الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
129 - بَابُ فَضْلِ السُّجُودِ
(باب: فضل السجود) أي: بيان فضله.
(شعيب) أي: ابن أبي حمزة.
806 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُمَا: أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَال: "هَلْ تُمَارُونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ" قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال:"فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ" قَالُوا: لَا، قَال:"فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ القَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إلا الرُّسُلُ، وَكَلامُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَفِي جَهَنَّمَ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَال: "فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إلا اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ اللَّهُ المَلائِكَةَ: أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إلا أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، قَدْ امْتَحَشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ القَضَاءِ بَيْنَ العِبَادِ وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الجَنَّةَ،
مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فَيَقُولُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ، فَيُعْطِي اللَّهَ مَا يَشَاءُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الجَنَّةِ، رَأَى بَهْجَتَهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ قَال: يَا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ العُهُودَ وَالمِيثَاقَ، أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: فَمَا عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ، لَا أَسْأَلُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا، فَرَأَى زَهْرَتَهَا، وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ، أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ العُهُودَ وَالمِيثَاقَ، أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَضْحَكُ اللَّهُ عز وجل مِنْهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ: تَمَنَّ، فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقَطَعَ أُمْنِيَّتُهُ، قَال اللَّهُ عز وجل: مِنْ كَذَا وَكَذَا، أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ، حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ، قَال اللَّهُ تَعَالى: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ " قَال أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "قَال اللَّهُ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ"، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلا قَوْلَهُ: "لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ" قَال أَبُو سَعِيدٍ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ".
[6573، 7437 - مسلم: 495 - فتح: 2/ 294]
(هل نرى) أي: نبصر (هل تمارون) هو ونظيره الآتي بضم التاء، والراء من المماراة، وهي المجادلة، وفي نسخةٍ:"هل تمارون" بفتح التاء والراء، وأصله: تتمارون، حذفت إحدى تائيه أي: هل تشكون (في الشمس) في نسخة: "في رؤية الشمس"(قالوا: لا) زاد في نسخة:
"يا رسول الله". (كذلك) أي: بلا مرية ظاهرًا جليًّا ولا يلزم منه المشابهة في الجهة والمقابلة، وخروج الشعاع؛ لأنها أمورٌ لازمة للرؤية عادة لا عقلًا. (فيقول) أي: الله تعالى، أو القائل. (فليتبع) بتشديد الفوقية، وكسر الموحدة، وفي نسخة:"فليتبعه" بضمير المفعول مع التشديد والكسر، أو التخفيف والفتح. (الطواغيت) جمع طاغوت أي: الصنم أو الساحر، أو غير ذلك. (هذه الأمة فيها منافقوها) أي: يستترون بها، كما كانوا في الدنيا واتبعوها، فلما انكشفت لهم الحقيقة لعلهم ينتفعون بذلك {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13]. (فيأتيهم الله) أي: يظهر لهم في غير صفته التي يعرفونها. (من الصفات) أي: تعبدهم بها في الدنيا امتحانا منه؛ ليقع التمييز بينهم وبين غيرهم ممَّن يعبد غيره تعالى (فيقول: أنا ربكم) فيستعيذون بالله منه؛ لأنه لم يظهر لهم بالصفات التي يعرفونها، بل بما استأثر بعلمه تعالى. (حتى يأتينا ربنا) أي: يظهر لنا. (فيأتيهم الله) أي: يظهر لهم متجليًا بصفاته المعروفة عندهم. (فيقول: أنا ربكم) كرر ذلك؛ لأن ظهوره في الأول ظهور غير واضحٍ؛ لبقاء بعض الحجب، وفي الثاني ظهور واضح، أو لأنه أبهم أولًا ثم فسر ثانيًا بزيادة بيان (فيضرب) بالبناء للمفعول، وفي نسخة:"ويضرب" بالواو. (الصراط) هو جسر ممدود على متن جهنم أدق من الشعر، وأحد من السيف يمر عليه الناس كلهم. (بين ظهراني جهنم) بفتح الظاء أي: في ظهرها أي: وسطها، فزيدت الألف والنون؛ للمبالغة، والياء؛ لصحة دخول بين على متعدد، وقيل: لفظ: (ظهراني) مقحم. (يجوز) من جاز، وفي نسخةٍ:"يجيز" من أجاز، أي: فأكون أول من يمر بأمته على الصراط، أو يقطعه.
(ولا يتكلم يومئذٍ أحدٌ إلا الرسل) أي: لشدة الهول، والمراد: لا يتكلم أحد حين الجواز، وإلا فيتكلم الناس في مواطن في القيامة، وتجادل كل نفسٍ عن نفسها. (وكلام الرسل يؤمئذ: اللهم سلم، سلم) أي: شفقة منهم على الخلق ورحمة. (كلاليب) جمع كَلُّوب بفتح الكاف، وضم اللام المشددة: وهو حديدة [مفتوحة](1) معطوفة الرأس يعلق فيها اللحم، ويقال لها أيضًا: كلاب، بضم الكاف. (السعدان) بفتح أوله: نبت له شوك عظيم من كل الجوانب. مثل الحَسَك (2).، وهو أجود مراعي الإبل.
(فإنها) أي: الكلاليب. (لا يعلم قدر عظمها إلا الله) في نسخة: لالا يعلم ما قدر عظمها إلا الله" بزيادة ما للتأكيد، أو بجعلها استفهامية، ورفع (قدر) مبتدأ خبره ما. (تخطف) بفتح الطاء أفصح من كسرها، وفي نسخةٍ: "فتخطف" بالفاء، أي: تأخذ. (بأعمالهم) أي: بسببها (من يوبق) بالبناء للمفعول، أي: يهلك. (من يخردل) بالبناء للمفعول، بخاء معجمة ودال مهملة، أي: يقطع صغارًا، كالخردل، وفي نسخة: بالجيم من الجردلة، وهي: الأشراف على الهلاك. (من أهل النار) أي: الداخلين فيها وهو المؤمنون؛ إذا الكافر لا ينجو منها أبدًا. (أثر
(1) من (م).
(2)
نبات تعْلَقُ ثمرته بصوف الغنم، ورقه كورق الرجْلَة وأدق، وعند ورقه شوكٌ ملزَّرٌ صلبٌ ذو ثلاث شعب، وله ثمرٌ شربه يفتت حصى الكُليتين والمثانة، وكذا شرب عصير ورقه جيدٌ للباءَة وعسر البول ونهش الأفاعي ورشه في المنزل يقتل البراغيث. انظر: مادة (حسك) في " القاموس المحيط" ص 936.
السجود) أي: محله وهو الأعضاء السبعة، أو الجبهة خاصة لخبر مسلم:"إن قومًا يخرجون من النار يحترقون فيها إلا دارات وجوههم"(1). (امتحشوا) بالبناء للفاعل وفي نسخة: بالبناء للمفعول أي: احترقوا، أو اسودوا. (فيصب عليهم) بالبناء للمفعول.
(ماء الحياة) هو الذي من شرب منه أو صُب عليه لم يمت أبدا. (الحبة) بكسر المهملة: بذور الصحراء ما ليس بقوت. (في حميل السيل) فتح الحاء المهملة: ما جاء به السيل من طين ونحوه، شبه به؛ لأنه شبه نباتهم بنبات الحبة في حميل السيل؛ لسرعة نباتهما فيه. (ثم يفرغ الله) الإسناد فيه مجازي؛ لأنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن، فالمراد: ثم يتم الله الحكم بين العباد بالثواب والعقاب. (ويبقى رجل) هو جهينة (دخولا) تمييز، أو حال بتأويله بداخلا. (مقبلًا) حال، وفي نسخة:"مقبل" بالرفع خبر مبتدإٍ محذوف (عن النار) في نسخة: "من النار"(قد) في نسخة: "فقد".
(قشبني ريحها) أي: سمني وأهلكني، وكل مسموم قشيب أي: صار ريحها، كالسم في أنفي. (ذكاؤها) بمعجمة مفتوحة وبالمد أي: لهبها واشتعالها، وفي نسخة:"ذكاها" بالقصر، قال النوويُّ: وهو الأشهر في اللغة (2). (عسيت) بفتح السين وكسرها مع فتح التاء فيهما. (إن فعل) بالبناء للمفعول. (ذلك) أي: الصرف الدال عليه كلامه الآتي. (ما شاء) في نسخة: "ما يشاء". (من عهد) أي: يمين. (بهجتها) أي: حسنها، وجملة:(رأى بهجتها) بدل من (أقبل به على الجنة).
(1)"صحيح مسلم"(191) كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها.
(2)
"صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 23.
(سكت .. إلخ) جواب (إذا)، وفي نسخةٍ:"فسكت" بالفاء، فجواب (إذا) محذوف أي: تحير، أو سكت، والفاء: تفسيرية (أليس) أسمها: ضمير الشأن (والميثاق) في نسخةٍ: "والمواثيق". (لا أكون) في نسخةٍ: "لا أكونن" أي: لا تجعلني (أشقى خلقك) أي: كافرًا، وقيل: الألف زائدة، والمعنى: إذا أبقيتني على هذه الحالة، ولا تدخلني الجنة لأكونن أشقى خلقك. (فما عسيت) ما استفهامية، أو نافية على ما يأتي (إن أعطيت ذلك) أي: التقديم إلى باب الجنة، والجملة: اعتراض بين اسم عسى وخبرها، وهو (أن تسأل غيره) وفي نسخة:"أن لا تسأل غيره" بزيادة (لا)، فهي بجعل (ما) استفهامية زائدة، كما في {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} ، وبجعلها نافية أصلية، ونفي النفي إثبات أي: عسيت أن تسأل غيره، وإنما قال تعالى ذلك، وهو عالم بما كان، وما يكون؛ إظهارًا لما عهد من بني آدم من نقض العهد، وأنتم أحق بأن يقال لهم ذلك فمعنى عسى راجع للمخاطب، لا الله تعالى. (لا أسأل) في نسخة:"لا أسألك". (فرأى زهرتها) عطف على (بلغ بابها). (من النضرة) بنون مفتوحة، وضاد معجمة ساكنة أي: البهجة.
(فيسكت) الفاء تفسيرية، وجواب (إذا) محذوف أي: تحير أو سكت، كما في نظيره، وسكوته عن السؤال كما قال الكلاباذي (1).:
(1) هو أحمد بن الحسين بن علي بن رستم الكلاباذي، أبو نصر محدث حافظ، ولد في سنة ثلاث وعشرين وثلاث منه، وسمع من الهيثم بن كليب الشاشي، وعلي بن محتاج، وعبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي، وطبقتهم.
روى عنه الدارقطني، والحاكم، وجعفر بن محمد المستغفري، وآخرون.
قال المستغفري: هو أحفظ من بما وراء النهر اليوم فيما أعلم.
وقال الحاكم: هو متقن ثبت توفي - حمه الله- سنة ثمان وتسعين وثلاث =
حياء من ربه، وهو تعالى يحب سؤاله فيباسطه بقوله:(لعلك إن أعطيت هذا تسأل غيره) وهذه حالة المقصر، فكيف حالة المطيع؟ وليس نقض هذا العبد عهده جهلًا منه، ولا قلة مبالاة، بل علمًا منه أن نقضه أولى من الوفاء به؛ لأن سؤاله ربه أولى من إبراره قسمه؛ لعلمه بقوله صلى الله عليه وسلم "من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير"(1). (ويحك) نصب بفعل محذوف أي الزم، وهو كلمة رحمة، كما أن ويلك: كلمة عذاب، وقيل: هما بمعنى واحد.
(ما أغدرك) صيغة تعجب من الغدر، وهو: ترك الوفاء. (قد أعطيت) بالبناء للفاعل. (العهد والميثاق). في نسخة: "العهود والميثاق". (غير الذي أعطيت) بالبناء للمفعول. (فيضحك الله عز وجل منه) لفظ: (منه) ساقط من نسخة. والمراد بضحكه تعالى: لازمه، وهو رضاه، وإرادته الخير. (انقطع) في نسخة:"انقطعت"، زاد في نسخة:"تمن". (من كذا وكذا) أي: من أمانيك التي كانت لك قبل أن أذكرك بها. (أَقْبل يُذكِّرُهُ رَبُّه) بدل من (قال الله .. إلخ)، والمعنى: يذكره الأماني، وقوله:(ربُّه) تنازعه الفعلان قبله، (الأماني): جمع أمنية،
= مئة، ولم يخلف بما وراء النهر مثله. ومن تصانيفه: الإرشاد في معرفة رجال البخاري.
انظر: "تهذيب سير أعلام النبلاء" 2/ 249 (3706)، "شذرات الذهب" 3/ 151، "كشف الظنون" 1/ 88 "معجم المؤلفين" 1/ 260.
(1)
رواه مسلم (1650) كتاب: الإيمان، باب: ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها. بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة.
وأخرجه البخاري بلفظ مقارب برقم (6722) كتاب: كفارات الأيمان، باب: الكفارة قبل الحنث وبعده من حديث عبد الرحمن بن سمرة.