

- ‌ فُ

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ م

- ‌ن

- ‌ة

- ‌و

- ‌‌‌(النساء)

- ‌(ا

- ‌ ب

- ‌ح

- ‌ج

- ‌ر

- ‌د

- ‌ ز

- ‌(س):

- ‌ص

- ‌(ض):

- ‌ع

- ‌ق

- ‌ف

- ‌ه

- ‌ م

- ‌ن

- ‌ ك

- ‌فهرس‌‌ الأماكن وال‌‌بلدان

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ ج

- ‌ح

- ‌ت

- ‌ع

- ‌(خ):

- ‌(د، ذ):

- ‌(ر، ز):

- ‌(س، ش):

- ‌(ص، ض، ط):

- ‌م

- ‌(ف، ق)

- ‌(هـ، و، ي):

- ‌دليل‌‌ الكتب في متني المقدمة والمحاسن:

- ‌ ا

- ‌ت

- ‌ب

- ‌ ث

- ‌(ج، ح):

- ‌(ذ، ر، ز):

- ‌(س، ش):

- ‌(ص، ض، ط):

- ‌(ع، غ):

- ‌ك

- ‌(ف، ق):

- ‌(ل، م):

- ‌ن

- ‌(و، ي):

- ‌فهرس موضوعي:

- ‌مستدرك:

الفصل: ‌النوع الثاني والعشرون:معرفة المقلوب

‌النوع الثاني والعشرون:

معرفة المقلوب

.

هو نحوُ حديثٍ مشهورٍ عن " سالم " جُعِلَ عن " نافع " ليصير بذلك غريبًا مرغوبًا فيه. وكذلك ما رويناه أن " البخاري " رضي الله عنه قدم بغداد، فاجتمع قبلَ مجلسهِ قومٌ من أصحاب الحديث، وعمدوا إلى مائة حديثٍ، فقلبوا متونَها وأسانيدها وجعلوا مَتْنَ هذا الإِسناد لإِسنادٍ آخر، وإسنادَ هذا المتنِ لمتنٍ آخرَ، ثم حضروا مجلسَه، وألقوها عليه، فلما فرغوا من إلقاء تلك الأحاديث المقلوبة، التفت عليهم فردَّ كلَّ مَتْنٍ إلى إسناده، وكلَّ إسنادٍ إلى مَتْنِه، فأذعنوا له بالفضل (1).

ومن أمثلتِه، ويصلحُ مثالا للمعلَّل: ما رويناه عن إسحاق بن عيسى الطبَّاع، قال: أخبرنا جريرُ بن حازم عن ثابت عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أقِيمت الصلاةُ فلا تقوموا حتى تَروني " قال إسحاق بن عيسى: فأتيت حمادَ بن زيد فسألتُه عن الحديث، فقال: وَهِمَ أبو النضر؛ إنما كنا جميعًا في مجلس ثابت البناني، وحجاجُ بن أبي عثمان معنا، فحدثنا حجاجٌ الصوَّافُ عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أقيمت الصلاةُ فلا تَقوموا حتى تروني "(2)، فظن أبو النضر

(1) في ترجمته بتاريخ بغداد، وتقييد ابن نقطة، وتذكرة الحفاظ.

(2)

" وهذا الحديث مشهور ليحيى بن أبي كثير عن عبدالله بن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا رواه الأئمة الخمسة من طرق عن يحيى. وهو عند (م، س) من رواية حجاج بن أبي عثمان الصواف عن يحيى. وجرير إنما سمعه من حجاج فانقلب عليه. وقد بين ذلك حماد بن زيد فيما رواه أبو داود بالمراسيل " العراقي في التبصرة 1/ 287.

- وكذلك رواه أبو داود في (السنن: صلاة: ح 539) من طرق عن يحيى، منها رواية حجاج الصواف. وانظر (فتح الباري 2/ 81).

ص: 284

أنه فيما حدثه ثابتٌ عن أنس - أبو النضر هو جرير بن حازم -. والله أعلم *.

* المحاسن:

" زيادة: ما سبق هو القلب في الإِسناد. وقد يقع القلب في المتن، ويمكن تمثيله بما رواه خبيب بن عبدالرحمن عن عمته أُنَيْسة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا، وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا " وإن كانت المرأة منا ليبقى عليها شيء من سحورها فتقول لبلال: أمهل حتى أفرغ من سحوري. رواه الإِمام أحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. قال ابن خزيمة: هذا خبر قد اختلف فيه - يعني على خبيب - رواه شعبة عنه عن عمته أنيسة فقال: " ابن مكتوم أو بلال ينادي بليل "(1)، وروى ابن خزيمة عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال " وكان بلال لا يؤذن حتى يرى الفجر. والمشهور من حديث ابن عمر وعائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم " وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحتَ أصبحتَ. (2) فالرواية بخلاف ذلك مقلوبة، لا سيما إذا كان الشك وقع في طريق الراوي لها - شعبة - ولكن لم يجعل ابن خزيمة وابن حبان ذلك من المقلوب، بل قال ابن خزيمة إنه لا تضاد بين الخبرين " إذ جائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جعل الليل نوايب بين بلال وبين ابن أم مكتوم، فحين تكون نوبة أحدهما ليلا، تكون نوبة الآخر عند طلوع الفجر فجاء الخبران على حسب الحالين ". (3) وقال ابن حبان: ليس بين الخبرين تضاد لأن النبي صلى الله عليه وسلم =

_________

(1)

صحيح ابن خزيمة: 1/ 210 (ح 505).

(2)

حديث ابن عمر في الموطأ، ك الصلاة، باب قدر السحور من القراءة (ح 14): يحيى عن مالك عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر. وفي البخاري، ك الأذان، باب أذان الأعمى، من رواية القعنبي عن مالك، عن سالم بن عبدالله بن عمر عن أبيه (انظر التمهيد 10/ 55 - 57) وفتح الباري (2/ 67) وهو في مسلم، كتاب الصوم باب الدخول في الصوم بطلوع الفجر، من رواية الزهري عن سالم عن أبيه، ورواية نافع عن ابن عمر (ح 36 - 38/ 1092) ورواه الشافعي عن مالك عن الزهري عن سالم عن أبيه، وعن القعنبي عن مالك عن الزهري مرسلا (المسند 10).

(3)

صحيح ابن خزيمة: 1/ 212 (ح 505).

وانظر ترجمة خبيب بن عبدالرحمن بن خبيب بن يساف الأنصاري في (تهذيب التهذيب 3/ 136) وترجمة عمته أنيسة بنت خبيب بن يساف، في نساء الإصابة (رقم 126) وفيه حديثها في الأذان، وفي نساء تهذيب التهذيب (12/ 403).

ص: 285

فصل: قد وفينا بما سبق الوعدَ بشرحِه من الأنواع الضعيفة والحمدُ لله، فَلْنُنَبه الآن على أمورٍ مهمة:

أحدها: إذا رأيتَ حديثًا بإسنادٍ ضعيف، فلكَ [26 / ظ] أن تقول: هذا ضعيف، وتعني أنه بذلك الإِسناد ضعيفٌ. وليس لك أن تقول: هذا ضعيف، وتعني به ضَعْفَ مَتْنِ الحديث، بناءً على مجرد ضعفِ ذلك الإِسناد؛ فقد يكون مرويًّا بإِسنادٍ آخرَ صحيح يَثبتُ بمثلِه الحديثُ، بل يتوقف جوازُ ذلك على حُكم إمام من أئمة الحديث، بأنه لم يُرْوَ بإِسناد يثبتُ به، أو بأنه حديثٌ ضعيف. أو نحو هذا، مفسِّرًا وجهَ القدح فيه. فإ، أطلق ولم يفسِّر، ففيه كلامٌ يأتي - إن شاء الله تعالى -. فاعلم ذلك؛ فإنه مما يُغلَطُ فيه. والله أعلم.

الثاني: يجوز عند أهل الحديث وغيرِهم، التساهلُ في الأسانيد، ورواية ما سِوَى الموضوع ِ من أنواع الأحاديث الضعيفةِ من غيرِ اهتمام ببيان ضعفهما، فيما سِوَى صفاتِ الله تعالى وأحكام الشريعة من الحلال ِ والحرام وغيرهما.

وذلك كالمواعظ، والقصص، وفضائل ِ الأعمال وسائرِ فنون الترغيب والترهيبِ وسائر ما لا تعلقَ له بالأحكام والعقائد. وممن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحوِ ذلك؛ عبدُالرحمن بن مهدي، وأحمدُ بن حَنبل ٍ (1)، رضي الله عنهما *.

(1) الخطيب، في الكفاية (باب التشدد في أحاديث الأحكام) بأسانيده. (والتجوز في فضائل الأعمال) وانظر مقدمة النووي لشرح مسلم (1/ 125).

_________

= كان جعل أذان الليل بين بلال وبين ابن أم مكتوم نوبًا " فجزم ابن حبان به - ولم يقل: لعل؛ كما قال شيخه - وهو بعيد. ومع ذلك فدعوى القلب لا تبعد، ولو فتحنا باب التأويلات لاندفع كثير من علل المحدثين. ويمكن أن يسمى ذلك المعكوسَ، ولكن لم أر من تعرض له. انتهت " 40 / و ظ.

* المحاسن:

" زيادة: زاد " الخطيبُ " السفيانين، ويحيى بن محمد. انتهت " 41 / و.

_________

- في الكفاية (ص 134، 135) ويحيى بن محمد هو الذهلي.

ص: 286

الثالث: إذا أردتَ روايةَ الحديثِ الضعيف بغير إسنادٍ فلا تقلْ فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، وما أشبه هذا من الألفاظ الجازمة بأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك؛ وإنما تقول فيه: رُوِيَ عن رسول ِ الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، أو: بلغنا عنه كذا وكذا، أو: ورد عنه، أو: جاء عنه، أو: رَوَى بعضُهم، وما أشبه ذلك. وهذا الحكمُ فيما تشك في صحتِه وضعفِه. وإنما تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ظهر لك صحتُه بطريقه الذي أوضحناه أولا. والله أعلم (1).

(1) على هامش ص (19 أ) بلاغ قراءة ناصرالدين ابن العديم، وعمه زين الدين والشمس الحلبي، بخط العراقي.

ص: 287

النوع الثالث والعشرون:

[27 / و] معرفة صفةِ مَن تُقبلُ روايتُه، ومن تُرَدُّ روايتُه، وما يتعلق بذلك من قَدح ٍ وجَرح وتوثيق وتعديل.

أجمع جماهيرُ أئمةِ الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يُحتجُّ بروايته أن يكون عَدلا ضابطًا لما يرويه. وتفصيله: أن يكون مسلمًا بالغًا عاقلاً، سالمًا من أسبابِ الفسق وخوارم ِ المروءة *، متيقظًا غير مغفل، حافظًا إن حَدَّث من حفظه، ضابطًا لكتابه إن حَدَّث من كتابه. وإن كان يُحدث بالمعنى اشتُرِط فيه مع ذلك أن يكون عالمًا بما يحيل المعاني. والله أعلم.

ونوضح هذه الجملةَ بمسائلَ:

إحداها: عدالةُ الراوي تارةً تثبتُ بتنصيص ِ مُعدلين (1) على عدالته، وتارةً تثبت بالاستفاضةِ، فمن اشتهرت عدالتُه بين أهل النقل أو نحوهم من أهل ِ العلم وشاع الثناءُ

(1) ضبطه في (غ) على التثنية. قلمًا. انظر المسألة الرابعة فيما يلي.

_________

* المحاسن:

" فائدة: لا يعترض على ما سبق بقول " الخطيب " إن المروءة لم يتشرطها أحد إلا " الشافعي ".

لأنا نقول: سيأتي عن " شعبة " أنه ترك حديثَ شخص لأنه رآه يركُض على برذون، وهذا يقتضي أن مذهب " شعبة " التشديدُ باعتبار المروءة. انتهت " 41 / و.

_________

- انظر الرسالة للإِمام الشافعي، باب خبر الواحد: 159 والمحدث الفاصل، للقاضي ابن خلاد الرامهرمزي، (باب القول فيمن يستحق الأخذ عنه) ص 403 والكفاية للخطيب البغدادي (باب وصف من يحتج بحديثه ويلزم قبول روايته) 23 وتقييد العراقي (136) وتبصرته (1/ 293 - 294).

ص: 288

عليه بالثقة والأمانة، استُغنيَ فيه بذلك عن بَيِّنةٍ شاهدةٍ بعدالتِه تنصيصًا. وهذا هو الصحيحُ في مذهبِ " الشافعي " وعليه الاعتماد في فمن أصول الفقه (1).

وممن ذكر ذلك من أهل الحديث " أبو بكر الخطيبُ الحافظُ "(2)، ومثَّل ذلك بِـ " مالكٍ، وشعبةَ، والسفيانين، والأوزاعي، والليثِ، وابنِ المبارك، ووكيع، وأحمدَ بنِ حنبل، ويحيى بن معين، وعليِّ ابن المَديني " ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر (3)؛ فلا يُسأَل عن عدالةِ هؤلاء وأمثالِهم؛ وإنما يُسأل عن عدالة من مَنْ خفِيَ أمرُه على الطالبين.

وتوسَّعَ " ابنُ عبدالبر الحافظ " في هذا فقال: كلُّ حامل ِ علم معروف العنايةِ به؛ فهو عدل محمولٌ في أمرِه أبدًا على العدالةِ حتى يتبينَ جرحُه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " يَحمِلُ هذا العلمَ من كلِّ خلَفٍ عدولُه "(4).

وفيما قاله اتِّساعٌ غير مرضِيٍّ. والله أعلم.

(1) المحدث الفاصل: 404 فقرة 419.

(2)

في: (الكفاية) باب المحدث المشهور بالعدالة. وقد اقتصر ابن الصلاح هنا على أحد عشر إمامًا، من ستة عشر مثل بهم " الخطيب " في (الكفاية) الخمسة الباقون هم: حماد بن زيد، ويحيى بن سعيد القطان، وعبدالرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون، وعفان بن مسلم.

(3)

" والاشتهار بالصدق والبصيرة والفهم ". (الكفاية) ص 87.

(4)

ابن عبدالبر، التمهيد: 1/ 28، 58.

_________

* المحاسن:

فائدة: وجه كونه غيرَ مرضي؛ أن الحديث لم يصح؛ فإنه رُوِيَ مرفوعًا من حديث أسامة بن زيد وأبي هريرة وابن مسعود وغيرهم، وفي كلها ضعف (1). وقال " الدارقطني ":" لا يصح مرفوعًا - يعني مسندًا - إنما هو عن إبراهيم بن عبدالرحمن العذري عن النبي صلى الله عليه وسلم (2) " وقال " ابن عبالدبر ": " روِي عن أسامة بن زيد وأبي هريرة بأسانيد =

_________

(ا) أخرجه الخطيب من حديثهم مرفوعًا، في باب قوله صلى الله عليه وسلم:" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله " في (شرف أصحاب الحديث) 28 - 29.

(2)

وأخرجه الخطيب من حديث معان بن رفاعة عن إبراهيم بن عبدالرحمن العذري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، وأسند فيه عن مهنى بن يحيى أنه سأل الإِمام أحمد عن هذا الحديث وقال: كأنه كلام موضوع، فقال أحمد: لا؛ هو صحيح .. وقال: معان بن رفاعة لا بأس به (29) وفي استدراك ابن نقطة على =

ص: 289

الثانية: يُعرَفُ كونُ الراوي ضابطًا، بأن تُعتَبر رواياتُه برواياتِ الثقاتِ المعروفين بالضبطِ والإِتقان، فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم، أو موافقةً لها في الأغلب، والمخالفة نادرة؛ عرَفْنا حينئذ [27 / ظ] كونَه ضابطًا ثبتًا، وإن وجدناه كثيرَ المخالفةِ لهم عرفنا اختلالَ ضبطِه ولم نحتج بحديثِه. والله أعلم.

الثالثة: التعديلُ مقبولٌ من غيرِ ذكر سببه، على المذهب الصحيح المشهور؛ لأن أسبَابه كثيرةٌ يصعب ذكرها؛ فإن ذلك يُحوِجُ المُعَدِّل إلى أن يقولَ: لم يفعل كذا، لم يرتكب كذا، فعل كذا وكذا؛ فيعدد جميعَ ما يفسق بفعلِه أو بتركِه، وذلك شاقٌّ جدًّا.

وأما الجرحُ؛ فإنه لا يُقْبَلُ إلا مُفَسَّرًا مبيَّنَ السبب؛ لأن الناسَ يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح، فيطلق أحدُهم الجرح بناءً على أمرٍ اعتقده جرحًا وليس بجرح ٍ في نفس ِ الأمر، فلا بد من بيان سببِه ليُنظَرَ فيه: أهو جرح أم لا؟ وهذا ظاهرٌ مقررٌ في الفقه

= كلها مضطربة غير مستقيمة " ، (1) وحينئذ فلا يصح الاحتجاج به، ولو صح لكان محمولا على الأمر كما حمله جماعة من العلماء على ذلك. وقد جاء بسند جيد أن " عمر بن الخطاب " كتب إلى أبي موسى: " المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا مجلودًا في حَدٍّ، أو مُجرَّبًا عليه شهادةُ زورٍ، أو ظنينًا في ولاءٍ أو نسبٍ " (2) وهذا يقوِّي ما قال " ابنُ عبدالبر " لكن كلام ابن عبدالبر، مخصوص بحمَلَة العلم كما تقدم، ولو صح الحديث لكان أقوى من ذلك. انتهت " 41 / و، ظ.

_________

= الإِكمال (هامش 1/ 413): وإبراهيم بن عبدالرحمن العذري من أهل دمشق، حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم:" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله " الحديث. روى عنه معان بن رفاعة السلامي، والوليد بن مسلم، وإسماعيل بن عياش. وهو مرسل، وإبراهيم ليست له صحبة ". اهـ.

(1)

أنظر أسانيد ابن عبدالبر لهذا الحديث، في (التمهيد 1/ 58) والحديث أخرجه ابن حجر من مختلف طرقه في ترجمة " إبراهيم بن عبدالرحمن العذري " بالقسم الرابع من حرف الألف في (الإصابة).

(2)

من رسالة القضاء لعمر رضي الله عنه أخرجها الدارقطني في كتاب الأقضية والأحكام من سننه (باب كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري) من طريقين (ح 15، 16) وأخرجها البيهقي في السنن الكبرى، كتاب القضاء، وكتاب الشهادات. وعدد جم تقصاهم الأستاذ الزميل الدكتور أحمد سحنون في (رسالة القضاء لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب: توثيق وتحقيق) لدرجة دكتوراة الدولة في علوم الإِسلام، بإشرافي. مخطوطة بدار الحديث الحسنية بالرباط.

ص: 290

وأصولِه *. وذكر " الخطيبُ الحافظُ "(1) أنه مذهبُ الأئمةِ من حُفَّاظِ الحديثِ ونُقَّاده، مثل " البخاري، ومسلم " وغيرهما. ولذلك احتج " البخاري " بجماعةٍ سبق من غيرِه الجرحُ لهم، كَـ: عكرمةَ مولى ابن عباس رضي الله عنهما، وكإسماعيل بنِ أبي أويس، وعَاصم بن علي، وعمرِو بن مرزوق، وغيرهم. واحتج " مسلم " بِـ: سُوَيد بن سعيد، وجماعةٍ اشتهر الطعنُ فيهم، هكذا فعل " أبو داود السجستاني "، وذلك دالٌّ على أنهم ذهبوا إلى أن الجرحَ لا يثبتُ إلا إذا فُسِّرَ سببهُ **، ومذاهب النقاد للرجال ِ غامضة مختلفة.

وعقَد " الخطيبُ "(2) بابًا في بعض ِ أخبار من استُفسِر في جرحِه، فذكر ما لا يصلُح جارحًا. منها عن " شعبة " أنه قيل له: لم تركت حديثَ فلان؟ فقال: " رأيته يركُضُ على بِرْذَوْن فتركتُ حديثه ". ومنها عن " مسلم بن إبراهيم " أنه سئل عن حديث الصالح

(1) في الكفاية، باب القول في الجرح؛ هل يحتاج إلى كشف أو لا؟ (ص 108).

(2)

في الكفاية (باب ذكر بعض أخبار من استفسر في الجرح فذكر ما لا يسقط العدالة) ص 110 - 114 وابن حِبَّان في المجروحين: 1/ 30.

_________

* المحاسن:

" زيادة: وذهب قوم إلى أنه لا يشترط ذلك. كما مر مثله في التعديل على المشهور. وأَغْرَبَ من قال: يكفي الإِطلاقُ في الجرح دون التعديل. وقيل: إن كان عالمًا بالأسباب كفى الإِطلاق فيهما، وإلا لم يكف في واحد منهما. وتقرير الأدلة في فن الأصول. انتهت " 41 / ظ.

** " فائدة: قد يقال: لا يلزم ذلك؛ لجواز أن يكون لم يثبت عندهم الجرح وإن فسر. هذا هو الأقرب؛ فإن المذكورين ما من شخص منهم إلا ونسب إلى أشياء مفسَّرة من كذبٍ وغيره، يعرفها من يراجع كتب القوم، ولكنها لم تثبت عند من أخذ بحديثهم ووثقهم وروى عنهم. انتهت " 42 / و.

_________

- وانظر في توضيح التنقيح (1/ 102) مجروحين أخرج لهم الشيخان.

ص: 291

المُرِّي، فقال:" ما يُصنَعُ (1) بصالح؟ ذكروه يومًا عند حماد بن سلمة فامتخط حماد ". والله أعلم.

قال الشيخ - أبقاه الله -: ولقائل ٍ أن يقولَ: إنما يتعمدُ الناسُ في جرح الرُّواةِ وردِّ حديثِهم، على الكتب التي صَنَّفها أئمةُ الحديث في الجرح، أو في الجرح والتعديل. وقلما يتعرضون فيها لبيانِ السبب، بل يقتصرون [29 / و] على مجردِ قولهم: فلانٌ ضعيف، وفلانٌ ليس بشيء، ونحو ذلك، أو: هذا حديثٌ ضعيف، وهذا حديثٌ غيرُ ثابت، ونحو ذلك. فاشتراطُ بيانِ السببِ يُفضي إلى تعطيل ِ ذلك، وسدِّ بابِ الجرح في الأغلبِ الأكثر.

وجوابُه: أن ذلك وأن لم نعتمده في إثباتِ الجرح والحكم به، فقد اعتمدناه في أن توقَّفنا عن قبول حديثِ من قالوا فيه مثلَ ذلك، بناءً على أن ذلك أوقَع عندنا فيهم رِيبةً يوجب مثلُها التوقُّفَ (2).

ثم من انزاحت عنه الريبةُ منهم، بِبحثٍ عن حالهِ أوْجَبَ الثقةَ بعدالتِه؛ قبلنا حديثَه ولم نتوقَّفْ، كالذين احتج بهم صاحِبا (الصحيحين) وغيرهما، ممن مسَّهم مثلُ هذا الجرح ومن غيرِهم، فافهم ذلك فإنه مَخْلَصٌ حسن *. والله أعلم (3).

(1) على هامش (ص): [قال المؤلف: يُصنَع، مقيد كذا في أصل موثوق به عليه سماع الخطيب رحمه الله](20 أ).

وما هنا عن صالح، بن بشير المري، في المجروحين لابن حبان 1/ 371 والميزان: 2/ 389.

(2)

انظر الكفاية (107، 108) وتقييد العراقي (141) والتبصرة (1/ 305).

(3)

على هامش ص (20 / ب) بخط العراقي: بلغ ناصرالدين محمد ولد قاضي القضاة كمال الدين ابن العديم قراءة بحث عليَّ، وعمه زين الدين عبدالرحمن، وشمس الدين محمد بن خليل الحلبي سماعًا. كتبه عبدالرحيم بن الحسين.

_________

* المحاسن:

" فائدة: هذا المخلص فيه نظر؛ من جهة أن الريبة لا توجب التوثق؛ ألا ترى أن القاضي إذا ارتاب في الشهود فإنه يجوز أن يحكم مع قيام الريبة؟ وإنما كلام الأئمة المنتصبين لهذا الشأن أهل الإِنصاف والديانة والنصح يؤخذ مُسَلَّمًا، لا سيما إذا أطبقوا على تضعيف الرجل، أو أنه كذاب متروك. وذلك واضح لمن تأمله. و " الإِمام الشافعي " يقول في مواضع: " هذا حديث لا يثبته أهل العلم بالحديث ". وردَّه بذلك. انتهت " 42 / و.

ص: 292

الرابعة: اختلفوا في أنه: هل يثبت الجرحُ والتعديلُ بقول ِ واحدٍ، أو لا بد من اثنين؟ فمنهم من قال: لا يثبت ذلك إلا باثنين كما فية الجرح والتعديل في الشهادات، ومنهم من قال - وهو الصحيح الذي اختاره " الحافظ أبو بكر الخطيب (1) " وغيره -: أنه يثبت بواحدٍ؛ لأن العددَ لم يُشترَط في قبول الخبر، فلم يشترط في جرح راويه وتعديلِه، بخلاف الشهادات (2). والله أعلم *.

(1) الكفاية: باب القول في العدد المقبول تعديلهم لمن عدلوه (97).

(2)

طرة على ورقة ملصقة بالأصل (غ) بخط ابن الفاسي:

[قال القاضي عياض: اختلف المحدثون والفقهاء والأصوليون في باب الخبر وباب الشهادة: إذا عدل معدلون رجلا وجرحه آخرون؛ فالجرح أولى، وحكوا في ذلك إجماع العلماء مع الحجة بأن المجرح زاد ما لم يعلم المعدل، وهو بين، ولا خلاف في هذا إذا كان عدد المجرحين أكثر. فإن تساووا فكذلك عند " القاضي أبي بكر " والجمهورِ، وذهب بعض المالكية إلى توقف الأمر عند التكافؤ، وقيل: يُقْضَى بالأعدل. فإن كان عدد المعدلين أكثر؛ فالجمهور على تقديم الجرح؛ للعلة المتقدمة. وذهبت طائفة إلى ترجيح التعديل. قال " الباجي ": وهذا عندي يحتاج إلى تفصيل، فإذا قال المعدل: هو عدل رَضِيٌّ، وقال المجرح: فاسق رأيته أمس يشرب الخمر، فلا تنافي بين الشهادتين، وقد أثبت هذا فسقًا لم يعلمه الآخر. فأما لو قال المعدل: ما فارقني أمس من الجامع، ومثل هذا؛ فقد تعارضت الشهادتان " ولعل توقف مَن توقف من أصحابنا؛ لهذا الوجه. وقال " اللخمي ": إذا كان اختلافهما في ذلك عن كلام قاله في مجلس أو فعل فعله؛ قضى بالأعدل لأنه تكاذب - وهذا نحو ما أشار إليه " الباجي " - وإن كان عن مجلسين متباينين غلب الجرح. وإليه يرجع قول الجمهور. وإن تباعدت شهادة المعدل من شهادة المجرح، قضى بأخراهما، وهذا مما لا يختلف فيه، إلا أن يعلم أنه كان حين شهد عليه بتقديم الجرح، ظاهر العدالة إذ ذاك حسب ما هو عليه الآن، فيغلب الجرح. قال القاضي: ثم نرجع إلى الأصل عند تعارض الشهادتين؛ فإن كان قبلُ محمولا على العدالة وجاءت بعدُ مثل هذه الشهادة مضت عدالته على ما تقدم له وعرف من حاله؛ إذ سقطت الشهادتان. وإن كان على غير ذلك؛ بقي على حكمه الأول، وهل يترجح العارض مع القول بالتوقف بالكثرة على الخلاف المتقدم؟

].

وانظر في (الكفاية): باب ما يستوي فيه المحدث والشاهد من الصفات وما يفترقان فيه (94 - 96).

_________

* المحاسن:

" فائدة: عن " أبي حنيفة وأبي يوسف " في الشهادة أيضًا، الاكتفاءُ بمعدِّل ٍ أو مُجَرَّح. وهو اختيار أبي الطيب. انتهت "[43 / ظ].

_________

- القاضي أبو الطيب، هو الطبري، الفقيه الشافعي الأصولي النظار، إمام وقته (450 هـ) وانظر (الكفاية: 94) وتقييد العراقي (142).

ص: 293

الخامسة: إذا اجتمع في شخص ٍ جرحٌ وتعديلٌ. فالجرحُ مقدَّمٌ؛ لأن المعدِّلَ يُخبرُ عما ظهرَ من حاله، والجارِح يخبر عن باطنٍ خَفِيَ على المعدَّل. فإن كان عددُ المعدلين أكثر؛ فقد قيل: التعديل أوْلَى. والصحيحُ والذي عليه الجمهور: أن الجرح أولى؛ لما ذكرناه *. والله أعلم.

السادسة: لا يجزئ التعديلُ على الإبهام من غير تسمية المُعَدَّل. فإذا قال: " حدثني الثقةُ " أو نحو ذلك، مقتصرًا عليه؛ لم يُكتَف به فيما ذكَره " الخطيبُ الحافظُ (1)، والصيرفي الفقيهُ " وغيرُهما، خلافًا لمن اكتفى بذلك. وذلك لأنه قد يكونُ ثقةً عنده. وغيرُه قد اطلع على جرحِه بما هو جارحٌ عنده، أو بالإِجماع. فيُحتاج إلى أن يُسَميه حتى يُعرَف. بل إضرابُه عن تسميته مُريب، يوقع في [29 / ظ] القلوب (2) فيه ترددًا. فإن كان القائل لذلك عالمًا؛ أجزأ ذلك في حق مَنْ يوافقه في مذهبه، على ما اختاره بعضُ المحققين.

وذكر الخطيبُ (3) الحافظ أن العالم إذا قال: كلُّ من رويت عنه فهو ثقة وإن لم أُسَمِّه. ثم روى عن من لم يُسمِّه، فإنه يكون مُزَكِّيًا له، غير أنا لا نعمل بتزكيته هذه. وهذا على ما قدمناه. والله أعلم.

السابعة: إذا روَى العَدْلُ عن رجل ٍ وسَمَّاه؛ لم تُجعَلْ روايتُه عنه تعديلاً منه له، عند أكثر العلماء من أهل ِ الحديث وغيرِهم. وقال بعضُ أهل ِ الحديث وبعضُ أصحاب الشافعي: يُجعَلُ ذلك تعديلاً منه له؛ لأن ذلك يتضمنُ التعديلَ.

(1) أبو بكر، البغدادي، في (الكفاية: 92) وانظر تبصرة العراقي (1/ 314).

(2)

في ص: [في القلب].

(3)

في الكفاية: (92) وانظر في التبصرة (1/ 315 - 319) ما أبهم مالك والشافعي رضي الله عنهم باعتبار شيوخهما، فقالا: أخبرني، أو: حدثني الثقة، من يكون؟. .

_________

* المحاسن:

" زيادة: وقيل يرجح بالأحفظ. ثم تقديم الجارح مشروط عند الفقهاء بأن يطلف المعدِّل. فإن قال المعدل: " عرفت السبب الذي ذكره الجارح، لكنه تاب وحسنت حالته " فإنه يقدم المعدل. ومحل هذا في الرواية، في غير الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لا تقبل روايته وإن تاب، كما سيأتي. انتهت " 42 / و.

ص: 294

والصحيح هو الأولُ؛ لأنه يجوزُ أن يَرويَ عن غير عدل ٍ، فلم يتضمن روايتُه عنه تعديلَهُ. وهكذا نقول إن عملَ العالم أو فُتياه على وفقِ حديثٍ، ليس حُكْمًا منه بصحة ذلك الحديث. وكذلك مخالفته للحديث ليست قدحًا منه في صحتِه ولا في راويه. والله أعلم.

الثامنة: في رواية المجهول وهي في غرضنا هاهنا أقسام:

أحدُها: المجهولُ العدالةِ من حيثُ الظاهرُ والباطنُ جميعًا. وروايتُه غيرُ مقبولةٍ عند الجماهير *، على ما نبَّهنا عليه أولا.

الثاني: المجهولُ الذي جُهلتْ عدالتُه الباطنةُ وهو عدلٌ في الظاهر، وهو المستورُ. فقد قال بعضُ أئمتِنا (1): المستورُ مَن يكون عدلا في الظاهرِ ولا تُعرَفُ عدالةُ باطنِه. فهذا المجهولُ يَحتجُّ بروايتِه بعضُ من رَدَّ روايةَ الأول. وهو قول بعض الشافعيين، وبه قطع منهم (2) " الإِمامُ سليم بنُ أيوبَ الرازي ". قال: لأنَّ أمرَ الأخبار مَبنِيٌّ على حُسنِ الظنِّ بالراوي، ولأن روايةَ الأخبار تكون عند من يتعذر عليه معرفةُ العدالة في الباطن، فاقتُصر منها على معرفةِ ذلك في الظاهر. وتفارق الشهادةَ؛ فإنها تكونُ عند الحكَّام ولا يتعذَّر عليهم ذلك، فاعتُبِر فيها العدالةُ في الظاهرِ والباطن.

قال الشيخ - أبقاه الله -[30 / و] ويشبه أن يكونَ العملُ على هذا الرأي في كثيرٍ من كتبِ الحديثِ المشهورةِ، في غيرِ واحدٍ من الرواة الذين تقادم العهدُ بهم، وتعذرت الخبرةُ الباطنةُ بهم. والله أعلم.

(1) انظر تقييد العراقي (145) والتبصرة (1/ 323).

(2)

الأصول والمتن في (ع)، وعلى هامش ص:[جماعة منهم]" وسليم بن أيوب الرازي، أبو الفتح " الغريق في بحر القلزم سنة 447 هـ: من أئمة الشافعية وله كتاب (المختصر، في فروع الشافعية) شرحه الشيخ نصر بن إبراهيم المقدسي - ت 490 هـ - وسماه (الإشارة) وصنف في التفسير والحديث وغريبه والنحو والفقه. انظر مع طبقات الشافعية الكبرى، تهذيب النووي (1/ 213 ت 228).

_________

* المحاسن:

" فائدة: " أبو حنيفة " يقبل مثل هذا. انتهت "[43 / و].

ص: 295

الثالث: المجهولُ العين. وقد يَقبل روايةَ المجهول العدالةِ، مَن لا يَقبل روايةَ المجهول ِ العينِ. ومَن روَى عنه عدلانِ وعيَّناه، فقد ارتفعت عنه هذه الجهالة.

ذكر " أبو بكر الخطيبُ البغدادي " في أجوبةِ مسائلَ سُئِلَ عنها (1): أن المجهولَ عند أصحابِ الحديث هو كلُّ مَن لم يعرفْه العلماءُ، ومن لم يُعرَف حديثُه إلا من جهةِ راوٍ واحد، مثل:" عمرو ذي مُرّ، وجبار الطائي، وسعيدِ بنِ ذي حُدَّان " لم يَروِ عنهم غيرُ أبي إسحاق السبيعي، ومثل " الهزهازِ بنِ ميزن "(2) لا راويَ عنه غيرُ الشعبي، ومثل " جُرَيِّ بن كليب "، لم يرو عنه إلا قَتَادَةُ (3).

قلت: قد رَوى عن " الهزهاز " الثوريُّ أيضًا.

قال " الخطيبُ ": " وأقلُّ ما ترتفعُ به الجهالةُ، أن يرويَ عن الرجل اثنانِ من المشهورين بالعلم

إلا أنه لا يثبتُ له حُكمُ العدالةِ بروايتِهما عنه ". (4) وهذا مما قدَّمنا بيانَه. والله أعلم.

قال الشيخ المملي - أبقاه الله -: قد خرَّج البخاري في (صحيحه) حديثَ جماعة ليس لهم غير راوٍ واحدٍ، منهم:" مِرداسُ الأسلمي "(5)، لم يَروِ عنه غيرُ قيس بن أبي حازم، وكذلك خرَّج " مسلم " حديثَ قوم لا راويَ لهم غيرُ واحدٍ، منهم:" ربيعةُ بن كعب الأسلمي " لم يَروِ عنه غيرُ أبي سلمةَ بن عبدالرحمن (6). وذلك منهما مَصِيرٌ إلى أن الراوي قد يخرج عن

(1) قال العراقي في ما عزاه المصنف إلى أجوبة مسائل سئل عنها الخطيب: " والخطيب ذكر ذلك مع زيادة فيه، في كتاب الكفاية، والمصنف كثير النقل منه. فأبعد النجعة في عزوه ذلك إلى مسائل سئل عنها ". التقييد 147.

انظر في الكفاية (باب ذكر المجهول وما به ترتفع عنه الجهالة).

(2)

قال العراقي: الخطيب سمى والد هزهاز: ميزن، بالياء المثناة وتبعه المصنف. والذي ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، أنه مازن، بالألف. وفي بعض النسخ بالياء، ولعل بعضهم أماله في اللفظ (التقييد 146) مع الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، أفراد الهاء (ت 514) وهو في الطبعة الهندية: بن ميزن. بالياء.

(3)

ذكر " الخطيب " آخرين مع هؤلاء، في (باب ذكر المجهول وما ترتفع به الجهالة).

(4)

الكفاية: 88 باب ذكر المجهول وما ترتفع به الجهالة.

(5)

في كتاب الرقاق، باب ذهاب الصالحين، (فتح الباري 11/ 197) حديث " يذهب الصالحون ".

(6)

صحيح مسلم، ك الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه (ح 226/ 489) وانظر شروط الأئمة لابن طاهر (ل 65) خط.

ص: 296

كونه مجهولا مردودًا بروايةِ واحدٍ عنه (1). والخلافُ في ذلك مُتَّجِه نحوَ اتجاهِ الخلافِ المعروفِ في الاكتفاءِ بواحد في التعديل ِ *، على ما قدمناه. والله أعلم (2).

(1) على هامش (غ) بخط ابن الفاسي:

[قال النووي: لا يصح الرد الخطيب، والصواب: نقل الخطيب، ولا يصح الرد عليه بمرداس وربيعة؛ فإنهما صحابيان مشهوران، والصحابة كلهم عدول؛ فلا تضرنا الجهالة بأعيانهم لو ثبتت. ومع هذا فليسا بمجهولين على ما نقله " الخطيب " لأنه شرط في المجهول: ألا يعرفه العلماء؛ وهذان معروفان عند أهل العلم، بل مشهوران. قال النووي: فحصل بما ذكرناه أن " البخاري ومسلمًا " لم يخالفا نقل الخطيب عن أهل الحديث. وقد حكى الشيخ [ابن الصلاح] في النوع السابع والأربعين، عن " ابن عبدالبر ": أن كل من لم يرو عنه إلا واحد فهو مجهول عندهم، إلا أن يكون مشهورًا في غير تحمل العلم، كاشتهار " مالك بن دينار " في الزهد " وعمرو بن معدي كرب " في النجدة. والله أعلم].

قابل على نص النووي في التقريب (1/ 318).

(2)

على هامش ص (21 / ب): بلغ ناصرالدين محمد ولد قاضي القضاة كمال الدين ابن العديم قراءة بحث عليّ، وعمه زين الدين عبدالرحمن وشمس الدسن محمد بن خليل الحلبي سماعًا. كتبه عبدالرحيم بن الحسين.

_________

* المحاسن:

" فائدة: اكتغى " ابن حبان " بمجرد رواية عدلين في التعديل أيضًا، وهو بعيد. ولا يلزم من إخراج " البخاري ومسلم " مما ذُكرَ، مصيرُهما إلى ما ذَكر؛ لأن المثل المذكورة في الصحابة، وجهالة عين الصحابي لا تضر. وهو لو قال: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كان ذلك كافيًا. وقد قال " الحاكم " إن الصحابي المعروف إذا لم نجد له راويًا غير التابعي الواحد المعروف؛ احتججنا به وصححنا حديثه؛ إذ هو على شرطهما جميعًا. فقد احتج " البخاري " بحديثِ قيس عن مرداس: " يذهب الصالحون (1)" و " مسلم " بحديثِ قيس ٍ عن عديٍّ بن عميرة: " من استعملنا

" (2) وليس لهما راوٍ غير قيس ٍ.

ثم يقال على كلام " الحاكم " وغيره: إن قيسًا لم ينفرد بالرواية عن مرداسن؛ فقد =

_________

(1)

صحيح البخاري، ك الرقاق، باب ذهاب الصالحين (فتح الباري 11/ 197).

(2)

صحيح مسلم، ك الإمارة، باب تحريم هدايا العمال، حديث قيس عن عدي بن عميرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من استعملنا منكم على عمل فكتمنا مَخِيطًا فما فوقه؛ كان غُلولا يأتي به يوم القيامة)(30 (1833).

ص: 297

التاسعة: اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفُر في بدعتِه (1)، فمنهم من ردَّ روايتَه مطلقًا؛ لأنه فاسقٌ ببدعتِه، وكما استوى في الكفرِ المتأولُ وغيرُ المتأول، يستوي في الفِسقِ المتأولُ وغيرُ المتأول. ومنهم من قَبِلَ روايةَ المبتدع إذا لم يكن ممن يستحلُّ الكذبَ في نصرة مذهبِه أو لأهل ِ [30 / ظ] مذهبه، سواء كان داعيةً إلى بدعتِه أو لم يكن. وعزا بعضُهم (3) هذا إلى " الشافعي " لقولِه:" أقبلُ شهادة أهل ِ الأهواء إلا الخطابيةَ من الرافضة؛ لأنهم يرون الشهادةَ بالزورِ لموافقيهم " *.

(1) على هامش (غ): [قال شيخنا نجم الدين: لم يذكر ابن الصلاح من يكفر ببدعته، إنما ذكر " من لم يكفر ببدعته ". فقال " النووي " هنا في (مختصره): " من كفر ببدعته لم يحتج به بالاتفاق ". واعترض عليه بنقل الخطيب الخلاف فيه، فقال: الحق أنه إن كان مذهبه جواز الكذب لم تقبل روايته وإلا قبلنا]

قوبل على متن التقريب للنووي (1/ 324) وكفاية الخطيب (120 - 130)(باب ما جاء في الأخبار عن أهل البدع والأهواء والاحتجاج برواياتهم).

(2)

قال العراقي: " أراد المصنف ببعضهم، أبا بكر الخطيب فإنه عزاه للشافعي في كتاب الكفاية ". التقييد 159، وانظره في الكفاية (120).

_________

= روى عن مرداس ٍ، " زيادُ بنُ علاقة " أيضًا. وأما ربيعة الأسملي فقد روى عنه:" أبو عمران الجوني، ومحمدُ بن عمرو بن عطاء ". وسيأتي لهذه الأمثلة تتماتٌ في النوع السابع والأربعين. وهناك نذكر عن " ابنِ عبدالبر " أن الجهالة تزول بواحدٍ إذا كان مشهورًا في حمل العلم، كاشتهار " مالك بن دينار " بالزهد، و " عمرو بن معدي كرب " بالنجدة: وهذا خلافُ ما أطلقَ " الخطيبُ ". وقد أخرج " البخاري " للوليد بنِ عبدالرحمن الجارودي، ولا يُعرف عنه راوٍ غير ولده المنذر. انتهت " 43 / ظ.

* المحاسن:

: فائدة: لا يقال: الخطابية لا يُجوِّزون الكذب، ومن كذب عندهم خرج من مذهبهم، فإذا سمع بعضُهم بعضًا قال شيئًا؛ عرف أنه ممن لا يُجوِّز الكذب فاعتمد قوله بذلك وشهد بشهادته، فلا يكون شهِد بالزور، إنما شهِدَ بما يعرف أنه حق؛

لأنا نقول: ما بنى عليه شهادتَه أصلٌ باطل؛ فوجب ردُّ شهادته لاعتماده أصلا باطلا، وإن زعم هو أنه حق. انتهت " 44 / و.

ص: 298

وقال قومٌ: تُقْبلُ روايتُه إذا لم يكن داعيةً، ولا تُقبل إذا كان داعيةً إلى بدعتِه. وهذا مذهبُ الكثيرِ أو الأكثرِ من العلماء.

وحكَى بعضُ أصحاب " الشافعي " رضي الله عنه خلافًا بين أصحابِه في قبول ِ روايةِ المبتدع ِ إذا لم يدعُ إلى بدعتِه، وقال:" أما إذا كان داعيةً فلا خلافَ بينهم في عدم قبول روايته " *.

وقال " أبو حاتم بن حِبَّان البستي "(1) - أحدُ المصنفين من أئمة الحديث -: " الداعيةُ إلى البدَع لا يجوزُ الاحتجاجُ به عند أئمتنا قاطبةً، لا أعلم بينهم فيه خلافًا ".

وهذا المذهبُ الثالثُ أعْدَلُها وأوْلاها، والأولُ بعيدٌ مباعِدٌ للشائع عن أئمةِ الحديثِ، فإن

(1) قاله ابن حبان في تاريخ الثقات، في ترجمة " جعفر بن سليمان الضبعي " تقييد العراقي 160 وفيه النص. وعقب العراقي: وفيما حكاه ابن حبان من الاتفاق نظر؛ فإنه يروى عن الإمام مالك رد روايتهم مطلقًا كما قاله الخطيب في الكفاية. اهـ: (ص 117) كفاية.

_________

* المحاسن:

" فائدة: وحُكِي عن نص الشافعي. انتهت.

وزيادة: قد خرَّج " البخاريُّ، ومسلم " عن جماعة قد قبل عنهم إنهم دعاة، فمن ذلك أن " البخاري " خرَّج لعمرانَ بنِ حِطَّانَ الخارجي، مادح ِ " عبدِالرحمن بن ملجم: قاتل عليِّ بن أبي طالب " وهذا من أكبر الدعوة إلى البِدعة. وخرَّج الشيخان لعبدالحميد بن عبدالرحمن الحِماني، وقد قال " أبو داود السجستاني ": " كان داعية إلى الإرجاء ". فالأقرب أنه لا فرق، ولذلك أطلق " الشافعي " النص المشهورَ عنه وهو قوله: " أقبل شهادةَ الجميع إلا الخطابية " وقد قال في (الأم) ما نصه: " ذهب الناسُ في تأويل ِ القرآن والسنة إلى أمور تباينوا فيها تباينًا شديدًا، واختلفوا اختلافًا بعيدًا، فلم يُرَ أحدٌ منهم ردَّ شهادة أحدٍ بتأويل، وإن خَطَّأه وضلله، ورآه استحلَّ ما حرم الله " ومحلُّ ما تقدم، في المبتدع الذي لا يكفر ببدعته، أما الكافرُ ببدعته فروايتُه ساقطة على مقتضى ذلك جزمًا ". انتهت " 43 / وظ.

ص: 299

كتبَهم طافحة بالرواية عن المبتدعةِ غير الدعاة وفي (الصحيحين) كثيرٌ من أحاديثهم في الشواهدِ والأصول ِ (1). والله أعلم.

العاشرة: التائبُ من الكذبِ في حديثِ الناس ِ وغيرِه من أسبابِ الفسق، تُقبَلُ روايتُه، إلا التائبَ من الكذبِ متعمدًا في حديثِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لا تُقبَلُ روايتُه أبدًا وإن حسُنتْ توبته، على ما ذُكِرَ عن غير واحدٍ من أهل ِ العلم، منهم:" أحمدُ بن حنبل، وأبو بكر الحميدي: شيخُ البخاري "(2).

وأطلق " الإِمامُ أبو بكر الصيرفي الشافعي " فيما وَجَدْتُ له في (شرحه لرسالة الشافعي)، فقال: " كلُّ من أسقطنا خبرَه من أهل ِ النقل ِ بكذبٍ وجدناه عليه؛ لم نَعُدْ

(1) في ورقة مصلقة بنسخة (غ) بخط ابن الفاسي:

[قال " عياض ": قد قدمنا ما حكاه " الغساني " من الاتفاق على قبول روايتهم إذا لم يكونوا دعاة ولا غلاة، وظهر صدقهم. وقد ذكرنا أن " أبا عبدالله بن البيِّع " ذكرهم في القسم الخامس. وإلى قبول روايتهم وشهادتهم مال " الشافعي ". وقال " مالك ":" لا يؤخذ الحديث عن صاحب هوى يدعو إلى هواه "؛ فانظر اشتراطه الدعاء هل هو ترخيص في الأخذ عنه إذا لم يدع؟ أو أن البدعة سبب تهمته في أن يدعو الناس إلى هواه؟ أي: لا تأخذوا عن ذي بدعة فإنه ممن يدعو إلى هواه، أو أن هواه يحمله أن يدعو إلى هواه، ونتهمه لذلك. وهذا المعروف من مذهبه. وقد تأول " الباجي " أن معنى يدعو: يظهرها ويحقق عليه. فأما من دعا؛ فلم يختلف في ترك حديثه. وأما " القاضي أبو بكر الباقلاني " في طائفة من المحققين من الأصوليين والفقهاء والمحدثين من السلف والخلف؛ فأبوا قبول خبر المبتدع والفسَّاق المتأولين، ولم يعذروهم بالتأويل، وقالوا: هو فاسق بقوله، فاسق بجهله، فاسق ببدعته؛ فتضاعف فسقه.

وعلى هذا، وقع خلاف الفقهاء في شهادتهم فقبلها " الشافعي " وابن أبي ليلى، وردها " مالك " وغيره. وكذلك لا يشترط فيمن دعا إلى بدعته ما ذكره " الغساني " من افتعاله الحديث وتحريفه الرواية؛ لنصرة مذهبه؛ فإن هذا ثبت كذبه وطرح قوله، ولو لم يكن ذا بدعة، ومن شهر بالبدعة اتهمناه أن يفعل هذا وإن لم يفعله لثبوت فسقه ببدعته. قال " مالك " رضي الله عنه: لا يؤخذ الحديث عن أربعة، ويؤخذ عن سواهم: رجل معلن بفسقه، وإن كان أروى الناس، ورجل يكذب في أحاديث الناس، وإن كنت لا تتهمه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحب بدعة يدعو إلى بدعته، ورجل له فضل [لا يعلم ما يحدث به]- (من الإكمال).

= وجرد السيوطي أسماء من خرج لهم الشيخان أو أحدهما، ممن رموا بالبدعة، فبلغ بهم واحدًا وثمانين (تدريب الراوي 1/ 328).

(2)

انظر المحدث الفاصل (404 ف 419) وتقييد العراقي 150 والتبصرة (1/ 333).

ص: 300

لقبولِه بتوبة تظهرُ. ومَنْ ضعَّفنا نقلَه لم نجعله قويًّا بعد ذلك "، وذكر أن ذلك مما افترقتْ فيه الرواية والشهادةُ (1).

وذكر الإمام " أبو المظفر السمعاني المروزي ": " أن من كذب في خبرٍ واحدٍ وجب

(1) طرّة في ورقة ملصقة بنسخة (غ) بخط ابن الفاسي:

[قال " القاضي عياض " في (الإكمال): اعلم أن الشهادة والخبر يجتمعان عندنا في خمسة أحوال، ويفترقان في خمسة أحوال. فالخمسة الجامعة لها: العقل، والبلوغ، والإِسلام، وضبط الخبر أو الشهادة حين السماع والأداء. فمتى اختل وصف من هذه الأوصاف في أحد؛ لم يقبل خبره، ولا شهادته. وأما الخمسة التي يفترقان فيها: فالحرية، والذكورية، والعدد، ومراعاة الأهلية، والعداوة. فخبر العبد مقبول، وإن لم تقبل شهادته عندنا، وكذلك خبر الواحد والمرأة مقبول، ولا تقبل شهادتهما مجردة، إلا في مواضع مستثناة، وبشرائط معلومة. وخبر الرجل وروايته فيما ينفع به خاص أهله أو يضرّ به عدوه مقبول. ولهذا لا يعذر في مكشفي ومجرحي السر. وكذلك تجوز رواية الابن عن أبيه وأمه، وروايتهما عنه، وإن لم يجزه بعض العلماء في نقل الشهادة. وفي مذهبنا فيها وجهان؛ لأن الرواية والخبر يعم ولا يخص شخصًا دون شخص، والشهادة خاصة. ولهذا نعمل الشهادة كيف كانت ولا نردها بظنة منفعة ولا عداوة، كالشهادة على العدو من أهل الكفر، وعلى الأمور العامة للمسلمين في سككهم ومرافقهم، وإن كان الشاهد واحدًا منهم. وشرط " الشافعي ": البصر في الشهادة دون الخبر، ولا حجة له في ذلك قائمة. وشرط بعض الأصوليين: البلوغ حين السماع، والإِجماع يخالفه، وشرط " الجبائي " وبعض القدرية: العدد؛ فلا بد عنده من اثنين عن اثنين في الخبر كالشهادة. وعند الآخرين: أربع عن أربع في كل خبر، وهذا مما يتعذر ولا يفيد معنى في باب الفعل. وأسقط " أبو حنيفة " شرط العدالة ورأى أن مجرد الإِسلام عدالة في الشهادة والخبر لمن لم يُعلَم فسقه وجُهِلَ أمره. ورأى بعض أهل الحديث أن رواية رجلين عمن روى عنه يخرجه عند حد الجهالة، وإن لم تعرف حاله. والصواب أن الجهالة لا ترتفع عنه بروايتهما، حتى يعرف حاله وتتحقق عدالته، وإن جهل نسبه. والله أعلم. " ذكر هذه الفوائد في أول شرح خطبة مسلم قبل تفسيره: " من كذب علي متعمدًا

" الحديث. قال " القرافي " في (قواعده): قال الإِمام المازري في (شرح البرهان): الشهادة والرواية خبران، على أن المخبر عنه إن كان أمرًا عامًّا لا يختص بمعين فهو الرواية، كقوله عليه السلام: " الأعمال بالنيات " أو " الشفعة فيما لم يقسم " لا يختص بشخص معين بل ذلك على جميع الخلق في جميع الأعصار والأمصار، بخلاف قول العدل عند الحاكم: " لهذا عند هذا دينار " إلزام لمعين لا يتعداه لغيره، فهذا هو الشهادة المحضة، والأول هو الرواية المحضة]. ومعها، على هامش (غ) أيضًا:

[قال النووي: " كل هذا مخالف لقاعدة مذهبنا ومذهب غيرنا، ولا يقوى الفرق بينه وبين الشهادة " [ووجدت بخط شيخنا: قد قال " مالك " في شاهد الزور: إذا ثبتت عليه شهادة الزور لا تسمع له شهادة بعد ذلك، تاب أم لا، وعند الشافعي والحنفي: لو ردت شهادته لفسق، ثم حسنت حالته، لا تسمع إعادتها لما يلحقه من التهمة في تصديق نفسه، ولا يبعد أن يخفى مثله هنا؛ لأن الرواية كلها كنوع من الشهادة. وقال " أبو حنيفة ": إذا ردت شهادة أحد الزوجين للآخر ثم بانت، لا نسمعها؛ للتهمة].

وانظر تقريب النووي 1/ 330 وكفاية الخطيب باب ما جاء في الأخذ عن أهل البدع (120 - 132).

ص: 301

إسقاط ما تقدم من حديثه * " وهذا يُضاهي من حيث المعنى ما ذكره " الصيرفي ". والله أعلم.

الحادية عشرة: إذا روى ثقةٌ حديثًا وروجع المروِيُّ عنه فَنَفاه، فالمختارُ أنه إن كان جازمًا بنفيِه بأن قال: ما روَّيته، أو: كذب عليَّ، أو نحو ذلك؛ فقد تعارض الجَزْمان، والجاحِد هو الأصلُ فوجَبَ ردُّ حديثِ فرعِه ذلك **، ثم لا يكونُ ذلك جرحًا له يوجبُ ردَّ باقي حديثه؛ لأنه مكذِّبٌ لشيخِه أيضًا في ذلك، وليس قبولُ جرح ِ شيخِه له، بأوْلى من قبول ِ جرحِه لشيخه، فتساقطا.

أما إذا قال المرويُّ عنه: لا أعرفه، أو: لا أذكره، أو نحو ذلك، فذلك لا يوجِبُّ ردَّ رواية الراوي عنه. ومن روَى حديثًا ثم نسيَه؛ لم يكن ذلك مسقِطًا للعمل به عند جمهور أهل ِ الحديث وجمهورِ الفقهاء والمتكلمين، خلافًا لقوم من أصحاب " أبي حنيفة " صاروا

* المحاسن:

" فائدة: وما نَقَل عن " الصيرفي " يقرب منه ما قال " ابنُ حزم ": " من أسقطنا حديثه لم نعد لقبوله أبدًا، ومن احتججنا به لم نُسقِط روايته أبدا ". وكذا قاله " ابن حبان " في آخرين. قال النووي: وكل هذا مخالف لقاعدة مذهبنا ومذهب غيرنا. ولا يقوى الفرق بينه وبين الشهادة. انتهت " 44 / ظ.

انظر تقريب النووي (1/ 330) والأحكام لابن حزم (1/ 131).

** المحاسن:

" فائدة: وقد يعارض هذا أن المثبتَ مُقدَّمٌ على النافي، ولما كان النافي هنا نَفَى ما يتعلق به في أمرٍ يقرُب من المحصور بمقتضى الغالب؛ اقتضى أن يرجح النافي. وكذلك في الشهادة، وفي القاضي إذا شهد عليه الشهودُ بحكم فأنكر حُكمَه، خلافًا لمالك ومحمد بن الحسن وغيرهما في صورة القاضي، وهو الأقربُ لتعلق حقِّ الغير، لا سيما مع الانتشار وكثرة الأحكام. انتهت " 44 / ظ ثم:

" فائدة: والحاكم إذا لم ينكر حكمهم بل توقف، ففي قبول شهادة الشهود لحكمه وجهان عند " الشافعي ": أوقفهما لقول الأكثرين قبولُ الشهادة بحكمه، وقد أجراهما بعض المتأخرين في الشهادة على الشهادة، إذا ظهر توقف الأصل. انتهت ".

ص: 302

إلى إسقاطِه بذلك، وبَنوا عليه رَدَّهم حديثَ سليمانَ بنِ موسى، عن الزُّهري عن عُروةَ عن عائشةَ، عن رَسول ِ الله صلى الله عليه وسلم:" إذا نكحت المرأةُ بغير إذنِ وَليِّها فنكاحُها باطل "

الحديث؛ من أجل ِ أن " ابن جُرَيج " قال: " لقيتُ الزهريَّ فسألتُه عن هذا الحديث فلم يعرفْه ". وكذا حديثَ ربيعة الرأي، عن سهيل بنِ أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة:" أن النبي صلى الله عليه وسلم قضَى بشاهدٍ ويمين "؛ فإن عبدالعزيز بنَ محمد الدراوَرْدي " قال: " لقيت سُهَيلاً فسألتُه عنه فلم يعرفه " (1).

والصحيحُ ما عليه الجمهورُ؛ لأن المرويَّ عنه بصددِ السهوِ والنسيانِ، والراوي عنه ثقةٌ جازم؛ فلا يُرَدُّ بالاحتمال ِ روايتُه (2). ولهذا كان " سُهَيلٌ " بعد ذلك يقولُ:" حدثني ربيعةُ عني، عن أبي "، ويسوقُ الحديثَ. وقد روَى كثيرٌ من الأكابرِ أحاديثَ نسَوها بعدما حُدِّثوا بها عن مَنْ سَمِعها منهم، فكان أحدُهم يقولُ: حدَّثني فلانٌ عني عن فلانٍ بكذا وكذا. وجَمع " الحافظُ الخطيبُ " ذلك في كتابِ (أخبار من حَدَّث ونَسِيَ)(2) *.

(1) تمام الخبر في (الإرشاد لأبي يعلى الخليلي): " فكان سهيل يقول بعد ذلك: حدثني ربيعة، وهو ثقة، عني، عن أبي، عن أبي هريرة ". ترجمة سهيل بن أبي صالح، يأتي في الحاشية، فيما يلي، تخريج ما أجمله ابن الصلاح هنا.

(2)

مذهب الفقهاء، من أصحاب مالك والشافعي، وجمهور المتكلمين في العمل بحديث رواه ثقة عمن نسيه " وزعم المتأخرون من أصحاب أبي حنيفة أنه لا يجب العمل به " بينه الخطيب في الكفاية (باب القول فيمن روى حديثًا ثم نسيه؛ هل يجب العمل به أو لا؟) وأخرج حديث ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل .. " الحديث. وقال ابن جريج: فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه. (ص 380).

ورواه الشافعي من عدة طرق، منها رواية ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة مرفوعًا، بلفظ " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل " - المسند 76 - والإِمام أحمد في حديث عروى عن عائشة رضي الله عنها، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في السنن - ك النكاح، باب لا نكاح =

_________

* المحاسن:

" فائدة: والدارقطني قبله، وضع كتابًا في ذلك. انتهت " 44 / ظ.

وعلى الهامش:

" حاشية: من إملاء المصنف وقت القراءة: فائدة: خرج البخاري ومسلم حديثًا فيه علة الإنكار، وهو ما رويناه من طريق عمرو بن دينار أن أبا معبد مولى ابن عباس =

ص: 303

.............................................................................................................................

= إلا بِوَليٍّ - وقال الترمذي: حديث حسن قد تكلم فيه بعضهم من جهة أن ابن جريج قال: ثم لقيت الزهري فسألته عنه فأنكره، فضعف الحديث من أجل هذا، لكن ذكر عن يحيى بن معين أنه قال: لم يذكر هذا - القول - عن ابن جريج غير ابن علية، وضعف يحيى رواية ابن علية عن ابن جريج. وكذلك قال الحاكم في المستدرك، عن ابن علية عن ابن جريج: فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه

وقال ابن معين: سماع ابن علية من ابن جريج ليس بذاك، قال: وليس أحد يقول فيه هذه الزيادة غير ابن علية. وأخرجه الدارقطني في سننه من حديث أبي بردة عن أبيه، والزهري عن أبي سعيد الخدري، وسعيد بن جبير عن ابن عباس، يرفعونه. ومن رواية ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، مرفوعًا. ولم يذكر فيه هذه الزيادة. وسئل في (العلل) (3/ 80) عن حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة؛ فقال:" يرويه الزهري، واختلف عنه؛ فرواه عمر بن قيس - أبو حفص المكي - عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة " ووهمه في إسناده ومتنه ثم قال: " وإنما روى الزهري هذا الحديث عن عروة عن عائشة ".

وحديث سهيل في (الكفاية للخطيب) أخرجه من طريق عبدالعزيز بن محمد - هو الدراوردي - وسليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم (قضى بشاهد ويمين) وقال عبدالعزيز: فلقيت سهيلا فسألته عنه فلم يعرفه (ص 381) وأخرجه أبو داود في الأقضية، من رواية سليمان بن بلال عن ربيعة وزاد فيه: قال سليمان: فلقيت سهيلا فسألته عن هذا الحديث فقال: ما أعرفه. فقلت: إن ربيعة أخبرني به عنك، فقال: إن كان ربيعة أخبرك به عني فحدث به عن ربيعة عني. فقال =

= أخبره أن رفع الصوت بالذكر، الحديث (1). وقد أنكر أبو معبد ذلك وقال لعمرو: لم أحدثك بهذا، قال عمرو: قد أخبرتنيه قبل ذلك. ذكر ذلك مسلم والشافعي قبله. قال الشافعي: كأنه نسي (2). ودل إخراج البخاري ومسلم لهذا الحديث على أنهما لم يؤثر عندهما إنكار أبي معبد. واسمه نافذ " 44 / ظ.

_________

(1)

البخاري، ك الأذان، باب الذكر بعد الدعاء، من طريق عمرو بن دينار عن أبي معبد عن مولاه ابن عباس رضي الله عنهما قال:(كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير) ولم يشر البخاري إلى إنكار أبي معبد. وقال ابن حجر: الزيادة - قول عمرو أن أبا معبد أنكره - في مسلم. ثم حرر مسألة رواية الثقة عن راوٍ ينفي أنه حدثه (فتح الباري 2/ 221) وأخرجه مسلم في كتاب المساجد، باب الذكر بعد الصلاة (ح 120/ 583) من رواية ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد وفيه قال عمرو: فذكرت ذلك لأبي معبد فأنكره وقال: لم أحدثك بهذا. قال عمرو: وقد أخبرنيه قبل ذلك.

(2)

مسند الشافعي، من كتاب الصلاة، سماعه من ابن عيينة عن عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير). قال عمرو بن دينار: ثم ذكرته لأبي معبد بعد فقال: لم أحدثكه. قال عمرو: " قد حدثتنيه ". قال: وكان من أصدق موالي ابن عباس. أهـ (ص 16).

ص: 304

ولأجل ِ أن الإنسانَ معرَّضٌ للنِسيانِ، كَرِهَ منْ كَرِه [31 / ظ] من العلماءِ الروايةَ عن الأحياءِ، منهم " الشافعيُّ " رضي الله عنه. قال ابن عبدالحكم:" إياك والروايةَ عن الأحياء "(1). والله أعلم.

الثانية عشرة: مَن أخذ على التحديثِ أجرًا؛ منَعَ ذلك من قبول ِ روايتِه عند قوم ٍ من أئمةِ الحديث. روينا عن إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهَوَيه (2) - أنه سُئل عن المحدِّث يُحدِّث بالأجرِ، فقال: لا يُكتَب عنه. وعن " أحمدَ بن حنبل، وأبي حاتم الرازي " نحو ذلك. وترخَّصَ " أبو نعيم الفضلُ بنُ دكين، وعليُّ بن عبدالعزيز المكي " وآخرون، في أخذِ العِوَض ِ على التحديثِ (3)، وذلك شبِيهٌ بأخذِ الأجرةِ على تعليم القرآنِ ونحوه. غير أن في هذا من حيث العرفُ خَرْمًا للمروءة، والظنُّ يُساءُ بفاعلِه، إلا أن يَقترنَ ذلك بعذرٍ، يَنْفِي ذلك عنه، كمثل ِ ما حدَّثنيه الشيخُ " أبو المظفر، عن أبيه، الحافظ أبي سعد السمعاني " أن " أبا الفضل محمدَ بنَ ناصر السلامي، ذكر أن " أبا الحسين بن النقور " فعل ذلك؛ لأن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أفتاه بجواز أخذِ الأجرةِ على التحديث؛ لأن

= وكان سهيل أصابته علة أذهبت بعض عقله ونسي بعض حديثه فكان سهيل بعدُ يحدث به عن ربيعة عنه عن أبيه (3/ 309) وأخرجه الترمذي في الأحكام عن الدراوردي وقال: حديث حسن غريب (عارضة 5/ 106) وابن ماجه في الشهادات (ح 1888) والدارقطني في السنن من حديث عدد من الصحابة. ومنها رواية الدراوردي عن ربيعة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه (ك الأقضية والأحكام، ح 23).

وسئل عنه في (العلل)؛ فقال: يرويه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبيه هريرة. حدث به عنه سليمان بن بلال واختلف عنه

والصحيح عن سليمان عن ربيعة، وقد بين ذلك زياد بن يونس في روايته عن سليمان، فقال فيه: قال سليمان: فلقيت سهيلا فسألته عنه فلم يعرفه فقلت: حدثني به عنك ربيعة. فقال: فحدث به عن ربيعة عني. ورواه عبدالعزيز الدراوردي عن ربيعة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة

" العلل (3/ 130) خط.

وقبلهم أخرجه الشافعي من عدة طرق عن عدد من الصحابة، وقال في رواية الدراوردي عن ربيعة عن سهيل عن أبيه:" قال عبدالعزيز: فذكرت ذلك لسهيل قال: أخبرني ربيعة - وهو عندي ثقة - أني حدثته إياه، ولا أحفظه. قال عبدالعزيز: وقد كان أصاب سهيلا علة أذهبت بعض حفظه ونسي بعض حديثه، وكان سهيل بعدُ يحدثه عن ربيعة عنه عن أبيه "(مسند الشافعي: 52).

(1)

الكفاية للخطيب (ذكر من كره من العلماء التحديث عن الأحياء) 139 - 140.

(2)

من (ص) وهامش (غ).

(3)

الكفاية للخطيب (باب كراهة أخذ الأجر على التحديث .. وذكر بعض أخبار من كان يأخذ العوض عن التحديث (153 - 157).

ص: 305

أصحابَ الحديثِ كانوا يمنعونه عن الكسبِ لعياله " (1) *. والله أعلم (2).

الثالثة عشرة: لا تُقبَلُ روايةُ من عُرَفَ بالتساهل في سماع ِ الحديث أو إسماعه (3)، كمن لا يُبالي بالنوم في مجلس ِ السماع (4)، وكمن يُحدِّثُ لا من أصل ٍ مقابَل ٍ صحيح ٍ. ومن هذا القبيل ِ مَنْ عُرِف بقبول ِ التلقينِ في الحديثِ. ولا تُقبَلُ روايةُ من كثُرت الشواذُّ والمناكيرُ في حديثه. جاء عن " شُعبةَ " أنه قَال:" لا يجيئك الحديثُ الشاذُّ إلا من الرجل ِ الشاذِّ (5) ". ولا تُقبَلُ روايةُ مَنْ عُرِفَ بكثرةِ السهوِ في رواياتِه، إذا لم يُحدِّثْ من أصل ٍ صحيح ٍ.

وكلُّ هذا يخرم الثقة بالراوي وضبطه.

وورد عن " ابن المبارك، وأحمد بن حنبل، والحميدي " وغيرهم، أن من غلط في حديث وبُيِّنَ له غلطه فلم يرجع عنه وأصرَّ على رواية ذلك الحديث؛ سقطت رواياته، ولم يكتب عنه. وفي هذا نظرٌ، وهو غير مستنكر إذا ظهر أن ذلك منه على جهةِ العنادِ أو نحوِ ذلك. والله أعلم.

(1) تقييد ابن نقطة، ترجمة أبي الحسين، ابن النقور أحمد بن محمد بن أحمد (ل: 140) والعبر للذهبي (3/ 272).

(2)

بلاغ القراءة والسماع بخط العراقي. (ص).

(3)

الكفاية للخطيب (152) وتقييد العراقي (155) والتبصرة (1/ 343).

(4)

كذا في الأصول. وقال " الزمخشري " في (الأساس): لا أباليه

هو أفصح من: لا أبالي به.

(5)

الخطيب في الكفاية (باب ترك الاحتجاج بمن غلب على حديثه الشواذ ورواية الغرائب والمناكير) 141، و (باب ترك الاحتجاج بمن كثر غلطه وكان الوهم غالبًا على رواياته) 144، وانظر أيضًا في الكفاية (باب رد حديث من عرف بقبول التلقين، وباب ترك الاحتجاج بمن عرف بالتساهل في رواية الحديث) وابن حبان في المجروحين (النوع 16 ص 1/ 78).

_________

* المحاسن:

" فائدة: هذا قوي. وفي (صحيح البخاري) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أحقَّ ما أخذتم عليه أجرًا كتابُ الله ". انتهت " 45 / ظ.

_________

(1)

في كتاب الإجارة، باب ما يعطى في الرقبة على أحياء العرب بفاتحة القرآن (وانظر معه فتح الباري 4/ 304) وأخرجه كذلك في كتاب الطب، أبواب الرقية، باب الشرط في الرقية. وانظر في باب التزويج على القرآن بغير صداق (فتح الباري 9/ 161).

ص: 306

[32 / و] الرابعة عشرة: أعرَض الناسُ في هذه الأعصارِ المتأخِرَة عن اعتبارِ مجموع ِ ما بَيَّنَّا من الشروطِ في رُواة الحديثِ ومشايخه، فلم يتقيدوا بها في رواياتهم لتعذرِ الوفاء بذلك على نجوِ ما تقدم، وكان عليه مَنْ تَقَدَّم، ووجهُ ذلك ما قدمناه في أول ِ كتابِنا هذا من كونِ المقصودِ آل آخِرًا إلى المحافظةِ على خصيصةِ هذه الأمةِ في الأسانيدِ والمحاذرةِ من انقطاع سلسلتِها، فليُعتبَرْ من الشروطِ المذكورةِ ما يليقُ بهذا الغرِض على تجرُّدِه، وليُكتَفَ في أهليَّةِ الشيخ: بكونِه مسلمًا بالغًا عاقلا، غيرَ متظاهرٍ بالفسق والسخف، وفي ضبطه: بوجود سماعِه مثبتًا بخطٍ غير متَّهم، وبروايتِه من أصل ٍ موافِقٍ لأصل ِ شيخِه. وقد سبق إلى نحوِ ما ذكرناه " الحافظ الفقيهُ أبو بكر البيهقي " - رحمه الله تعالى -. فإنه ذكر فيما رويناه عنه، توسُّعَ مَنْ توسَّع في السماع من بعض محدِّثي زمانِه الذين لا يحفظون حديثَهم، ولا يحسنون قراءتَه من كتبهم، ولا يعرفون ما يُقرَأ عليهم بعد أن تكون القراءةُ عليهم من أصل سماعِهم، ووجَّه ذلك بأن الأحاديث التي قد صَحَّتْ أو وقفت بين الصحةِ والسقم، قد دُوِّنتْ وكُتِبَتْ في الجوامع التي جمعها أئمةُ الحديث. ولا يجوز أن يذهبَ شيءٌ منها على جميعِهم وأن جاز أن يذهبَ على بعضِهم؛ لضمانِ صاحبِ الشريعة حِفظَها. قال: فمن جاء اليومَ بحديثٍ لا يوجَدُ عند جميعِهم لمْ يُقْبَلْ منه. ومن جاء بحديثٍ معروفٍ عندهم فالذي يرويه لا ينفردُ بروايتِه، والحجةُ قائمةٌ بحديثِه بروايةِ غيرهِ. والقصدُ من روايته والسماع منه؛ أن يصير الحديثُ مسلسلا بـ: حدثنا، وأخبرنا. وتبقى هذه الكرامةُ التي خُصَّتْ بها هذه الأمةُ شرفًا لنبيِّنا المصطفى - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -. والله أعلم.

الخامسة عشرة: في بيانِ الألفاظِ المستعملة من أهل هذا الشأنِ في الجرح ِ والتعديل. وقد رتبها " أبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي " في كتابه [32 / ظ] في (الجرح والتعديل)(1) فأجاد وأحْسَنَ. ونحن نُرتبها كذلك، ونورد ما ذكره، ونضيف إليه ما بلَغنا في ذلك عن غيرِه، إن شاء الله تعالى.

أما ألفاظ التعديل فَعلى مراتب:

الأولى: قال " ابنُ أبي حاتم ": إذا قيل للواحدِ إنه ثقةٌ أو مُتقِنٌ؛ فهو ممن يُحتَجُّ بحديثِه.

(1)(باب بيان درجات رواة الآثار): 2/ 37.

ص: 307

قال الشيخ - أبقاه الله -: وكذا إذا قيل: ثَبْتٌ *، أو: حُجة. وكذا قيل في العدل: إنه حافظٌ ضابط. والله أعلم.

الثانية: قال " ابنُ أبي حاتم ": إذا قيل: إنه صدوق، أو: محلُّه الصدقُ، أو: لا بأس به؛ فهو ممن يُكتَبُ حديثُه وينظر فيه، وهي المنزلةُ الثانية.

قال الشيخ - أبقاه الله -: هكذا كما قال؛ لأن هذه العباراتِ لا تشعِرُ بشريطةِ الضبطِ، فينظرَ في حديثِه، ويُختبَر حتى يُعرَفَ ضبطُه، وقد تقدم بيانُ طريقِه في أول ِ هذا النوع. وإن لم نستوفِ النظرَ المعرِّفَ لكونِ ذلك المحدِّثِ في نفسِه ضابطًَا مطلقًا، واحتجنا إلى حديثٍ من حديثِه؛ اعتبرنا ذلك الحديثَ ونظرنا: هل له أصلٌ من روايةِ غيره؟ كما تقدم بيانُ طريقِ الاعتبارِ في (النوع الخامس عشر).

ومشهورٌ عن " عبدالرحمن بن مهدي " القدوةِ في هذا الشأنِ، أنه حدَّث فقال:" حدثنا أبو خلدةَ " فقيل له: أكان ثقة؟ فقال: "كان صدوقًا وكان مأمونًا وكان خَيِّرًا - وفي روايةٍ: كان خيارًا - الثقةُ شُعبةُ وسُفيانُ " **.

* المحاسن:

" فائدة: ثبت، ذكرها " ابنُ أبي حاتم ". انتهت " 46 / و.

- قال العراقي - وذكر مثل هذا الاعتراض -: " وليس في النسخ الصحيحة من كتابه - الجرح والتعديل - إلا ما نقله المصنف عنه كما تقدم، ليس فيه ذكر (ثبت) وفي بعض النسخ: إذا قيل للواحد إنه ثقة أو متقن ثبت؛ فهو ممن يحتج بحديثه، هكذا في نسختي منه، أو: متقن ثبت، لم يقل فيه: أو ثبت ". التقييد 158.

** المحاسن:

" فائدة: ذكر " الخطيب " الحكايةَ فقال: الثقةُ مثل شعبةَ ومِسْعرِ بن كِدَام. انتهت " 46 / و.

قلت: في نسختنا من الكفاية، ط حيدرأباد، الهند:" الثقة شعبة وسفيان " كما ذكر ابن الصلاح.

وكذلك أسنده ابن أبي حاتم عن عبدالرحمن بن مهدي، وقيل له: أبو خلدة ثقة؟ فقال: كان صدوقًا وكان مأمونًا، الثقة سفيان وشعبة ". الجرح والتعديل (2/ 37).

وابن حبان، في مقدمات كتابه الضعفاء: 1/ 49.

ص: 308

ثم إن ذلك مخالِفٌ لما وردَ عن " ابن أبي خيثمة "، قال: قلت ليحيى بن معين: إنك تقول: فلانٌ ليس به بأس، وفلان ضعيف. قال: إذا قلتُ لك: ليس به بأس؛ فهو ثقة. وإذا قلت لك: هو ضعيف؛ فليس هو بثقةٍ، لا تكتبْ حديثَه (1).

قال الشيخ - أبقاه الله -: لسي في هذا حكايةُ ذلك عن غيرِه من أهل ِ الحديث، فإنه نسبَه إلى نفسِه خاصّةً بخلاف ما ذكره " ابن أبي حاتم ". والله أعلم.

الثالثة: قال " ابنُ أبي حاتم ": إذا قيل: شيخ؛ فهو بالمنزلةِ الثالثةِ، يُكتَبُ حديثُه، ويُنظَر فيه، إلا أنه دونَ الثانية (2).

الرابعة: قال: إذا قيل: صالح الحديث؛ فإنه يُكتَبُ حديثُه للاعتبار.

قال الشيخ - أبقاه الله -: وجاء عن " أبي جعفر أحمد بن سنان " قال: كان " عبدالرحمن بن مهدي " ربما جرَى ذكرُ حديثِ الرجل فيه ضعفٌ وهو رجل صدوق فيقول: " رجلٌ صالحُ الحديث ". والله أعلم.

وأما ألفاظهم في الجرح فهي أيضًا على مراتبَ:

أولاها: قولهم: ليِّن الحديث. قال " ابنُ أبي حاتم ": إذا أجابوا في الرجل بـ: لَيِّنِ الحديثِ؛ فهو ممن يُكتَبُ حديثُه وينظَر فيه اعتبارًا.

قال الشيخُ - أبقاه الله -: وسأل " حمزةُ بن يوسفَ السهمي " أبا الحسن الدارقطني الإمامَ "، فقال له: إذا قلتَ: فلان لين، أَيْش (3) تريد به؟ قال: " لا يكون ساقطًا متروكَ الحديث ِ، ولكن مجروحًا بشيء لا يسقِطُ عن العدالة ".

(1) الكفاية للخطيب، بإسناده (معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات) ص 22.

(2)

على هامش (غ) بخط ابن الفاسي: بلغ السماع بقراءتي في المجلس الثالث عشر. وعلى هامش (ص) بلاغ قراءة الناصر ابن العديم وسماع عمه زين الدين عبدالرحمن والشمس ابن خليل الحلبي. كتبه عبدالرحيم بن الحسين ص (24 أ).

(3)

من (غ، ز، ع) ومتن ص. وعلى هامشه: صوابه أي شيء (24 أ)، وهو في كفاية الخطيب بسنده إلى حمزة السهمي: أيش تريد به؟ (23) ومثله في (سؤالات حمزة بن يوسف السهمي مشايخ عصره في جرح بعض الراوة وتعديلهم، من سؤاله لشيخه الدارقطني: فوائد حديثية، (ل 3 / أ) وقوبلت بقول ابن الصلاح في هذا النوع عن ابن أبي حاتم، على مقدمات كتابه (الجرح والتعديل 2/ 37، 38).

ص: 309

الثانية: قال " ابنُ أبي حاتم ": إذا قالوا: ليس بقويٍّ؛ فهو بمنزلةِ الأول في كَتْبِ حديثِه، إلا أنه دونه.

الثالثة: قال: إذا قالوا: ضعيف الحديث؛ فهو دونَ الثاني، لا يُطرح حديثُه بل يُعتبر به.

الرابعة: قال: إذا قالوا: متروك الحديث، أو: ذاهب الحديث، أو: كذاب؛ فهو ساقطُ الحديثِ، لا يُكتَبُ حديثُه، وهي المنزلة الرابعة.

قال " الخطيب أبو بكر ": أرفعُ العباراتِ في أحوال ِ الرواةِ أن يقال: حجة، أو: ثقة. وأَدْوَنُها أن يُقال: كذاب ساقط (1).

أخبرنا " أبو بكر بن عبدالمنعم الصاعدي الفراوي " قراءةً عليه بنيسابورَ: أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل، أخبرنا عبدالله بن جعفر، أنبأنا يعقوب بن سفيان، قال: سمعت أحمد بن صالح قال: لا يُترَكُ حديثُ رجل ٍ حتى يجتمعَ الجميعُ على ترك حديثِه. قد يقال: فلانٌ ضعيف، فأما أن يقال: فلانٌ متروكٌ؛ فلا، إلا أن يُجمِع الجميعُ على تركِ حديثه " (2).

ومما لم يشرحه " ابنُ أبي حاتم " وغيرُه منَ الألفاظِ المستعملة [34 / ظ] في هذا الباب قولُهم: فلانٌ قد روى الناسُ عنه، فلانٌ وسَطٌ، فلان مقارِبُ الحديثِ *، فلانٌ مضطرِبُ

(1) في الكفاية: (معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات في صفة الأخبار وأقسام الجرح والتعديل).

(2)

رواه الخطيب أيضًا من طريق شيخه محمد بن الحسين القطان، أبي الحسين ابن الفضل، عن عبدالله بن جعفر - هو ابن درستويه - عن يعقوب بن سفيان الفسوي، عن أحمد بن صالح المصري (الكفاية: باب القول في الجرح؛ هل يحتاج إلى كشف أو لا؟) 110.

_________

* المحاسن:

" فائدة: مقارِب الحديث، بكسر الراء، من ألفاظ التعديل. وسَوَّى " البطليوسي " بين الفتح والكسر. وفيه نظر؛ فالفتح تجريح، تقول: هذا تبر مقارَب، أي رديء. ذكره ثعلب " 46 / ظ.

ص: 310

الحديثِ، فلانٌ لا يُحتَجُّ به، فلانٌ مجهولٌ، فلانٌ لا شيء، فلانٌ ليس بذاكَ - وربما قيل: ليس بذاك القوي -، فلانٌ فيه، أو في حديثه: ضعف - وهو في الجرح أقلُّ من قولهم: فلانٌٌ ضعيف الحديث - فلانٌ ما أعلمُ به بأسًا. وهو في التعديل دونَ قولهم: لا بأس به (1).

وما من لفظةٍ منها ومن أشباهها إلا ولها نظيرٌ شرحناه أو أصلٌ أصَّلناه، نُنبِّهُ - إن شاء الله تعالى - به عليها. والله أعلم (2).

(1) انظر معه تقييد العراقي (161، 162) والتبصرة (2/ 6 - 11).

(2)

على هامش (غ) لابن الفاسي: بلغت المقابلة بأصل قوبل بأصل الشيخ رحمه الله، ثم بلغ مقابلة عليه ثانية.

وعلى هامش ص (24 أ) بلاغ قراءة ناصرالدين العديم، وسماع عمه زين الدين عبدالرحمن، والشمس محمد بن خليل الحلبي. كتبه عبدالرحيم بن الحسين.

ص: 311