المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الخامسة عشرةاعلم أن تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي يسمى تعليلا بالمانع - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٨

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابعفي الركن الثالثوهو العلة

- ‌القسم الأول:في الطرق الدالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثانيفي إثبات العلية بالمناسبة والإخالةوهي من الطرق العقلية

- ‌المسألة الأولىفي تعريف المناسب:

- ‌المسألة الثانيةاعلم أن الحكم إذا شرع للمناسبة فلابد وأن يكون محصلًا للمصلحة أو دافعًا للمفسدة، أو محصلًا للمصلحة ودافعًا للمفسدة معًا

- ‌المسألة الثالثةفي تقسيم المناسب

- ‌المسألة الرابعةفي أن مناسبة المصلحة تبطل وتحرم بمناسبة مفسدة مساوية أو راجحة، وقال قوم لا تبطل وهو اختيار الإمام

- ‌المسألة الخامسةفي إقامة الدلالة على أن المناسبة دالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثالثفي قياس الشبه

- ‌المسألة الأولىفي تعريف ماهيته

- ‌المسألة الثانيةفي إقامة الدلالة على أنه حجة إذا اقترن به الحكم

- ‌المسألة الثالثةذهب بعض أصحابنا أن الوصف الشبهي إذا لم يعرف تأثير عينه في عين الحكم بل عرف تأثير جنسه القريب في الجنس القريب للحكم لا يكون حجة. وخالفه الباقون وهو المختار

- ‌الفصل الرابعفي الدورانويسمى بالطرد والعكس

- ‌الفصل الخامسفي السبر والتقسيم

- ‌الفصل السادسفي الطرد

- ‌الفصل السابعفي تنقيح المناط

- ‌الفصل الثامنفيما ظن أنه من طرق إثبات العلة وليس كذلك

- ‌القسم الثانيمن الطرق الدالة على أن الوصف لا يجوز أن يكون علة الحكم

- ‌الفصل الأولفي النقض

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن ذلك هل يقدح في علية الوصف أم لا

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بأن تخلف الحكم عن الوصف لمانع أو لغير مانع لا يقدح في عليته اتفقوا على أن تخلفه كذلك عن حكمة الوصف لا يقدح في عليته.فأما القائلون بأن تخلفه عن الوصف يقدح في عليته اختلفوا في أن تخلفه عن حكمه المقصودة هل يقدح في عليته أم لا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بتخصيص العلة اختلفوا في أنه هل يجب على المستدل ابتداء التعرض لنفي المانع، أم لا

- ‌المسألة الرابعةالقائلون بعدم تخصيص العلة اختلفوا في النقض إذا كان واردًا على سبيل الاستثناء

- ‌المسألة الخامسةفي الكسروهو نقض يرد على بعض أوصاف العلة

- ‌المسألة السادسةفي كيفية دفع النقض

- ‌الفصل الثانيفي عدم التأثير والعكس

- ‌المسألة الأولىفي معناهما:

- ‌المسألة الثانيةفي أن عدم التأثير يقدح في العلية

- ‌المسألة الثالثةفي أن العكس غير واجب في العلة عقلية كانت أو شرعية

- ‌الفصل الثالثفي القلب

- ‌المسألة الأولىفي حقيقته

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةفي أقسام القلب:

- ‌الفصل الرابعفي القول بالموجب

- ‌الفصل الخامسفي الفرق

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانيةيجوز تعليل الحكم الواحد نوعًا المختلف شخصًا بعلل مختلفة وفاقًا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بكون الفرق يقدح في العلية اختلفوا في أنه هل هو من تمامه ولوازمه نفيه عن الفرع أم لا

- ‌المسألة الرابعة

- ‌القسم الثالثفي أمور ظنت أنها تفسد العلة مع أنها ليست

- ‌المسألة الأولىفي تقسيم العلة

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في جواز التعليل بمحل الحكم، أو جزئه الخاص:

- ‌المسألة الثالثةالحق أنه لا يجوز أن تكون علة الحكم في الأصل بمعني الأمارة

- ‌المسألة الرابعةيجوز التعليل بالحكمة عند قوم.وقال قوم لا يجوز

- ‌المسألة الخامسةذهب جمع إلى جواز التعليل بالعدم ثبوتيا كان الحكم أو عدميا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في جواز تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي:

- ‌المسالة السابعةالتعليل بالأوصاف العرفية

- ‌المسألة الثامنةالتعليل بالوصف المركب جائز عند المعظم، وقال بعضهم لا يجوز

- ‌المسألة التاسعةأطبق الكل على أن العلة المنصوصة أو المجمع عليها يجوز أن تكون قاصرة، وأختلفوا في المستنبطة:

- ‌المسألة العاشرةاتفقوا على التعليل بمجرد الاسم غير جائز

- ‌المسألة الحادية عشرة

- ‌المسألة الثانية عشرةذهب الأكثرون إلى إنه لا يجوز التعليل بالصفات المقدرة، خلافا للأقلين من المتأخرين

- ‌المسألة الثالثة عشرةفي تقسيم العلة باعتبارات أخر غير ما تقدم

- ‌المسألة الرابعة عشرةاعلم أن الاستدلال قد يكون بذات العلة على الحكم، وقد يكون بعلية الحكم للحكم عليه

- ‌المسألة الخامسة عشرةاعلم أن تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي يسمى تعليلا بالمانع

- ‌خاتمة لهذا القسم بمسائل في أحكام العلة لم يتقدم ذكرها

- ‌المسألة الثانيةالوصف الذي جعل علة الحكم بمعنى الباعث لا شتمالها على الحكمة يجب أن لا يمكن بمثابة يلزم منه إثبات الحكم، أو نفيه مع القطع

- ‌المسألة الثالثةقيل الوصف الذي جعل ضابطا لحكمته يجب أن يكون جامعا للحكمة

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أنه لا يجوز تعليل الحكم بعلة متأخرة عنه في الوجود

- ‌المسألة الخامسة: (231/ أ)العلة المستنبطة من الحكم يجب أن لا ترجع إليه بالإبطال، ومعلوم أن ذلك لا يكون إلا في الأصل

- ‌الباب الخامسفي الركن الرابع وهو الفرع

- ‌النوع الخامس عشرفي الاعتراضات [وأجوبتها]

- ‌النوع السادس عشرالكلام في التعادل والتراجيح

- ‌ القسم الأول في التعادل

- ‌المسألة الأولىأطبق الكل على أن تعادل القاطعين المتنافيين عقليين كانا أو نقليين غير جائزة

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بجواز هذا التعادل [قالوا: إن وقع هذا التعادل]، للإنسان في عمل نفسه كان حكمه فيه التخيير، أو التساقط والرجوع إلى غيرهما

- ‌المسألة الثالثةالمجتهد إذا نقل عنه قولان كالوجوب والتحريم مثلاً

- ‌القسم الثانيفي التراجيح

- ‌الفصل الأولفي مقدمات التراجيح

- ‌المسالة الأولى: في حد الترجيح

- ‌المسألة الثانيةذهب الأكثرون إلى وجوب العمل بالراجح سواء كان الترجيح معلومًا أو مظنونًا

- ‌المسألة الثالثةلا يتطرق الترجيح إلى الأدلة القطعية

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أن العقليات لا يتطرق الترجيح إليها

- ‌المسالة الخامسةذهب الشافعي ومالك- رضي الله عنهما إلى أنه يجوز الترجيح بكثرة الأدلة، خلافًا للحنفية

- ‌المسألة السادسةإذا تعارض دليلان فإن لم يمكن العمل بكل واحد منهما بوجه دون وجه صير إلى الترجيح

- ‌المسألة السابعةإذا تعارض نصان فإما أن يكونا عامين، أو خاصين.أو أحدهما عامًا والآخر خاصًا

- ‌الفصل الثانيفي تراجيح الأخبار

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح الخبر بكيفية السند

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح الخبر بكيفية الرواية

- ‌المسألة الثالثةفي الترجيح بحال وروده

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح الخبر باعتبار اللفظ

- ‌المسألة الخامسةفي ترجيح الخبر باعتبار مدلوله وهو الحكم

- ‌المسالة السادسةفي ترجيح الخبر بالأمور الخارجية

- ‌الفصل الثالثفي ترجيح القياس بحسب علته

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح القياس بحسب ماهية علته

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح القياس بحسب الدليل الدال على وجود علته

- ‌المسألة الثالثةفي ترجيح القياس بسبب الدليل الدال على علية الوصف في الأصل

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح القياس بسبب وصف العلة

- ‌النوع السابع عشر في الاجتهاد

- ‌ المقدمة:

- ‌الفصل الأولفي المجتهد

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن الرسول- عليه السلام هل كان يجوز له الاجتهاد فيما لا نص فيه:

- ‌المسألة الثانيةاتفقوا على جواز الاجتهاد بعد الرسول- عليه السلام

- ‌المسأله الثالثةفي شرائط المجتهد

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن صفة الاجتهاد هل تحصل في فن دون فن أم لا

- ‌الفصل الثانيفي المجتهد فيه

- ‌المسألة الأولىذهب الجماهير إلى أنه ليس كل مجهد في الأصول مصيبًا

- ‌المسألة الثانيةفي تصويب المجتهدين في الأحكام الشرعية

- ‌النوع الثامن عشرالكلام في المفتي والمستفتي وما فيه الاستفتاء

- ‌الفصل الأول في المفتي

- ‌المسألة الأولىفي المفتي المجتهد إذا أفتى مرة بما أدى إليه اجتهاده، ثم سئل مرة أخرى عن تلك الحادثة بعينها:

- ‌المسألة الثانيةفي أن غير المجتهد هل يجوز له الفتوى بما يحكيه عن الغير من المجتهدين

- ‌المسألة الثالثةالمختار عند الأكثرين أنه يجوز خلو عصر من الأعصار عن الذي يمكن تفويض الفتوى إليه سواء كان مجتهدًا مطلقًا، أو كان مجتهدًا في مذهب المجتهد، ومنع منه الأقلون كالحنابلة

- ‌الفصل الثانيفي المستفتي

- ‌المسألة الأولىيجوز للعامي أن يقلد المجتهدين في مسائل الفروع اجتهادية كانت أو غير اجتهادية

- ‌المسألة الثانيةفي شرائط الاستفتاء

- ‌المسألة الثالثةالرجل الذي تنزل به الواقعة إن كان عاميًا صرفًا جاز له الاستفتاء

- ‌المسألة الرابعةالعامي إذا عمل بفتوى بعض المجتهدين في حكم حادثة وقلده فيه لم يجز له الرجوع عنه إلى حكم آخر في تلك الحادثة بعينها بفتوى غيره إجماعًا

- ‌النوع التاسع عشرالكلام في المدارك التي اختلف المجتهدون في أنها هل هي مدارك للأحكام أم لا

- ‌المسألة الأولىفي أن الأصل في المنافع الإذن، وفى المضار المنع خلافا لبعضهم

- ‌المسألة الثانيةفي استصحاب الحال

- ‌المسألة الثالثةفي أن النافي هل عليه دليل أم لا

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن مذهب الصحابي وقوله هل هو حجة على من بعدهم من التابعين أم لا

- ‌المسألة الخامسةفي المصالح المرسلة

- ‌المسألة السادسةفي الاستحسان

- ‌المسألة السابعةاختلفوا في أنه هل يجوز أن يقول الله تعالى لنبي أو لعام: احكم بما شئت، فإنك لا تحكم إلا بالصواب:

- ‌المسألة الثامنةذهب الشافعي رضي الله عنه وأصحابه إلى أنه يجوز الاعتماد في إثبات الأحكام على الأخذ بأقل ما قيل فيه خلافًا لبعضهم

- ‌المسألة التاسعةذهب بعضهم إلى أن الأخذ بأخف القولين واجب على المكلف

- ‌النوع العشرونالكلام في الاستدلال

- ‌المسألة الأولىفي معنى الاستدلال

- ‌المسألة الثانيةفيما يتعلق بالسبب والشرط والمانع

- ‌المسألة الثالثةفي الاستدلال بعدم ما يدل على الحكم على عدم الحكم

- ‌المسألة الرابعةمن جملة طرق الاستدلال والاستقراء

- ‌المسألة الخامسةفي الاستدلال على عدم الحكم

- ‌المسألة السادسةفي الاستدلال على ثبوت الحكم

الفصل: ‌المسألة الخامسة عشرةاعلم أن تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي يسمى تعليلا بالمانع

الاستدلال بالشيء على نفسه وهو ممتنع، وإن كان غيرها لزم الدور على ما سبق، فعلى التقديرين الاستدلال بالعلية على ثبوت الحكم وترتبه على العلة ممتنع وهو المقصود، والاستدلال بعلية العلة له صورتان:

إحدهما: أن يقال: سببه وجوب القصاص حاصل فيجب القصاص.

وثانيها: أن يقال: قتل عمد عدوان سبب لوجوب القصاص حاصل فيجب القصاص ففي الأول يجعل نفس السببية علة ودليلا، وفي الثانية جزء العلة جزؤ الدليل وكلاهما باطلان كما سبق.

‌المسألة الخامسة عشرة

اعلم أن تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي يسمى تعليلا بالمانع

.

واختلفوا في أنه هل يشترط في صحة هذا التعليل بيان وجود المقتضي أم لا؟

فذهب جمع إلى اشتراطه.

وأباه الآخرون.

ولا يخفى عليك أن هذا الخلاف إنما يتأتى إذا جوزنا تخصيص العلة فأما إذا لم نجوز ذلك فلا يتصور هذا الخلاف؛ لأن التعليل بالمانع حينئذ لا يتصور

ص: 3537

فضلا عن أن يكون مشروطا ببيان وجود المقتضى أم لا، وكذا الخلاف فيما إذا علل عدم الحكم بفوات شرط.

احتج الأولون بوجوه:

أحدها: أن الأحكام مشروعة لمصالح الخلق على ما تقدم تقريره، فما لا مصلحة فيه لا فائدة في شرعه، وما لا فائدة في/ (227/أ) شرعه يكون انتفاؤه لانتفاء فائدته، سواء وجد هناك ما يقتضي عدمه أو لم يوجد. وفرق بين عدم الحكم لعدم المقتضى، وبين عدم الحكم لمقتضى العدم، فإن الأول نفى للمقتضي، والثاني إثبات له، وهو غير مستلزم له وإذا كان كذلك كان عدم الحكم لعدم المقتضي لا لوجود المانع فما لم يوجد المقتضي للإثبات كان نفي الحكم للمانع أو للشرط ممتنعا.

وجوابه: أنا نسلم أن عدمه لعدم المقتضي، لكن لا نسلم أن ذلك يقتضي أن لا يكون عدمه لوجود المانع، وما الدليل عليه؟

فإن قلت: الدليل عليه وهو أنه يلزم منه إثبات الثابت وتحصيل الحاصل وهو ممتنع.

قلت: لا نسلم لزوم هذا الذي يدل على تعليله بالمانع أنه لو لم يكن معللا به أيضا لزم الترك بالمناسبة والاقتران، وأنه خلاف الأصل، ولأن علل الشرع أدلة ومعرفات فلا يمتنع اجتماعها على مدلول واحد] ومعرف واحد [فلا يلزم من تعليله بعدم المقتضي امتناع تعليله بوجود المانع.

ص: 3538

وثانيها: أنه لو علل عدم الحكم بالمانع فإما أن تعليل به العدم الأصلي وهو باطل.

أما أولا: فلأن العدم الأصلي واجب أزلي والواجب لا يعلل.

وأما ثانيا: فلأنه كان حاصلا قبل المانع، والشرع الحاصل قبل يمتنع تعليله بالحاصل بعد، أو العدم المتجدد وفيه تسليم المقصود؛ لأن تجدد عدم الحكم لا يحصل إلا بأحد أمرين.

أحدهما: أن يكون عدم الحكم بعد وجوده.

وثانيهما: أن يكون الحكم بفرضية الدخول فمنعه المانع من الدخول، وعلى التقديرين لا يتحقق ذلك إلا عند قيام المقتضي.

وجوابه: منع امتناع تعليل المتقدم بالمتأخر بمعنى المعرف ومنع كون الواجب لا يعلل بذلك المعنى.

سلمنا امتناع هذا القسم، فلم لا يجوز أن يكون الملل المتجدد.

قوله: ذلك لا يتحقق إلا عند قيام المقتضي.

قلنا: لا نسلم؛ وهذا لأنا لا نعني بالعدم المتجدد إلا أنه حصل لنا العلم بعدم الحكم من قبل الشرع، ومعلوم أن هذا لا يقتضي تحقق المقتضي.

وثالثها: أن عدم الحكم معلل بعدم المقتضي وفاقا، فلو علل بالمانع إذ ذاك أيضا فإما نفس ذلك العدم، أو مثله وهما باطلان، لما فيه من تحصيل الحاصل واجتماع المثلين أو غيرهما، وفيه تسليم المقصود، أو خلاف الغرض لا غيرهما، إما العدم المتجدد، أو ثبوت الحكم.

وجوابه ما سبق في الأول.

ص: 3539

ورابعها: أن إسناد انتفاء الحكم إلى انتفاء المقتضي أظهر عند العقل من إسناد انتفائه إلى وجود المانع.

أما أولا: فلأنه أعم وأغلب.

وأما ثانيا: فلأنه لا يتوقف ذلك إلا على عدم المقتضي، وأما إسناد انتفائه إلى وجود المانع فيتوقف على وجود المانع ومناسبته واقتران العدم معه، ثم الوجود يتوقف على مقدمات لا يتوقف عليها العدم والمتوقف على أقل المقدمات أظهر عند العقل من المتوقف على أكثرها فثبت أن إسناد انتفاء الحكم إلى عدم المقتضي أظهر عند العقل من إسناد انتفائه إلى وجود المانع، وحينئذ إن كان ظن عدم المقتضي أقوى من ظن وجود المانع أو مثله لم يجز التعليل بالمانع؛ لأنه حينئذ يكون ظن عدم المقتضي أرجح من ظن وجود المانع، أما في الصورة الأولى فظاهر، وأما في الثانية فلأنهما لما استويا فى الظن واختص عدم المقتضي بمزية، وهي أن ظن إسناد عدم الحكم إليه أظهر من ظن إسناد إلى وجود المانع كان ظن تعليل العدم بعدم المقتضى أظهر من ظن تعليله بوجود المانع، وإذا كان كذلك لم يجز التعليل بوجود المانع؛ لأن مع وجود العلة الراجحة لم يجز التعليل بالعلة المرجوحة، وإن كان ظن عدم المقتضي مرجوحا بالنسبة إلى ظن وجود المانع جاز التعليل بالمانع، بل وجب لكن ذلك يتضمن رجحان ظن وجود المقتضي؛ لأن ظن عدمه لما كان مرجوحا وجب أن يكون ظن وجوده راجحا، ضرورة أنه لا خروج عن النقيضين فيكون التعليل بالمانع يتوقف على بيان رجحان وجود المقتضي وهو المطلوب.

وجوابه: أن مجرد العلم أو الظن بوجود المانع يقتضي ظن عدم الحكم، بدون الالتفات إلى الأقسام الثلاثة التى ذكرتموها.

وخامسها: أن التعليل بالمانع يتوقف على بيان وجود المقتضي في العرف فوجب أن يكون في الشرع كذلك.

ص: 3540

بيان الأول: أن من قال في طير القفص: إنما لا يطير، لأن القفص يمنعه، فهذا التعليل موقوف على العلم أو الظن يكون الطير حيا قادرا على الطيران، فإن بتقدير أن يكون ميتا، أو كان مقصوص الجناح امتنع هذا التعليل ونظائره كثيرة.

بيان الثاني بالحديث المشهور.

وجوابه: منع توقف التعليل عليه في العرف؛ وهذا لأن العرف في ذلك مختلف، فتارة يتوقف عليه كما في المثال الذي ذكرتم، وتارة لا يتوقف عليه كما إذا علمنا أو ظننا وجود سبع في طريق شخص، فإن/ (228/أ) هذا القدر كاف في حصول الظن في أن ذلك الشخص لا يحضر، وأإن لم يخطر ببالنا سلامة أعضائه، وأن له داعية الحضور، ويمكن أن يجعل هذا مع الحديث المشهور الذى تمسك به الخصم دليلا في المسألة ابتداء.

واحتج الآخرون بوجوه:

أحدهما: أن بين المقتضي والمانع عنادا وتضادا، والشيء لا يتقوى بضده ومعانده بل يضعف فإذا جاز التعليل بالمانع حال ضعفه وهو حال وجود المقتضي، فلأن يجوز حال قوته وهو حال عدم المقتضي بالطريق الأولى.

ولقائل أن يقول: لا يلزم من جواز تعليل عدم الحكم بالمانع حال وجود المقتضي الذي هو شرط التعليل به] جواز تعليله به حال عدم المقتضي الذي هو مناف لتعليله به [وأما كونه قويا إذ ذاك ضعيف حال وجوده فممنوع أولاً؛

ص: 3541

وهذا لأن وجود المقتضي لما كان شرط تأثيره في عدم الحكم استحال أن يقال إنه يضعف إذ ذاك؛ لأن الشيء لا يضعف حال وجود شرط تأثيره.

سلمناه لكن لا يلزم منه أيضا عدم الجواز؛ لأن المأخذ في هذا ليس هو القوة والضعف حتى يلزم ما ذكرتم بل غيرهما كما عرفت مما تقدم فلا يلزم ما ذكروه.

وثانيها: أن توقيف اقتضاء المقتضي على شرط خلاف الأصل لا سيما إذا كان ذلك الشرط يستلزم خلاف أصل آخر، ولا شك أن المانع مقتضي لعدم الحكم فتوقيف اقتضائه بعدم الحكم على وجود المقتضي الذي يستلزم التعارض الذي هو خلاف الأصل بينه وبين نفسه خلاف الأصل وهذه الحجة لا بأس بها.

وثالثها: أن الوصف الوجودي إذا كان مناسبا للحكم العدمي أو كان دائرا معه وجودا وعدما حصل لنا ظن عليته له والعمل بالظن واجب، فيكون العمل بعليته واجبا ولا نعني بكونه علة سوى هذا.

وجوابه: منع حصول الظن بذلك مطلقا، بل إذا لم يكن شرط، أو أن كان له شرط لكن إذا وجد شرائط تأثيره فلم قلتم أن ذلك حاصل هاهنا، ثم أنه لا يمكنكم إلا إذا بينتم أن وجود المقتضي ليس بشرط له فالاستدلال به على عدم اشتراط وجود المقتضي دور.

ص: 3542

فرع

ثم أن شرطنا بيان وجود المقتضي في التعليل بالمانع فلا يجب على المستدل في الفرع موجودا فيه لم يكن الحكم ثابتا فيه وهو المطلوب. وإن كان موجودا فيه كان ذلك لمصلحة كذا، أو دفع حاجة كذا، وهذا المعنى حاصل في الأصل، والعدم ثابت فيه بالإجماع، فيكون عدم الحكم فيه معللا بالمانع وأنه حاصل في الفرع فيلزم عدم الحكم في صورة الفرع.

تنبيه

شرط بعضهم أن يكون الاتفاق حاصلا على وجود الوصف الذي جعل علة الحكم في الأصل.

وهو ضعيف؛ لأنه لما أمكن لإثباته بالدليل حصل الغرض ولأنه ليس شرط حصول الاتفاق على هذه المقدمة من مقدمات القياس أولى من اشتراطه في غيرها] بل ربما يكون غيرها [أولى بذلك لمدار القياس عليه.

والحق أن وجود ذلك قد يكون معلوما بالضرورة، وقد يكون بالنظر، وقد يكون مظنونا بالأمارة الموجبة لها.

ص: 3543