الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الموفي ثلاثين:
معرفة المشهورِ من الحديث
.
ومعنى الشهرة مفهوم، * وهو منقسم إلى: صحيح، كقوله صلى الله عليه وسلم:" إنما الأعمالُ بالنيات " **. وأمثالِه، وإلى غير صحيح كحديثِ:" طلبُ العلم فريضةٌ على كل مسلم "
…
. وكما بلغنا عن " أحمد بن حنبل " رضي الله عنه أنه قال: " أربعةُ أحاديثَ تدور عن
* المحاسن:
" فائدة: لم يذكر له ضابطًا. وفي كتب الأصول: المشهورُ - ومنهم من يقول: المستفيض - هو الذي يزيد نَقَلَتُه على ثلاثة. انتهت " 88 / و.
** " فائدة: حديث " إنما الأعمال بالنية " قد تقدم في الشاذِّ أنه مما انفرد به " عُمر " رضي الله عنه، وعنه " علقمة "، وعن علقمة " محمدُ بنُ إبراهيم "، ومثلُ ذلك كيف يمثل للمشهور؟ وجوابُه أن المراد ما اشتهر، وإن لم يصل نقلتُه في جميع المراتبِ إلى ثلاثة. وتقدم هناك - في النوع الثالث عشر - الكلامُ على من رواه غيرُ عمر. فليُنظر فإن فيه فوائدَ. انتهت " 88 / و.
…
" فائدة: المراد ما لم يبلغ رتبةَ الصحيح؛ فإن الحديثَ رُوِيَ بِطُرقٍ، ومنها طريقة في (سُنَنِ ابن ماجه) ليس منها من يوضع عليه النظر غير حفص ِ بن سليمان (1). وقد قال عبدالله بن أحمد: سألتُ أبي عنه؛ فقال: صالح، وعنه تضعيفُه. انتهت " 88 / و.
_________
(1)
أخرجه ابن ماجه في مقدمة السنن (باب فضل العلماء والحث على طلب العلم)(ح 224) عن هشام بن عمار عن حفص بن سليمان عن كثير بن شِنظير عن ابن سيرين عن أنس رضي الله عنه، مرفوعا. وفي الزوائد عليه من حاشية السندي، تضعيف حفص بن سليمان. وإن كان للحديث طرق تبلغ رتبة الحسن، جمع السيوطي منها خمسين طريقًا له في جزء. وخرج ابن عبدالبر الحديث من بضعة عشر طريقًا، منها طريق حفص عن ابن شنظير عن ابن سيرين عن أنس (الجامع 1/ 7 - 10) ثم ذكر أقوال العلماء في الحديث. وحفص بن سليمان الأسدي الغاضري هو أبو عمر البزار الكوفي المقرئ، متروك الحديث موثق في القراءة عن عاصم وكان ابن امرأته (تهذيب التهذيب 2/ 100 / 700).
رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسواق ليس لها أصلٌ: (1) من بشرني بخروج آذار بشَّرتُه بالجنةِ، ومن آذى ذِمِّيًّا فأنا خَصْمُه يومَ القيامة، ونحرُكم يوم صومكم، وللسائل ِ حقٌّ وإن جاء على فرس ٍ " (2) *.
(1) على ورقة ملصقة بهامش (غ) بخط ابن الفاسي: [حديث: " للسائل حق وإن جاء على فرس " خرجه " أبو داود " مسندًا بعد أن بوب (باب حق السائل) ثم قال: ثنا محمد بن كثير، أنا سفيان، ثنا مصعب بن محمد بن شرحبيل، ثني يعلى بن أبي يحيى عن فاطمة بنت الحسين، عن حسين بن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " للسائل حق وإن جاء على فرس " ثم قال: " ثنا محمد بن رافع ثنا يحيى بن آدم، ثنا زهير عن شيخ - قال: رأيت سفيان عنده - عن فاطمة بنت حسين، عن أبيها، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله ". وأورد " الترمذي " معناه ثم قال: " وفي الباب عن علي وحسين بن علي وأبي أمامة ". وقد ذكره " الحافظ أبو عمر ابن عبدالبر في (تمهيده) مسندًا فقال: حدثنا عبدالوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا يحيى بن عبدالحميد، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن مصعب بن محمد، عن يعلى بن أبي يحيى، عن فاطمة ابنة حسين، عن أبيها قال. الحديث. وخرج " مالك " في (الموطأ) عن زيد بن أسلم، مرسلا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أعطوا السائل ولو جاء على فرس " فهذا الحديث معنى الأول. فقال " ابن عبدالبر ": إن هذا مرسل بلا خلاف بين رواة مالك، والأول مسند كما تقدم].
(2)
في تقييد العراقي، أن حديث " للسائل حق " رواه الإمام أحمد نفسه في مسنده. وحديث " من آذى ذِميًّا " رواه الطبراني عن الهرماس بن زياد، وأبو داود من رواية صفوان بن سليم، عن عدة من أبناء الصحابة عن آبائهم دِنْيَة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسكت أبو داود عليه فهو عنده صالح. وأما حديث " من بشرني بخروج آذار " وحديث " يوم صومكم " فلا أصل لهما (263 - 265).
- يأتي حديث أبي داود في المحاسن. وحديث الموطأ في (الترغيب في الصدقة) مرسلا، عن زيد بن أسلم العدوي، مولاهم، التابعي المدني. وهو الحديث السابع والأربعون لمالك عن زيد، في (التمهيد لابن عبدالبر: 5/ 294) وانظر الحديث الأول في (الفوائد المجموعة للشوكاني): ص 438 ح 1) والحديث الثاني (213 ح 31) والحديث الرابع (65 ح 14، 15) وانظر فيما يلي فائدة المحاسن مع تقييد العراقي.
_________
* المحاسن:
" فائدة: إدخال مثل هذا في قسم المشهور غير الصحيح، إنما يصح إذا عنى به مطلق الشهرة، لا المشهور عند أهل ِ الحديث. فحديث: " من بشرني بخروج آذار " (1) لا يعرفه المحدِّثُ. وحديث: " من آذى ذميًّا " له في سنن أبي داود أصلٌ في باب (في تعسير أهل الذمة إذا أخلفوا)(2) قال أبو داود: حدثنا سليمان بن داود المهري، حدثنا ابن وهب =
_________
(1)
الموضوعات لابن الجوزي، باب ذكر آذار (2/ 74) والفوائد للشوكاني: 213 ح 31.
(2)
من كتاب الخراج في سنن أبي داود (3/ 171).
وينقسم من وجه آخر إلى ما هو مشهور بين أهل الحديث وغيرهم، كقوله - صلى الله غليه وسلم -:" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده "(1) وأشباهِه. وإلى ما هو مشهورٌ بين أهل الحديث خاصة دون غيرهم، كالذي رويناه عن محمد بن عبدالله الأنصاري، عن سليمان التيمي، عن أبي مِجْلَزٍ، عن أنس ٍ " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَنَتَ شهرًا بعد الركوع يدعو على رِعْل ٍ وذَكْوانَ " فهذا مشهورٌ بين أهل الحديثِ مخرج في الصحيح، وله رُواةٌ عن " أنس ٍ " غير أبي مجلز، ورواه عن " أبي مجلز " غيرُ التميمي، ورواه عن " التيمي " غيرُ الأنصاري، ولا يَعلم ذلك إلا أهلُ الصنعة، وأما غيرُهم فقد يستغربونه من حيث أن " التيميَّ " يروي
(1) متفق عليه: (خ) في ك الإِيمان، باب أي الإسلام أفضل. (م) الإِيمان، باب تفاضل الإِسلام ح (65/ 41).
_________
= حدثني أبو صخر المديني أن صفوان بن سليم أخبره عن عدة من أبناء أصحابِ رسول ِ الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم. دِنيةً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أَلَا مَن ظَلَم معاهدًا، أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجُه يومَ القيامة " إسنادُه جيد، لولا ما فيه من جهالة الذين أخبر عنهم صفوان بن سليم. فإن " المهري " ثقةٌ، و " ابن وهب " إمام جليل متفق على الإخراج له. و " أبو صخر المديني، حميدُ بن زياد الخراط " قال أحمد ويحيى: ليس به بأس. وقال ابنُ عدي: صالح، ولكن عن يحيى رواية بضعفه.
وحديثُ " نحركم يوم صومكم " لا يُعرَف، ويدور بلفظٍ آخر:" يوم صومكم يوم أول سنَتِكم " وربما يقولون: " سنتكم هذه " والكلُّ لا أصلَ له.
وحديث " للسائل حق وإن جاء على فرس " أخرجه أبو داود في سننه من حديث الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما بإسنادٍ فيه " يعلى بن أبي يحيى " وهو ضعيف، وفي (الأحكام للضياء): ورواه أبو داود، عن علي، ولم أقف على ما قاله " الضياء ". ورواه " ابن قانع " في (معجم الصحابة) من حديث " الهرماس بن زياد ". وهذه الأحاديث وإن لم تبلغ رتبةَ الصحيح ولا الحسن، فمثلُ ذلك لا يقال فيه: ليس له أصل. انتهت " 88 / ظ.
عن أنس، وهو [79 / و] ها هنا يروي عن واحدٍ عن أنس (1) *.
ومن المشهورِ، المتواتُرِ الذي يذكره أهلُ الفقه وأصولهِ. وأهلُ الحديث لا يذكرونه باسمه الخاص المشعرِ بمعناه الخاص **، فإن كان " الحافظ الخطيبُ " قد ذكره ففي كلامه ما يشعر بأنه اتبع فيه غيرَ أهل ِ الحديث، ولعل ذلك لكونِه لا تشتمله صناعتُهم ولا يكاد
(1) الحديث أخرجه البخاري في (الوتر: باب القنوت بعد الركوع) من عدة طرق، منها: عن زائدة، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن أنس، ثم في كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة، من عدة طرق كذلك، منها عن عبدالله بن المبارك عن التيمي، عن أبي مجلز، عن أنس. وفي تخريجهما قال ابن حجر في الفتح: سليمان التيمي يروي عن أنس نفسه، وعنه بواسطة كما في هذا الحديث (7/ 275) وأخرجه مسلم في ك المساجد (باب استحباب القنوت في جميع الصلاة في النازلة) من رواية المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن أبي مجلز عن أنس (ح 299) ومن طرق أخرى: الأحاديث 297، 298، 300 - 303، 307.
_________
* المحاسن:
" فائدة: هذا التقسيم فيه نظر؛ فإنه إن عنى شهرةَ المتن، فالأول صحيح والثاني كذلك، من غير حاجة إلى ذكر ما في السند، وإن عَنَى ما في السند من الدقائق، فلا فرق بين الحديثين. انتهت " 89 / و.
** المحاسن:
" فائدة: لا يقال: فقد ذكره " الحاكم " وكتابه مشحون به، و " ابنُ حزم " في (المُحَلَّى)؛ لأنا نقول: ليس ما ذكراه على الشرط المذكور، إن صح النقلُ عنهما. ولكن قد يوجد معنى التواتر في الأمور المقطوع بها، وإن كان الإسنادُ بالتحديث ونحوِه يَعسر فيه ذلك. انتهت " 89 / و.
_________
- قال العراقي: " وقد اعتُرض على المصنف بأنه قد ذكره الحاكم وابن حزم في المحلى وأبو عمر ابن عبدالبر وغيرهم من أهل الحديث. والجواب عن المصنف أنه إنما نفى عن أهل الحديث ذكره باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص. وهؤلاء المذكورون لم يقع في كلامهم التعبير عنه بما فسره الأصوليون. وإنما يقع في كلامهم أنه تواتر عنه صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، أو أن الحديث الفلاني متواتر .... وقد يريدون بالتواتر معنى الاشتهار، لا المعنى الذي فسره به الأصوليون ". (التقييد والإيضاح 266).
وانظر (متن النخبة بشرح الملا علي القاري: 39 وفتح المغيث 3/ 40).
يوجد في رواياتهم؛ فإنه عبارةٌ عن الخبر الذي ينقله من يحصل العلمُ بصدقِه ضرورةً، ولا بد في إسنادِه من استمرارِ هذا الشرطِ في رُواته من أوله إلى منتهاه، ومَن سُئل عن إبراز مثال ٍ لذلك فيما يُروَى من الحديثِ أعياه تطلبُه. وحديثُ " إنما الأعمال بالنيات " ليس من ذلك بسبيل ٍ وإن نقله عددُ التواتر وزيادةٌ؛ لأن ذلك طرأ عليه في وسط إسناده ولم يوجَدْ في أوائله، على ما سبق ذكره (1). نعم، حديثُ " من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار " نراه مثالا لذلك؛ فإنه نقله من الصحابة رضي الله عنهم العددُ الجمُّ، وهو في (الصحيحين) مَرويٌّ عن جماعة منهم، وذكر " أبو بكر البزار، الحافظ الجليل " في (مسنده) أنه رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو من أربعين رجلا من الصحابة. وذكر بعض الحفاظ (2) أنه رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان وستون نفسًا من الصحابة وفيهم العشرةُ المشهودُ لهم بالجنة. قال: وليس لهم الدنيا حديث اجتمع على روايته العشرةُ، غيرَه. ولا يعرف حديثٌ يروى عن أكثر من ستين نفسًا من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث الواحد *.
(1) وانظر تقييد العراقي (267) وفيه بيان لعلل الطرق التي رُوِيَ بها الحديث، من غير طريق محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر رضي الله عنه.
(2)
قال العراقي موضحًا: " ما أبهمه المصنف، هو الحافظ ابن الجوزي؛ فإنه ذكر ذلك في النسخة الأولى من (الموضوعات): رواه واحد وستون من الصحابة، ثم ذكر ما روي عن أبي بكر محمد بن عبدالوهاب النيسابوري: إنه ليس في الدنيا
…
إلخ. ثم قال ابن الجوزي: إنه ما وقعت له رواية عبدالرحمن بن عوف إلى الآن ". هكذا نقلته من نسخة الموضوعات بخط الحافظ الزكي المنذري، وهذه هي النسخة الأولى من الكتاب، ثم زاد ابن الجوزي في الكتاب المذكور أشياء، وهي النسخة الأخيرة، فقال فيها: رواه من الصحابة ثمانية وتسعون نفسا. هكذا نقلته من خط " علي "ولد المصنف (التقييد والإيضاح 269 - 270).
_________
* المحاسن:
" فائدة: لا يزادُ على ذلك: الوضوءُ من مَسِّ الذكَرِ وعدمُه؛ فإنه بلغ عددُ رواته نيفًا وستين صحابيًّا. وكذلك: الوضوءُ مما مست النار وعدمُه، والمسح على الخفين وتوابعه: يبلغان نيفًا وسبعين صحابيًّا. وحديث الحوض، والشفاعة: زاد عددُ رُواتِها على أربعين صحابيًّا. وكذلك حديث النزول، وشبه ذلك؛ لأنا نقول: الوضوء من مَسِّ الذكر وعدمه حديثان، والكلام إنما هو حديث واحد. وكذلك الوضوء مما مسَّت النارُ وعدمه، =
قلتُ: وبلغ بهم بعضُ أهل الحديث أكثرَ من هذا العدد، وفي بعض ذلك عددُ التواتُر. ثم لم يزل عددُ رُواته في ازديادٍ وهلم جرًّا، على التوالي والاستمرار (1). والله أعلم (2).
(1) على هامش (غ): [قال ابن جماعة: قيل رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم مائتان من الصحابة].
(2)
بلغ مقابلة بالأصل المقابل على أصل السماع، ثم بلغ مقابلة عليه ثانية (غ).
_________
= وكذلك المسحُ على الخُفَّيْنِ وتوابعه، وحديثُ الحوض ِ والشفاعةِ يزيد على الأربعين. والكلام فيما زاد على الستين.
لكن المسح على الخُفَّينِ من غير توابعِه: رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم سبعون صحابيًّا، منهم العشرةُ المشهودُ لهم بالجنة، وحديث رفع اليدين: رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جمعٌ كبير، ويزيد رواته على أربعين. وحديث:" مُرُوا أبا بكر فلُيصلِّ بالناس " رواه الأنصار حين سألهم " عمرُ " عن ذلك، ورواه عدةٌ غير الأنصار، وهذا يزيد على ما سبق. وحديث الأنصار في (مصنف ابن أبي شيبة)(1) بإسنادٍ جيد، وقد بينتُ ذلك كلَّه في (العرف الشذي على جامع الترمذي) فلينظر منه. انتهت " 89 / ظ.
_________
(1)
كتاب الصلوات، الائتمام بالإمام: 2/ 329 - 333.
- وانظر (التقييد والإيضاح: 267 - 270) ومتن النخبة بشرح الملا: 29 - 30، وفتح المغيث 3/ 40).
النوع الحادي والثلاثون:
معرفة [79 / ظ] الغريب والعزيزِ من الحديث.
روينا عن " أبي عبدِالله ابن منده الحافظِ الأصبهاني " أنه قال: " الغريبُ من الحديث، كحديث الزهري وقتادة وأشباههما من الأئمة ممن يجمع حديثهم، إذا انفرد الرجلُ عنهم بالحديثِ يُسمى غريبًا، فإذا روى عنهم رجلانِ وثلاثة واشتركوا في حديثٍ؛ يسمى عزيزًا، فإذا روى الجماعةُ عنهم حديثًا سُمِّي مشهورًا "(1).
قلتُ: الحديثُ الذي ينفرد به بعضُ الرواة يوصَفُ بالغريبِ، وكذلك الحديثُ الذي ينفرد فيه بعضُهم بأمور لا يذكره فيه غيرُه، إما في متنه وإما في إسناده، وليس كلُّ ما يُعَدُّ من أنواع الأفراد معدودًا من أنواع الغريب، كما في الأفراد المضافة إلى البلاد على ما سبق شرحه.
ثم إن الغريب ينقسم إلى: صحيح، كالأفراد المخرجة في (الصحيح).
وإلى غيرِ صحيح، وذلك هو الغالبُ على الغرائب. روينا عن " أحمدَ بن حنبل " رضي الله عنه أنه قال غيرَ مرة:" لا تكتبوا هذه الأحاديثَ الغرائب فإنها مَنَاكيرُ، وعامتُها عن الضعفاء ".
وينقسم الغريبُ أيضًا من وجهٍ آخرَ: فمنه ما هو غريب متنًا وإسنادًا، وهو الحديث الذي تفرد برواية مَتْنِه راوٍ واحد. ومنه ما هو غريب إسنادًا لا متنًا، كالحديث الذي متنُه معروف مرويٌّ عن جماعة من الصحابة، إذا انفرد بعضُهم بروايته عن صحابيٍّ آخرَ كان غريبًا من ذلك الوجه، مع أن متنه غير غريب، ومن ذلك غرائب الشيوخ في أسانيد
(1) انظر متن النخبة: 32.
المتون الصحيحة (1)، وهو الذي يقول فيه " الترمذي ":" غريبٌ من هذا الوجه "(2).
ولا أرى هذا النوعَ ينعكس؛ فلا يوجد إذًا ما هو غريب متنًا وليس غريبًا إسنادًا، إلا إذا اشتهر الحديثُ الفرد عمن تفرد به فرواه عنه عدد كثيرون [80 / و] فإنه يصير غريبًا مشهورًا، وغريبًا متنًا، وغير غريبٍ إسنادًا. لكن بالنظر إلى أحد طرفي الإسناد، فإن إسناده متصف بالغرابة في طرفه الأول، متصف بالشهرة في طرفه الآخر، كحديث:" إنما الأعمال بالنيات " وكسائر الغرائب التي (3) اشتملت عليها التصانيفُ المشهورة (4). والله أعلم.
(1) على هامش (غ): [غرائب الصحيح: مالك عن الزهري عن أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر " تفرد به مالك عن الزهري. وغرائب الشيوخ كرواية الربيع بن سليمان: أنا الشافعي، أنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يَبعْ حاضر لبادٍ " غريب لمالك عن نافع، تفرد به عنه الشافعي، وهما إمامان، لا نعلم من حدث به عنه غير الربيع وهو ثقة مأمون. هكذا وجدته بخط شيخنا فنقلته].
قلت: حديث الإمام مالك في (الموطأ: الحج، باب جامع الحج، ح 247) وقال: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمًا. قال ابن عبدالبر: وهذا الحديث مما تفرد به مالك عن ابن شهاب الزهري (التجريد 117 خ 362) وحديث الإمام الشافعي في (مسنده جـ 2 من اختلاف الحديث بالأصل العتيق: 2/ 60) وانظر (سنن الدارقطني، وتخريج المغني على هامشه) 3/ 74 ح 281 - 284.
(2)
على هامش (غ): [قال الترمذي في آخر كتابه: أما قولي: غريب؛ فمعناه ألا يروى إلا من طريق واحدة. وقد يروى من طريق فيستغرب إذا جاء من طريق منفردة].
جامع الترمذي 13/ 334 مع العارضة.
(3)
من (ص، ع) وفي (غ): [الذي].
(4)
قال العراقي: استبعد المصنف وجود حديث غريب متنا لا إسنادًا إلا بالنسبة إلى طرفي الإسناد. وأثبت أبو الفتح اليعمري هذا القسم مطلقًا من غير حمل له على ما ذكره المصنف؛ فقال في (شرح الترمذي): الغريب على أقسام: غريب سندًا ومتنًا، ومتنًا لا سندًأ، وسندًا لا متنًا، وغريب بعض السند فقط، وغريب بعض المتن فقط. ثم أشار إلى أنه أخذ ذلك من كلام محمد بن طاهر المقدسي فإنه قسم الغرائب والأفراد إلى خمسة أنواع، خامسها أسانيد ومتون ينفرد بها أهل بلد لا توجد إلا من رواياتهم، وسنن ينفرد بالعمل بها أهل مِصْرٍ، لا يعمل بها في غير مصرهم. ثم تكلم أبو الفتح على الأقسام التي ذكرها ابن طاهر إلى أن قال: وأما النوع الخامس فيشمل الغريب كله سندًا ومتنًا، أو أحدهما دون الآخر " التقييد والإيضاح 273.
قوبل على شرح الترمذي لأبي الفتح اليعمري، المقدمات. مخطوط تركيا، مصورة الزميل السيد الدكتور، محمد الراوندي، الأستاذ بدار الحديث الحسينية بالرباط.