الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة
لا يتطرق الترجيح إلى الأدلة القطعية
لوجوه*:
أحدهما: أن لا الترجيح على ما ذكرناه إنما يتطرق إلى الدليل بعد التعارض، ولا تعارض بين القاطعين ولا ترجيح.
ولقائل أن يقول: التعارض بين القاطعين حاصل في الأذهان فإنه قد يتعارض عند الإنسان دليلان قاطعان/ (256/ أ) بحيث يعجز عن القدح في أحدهما، وأن كلان يعلم أن أحدهما في نفس الأمر باطل قطعًا، وإذا كان كذلك فلم لا يجوز أن يتطرق الترجيح إليها بناء على هذا التعارض كما في الإمارات، فإنه ليس من شرط تطرق الترجيح إلى الأمارات أن تكون متعادلة في نفس الأمر بل لا يتصور جريان الترجيح في المتعادلين في نفس الأمر وإلا لم تكن متعادلة؟
وثانيها: أن الترجيح عبارة عق التقوية، والعلم اليقيني لا يقبل التقوية، لأنه إن كلان بحيث يحتمل النقيض ولو على احتمال بعيد جدًا كان ظنًا لا علمًا لأن كان بحيث لا يحتمله البتة لم يقبل التقوية.
وثالثها: أن شرط الدليل القطعي أن يكون مركبا من مقدمات ضرورية، أو لازمة عنها لزومًا ضروريًا، إما بواسطة واحدة، أو بوسائط، شأن كل واحد منها ذلك، وعلى التقديرين يلزم أن لا يقبل احتمال النقيض فلا يقبل التقوية.
بيانه: أن هذا لا يتأتى إلا عند اجتماع علوم أربعة:
أحدها: العلم الضروري بحقية المقدمات إما ابتداء، أو استنادًا.
وثانيها: العلم الضروري بصحة تركيبها.
وثالثها: العلم الضروري بلزوم النتيجة عنها.
رابعها: العلم الضروري بأن اللازم عن الضروري بطريق ضروري ضروري.
ولا شك أن هذه العلوم الأربعة لا تحصل في دليلي النقيضين معًا، وإلا لحصل النقيضان، فلا يقبلا التقوية الترجيح.
ولقائل أن يقول: هب أن حصول هذه العلوم الاربعة في دليلي النقيضين محال، لكن قد يحصل في الذهن اعتقاد حصول هذه العلوم الاربعة في دليلي النقيضين وذلك حيث يعجز الإنسان في القدح في مقدمات الدليل، وفى صحة تركيبها وفى لزوم النتيجة [عنها مع علمه]، بأن اللازم عن الضروري بطريق ضروري ضروري فلم لا يجوز بطريق الترجيح إلى الدليل بناء على هذا الاعتقاد.