المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثالثةفي تقسيم المناسب - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٨

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابعفي الركن الثالثوهو العلة

- ‌القسم الأول:في الطرق الدالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثانيفي إثبات العلية بالمناسبة والإخالةوهي من الطرق العقلية

- ‌المسألة الأولىفي تعريف المناسب:

- ‌المسألة الثانيةاعلم أن الحكم إذا شرع للمناسبة فلابد وأن يكون محصلًا للمصلحة أو دافعًا للمفسدة، أو محصلًا للمصلحة ودافعًا للمفسدة معًا

- ‌المسألة الثالثةفي تقسيم المناسب

- ‌المسألة الرابعةفي أن مناسبة المصلحة تبطل وتحرم بمناسبة مفسدة مساوية أو راجحة، وقال قوم لا تبطل وهو اختيار الإمام

- ‌المسألة الخامسةفي إقامة الدلالة على أن المناسبة دالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثالثفي قياس الشبه

- ‌المسألة الأولىفي تعريف ماهيته

- ‌المسألة الثانيةفي إقامة الدلالة على أنه حجة إذا اقترن به الحكم

- ‌المسألة الثالثةذهب بعض أصحابنا أن الوصف الشبهي إذا لم يعرف تأثير عينه في عين الحكم بل عرف تأثير جنسه القريب في الجنس القريب للحكم لا يكون حجة. وخالفه الباقون وهو المختار

- ‌الفصل الرابعفي الدورانويسمى بالطرد والعكس

- ‌الفصل الخامسفي السبر والتقسيم

- ‌الفصل السادسفي الطرد

- ‌الفصل السابعفي تنقيح المناط

- ‌الفصل الثامنفيما ظن أنه من طرق إثبات العلة وليس كذلك

- ‌القسم الثانيمن الطرق الدالة على أن الوصف لا يجوز أن يكون علة الحكم

- ‌الفصل الأولفي النقض

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن ذلك هل يقدح في علية الوصف أم لا

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بأن تخلف الحكم عن الوصف لمانع أو لغير مانع لا يقدح في عليته اتفقوا على أن تخلفه كذلك عن حكمة الوصف لا يقدح في عليته.فأما القائلون بأن تخلفه عن الوصف يقدح في عليته اختلفوا في أن تخلفه عن حكمه المقصودة هل يقدح في عليته أم لا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بتخصيص العلة اختلفوا في أنه هل يجب على المستدل ابتداء التعرض لنفي المانع، أم لا

- ‌المسألة الرابعةالقائلون بعدم تخصيص العلة اختلفوا في النقض إذا كان واردًا على سبيل الاستثناء

- ‌المسألة الخامسةفي الكسروهو نقض يرد على بعض أوصاف العلة

- ‌المسألة السادسةفي كيفية دفع النقض

- ‌الفصل الثانيفي عدم التأثير والعكس

- ‌المسألة الأولىفي معناهما:

- ‌المسألة الثانيةفي أن عدم التأثير يقدح في العلية

- ‌المسألة الثالثةفي أن العكس غير واجب في العلة عقلية كانت أو شرعية

- ‌الفصل الثالثفي القلب

- ‌المسألة الأولىفي حقيقته

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةفي أقسام القلب:

- ‌الفصل الرابعفي القول بالموجب

- ‌الفصل الخامسفي الفرق

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانيةيجوز تعليل الحكم الواحد نوعًا المختلف شخصًا بعلل مختلفة وفاقًا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بكون الفرق يقدح في العلية اختلفوا في أنه هل هو من تمامه ولوازمه نفيه عن الفرع أم لا

- ‌المسألة الرابعة

- ‌القسم الثالثفي أمور ظنت أنها تفسد العلة مع أنها ليست

- ‌المسألة الأولىفي تقسيم العلة

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في جواز التعليل بمحل الحكم، أو جزئه الخاص:

- ‌المسألة الثالثةالحق أنه لا يجوز أن تكون علة الحكم في الأصل بمعني الأمارة

- ‌المسألة الرابعةيجوز التعليل بالحكمة عند قوم.وقال قوم لا يجوز

- ‌المسألة الخامسةذهب جمع إلى جواز التعليل بالعدم ثبوتيا كان الحكم أو عدميا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في جواز تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي:

- ‌المسالة السابعةالتعليل بالأوصاف العرفية

- ‌المسألة الثامنةالتعليل بالوصف المركب جائز عند المعظم، وقال بعضهم لا يجوز

- ‌المسألة التاسعةأطبق الكل على أن العلة المنصوصة أو المجمع عليها يجوز أن تكون قاصرة، وأختلفوا في المستنبطة:

- ‌المسألة العاشرةاتفقوا على التعليل بمجرد الاسم غير جائز

- ‌المسألة الحادية عشرة

- ‌المسألة الثانية عشرةذهب الأكثرون إلى إنه لا يجوز التعليل بالصفات المقدرة، خلافا للأقلين من المتأخرين

- ‌المسألة الثالثة عشرةفي تقسيم العلة باعتبارات أخر غير ما تقدم

- ‌المسألة الرابعة عشرةاعلم أن الاستدلال قد يكون بذات العلة على الحكم، وقد يكون بعلية الحكم للحكم عليه

- ‌المسألة الخامسة عشرةاعلم أن تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي يسمى تعليلا بالمانع

- ‌خاتمة لهذا القسم بمسائل في أحكام العلة لم يتقدم ذكرها

- ‌المسألة الثانيةالوصف الذي جعل علة الحكم بمعنى الباعث لا شتمالها على الحكمة يجب أن لا يمكن بمثابة يلزم منه إثبات الحكم، أو نفيه مع القطع

- ‌المسألة الثالثةقيل الوصف الذي جعل ضابطا لحكمته يجب أن يكون جامعا للحكمة

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أنه لا يجوز تعليل الحكم بعلة متأخرة عنه في الوجود

- ‌المسألة الخامسة: (231/ أ)العلة المستنبطة من الحكم يجب أن لا ترجع إليه بالإبطال، ومعلوم أن ذلك لا يكون إلا في الأصل

- ‌الباب الخامسفي الركن الرابع وهو الفرع

- ‌النوع الخامس عشرفي الاعتراضات [وأجوبتها]

- ‌النوع السادس عشرالكلام في التعادل والتراجيح

- ‌ القسم الأول في التعادل

- ‌المسألة الأولىأطبق الكل على أن تعادل القاطعين المتنافيين عقليين كانا أو نقليين غير جائزة

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بجواز هذا التعادل [قالوا: إن وقع هذا التعادل]، للإنسان في عمل نفسه كان حكمه فيه التخيير، أو التساقط والرجوع إلى غيرهما

- ‌المسألة الثالثةالمجتهد إذا نقل عنه قولان كالوجوب والتحريم مثلاً

- ‌القسم الثانيفي التراجيح

- ‌الفصل الأولفي مقدمات التراجيح

- ‌المسالة الأولى: في حد الترجيح

- ‌المسألة الثانيةذهب الأكثرون إلى وجوب العمل بالراجح سواء كان الترجيح معلومًا أو مظنونًا

- ‌المسألة الثالثةلا يتطرق الترجيح إلى الأدلة القطعية

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أن العقليات لا يتطرق الترجيح إليها

- ‌المسالة الخامسةذهب الشافعي ومالك- رضي الله عنهما إلى أنه يجوز الترجيح بكثرة الأدلة، خلافًا للحنفية

- ‌المسألة السادسةإذا تعارض دليلان فإن لم يمكن العمل بكل واحد منهما بوجه دون وجه صير إلى الترجيح

- ‌المسألة السابعةإذا تعارض نصان فإما أن يكونا عامين، أو خاصين.أو أحدهما عامًا والآخر خاصًا

- ‌الفصل الثانيفي تراجيح الأخبار

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح الخبر بكيفية السند

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح الخبر بكيفية الرواية

- ‌المسألة الثالثةفي الترجيح بحال وروده

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح الخبر باعتبار اللفظ

- ‌المسألة الخامسةفي ترجيح الخبر باعتبار مدلوله وهو الحكم

- ‌المسالة السادسةفي ترجيح الخبر بالأمور الخارجية

- ‌الفصل الثالثفي ترجيح القياس بحسب علته

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح القياس بحسب ماهية علته

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح القياس بحسب الدليل الدال على وجود علته

- ‌المسألة الثالثةفي ترجيح القياس بسبب الدليل الدال على علية الوصف في الأصل

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح القياس بسبب وصف العلة

- ‌النوع السابع عشر في الاجتهاد

- ‌ المقدمة:

- ‌الفصل الأولفي المجتهد

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن الرسول- عليه السلام هل كان يجوز له الاجتهاد فيما لا نص فيه:

- ‌المسألة الثانيةاتفقوا على جواز الاجتهاد بعد الرسول- عليه السلام

- ‌المسأله الثالثةفي شرائط المجتهد

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن صفة الاجتهاد هل تحصل في فن دون فن أم لا

- ‌الفصل الثانيفي المجتهد فيه

- ‌المسألة الأولىذهب الجماهير إلى أنه ليس كل مجهد في الأصول مصيبًا

- ‌المسألة الثانيةفي تصويب المجتهدين في الأحكام الشرعية

- ‌النوع الثامن عشرالكلام في المفتي والمستفتي وما فيه الاستفتاء

- ‌الفصل الأول في المفتي

- ‌المسألة الأولىفي المفتي المجتهد إذا أفتى مرة بما أدى إليه اجتهاده، ثم سئل مرة أخرى عن تلك الحادثة بعينها:

- ‌المسألة الثانيةفي أن غير المجتهد هل يجوز له الفتوى بما يحكيه عن الغير من المجتهدين

- ‌المسألة الثالثةالمختار عند الأكثرين أنه يجوز خلو عصر من الأعصار عن الذي يمكن تفويض الفتوى إليه سواء كان مجتهدًا مطلقًا، أو كان مجتهدًا في مذهب المجتهد، ومنع منه الأقلون كالحنابلة

- ‌الفصل الثانيفي المستفتي

- ‌المسألة الأولىيجوز للعامي أن يقلد المجتهدين في مسائل الفروع اجتهادية كانت أو غير اجتهادية

- ‌المسألة الثانيةفي شرائط الاستفتاء

- ‌المسألة الثالثةالرجل الذي تنزل به الواقعة إن كان عاميًا صرفًا جاز له الاستفتاء

- ‌المسألة الرابعةالعامي إذا عمل بفتوى بعض المجتهدين في حكم حادثة وقلده فيه لم يجز له الرجوع عنه إلى حكم آخر في تلك الحادثة بعينها بفتوى غيره إجماعًا

- ‌النوع التاسع عشرالكلام في المدارك التي اختلف المجتهدون في أنها هل هي مدارك للأحكام أم لا

- ‌المسألة الأولىفي أن الأصل في المنافع الإذن، وفى المضار المنع خلافا لبعضهم

- ‌المسألة الثانيةفي استصحاب الحال

- ‌المسألة الثالثةفي أن النافي هل عليه دليل أم لا

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن مذهب الصحابي وقوله هل هو حجة على من بعدهم من التابعين أم لا

- ‌المسألة الخامسةفي المصالح المرسلة

- ‌المسألة السادسةفي الاستحسان

- ‌المسألة السابعةاختلفوا في أنه هل يجوز أن يقول الله تعالى لنبي أو لعام: احكم بما شئت، فإنك لا تحكم إلا بالصواب:

- ‌المسألة الثامنةذهب الشافعي رضي الله عنه وأصحابه إلى أنه يجوز الاعتماد في إثبات الأحكام على الأخذ بأقل ما قيل فيه خلافًا لبعضهم

- ‌المسألة التاسعةذهب بعضهم إلى أن الأخذ بأخف القولين واجب على المكلف

- ‌النوع العشرونالكلام في الاستدلال

- ‌المسألة الأولىفي معنى الاستدلال

- ‌المسألة الثانيةفيما يتعلق بالسبب والشرط والمانع

- ‌المسألة الثالثةفي الاستدلال بعدم ما يدل على الحكم على عدم الحكم

- ‌المسألة الرابعةمن جملة طرق الاستدلال والاستقراء

- ‌المسألة الخامسةفي الاستدلال على عدم الحكم

- ‌المسألة السادسةفي الاستدلال على ثبوت الحكم

الفصل: ‌المسألة الثالثةفي تقسيم المناسب

‌المسألة الثالثة

في تقسيم المناسب

.

وهو من وجوه:

أحدها: أن المناسب إما حقيقي، وإما إقناعي، ويظهر لك معنى الحقيقي عند تفسيرنا الإقناعي إذ قيل: بضدها تتبين الأشياء.

والحقيقي إما لمصلحة تتعلق بالدنيا، أو لمصلحة تتعلق بالآخرة أولهما.

أما الأول فهو على أقسام: وذلك لأن رعاية تلك المصلحة، إما أن تكون في محل الضرورة أو لا تكون، والتي لا تكون في محل الضرورة فإما أن تكون تابعة ومكملة للتي في محل الضرورة [أو لا تكون، والتي لا تكون مكملة للتي في محل الضرورة] فإما أن تكون في محل الحاجة أو لا تكون في محل الحاجة، والتي لا تكون في محل الحاجة فإما أن تكون مكملة للتي في محل الحاجة [أو لا تكون كذلك بل هي جارية مجرى التحسينات والتزيينات، وهي إما أن تكون على] خلاف قاعدة معتبرة أو لا، فهذه أقسام ستة:

أولها: التي في محل الضرورة، وهي التي تتضمن حفظ مقصود من المقاصد الخمس التي لا تختلف فيها الشرائع والملل بل هي مطبقة على حفظها

ص: 3295

ورعايتها وهي الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والنسب والمال.

أما الدين فقط حفظ بشرع قتل المرتد، وقتال الكفار، وكون الذمي لا يقتل ولا يقاتل لا يخل بهذا المقصود؛ لأنه استسلم لأحكام الشرع فليس له دعوة باطنًا، ولا شوكة ظاهرًا يفسد على الناس دينهم بخلاف الحربى.

وأما النفس فقد حفظت بشرع القصاص قال الله تعالى: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} .

وأما العقل فقد حفظ بتحريم المسكر وترتيب الحد على شربه/ (173/ أ)

وأما النسل والنسب فقد حفظ بتحريم اللواط والزنا، وشرع الحد والعقوبة على فعليهما؛ إذ المزاحمة على الأبضاع تفضي إلى اختلاط الأنساب، المفضي إلى انقطاع التعهد عن الأولاد المفضي إلى إهلاكهم.

وأما المال فقد حفظ بتحريم الغصب والاختلاس والسرقة وشرع الزواجر والحد على تعاطيها، فهذه الخمسة هي المصالح الضرورية التي هي أعلى مراتب المصالح والمناسبات.

وثانيها: التي تكون مكملة للضرورية، وذلك كالمبالغة في حفظ الدين

ص: 3296

بتحريم البدعة، وعقوبة المبتدع الداعي إليها، وكالمبالغة في حفظ العقل بتحريم شرب قليل المسكر وترتيب الحد عليه، وكالمبالغة في حفظ النسب والنسل بتحريم النظر والمس وترتيب الزجر على ذلك.

وثالثها: التي تكون في محل الحاجة فكتمكين الولي من تزويج الصغيرة؛ فإن مصالح النكاح غير ضرورية لها في الحال لكن الحاجة داعية إلى ذلك، إذ الكفء الموافق لا يوجد في كل حال، فلو لم يقيده بالنكاح فربما فات لا إلى بدل عند الحاجة إليه، ومثلا تجويز البيع والإجارة وغيرهما في عموم الأحوال وإن كان منه ما ينتهي إلى حد الضرورة كتمكين الولي من شراء الطعام والملبوس للصغير الذي في معرض التلف من الجوع والبرد وكتمكينه من استئجار المرضعة له.

ورابعها: التي تكون مكملة للتي في محل الحاجة وهي كرعاية الكفاءة، ومهر المثل في تزويج الصغيرة، فإنه أفضى إلى دوام النكاح وتكميل مقاصده، وإن كان أصل الحاجة حاصلة بدون ذلك.

وخامسها: التي تكون جارية مجرى التحسينات من غير أن تعارضها قاعدة معتبرة كتحريم تناول المستخبثات، وسلب أهلية الشهادة عن العبيد.

أما الأول: فلأن تناولها من جملة المستقبحات فيكون اجتنابها من المستحسنات، وتحريمها مما يفضى إلى الاجتناب فيكون من المستحسنات.

وأما الثاني: فلأن العبد نازل القدر، وضيع المنزلة على ما لا يخفي

ص: 3297

تعليل ذلك، والشهادة منصب شريف فلا يليق بحاله جريًا على ما اعتاده الناس من محاسن العادات فإنهم يرون إثبات المنصب الشريف لو ضيع الحال من قبيح التصرفات.

وأما سلب ولايته على من يلي أمره لو كان حرًا فليس من هذا القبيل، بل هو من قبيل الحاجات لمناسبة المصلحة؛ إذ الولاية عليه تستدعي الفراغ والخلو عن الأشغال حتى يتفرغ للنظر في حاله وقضاء مهماته في غالب الأوقات، والعبد غير متفرغ لذلك لاشتغاله بخدمة السيد، ولو فرض الخلو عنها في أكثر الأوقات فإنه لا يناسب الإثبات أيضًا؛ إذ لا يؤمن عن ذلك في كل وقت لما أنه تحت تسخيره في كل وقت بخلاف الشهادة فإنها لا تتفق في غالب الأوقات بل في نادره.

وسادسها: التي من قبيل التحسينات لكنها تعارضها قاعدة معتبرة وهي "كالكتابة" فإنها وإن كانت مستحسنة في العادات ومعدودة من المكرمات لكنها في الحقيقة بيع الرجل ما له بماله وهو غير معقول.

وأما القسم الثاني: فهو ما يتعلق بالمصالح الأخروية، وهي المصالح التي يحصل برعايتها تزكية النفوس عن الرذائل، وتحليتها بالفضائل، وتهذيب الأخلاق، وحصول الثواب ودفع العقاب في الدار الآخرة.

وأما القسم الثالث وهو ما يتعلق بالمصالح الدنيوية والأخروية معًا، فهي التي يحصل برعايتها بعض ما تقدم من مصالح الدنيوية والأخروية كإيجاب الكفارات، فإنه يحصل به الزجر عن تعاطي تلك الأفعال التي بسببها وجبت الكفارات، ويحصل تكفير الذنوب، وتلافى التقصير الذي حصل له من

ص: 3298

فعلها

ثم اعلم أنه قد يقع في كل قسم من هذه الأقسام ما يظهر كونه منه، وقد يقع فيه ما لا يظهر كونه منه.

أما الأول فهو كوجوب القصاص بالقتل بالمثقل، فإنه يظهر أنه من قبيل المصلحة الضرورية في حفظ النفوس؛ لأنه لو لم يوجب القصاص به لما حصل حفظ النفوس وأن شرع القصاص في المحدد؛ لأن كل من يريد أن يقتل انسانًا فإنه يعدل عن المحدد الى المثقل، دفعًا للقصاص عن نفسه؛ إذ ليس في المثقل زيادة مؤنة ليست في المحدد حتى يمكن أن يقال إنه لا يكثر به القتل بسبب تلك المؤنة كما يكثر في المحدد فعدم وجوب القصاص فيه لا يفضى الى الهرج والمرج كما في المحدد بل كان المثقل أسهل من المحدد لوجوده من غير عوض، فكل شرع روعي فيه حفظ النفوس لا يجوز أن يخلو عن وجوب القصاص بالمثقل.

وأما الثاني فهو ما لا يظهر كونه من ذلك القسم، وهذا ينقسم إلى ما يظهر منه أنه ليس من ذلك القسم [وإلى ما لا يظهر منه ذلك أيضًا بل يتساوى فيه الأمران أعنى كونه من ذلك القسم] أو ليس منه.

أما الأول: فهو كإيجاب القصاص بالقتل بغرز الإبرة في غير مقتل بحيث لا يعقب ألمًا وورمًا ظاهرًا، فإنه يظهر منه أنه ليس من قبيل رعاية المصالح الضرورية؛ إذ لا يفضى ذلك إلى إهدار النفوس إلا على الندور فلم يكن إيجاب القصاص فيه من قبيل رعاية المصالح الضرورية في حفظ النفوس.

وأما الثاني/ (174/أ) فهو كإيجاب قطع الأيدي باليد الواحدة فإنه

ص: 3299

يحتمل أن يكون من قبيل رعاية المصلحة الضرورية؛ إذ لو لم يوجب ذلك لأدى الأمر إلى أن كل من أراد قطع يد إنسان استعان بشريك، ليدفع عن نفسه القصاص وحينئذ تبطل فائدة شرعية القصاص.

ويحتمل أن لا يكون منه؛ لأنه يحتاج فيه إلى أن يشاركه فيه غيره والظاهر من حال ذلك الغير أن لا يساعده عليه فلم تكن المصلحة في وجوب القصاص ها هنا كالمصلحة في وجوب القصاص في المنفرد.

وأما المناسب الإقناعي فهو الذي يظهر منه في بادئ الأمر أنه مناسب لكن إذا بحث عنه حق البحث يظهر أنه غير مناسب.

مثاله: ما يقوله أصحابنا في عدم جواز بيع الكلب والسرقين، قياسًا على الخمر والميتة والعذرة: إن كون الشيء نجسًا يناسب إذلاله ومقابلته بالمال في البيع إعزاز له فالجمع بينهما متناقض، فإذا كان هذا الوصف يناسب عدم جواز البيع، وقد اقترن هذا الحكم به في المقيس عليه وجب أن يكون هذا الوصف علة لعدم جواز البيع؛ لأن المناسبة مع الاقتران دليل العلية، ثم

ص: 3300

ثم الوصف حاصل في الفرع فوجب أن لا يجوز البيع، فهذا وإن كان يظهر منه المناسبة في أول الأمر، لكنه عند حصول إمعان النظر فيه يظهر أنه ليس كذلك؛ إذ لا معنى لكون الشيء نجسًا إلا أنه لا تجوز الصلاة معه، ولا مناسبة بين هذا المعنى وبين عدم جواز البيع.

وثانيها: الوصف المناسب بحسب شهادة الشرع لاعتباره وعدم اعتباره ينقسم إلي ثلاثة أقسام:

وذلك لأنه إما أن يعلم أن الشارع اعتبره أو لا يعلم ذلك، وحينئذ إما أن يعلم أنه ألغاه أو لا يعلم واحد منهما.

وأما الأول فهو على أقسام:

وذلك لأنه إما أن يعلم أنه اعتبره الشارع بخصوص وصفه، أو بعموم وصفه، أو بهما معًا.

وعلى التقديرات الثلاثة فإما أن يكون في عين الحكم، أو في جنسه أو فيهما معًا، فإذا ضربت الثلاثة الأول في الثلاثة الأخيرة حصلت أقسام تسعة فهذه الأقسام بحسب القسمة العقلية، وأما الواقع منها في الشرع فإنما هو أقسام خمسة هي:

أولها: ما عرف اعتباره في الشرع بخصوص الوصف في خصوص الحكم، وبعموم الوصف في عموم الحكم، وهو كقياس القتل بالمثقل على الجارح في وجوب القصاص بجامع كونه قتلًا عمدًا عدوانًا، وأنه قد عرف تأثير خصوص كونه قتلًا عمدًا عدوانًا في خصوص الحكم، وهو وجوب القصاص في النفس في المحدد، وعرف تأثير جنسه وهو عموم كونه جناية على المحل المعصوم في عموم الحكم وهو وجوب القصاص كما في الأطراف،

ص: 3301

وهذا القسم يسمى بالمناسب الملائم وهو متفق عليه بين القائسين.

وثانيها: ما عرف اعتباره بخصوص كونه وصفًا في خصوص الحكم وهو كقياس تحريم النبيذ على تحريم الخمر بجامع كونها مسكرة، فإنه عرف تأثير. وصف الإسكار في التحريم في الخمر، ولم يعرف تأثيره في جنس الحكم، ولا تأثير جنسه في عين الحكم، ولا تأثير جنسه في جنسه.

ولا يخفي عليك أن انتفاء هذه الأقسام تارة بانتفاء التأثير، وتارة بانتفاء الجنسية، وهذا القسم يسمي بالمناسب الغير الملائم، وبالمناسب الغريب، وهذا على تقدير أن لا يرد فيه نص ولا إيماء دال على كون السكر علة التحريم فأما على تقدير ورود ذلك خرج هذا عن أن يكون من هذا القسم إذ عرفت عليته حينئذ بالنص أو بالإيماء لا بالمناسبة، وهذا القسم مختلف فيه بين القائسين:

فمنهم من أنكر العمل به.

ومنهم من اعترف به وهو الأولي؛ لأنه يفيد ظن العلية؛ إذ لا تفاوت بين السكر وبين الحرمتين، واختلاف المحل لا مدخل له في الحكم ظاهرًا فأينما ثبت السكر ثبت التحريم، ولأن الحكم لا بد له من علة إذ الحكم بلا علة إما ممتنع عقلًا أو عادةً- على اختلاف المذهبين- وتلك العلة إما ظاهرة لنا أو غير ظاهرة لنا، الثاني باطل؛ لأنه يلزم منه كون ذلك الحكم تعبديًا وهو خلاف الأصل وفاقًا، فيتعين الثاني، ولزم منه أن يكون ذلك الوصف علة لذلك الحكم وهو المطلوب.

وثالثها: ما عرف اعتباره بخصوص كونه وصفًا في عموم الحكم، وهو

ص: 3302

كقياس تقديم الأخوة من الأب والأم على الأخوة من الأب في النكاح على تقديمهم عليهم في الإرث والصلاة، فإن الأخوة من الأب والأم نوع واحد في الصورتين ولم يعرف تأثيره في التقديم في ولاية النكاح لكن عرف تأثيره في جنسه وهو التقديم عليهم فيما يثبت لكل واحد منهما عند عدم الآخر كما في الإرث والصلاة.

وهذا القسم دون الثاني؛ لأن الاختلاف بين الخاصين أقل من الاختلاف بين الخاص والعام، فكان ظن العلية في الأول أكثر.

ورابعها: عكسه وهو ما عرف اعتباره بعموم الوصفية في خصوص الحكم، وهو كقياس إسقاط القضاء عن الحائض على إسقاط قضاء الركعتين الساقطتين عن المسافر تعليلًا بالمشقة، والمشقة جنس وإسقاط قضاء الصلاة/ (175/ أ) نوع واحد يشتمل على صنفين، إسقاط قضاء الكل وإسقاط قضاء البعض، وقد ظهر تأثيرها في هذا النوع ضرورة تأثيرها في إسقاط قضاء الركعتين.

وهذا القسم والثالث متقاربان لكن الثالث أولي؛ لأن الإبهام في العلة أكثر محذورًا من الإبهام في المعلول.

وخامسها: ما عرف اعتبار جنس الوصف في جنس الحكم وهو كتعليل [كون] حد الشرب ثمانين بأنه مظنة القذف ضرورة أنه مظنة الافتراء فوجب أن يقام مقامه قياسًا على الخلوة، فإنها لما كانت مظنة الوطء، أقيمت

ص: 3303

مقامه في الحرمة فكذا ما نحن فيه، والجامع كون كل واحد منهما مظنة.

ثم قد عرف أن الجنس ينقسم إلى عال ليس فوقه جنس، وإلي متوسط فوقه وتحته جنس، وإلي سافل ليس تحته جنس وفوقه جنس [فأعم أوصاف الوصف هو كونه وصفًا يناط به الحكم فيندرج تحته المناسب وغيره وأخص منه المناسب] فيخرج منه غيره، وأخص منه الضروري فيخرج منه ما ليس بضروري، وأخص من الضروري في حفظ الدين أو النفس فيخرج منه ما عداه، وأعم أوصاف الحكم هو كونه حكمًا شرعيًا، وأخص منه كونه واجبًا أو ندبًا أو محرمًا، وأخص منه كونه عبادة وغيرها، وأخص منها كونه صلاة وغيرها، وأخص منها الفرض والنقل هكذا وقع في كلام بعضهم، ولا يستقيم ذلك إلا إذا حمل الخصوص على الخصوص من وجه دون وجه، وإلا لزم حصول الوجوب في صلاة النفل ضرورة أن العام حاصل في الخاص وهو ممتنع.

ثم كل ما كان الخصوص فيه أكثر من جهة الوصف والحكم من هذه المراتب كان ظن كونه معتبرًا في ذلك الحكم أكثر.

وأما القسم الثاني وهو المناسب الذي يعلم أن الشارع ألغاه فهو كقول بعض العلماء لبعض الملوك لما سأله عما ذا يجب عليه وقد أفطر في نهار رمضان بالوقاع عمدًا؟ يجب عليك صوم شهرين متتابعين. فقيل له: أليس أن هذه الكفارة مرتبة أولها العتق فهلا أمرته بذلك مع سعة قدرته عليه؟ فقال: لو أمرته بذلك لهان عليه الأمر فربما كان لا ينزجر عن ذلك، وأقدم

ص: 3304

على مثله مرات أخر واستحقر ذلك في قضاء شهوة الوقاع، فكانت المصلحة في إيجاب صوم الشهرين لينزجر عن مثله كرة أخرى، فهذا وإن كان مناسبًا لكن ألغاه الشارع ولم يلتفت إليه حيث أوجب هذه الكفارة بصريح النص [مرتبة من غير فصل بين المكلفين والقول به مخالفة للنص*] فيكون باطلًا، وكيف لا وفتح هذا الباب يفضى إلي [تغيير] قواعد الشرع وقوانينها عند تغير الأحوال هذا مع ما أنه يتضمن مفسدة تربو على ما تخيله من المصلحة وهي عدم الثقة للمكلفين بمقول العلماء وعدم الاعتماد على فتواهم، فإنه إذا عرف ذلك من صنيعهم لم يحصل الظن بصدقهم فيما يفتون به، وذلك يفضى أن لا يعمل العامي بالشرع أصلًا.

وأما القسم الثالث وهو المناسب الذي لا يعلم أن الشارع اعتبره أو ألغاه فهو الذي لا يشهد له أصل معين من أصول الشريعة بالاعتبار بطريق من الطرق وهذا هو المسمى (بالمصالح المرسلة) وستعرف هل هي حجة أم لا؟

واعلم أن هذا إنما يكون بحسب أوصاف أخص من كونه وصفًا مصلحيًا

ص: 3305

وإلا فعموم كونه وصفًا مصلحيًا مشهود له بالاعتبار، فلا يتصور أن لا يشهد له أصل معين باعتباره بل كل الأصول تشهد له بذلك الاعتبار.

ص: 3306

التقسيم الثالث

المناسب إما مؤثر أو غير مؤثر، وغير المؤثر إما ملائم أو غير ملائم، وغير الملائم إما غريب، أو مرسل، أو ملغى؛ وذلك لأن المناسب إما معتبر أو غير معتبر والمعتبر إما عين الوصف في عين الحكم، أو عينه في جنسه أو جنسه في عين الحكم أو جنسه فإن كان الأول والثاني فإما أن يكون اعتباره فيهما بالنص أو بالإجماع أو بالإيماء والتنبيه أو لا بل بالمناسبة أو غيرها من الطرق العقلية.

فإن كان الأول فهو المؤثر يسمى بذلك لأنه ظهر تأثيره فيهما فلا يحتاج فيه إلى المناسبة، وهو كتعليل الولاية في النكاح بالصغر دون البكارة. فإنه قد ظهر تأثيره في الولاية عليه في عين النكاح بالإجماع.

ومنهم من قال: إن ما يعرف اعتباره بالإيماء والشبه فليس بمؤثر بل هو ملائم أو غريب.

وإن كان الثاني فالأول منهما هو المناسب الغريب وهو كالمسكر في تحريم الخمر على الوجه الذي تقدم ذكره، والثاني منهما هو الملائم، وإن كان الثالث والرابع فهما أيضًا معدودان من الملائم.

وغير المعتبر إما ملغى وهو الذي ثبت أنه ألغاه الشارع كما تقدم مثاله، أو غير ملغى هو المناسب المرسل وهو إن ثبت عدم مجانسة جنسه القريب فمردود وفاقًا وإلا فمختلف فيه على ما سيأتي شرح ذلك- إن شاء الله تعالى-.

ص: 3307

التقسيم الرابع

المناسب إما محصل للمصلحة الدنيوية أو الدينية أو لهما معًا.

أما الأول فإما أن يكون محصلًا لأصل المقصود، أو تكميل المقصود وكل واحد منهما إما محصل له في الابتداء أو في الدوام فهو إذن أقسام أربعة:

أولهما/ (176/ أ): ما يحصل أصل المقصود ابتداءً، وهو كالبيع والنكاح والإجارة الصادرة من الأهل المضافة إلى المحل، فإنها تحصل ما يترتب عليها من المقاصد الأصلية كملك العين والبضع، والمنفعة.

وثانيها: ما يحصل أصل المقصود دوامًا وهو كشرعية القصاص في القطع والقتل فإنه يحصل المقصود الأصلي وهو حفظ النفس لكن في الدوام.

وثالثها: ما يحصل تكميل المقصود في الابتداء كاشتراط طهارة البدن والمكان، وتوجه القبلة، وستر العورة في الصلاة؛ وذلك لأن المقصود الأصلي من الصلاة إنما هو تعظيم الرب سبحانه وتعالى، وكون العبد ذاكرًا في كل ساعة بأن له خالقًا يستحق العبادة والتعظيم، ولا شك في أن هذا المقصود يكمل باشتراط هذه الأمور في ابتداء الشروع.

ورابعها: ما يحصل المقصود التكميلي وهو كاشتراط عدم الكلام في الدوام، فإنه لو أبيح له ذلك لأخل بكمال التعظيم في الدوام.

ص: 3308