الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شئتَ ". فيقول: قبلتُ *.
ووُجِدَ بخط " أبي الفتح محمد بن الحسين الأزدي الموصلي الحافظ ": " أجزتُ روايةَ ذلك لجميع من أحَبَّ أن يرويَ ذلك عني ".
أما إذا قال: " أجزتُ لفلانٍ كذا وكذا إن شاء روايتَه عني، أو: لكَ إن شئتَ، أو ك أحببتَ، أو: أردتَ " فالأظهرُ الأقوى أن ذلك جائز؛ إذ قد انتفت فيه الجهالةُ وحقيقةُ التعليق، ولم يبق سوى صيغتِه. والعلمُ عند الله تعالى.
النوع الخامس من أنواع الإجازة:
الإِجازةُ للمعدوم
، ولنذكر معها الإجازةَ للطفل الصغير.
هذا نوع خاض فيه قوم من المتأخرين واختلفوا في جوازه. [43 / ظ] ومثالُه أن تقول: " أجزتُ لمن يولَدُ لفلان ". فإن عَطَفَ المعدومَ في ذلك على الموجودِ بأن قال:
* المحاسن:
" فائدة: ما تقدم، فيما إذا أراد من شاء الرواية، وأنه أولى بالجواز؛ أي مما إذا قال: أجزت لمن شاء فلان؛ أن قوله: لمن شاء، يريد الرواية، لا يحسن تشبيهُه بأحدِ الوجهين، وهو الأصحُّ فيما إذا قال: بعتُك هذا بكذا إن شئتَ، فيقول: قبلتُ. من جهة أن قوله: بعتُك إن شئتَ، ليس تعليقًا على ما عليه تفرعٌ من جهة التصريح بمقتضى الإطلاق، فإن المشتري بالخيار: إن شاء قَبِلَ وإن شاء لم يقبل؛ لتوقفِ تمام ِ البيع على قبولِه. وليس كذلك في الإجازة، فلا تتوقف على القبول فيكون قولُه: " أجزتُ لمن شاء الرواية " تعليقًا؛ لأنه قَبْلَ مشيئةِ الروايةِ ولا يكون، وبعد مشيئتها يكون مُجازًا؛ وحينئذ فلا يصح؛ لأنه يؤدي إلى تعليق وجهل، وذلك باطل كما تقدم. ونظيرُه في الوكالة: وكَّلتُ في بيع هذه العينَ من شاء بيعَها. وفي الوصايا: وصيتُ بهذه العين مَن شاء أن يقبلها. ومثل هذا، إذا بطل في الوصية مع احتمالها ما لا يحتمله غيرُها، فَلأنْ يبطلَ فيما نحن فيه أوْلَى. نعم، نظيرُ فرع البيع أن يقول: " أجزتُك إن شئتَ " على معنى أن ترويَ إذا شئتَ، وذلك صحيح، وسيأتي قريبًا.
ويدل لما قدمنا أنه لو قال: " راجعتُكَ إن شئتِ " فإنه لا تصح الرجعةُ. انتهت " 53 / و ظ.
_________
- وانظر تقييد العراقي (185) وتدريب الراوي (2/ 36) عن العراقي والبلقيني.
" أجزتُ لفلانٍ ومَن يولَد له، أو: أجزتُ لكَ ولولدِك وعقبِك ما تناسلوا " كان ذلك أقربَ إلى الجوازِ من الأول. ولمثل ِ ذلك أجاز أصحابُ الشافعي في الوقفِ القسمَ الثاني دون الأول. * وقد أجاز أصحابُ مالكٍ وأبي حنيفة - أو مَن قال ذلك منهم - في الوقفِ، القسمين كليهما. وفَعَلَ هذا الثانيَ في الإجازة من المحدِّثين المتقدمين " أبو بكر بن أبي داود السجستاني " فإنا روينا عنه أنه سئل الإجازةَ فقال:" قد أجزتُ لك ولأولادِك ولِحَبَل ِ الحَبلةِ " يعني الذين لم يُولَدوا بعد (1).
وأما الإجازة للمعدوم ابتداءً من غير عطفٍ على موجود؛ فقد أجازها " الخطيبُ أبو بكر الحافظ " وذكر أنه سمع " أبا يعلى بن الفراء الحنبلي، وأبا الفضل بن عمروس المالكي " يجيزان ذلك. وحكى جوازَ ذلك أيضًا " أبو نصر ابنُ الصباغ الفقيه " فقال: " ذهب قوم إلى أنه يجوز أن يُجيز لمن لم يُخلَقْ ". قال: (2)" وهذا إنما ذهب إليه من يعتقد أن الإجازةَ إذنٌ في الرواية، لا محادثة " ثم بَيَّنَ بُطلانَ هذه الإجازة، وهو الذي استقر عليه رأيُ شيخِه " القاضي أبي الطيب الطبري الإمام ".
وذلك هو الصحيحُ الذي لا ينبغي غيرُه؛ لأن الإجازةَ في حُكم الإخبار جملةً بالمُجازِ على ما قدمناه في بيانِ صحة أصل الإجازة؛ فكما لا يصحُّ الإخبارُ للمعدوم، لا تصح الإجازةُ للمعدوم. ولو قدَّرنا أن الإجازة إذنٌ فلا يصح أيضًا ذلك للمعدوم، كما لا يصح الإذنُ في بابِ الوكالةِ للمعدوم؛ لوقوعهِ في حالةٍ لا يصحُّ فيها المأذونُ فيه من المأذونِ له.
(1) أسنده الخطيب عن أبي بكر بن أبي داود، في (الكفاية 325).
(2)
الخطيب أبو بكر، في: الكفاية: 325 / أبواب الإجازة.
_________
* المحاسن:
" فائدة: الشافعي نفسُه أجازه، ونصَّ عليه في وصيته المكتتبة في (كتاب الأم) فأوصى فيها أوصياء على أولادِه الموجودين ومَنْ يُحدِثه الله له من الأولاد. انتهت " 54 / و.
- الأم، كتاب الوصايا: 4/ 122 - 123.
" فائدة: يحتمل أن يكون ذلك على سبيل ِ المبالغة وتأكيد الإجازة، لا أن المرادَ به حقيقةُ اللفظ. انتهت " 54 / و.