الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيعمل بالأول في حقوق الله تعالى، وبالثاني في حقوق العباد.
ومثاله من العموم البدلية قوله تعالى: {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس} والمراد منه الأخ والأخت من الأم.
وقوله تعالى: {إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد} والمراد الأخ والأخت من الأب والأم.
المسألة السابعة
إذا تعارض نصان فإما أن يكونا عامين، أو خاصين.
أو أحدهما عامًا والآخر خاصًا
.
أو كل واحد منهما عام من وجه وخاص من وجه آخر، فهذه أربعة أنواع:
النوع الأول
وهو أن يكونا عامين.
فإما أن يكونا معلومين.
أو مظنونين.
أو أحدهما معلومًا والآخر مظنونًا، فهذه أصناف ثلاثة.
الأول: أن يكون معلومين:
فإما أن يكون التاريخ معلومًا.
أو لا يكون معلومًا.
فإن كان الأول، فأما أن يكون أحدهما متقدما والآخر متأخرًا أو كانا متقارنين.
فإن كان الأول: فإما أن يكون حكم المتقدم قابلاً للنسخ.
أو لم يكن.
فإن كان الأول كان المتأخر ناسخا للمتقدم سواء كانا آيتين، أو خبرين، أو أحدهما آية والآخر خبرًا عند من يجوز النسخ عند اختلاف الجنس، فأما من لا يجوز ذلك فيمتنع عنده النسخ في هذا القسم الأخير.
وإن كان الثاني وهو أن يكون حكم المتقدم غير قابل للنسخ فيتساقطان، ويجب الرجوع إلى غيرهما.
وإن كانا متقارنين، وكان الحكم قابلا للنسخ فحكمه التخيير إن أمكن فإنه إذا تعذر الجمع، والترجيح إذ المعلوم لا يقبل الترجيح لا بحسب الإسناد ولا بحسب الحكم نحو أن يكون الحكم حظرًا، أو مثبتًا أو شرعيًا، لأنه يقتضى طرح المعلوم بالكلية تعين القول به هذا كله إذا كان التاريخ معلومًا.
فأما إذا لم يكن معلومًا فإن كان الحكم قابلا للنسخ فها هنا يجب الرجوع إلى غيرهما، لأنه يجوز في كل واحد منهما أن يكون هو المتأخر فيكون ناسخًا لحكم الآخر، وأن يكون هو المتقدم فيكون منسوخًا بالآخر فلم يجز تقديم أحدهما على الآخر فيجب الرجوع إلى غيرهما.
وإن لم يكن الحكم قابلاً للنسخ كان الحكم فيه كما إذا علم تقدم أحدهما على الآخر وهو الحكم في المتقارنين أن أمكن.
الصنف الثاني: وهو أن يكونا مظنونين.
فإن علم تقدم أحدهما على الآخر وكان الحكم قابلاً للنسخ نسخ المتأخر المتقدم.
وإن لم لكن الحكم قابلاً للنسخ وجب الرجوع إلى الترجيح.
وإن لم يعلم ذلك سواء علمت المقارنة أو لم تعلم المقارنة أيضًا وجب الرجوع إلى الترجيح فيعمل بالأقوى.
وإن تساويا كان حكمه ما تقدم في تعادل الأمارتين.
هذا كله إذا كان الحكم قابلاً للنسخ، فأما إذا لم يكن قابلاً للنسخ تعين الترجيح بكل حال.
الصنف الثالث: أن يكون أحدهما معلوما، والأخر مظنونًا.
فإما أن يعلم تقدم أحدهما على الاخر، أو لم يعلم.
فإن علم وكان المظنون متقدما كان المعلوم المتأخر ناسخا للمتقدم.
وإن كان المعلوم متقدمًا لم ينسخه المظنون المتأخر لاستحالة نبخ المعلوم بالمظنون فيعمل بالمعلوم تقديما للمعلوم على المظنون.
وإن لم يعلم تقدم أحدهما على الأخر وجب العمل بالمعلوم سواء علمت المقارنة أو لم تعلم وسنده ظاهر.
النوع الثاني
أن يكونا خاصين:
فإما أن يكونا معلومي، أو مظنونين أو أحدهما معلوما والأخر مظنونًا والحكم في هذه الأصناف الثلاثة ما تقدم في الأصناف الثلاثة من/ (260/ أ) النوع الأول.
النوع الثالث
أن يكون أحدهما عامًا، والآخر خاصًا نحو قوله تعالى:{ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} مع قوله تعالى: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب} فإما أن يكونا معلومين، أو مظنونين أو أحدهما معلومًا والآخر مظنونًا فهذه أيضًا أصناف ثلاثة:
أحدها: أن يكونا معلومين فأما أن يعلم تقدم أحدهما على الأخر أو لم يعلم فإن كان الأول فإن علم تقدم العام وتأخر الخاص فإن ورد قبل حضور وقت العمل بالعام كان الخاص المتأخر مخصصًا للعام المتقدم.
وإن ورد بعد حضور وقته كان ناسخا لحكم العام في ذلك الفرد الذى تناوله الخاص، إذ لا يجوز تأخير بيان التخصيص [إلى بعد حضور وقت العمل بالعام وفاقا، وأما من لا يجوز تأخير بيان التخصيص]، عن وقت الخطاب
فعنده في الصورتين يكون الخاص ناسخًا لحكم العام في ذلك الفرد، وعلى هذا جرى كلام الإمام في المحصول، لأنه حكم على الإطلاق من غير ما ذكرنا من التفصيل أن الخاص يكون ناسخًا لحكم العام.
وإن علم تقدم الخاص وتأخر العام عنه فعندنا يبني العام على الخاص، وعند الحنفية ينسخه.
وإن كان. الثاني وأن لا يعلم تقدم أحدهما على الأخر، فإما أن يعلم تقارنهما أو لا يعلم ذلك، فإن كان الأول خص العام بالخاص وفاقًا أما عندنا فظاهر، وأما عندهم فلانتفاء شرط النسخ وهو التأخر.
وإن كان الثاني فعندنا يبنى العام على الخاص وعندهم يتوقف فيه ولا يخفى تعليله وقد سبق ذكره أيضًا.
وثانيها: أن يكونا مظنونين فالحكم فيه كما إذا كانا معلومين من غير تفاوت البتة.
وثالثها: أن يكون أحدهما معلومًا، والأخر مظنونًا.
قال الإمام: فهاهنا قد اتفقوا على تقديم المعلوم على المظنون، إلا إذا كان المعلوم عامًا، والمظنون خاصًا ووردا معًا، وذلك مثل تخصيص الكتاب والخبر المتواتر بخبر الواحد والقياس، وقد ذكرنا أقوال الناس فيها في باب العموم. وهو غير مرضى من حيث إنه أشعر كلامه أن ما ذكره من الحكم
مختص بما إذا كان ورودهما معا لكنه ليس كذلك وبيانه من وجهن:
أحدهما: لو تأخر الخاص المظنون عن العام المعلوم وكان قيل حضور وقت العمل بالعام المعلوم كان أيضًا مخصصًا وكان اختلاف الناس فيه كما في المتقارنين، نعم يستقيم ذلك على مذهب المعتزلة على ما تقدم ذكره. وثانيهما: لو تقدم الخاص المظنون على العام المعلوم فإنه يبنى العام عليه عندنا، وهو تقديم الخاص المظنون على العام المعلوم مع إنهما لم يردا معًا وعند هذا عرفت أن الحكم في هذا الصنف تقديم المعلوم على المظنون إلا في هذه الصور الثلاثة: الصورة التي ذكرها الإمام رحمه الله تعالى والصورتين اللتين ذكرناهما.
وعند الحنفية تستثنى الصورتان الصورة التي ذكرها الإمام والتي ذكرناها أولاً دون الثالثة، لأن العام المتأخر عنده ينسخ الخاص المتقدم فهو تقديم للعام.
النوع الرابع
أن يكون كل واحد منهما عاما من وجه خاصا من وجه كقوله تعالى:
{وأن تجمعوا بين الأختين} مع قوله تعالى: {إلا ما ملكت أيمانكم} فإن الآية الأولى خاصة في الأختين عامة في الجمع في ملك النكاح وفى ملك اليمن، والثانية عامة في الأختين وغيرهما خاصة في ملك اليمن.
وكقوله عليه السلام: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها".
نهيه عليه السلام عن الصلاة في الأوقات المكروهة، فإن الحديث خاص في صلاة القضاء، عام في الأوقات، والثاني عام في الصلاة، خاص في الأوقات.
فأما أن يكونا معلومين أو مظنونين، أو يكون أحدهما معلوما والآخر مظنونًا، فهذه أصناف ثلاثة:
أحدها: أن يكونا معلومين فإن علم تقدم أحدهما على الآخر كان المتأخر ناسخًا للمتقدم عند من يقول: إن العام المتأخر ينسخ الخاص المتقدم بل
ها هنا أولى، لأنه لم يتلخص خصوص الأول.
وأما عند من لا يقول به فاللائق بمذهبه أن لا يقول بالنسخ في هذا الصنف كما في الأول من جهة الخصوص وفى الثاني من جهة العموم، ولا بالتخصيص، لأنه/ (261/ أ) لم يتمحض خصوص المتأخر حتى يخرج من المتقدم ما دخل تحت المتأخر، بل اللائق بمذهبه أن يذهب إلى الترجيح وإن لم يعلم ذلك سواء علم التفاوت أو لم يعلم ذلك أيضًا فاللائق بالمذهبين أن يصار إلى الترجيح لكن لا بقوة الإسناد لأنهما معلومان بل يكون أحدهما حظرًا والأخر إباحة، أو يكون أحدهما مثبتًا والأخر منفيًا، أو شرعيًا والآخر عقليًا، لأن الحكم بذلك طريقة الاجتهاد وليس في ترجيح أحدهما على الأخر إطراح الآخر بخلاف ما إذا كانا معلومين وكانا عامين أو خاصين فإنه لا يجوز الترجيح بذلك على ما تقدم ذكره لأن فيه اطراح الأخر بالكلية وحيث لا يوجد المرجح فالحكم ما سبق في التعادل.
وثانيها: أن يكونا مظنونين فإما أن يعلم تقدم أحدهما على الأخر أو لم يعلم سواء، علم التفاوت أو جهل ذلك أيضًا، والحكم في كل هذه الأقسام مثل ما تقدم إلا في الترجيح بقوة الإسناد فإنه جار ها هنا لكونهما مظنونين فإن لم يحصل الترجيح فالحكم ما سبق.
وثالثها: أن يكون أحدهما معلوما والآخر مظنونًا فإن علم تقدم المعلوم على المظنون عمل بالمعلوم لكونه معلومًا، وإن علم تأخره عنه عمل به أيضًا لكن لكونه ناسخًا وهذا على رأى من رأى نسخ الخاص بالعام، وأما على رأينا فالعمل بالمعلوم لكونه معلوما فإن النسخ متعذر على رأينا كما في الأول من جهة الخصوص وفى الثاني من جهة العموم، وإن لم يعلم ذلك سواء علم التفاوت أو جهل ذلك أيضًا فالحكم بالمعلوم لكونه معلومًا، وحيث قدم المعلوم على المظنون لكونه معلومًا لا لكونه ناسخًا فإن ترجح المظنون عليه بما يتضمنه الحكم من إثبات حكم شرعي أو غير فقد يحصل التعارض وحيث حصل
التعارض فالحكم ما قدمنا.
وفى هذا نظر من حيث إن الترجيح بكون الحكم حظرًا، أو نفيًا، أو شرعيًا من باب ترجيح المظنون وترجيح المعلوم على المظنون من باب ترجيح المقطوع كما في ترتيب الأدلة فكيف يعارضه؟
الفصل الثاني
في تراجيح الأخبار