الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية
في إقامة الدلالة على أنه حجة إذا اقترن به الحكم
.
والخلاف فيه مع القاضي أبي بكر وغيره.
لنا: أنه يفيد ظن العلية فوجب أن يكون حجة؛ وإنما قلنا: إنه يفيد ظن العلية؛ لأن الحكم إذا كان ثابتًا في محل ولم يعلم هناك وصف مناسب بل علم حصول الوصف التشبهي على أحد الوجوه الثلاثة المذكورة في تفسيره أخيرًا/ (185/ أ) مع أوصاف أخر طردية، فإما أن يقال:
إن الحكم غير معلل بمصلحة أصلًا، وهو باطل لما تقدم أو هو معلل بمصلحة وهو الحق، وحينئذ إما أن يقال: تلك المصلحة إما أن توجد في ضمن الوصف الشبهي أو في ضمن الوصف الطردي؛ إذ لا يعلم هناك وصف
مناسب مستقل بعد البحث التام عنه فلم يجز إثباتها في ضمنه؛ لانعقاد الإجماع على أن إثبات الحكم الشرعي لا يجوز باحتمال وجود مدرك له بل لابد وأن يكون لمدرك معلوم، ولو جاز مثل ذلك لكن لا شك في أنه على خلاف الأصل؛ إذ الأصل [عدم] وجود وصف آخر هناك غير ما علم لكن الثاني باطل.
أما أولًا: فبالإجماع؛ لأن من لم يجوز التعليل بالشبه لم يجوز التعليل بالطرد، ومن جوزهما لم يجوز إحالة الحكم إلى الطرد مع وجود الشبه، وإحالة الحكم إلى الطرد مع وجود الشبه قول خلاف الإجماع.
وأما ثانيًا: فلأن الشبه إما مستلزم للمناسبة على ما ذكره القاضي أو موهم له على ما ذكرناه أخيرًا، أو هو عبارة عن ما عرف تأثير جنسه القريب في الجنس القريب للحكم على ما ذكرناه في التعريف الذي قبل الأخير وشيء من ذلك غير حاصل في الوصف الطردي فكان ظن كون الوصف الشبهي يتضمن تلك المصلحة أكثر، فلم يجز استناده إلى الوصف الطردي؛ إذ العمل بالظن المرجوح مع الظن الراجح غير جائز.
وأما أنه إذا أفاد ظن العلية وجب العمل به، فلما تقدم من الأدلة أن العلم بالظن واجب.
احتجوا بوجوه:
أحدها: أن الدليل يدل على عدم جواز التمسك بالعلة المظنونة على ما تقدم تقريره، ترك العلم به في العلة المناسبة لزيادة الظن فوجب أن يبقي ماعداها على الأصل.
وجوابه: ما سبق غير مرة.
وثانيها: أن الوصف الذي سميتموه شبهًا إن كان مناسبًا فهو مقبول بالاتفاق، وإن كان غير مناسب فهو الطرد المردود بالاتفاق.
وجوابه: أنا لا نسلم أن غير المناسب طرد مردود بالاتفاق؛ وهذا لأن غير المناسب ينقسم عندنا إلى شبه، وطرد، فالطرد مردود بالاتفاق، فلم قلت أن الشبه مردود وهذا أول المسألة؟
وثالثها: أن المعتمد في إثبات القياس عمل الصحابة ولم يثبت عنهم أنهم تمسكوا بالشبه.
وجوابه: أنه لا يلزم من نفي مدرك مخصوص نفي المدرك مطلقًا [ولا يلزم من عدم عمل الصحابة لهذا النوع من القياس عدم غيره من المدارك] فلا يلزم من عدم عملهم به عدم جواز العمل به لجواز أن يدل عليه مدرك آخر كما ذكرناه وغيره.