المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة السادسةفي كيفية دفع النقض - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٨

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابعفي الركن الثالثوهو العلة

- ‌القسم الأول:في الطرق الدالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثانيفي إثبات العلية بالمناسبة والإخالةوهي من الطرق العقلية

- ‌المسألة الأولىفي تعريف المناسب:

- ‌المسألة الثانيةاعلم أن الحكم إذا شرع للمناسبة فلابد وأن يكون محصلًا للمصلحة أو دافعًا للمفسدة، أو محصلًا للمصلحة ودافعًا للمفسدة معًا

- ‌المسألة الثالثةفي تقسيم المناسب

- ‌المسألة الرابعةفي أن مناسبة المصلحة تبطل وتحرم بمناسبة مفسدة مساوية أو راجحة، وقال قوم لا تبطل وهو اختيار الإمام

- ‌المسألة الخامسةفي إقامة الدلالة على أن المناسبة دالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثالثفي قياس الشبه

- ‌المسألة الأولىفي تعريف ماهيته

- ‌المسألة الثانيةفي إقامة الدلالة على أنه حجة إذا اقترن به الحكم

- ‌المسألة الثالثةذهب بعض أصحابنا أن الوصف الشبهي إذا لم يعرف تأثير عينه في عين الحكم بل عرف تأثير جنسه القريب في الجنس القريب للحكم لا يكون حجة. وخالفه الباقون وهو المختار

- ‌الفصل الرابعفي الدورانويسمى بالطرد والعكس

- ‌الفصل الخامسفي السبر والتقسيم

- ‌الفصل السادسفي الطرد

- ‌الفصل السابعفي تنقيح المناط

- ‌الفصل الثامنفيما ظن أنه من طرق إثبات العلة وليس كذلك

- ‌القسم الثانيمن الطرق الدالة على أن الوصف لا يجوز أن يكون علة الحكم

- ‌الفصل الأولفي النقض

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن ذلك هل يقدح في علية الوصف أم لا

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بأن تخلف الحكم عن الوصف لمانع أو لغير مانع لا يقدح في عليته اتفقوا على أن تخلفه كذلك عن حكمة الوصف لا يقدح في عليته.فأما القائلون بأن تخلفه عن الوصف يقدح في عليته اختلفوا في أن تخلفه عن حكمه المقصودة هل يقدح في عليته أم لا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بتخصيص العلة اختلفوا في أنه هل يجب على المستدل ابتداء التعرض لنفي المانع، أم لا

- ‌المسألة الرابعةالقائلون بعدم تخصيص العلة اختلفوا في النقض إذا كان واردًا على سبيل الاستثناء

- ‌المسألة الخامسةفي الكسروهو نقض يرد على بعض أوصاف العلة

- ‌المسألة السادسةفي كيفية دفع النقض

- ‌الفصل الثانيفي عدم التأثير والعكس

- ‌المسألة الأولىفي معناهما:

- ‌المسألة الثانيةفي أن عدم التأثير يقدح في العلية

- ‌المسألة الثالثةفي أن العكس غير واجب في العلة عقلية كانت أو شرعية

- ‌الفصل الثالثفي القلب

- ‌المسألة الأولىفي حقيقته

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةفي أقسام القلب:

- ‌الفصل الرابعفي القول بالموجب

- ‌الفصل الخامسفي الفرق

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانيةيجوز تعليل الحكم الواحد نوعًا المختلف شخصًا بعلل مختلفة وفاقًا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بكون الفرق يقدح في العلية اختلفوا في أنه هل هو من تمامه ولوازمه نفيه عن الفرع أم لا

- ‌المسألة الرابعة

- ‌القسم الثالثفي أمور ظنت أنها تفسد العلة مع أنها ليست

- ‌المسألة الأولىفي تقسيم العلة

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في جواز التعليل بمحل الحكم، أو جزئه الخاص:

- ‌المسألة الثالثةالحق أنه لا يجوز أن تكون علة الحكم في الأصل بمعني الأمارة

- ‌المسألة الرابعةيجوز التعليل بالحكمة عند قوم.وقال قوم لا يجوز

- ‌المسألة الخامسةذهب جمع إلى جواز التعليل بالعدم ثبوتيا كان الحكم أو عدميا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في جواز تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي:

- ‌المسالة السابعةالتعليل بالأوصاف العرفية

- ‌المسألة الثامنةالتعليل بالوصف المركب جائز عند المعظم، وقال بعضهم لا يجوز

- ‌المسألة التاسعةأطبق الكل على أن العلة المنصوصة أو المجمع عليها يجوز أن تكون قاصرة، وأختلفوا في المستنبطة:

- ‌المسألة العاشرةاتفقوا على التعليل بمجرد الاسم غير جائز

- ‌المسألة الحادية عشرة

- ‌المسألة الثانية عشرةذهب الأكثرون إلى إنه لا يجوز التعليل بالصفات المقدرة، خلافا للأقلين من المتأخرين

- ‌المسألة الثالثة عشرةفي تقسيم العلة باعتبارات أخر غير ما تقدم

- ‌المسألة الرابعة عشرةاعلم أن الاستدلال قد يكون بذات العلة على الحكم، وقد يكون بعلية الحكم للحكم عليه

- ‌المسألة الخامسة عشرةاعلم أن تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي يسمى تعليلا بالمانع

- ‌خاتمة لهذا القسم بمسائل في أحكام العلة لم يتقدم ذكرها

- ‌المسألة الثانيةالوصف الذي جعل علة الحكم بمعنى الباعث لا شتمالها على الحكمة يجب أن لا يمكن بمثابة يلزم منه إثبات الحكم، أو نفيه مع القطع

- ‌المسألة الثالثةقيل الوصف الذي جعل ضابطا لحكمته يجب أن يكون جامعا للحكمة

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أنه لا يجوز تعليل الحكم بعلة متأخرة عنه في الوجود

- ‌المسألة الخامسة: (231/ أ)العلة المستنبطة من الحكم يجب أن لا ترجع إليه بالإبطال، ومعلوم أن ذلك لا يكون إلا في الأصل

- ‌الباب الخامسفي الركن الرابع وهو الفرع

- ‌النوع الخامس عشرفي الاعتراضات [وأجوبتها]

- ‌النوع السادس عشرالكلام في التعادل والتراجيح

- ‌ القسم الأول في التعادل

- ‌المسألة الأولىأطبق الكل على أن تعادل القاطعين المتنافيين عقليين كانا أو نقليين غير جائزة

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بجواز هذا التعادل [قالوا: إن وقع هذا التعادل]، للإنسان في عمل نفسه كان حكمه فيه التخيير، أو التساقط والرجوع إلى غيرهما

- ‌المسألة الثالثةالمجتهد إذا نقل عنه قولان كالوجوب والتحريم مثلاً

- ‌القسم الثانيفي التراجيح

- ‌الفصل الأولفي مقدمات التراجيح

- ‌المسالة الأولى: في حد الترجيح

- ‌المسألة الثانيةذهب الأكثرون إلى وجوب العمل بالراجح سواء كان الترجيح معلومًا أو مظنونًا

- ‌المسألة الثالثةلا يتطرق الترجيح إلى الأدلة القطعية

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أن العقليات لا يتطرق الترجيح إليها

- ‌المسالة الخامسةذهب الشافعي ومالك- رضي الله عنهما إلى أنه يجوز الترجيح بكثرة الأدلة، خلافًا للحنفية

- ‌المسألة السادسةإذا تعارض دليلان فإن لم يمكن العمل بكل واحد منهما بوجه دون وجه صير إلى الترجيح

- ‌المسألة السابعةإذا تعارض نصان فإما أن يكونا عامين، أو خاصين.أو أحدهما عامًا والآخر خاصًا

- ‌الفصل الثانيفي تراجيح الأخبار

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح الخبر بكيفية السند

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح الخبر بكيفية الرواية

- ‌المسألة الثالثةفي الترجيح بحال وروده

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح الخبر باعتبار اللفظ

- ‌المسألة الخامسةفي ترجيح الخبر باعتبار مدلوله وهو الحكم

- ‌المسالة السادسةفي ترجيح الخبر بالأمور الخارجية

- ‌الفصل الثالثفي ترجيح القياس بحسب علته

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح القياس بحسب ماهية علته

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح القياس بحسب الدليل الدال على وجود علته

- ‌المسألة الثالثةفي ترجيح القياس بسبب الدليل الدال على علية الوصف في الأصل

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح القياس بسبب وصف العلة

- ‌النوع السابع عشر في الاجتهاد

- ‌ المقدمة:

- ‌الفصل الأولفي المجتهد

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن الرسول- عليه السلام هل كان يجوز له الاجتهاد فيما لا نص فيه:

- ‌المسألة الثانيةاتفقوا على جواز الاجتهاد بعد الرسول- عليه السلام

- ‌المسأله الثالثةفي شرائط المجتهد

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن صفة الاجتهاد هل تحصل في فن دون فن أم لا

- ‌الفصل الثانيفي المجتهد فيه

- ‌المسألة الأولىذهب الجماهير إلى أنه ليس كل مجهد في الأصول مصيبًا

- ‌المسألة الثانيةفي تصويب المجتهدين في الأحكام الشرعية

- ‌النوع الثامن عشرالكلام في المفتي والمستفتي وما فيه الاستفتاء

- ‌الفصل الأول في المفتي

- ‌المسألة الأولىفي المفتي المجتهد إذا أفتى مرة بما أدى إليه اجتهاده، ثم سئل مرة أخرى عن تلك الحادثة بعينها:

- ‌المسألة الثانيةفي أن غير المجتهد هل يجوز له الفتوى بما يحكيه عن الغير من المجتهدين

- ‌المسألة الثالثةالمختار عند الأكثرين أنه يجوز خلو عصر من الأعصار عن الذي يمكن تفويض الفتوى إليه سواء كان مجتهدًا مطلقًا، أو كان مجتهدًا في مذهب المجتهد، ومنع منه الأقلون كالحنابلة

- ‌الفصل الثانيفي المستفتي

- ‌المسألة الأولىيجوز للعامي أن يقلد المجتهدين في مسائل الفروع اجتهادية كانت أو غير اجتهادية

- ‌المسألة الثانيةفي شرائط الاستفتاء

- ‌المسألة الثالثةالرجل الذي تنزل به الواقعة إن كان عاميًا صرفًا جاز له الاستفتاء

- ‌المسألة الرابعةالعامي إذا عمل بفتوى بعض المجتهدين في حكم حادثة وقلده فيه لم يجز له الرجوع عنه إلى حكم آخر في تلك الحادثة بعينها بفتوى غيره إجماعًا

- ‌النوع التاسع عشرالكلام في المدارك التي اختلف المجتهدون في أنها هل هي مدارك للأحكام أم لا

- ‌المسألة الأولىفي أن الأصل في المنافع الإذن، وفى المضار المنع خلافا لبعضهم

- ‌المسألة الثانيةفي استصحاب الحال

- ‌المسألة الثالثةفي أن النافي هل عليه دليل أم لا

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن مذهب الصحابي وقوله هل هو حجة على من بعدهم من التابعين أم لا

- ‌المسألة الخامسةفي المصالح المرسلة

- ‌المسألة السادسةفي الاستحسان

- ‌المسألة السابعةاختلفوا في أنه هل يجوز أن يقول الله تعالى لنبي أو لعام: احكم بما شئت، فإنك لا تحكم إلا بالصواب:

- ‌المسألة الثامنةذهب الشافعي رضي الله عنه وأصحابه إلى أنه يجوز الاعتماد في إثبات الأحكام على الأخذ بأقل ما قيل فيه خلافًا لبعضهم

- ‌المسألة التاسعةذهب بعضهم إلى أن الأخذ بأخف القولين واجب على المكلف

- ‌النوع العشرونالكلام في الاستدلال

- ‌المسألة الأولىفي معنى الاستدلال

- ‌المسألة الثانيةفيما يتعلق بالسبب والشرط والمانع

- ‌المسألة الثالثةفي الاستدلال بعدم ما يدل على الحكم على عدم الحكم

- ‌المسألة الرابعةمن جملة طرق الاستدلال والاستقراء

- ‌المسألة الخامسةفي الاستدلال على عدم الحكم

- ‌المسألة السادسةفي الاستدلال على ثبوت الحكم

الفصل: ‌المسألة السادسةفي كيفية دفع النقض

لأنا نقول: إدخاله في التعليل لفائدة الاحتراز به متوقف على كونه جزء العلة، فإن بتقدير أن لا يكون جزء العلة لم يندفع به النقض الوارد على العلة؛ إذ العلة وأجزاؤها حينئذ ما عداه وهو أجنبي بالنسبة إلى ماهية العلة وأجزائها والنقض لا يندفع بأمر أجنبي فإذا ثبت أنه ليس جزء العلة لم يمكن الاحتراز به عن النقض لاستحالة وجود التوقف بدون المتوقف عليه، وهذا التقرير أولى من تقرير إلزام الدور وهو كما يقال: إمكان الاحتراز به يتوقف على كونه جزءًا، وكونه جزءًا يتوقف على إمكان الاحتراز به فيلزم الدور لأن ذلك لو سلم للزم منه الدور وهو غير ممتنع.

‌المسألة السادسة

في كيفية دفع النقض

.

وليس له طريق إلا أحد الأمرين:

أحدهما: المنع من حصول تمام العلة في صورة النقض.

وثانيهما: المنع من عدم الحكم فيها.

أما القسم الأول ففيه أبحاث:

أحدهما: أن المستدل إذا منع حصول وجود العلة في صورة النقض فهل يمكن المعترض من إقامة الدلالة عليه أم لا؟ اختلفوا فيه:

الأكثرون أنه لا يمكن؛ لأنه انتقال من مسألة قبل تمامها إلى أخرى إذ وجود العلة في صورة النقض مسألة أخرى غير التي أقام المستدل عليها الدليل والعلم بذلك ضروري، ولأن فيه قلب القاعدة، فإن المعترض يصير مستدلًا،

ص: 3428

والمستدل يصير معترضًا، فلو قال المعترض: ما ذكرت من الدلالة على وجود العلة في الفرع فهو بعينه دالة على وجود العلة في صورة النقض، فهذا لو صح كان ذلك نقضًا لدليل وجود العلة في الفرع لا على كون ذلك الوصف علة للحكم فيكون انتقالًا من السؤال الأول إلى غيره فيعد منقطعًا.

نعم لو قال ذلك ابتداء، أو قال: يلزمك أحد بالأمرين إما نقض العلة أو نقض الدليل الدال على وجودها في الفرع كان مسموعًا متجهًا يحتاج المستدل إلى الجواب عنه.

ومنهم من قال: يمكن من ذلك مطلقًا؛ لأنه لو لم يمكن منه فربما يفضي ذلك إلى عدم حصول فائدة المناظرة بل إلى المكابرة والعناد، فإن المستدل قد يستمر على المنع من وجود العلة في صورة النقض مع ظهور وجودها فيها، فلا سبيل إلى الدفع إلا بإقامة الدلالة عليه، ولأن فيه/ (203/ أ) تحقيق النقض فهو إذن من متمماته فله ذلك توسعة للطريق إلى ما رام من إبطال كلام خصمه.

ومنهم من قال: أن تعين ذلك طريقًا للمعترض في قدح كلام المستدل مكن منه، وإن كان هناك طريق آخر أولى منه في القدح في كلامه لم يمكن منه.

ومنهم من قال: إن كانت العلة حكمًا شرعيًا لم يمكن منه وإلا مكن لانتشار

ص: 3429

الكلام في الحكم الشرعي جدًا بخلاف غيره فإن الأمر فيه قريب.

ثانيهما: ثم اعلم أن المنع من وجود العلة في صورة النقض لا يكون جزافًا ومكابرة بل يكون بناء على وجود قيد مناسب أو مؤثر في العلة وهو غير حاصل في صورة النقض، وذلك القيد لا يخلو إما أن يكون جليًا أو خفيًا:

فإن كان جليًا كقولنا في الحلي: مال معد لاستعمال مباح فوجب أن لا تجب الزكاة فيه كثياب البذلة وعبيد الخدمة، فإن نقض بالحلي المحذور فاندفاع النقض به ظاهر، لأنه غير معد لاستعمال مباح.

وكقولنا: طهارة عن حدث، فيشترط فيها النية كالتيمم، فنقض بالطهارة عن النجاسة، فاندفاع النقض به أيضًا ظاهر فإن الحدث ليس هو النجاسة.

وإن كان خفيًا فإما أن يكون معناه واحدًا، أو متعددًا، إما بطريق التواطؤ، أو بطريق الاشتراك، فهذه أقسام ثلاثة.

ص: 3430

أولها: أن يكون معناه واحدًا كقولنا في السلم الحال: عقد معاوضة فلا يكون الأجل من شرطه كالبيع، فلو نقض بالكتابة، فدفعه بأن يقال: أنها ليست عقد معاوضة؛ إذ هي بيع مال الإنسان بمال نفسه وهو غير جائز، بل هي عقد إرفاق، ولهذا لا يختل مقصودها لفساد العوض.

وكقولنا في قصر الصلاة: رخصة شرعت للتخفيف فلا يجب الأخذ به كالإفطار في الصوم، فينقض بأكل الميتة حال الاضطرار.

ودفعه أن يقال: لا نسلم أنه حيث يجب شرع للتخفيف، بل للضرورة وقيام البينة.

وثانيها: أن يكون معناه متعددا بطريق التواطؤ كقولنا في الصوم: عبادة متكررة، فتفتقر إلى تعيين النية كالصلاة.

فينقض بالحج، فإنه يتكرر على الأشخاص.

ودفعه بأن المراد من التكرار التكرار بحسب الأزمان والأشخاص، أو بحسب الأزمان، وما ذكرتم من النقض ليس كذلك بل هو متكرر بحسب الأشخاص فقط.

وكقولنا في مسألة أنه يحج عن الميت المستطيع وإن لم يوص: أنه حق لازم عليه فوجب أن يقض عنه سواء أوصى أولم يوص كالدين، فنقض بالصلاة والصوم.

ودفعه بعد تسليم الحكم وعدم الفرق الإجمالي بأن يقال: الحق اللازم مقدم على الحق المالي وعلى غيره بالتواطؤ، والأول هو المراد في هذا المقام دون الثاني الذي هو المراد من النقض.

ص: 3431

وثالثها: كقولنا: جمع الطلاق في القرؤ الواحد فلا يكون مبتدعًا كما لو طلقها- ثلاثًا- في قرء واحد، مع الرجعة بين التطليقتين.

فنقض بما لو طلقها ثلاثًا في الحيض، فإنه جمع الطلاق في القرء الواحد مع أنه يكون مبتدعًا وفاقًا.

ودفعه بأن يقال: المراد من القرؤ ها هنا الطهر.

وما يقال: من أنه يدفع أيضًا بتفسير اللفظ، كما يقال في المتولد بين الظبي والغنم: حيوان متولد بين ما لا زكاة فيه بحال، [وبين ما لا يجب فيه، فوجب أن لا تجب فيه الزكاة قياسًا على ما إذا كانت الأمهات ظبيًا، فنقض بالمتولد بين السائمة والمعلوفة من البقر والغنم، فدفع بأنه لا يصدق المعلوفة أنه لا تجب فيه الزكاة بحال] فإنها إذا أسمت تجب فيها الزكاة ويكون اللفظ لا يتناوله بحسب العرف أو بحسب الشرع وكل ذلك داخل فيما تقدم يعرف ذلك بالتأمل.

وثالثها: في أنه هل يجوز دفع النقض بالقيد الطردي أم لا؟

اعلم أن الذين جوزوا التعليل به فقد اتفقوا على جواز ذلك، وأما الذين منعوا منه فقد اختلفوا فيه:

والأكثرون منهم منعوا منه وهو الحق؛ لأنه إذا لم يكن لذلك القيد مدخل في المناسبة لم يصلح أن يجعل جزء العلة، [لأن جزء العلة يجب أن يكون له مدخل في المناسبة فإذا لم يجز أن يجعل جزء العلة] لم يجز دفع النقض به لما عرفت من قبل، ولأنه لو جاز دفعه بالقيد الطردي لجاز دفعه

ص: 3432

بنعيق الغراب، وصرير الباب، والوقت والزمان واللازم باطل فالملزوم مثله، وهذا إنما يتجه ويرد على التفسير الثاني الطردي.

ومنهم من جوزه محتجًا: بأن الشيء وحده ربما لا يكون مؤثرًا في الشيء ولكن مع شيء آخر قد يكون مؤثرًا فيه، وحينئذ يجوز أن يدفع به النقض.

وجوابه: أنه يجوز ذلك لو أنه حصل بشرائطه، وقد ذكرنا أن شرطه مفقود فوجب أن لا يصح.

وأما القسم الثاني، وهو دفع النقض بمنع عدم الحكم ففيه أبحاث أيضًا:

البحث الأول: [المستدل] إذا منع عدم الحكم في صورة النقض ففي تمكين المعترض من إقامة الدلالة عليه ما سبق من المذاهب الثلاثة:

الأول في منع وجود العلة في صورة النقض.

الثاني عدم الحكم إن كان متفقًا عليه بين المستدل وخصمه توجه النقض لا محالة، وكذا إن كان مذهبًا للمستدل فقط لأنه إذا لم يف بمقتضي علته/ (204/ أ) في الاطراد فلأن لا يجب على غيره كان أولى.

وإن كان مذهبًا لخصمه فقط ما نقول: هذا الوصف مما لا يطرد على أصلي فإنه ثابت في الصورة العلانية، والحكم غير ثابت فيها عندي فلا يلزمني الانقياد إليه، ثم يتوجه النقض على المستدل؛ لأن خلاف الخصم في تلك المسألة كخلافه في المسألة المتنازع فيها وهو محجوج بذلك الدليل في المسألتين معًا.

الثالث: المنع من عدم الحكم قد يكون ظاهرًا بأن يكون الحكم ثابتًا فيها جزمًا على رأي المستدل إن كان مجتهدًا، أو على رأي إمامه إن كان مقلدًا

ص: 3433

ناصرًا لمذهبه، أو على أحد قوليه غير المرجوع عنه، أو على أحد قولي أصحابه المستخرجين على قواعد مذهبه أولا يعرف له فيها نص لا بإثبات الحكم ولا بنفيه كان له أن يمنع عدم الحكم فيها إذ ظاهر ما ذكر من القياس وعلته يقتضي أن يكون حجة فله أن يتمسك به لما لم يعلم له نقضًا، وليس له أن يلتزم فيها الحكم [بمقتضي العلة لأنه ليس له أن يثبت المذهب لصاحبه بالقياس.

وقيل: إذا اقتضي علته ثبوت الحكم] فيما لا يعرف لإمامه فيه نصًا لم يتمسك به بل ينبغي أن يتوقف فيه لئلا يكون متمسكًا بالعلة المنقوضة.

وقيل: له أن يلتزم الحكم بمقتضي علته في تلك الصورة لأن ظاهر علته يقتضي ثبوت الحكم فيها. وقد يكون خفيًا وهو على وجوه:

أحدها: كقولنا في السلم الحال: عقد معاوضة، فلا يكون الأجل من شرطه كالبيع.

فإذا نقض بالإجارة قلنا: ليس الأجل بشرط في الإجارة بل هو تقدير للمعقود عليه.

وثانيها: كقولنا في الإجارة: عقد معاوضة، فلا ينفسخ بالموت كالبيع.

فلو نقض بالنكاح.

قلنا: لا نسلم أن النكاح يبطل بالموت وينفسخ؛ وهذا لأنه لو كان فسخًا لكان إذا حصل قبل الدخول كان مشطرًا للصداق أو مسقطًا له بالكلية، وليس كذلك بل يتقرر به المهر كما في الوطء فليس هو بفسخ بل هو نهايته وغايته، وذهاب الشيء لانتهائه إلى غايته لا يكون فسخًا وبطلانًا.

ص: 3434

وثالثها: كقولنا فيما إذا قال الرجل أنت طالق ونوى ثلاثًا صح؛ لأنه نوى ما يحتمله اللفظ فوجب أن تعتبر نيته كما إذا قال: أنت طالق طلاقًا، فإذا نقض بما إذا نوى بقوله: أنت طالق طلاقًا عن وثاق فإنه لا تعتبر نيته.

قلنا: لا نسلم بل تعتبر نيته فيما بينه وبين الله تعالى.

الرابع: المقصود من تعليل الحكم إما إثباته ونفيه معًا، أو أحدهما.

فإن كان الأول وجب أن يكون الحكم مطردًا ومنعكسًا مع علته كالحد مع المحدود فمتى ثبت عند عدمه أو عدم عند ثبوته كان النقض متوجهًا عليه، وإن كان الثاني فالحكم إما أن يكون مجملًا، أو مفصلًا، وكل واحد منهما إما في طرف الثبوت، أو في طرف الانتفاء فهذه أقسام أربعة:

الأول: إثبات الحكم مجملًا ومعناه: أنه يدعي ثبوت الحكم ولو في صورة واحدة، فهذا لا ينتقض بالنفي مفصلًا- وهو النفي عن صورة معينة؛ لأن ثبوت الحكم مجملًا يكفي فيه ثبوته في صورة واحدة والثبوت في صورة واحدة لا يناقضه النفي في صورة معينة أخرى بل يناقضه نفي الحكم مجملًا.

مثاله: قولنا في وجوب الزكاة في مال الصبي: إنه حر مسلم مالك النصاب فتجب الزكاة في ماله كالبالغ، فإذا نقض بالحلي، وثياب البذلة، وعبيد الخدمة لم يتجه لما عرفت.

الثاني: نفي الحكم مجملًا- ومعناه: أنه لا يثبت الحكم في صورة ألبتة وكان قياس ما سبق [في الإثبات أن يكون معناه نفي الحكم عن صورة واحدة وذلك لا يقتضي نفي الحكم] عن كل الصور كما لا يقتضي هذا المفهوم

ص: 3435

في الإثبات في كل الصور ولكن لعلمهم إنما اصطلحوا عليه؛ لأنه يفهم من قولنا: نفي الشيء مجملًا ما يفهم من قولنا: نفاه مطلقًا وهو يفهم منه عموم النفي بخلاف قولنا: أثبته مطلقًا فإنه يفهم منه في الأكثر إثباته في الجملة وبالجملة هو الاصطلاح ليس فيه كبير أمر ويناقض نفي الحكم مجملًا إثباته مفصلًا، لأن نقيض السالبة الكلية الموجبة الجزئية.

مثاله: قول القائل فيما إذا قطع مملوك طرف مملوك آخر: إنهما مملوكان فلا يجري القصاص بينهما كالصغيرين.

فنقض بجريان القصاص [في النفس.

الثالث: إثبات الحكم مفصلًا ومعناه إثبات الحكم] في صورة معينة ويناقضه نفي الحكم مجملًا لا نفي الحكم مفصلًا، لأن الجزئيتين لا تتناقضان.

مثاله: قول الحنفي في جريان القصاص بين المسلم والكافر الذمي في حالة العمد: أنهما محقونا الدم فوجب أن يجري بينهما القصاص كالمسلمين وينقضه بالأب والابن فإنه لا يجري بينهما قصاص بحال، ولا يناقضه إذا بين عدم جريان القصاص بينهما حالة الخطأ لما عرفت.

الرابع: نفي الحكم مفصلًا لا يناقضه إثباته مجملًا ولا إثباته مفصلًا لما تقدم من أن الجزئيتين لا يتناقضان؛ فإن نفي الحكم مفصلًا معناه نفي الحكم في صورة معينة [وإثبات الحكم مفصلًا معناه ثبوته في صورة معينة] فهما جزئيتان فلا يتناقضان [لكن] يناقضه الإثبات العام فإن نقيض السالبة الجزئية الموجبة الكلية.

ص: 3436

وينبغي أن يعد هذا القسم مع الأقسام المذكورة فإن المدعي قد يكون إثبات الحكم على وجه التعميم وحينئذ يناقضه نفي/ (205/ أ) الحكم مفصلًا ومثاله لا يخفي مما سبق.

البحث الخامس: الحكم إذا كان ثابتًا تقديرًا لا تحقيقيًا، فإنه يكون دافعًا للنقض على الرأي الأظهر فإن المقدر كالمحقق في ثبوت ما يترتب من الأحكام على المحقق فإذا كان كذلك وجب أن يكون دافعًا للنقض كما إذا كان متحققًا.

مثاله: قولنا ملك الأم علة لرق الولد، فإذا نقض ذلك بولد المغرور بحرية الجارية إذ ينعقد الولد حرًا.

قيل: لا نسلم أنه لم يثبت الرق فيه ألبتة بل حصل ثم اندفع بدليل أنه يجب غرم قيمة الولد، لولا أن الرق في حكم الحاصل المندفع وإلا لما وجبت قيمة الولد.

ص: 3437

الفصل الثاني

في عدم التأثير والعكس

ص: 3439