الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحرصهم على تمام أشغالهم. قال ابن المنير كغيره: والحقُّ أن الله تعالى يخصُّ ما يشاءُ من الصلوات بما يشاء من الفضائل.
15 - بَابُ مَنْ تَرَكَ العَصْرَ
(باب: من ترك العصر) أي: إثم من تركها عمدًا.
553 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَبِي المَلِيحِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بِصَلاةِ العَصْرِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ تَرَكَ صَلاةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ".
[594 - فتح: 2/ 31]
(حدثنا هشام) في نسخة: "أخبرنا هشام". (حدثنا يحيى) في نسخة: "أخبرنا يحيى". (عن أبي قلابة) هو عبد الله بن زيد. (عن أبي المليح) هو عامر بن أسامة الهذلي.
(مع بُرَيْدَة) أي: ابن الحصيب الأسلمي. (في يوم ذي غيم) إنَّما خصَّ يوم الغيم بالذكر؛ لأنَّه مظنةُ التأخير؛ إذ ربَّما يشتبه عليه الحال فيخرج الوقت بغروب الشمس.
(بكِّروا) أي: أسرعوا. (من ترك صلاة العصر) أي: عمدًا. (فقد حبط عمله) بكسر الباءِ أي: بطل ثواب عمله، أورده على سبيل التغليظ، أو فكانَّما حبط عمله، ولفظ:(فقد) ساقطٌ من نسخة.
16 - بَابُ فَضْلِ صَلاةِ العَصْرِ
(باب: فضل صلاة العصر) أي: على بقية الصلوات؛ لكونها الوسطى عند الأكثرين.
554 -
حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاويَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِي البَدْرَ -
فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا" ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ} [ق: 39]، قَالَ إِسْمَاعِيلُ:"افْعَلُوا لَا تَفُوتَنَّكُمْ".
[573، 4851، 7434، 7435، 7436 - مسلم: 633 - فتح: 2/ 33]
(الحميدى) هو عبد الله بن الزبير. (إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (عن قيس) هو ابن أبي حازم البجلي. (عن جرير) في نسخة: "عن جرير بن عبد الله"[أي: البجلي](1).
(مع النبي) في نسخة: "عند النبي". (ليلة) بالنصب على الظرفية.
(يعني) أي: بالقمر. (البدر) وكانت هلذه الليلة ليلة البدر، كما في مسلم (2)، ولفظ:(يعني البدر) ساقظ من نسخة.
(كما ترون هذا القمر) معنى التشبيه: أن ذلك محقق بلا مشقةٍ ولا خفاءِ، كرؤية القمرِ فهو تشبيه للرؤية بالرؤية، لا للمرئي بالمرئي. (لا تضامون) بضم الفوقية، وتخفيف الميم، أي: لا ينالكم ضيمٌ في رؤيته أي: تعب، أو ظلم، فيراه بعضكم دون بعضٍ، ورُويَ بفتح الفوقية وتشديد الميم من الضم، وأصله: تتضامون حذفت إحدى التاءين، أي: لا تتزاحمون كما يفعله الناس في رؤية الشيءِ الخفي. (لا تغلبوا) بالبناءِ للمفعولِ، أي: لا تتركوا الاستعداد لقطع أسباب الغلبة المنافية للاستطاعة بنومٍ وشغلٍ مانعٍ. (عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) أي: عن صلاة العصر والفجر. (فافعلوا) أي: ترك المغلوبية التي لازمها فعل الصلاة، كأنه قال: صلُّوا الصلاتين في هذين الوقتين.
(1) من (م).
(2)
"صحيح مسلم"(633) كتاب: المساجد، باب: فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليها.
(ثم قرأ) أي: النبي صلى الله عليه وسلم، أو جرير الصحابى، فيكون مقوله على الثاني مدرجًا. (وسبِّح) في نسخة:"فسبح". {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] قيد بهذين الوقتين؛ لزيادة فضليهما على غيرهما كاجتماع الملائكة ورفع الأعمال فيهما، وكانقسام الأرزاق في الأول.
(إسماعيل) أي: ابن أبي خالد. (لا تفوتنكم) أي: الصلاة، وهذا من كلام إسماعيل تفسيرٌ لما هو المقصود من (افعلوا).
وفي الحديث: أن رؤية الله تعالى ممكنة يراه المؤمنون في الآخرة، كما هو مذهب أهل السنة، وزيادة شرف المصلين والصلاتين؛ لتعاقب الملائكة فيهما ولما في وقت الصبح من لذاذة النوم، والقيام فيه أشق على النفس، ووقت العصرِ وقت الفراغ والصناعات وإتمام الوظائف، فإذا أوظب عليهما كانت مواظبته على غيرهما أولى.
555 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الفَجْرِ وَصَلاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ".
[3223، 7429، 7486 - مسلم: 632 - فتح: 2/ 33]
(يتعاقبون) أي: يعقب طائفةٌ طائفةً بالإتيان، وقيل: معناه: يذهبون ويرجعون. (ملائكة) بالرفع على أنه بدل من الضمير في (يتعاقبون)، أو بيان له، لا أنه فاعل، والواو علامة [الفاعل](1)؛ لأن تلك لغة بني الحارث، وتعرف بلغة أكلوني البراغيث (2). (ويجتمعون في
(1) من (م).
(2)
الأصل في الفعل إذا أسند إلى الفاعل الظاهر أن يجرد من علامة التثنية والجمع، قام الرجلان، وقام الرجال، وقامت النساء؛ لأن الفعل يُوحد مع =
الفجر وصلاة العصر) اجتماعهم لا ينافي تعاقبهم، لأن التعاقب يصدق مع الاجتماع كهذا، وبدونه كتعاقب الضدين، أو المراد باجتماعهم: اجتماعهم في الصلاة جماعة، وبالتعاقب: التعاقب خارجها.
(ثم يعرج الذين باتوا فيكم) ذكر الذين باتوا دون الذين ظلُّوا؛ إما للاكتفاءِ بذكر أحد المثلين عن الآخرة أو لأن طرفي النهار يعلم من طرفي الليلِ أو لأنَّ الليلَ مظنة المعصية والراحة، فلمَّا لم يعصوا فيه، واشتغلوا بالطاعة فالنهار أولى؛ أو لأنه استعمل بات في أقام مجازًا، فيشمل الليل والنَّهار. (فيسألهم) أي:"ربهم" كما في نسخة أي: يسألهم، طلبًا لتعريفهم ذلك، أو تعبدًا بهم كما تعبدهم بكتب أعمالهم وهو عالم بها. (وهو أعلم) أي: من الملائكة. (بهم) أي: بالمؤمنين، والملائكة هم الحفظة، وقيل: غيرهم. (وأتيناهم
…
إلخ) زائد على الجواب عن سؤال (كيف تركتم؟) لإظهار فضل المؤمنين والحرص
= التثنية والجمع، كما يوحد مع الفرد. لكن من العرب من يلحق الفعل الألف والواو والنون فيقول: ضرباني أخواك، وضربوني إخوتك، وضربني نسوتك. وقد عزى النحويون هذه اللغة لطيئ، وبعضهم عزاها لأزد شنوءة. وقال عنها سيبويه: وهي لغة قليلة، وتسمى لغة: أكلوني البراغيث، وسماها ابن مالك لغة: يتعاقبون فيكم ملائكة؛ لهذا الحديث. والنحاة في الألف والواو والنون التي تلحق الفعل المسند إلى الظاهر على قولين:
أحدهما: أنها حروف تدل على التثنية والجمع، فهي ليست ضمائر، لكنها علامة للتثنية والجمع، وما بعدها هو القائل. الثاني: أنها ضمائر أسند إليها الفعل وقد جوز هؤلاء فيما بعدها أمرين:
الأول: أنه بدل من هذه الضمائر.
الثاني: أنه مبتدأ أو الجملة قبله خبر.