الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معللًا به.
فإن قلت: ذلك إنما يلزم في العلة بمعني "المؤثر" أو الداعي أما بمعني "المعرف" فلا؛ وهذا لأن الباري تعالى كان موجودًا قبل العالم، ويبقي كذلك بعد فنائه مع أنه معرف لوجوده تعالى.
قلت: إن ذلك وإن كان جائزًا في مطلق المعرف لكنه غير جائز في الأحكام الشرعية وإلا لزم التكليف لما لا يطاق؛ لأن الحكم بعد ذهاب الوصف لا دليل عليه، والتكليف بما لا دليل عليه تكليف لما لا يطاق ولأن الوصف إذا لم يكن مؤثرًا ولا مناسبًا ولا شبه فيه ولا غيره من أمارات العلية كان وصفًا طرديا بالتفسير الثاني، وقد ثبت أنه لا يجوز التعليل به، فلا يجوز بالوصف الذي شأنه ما ذكرناه، فيكون عدم التأثير قادحًا في العلية.
المسألة الثالثة
في أن العكس غير واجب في العلة عقلية كانت أو شرعية
عند المعتزلة وبعض أصحابنا كالإمام، وقال قوم أنه واجب مطلقًا.
ومنهم من فصل بين العقلية والشرعية فأوجب في الأول دون الثاني وهو قول أكثر أصحابنا.
ومنهم من قال يجب ذلك في المستنبطة دون المنصوصة.
وقال الشيخ الغزالي- رحمه الله:" الوجه في المسألة وهو أن يقال: الحكم إن لم يكن له إلا علة واحدة فالعكس لازم لا لأن انتفاء العلة يوجب
انتفاء الحكم [بل] لأن الحكم لابد له من علة، فإذا اتحدت العلة وانتفت فلو نفي الحكم لكان ثابتًا من غير علة، وإن كان له علل فلا يلزم من انتفاء بعضها انتفاء الحكم، بل إنما يلزم انتفاء الحكم عند انتفاء جميعها وينبغي أن لا يكون في هذا خلاف ونزاع لأحد".
وعند هذا يظهر أن هذه المسألة فرع مسألة: أنه هل يجوز تعليل الحكم الواحد يعلل مختلفة أم لا؟ وسيأتي الكلام في ذلك نفيًا وإثباتًا فلا حاجة إلى أن تفرد هذه المسألة بالكلام وحدها.
وأما ما استدل به الإمام على جواز ذلك في العلل العقلية، وهو:
أن المختلفين يشتركان في كون كل واحد منهما مخالفًا للآخر، وتلك المخالفة من لوازم ماهيتهما، ولوازم الماهية معلولات [الماهية] على ما عرف ذلك في الكلام، وحينئذ يلزم أن يكون قد اجتمع على ذلك الاختلاف/ (206/ أ) الذي هو أمر واحد علتان مختلفان وهما الماهيتان المختلفتان. فضعيف.
أما أولًا: فلأنا لا نسلم أن ذلك الاختلاف أمر واحد؛ وهذا لأن مخالفة هذا لصاحبه غير مخالفة صاحبه لهذا والمعلل بكل واحد منها خصوصية مخالفته لا مطلق المخالفة، ولا نسلم أن إطلاق المخالفة عليهما بالتواطؤ، بل هو بالاشتراك اللفظي.
سلمناه لكن لا نسلم أن لوازم الماهية معلولاتها وما ذكر من الأدلة عليه فقد عرف ضعفه في محله.
فإن قلت: العلل الشرعية أدلة على الأحكام ولا شك أنه لا يلزم من انتفاء الدليل على الشيء انتفاؤه في نفسه، وحينئذ لا يلزم من انتفاء العلة انتفاء حكمها وإن كانت واحدة.
قلت: سبق الجواب عنه من قبل.
فإن قلت: غاية ما ذكرتم ثمة أنه حينئذ ينفي الحكم بلا دليل وأنه يستلزم التكليف بما لا يطاق.
فنقول: التكليف بما لا يطاق إنما يلزم أن لو كان الحكم إذ ذاك مكلف به وهو ممنوع فجاز أن يكون الحكم ثابتًا إذ ذاك فلا يكون مكلفًا به.
قلت: المعني من انتفاء الحكم عند انتفاء العلة إذا كانت واحدة انتفاء العلم أو الظن وانتفاؤه في نفسه على وجه يصح أن يكون مكلفًا به لا انتفاؤه في نفسه مطلقًا.
الفصل الثالث
في القلب