الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع
في تنقيح المناط
وقد عرفت فيما سبق أن إلحاق المسكوت عنه [بالمنصوص عليه] بإلغاء الفارق يسمى تنقيح المناط، وهو أن يقال: لا فرق بين الأصل والفرع إلا كذا وكذا، وذلك لا مدخل له في الحكم البتة فيلزم اشتراكهما في الحكم لاشتراكهما في الموجب له.
وهذا الذي يسميه الحنفية بالاستدلال، ويفرقون بينه وبين القياس بأن يخصصون اسم القياس بما يكون الإلحاق فيه بذكر الجامع الذي لا يفيد إلا غلبة الظن، والاستدلال بما يكون الإلحاق فيه بإلغاء الفارق الذي يفيد القطع حتى أجروه مجري القطعيات في النسخ به ونسخه فجوزوا الزيادة على النص به، ولم يجوزوا نسخه بخير الواحد.
والحق أن تنقيح المناط قياس خاص مندرج تحت مطلق القياس وهو عام يتناوله وغيره، وكل واحد من القياسين أعني ما يكون الإلحاق بذكر الجامع وبإلغاء الفارق يحتمل أن يكون ظنيًا وهو الأكثر إذ قلما يوجد الدليل القاطع على أن الجامع علة، أو أن ما به الامتياز لا مدخل له في العلية، وقد يكون قطعيًا بأن يوجد ذلك فيه، نعم حصول القطع فيما فيه الإلحاق بإلغاء الفارق أكثر من الذي فيه الإلحاق بذكر الجامع لكن ليس ذلك فرقًا في المعنى بل في
الوقوع، وحينئذ ظهر أنه لا فرق بينهما في المعني.
ثم اعلم أنه يمكن إيراد تنقيح المناط على وجهين:
أحدهما وهو الأقوى: أن هذا الحكم لابد له من علة لما تقدم، فتلك العلة إما المشترك بين الأصل والفرع، أو المختص بالأصل، وهذا الثاني باطل؛ لأن الفارق ملغي فيتعين الأول، وحينئذ يلزم ثبوت الحكم في الفرع لثبوت علته فيه.
وثانيهما: أن هذا الحكم لابد له من محل، وهو إما المشترك، أو المختص والمجموع المركب من المشترك والمختص داخل في هذا القسم؛ لأنه لم يوجد في غيره لكن لا يجوز أن يكون هو المختص، لأن الفرق ملغي فوجب أن يكون محله المشترك، ويلزم من هذا ثبوت الحكم في الفرع ضرورة حصوله في الفرع.
وهذا ضعيف؛ لأنه لا يلزم من وجود المحل وجود الحال فيه فلأن لا يلزم من تعميم المحل تعميم الحال فيه من الصفة أو الحكم بالطريق الأولى.
الفصل الثامن