الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إحداها: اختلف أهل العلم في أن الصحابي من
؟ فالمعروفُ من طريقة أهل ِ الحديث، أن كلم مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من الصحابة *.
قال " البخاري " في (صحيحه): من صحب النبيَّ صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين؛ فهو من أصحابه " (1).
وبلغنا عن " أبي المظفر السمعاني المروزي "(2) أنه قال: " أصحابُ الحديث يطلقون اسمَ الصحابة على كلِّ من روى عنه [صلى الله عليه وسلم] حديثًا أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون (3) من رآه رؤية، من الصحابة؛ وهذا لشرفِ منزلة النبي 86 / و]صلى الله عليه وسلم، أعطَوا كلَّ من رآه حُكْمَ الصُّحبة ". وذكر أن اسم الصحابي من حيث اللغةُ والظاهر، يقع على من طالت صحبتهُ
(1) كتاب المناقب (باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه) - فتح الباري 2/ 7 - وأسنده الخطيب عن البخاري في (الكفاية: 51).
(2)
على هامش (غ): [أبو المظفر: منصور بن محمد بن عبدالجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر السمعاني التميمي، له تصانيف في الفقه وأصوله والحديث، وهو صاحب كتاب (الاصطلاح). كان حنفيًّا ثم صار شافعيًّا. توفي سنة 489 هـ، وكان أبوه محمد وولده أبو بكر فاضلين، نسبوا إليه بطن من بني تميم. وأبو سعد عبدالكريم بن أبي بكر هذا، هو صاحب (الذيل على تاريخ الخطيب) وله كتاب (الأنساب) المشهور. فهم بيت علم - والسمعاني، بفتح السين: نسبة إلى جدهم جماعة فضلاء غير هؤلاء - نقلته من خط شيخنا أبي بكر، وقد تقدم ذكره قبل هذا في النوع الحادي عشر مختصرًا. والحمد لله: أبو منصور محمد، ولده أبو المظفر منصور، ولده أبو بكر محمد، ولده أبو سعد عبدالكريم. وجدت بخط شيخنا - أيده الله -: قلت: فما أعلم المذكورين أولا، هل هو بفتح السين أم بكسرها؟ فالله أعلم].
في اللباب: سمعان، بفتح السين وسكون الميم وفتح العين المهملة .. هذه النسبة إلى سَمْعان، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. وأما الذي ينسب إليه أبو سعد السمعاني وأهله؛ فهو بطن من تميم (2/ 138).
(3)
كذا في (غ، ص، ع) وعلى هامش (ص): [حتى يعدوا] خ.
_________
المحاسن:
" فائدة: إطلاقُ الرؤية على الغالب، وإلا فالأعمى الذي حضر مع النبي صلى الله عليه وسلم معدود في الصحابة وإن لم يره. قال بعضهم: الأحسن أن يقال: " رآه النبي صلى الله عليه وسلم ". وينبغي أن يُزادَ على ذلك ما يُخرِجُ من يراه في المنام أو ليلةَ الإسراء ممن لم يبرز إلى عالم الوجود من أُمَّته. انتهت " 98 / و.
للنبي صلى الله عليه وسلم وكثُرت مجالسته له على طريق التَّبَع له والأخذِ عنه. قال: وهذا طريق الأصوليين *.
قلت: وقد روينا عن " سعيد بن المسَيَّب " أنه كان لا يَعُدُّ الصحابيَّ إلا من أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سنةً أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين. وكأن المراد بهذا - إن صح عنه - راجع إلى المحكِيِّ عن الأصوليين، ولكنْ في عبارته ضيق يوجب ألا يُعَدَّ من الصحابة " جريرُ بنُ عبدالله البجلي " ومن شاركه في فَقْدِ ظاهرِ ما اشترطه فيهم، ممن لا نعرف خلافًا في عدِّه من الصحابة **.
* المحاسن:
" فائدة: هذا الذي حكى عن " السمعاني " طريقةُ بعض الأصوليين، والمشهورُ عندهم ما هو المعروف عن المحدِّثين. وقيل لا بد من رواية حديثٍ أو حديثين (1). انتهت " 98 / و.
_________
(1)
انظر تقييد العراقي (292 - 298) وشرح النخبة (181) وفتح المغيث (3/ 86) وما بعدها، ومعها (باب وصف الصحابي والطريق إلى معرفة كونه صحابيا) في الكفاية: 49 - 52 وخطبة ابن عبدالبر للاستيعاب، وابن الأثير لأسد الغابة، وابن حجر للإصابة، وفي (فتح الباري: فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم 7/ 24 - 26).
** " فائدة: لا يقال: جرير إسلامُه قديم فإن " الطبراني " في (الأوسط من معاجمه) قال: حدثنا محمد بن علي الصائغ، حدثنا محمد بن مقاتل المروزي، حدثنا حُصَيْنُ بن عمرو الأحْمَسِي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبدالله، قال: لما بُعِث النبي صلى الله عليه وسلم أتيته [لأبايعه] فقال لي: " يا جرير لأي شيء جئتنا [يا جرير؟] قلت: لأسلم على يديك يا رسول الله. فألقى إليَّ كساء، ثم أقبل على أصحابه فقال: إذا أتاكم كريمُ قوم ٍ فأكرموه ". قال الطبراني: لم يَرْوِ هذا الحديثَ عن إسماعيل بن أبي خالد إلا حُصَين الأَحْمَسِي. ورواه في (معجمه الكبير)(1) من هذه الطريقة =
_________
(1)
الحديث (2350): 2/ 370 والمقابلة عليه.
وسئل الدارقطني عن حديث الشعبي عن جرير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " فذكر الاختلاف فيه عن طارق بن عبدالرحمن عن الشعبي، ثم في الثوري عن طارق، بين الإرسال والرفع. قال: روواه شعبة عن طارق عن الشعبي عن النعمان بن بشير، واختلف عنه بين الإرسال والرفع، والصحيح روايته عن شعبة مرسلا. (العلل ل 2/ 16 حديث الشعبي عن جرير بن عبدالله).
.............................................................................................................................
= ومن طريق محمد بن عبدالله الحضرمي: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي خلف عن حُصَيْنِ بن عمرو. فذكرَه. وفيه قال: " فدعاني إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتؤمن بالقدَرِ خيره وشره ".
لأنا نقول: هذا اللفظ، وهو قوله:" لما بُعِثَ النبي صلى الله عليه وسلم أتيتُه " لم يُرِدُ " جرير " به أنه حين بُعث النبي صلى الله عليه وسلم أتى إليه. ولو جرينا على ظاهرِ ذلك لَلَزِمَ أن يكون إسلامُ جرير بمكةَ حين بُعِث النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا مردود بلا شك؛ ونفس حديث جرير يدل على تأخره؛ ألا ترى إلى قوله: " وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة "؟ والصلاة المكتوبة إنما فُرضت ليلة الإسراء. وكان ذلك بعد البعثة بمدة طويلة - على ما فيه من الخلاف المبَيَّنِ في موضعه - والزكاة إنما فُرضت بالمدينة، وهذا من الأمور التي لا تَوقف فيها.
وإذا كان هذا اللفظُ متروكَ الظاهر، لم يُحتَجّ به على قدم إسلام جرير. كيف وقد قال جرير:" ما كان إسلامي إلا بعد نزول المائدة " وفي (الاستيعاب): " قال جرير: أسلمت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يومًا "(1) وهذا وإن كان يؤيده أن قوله تعالى: " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ " الآية، إنما نزلت بعرفاتَ في حجة الوداع، وهو من جملة آيات المائدة، لكن الظاهر أن المراد به الوضوء (2)، وهي نزلت قبل غزوة تبوك. وأيضًا فإن الذي جرى عليه الحفاظ المتأخرون، أن إسلامه سنة عشر في شهر رمضان. وقال " الطحاوي " (3): من قال إن جريرًا أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يومًا؛ غلط؛ لما صح عنه أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع: " استَنْصِتْ لي الناسَ ".
لكن هذا كله يدل على قرب إسلامه، وأما ما في (معجم ابن قانع) من حديث شريك، عن أبي إسحاق، عن الشعبي، عن جرير قال:" لما نُعِيَ النجاشيُّ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن =
_________
(1)
الاستيعاب: جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه (1/ 337 / 322).
(2)
يعني آية المائدة (6) في الوضوء والتيمم. وانظر حديث جرير رضي الله عنه في مشكل الآثار للطحاوي: (بيان مشكل ما روي عنه صلى الله عليه وسلم في مسحه خفيه؛ هل كان بعد نزول المائدة أو قبلها؟) 3/ 189 ومعه (بيان مشكل ما روي في نزول سورة المائدة: 3/ 195).
(3)
في مشكل الآثار: (بيان مشكل ما روي في إسلام جرير؛ متى كان؟) 3/ 194.
وروينا عن شعبة عن موسى السَّبَلاني - وأثنى عليه خيرًا - قال: " أتيت أنسَ بن مالك فقلت: هل بقي من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد غيرك؟ قال: بقي ناس من الأعراب قد رأوه، فأما من صَحِبَه فلا " إسنادُه جيد، حدث به " مسلم " بحضرة " أبي زُرْعَة ".
ثم إن كونَ الواحدِ منهم صحابيًّا، تارةً يُعرفُ بالتواتر، وتارةً بالاستفاضة القاصرة عن التواتر، وتارة بأن يُروَى عن آحاد الصحابة أنه صحابي، وتارةٍ بقولِه وإخبارِه عن نفسِه
= أخاكم النجاشي هلك. فاستغفروا له " والنجاشي توفي في رجب سنة تسع؛ فلا يدل على أن جريرًا كان مسلمًا ذلك الوقت؛ لجوازِ أن يكون من مُرسَلات الصحابة. فعائشة رضي الله عنها قد روت حديث مبدأ الوحي، ولم تكن إذ ذاك زوجة - النبي صلى الله عليه وسلم، بل ولا حملتْ بها أمُّها. فإنه تزوجها وهي بنت ست، ودخل بها وهي بنت تسع، وتوفي وسنها ثماني عشرة سنة. وأما ما ذكره " الطبراني " من حديث موسى بن عبيدة، عن محمد بن إبراهيم عن جرير، قال: " بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في أثر العُرَنيين " ففيه الدِّلالةُ على تقدم إسلامه؛ لأن أمر العُرنيين سنة سِتٍّ، لكن السندَ ضعيف؛ فيه: موسى بنُ عبيدةَ الرَّبَذي.
وأصح ما جاء مما يَرُدُّ أربعين يومًا: حديثُ " استَنصت الناس " وهو في الصحيحين والنسائي وابن ماجه. ولفطه: " قال لي " رواها الطبراني في (معجمه الكبير) بإسناد صحيح " (1). 98 / ظ - 99 / و.
_________
(1)
حديث جرير رضي الله عنه: من رواية حفيدة أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جده، في: البخاري، ك العلم (باب الإنصات إلى العلماء) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع:" استنصت الناس " وفي ك المغازي، باب حجة الوداع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجرير. وفي (فتح الباري 1/ 155، 8/ 76) تحرير لوقت إسلامه.
والحديث في سنن النسائي (تفسير، سورة التحريم) وفي سنن ابن ماجه (فتن، باب لا ترجعوا بعدي كفارا) ح 3942 عن جرير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: " استنصت الناس ".
وهو في كبير الطبراني بسنده، من طريقين إلى شعبة قال: سمعت أبا زرعة بن عمرو بن جرير عن جده جرير، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع / فذكره (2/ 383 ح 2402).