الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انقضاء مائة سنة، فردَّ عليه [علي بن أبي طالب، فبين](1) ابن عمر مراد الرسول في هذا الحديث فقال: (وإنما قال النبي
…
إلخ). وتقدم ذلك في باب: السمر في العلم (2)، وفيما ذكر علم من أعلام النبوة، فقد استقرئ ذلك فكان آخر من مات من الصحابة الموجودين عند مقالته صلى الله عليه وسلم أبو الطفيل عامر بن واثلة، فإنه مات على رأس المائة من مقالته صلى الله عليه وسلم.
41 - بَابُ السَّمَرِ مَعَ الضَّيْفِ وَالأَهْلِ
(باب: السمر مع الأهل والضيف) في نسخة: "مع الضيف والأهل" وهو شامل للزوجة والأولاد والعيال وبين هذا الباب وما قبله عموم وخصوص من وجه؛ لأن هذا خاص بالسمر مع الضيف والأهل، عام لصدقه بالجائز المستوي الطرفين وغيره، وذاك خاص بالسمر في الخير، عامٌّ لصدقه بالسمر مع الأهل والضيف وغيرهما.
602 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ، كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَإِنْ أَرْبَعٌ فَخَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ" وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاثَةٍ، فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَشَرَةٍ، قَالَ: فَهُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي - فَلَا أَدْرِي قَالَ: وَامْرَأَتِي وَخَادِمٌ - بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لَبِثَ حَيْثُ صُلِّيَتِ العِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: وَمَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ - أَوْ قَالَتْ: ضَيْفِكَ - قَالَ: أَوَمَا عَشَّيْتِيهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى
(1) من (م).
(2)
سبق برقم (116) كتاب: العلم، باب: السمر في العلم.
تَجِيءَ، قَدْ عُرِضُوا فَأَبَوْا، قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ، فَقَالَ يَا غُنْثَرُ فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وَقَالَ: كُلُوا لَا هَنِيئًا، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا، وَايْمُ اللَّهِ، مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إلا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا - قَالَ: يَعْنِي حَتَّى شَبِعُوا - وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ مَا هَذَا؟ قَالَتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي، لَهِيَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاثِ مَرَّاتٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِي يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ، فَفَرَّقَنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ، أَوْ كَمَا قَالَ.
[3581، 6140، 6141 - مسلم: 2057 - فتح: 2/ 75]
(أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي. (أبو عثمان) هو عبد الرحمن بن مل النهديُّ.
(أناسًا) بهمزة مضمومة، وفي نسخة:"ناسًا" بحذفها. (وأن النبي) بفتح همزة (أن)؛ عطفًا على: (أن أصحاب الصفة). (فليذهب بثالث) أي: من أهل الصفة، وكذا ما بعده. (وإنَّ أربع) في نسخة:"أربعة". وهو بالرفع أي: كان عنده طعام أربع فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وبالجر؛ على حذف المضاف، وإبقاء عمله، كما حكى يونس عن العرب: مررت برجل صالح، وإن لا صالح فطالح أي: وإن لا أمرُّ بصالح فقد مررت بطالح، وكذا يقرر في خامس (أو سادس)، أي: مع الخامس، والمعنى: فليذهب بخامس، أو بخامس وسادس فهو من عطف مفرد على مفرد بهذا المعنى، ويحتمل أن يكون معناه: وإن كان عنده طعام خمسٍ فليذهب بسادس، فيكون من عطف جملة على جملة.
(وأن أبا بكر) بفتح همزة (أنَّ) عطف على (أن أصحاب الصفة) وبكسرها على الاستئناف. (جاء بثلاثة) أي: من أهل الصفة. (فانطلق) في نسخة: "وانطلق". (بعشرة) أي: من أهل الصفة. (قال) أي: عبد الرحمن. (فهو) أي: الشأن. (أنا) مبتدأ خبره محذوف، أي: في الدار.
(أبي وأمي) عطفٌ على (أنا)، وفي نسخة:"أنا وأبي" وفي أخرى: "أنا وأمي".
(فلا أدري) من كلام أبي عثمان. (قال) أي: عبد الرحمن، وفي نسخة:"ولا أدري هل قال". (وامرأتي) هي: أميمة بنت عدي بن قيس السهميُّ. (وخادم) عطفٌ على (أمي)، أو على (امرأتي). (وهو أقرب بيننا) ظرف لخادم، أو لمحذوف أي: مشترك. (وبين بيت أبي بكر) في نسخة: "بين بيتنا وبيت أبي بكر"، وفي أخرى: "بين بيتنا وبين بيت أبي بكر.
(تعشَّى) أي: أكل العشاء، بفتح العين: وهو طعام آخر النهار. (ثم لبث) أي: في داره. (حيث) في نسخة: "حتَّى" وفي أخرى: "حين". (صُليتِ العشاء) بالبناء للمفعول. (ثم رجع) أي: أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم. (فلبث) أي: عنده. (امرأته) هي أم رومان: زينب بنت بَهمان بفتح الموحدة. (وما حبسك) في نسخة: "ما حبسك". (أو قالت: ضيفك) أفردتهم مع أنهم ثلاثة؛ لإرادة الجنس. (أوما عشيتهم؟) في نسخة: "أوما عشيتيهم؟ " بياءِ تولَّدت من إشباع حركة التاء، والواو مفتوحة للعطف على مقدر.
(قد عرضوا) بالبناءِ للمفعول أي: عرض الطعام على الأضياف، فحذف الجار وأوصل الفعل، وفي نسخة:"عرضوا" بالبناء للفاعل أي: عرض الولد والزوجة والخادم على الأضياف.
(قال) أي: عبد الرحمن. (فاختبأت أنا) أي: خوفًا من أبي ومن شتمه. (فقال) أي: أبو بكر. (يا غنثر) بضمِّ المعجمة وسكون النون، وفتح المثلثة وضمها أي: يا ثقيل، أو يا جاهل، أو يا دنيء، أو يا لئيم. (فَجَدَّعَ) بجيم ودال مهملة مشددة، أي: دعا بالجدع: وهو قطع الأنف، أو الأذن، أو الشفة، أو نحو ذلك.
(وسمث) أي: سبَّ ولده؛ ظنًّا منه أنه فرط في الأضياف. (لا هنيئًا) قاله تأديبًا لهم حيث لم يكتفوا بولده ومن معه، وقيل: بل هو خبر أي: إنَّكم لم تهنئوا بالطعام في وقته (وأيم الله) أي: قسمي، وهو بهمزة وصل، وقد تقطع. (إلا ربا) أي: زاد الطعام. (من أسفلها) أي: اللقمة. (أكثر) بالرفع خبر مبتدأ محذوف، ويجوز النصب صفة لمصدر محذوف أي: زيادة أكثر.
(منها) أي: من اللقمة. (حتى شبعوا) في نسخة: "قال: وشبعوا" وفي أخرى: "قال: فشبعوا". (وصارت) أي: الأطعمة. (أكثر) بمثلثة، وفي نسخة: بموحدة. (فإذا هي) أي: الأطعمة، أو الجفنة. (كما هي) أي: على حالها الأول لم تنقص شيئًا. (أو أكثر) بمثلثة، وفي نسخة: بموحدة. (منها) ساقطٌ من نسخة.
(يا أخت بني فِراس) بكسر الفاءِ، وخفة الراءِ، وبالمهملة. قال النووي: معناه: يا من هي من بني فراس أي: وذلك لأنها بنت الحارث بن غنم الفراسية (1)، وقال الكرمانيُّ: هي بنت عبد دهمان بضمِّ المهملة وسكون الهاءِ أحد بني فراس بن مالك بن كنانة (2). (ما هذا؟) استفهام، في نسخة:"ما هذه" وهو استفهام عن حال الأطعمة.
(1)"صحيح مسلم بشرح النووي" 14/ 20.
(2)
"البخاري بشرح الكرماني" 4/ 239.
(لا وقرة عيني) بالجرِّ على القسم تريد به النبي صلى الله عليه وسلم، فهو قسم بالمخلوق، أو المراد: وخالق قرة عيني، و (لا) زائدة أو نافية لمحذوف أي: لا شيء غير ما أقول وهو قرة عيني، وقرة العين يعبر بها عن المسرة ورؤية ما يحبه الإنسان لأن العين تقرُّ ببلوغ الأمنية، قال الأصمعي: أقر الله عينه أبرد دمعه؛ لأن دمع الفرح بارد، ودمع الحزن حارٌّ، لكن تُعُقِّب: بأن كلَّ دمعٍ حارُّ.
(بثلاث مرات) في نسخة: "بثلاث مرار" وهذا كرامة من كرامات الصديق. (ذلك) بكسر الكاف وفتحها باعتبار أنَّ الخطاب كان للمرأة، أو للابن. (ثُم أكل منها لقمة) فائدته مع قوله فيما مر (أكل) دفع إيهام أنه أكل أكثر من لقمة، فإنما خالف يمينه لخبر:"فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير"(1) أو كان مراده: لا أطعمه معكم، أو في هذه الساعة، أو عند الغضب، والكفارة على أحد هلذه الثلاثة مندوبة، أو واجبة. (فأصبحت) أي: الأطعمة. (عنده) أي: عند النبي صلى الله عليه وسلم.
(عقد) أي: عهد مهادنة. (ففرقنا) الفاءُ فصيحة (2)، أي: فجاءوا إلى المدينة (ففرقنا)، أي: ميزَّنَا أو جعلنا منهم. (اثني عشر رجلًا) أي: مع كل فرقة كما يعلم مما يأتي، وفي نسخة:"اثنا عشر" بالألف على
(1) رواه مسلم (1650) كتاب: الإيمان، باب: ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها.
والترمذي (1530) كتاب: النذور والإيمان، باب: ما جاء في الكفارة قبل الحنث. وأحمد 2/ 361.
(2)
هي التي يكون الكلام قبلها على معنى الشرط المقدر، وقد سبق الحديث عنها.
لغة: من يجعل المثني، كالمقصور في أحواله الثلاثة (1)، وفي أخرى:"فعرفنا" بعين مهملة وراءٍ مشددة وفاءٍ أي: جعلنا منهم اثني عشر رجلًا، أي: عَرِّيفًا مع كل فرقة، وفي أخرى:"فقرينا" بقاف وراء مخففة، وتحتية من القرى: بمعنى الضيافة. أي: ضيفنا منهم اثنى عشر رجلًا بأن جعلناهم عرفاء. (مع كل رجلٍ منهم) أي: من الاثنى عشر. (أناس) أي: فرقة. (الله أعلم) أي: بعددها كما أشار إليه بقوله: (كم مع كل رجل؟) أي: "منهم" كما في نسخة، والمعنى: كم رجل من الطوائف مع كل رجلٍ من الاثنى عشر؟ مميز (كم) محذوف. (فأكلوا منها) من الأطعمة. (أجمعون أو كما قال) أي: عبد الرحمن، والشك من أبي عثمان.
وفي الحديث: الأكل من طعامٍ ظهرت بركته، وإهداء ما يُرجى بركته لأهل الفضل، وفضيلة الإيثار والمواساة، وتوزع الأضياف إذا كثروا، وإثبات كرامات الأولياء، وجواز الاختفاء من الوالد عند الخوف من تقصير، والدعاء بالتجديع ونحوه على الأولاد، وترك المجماعة لعذر، وحمل المشقة على نفسه لإكرام الضيف (2)، والاجتهاد في دفع المشقة، وتطييب القلوب، وجواز ادخار الطعام للغدِ.
(1) وهي لغة لبعض العرب.
(2)
في هامش الأصل: [المضيف].