الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالمقام المحمود: الشفاعة (1)، وقيل: إجلاسه على العرش (2)، وقيل: على الكرسي، وفائدة الدعاء له بذلك مع أن الله وعده به وهو لا يخلف الميعاد: طلب الدوام والإشارة إلى ندب دعاء الشخص لغيره. (محمودًا) أي: مقامًا يحمده فيه الأولون والآخرون. (الذي وعدته) بقوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} وهو منصوب على البدل من (مقامًا)، أو على المدح، أو مرفوع بتقدير هو.
(له) أي: عليه. (شفاعتي) سواءٌ كان القائل صالحًا أم طالحًا، فالشفاعة تكون؛ لزيادة الثواب، وإسقاط العقاب، ففيه: حجة على المعتزلة حيث خصصوها بالصالح؛ لزيادة الثواب.
9 - بَابُ الاسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ
وَيُذْكَرُ: "أَنَّ أَقْوَامًا اخْتَلَفُوا فِي الأَذَانِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ".
(باب: الاستهام في الأذان) أي: الاقتراع فيه، أي: في منصبه؛ ليتقدم إليه من خرجت قرعته. (فأقرع بينهم سعد) أي: سعد بن أبي وقاص، وكان ذلك عند فتح القادسية في خلافة عمر بن الخطاب، وكان سعدٌ يومئذٍ أميرًا على الناس، والقادسية: قرية على طريق الحاج على مرحلة من الكوفة.
(1) دل على ذلك ما سيأتي برقم (4718) كتاب: التفسير، باب:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} .
(2)
قال ابن حجر في "الفتح"2/ 95: قيل: إجلاسه على العرش، وقيل: على الكرسي، وحكى كلا من القولين عن جماعة، وعلى تقدير الصحة لا ينافي الأول لاحتمال أن يكون الإجلاسُ علامةَ الإذن في الشفاعة.
615 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا".
[654، 721، 3689 - مسلم: 437 - فتح: 2/ 96]
(عن سُمي) بضم المهملة، وفتح الميم، وتشديد التحتية. (عن أبي صالح) الزيات.
(لو يعلم الناس) وضع المضارع موضع الماضي؛ ليفيد استمرار العلم. (ما في النداءِ والصف الأول) مفعول (يعلم)، وأبهم فيه الفضيلة؛ ليفيد ضربًا من المبالغة، وإنَّه مما لا يدخل تحت الوصف. (لا يجدون) في نسخة:"لم يجدوا"، وفي أخرى:"لا يجدوا" بحذف النون، وهو ثابت لغةً، وإن كان قليلًا (1). (إلا أن يستهموا) أي يقترعوا.
(1) جاء ذلك بحذف النون من الفعل مع (لا) النافية، ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا" وقيل في تخريج مثل ذلك أقوال:
1 -
أن حذف النون لغة معروفة صحيحة نصَّ عليها النووي رحمه الله والسجاعي في حاشيته على "قطر الندى". ولعلَّ هذا ما قصده المصنف بقوله: وهو ثابتٌ لغة.
2 -
أنَّ حذف النون هنا لمجرد التخفيف، وهذا ثابتٌ في الكلام الفصيح.
3 -
أنَّ (لا) النافية عملت الجزم حملًا على (لم) الجازمة.
4 -
أنَّ (لا) النافية عملت الجزم حملًا على (لا) الناهية.
5 -
أنَّ حذف النون نوع من الضرورة النثرية، جاءت على نسق الضرورة الشعرية.
وهناك أحاديث أخرى جاءت على هلذه الصورة أي: على حذف النون من الفعل من غير سبب نحوي ظاهر. منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وأصبحوا يعلمونا كتاب الله". =
(عليه) أي: على كل من الأذانِ والصف. (لاستهموا) أي: عليه، والمعنى: أنهم لو علموا فضيلة الأذان والصف الأول وعظيم جزائها ثم لا يجدون طريقًا يحصلونهما به؛ لضيق الوقت، أو لكونه لا يؤذِّن للمسجد إلا واحد لاقترعوا في تحصيلهما وأتى بثُمَّ؛ ليفيد تراخي رتبة الاستهام عن العلم. (ما في التهجير) أي: التبكير بكلِّ صَلاة، ولا يعارضه بالنسبة إلى الظهر الإبراد به؛ لأنَّه تأخير قليل، والتهجير يمتد إلى قرب العصر. (ولو يعلمون ما في العتمة والصبح) العتمة: صلاة العشاء أي: لو يعلمون ما في ثواب أدائها. (لأتوهما ولو حبوًا) أي: ولو كانوا حابين، من حبي الصبي إذا مشى على أربع، أي: يديه ورجليه، ويقال: يديه وركبتيه، ويقال: إذا مشى على يديه واسته.
وفي الحديث: الحث على منصب الأذان والصفِّ الأول، والتهجير للصلاة والعتمة والصبح لما فيها من الفضائل؛ ولما في العتمة والصبح من المشقة على النفوس، وفيه: مشروعيةُ القرعة، وتسمية العشاء عتمة، وإن ورد النهيُ عنها (1)، فهذا لبيان أنَّ النهيَ ليسَ
= - وقول عقبة بن عامر للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك تبعثنا فتنزل بقوم لا يَقْرُونا.
- وقول ابن عباس والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن أزهر لعائشة: بلغنا أنك تصليهما.
- وقول مسروق لعائشة: لِمَ تأذني له.
- وقول عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله كيف يسمعوا؟ وأنى يجيبوا؟
ويمكن تخريج هذه الأحاديث ببعض ما خُرِّج عليه الحديث الأول.
(1)
رواه النسائي 2/ 270 كتاب: المواقيت، باب: كراهية تسمية العشاء بالعتمة، وابن ماجه (704) كتاب: الصلاة، باب: النهي أن يقال: صلاة العتمة، وقال البوصيري في الزوائد: هذا إسناد صحيح.
وقال الألباني في "صحيح الجامع الصغير": صحيح (7375).