الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى ذلك. (يقللها) أي: يخفها، فهي لحظة لطيفة بين جلوس الإمامِ على المنبر، وانقضاءِ الصلاة. قال شيخُنا: فإن قيل: ظاهرُ الحديثِ حصولُ الإجابة لكل داع بالشرط المتقدم، مع أنَّ الزمانَ يختلف باختلافِ البلاد، والمصلي، وساعةُ الإجابة متعلقة بالوقت، فكيف يتفقُ مع الاختلاف؟.
أجيب: باحتمال أنْ تكون ساعة متعلقةٌ بفعل كلِّ مصلٍّ، كما قيل نظيره في ساعةِ الكراهة، ولعل هذا فائدةُ جعل الوقت الممتد مظنةً لها، وإن كانت خفيفةً. انتهى (1).
38 - بَابٌ: إِذَا نَفَرَ النَّاسُ عَنِ الإِمَامِ فِي صَلاةِ الجُمُعَةِ، فَصَلاةُ الإِمَامِ وَمَنْ بَقِيَ جَائِزَةٌ
(باب: إذا نفر الناسُ عن الإمامِ فصلاةُ الإمام ومن بقي) معه (جائزة) في نسخةٍ بدل (جائزة): "تامة". وشرطُ ذلك عند الشافعي: وجودُ من تنعقد بهم الجمعةُ، ولو برجوعِ بعضِ النافرين قبلَ طولِ الفصل، وهم أربعون بالإمام، كما يُعلم ذلك من أخبارٍ أُخر؛ ولأنَّ الأمةَ أجمعت على اشتراط العدد؛ فلا تصحُّ الجمعةُ إلا بعدد ثبتَ به توقيف، وقد ثبت جوازُها بأربعين، وثبت:"صلوا كما رأيتموني أُصلي"(2)، ولم يثبت صلاتُه لها بأقلِّ من ذلك فلا يصحُّ بأقل منه. والمرادُ بالصلاةِ هنا: الخطبةُ أخذًا مما يأتي.
936 -
حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، قَال: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ
(1) انظر: "الفتح" 2/ 422.
(2)
سبق تخريجه.
أَبِي الجَعْدِ، قَال: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال:"بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَقْبَلَتْ عِيرٌ تَحْمِلُ طَعَامًا، فَالْتَفَتُوا إِلَيْهَا حَتَّى مَا بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] ".
(زائدة) أي: ابن قدامة. (حصين) بالتصغير أي: ابن عبد الرحمن الواسطيُّ. (بينما) بميم، وفي نسخةٍ:"بينا" بحذفها. (نحن نصلّي) أي: الجمعة أي: ننتظرها، جمعًا بينه وبين خبر مسلمٍ: ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يخطب (1) وهو من تسمية الشيء بما قاربه. قال شيخُنا: ويؤيده استدلال ابن مسعودٍ على القيام في الخطبة بالآية المذكورة (2). (إذ أقبلت عير) جواب (بينما). (والعير) بكسر العين: الإبل؛ لأنها تعير أي: تذهب وتجيء. (تحمل طعامًا) أي: من الشام، لدحيةَ الكلبيّ، أو لعبدِ الرحمن بنِ عوفٍ، كما جاء كل منهما في رواية، وجمع بينهما بأنَّ التجارةَ كانت لعبد الرحمن بن عوفٍ، وكان دحيةُ سفيرًا فيها، أو بأنهما كانا مشتركين. (فالتفتوا) أي: انصرفوا، وكان ذلك قبل نزولِ آية {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ} [النور: 37]. (إلا اثنا عشر) بالألف على أنه استثناءٌ مفرغٌ، وفي نسخة:"إلا اثني عشر" بالياء، قيل: على أنْ يكون الاستثناءُ من الضمير في (بَقيَ) العائدُ إلى المصلّي، أو على أنه بني كثلاثةَ عشَر إلى أو أجراها على ما ينصب به وهو الياء، وقد احتج به مالكٌ على انعقاد الجمعةِ باثني عشر، وأجيب: باحتمال أنهم رجعوا،
(1)"صحيح مسلم"(863) كتاب: الجمعة، باب: في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} من حديث جابر بن عبد الله.
(2)
"الفتح" 2/ 423.