الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخامس عشرها: الدوران الوجودي والعدمي المسمى بالطرد والعكس راجح على الدوران [الوجودي فقط وهو المسمى بالطرد وعلى الدوران] العدمي فقط وهو المسمى بالعكس، والدوران الوجودي راجح على العدمي لأن العكس غير معتبر ولو اعتبر كان اعتبار الطرد أولى لأنه متفق عليه.
وسادس عشرها: الشبه في الحكم الشرعي والصورة راجح على الشبه بأحدهما، أما إذا كان أحد القياسين باعتبار المشابهة في الحكم، والآخر باعتبار المشابهة في الصورة فإيهما أولى وأرجح؟
اختلفوا فيه:
فبعضهم رجح الثاني وهو الشبه في الصورة؛ لأنها أشبه بالعلل العقلية.
وبعضهم رجح الأول؛ لأن اعتبار الحكم الشرعي بالحكم الشرعي أولى. والحق أن ما غلب على الظن أنه مناط ذلك الحكم فالإلحاق به أولى.
المسألة الرابعة
في ترجيح القياس بسبب وصف العلة
وهو من وجوه:
أحدها: العلة المطردة أولى من المتخصصة؛ لأنها متفق عليها، ولأن العام الغير المخصوص لما كان أولى من المخصوص كانت العلة العامة التي هي مجرأة على العموم والاطراد أولى من المتخصصة بالطريق الاولى.
ثم المتخصصة لمانع أو لفقد شرط أولى من التي لا يعقل في تخصصها ذلك والمتخصصة على سبيل الاستثناء أولى من التي ليست كذلك.
وثانيها: العلة المتعدية أولى من العلة الغير المتعدية، والمتعدية إلى الأكثر
أولى من المتعدية إلى الأقل.
وثالثها: العلة الغير المنكسرة أولى من المنكسرة وتعليلهما مما سبق من أنه متفق عليهما.
ورابعها: العلة المطردة والمنعكسة أولى من غير المنعكسة لما سبق.
وخامسها: المطردة فقط أولى من المنعكسة فقط؛ لأن اعتبار الاطراد متفق عليه بخلاف الانعكاس فإن اعتباره مختلف فيه.
وسادسها: العلة التي وجدت مع الحكم أولى من التي وجدت قبل الحكم ثم وجد الحكم بعدها ومن التي وجدت بعد الحكم؛ لأنه متفق عليها والباقيتان ليستا كذلك، وأما أن آية واحدة من هاتين الاثنتين أولى وأرجح فهو في محل النظر.
فيحتمل أن يقال: إن الأولى أولى؛ لأن غاية ما يلزم منه إنما هو تخصيص العلة والخلاف في تخصيص العلة مشهور.
وأما الثاني فالخلاف فيه غير مشهور فإن المشهور إنما هو عدم جواز ذلك. ويحتمل أن يقال: إن الثانية أولى؛ لأن الأصح أن العلة مفسرة بمعنى المُعرَّف وتأخر المعرِّف عن المعرَّف غير ممتنع ولا بعيد.
وسابعها: إذا كانت إحدى العلتين متضمنة للحكمة لم توجد بدونها، والأخرى مظنة لها قد توجد بدونها فالأولى أولى.
وثامنها: ضابط الحكمة إذا كان جامعا مانعًا أولى من الضابط الذى ليس كذلك.
وتاسعها: العلة التي لا ينعكس أصلها أولى من التي ينعكس أصلها، والمعنى من الأصل هنا كل واحد من النص والحكم فلو اقتضت رفع الحكم أو بعضه أو رفع شيء من مقتضى النص كانت عاكسة.
وعاشرها: العلة التي لا توجب حكما على خلاف نص، أو أثر، أو
قياس، أو احتياط، أو تفسير [أو قياس]، الراوي، أو غيرها من الطرق المستقلة، أو المرجحة، أو كانت مستنبطة من أصول عدة، أو لم يكن لها في الأصل مزاحم أولى من التي لا تكون كذلك.
وحادي عشرها: إذا كانت علة أحد القياسين مناسبة لضد الحكم المطلوب من وجه، وعلة الآخر ليس كذلك فالثاني أولى.
وثاني عشرها: العلة/ (289/ أ) التي تكون أفضى إلى تحصيل مقصودها أولى من التي لا تكون كذلك.
وثالث عشرها: العلة التي تتضمن مقصودًا يعم المكلفين أولى من التي تتضمن مقصودًا لا يعمهم بل يرجع إلى آحادهم.
ورابع عشرها: المستنبطة من الحكم الذى يثبت على خلاف القياس مرجوحة بالنسبة إلى المستنبطة من الحكم الذى لا يكون كذلك.
وخامس عشرها: الترجيح باعتبار الحكم الذى توجبه، والكلام فيه ما سبق في النص ولا حاجة إلى الإعادة.
الفصل الرابع
في ترجيح القياس بسبب حكم الأصل
الفصل الرابع
في ترجيح القياس بسبب حكم الأصل
اعلم أنه لابد للحكم في الأصل من دليل فإما أن يكون ذلك الدليل قطعيا أو ظنيًا، وعلى التقديرين فدليل حكم الأصل في القياس الثاني إما أن يكون قطعيا، أو ظنيا، فهذه أقسام ثلاثة يجب البحث عنها:
فإن كان الدليلان قطعيين فإن قلنا: بجريان الترجيح بين القطعيات جرى بين دليليهما الترجيح فما يكون دليله أجلى وأرجح عند العقل فهو راجح.
وإن لم نقل بجريان الترجيح بين القطعيات فإن كان دليل أحدهما إجماعا والأخر نصًا قاطعًا في متنه ودلالته كان ما دليله الإجماع راجحًا على الأخر؛ لأنهما وإن اشتركا في القطع في صحة المتن والدلالة لكن النص قابل للنسخ، والإجماع لا يقبله فكان أولى، وهذا على رأي من يقول: أن الإجماع حجة قاطعة، وأما من لا يرى ذلك فلا، وإن لم يكنن كذلك بل كلاهما نصان تعارضا.
وإن كان الدليلان ظنيين فإما أن يكونا لفظتين، أو إجماعين، أو قياسين إن جوز أن يكون حكم الأصل ثابتًا بالقياس أو مختلفين.
فإن كانا لفظين جرى بينهما الترجيح، وقد عرفت تراجيح النصوص فلا حاجة إلى الإعادة.
وان كانا إجماعين جرى بينهما الترجيح أيضًا، [وقد عرفت أيضًا التراجيح بين الإجماعات الظنية.
وإن كانا قياسين جرى بينهما الترجيح أيضًا، وقد عرفت بعض ما يترجح به القياس، وستعرف الباقي إن شاء الله تعالى.
وإن كانا مختلفين فإن كان أحدهما نصا ظنيا والآخر إجماعا ظنيا قيل:
ما كان دليله الإجماع راجح؛ لأنه لا يقبل النسخ، والتخصيص، والدليل اللفظي يقبلهما، وهذا صحيح لكن بشرط التساوي في الدلالة، فأما إذا اختلفا في ذلك فالحق أنه يتبع فيه الاجتهاد، فما تكون إفادته للظن أكثر فهو أولى، فإن الإجماع وإن لم يقبل النسخ والتخصيص لكن ربما تضعف دلالته على المطلوب بالنسبة إلى الدلالة اللفظية فقد يجبر النقص بالزيادة وقد لا يجبر فيقع فيه الاجتهاد.
وإن كان أحدهما نصًا أو إجماعًا، والأخر قياسًا كان ما دليله النص أو الإجماع راجح على ما دليله القياس؛ لأن الذين جوزوا أن يكون حكم الأصل ثابتًا بالقياس اتفقوا على أن الأصل الذى ثبت حكمه بالنص أو بالإجماع أولى منه لكونه متفقًا عليه، ولأن الذى ثبت حكمه بالقياس لابد وأن ينتهى بالأخرة إلى ما ثبت حكمه بالنص وإلا لزم التسلسل، وهو ممتنع، فيكون الذى ثبت حكمه بالنص أصله والفرع لا يكون أقوى من الأصل.
وكذا ما ثبت حكمه بالإجماع راجح على ما ثبت حكمه بالقياس، وأن كان [دليل حكم أصل أحد القياسين قطعيًا]، ودليل حكم أصل القياس الأخر ظنيا عمل بالأول؛ لأنه قياس أحد مقدماته قطعي والأخر كل مقدماته
ظني فترجح عليه لما سبق، لكن بشرط أن لا يزيد مجموع الظنيات على الذى بعض مقدماته قطعي في زيادة إفادة الظن بان يكون كل واحد من مقدماته قوية والمقدمات الظنية في ذلك القياس الذى ثبت حكم أصله بدليل قطعي ضعيف بحيث يكون ظن القياس المركب منها أضعف من ظن ذلك القياس الآخر هذا هو الكلام الكلى في هذا الباب ولا باس أن نذكر بعض تفاريعه مفصلاً فنقول: ترجيح القياس باعتبار حكم الأصل من وجوه:
أحدها: إذا كان حكم الأصل في أحد القياسين غير ممنوع، وحكم الأصل في القياس الأخر ممنوع، فالقياس الذى حكم أصله غير ممنوع أولى؛ لأن ما يتطرق من الخلل بسبب منع حكم الأصل في/ (290/ أ) القياس الثاني منتف عنه فكان أغلب على الظن فكان أولى.
وثانيها. إذا كان حكم الأصل في أحد القياسين مقطوعا به أو كان ثابتًا بدليل ظني راجح نحو إيماء الخبر المتواتر، وفى القياس الأخر حكم الأصل مظنونًا أو كان ثابتًا بدليل ظني مروح نحو إيماء خبر الواحد والإيماءان متساويان كان الأول أولى.
وثالثها: إذا كان حكم الأصل في أحد القياسين مما اختلف في نسخه وفى الأخر غير مختلف فيه في ذلك بل أطبقوا على ثبوته كان الثاني أولى. ورابعها: القياس الذى حكم أصله غير معدول عن سق القياس راجح على الذى حكم أصله معدول عنه، وتعليله ظاهر، وكلما كان العدول فيه أكثر كان أضعف.
وخامسها: القياس الذى قام على تعليل حكم أصله وعلى جواز القياس عليه دليل خاص أولى من الذى ليس كذلك.
وسادسها: القياس الذى حكم أصله معلل بالاتفاق راجح على الذى اختلف في تعليل حكم أصله، وكذا القياس الذى اتفق على جواز القياس على أصله أولى من الذى اختلف في جواز القياس على حكم أصله.
وسابعها: القياس الذى حكم أصله على وفق أصول أخر راجح على الذى ليس كذلك، وكلما كانت الموافقة للأصول أكثر كان أرجح.
وثامنها: القياس الذى حكم أصله [مما تعم به البلوى وهو ثابت بخبر الواحد مرجوح بالنسبة إلى القياس الذى حكم أصله، مما لا تعم به البلوى، أو مما تعم به البلوى لكنه ثابت بدليل قاطع وعلى هذا فقس غير المذكور [على المذكور]، وإذا اختلف جهتا القوة والضعف في كل واحد من حكمي الأصل، للقياسين كما إذا كان حكم أصل أحد القياسين مجمعًا عليه لكنه معدول عن سنن القياس، وحكم أصل القياس الثاني غير مجمع عليه بل هو ثابت بدليل ظني لكنه غير معدول عن سق القياس فليتبع المجتهد فيه اجتهاده فكل ما يفيده غلبة الظن اتبعه.
وأما ترجيح القياس بسبب كيفية حكم أصله فهو على ما سبق في النص فلا حاجة إلى الإعادة فعلى هذا القياس الذى يثبت الحظر مثلاً راجح على الذى يثبت الإباحة، وكذا القياس الذى يثبت العتق والطلاق راجح على الذى يثبت الرق والنكاح كما سبق في ترجيح النص بسبب حكمه.
الفصل الخامس
في ترجيح القياس بسبب الفرع
الفصل الخامس
في ترجيح القياس بسبب الفرع وهو من وجوه
أحدها: القياس الذى لا يلزم من ثبوت مقتضاه وهو الحكم في الفرع محذور كتخصيص عموم، أو تقييد مطلق، أو ترك العمل بظاهر أو حقيقة، أو معارضة قياس آخر له راجح على الذى يلزم من ثبوت مقتضاه شيء من ذلك وكميته ظاهرة.
وثانيها: القياس الذى يثبت الحكم في كل الفروع أولى من الذى يثبت في بعض الفروع دون البعض؛ لأنه حينئذ يلزم تخصيص العلة وهو جهة المرجوحية كما تقدم.
وثالثها: القياس الذى يشارك فرعه أصله في عين الحكم وعين العلة راجح على القياس الذى لا يكون كذلك وهو أقسام ثلاثة:
أحدها: ما شارك فرعه أصله في عين العلة وجنس الحكم.
وثانيها: عكسه.
وثالثها: ما يشارك فرعه أصله في العلة وجنس الحكم.
والقسم الأول من الأقسام الثلاثة أولى من القسمين الباقين، والقسم الثاني منها أولى من الثالث.
وتعليل هذه الأقسام ظاهر: أما الأول: فلأن التعدية باعتبار الاشتراك [في المعنى الأخص أغلب على الظن من التعدية باعتبار الاشتراك] في المعنى الأعم وأما الثاني: فلأن تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع إنما هو باعتبار تعدية العلة فهي الأصل في التعدية والحكم فرعها باعتبار خصوصها أولى.
وأما الثالث بالنسبة إلى الرابع فلحصول الخصوص في الحكم الذى هو معلول العلة بخلاف القسم الرابع فإن العموم حاصل فيه في جهتي العلة والمعلول فكان الثالث أولى من الرابع.
ورابعها: القياس الذى فرعه متأخر عن أصله أولى من الذى فرعه متقدم على أصله.
وخامسها: القياس الذى علم وجود العلة في فرعه أولى من الذى ظن وجودها فيه، والذى ظن وجودها فيه ظنا غالبا أولى من الذى لا يكون كذلك.
وسادسًا: القياس الذى دل النص على ثبوت الحكم في فرعه جملة لا تفصيلاً أولى من الذى لا يكون كذلك؛ لأن الأول متفق عليه بين القائسين دون الثاني، ولأن ظن ثبوت الحكم/ (291/ أ) فيه أكثر فيكون أولى.
وسابعها: القياس الذى لا يلزم من ثبوت الحكم في فرعه بطلان الحصر الذى في دليل أصله أولى من الذى يلزم منه ذلك.
مثاله: قوله عليه السلام: "خمس يقتلن في الحل والحرم" فقياس جواز قتل مؤذ آخر في الحل والحرم عليهن يبطل الحصر المذكور فيكون مرجوحا بالنسبة إلى قياس آخر يقتضى عدم جواز قتله.
وثامنها: القياس الذى لا يوجد في فرعه معنى مناسب يقتضى عدم ثبوت الحكم المطلوب من القياس ولو من وجه أولى من الذى لا يكون كذلك.
وتاسعها: القياس الذى له فروع كثيرة أولى من الذى لا يكون كذلك؛ لأنه تكثر فائدتها فيكون أولى.
ومنهم أنكر الترجيح بهذا محتجا بوجوه:
أحدها: أن كثرة الفروع ليست أمرًا شرعيًا، والترجيح إنما هو بكثرة
[الفوائد الشرعية، وهو ضعيف؛ لأنا لا نسلم ذلك بل هو عندنا بكثرة الفوائد] الشرعية أو بما يلزم منه كثرة الفوائد الشرعية وها هنا كذلك فيكون أولى [بسبب كثرة مدلوله].
وثانيها: لو كان القياس مرجوحًا بسبب كثرة فروعه لكان النص أيضا مرجحًا بسبب كثرة مدلوله فيلزم أن يكون العام أولى من الخاص.
وجوابه: أنه إنما لم يرجح الخطاب بكثرة مدلوله؛ لأنه يلزم منه إلغاء الخاص بالكلية، وتقديم الخاص عليه لا يلزم منه ذلك فكان الجمع بين الدليلين أولى بخلاف القياس فإنه إذا انتهى الأمر فيه إلى الترجيح فإنه لابد من إلغاء أحدهما لا محالة فكان إلغاء ما هو أقل فائدة أولى.
وثالثها: التعدية فرع الصحة، والأصل لا يرجح بالفرع.
وجوابه: منعه؛ وهذا فإن الاصل قد يرجح بكثرة فروعه لكونها دالة على قوته ولو قيل هكذا: التعدية فرع الصحة في الأصل فلو توقفت صحتها في الأصل على التعدية لزم الدور.
فجوابه: ما تقدم من ضعف هذا الدليل في القياس في مسالة جواز التعليل بالعلة القاصرة، ويخصه ها هنا جواب آخر وهو أنا نسلم أن كثرة التعدية فرع الصحة في الأصل لكن لا نسلم توقف صحتها في الأصل على كثرة التعدية،
وهذا لأن العلة صحيحة وإنما الكلام في الرجحان ولا يلزم من كونها مرجوحة كونها غير صحيحة بل المرجوحية فرع الصحة ومستلزمها فبطل الدور.
وعاشرها: القياس الذى يرد الفرع إلى ما هو من جنسه أولى من القياس الذى يرده إلى غير جنسه.
مئاله: قياس الحنفية الحلى على التبر أولى من قياسه على سائر ما ينتفع به ويستعمل في الحاجات من الأموال كثياب البذلة والمهنة، وعبيد الخدمة، والخيول المسومة؛ لأن القياس الأول يرده إلى ما هو من جنسه [والثاني يرده إلى غير جنسه]. باعتبار وصف عرضي خارجي وهو كونه مستعملاً في الحاجات ومنتفعا به، والاتحاد بين المتجانس، أتم من الاتحاد بين المتغايرين في الجنسية المتحدين في وصف عرضي خارجي، ومهما كان الاتحاد أتم كان ظن الاشتراك في الحكم أكثر فكان أولى.
وأعلم أن بعض هذه الوجوه قد يناسب إيراده في الفصل الذى أوردناه، وقد يناسب إيراده في غير ذلك الفصل، وإنما أوردناه حيث أوردناه، إما لأنه أكثر مناسبة، أو بطريق الاتفاق، والأمر في ذلك قريب.