الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محاسن الاصطلاح وما عليها
.
كتابه (محاسن الاصطلاح وتضمين علوم الحديث لابن الصلاح) من مصنفاته القليلة التي أكملها. وهو مذكور له عند أكثر مترجميه: الشهاب ابن حجر في المجمع المؤسس، والتقي الفاسي في ذيل التقييد، والتقي ابن فهد في ذيل تذكرة الحفاظ، والجلال السيوطي في طبقات الحفاظ وذيل التذكرة، ونقل من المحاسن كثيرا في تدريب الراوي، كما نقل منها الشمس السخاوي في (فتح المغيث)، وذكروها له في تراجم من قرأوها عليه من أعيان أصحابه .. ومنهم:
" الصلاح الحنبلي، محمد بن محمد بن سالم المصري الفقيه ".
برع في المذهب وأفتى ودرَّس بالظاهرية البرقوقية، وتعين لقضاء الحنابلة. قرأ (محاسن الاصطلاح) على شيخه السراج البلقيني في سنة تسعين وسبعمائة، وأجازه وكتب له خطه بصحة القراءة والسماع مع الإِجازة على نسختنا الموثقة المعتمدة أصلاً للمحاسن.
أرخ الحافظ ابن حجر وفاته في الإِنباء، سنة (795 هـ).
" البدر السبكي، محمد بن محمد بن عبدالبر الخزرجي المصري الشافعي " الفقيه المدرس الخطيب. قال السخاوي في ترجمته أنه قرأ على السراج البلقيني كتابه محاسن الاصطلاح (803 هـ).
" ابن حبيب الحلبي، بدرالدين طاهر بن زين الدين الحسين بن عمر " الأديب الناثر الناظم. قُرِّر موقعا بديوان الإِنشاء بحلب، ثم سكن القاهرة وولي عدة وظائف. وشرح البردة، وذيل على تاريخ أبيه، ونظم تلخيص المفتاح وغيره. " وأحسنُ ما نظم محاسنُ الاصطلاح للبلقيني ". قاله ابن حجر في الإِنباء. مولده بعد الأربعين وسبعمائة، وتوفي سنة 808 هـ.
تأتي منظومته مع المحاسن.
" ابن قارئ الهداية، سراج الدين، عمر بن علي بن فارس الكانني القاهري الحسيني - منزله بالحسينية، بها - الحنفي الإِمام " تفقه بأبيه وبالسراج البلقيني وقرأ عليه (محاسن الاصطلاح)، وسمع عليه الصحيحين. ولازم الزين العراقي في ألفيته وشرحها. وانتهت إليه رياسة المذهب بعد أبيه قارئ الهداية - في فروع الحنفية للإِمام البرهان المَرْغيناني الفرعاني، 593 هـ - (1).
" ابن عَمَّار، شمس الدين محمد بن عمار بن محمد المصري المالكي الفقيه الإِمام " من أعيان أصحاب الشيخ، أخذ عنه وقرأ عليه كتاب (محاسن الاصطلاح)، وقرأ على العراقي نكته على كتاب ابن الصلاح. مولده في حدود الستين وسبعمائة، وتوفي سنة (844 هـ).
" العز ابن الفرات، عبدالرحمن ابن المؤرخ ناصرالدين محمد بن علي بن الفرات القاهري الحنفي " حضر دروس البلقيني الكثيرة في التفسير والحديث، ومما أخذه عنه بعض (محاسن الاصطلاح) وقرأ على العراقي شرحه لألفية الحديث ونُكته على ابن الصلاح، وأذن له إقرائها. (759 - 851 هـ).
قال في المجمع المؤسس إنه قرأ على الشيخ تواليفه. وذكر محاسن الاصطلاح وقال: " اختصر فيه كتاب ابن الصلاح، وزاد فيه أشياء من إصلاح ابن الصلاح لمغلطاي فنبَّه على بعض أوهام لمغلطاي وقلده في بعضها. وزاد فيه بعض مباحث أصولية، وليس هو على قدر رتبته في العلم ".
قلت: لم يرد في المحاسن على الإِطلاق تصريحٌ بذكر مغلطاي: ولا كتابه إصلاح ابن الصلاح. وكل ما تعقبه السراج البلقيني مما أُورِد على ابن الصلاح، ذكره بصيغة البناء للمجهول. فلم يدع مجالا لأي لبس أو إدراج، ويسَّر علينا استخلاص محاسنه كاملة،
(1) من شراح الهداية - وهم كُثر - ابنُ الهمام الحنفي، الكمال محمد بن عبدالواحد (- 861 هـ) في كتابه (فتح القدير للعاجز الحقير) ابتدأ فيه سنة 829 عند الشروع في إقرائه، بلغ فيه إلى كتاب الوكالة. وذلك بعد قراءة الهداية تسع عشرة سنة، على وجه الإِتقان والتحقيق، على قارئها الإِمام سراج الدين عمر بن علي. وانظر شروح الهداية في كشف الظنون (2/ 2031 - 2040) ط استانبول.
وتحديد مواضعها على المتن، وتقديمها ذيلا عليه، على نسق التقييد والإِيضاح، على متن ابن الصلاح.
والتفتُّ إلى أن الإِمام البلقيني والحافظ العراقي متعاصران: وُلِدَ أولهما قبل الآخر بسنة واحدة، وتوفي قبله بسنة واحدة كذلك. والفرق واضح بين محاسن البلقيني الفقيه الأصولي الحافظ، ونكت العراقي الحافظ الحجة، اتجهت عنايته فيها إلى قوانين الصنعة الحديثية وإيضاح ما أبهم منها، وتعقب أقوال الحفاظ النقاد، فيما هو موضع خلاف.
وأذكر هنا ما جاء في ترجمة " السراج ابن الملقن "، في ذيل التذكرة للتقي ابن فهد، قال:" قال شيخنا الحافظ برهان الدين الحلبي، سبط ابن العجمي: حفاظ مصر أربعة وهم من مشايخي: السراج البلقيني وهو أحفظهم لأحاديث الأحكام، والعراقي وهو أعلمهم بالصنعة، والهيثمي وهو أحفظهم للأحاديث من حيث، وابن الملقن وهو أكثرهم فوائد فيما يكتب على الحديث ".
لكن توارد " السراج البلقيني، والزين العراقي " من بلد واحد في زمن واحد على كتاب واحد، لا يخلو بالضرورة من مواضع اتفاق، فأيهما سبق صاحبه بكتابه على ابن الصلاح؟
ترجم لهما أعيان تلاميذهما دون إشارة إلى سبق أحدهما على الآخر.
فأما تاريخ إنجازهما، فالنسخة الموثقة من (التقييد والإيضاح) في خزانة دار الكتب (رقم 36 مصطلح) فيُستفاد من تقييدات السماع عليها أن توثيقها مرّ بثلاث مراحل: الأولى تاريخ فراغ العراقي من تبييض نسخة كتابه، ثم تاريخ فراغ الشيخ يعقوب الأزهري من كتابة نسخة قراءة على المصنف وعليها خطه بتصحيح القراءة في مجالس السماع ونص التقييد.
قال مؤلفه - أمد الله تعالى مدته -: وكان الفراغ من تبييض هذه النسخة في يوم الأحد الحادي والعشرين من ذي القعدة الحرام سنة اثنتين وسبعمائة وحسبنا الله ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله، كتبه بيده لنفسه ولمن شاء الله تعالى من بعده أقل عبيد الله تعالى وأفقرهم وأحقرهم وأصغرهم وأحوجهم إلى مغفرة ربه ورحمته، يعقوب بن أحمد بن عبدالمنعم
الأزهري الأطفيحي غفر الله له ولجميع المسلمين .. وكان الفراغ من كتابته يوم الاثنين المبارك لثمانٍ وعشرين ليلة خَلت من شهر شعبان الكريم عام ثلاث وتسعين وسبعمائة أحسن الله عاقبتها في خير وعافية بفضله ومنه وكرمه، والحمد لله وحده).
وكتب الحافظ العراقي بقلمه تصحيح مجالس السماع. المرحلة الثانية للتوثيق: كانت بعد أن قوبلت النسخة المقروءة على الشيخ، بأصله وقرئت عليه وأجاز روايتها عنه، للشيخ يعقوب الأزهري كاتب النسخة وقارئها، ولمن حضروا معه مجالس السماع، ومنهم أحمد، ولد الشيخ يعقوب الأزهري. " وذلك في مجالس آخرها في يوم الثلاثاء، التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وسبعمائة.
الشيخ شرف الدين يعقوب بن أحمد الأزهري، من أعيان القرن الثامن، أصحاب الحافظ العراقي وهو والد الشهاب أحمد - المثبت اسمه في طباق السماع - صهر الحافظ العراقي، ومن تلاميذه وتلاميذ شيخ الإِسلام السراج البلقيني (1).
المعتبر من هذه التواريخ الثلاثى المقيدة على النسخة، هو تاريخ الفراغ من كتابتها في شهر شعبان الكريم عام ثلاثة وتسعين وسبعمائة، وقراءتها عليه في مجالس السماع.
وهذا التاريخ غير بعيد من تاريخ النسخة الفريدة التي صحت لنا من محاسن الاصطلاح، وعليها خط السراج البلقيني، بتصحيح قراءتها سماعًا عليه بمدرسته في حارة بهاء الدين بالقاهرة، مؤرخة في ليلة السبت العشرين من ذي القعدة سنة تسعين وسبعمائة (رقم 141 مصطلح) وهي أصلنا المعتمد لنص المحاسن على كتاب ابن الصلاح.
وعلماء الحديث - على أي حال - يتواردون على مناهل وأصول مشتركة، والأمر كما قال شيخ الإِسلام السراج البلقيني:" وما زال المصنفون يغترفون من كلام من تقدمهم، ثم مرة ينسبونه ومرة يسكنون ". محاسن الاصطلاح: 18 / ظ.
(1) انظره فيمن قدمنا من تلاميذ السراج البلقيني. ترجمته في (الضوء اللامع، للسخاوي) وأرخ مولده، ووفاته (792 - 851 هـ).
منظومة ابن حبيب لمحاسن الاصطلاح.
المعروف لنا مما صُنِّفَ على محاسن الاصطلاح (منظومة ابن حبيب المحاملي).
عز الدين طاهر بن الحسين بن عمر بن الحسن بن عمر بن حبيب الأديب النائر الناظم، من تلاميذ السراج عمر البلقيني. ذكرها له ابن حجر في ترجمته إياه بإنباء الغمر، وقال:" إنها أحسن ما نظم ابن حبيب " وجاءت في كشف الظنون مع: محاسن الاصطلاح للسراج البلقيني، وبروكلمان في تاريخه (2/ 89).
وصلت إلينا في أصلها الموثق؛ كتب الناظم نحو نصفها الأول، وكتب باقيها، من مسودة الأصل، أبو عبدالله شمس الدين البرماوي، محمد بن عبدالدايم بن عيسى الشافعي المصري (- 831 هـ) بوصية من صديقه الناظم في مرض موته - وكلاهما من تلاميذ السراج البلقيني - وأنجز الشمس البرماوي كتابة النصف الثاني، تبييضًا من المسودة، قبيل وفاة ناظمها ابن حبيب.
رقم المخطوطة في خزانة دار الكتب المصرية (7 حليم، مصطلح حديث) عنوانها: (نظم محاسن الاصطلاح وتضمين ابن الصلاح).
عدد أوراقها: 121، قياسها 13 × 18.
وعدد أبياتها 3015 بيتًا، مطلعها:
الحمد لله الكريم ذي المِنَنْ ............................................................................. مانح أهل ِ العلم خدمة السُّنَنِ
وعليها تقييد الفراغ من كتابتها: في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة سبع وثمانمائة قبل وفاة ناظمها " ابن حبيب " سنة 808 هـ.
ولا نعلم كتابًا صُنِّف على (محاسن الاصطلاح) سوى منظومة ابن حبيب، على أن المصنفين على ابن الصلاح بعد البلقيني، قد رجعوا إلى المحاسن ونقلوا منها، نصًّا أو تضمينا، منهم:
السخاوي في (فتح المغيث بشرح ألفية الحديث) ونقوله قد تأتي مصرحا فيها باسم المحاسن، ويكثر أن يكتفى فيها بذكر السراج البلقيني، وقد قابلتُها على مواضعها من متن المحاسن فألفيتها بنصها. وأفادتني في قراءة كلمات توقفت فيها من (المحاسن) وكذلك فيما توقفت فيه من مظان تصحيف أو خرم بطبعة (فتح المغيث).
من نقول السخاوي في الفتح من البلقيني.
1/ 297: في القطع بتعديل الرواة المحتج بهم في الصحيحين وما جاء في كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنهما إلى أبي موسى: " المسلمون عدول بعضهم على بعض ".
2/ 87: في النوع الثامن من الإجازة: " الإجازة بما لم يتحمله المجيز ".
واستظهار البلقيني بوصية الإِمام الشافعي، في تصحيح الإِذن في الوكالة بما لم يملك الموكِّل عند الإذن.
2/ 89: في النوع التاسع من الإِجازة، عن إجازة، وقول السراج البلقيني: إن القرينة الحالية من إرادة بقاء سلسلة الإسناد قاضية بأن كل مجيز بمقتضى ذلك، أذِنَ لمن أجازه أن يجيز.
2/ 105: في الإِجازة المقترنة بالمناولة، وهل هي بمنزلة السماع؟
2/ 132: في الرواية بالإِعلام.
3/ 52: في غريب الحديث، وارتباطه بأسباب النزول، قال السخاوي: وقد أفرده بنوع شيخُنا ابن حجر، تبعا لشيخه البلقيني في محاسنه.
3/ 60: في الناسخ والمنسوخ: ما زاده البلقيني في حده: كون الحكم الذي رُفِعَ متعلقا بالمحكوم عليه، ليخرج به تخفيف الصلاة ليلة الإِسراء من خميسن إلى خمس.
3/ 75: في مختلف الحديث، توسُّع الإِمام أبي بكر بن خزيمة في قوله:" لا أعرف حديثين صحيحين متضادين، فمن كان عنده شيء من ذلك فليأتني به " قال البلقيني: لو فتحنا باب التأويلات لاندفعت أكثر العلل، وأول من تكلم في مختلف الحديث إمامنا الشافعي.
3/ 89: في معرفة الصحابة، وجَزَم البلقيني بأن يعد صحابيا من حصل له شرف الرؤية وإن فاته السماع. مع التنبيه على ألا يدخل في الصحابة، من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في
المنام، كما جزم به البلقيني ثم شيخنا
…
بل جزم البلقيني أيضًا بعدم دخول من رآه صلى الله عليه وسلم ليلة الإِسراء، يعني من الأنبياء والملائكة عليهم السلام ممن لم يبرز إلى عالم الوجود.
.....................................
والحافظ السيوطي في (تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي) مكثر من السراج البلقيني ومحاسنه. في الأنواع الخمسة والستين من علوم الحديث لابن الصلاح، وقد قال في ختام النوع الخامس والستين:" هذا آخر ما أورده المصنف - النووي - رحمه الله تعالى من أنواع علوم الحديث تبعا لابن الصلاح، وقد بقيت أنواع أخرى هأنذا أوردها والله سبحانه وتعالى المستعان ".
في الأنواع المزيدة، الخمسةُ التي زادها السراج البلقيني في محاسنه، على علوم ابن الصلاح وهذه هي، في سياق (تدريب الراوي)، وبلفظه:
النوعان السادس والسابع والستون:
(رواية الصحابة بعضهم عن بعض).
و (رواية التابعين بعضهم عن بعض).
" هذان ذكرهما البلقيني في محاسنه، وقال: " فنقلهما بطولهما ".
النوع التاسع والثمانون: (معرفة أسباب الحديث):
" هذا النوع ذكره السراج البلقيني في محاسن الاصطلاح، وشيخ الإِسلام في النخبة
…
" قال البلقيني: والسبب قد ينقل في الحديث .. وقد لا ينقل
…
أو ينقل من بعض طرقه .. ".
النوع التسعون: (معرفة تواريخ المتون):
" ذكره البلقيني، وقال: فوائده كثيرة وله نفع في معرفة الناسخ والمنسوخ، قال: والتاريخ يعرف .. / فنقله.
وكانت (محاسن الاصطلاح لشيخ الإِسلام أبي حفص البلقيني) بين يدي العلامة المحقق " محمد بن إِسماعيل الحسني الصنعاني " في (توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الآثار، لابن الوزير الصنعاني) 1/ 78.