الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع السابع والعشرون:
معرفةُ آدابِ المحدِّث
.
وقد مضى طرفٌ منها اقتضته الأنواعُ التي قبله.
علم الحديث علم شريفٌ يناسب (1) مكارمَ الأخلاق ومحاسنَ الشيم، وينافر مساوئ الأخلاق ومشاينَ الشيم. وهو من علوم الآخرة لا من علوم الدنيا، فمن أراد التصدي لإسماع الحديث أو لإفادة شيء من علومه، فليقدمْ تصحيحَ النيَّة وإخلاصَها، وليطهرْ قلبَه من الأغراض الدنيوية وأدناسها، وليَحذَرْ بَلِيَّةَ حُبِّ الرياسة ورعوناتها.
وقد اختُلِفَ في السنِّ الذي إذا بلغه استُحِبَّ له التصدِّي لإسماع الحديث والانتصابُ لروايته. والذي نقوله: إنه متى احتِيجَ إلى ما عنده؛ استُحِبَّ له التصدي لروايتِه ونشره [69 / ظ] في أيِّ سنٍّ كان (2). وروينا عن " القاضي الفاضل أبي محمد بن خلاد " رحمه الله، أنه قال: الذي يصحُّ عندي من طريق الأثر والنظر، في الحدِّ الذي إذا بلغه الناقلُ حَسُنَ به أن يُحدِّثَ، هو أن يستوفيَ الخمسين لأنها انتهاء الكهولة وفيها مجتمعُ الأَشُدِّ. قال " سُحَيمُ بن وثيل (3) ":
(1) في متن (ص): [مناسب] وعلى هامشه [يناسب] كما في (غ، ز، ع).
(2)
على هامش (غ) من أمالي ابن الصلاح: [قال: وذلك بحسب الزمان والمكان؛ فرب بلاد مهجورة يقع إليها من يُحتاج إلى روايته هناك، ولا يُحتاج إلى روايته في البلاد التي يكثر فيها العلماء].
(3)
سحيم بن وثيل بن عمرو، الرياحي اليربوعي الحنظلي التميمي: شاعر مخضرم. ناهز عمره المائة. كان شريفًا في قومه، نابه الذكر. قال ابن دريد: عاش أربعين سنة في الجاهلية وستين في الإسلام. والشاهد من قصيدته المشهورة، أصمعية حماسية:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا .............................................. متى أضع العمامة تعرفوني
وماذا يطلب الشعراء مني .............................................. وقد جاوزت حد الأربعين
أخو خمسين
…
البيت
(مؤتلف الآمدي 137، الإصابة: ق 3 ت 3360، الأصمعيات 6، شرح الحماسة للمرزوقي 1/ 28، سمط اللآلي 1/ 558) وجمهرة الأنساب: 215.
أخو خمسينَ مجتمعٌ أشُدِّي .................................................... ونَجَّدني مداوَرَةُ الشئونِ
قال: " وليس بمنكرٍ أن يُحدِّثَ عند استيفاء الأربعين؛ لأنها حَدُّ الاستواء. ومنتهى الكمال؛ نُبِّئ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو ابنُ أربعين، وفي الأربعين تتناهى عزيمة الإنسان وقوتُه، ويتوفرُ عقلُه ويجودُ رأيه "(1).
وأنكر " القاضي عياض " ذلك على ابن خلاد وقال: " كم من السلف المتقدمين ومن المحدثين، من لم ينته إلى هذا السنِّ ومات قبلَه، وقد نَشَر من الحديث والعلم ما لا يحصى! هذا عمر بن عبدالعزيز توفي ولم يكمل الأربعين، وسعيد بن جبير لم يبلغ الخمسين، وكذلك إبراهيم النخعي، وهذا مالك بنُ أنس جلس للناس ابنَ نَيِّفٍ وعشرين - وقيل: ابن سبع عشرة - والناس متوافرون وشيوخُه أحياء. وكذلك محمد بن إدريس الشافعي قد أُخِذَ عنه العلمُ في سنِّ الحداثةِ وانتصب لذلك ". والله أعلم (2).
قلتُ: ما ذكره " ابنُ خلاد " غير مستَنكر، وهو محمول على أنه قاله فيمن يتصدَّى للتحديثِ ابتداءً من نفسه، من غير براعة في العلم تعجلتْ له قبل السن الذي ذكره، فهذا، إنما ينبغي له ذلك بعد استيفاءِ السنِّ المذكور فإنه مظِنَّةُ الاحتياج إلى ما عندَه (3).
وأما الذين ذكرهم " عياضٌ " ممن حدَّث قبل ذلك؛ فالظاهرُ أن ذلك لبراعة منهم في العلم تقدمتْ، ظهر لهم معها الاحتياجُ إليهم فحدثوا قبل ذلك، أو لأنهم سُئلوا ذلك، وإما بصريح السؤال أو بقرينة الحال.
(1) القاضي ابن خلاد: المحدث الفاصل: باب القول في أوصاف الطالب والحدث الذي إذا بلغه صح الطلب فيه. والإلماع 200 من طريقه.
(2)
الإلماع (199 - 208) وعلى هامش (غ):
[قال القاضي عياض: وقد أنشد بعض البغداديين:
إن الحداثة لا تقصر بالفتى المرزوق ذهنا
لكن تذكي قلبه .......... فيفوق أكبر منه سنا
في (الإلماع: 204) والبيتان في (المحدث الفاصل للقاضي ابن خلاد)، قال:" أنشدنا أصحابنا البغداديون " 193 ف 94، وفي جامع بيان العلم لابن عبدالبر 1/ 85.
(3)
قال العراقي: وقد حمل ابن الصلاح كلام ابن خلاد على محمل صَحيح (التبصرة 2/ 205) ومعه مما قاله ابن خلاد في الباب: " فليس المعتبر في كتب الحديث البلوغ ولا غيره، بل يعتبر فيه الحركة والنضاجة والتيقظ والضبط، وقد دل قول الزهري: ما رأيت طالبًا للعلم أصغر من ابن عيينة؛ على أن طلاب العلم في عصر التابعين كانوا في حدود العشرين " المحدث: 186 ف 48.
وأما [70 / و] السن الذي إذا بلغه المحدِّثُ انبغى له الإمساكُ عن التحديث؛ فهو (1) السنُّ الذي يُخشَى عليه فيه من الهرَم والخرَفِ، ويُخاف عليه فيه أن يُخَلِّط ويرويَ ما ليس من حديثه. والناسُ في بلوغ هذا السنِّ يتفاوتون بحسب اختلاف أحوالهم. وهكذا إذا عَمِيَ خاف أن يُدخَل عليه ما ليس من حديثه، فليُمسِكْ عن الرواية.
وقال " ابن خلاد ": " أعجبُ إليَّ إن يمسكَ في الثمانينَ؛ أنه حَدُّ الهرم، فإن كان عقلهُ ثابتًا ورأيُهُ مجتمعًا يُعرفُ حديثَه ويقوم به، وتحرَّى أن يُحدِّثَ احتسابًا؛ رجوت له خيرًا "(2).
ووَجْهُ ما قاله، أن من بلغ الثمانينَ ضعُفَ حالُه في الغالب، وخيف عليه الاختلالُ والإخلالُ، وألا يُفطَنَ له إلا بعد أن يخلط، كما اتفق لغير واحد من الثقات، منهم:" عبدالرزاق، وسعيد بن أبي عروبة (3) " وقد حدَّث خلقٌ بعد مجاوزة هذا السن فساعدهم التوفيق وصحبتهم السلامة، منهم:" أنسُ بن مالك، وسهل بن سعد وعبدالله بن أبي أوفى " من الصحابة، و " مالك، والليث، وابن عيينة، وعلي بن الجعد " في عدد جَمٍّ من المتقدمين والمتأخرين، وفيهم غيرُ واحد حدثوا بعد استيفاء مائةِ سنة، منهم:" الحسنُ بن عرفة، وأبو القاسم البغوي، وأبو إسحاق الهُجَيمي، والقاضي أبو الطيب الطبري "(4) رضي الله عنهم أجمعين -. والله أعلم.
ثم إنه لا ينبغي للمُحدِّث أن يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك. وكان " إبراهيم، والشعبي " إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشيء. وزاد بعضهم فكره الرواية ببلد فيه من
(1) في (ص): [وهو] ولا يطمئن به السياق.
(2)
من المحدث الفاصل: 354 ف 289 بتصرف يسير. وقابل على (الإلماع: 204).
وعلى هامش (غ): [قال الشاعر:
إن الثمانين - وبُلِّغتَها - ................................................ قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
وبدلتني بالشطاط انحنا ................................................ وكنت كالصعدة تحت السنان
ولم تدع فيَّ لمستمتع ................................................. إلا لساني وبحسبي لسان]
وهي في (الإلماع: 120).
والأبيات من قصيدة مطولة، لأبي المحلم " عوف بن المحلم، الخُزاعي " شاعر عباسي مجيد، كان منقطعًا لآل طاهر بن الحسين. ت سنة 214 هـ في عهد المأمون. انظرها في (الأغاني 4/ 145) و (رسالة الغفران: 576) ط الذخائر. مع تخريجها على هامش الإلماع: 210.
(3)
معهما غيرهما في (الكفاية: باب ما جاء في ترك السماع ممن اختلط وتغير) 135 - 137.
(4)
الإلماع: 207.
المحدثين مَن هو أولى منه لسِنِّه أو لغير ذلك. روينا عن " يحيى بن معين " قال (1): " إذا حدثتُ في بلدٍ فيه مثلُ " أبي مسهر " فَيجب للحيتي أن تُحلَق " وعنه أيضًا: " إن الذي يُحدث بالبلدة وفيها من هو أولى بالتحديث منه، أحمق "(2).
وينبغي للمحدث إذا التُمِسَ منه ما يعلمه عند غيره في بلده أو غيره بإسنادٍ أعلى من إسناده أو أرجحَ من وجهٍ آخر، أن يُعلم الطالب به [70 / ظ] ويرشده إليه، فإن الدين النصيحة. ولَا يمتنع من تحديث أحد لكونه غير صحيح النيَّةِ فيه، فإنه يُرجى له حصولُ النيةِ من بعد. روينا عن " معمر " قال: كان يقال: " إن الرجل ليطلب العلم لغير الله، فيأبى عليه العلمُ حتى يكونَ لله عز وجل "(3). وليكن حريصًا على نشره مبتغيًا جزيلَ أجره. وقد كان في السلف رضي الله عنهم من يتألف الناسَ على حديثه، منهم " عروةُ بن الزبير " رضي الله عنهما. والله أعلم.
وليقتدِ بمالكٍ رضي الله عنه فيما أخبرناه " أبو القاسم الفراوي " بنيسابور قال: " نا أبو المعالي الفارسي، قال: أنا أبو بكر البيهقي الحافظ، قال: أنا أبو عبدالله الحافظ،
(1) على هامش (ص):
ولابن معين في الرجال مقالة ................................................. سيُسأل عنها والمليك شهيدُ
فإن تك حقا فهي لا شك غيبة ................................................ وإن كان زورًا فالعقاب شديد
أنشدهما كمال الدين بن العقيمي]. ولا يبدو لهما في المتن محل شاهد.
وهما في (الجامع لابن عبدالبر) لبكر بن حماد، ومعهما فيه معارضات للشعرءا في الرد عليهما (2/ 125 - 127) وأسندهما الخطيب في الكفاية إلى بكر بن حماد، في أربعة أبيات نظمها في أقول يحيى بن معين في الجرح، مع خلاف يسير في الألفاظ، في روايات البيتين. وبكر بن حماد، ذكره أبو الوليد ابن الفرضي في ترجمة أبي جعفر المليلي، قاضيها للناصر. (تاريخ علماء الأندلس 1/ 61 / 202) ط المصرية 1966 م.
(2)
ابن أبي حاتم، بإسناده عن يحيى بن معين في ترجمة أبي مسهر الغساني عبدالأعلى بن مسهر الدمشقي عالمها (مقدمة الجرح والتعديل 1/ 285).
(3)
على هامش (غ) بخط ابن الفاسي: [قال شيخنا أبو بكر: فيما قاله نظر مما حكى عن معمر؛ فقد منع الغزالي ذلك وحمل قول ابن معين وغيره من العلماء على تأويل. والذي قاله - ابن الصلاح - أيضًا لا بد فيه من تفصيل؛ فإنه ينبغي أن يكون ذلك عند الاستواء فيما عدا الصفة المرجحة، علو الإسناد، فأما مع التفاوت بأن يكون الأعلى إسنادا عاميا لا معرفة له بالصنعة، والأنزل إسنادا عارف ضابط؛ فهذا ينظر فيه بالنسبة إلى الإرشاد المذكور لأنه قد يكون في الرواية عن هذا الشخص العامي ما يوجب خللا].
قال: أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني (1) قال: نا جَدِّي قال: نا إسماعيل بن أبي أُوَيس، قال: كان مالك بن أنس إذا أراد أن يحدِّث توضأ، وجلس على صدر فراشه، وسرح لحيته، وتمكن في جلوسه بوقارٍ وهيبة، وحدَّث، فقيل له في ذلك فقال: أحب أن أعظم حديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحدِّث إلا على طهارة متمكنا " وكان يكره أن يُحدث في الطريق أو وهو قائم، أو يستعجل، وقال: " أحب أن أتفهم ما أحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " (2) ورُوِيَ أيضًا عنه أنه كان يغتسل لذلك ويتبخَّر ويتطيب، فإن رفع أحد صوته في مجلسه زجره [و] (ت. ع) قال: " قال الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ "، فمن رفع صوتَه عند حديثِ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكأنما رفع صوته فوق صوتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم " (3).
وروينا - أو بلغنا - عن " محمد بن أحمد بن عبد الله الفقيه "(4) أنه قال: " القارئ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام لأحد فإنه تُكتب عليه خطيئة ".
ويستحب له مع أهل مجلسه، ما ورد عن " حبيب بن أبي ثابت " أنه قال:" إن من السُّنةِ إذا حدث الرجلُ القومَ أن يُقبِل عليهم جميعًا ". والله أعلم.
ولا يسرد الحديث سَردًا يمنع السامعَ من إدراك بعضه. (5) وليفتتح مجلسَه وليختمه بذكرٍ
(1) على هامش (ص، غ): [الشعراني، بفتح الشين، نسبة إلى الشعر: والمراد به " الفضل " جده، كان يرسل شعره]. قاله في (اللباب 2/ 21) وإسماعيل بن محمد بن الفضل، أبو الحسن الشعراني - 317 هـ - حدث عن جده أبي محمد الفضل بن محمد الشعراني (252 هـ).
(2)
المحدث الفاصل: من كره أن يحدث حتى يتطهر، بإسناد ابن خلاد عن أبي سلمة الخزاعي، منصور بن سلمة البغدادي، من أصحاب الإمام مالك (85 هـ) وترتيب المدارك: 2/ 14 - 16، وأدب الإملاء، بإسناد السمعاني عن أبي مصعب الزهري (46 - 48).
(3)
سورة الحجرات، من الآية 2. وانظر ترتيب المدارك 2/ 26 وأدب الإملاء للسمعاني، وتذكرة السامع للبدر ابن جماعة، فصل 2/ 31.
(4)
أبو زيد المروزي - 371 هـ - (تقييد ابن نقطة 18، وتهذيب النووي 2/ 334 / 350).
(5)
هذه الجملة والتي بعدها، نقلنا في (ص) من موضعهما هنا، إلى آخر صيغة الدعاء، بعد قوله:[أن يسأله السائلون].
Q ( ت. ع) قلت: ما بين المعقوفتين زيادة مستدركة من " مقدمة ابن الصلاح "(1/ 137). والله أعلم.
ودعاء يليق بالحال. ومن أبلغ ما يفتتح به أن يقول: " الحمد لله رب العالمين أكمَل الحمدِ على كل حال، والصلاة والسلام الأتَمَّانِ على سيد المرسلين كلما ذكره الذاكرون، وكلما غفل عن ذكره الغافلون؛ اللهم صلِّ عليه وعلى آله وسائر النبيين، وآل ِ كلٍّ، وسائر الصالحين، نهايةَ ما ينبغي أن يسأله السائلون ". *
ويُستحب للمحدِّث العارف، عقدُ مجلس ِ لإملاء الحديث؛ فإنه من أعلى مراتب الراوين، والسماعُ فيه من أحسن وجوه التحمل وأقواها. وليتخذْ مستمليًا يبلغ عنه إذا كثر الجمعُ (1)؛ فذلك دأب أكبار المحدِّثين المتصدِّين لمثل ذلك. وممن رُوِي عنه ذلك " مالك، وشعبة، ووكيع، وأبو عاصم، ويزيد بن هارون " في عدد كثير من الأعلام
(1) في أدب الإملاء للسمعاني: " فإن تكاثر الجمع بحيث لا يُكتفى بمستمل ٍ واحد؛ اتخذ مستمليين فأكثر. " وذكر من ذلك أن مجلس أبي مسلم الكجي، وكان فيه سبعة مستملين، وحُزِر من كتبوا عنه، بمحابرهم، نيفًا وأربعين ألف محبرة. ومثله في ترجمة أبي مسلم الكجي. أسنده ابن نقطة عن الخطيب (ل 68).
وروى السمعاني من ذلك أيضًا: أن مجلس عاصم بن علي، أبي الحسن الواسطي بمسجد الرصافة، كان يحزر بأكثر من مائة ألف. وانظره في (تهذيب التهذيب 5 (49/ 81).
(2)
الذي في ترجمة الإمام مالك بترتيب المدارك (2/ 26) أنه لما كثر الناس عليه في مجلسه بالروضة الشريفة، فقيل له: لو جعلت مستمليا يسمع الناس؟ فتلا الآية: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ " وقال: وحرمته حيا كحرمته ميتا ". ومثله في أدب الإملاء، السمعاني 45 - 46.
_________
* المحاسن:
" فائدة: وفي التحميد سنن مشهورة ينبغي اتباعها، وكذلك يتبع السنة الصحيحة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، قد نبه على هذا " النووي " وغيره. انتهت " 81 / و.
_________
- قال النووي في التقريب: " ويستنصت المستملي الناس بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئًا في القرآن، ثم يبسمل ويحمد الله تعالى ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتحرى الأبلغ فيه. " 2/ 134.
ونقل السيوطي من (الروضة) قول النووي عن جماعة من علماء الخراسان: إن أبلغ ألفاظ الحمد: " الحمد لله حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده ". قال: ليس لذلك دليل يعتمد. " وعقب السيوطي: قال البلقيني: بل الحمد لله رب العالمين؛ لأنه فاتحة الكتاب وآخر دعوى أهل الجنة، ينبغي الجمع بينهما (تدريب الراوي 2/ 135).
السالفين. وليكن مستمليه محصِّلا متيقظًا كيلا يقع في مثل ما روينا أن يزيد بن هارون سئل عن حديث فقال: حدثنا به عِدَّةٌ. فصاح به مستمليه: يا أبا خالد، عِدَّةُ ابنُ من؟ فقال له: عدةُ ابنُ فقدتُكَ (1)!
وليستمل ِ على موضع مرتفع من كرسي أو نحوِه، فإن لم يجد استملى قائمًا. وعليه أن يتبع لفظَ المحدِّث فيؤديه على وجهه من غير خلاف. والفائدة في استملاء المستملي، توصُّلُ من يسمع لفظَ المملي على بُعدٍ منه، إلى تفهمه وتحققه، بإبلاغ المستملي. وأما من لم يسمع إلا لفظَ المستملي، فليس يستفيد بذلك جوازَ روايته لذلك عن المملي مطلقًا [71 / ظ] من غير بيانٍ للحال فيه، وفي هذا كلام قد تقدم في النوع الرابع والعشرين.
ويُستحب افتتاحُ المجلس بقراءة قارئٍ لشي من القرآن العظيم. فإذا فرغ استنصت المستملي أهلَ المجلس إن كان فيه لَغْطٌ (2)، ثم يبسمل وبحمد الله تبارك وتعالى، ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتحرى الأبلغَ في ذلك، ثم يقبل على المحدِّث ويقول: من ذكرتَ أو ما ذكرتَ، رحمك الله، أو: غفر الله لك، أو نحو ذلك. والله أعلم.
وكل ما (3) انتهى إليه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم؛ صلى عليه (4). وذكر " الخطيبُ " أنه يرفع صوته بذلك. وإذا انتهى إلى ذكر الصحابي قال: رضي الله عنه (5).
ويحسن بالمحدِّث الثناءُ على شيخِه في حالة الرواية عنه بما هو أهل له؛ فقد فعل ذلك غيرُ واحد من السلف والعلماء، كما رُوِي عن " عطاء بن أبي رباح " أنه كان إذا حدث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" حدثني البحر "، وعن " وكيع " أنه قال: " حدثنا
(1) أسنده السمعاني في أدب الإملاء، عن إسحاق بن وهب، أبي يعقوب الواسطي، من أصحاب يزيد بن هارون، الواسطي، أبي خالد السلمي.
(2)
ضبطه في (غ) بالفتح والسكون، قلما. وعلى هامشه:[قال المصنف: لغط، بالسكون، أفصح، وبالفتح أشهر.].
(3)
[وكل ما] كذا رسمُه في النسخ (غ، ص، ع) وليس الأولى.
(4)
على هامش (غ): [قال: من أحسن ما يقصد في هذا العلم، التعبد بكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما تكرر ذكره. ويحتاج ذلك أن يكون مقصودًا عند اللفظ به، ولا يخرج على وجه العادة].
(5)
أضاف على هامش (غ): [زاد " النواوي " في (مختصره): فإن كان ابنَ صحابي قال: رضي الله عنهما]. (متن التقريب، مع تدريب الراوي 2/ 136).
سفيان، أمير المؤمنين في الحديث ". وأهم من ذلك الدعاءُ له عند ذكره، فلا يغفلن عنه (1).
ولا بأسَ بذكرِ من يروي عنه، بما يعرف به من لقب كـ " غُندر " لقب محمد بن جعفر صاحب شعبة، و " لُوَيْن " لقب محمد بن سليمان المصيصي، أو نسبةٍ إلى أمٍّ عُرف بها، كـ " يعلى بن مُنْيةَ " الصحابي، وهو ابن أمية - و " مُنيةُ " أمُّه، وقيل جدته أم أبيه (2) - أو وصفٍ بصفةِ نقص ٍ في جسَدِه عُرف به كـ " سليمان الأعمش "، و " عاصم الأحول " إلا ما يكرهه من ذلك، كما في " إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن عُلَية " وهي أمُّه وقيل أم أمه. روينا عن " يحيى بن معين " أنه كان يقول:" حدثنا إسماعيل بن عُلَيّة " فنهاه " أحمدُ بن حنبل " وقال: قلْ: إسماعيل بن إبراهيم؛ فإنه بلغني أنه كان [72 / و] يكره أن يُنسب إلى أمه، فقال: قد قبلنا منك يا معلم الخير.
وقد استُحِبَّ للمُملي أن يجمع في إملائه بين الرواية عن جماعةٍ من شيوخه مقدمًا للأعلى إسنادًا، أو الأوْلَى من وجهٍ آخر، ويملي عن كل شيخ منهم حديثًا واحدًا ويختار ما علا سندُه وقصُر متنُه؛ فإنه أحسنُ وأليَق، وينتقي ما يمليه ويتحرى المستفادَ منه، وينبه على ما فيه من فائدة وعلوٍّ وفضيلة، ويتجنب ما لا تحتمله عقولُ الحاضرين، وما يخشى فيه من دخول الوهم عليهم في فهمه.
وكان من عادة غير واحد من المذكورين، ختمُ الإملاء بشيءٍ من الحكايات والنوادر
(1) نقل فيه السمعاني: " ويُكره أن يدعو للشيخ بطول البقاء؛ فإن السلف كرهوا ذلك " وأسند عن أبي زرعة الدمشقي، قال: سمعت أبا مسهر يقول: قال رجل لسعيد بن عبدالعزيز، بن أبي يحيى: أطال الله بقاءك. فغضب وقال: بل عجل بي إلى رحمته، وعن عبدالله بن أحمد، قال: كان أبي إذا دُعي له بالبقاء يكرهه ويقول: هذا شيء قد فرغ منه، ثم أسند عن الأعمش عن إبراهيم النخعي قال:" كانوا يقولون: رحمنا الله وإياكم وغفر لنا ولكم. " أدب الإملاء 100 - 101.
(2)
قال العراقي: " رجح المصنف هنا أن منية أم يعلى. واقتصر في النوع السابع والخمسين على كونها جدته، وحكاه عن الزبير بن بكار، وأنها جدته أم أبيه. وما قاله الزبير هو الذي جزم به أبو نصر ابن ماكولا. ولكن قال ابن عبدالبر: لم يُصب الزبير. " التقييد والإيضاح 249.
وقوبل على: (الإكمال لابن ماكولا: 7/ 296، والاستيعاب: 4/ 1586 ت 2815، ومشارق الأنوار للقاضي عياض: 1/ 396).
والإنشادات بأسانيدها، وذلك حسن *.
وإذا قصَّر المحدثُ عن تخريج ما يمليه فاستعان ببعض حُفَّاظ وقتِه فخرَّج له فلا بأس بذلك. قال " الخطيبُ ": كان جماعة من شيوخنا يفعلون ذلك (1).
وإذا نجِز (2) الإملاءُ، فلا غنى عن مقابلته وإتقانه وإصلاح ِ ما فسد منه بزيغ القلم وطغيانه.
هذه عيونُ من أداب المحدِّث اجتزأنا بها، معرضين عن التطويل بما ليس من مهماتها، أو هو ظاهر ليس من مشتبهاتها. والله الموفق، وهو أعلم (3).
(1) الكفاية: (في جواز استثبات الحافظ ما شك فيه) ويليه (باب ذكر الرواية عمن قال: ثنا فلان، وثبتني فلان) 216 - 217.
(29 ضبطه على هامش (ص، غ): [قال المؤلف: نجِز، بكسر الجيم، معناه: انقضى، وأما بالفتح كما تقول العامة فمعناه حضر. وليس هذا موضعه. والله أعلم]. وأضاف في (غ): [قال " الجوهري ": نجز الشيء، بالكسر، ينجز نجزا: أي انقضى وفنى، ونجز حاجتَه، بالفتح، ينجز بالضم: قضاها. زاد " ابن القطاع " في (الأفعال): نجز الشيء نجازا: حضر، وأيضا ذهب. نقلته من خط شيخنا أبي بكر.].
قال العراقي: قوله: نجِز، هو بكسر الجيم على المشهور، وبه جزم الجوهري فقال: نجِز الشيء بالكسر ينجِز نجزًا، انقضى وفنى. وهذا هو الذي قيَّد عن المصنف في حاشية علوم الحديث حين قرئ عليه. والذي صدر به صاحب المحكم كلامه، بالفتح، فقال: نجَز الكلام، بالفتح، انقطع ونجز الوعد ينجز نجزا حضر. قال: وقد يقال: نَجِز. قال ابن السكيت: كأن نَجِزَ فنى، وكأن نَجَزَ قضى حاجته. انتهى " التقييد والإيضاح 250.
(3)
من (غ، ز، ع) وفي (ص): [والله أعلم] وعلى هامش (غ) بخط ابن الفاسي: بلغ السماع بقراءتي على شيخنا أبي محمد ابن المنير. وسمعه شرف الدين بن المرحل وزين الدين بن رستم، وأخي أبو البركات محمد، وذلك في المجلس الرابع، يوم الأربعاء الخامس والعشرين من شوال سنة
…
وسبعماية، بمنزلة بثغر الإسكندرية. قاله وكتبه محمد بن محمد الفاسي.].
_________
* المحاسن:
" زيادة: وأَوْلاها، ما في الزهد ومكارم الأخلاق. انتهت " 81 / ظ.
_________
- قال السمعاني: ومما تختم به المجالس للترويح الأناشيد والأشعار. وأسند عن عروة بن الزبير عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الشعر كلام، حسَنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيحه " وعن عمر رضي الله عنه قال: " تعلموا الشعر فإن فيه محاسن تبتغى ومساوئ تُنتقى، وحكمة للحكماء ويدل على مكارم الأخلاق " وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " إذا قرأتم شيئًا من القرآن فلم تدروا ما تفسيره؛ فالتمسوه في الشعر فإنه ديوان العرب " أدب الإملاء 70 - 71.
النوع الثامن والعشرون:
معرفة آدابِ (1) طالبِ الحديث.
وقد اندرج طرفٌ منه في ضمن ما تقدم.
فأول ما عليه: تحقيقُ الإِخلاص والحَذَرُ من أن يتخذه وُصْلةً إلى شيء من الأغراض الدنيوية. روينا عن " حماد بنِ سلمةَ " رضي الله عنه أنه قال: " من طلب الحديثَ لغير الله؛ مُكِرَ به (2) " وروينا عن " سفيانَ الثوري " رضي الله عنه قال: " ما أعلم عملا هو أفضلُ من طلبِ الحديث لمن أراد اللهَ به " وروينا نحوَه عن " ابن المبارك " رضي الله عنه.
ومن أقرب الوجوه في إصلاح النيةِ فيه، ما روينا عن " أبي عَمرو إسماعيلَ بن نجيد " أنه سأل أبا جعفر أحمد بن حمدانَ، وكانا عبدين صالحين، [72 / ظ] فقال له: بأي نية أكتب الحديث؟ فقال: ألستم تروون أنه عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة؟ قال: نعم. قال: فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأسُ الصالحين (3).
وليسأل الله تبارك وتعالى التيسيرَ والتأييد والتوفيق والتسديد، وليأخذ نفسه بالأخلاق الزكية والآدب المرضية. فقد روينا عن " أبي عاصم النبيل " قال:" من طلب هذا الحديثَ فقد طلب أعلى أمورِ الدين؛ فيجب أن يكون خيرَ الناس ".
وفي السِّنِّ التي يُستَحبُّ فيها الابتداءُ بسماع الحديث وبِكَتْبِه اختلافٌ سبق بيانُه في أول النوع الرابع والعشرين.
(1) في متن (ص، غ، ع) وبهامش (غ): [آداب / صح ش] أصل الشيخ شمي الدين ابن جميل. وهو ما في فهرسة ابن الصلاح، بالمدخل، وتقريب النووي، وتقييد العراقي.
(2)
أسنده ابن عبدالبر عن يعقوب بن إسماعيل الحضرمري، قال: سمعت حماد بن سلمة يقول / فذكره (جامع بيان العلم 1/ 191).
(3)
وانظر في المحدث الفاصل (باب النية فيه): 182.
وإذا أخَذ فيه فليشمِّرْ [عن (1)] ساق جهده (2) واجتهاده، ويبدأ بالسماع من أسنَدِ شيوخ مِصره، ومن الأوْلى فالأوْلى من حيث العلمُ أو الشهرةُ أو الشرفُ أو غير ذلك.
وإذا فرغ من سماع العوالي والمهماتِ التي ببلده، فليرحَلْ إلى ما غيره، رُوِّينا عن " يحيى بن معين " أنه قال:" أربعة لا تُؤنِسْ منهم رشدًا: حارس الدرب، ومنادي القاضي، وابن المحدِّث، ورجل يكتب في بلدِه ولا يرحلُ في طلب الحديث "(3).
وروينا عن " أحمدَ بنِ حنبل " رضي الله عنه أنه قيل له: أيرحل الرجلُ في طلب العلو؟ فقال: " بلى والله شديدًا. لقد كان علقمةُ والأسودُ يبلغهما الحديثُ عن عمر رضي الله عنه فلا يقنعهما حتى يخرجا إلى عمرَ فيسمعانه منه "(4). والله أعلم.
وعن " إبراهيمَ بن أدهم " رضي الله عنه قال: " إن الله تعالى يدفع (5) البلاءَ عن هذه الأمة برحلة أصحابِ الحديث ".
ولا يحملنه الحرصُ والشرهُ على التساهل في السماع والتحمُّل ِ، والإِخلال ِ بما يُشترط عليه في ذلك، على ما تقدم شرحُه.
وليستعملْ ما يسمعُه من الأحاديثِ الواردة بالصلاة والتسبيح وغيرهما من الأعمال الصالحة، فذلك زكاةُ على ما روينا (6) عن العبد الصالح " بشر بن الحارث الحافي " رضي الله عنه. وروينا عنه أيضًا أنه قال:" يا أصحابَ الحديث أدُّوا زكاةَ هذا الحديث، اعملوا من كل مائتي حديثٍ بخمسة أحاديث ". وروينا عن " عمرو بن قيس الملائي " رضي الله عنه قال: " إذا بلغك شيء من الخير فاعمل به ولو مرةً؛ تكن من أهله ".
(1) في (غ): [على ساق] وما هنا من (ص، ز، ع).
(2)
ضبطه بالضم والفتح معًا في متن (غ) ضبط قلم ونقل على هامشه:
[الجهد، بفتح الجيم: المشقة، وقيل: بالضم. والجهد، بالضم: الطاقة. كذا وجدته بخط شيخنا.] والذي في (القاموس): الجهد، بالفتح: الطاقة، ويضم: المشقة.
(3)
أسنده الحاكم عن يحيى في (علوم الحديث: 9) والخطيب في (الرحلة في طلب الحديث: 89).
(4)
[فيسمعانه](غ، ص، ز، ع) وفوقها في (غ): كذا.
(5)
في (غ، ص، ع): [يدفع].
وأسند الخطيب عن ابن أبي حاتم، قال: بلغني أن إبراهيم بن أدهم، قال:" إن الله يرفع البلاء " بالراء، في مطبوعة (الرحلة: 89 - 90).
(6)
من (ص، ع) وفي (غ): رويناه.
وروينا عن " وكيع " قال: " إذا أردت أن تحفظ الحديث فاعمل به ".
وليعظم شيخَه ومن يسمع منه؛ فذلك من إجلال الحديث والعلم. ولا يثقل عليه ولا يُطَوِّلْ بحيث يُضْجِرُه (1)؛ فإنه يُخشَى على فاعل ذلك أن يُحرَمَ الانتفاعَ. وقد روينا عن " الزهري " أنه قال: " إذا طال المجلس؛ كان للشيطان فيه نصيب "(2).
ومن ظفر من الطلبة بسماع شيخ فكتمه غيرَه لينفرد به عنهم، كان جديرًا بألا ينتفع به، وذلك من اللؤم الذي يقع فيه جَهَلةُ الطلبة الوضعاء. ومن أول فائدة طلبِ الحديث الإفادةُ. روينا عن " مالك " رضي الله عنه أنه قال:" من بركةِ الحديثِ إفادةُ بعضِهم بعضًا ". وروينا عن " إسحاق بن إبراهيم بنِ راهويه "(3) أنه قال لبعض من سمع منه في جماعة: " انسخْ من كتابهم ما قد قرأت. فقال: إنهم لا يمكنونني. قال: إذًا واللهِ لا يلفحون، قد رأينا أقوامًا منعوا هذا السماعَ فواللهِ ما أفلحوا ولا أنجحوا ".
قلتُ: وقد رأينا نحن أقوامًا منعوا السماعَ فما أفلحوا ولا أنجحوا، ونسأل الله العافيةَ. والله أعلم (4).
(1) الضبط من (ص) وضبطه في (غ) ثلاثيًّا متعديًا. والذي في (القاموس): ضجر منه، وبه - كفرح - وتضجر: تبرم. وأضجرته فأنا مضجر. وانظر معه في جامع بيان العلم (باب حمد السؤال والإلحاح في طلب العلم)(1/ 87).
(2)
قال العراقي: روينا عن محمد بن سيرين أنه سأله رجل عن حديث وقد أراد أن يقوم، فقال:
إنك إن كلفتَني ما لم أطِقِ ........................................................ ساءك ما سرك من خلقي
(التبصرة: 2/ 229).
(3)
على هامش (غ): [أبو يعقوب إسحاق بن راهويه: ولد سنة إحدى وستين - وقيل ست وستين - ومائة. سكن نيسابور وبها مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. قاله الشيرازي.].
تمام اسمه: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم الحنظلي. حديثه عند الستة.
(4)
على هامش (غ): [قال الشيخ تقي الدين: من أحسن ما يقصد في هذا العلم قصد الانتفاع والنفع للغير كما قال " ابن المبارك " وقد استكثر كثرة الكتابة منه: " لعل الكلمة التي منها نجاتي لم أسمعها إلى الآن " - أو كما قال -. ولا خفاء بما في تبليغ العلم من الأجر، لا سيما وبرواية الحديث يدخل الراوي في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها] الطرة بنصِّها من (الاقتراح 263). والحديث أخرجه ابن عبدالبر من عدة طرق في (الجامع 1/ 40، 2/ 124) وانظر معه باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " رب مبلغ أوعى من سامع " في كتاب العلم من صحيح البخاري (فتح الباري 1/ 116) والجامع. وانظر ترجمة عبدالله بن المبارك بسير أعلام النبلاء (8/ 360).
ولا يكنْ ممن يمنعه الحياءُ أو الكِبْرُ عن كثير من الطلب، وقد روينا عن " مجاهد " رضي الله عنه أنه قال:" لا يتعلمُ العلمَ مستحي ٍ ولا مستكبر "(1). وروينا عن " عمر بن الخطاب وابنِه " رضي الله عنهما أنهما قالا: " من رقَّ وجهُه رقَّ علمُه ".
ولا يأنف من أن يكتب عمن دونه ما يستفيده منه. روينا عن " وكيع بن الجراح " رضي الله عنه أنه قال: " لا ينبل الرجل من أصحاب الحديث حتى يكتب عمن هو فوقَه وعمَّن هو مثلُه، وعمن هو دونَه ".
وليس بموفقٍ من ضيَّع [73 / ظ] شيئًا من وقته في الاستكثار من الشيوخ لمجرد اسم الكثرة وصيتها. وليس من ذلك قولُ " أبي حاتم الرازي ": " إذا كتبتَ فقمِّش، وإذا حدثتَ ففَتِّشْ "(2).
وليكتبْ وليسمع ما يقع إليه من كتاب أو جزء على التمام، ولا ينتخبْ؛ فقد قال " ابنُ المبارك " رضي الله عنه:" ما انتخبتُ على عالم قط إلا ندمت (3) ". وروينا عنه (4) أنه قال: لا يُنتخَب على عالم إلا بذنب. وروينا - أو بلغنا - عن " يحيى بن معين " أنه قال: " سيندم المنتخِبُ في الحديث حين لا تنفعه الندامة ".
فإن ضاقت به الحالُ عن الاستيعاب، وأُحوِجَ إلى الانتقاء والانتخاب، تولى ذلك بنفسِه إن كان أخلا مميزًا عارفًا بما يصلح للانتقاءِ والاختيار. وإن كان قاصرًا عن ذلك، استعان ببعض الحفاظ لينتخب له. وقد كان جماعةٌ من الحفاظِ مُتصدين للانتقاء على الشيوخ، والطلبةُ تسمع وتكتب بانتخابهم، منهم:" إبراهيمُ بن أُرمةَ الأصبهاني، وأبو عبدالله الحسين بن محمد المعروف بِعُبيدٍ العجل ِ، وأبو الحسن الدارقطني، وأبو بكر الجِعابِيِّ " في آخرين. وكانت العادة جاريةً برسم الحافظِ علامةً في أصل ِ الشيخ على
(1) ذكره البخاري تعليقًا في (باب الحياء في العلم) من كتاب العلم. قال ابن حجر: " و " لا " نافية لا ناهية. ولهذا كانت ميم " يتعلم " مضمومة .. وقول مجاهد هذا؛ وصله أبو نعيم في الحلية من طريق علي ابن المديني عن ابن عيينة عن منصور، عنه. وهو إسناد صحيح على شرط المصنف (فتح الباري 1/ 162).
(2)
التقميش، والقمش أيضًا: جمع الشيء من هنا وههنا (التبصرة 2/ 232).
(3)
أسند القاضي عياض عن عبدالله بن المبارك، قال:" ما انتخبت على عالم قط إلا ندمت. ومن بخل بالعلم ابتلي بثلاث: إما أن يموت فيذهب علمه، أو ينساه، أو يتبع سلطانًا ". الإلماع: 218.
(4)
من هنا، إلى قوله:[الندامة] في آخر الفقرة، سقط من متن (ص) وقد ألحق منه بهامشه، من قوله:[وروينا أو بلغنا] إلى آخر السقط.
ما ينتخبه، فكان " النُّعَيمي أبو الحسن " يُعلِّمُ بِصَادٍ ممدودة، و " أبو محمد الخلال " بطاء ممدودة، و " أبو الفضل الفلكي " بصورةِ همزتين. وكلُّهم يُعلم بِحبر في الحاشية اليمنى من الورقة. وعلَّم " الدارقطني " في الحاشية اليسرى بخطٍ عريض ٍ بالحُمرة. وكان " أبو القاسم اللالكائي الحافظ " يعلم بخط صغير بالحُمرة على أول ِ إسناد الحديث. ولا حَجْرَ في ذلك، ولكِلٍّ الخيارُ.
ثم لا ينبغي لطالبِ الحديثِ، أن يقتصرَ على سماع الحديث وكَتْبِه دون معرفته وفهمه، فيكون قد أتعب نفسَه من غير أن يظفر بطائل، وبغير أن يحصلَ في عِدادِ أهل ِ الحديث، بل لم يزد على أن صار من المتشبهين [74 / و] المنقوصينَ المتحلين بما هم منه عاطلون (1). أنشدني " أبو المظفر بنُ الحافظِ أبي سعد السمعاني " رحمه الله لَفْظًا بمدينة " مَرْوَ " قال: أنشدنا والدي لفظًا أو قراءةً عليه، قال أنشدنا محمد بن ناصر السلامي من لفظه، قال: أنشدني الأديبُ الفاضل فارسُ بن الحسين لنفسِه:
يا طالبَ العلم ِ الذي ............... ذهبتْ بمُدَّته الروايه
كنْ في الرواية ذا العنا ............. ية بالروايةِ والدرايه
وارْوِ القليل وراعِهِ .............. فالعلمُ ليس له نهايه
وليقدمْ العناية بالصحيحين، ثم بسنن أبي داوُدَ، وسننِ النسائي، وكتابِ الترمذي؛ ضبطًا لمشكلها وفهما لخفيِّ معانيها. ولا يُخدَعَنَّ عن كتابِ (السنن الكبير للبيهقي) فإنا لا نعلم مثلَه في بابِه. ثم بسائرِ ما تمس حاجةُ صاحبِ الحديث إليه من كتبِ المسانِد (2)(كمسند أحمد) ومن كتب الجوامع المصنفة في الأحكام المشتملة على المسانيد وغيرها، و (موطأُ مالكٍ) هو المقدَّمُ منها (3)، ومن كتبِ علل الحديث، ومن أجْوَدِها:(كتابُ العلل) عن أحمد بن حنبل، و (كتاب العلل) عن الدارقطني، ومن كتب معرفة الرجال وتواريخ
(1) أسند ابن خلاد إلى أبي عاصم النبيل، قال:" الرياسة في الحديث بلا دراية، رياسة نذلة "(المحدث الفاصل 253 ف 161).
(2)
في (ص): [المسانيد] وما هنا من (غ، ع).
(3)
في التبصرة، عن الخطيب البغدادي:" ثم الكتب المصنفة ككتاب ابن جريج وابن أبي عروبة وابن المبارك وابن عيينة وهشيم وابن وهب والوليد بن مسلم ووكيع وعبدالوهاب بن عطاء وعبدالرزاق وسعيد بن منصور وغيرهم. قال: وأما موطأ مالك فهو المقدم في هذا النوع ويجب أن يبتدأ بذكره على كل كتاب غيره " 2/ 240.
المحدِّثين، ومن أفضلها:(تاريخُ البخاري الكبير) وكتابُ (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم)، ومن كتب الضبط لِمُشكِلِ الأسماء، ومن أكمَلِها (كتابُ الإِكمال، لأبي نصر بن ماكولا)(1).
وليكنْ كلما مرَّ به اسمٌ مشكل، أو كلمةُ حديثٍ مشكلةٌ، بحث عنها وأودعها قلبَه؛ فإنه يجتمع له بذلك علم كثير في يُسْرٍ.
وليكن تحفظه (2) للحديثِ على التدريج قليلا قليلا مع الأيام والليالي؛ فذلك أحْرى بأن يُمتَّع بمحفوظه. وممن ورد ذلك عنه من حُفاظ الحديث المتقدمين: " شعبةُ، وابنُ عُلَيَّةَ، ومَعْمَر " وروينا عن " معمر " قال: " سمعتُ الزهريَّ يقول: من طلب [74 / ظ] العلم جملةً؛ فاتَه جُملةً. وإنما يُدْرَكُ العلمُ حديثًا وحديثين "(3) ز
وليكن الإتقانُ من شأنِه؛ فقد (4) قال " عبدُالرحمن بنُ مهدي ": " الحفظُ الإتقانُ ".
ثم إن المذاكرةَ بما يتحفظه من أقوى أسبابِ الإمتاع به. روينا عن " علقمةَ النخعي " قال: " تذاكروا الحديثَ؛ فإن حياتَه ذِكره ". وعن " إبراهيم النخعي " قال: " مَن سَرَّه أن يحفظ الحديثَ فليُحدثْ به، ولو أن يحدث به من لا يشتهيه "(5).
وليشتغلْ بالتخريج ِ والتأليفِ والتصنيف إذا استعد لذلك وتأهَّل له؛ فإنه كما قال " الخطيبُ الحافظ ": يُثَبِّتُ الحفظَ (6) ويُذَكي القلبَ ويَشْحَذُ الطبعَ، ويجيد البيانَ ويكشف الملتبس، ويُكسِبُ جميلَ الذكر، ويخلده إلى آخر الدهر. وقلَّ ما يَمْهَرُ في علم الحديثِ ويقفُ على غوامضه ويستبين الخفيَّ من فوائده، إلا من فعل ذلك.
(1) زاد في التبصرة:
في العلل: كتب ابن المديني وأبي علي النيسابوري، والتمييز لمسلم. وفي التاريخ: كتاب ابن معين، وتاريخ خليفة بن خياط، وأبي حسان الزيادي - الحسن بن عثمان - ويعقوب الفسوي وابن أبي خيثمة وأبي زرعة الدمشقي وحنبل بن إسحاق والسراج (2/ 240 - 241).
(2)
من (غ، ز، والعراقية) وفي (ص): [حفظه].
(3)
بعده في (ص): [والله أعلم].
(4)
في (ص): [فقال].
(5)
وانظر في كتاب العلم من صحيح البخاري، باب فضل من علم وعلَّم، يليه باب رفع العلم وظهور الجهل (فتح الباري 1/ 128 - 130) وباب الحث على طلب العلم وتعليمه من (الجامع لابن عبدالبر 1/ 58).
(6)
من (غ، ع، ز) وسقط من (ص).
وحدَّث " الصُّوريُّ الحافظُ، محمد بن علي " قال: " رأيتُ أبا محمد عبدَالغني بن سعيد الحافظ في المنام فقال لي: يا أبا عبدالله، خَرِّجْ وصنِّفْ قبل أن يُحالَ بينك وبينه، هذا أنا تراني قد حِيل بيني وبين ذلك ".
وللعلماء بالحديثِ في تصنيفه طريقتان:
إحداهما: التصنيفُ على الأبواب، وهو تخريجُه على أحكام الفقه وغيرِها، وتنويعه أنواعًا، وجمعُ ما ورد في كلِّ حُكم وكلِّ نوع، في بابٍ فبابٍ.
الثانية: تصنيفُه على المسانيد، وجمعُ حديثِ كلِّّ صحابيٍّ وحدَه، وإن اختلفت أنواعه. ولمن اختار ذلك أن يرتبهم على حروف المعجم في أسمائهم، وله أن يرتبهم على القبائل، فيبدأ ببني هاشم، ثم بالأقربِ فالأقرب نسبًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وله أن يُرتِّبَ على سوابق الصحابةِ، فيبدأ بالعشرة، ثم بأهل ِ بدر، ثم أهل ِ الحديبية، ثم بمن أسلم وهاجر بين الحديبية [75 / و] وفتح مكة، ويختم بأصاغر الصحابة كأبي الطفيل ونُظَرائه، ثم بالنساء، وهذا أحسن، والأولُ أسهلُ. وفي ذلك من وجوه الترتيبِ غيرُ ذلك.
ثم إن من أعلى المراتب في تصنيفه، تصنيفَه معللا؛ بأن يجمعَ في كلِّ حديثٍ طرقَه واختلافَ الرواةِ فيه، كما فعل " يعقوبُ بنُ شيبةَ " في (مُسندِه)(1).
ومما يعتنون به في التأليف جمعُ الشيوخ، أي جمع حديثِ شيوخ مخصوصين، كل واحد منهم على انفراده. قال " عثمانُ بن سعيد الدارمي ":" يقال: من لم يجمع حديثَ هؤلاء الخمسة فهو مُفْلِسٌ في الحديث: سفيان، وشعبة، ومالك، وحماد بن زيد، وابن عُيينة، وهم أصول الدين "(2).
(1) قال الخطيب في ترجمة يعقوب: وصنف مسندًا معللا إلا أنه لم يتممه. قال الأزهري: ولم يصنف يعقوب المسند كله، وسمعت الشيوخ يقولون: لم يتم مسند معلل قط. وبلغني أن يعقوب كان في منزله أربعون لحافًا أعدها لمن كان يبيت عنده من الوراقين لتبييض المسند ونقله، ولزمه على ما خرَّج من المسند عشرة آلاف دينار، قال: وقيل لي إن نسخة بمسند أبي هريرة شوهدت بمصر فكانت مائتي جزء. قلت: والذي ظهر ليعقوب: مسند العشرة، وابن مسعود وعمار وعتبة بن غزوان والعباس، وبعض الموالي. هذا الذي رأينا من مسنده فحسب ".
(تاريخ بغداد: 14/ 281 ت 7575، وتقييد ابن نقطة ل 167 من طريق الخطيب).
(2)
ترتيب المدارك (1/ 157) وانظر معه مقدمة ابن أبي حاتم لكتابه (الجرح والتعديل 1/ 10 - 11).
وأصحابُ الحديث يَجمعون حديثَ خلقٍ كثير، غير الذين ذكرهم " الدارِميُّ " منهم:" أيوبُ السختياني، والزهري، والأوزاعي ". ويجمعون أيضًا التراجم، وهي أسانيد يخصون ما جاء بها بالجمع والتأليف، مثل: ترجمة مالك عن نافع عن ابنِ عمر، وترجمة سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، وترجمة هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، في أشباهٍ لذلك كثيرةٍ. ويجمعون أيضًا أبوابًا من أبواب الكتب المصنفة الجامعةِ للأحكام، فيفردونها بالتأليف فتصير كتبًا مفردة، نحو: باب رؤية الله عز وجل، وباب رفع اليدين، وباب القراءة خلف الإمام، وغير ذلك. ويفردون أحاديثَ، فيجمعون طُرقَها في كتب مفرَدة، نحو: طرق حديثِ قبض العلم، وحديثِ الغُسل يومَ الجمعة، وغير ذلك.
وكثيرٌ من أنواع كتابِنا هذا، قد أفردوا أحاديثَه بالجمع والتصنيف.
وعليه في كلِّ ذلك، تصحيحُ القَصْدِ والحذرُ من قصدِ المكاثرة ونحوه. بلغنا عن " حمزةَ بنِ محمد الكِنانيِّ " أنه خرَّج حديثًا واحدًا من نحو مائتي طريق، فأعجبه ذلك، فرأى " يحيى بنَ معين " في منامِه فذكر له ذلك [75 / ظ] فقال له: أخشى أن يدخل هذا تحت " أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ "(1).
ثم ليحذرْ أن يُخرِجَ إلى الناس ما يصنفه، إلا بعد تهذيبه وتحريره وإعادة النظر فيه وتكريرِه، وليتَّقِ أن يجمع ما لم يتأهلْ بعدُ لاجتناءِ ثمرته واقتناص فائدةِ جمعهِ، كيلا يكونَ حُكْمهُ ما رويناه عن " علي ابن المديني " قال:" إذا رأيتَ الحَدَثَ (2) أول ما يكتب الحديثَ يجمع حديثَ الغُسْل ِ وحديثَ: مَنْ كَذب؛ فاكتبْ على قَفَاه: لا يُفلِح ".
(1) أسنده ابن عبدالبر عن حمزة، في باب ذم الإكثار من الحديث دون التفهم له والتفقه فيه (الجامع 2/ 132) ونقله الذهبي عن ابن عبدالبر بمثل إسناده في الجامع، في ترجمة حمزة بن محمد بن علي الكناني (تذكرة الحفاظ 3/ 933).
(2)
في (ص): [الحديث] ولا يصح به السياق، ويعني بحديث: من كذب، الحديث المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار ".
ثم إن هذا الكتابَ مَدخلٌ إلى هذا الشأن، مُفصِحٌ عن أصوله وفروعِه، شارع لمصطلحاتِ أهلِه ومقاصدهم ومهماتهم التي ينقص المحدِّثُ بالجهل بها نقصًا فاحشًا، فهو - إن شاء الله - جدير بأن تقدمَ العنايةُ به، ونسأل الله سبحانه فضلَه العظيم *. وهو أعلم (1).
(1) على هامش (غ) بخط ابن الفاسي: بلغت سماعًا بقراءتي في المجلس السابع عشر.
_________
* في تضمين المحاسن، قال البلقيني:
" وأنواع علوم الحديث ينبغي أن تقدم العناية بمعرفتها. والمدخل في ذلك كتاب ابن الصلاح الذي ضمناه محاسن الاصطلاح " 84 / و.