الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع العاشر:
معرفة المنقطِع
.
وفيه، وفي الفرق بينه وبين المرسَل، مذاهبُ لأهل ِ الحديث وغيرهم. فمنها ما سبق في نوع المرسل عن " الحاكم " صاحبِ كتاب (معرفة أنواع علوم الحديث) من أن المرسَل مخصوصٌ بالتابعي، وأن المنقطع منه: الإِسنادُ الذي فيه قبل الوصول ِ إلى التابعي راوٍ لم يسمع من الذي فوقه، والساقط بينهما غيرُ مذكورٍ لا مُعَينا ولا مُبْهمًا، ومنه [12 / ظ] الإِسنادُ الذي ذُكر فيه بعضُ رواتِه بلفظٍ مبهم، نحو: رجل ٍ، أو شيخ، أو غيرِهما (1).
مثالُ الأول: ما رويناه عن عبدالرزاق، عن سُفيانَ الثوري، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يُثَيْع، عن حذيفةَ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن وليتموها أبا بكرٍ فقويٌّ أمين
…
" الحديث. فهذا إسنادٌ إذا تأمله الحديثيُّ وجد صورتَه صورةَ المتصل، وهو منقطع في موضعين؛ لأن عبدَالرزاق لم يسمعه من الثوري، وإنما سمعه من النعمانِ بنِ أبي شيبةَ الجَنَدِي عن الثوري، ولم يسمعه الثوريُّ أيضًا من أبي إسحاق، إنما سمعه من شَريكٍ عن أبي إسحاق (2).
ومثال الثاني: الحديثُ الذي رويناه عن أبي العلاء بن عبدِالله بنِ الشِّخِّير، عن رجُلين، عن شَدَّاد بن أوس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء في الصلاة:" اللهم إني أسألك "
(1) معرفة علوم الحديث للحاكم (المرسل: 25، ثالث المنقطع: 28) وانظر معه تبصرة العراقي، وفتح الباقي عليها، للشيخ زكريا الأنصاري: 1/ 154 / 155.
(2)
بمزيد بيان عند الحاكم في المعرفة (28، 29) وخرج حديث حذيفة بالإسنادين: المنقطع ثم المتصل. وانظر فيه (مجمع الزوائد للنور الهيثمي): 5/ 176.
- على هامش (ص): بلغ ناصر الدين محمد، ولد قاضي القضاة الكمال ابن العديم
…
الثباتَ في الأمر
…
" (1) الحديث. والله أعلم *.
ومنها، ما ذكره " ابنُ عبدالبر " رحمه الله، وهو أن المرسَل مخصوصٌ بالتابعين، والمنقطع شاملٌ له ولغيره. وهو عنده:" كل ما لا يتصل إسنادُه، سواء كان يُعزَى إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى غيره "(2) **.
ومنها، أن المنقطع مثلُ المرسل، وكلاهما شاملان لكلِّ ما لا يتصل إسنادُه. وهذا المذهب أقربُ، صار إليه طوائفُ من الفقهاء وغيرهم، وهو الذي ذكره " الحافظ أبو بكر
(1) الحاكم في (علوم الحديث: 27) وأخرجه الترمذي في الدعوات فيما يقرأ عند المنام، والنسائي في الصلاة، باب الدعاء بعد الذكر.
(2)
ابن عبدالبر في (التمهيد: 1/ 21).
_________
* المحاسن:
[لا يقال: فيه نظر في موضعين:
أحدهما: أن " الحاكم " ذكر المثالين المذكورين؛ فيكون ذلك ادعاءً لما ذكره الناس؛ لأنا نقول: لم يوجد في الكلام دعوى ذلك. وما زال المصنفون يغترفون من كلام مَنْ تقدمهم، ثم مرةً ينسبونه ومرة يسكتون.
الثاني: في المثال الثاني: عن رجلين، والذي في " الحاكم ":" عن رجل " وكذا ذكره الترمذي والنسائي:
وجوابه: أني وقفت على نسخة من (علوم الحديث للحاكم) أصل ٍ مسموعةٍ، وفيها:" عن رجلين " في السند، ثم في الكلام عليه. وهذا المثال يبين أن المنقطع ما سقط فيه رجل أو أبهم قبل الصحابي، ولو كان التابعي. وهذا خلافُ ما يقتضيه ما نُقِلَ عن المذهب الأول (1). انتهى ".
** " فائدة: فالمنقطع على هذا أعم من المرسل؛ فكل مرسل ٍ منقطعٌ، ولا عكسَ. وكلام " الشافعي " السابق ينطبق على هذا. انتهى " 18 / ظ.
_________
(1)
قلت: في طبعة الحاكم، الهندية: عن رجلين من بنى حنظلة: ص 27 وفي جامع الترمذي: عن رجل من بني حنظلة (عارضة 12/ 293) أبواب الدعاء والنسائي (2/ 192).
الخطيب " في (كفايته)، إلا أن أكثر ما يوصَف بالإِرسال من حيث الاستعمالُ: ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثر ما يوصف بالانقطاع: ما رواه مَنْ دونَ التابعين عن الصحابة، مثل مالك عن ابن عمر، ونحو ذلك (1). والله أعلم.
ومنها ما حكاه " الخطيب أبو بكر " عن بعض ِ أهل ِ العلم بالحديث، أن المنقطع ما رُوِي عن التابعي أو مَنْ دُونَه موقوفًا عليه من قوله أو فعله.
وهذا غريب * بعيد. والله أعلم (2).
(1) قابل على الخطيب في (الكفاية: 21).
(2)
على هامش (ص): بلغ ناصرالدين ابن العديم قراءة على العراقي.
_________
* المحاسن:
" فائدة: لا يلتبس ذلك بما سبق في المقطوع الموقوف على التابعي، من أنه يعبر بلفظه عن المنقطع غير الموصول. فإن الكلام في إطلاق المنقطع على ما يُطْلَقُ عليه المقطوعُ بزيادة، أو مَنْ دُونَ التابعي. وهذا هو الغريب. " 19 / و.