المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الرابعةفي ترجيح القياس بسبب وصف العلة - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٨

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابعفي الركن الثالثوهو العلة

- ‌القسم الأول:في الطرق الدالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثانيفي إثبات العلية بالمناسبة والإخالةوهي من الطرق العقلية

- ‌المسألة الأولىفي تعريف المناسب:

- ‌المسألة الثانيةاعلم أن الحكم إذا شرع للمناسبة فلابد وأن يكون محصلًا للمصلحة أو دافعًا للمفسدة، أو محصلًا للمصلحة ودافعًا للمفسدة معًا

- ‌المسألة الثالثةفي تقسيم المناسب

- ‌المسألة الرابعةفي أن مناسبة المصلحة تبطل وتحرم بمناسبة مفسدة مساوية أو راجحة، وقال قوم لا تبطل وهو اختيار الإمام

- ‌المسألة الخامسةفي إقامة الدلالة على أن المناسبة دالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثالثفي قياس الشبه

- ‌المسألة الأولىفي تعريف ماهيته

- ‌المسألة الثانيةفي إقامة الدلالة على أنه حجة إذا اقترن به الحكم

- ‌المسألة الثالثةذهب بعض أصحابنا أن الوصف الشبهي إذا لم يعرف تأثير عينه في عين الحكم بل عرف تأثير جنسه القريب في الجنس القريب للحكم لا يكون حجة. وخالفه الباقون وهو المختار

- ‌الفصل الرابعفي الدورانويسمى بالطرد والعكس

- ‌الفصل الخامسفي السبر والتقسيم

- ‌الفصل السادسفي الطرد

- ‌الفصل السابعفي تنقيح المناط

- ‌الفصل الثامنفيما ظن أنه من طرق إثبات العلة وليس كذلك

- ‌القسم الثانيمن الطرق الدالة على أن الوصف لا يجوز أن يكون علة الحكم

- ‌الفصل الأولفي النقض

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن ذلك هل يقدح في علية الوصف أم لا

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بأن تخلف الحكم عن الوصف لمانع أو لغير مانع لا يقدح في عليته اتفقوا على أن تخلفه كذلك عن حكمة الوصف لا يقدح في عليته.فأما القائلون بأن تخلفه عن الوصف يقدح في عليته اختلفوا في أن تخلفه عن حكمه المقصودة هل يقدح في عليته أم لا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بتخصيص العلة اختلفوا في أنه هل يجب على المستدل ابتداء التعرض لنفي المانع، أم لا

- ‌المسألة الرابعةالقائلون بعدم تخصيص العلة اختلفوا في النقض إذا كان واردًا على سبيل الاستثناء

- ‌المسألة الخامسةفي الكسروهو نقض يرد على بعض أوصاف العلة

- ‌المسألة السادسةفي كيفية دفع النقض

- ‌الفصل الثانيفي عدم التأثير والعكس

- ‌المسألة الأولىفي معناهما:

- ‌المسألة الثانيةفي أن عدم التأثير يقدح في العلية

- ‌المسألة الثالثةفي أن العكس غير واجب في العلة عقلية كانت أو شرعية

- ‌الفصل الثالثفي القلب

- ‌المسألة الأولىفي حقيقته

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةفي أقسام القلب:

- ‌الفصل الرابعفي القول بالموجب

- ‌الفصل الخامسفي الفرق

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانيةيجوز تعليل الحكم الواحد نوعًا المختلف شخصًا بعلل مختلفة وفاقًا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بكون الفرق يقدح في العلية اختلفوا في أنه هل هو من تمامه ولوازمه نفيه عن الفرع أم لا

- ‌المسألة الرابعة

- ‌القسم الثالثفي أمور ظنت أنها تفسد العلة مع أنها ليست

- ‌المسألة الأولىفي تقسيم العلة

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في جواز التعليل بمحل الحكم، أو جزئه الخاص:

- ‌المسألة الثالثةالحق أنه لا يجوز أن تكون علة الحكم في الأصل بمعني الأمارة

- ‌المسألة الرابعةيجوز التعليل بالحكمة عند قوم.وقال قوم لا يجوز

- ‌المسألة الخامسةذهب جمع إلى جواز التعليل بالعدم ثبوتيا كان الحكم أو عدميا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في جواز تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي:

- ‌المسالة السابعةالتعليل بالأوصاف العرفية

- ‌المسألة الثامنةالتعليل بالوصف المركب جائز عند المعظم، وقال بعضهم لا يجوز

- ‌المسألة التاسعةأطبق الكل على أن العلة المنصوصة أو المجمع عليها يجوز أن تكون قاصرة، وأختلفوا في المستنبطة:

- ‌المسألة العاشرةاتفقوا على التعليل بمجرد الاسم غير جائز

- ‌المسألة الحادية عشرة

- ‌المسألة الثانية عشرةذهب الأكثرون إلى إنه لا يجوز التعليل بالصفات المقدرة، خلافا للأقلين من المتأخرين

- ‌المسألة الثالثة عشرةفي تقسيم العلة باعتبارات أخر غير ما تقدم

- ‌المسألة الرابعة عشرةاعلم أن الاستدلال قد يكون بذات العلة على الحكم، وقد يكون بعلية الحكم للحكم عليه

- ‌المسألة الخامسة عشرةاعلم أن تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي يسمى تعليلا بالمانع

- ‌خاتمة لهذا القسم بمسائل في أحكام العلة لم يتقدم ذكرها

- ‌المسألة الثانيةالوصف الذي جعل علة الحكم بمعنى الباعث لا شتمالها على الحكمة يجب أن لا يمكن بمثابة يلزم منه إثبات الحكم، أو نفيه مع القطع

- ‌المسألة الثالثةقيل الوصف الذي جعل ضابطا لحكمته يجب أن يكون جامعا للحكمة

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أنه لا يجوز تعليل الحكم بعلة متأخرة عنه في الوجود

- ‌المسألة الخامسة: (231/ أ)العلة المستنبطة من الحكم يجب أن لا ترجع إليه بالإبطال، ومعلوم أن ذلك لا يكون إلا في الأصل

- ‌الباب الخامسفي الركن الرابع وهو الفرع

- ‌النوع الخامس عشرفي الاعتراضات [وأجوبتها]

- ‌النوع السادس عشرالكلام في التعادل والتراجيح

- ‌ القسم الأول في التعادل

- ‌المسألة الأولىأطبق الكل على أن تعادل القاطعين المتنافيين عقليين كانا أو نقليين غير جائزة

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بجواز هذا التعادل [قالوا: إن وقع هذا التعادل]، للإنسان في عمل نفسه كان حكمه فيه التخيير، أو التساقط والرجوع إلى غيرهما

- ‌المسألة الثالثةالمجتهد إذا نقل عنه قولان كالوجوب والتحريم مثلاً

- ‌القسم الثانيفي التراجيح

- ‌الفصل الأولفي مقدمات التراجيح

- ‌المسالة الأولى: في حد الترجيح

- ‌المسألة الثانيةذهب الأكثرون إلى وجوب العمل بالراجح سواء كان الترجيح معلومًا أو مظنونًا

- ‌المسألة الثالثةلا يتطرق الترجيح إلى الأدلة القطعية

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أن العقليات لا يتطرق الترجيح إليها

- ‌المسالة الخامسةذهب الشافعي ومالك- رضي الله عنهما إلى أنه يجوز الترجيح بكثرة الأدلة، خلافًا للحنفية

- ‌المسألة السادسةإذا تعارض دليلان فإن لم يمكن العمل بكل واحد منهما بوجه دون وجه صير إلى الترجيح

- ‌المسألة السابعةإذا تعارض نصان فإما أن يكونا عامين، أو خاصين.أو أحدهما عامًا والآخر خاصًا

- ‌الفصل الثانيفي تراجيح الأخبار

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح الخبر بكيفية السند

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح الخبر بكيفية الرواية

- ‌المسألة الثالثةفي الترجيح بحال وروده

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح الخبر باعتبار اللفظ

- ‌المسألة الخامسةفي ترجيح الخبر باعتبار مدلوله وهو الحكم

- ‌المسالة السادسةفي ترجيح الخبر بالأمور الخارجية

- ‌الفصل الثالثفي ترجيح القياس بحسب علته

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح القياس بحسب ماهية علته

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح القياس بحسب الدليل الدال على وجود علته

- ‌المسألة الثالثةفي ترجيح القياس بسبب الدليل الدال على علية الوصف في الأصل

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح القياس بسبب وصف العلة

- ‌النوع السابع عشر في الاجتهاد

- ‌ المقدمة:

- ‌الفصل الأولفي المجتهد

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن الرسول- عليه السلام هل كان يجوز له الاجتهاد فيما لا نص فيه:

- ‌المسألة الثانيةاتفقوا على جواز الاجتهاد بعد الرسول- عليه السلام

- ‌المسأله الثالثةفي شرائط المجتهد

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن صفة الاجتهاد هل تحصل في فن دون فن أم لا

- ‌الفصل الثانيفي المجتهد فيه

- ‌المسألة الأولىذهب الجماهير إلى أنه ليس كل مجهد في الأصول مصيبًا

- ‌المسألة الثانيةفي تصويب المجتهدين في الأحكام الشرعية

- ‌النوع الثامن عشرالكلام في المفتي والمستفتي وما فيه الاستفتاء

- ‌الفصل الأول في المفتي

- ‌المسألة الأولىفي المفتي المجتهد إذا أفتى مرة بما أدى إليه اجتهاده، ثم سئل مرة أخرى عن تلك الحادثة بعينها:

- ‌المسألة الثانيةفي أن غير المجتهد هل يجوز له الفتوى بما يحكيه عن الغير من المجتهدين

- ‌المسألة الثالثةالمختار عند الأكثرين أنه يجوز خلو عصر من الأعصار عن الذي يمكن تفويض الفتوى إليه سواء كان مجتهدًا مطلقًا، أو كان مجتهدًا في مذهب المجتهد، ومنع منه الأقلون كالحنابلة

- ‌الفصل الثانيفي المستفتي

- ‌المسألة الأولىيجوز للعامي أن يقلد المجتهدين في مسائل الفروع اجتهادية كانت أو غير اجتهادية

- ‌المسألة الثانيةفي شرائط الاستفتاء

- ‌المسألة الثالثةالرجل الذي تنزل به الواقعة إن كان عاميًا صرفًا جاز له الاستفتاء

- ‌المسألة الرابعةالعامي إذا عمل بفتوى بعض المجتهدين في حكم حادثة وقلده فيه لم يجز له الرجوع عنه إلى حكم آخر في تلك الحادثة بعينها بفتوى غيره إجماعًا

- ‌النوع التاسع عشرالكلام في المدارك التي اختلف المجتهدون في أنها هل هي مدارك للأحكام أم لا

- ‌المسألة الأولىفي أن الأصل في المنافع الإذن، وفى المضار المنع خلافا لبعضهم

- ‌المسألة الثانيةفي استصحاب الحال

- ‌المسألة الثالثةفي أن النافي هل عليه دليل أم لا

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن مذهب الصحابي وقوله هل هو حجة على من بعدهم من التابعين أم لا

- ‌المسألة الخامسةفي المصالح المرسلة

- ‌المسألة السادسةفي الاستحسان

- ‌المسألة السابعةاختلفوا في أنه هل يجوز أن يقول الله تعالى لنبي أو لعام: احكم بما شئت، فإنك لا تحكم إلا بالصواب:

- ‌المسألة الثامنةذهب الشافعي رضي الله عنه وأصحابه إلى أنه يجوز الاعتماد في إثبات الأحكام على الأخذ بأقل ما قيل فيه خلافًا لبعضهم

- ‌المسألة التاسعةذهب بعضهم إلى أن الأخذ بأخف القولين واجب على المكلف

- ‌النوع العشرونالكلام في الاستدلال

- ‌المسألة الأولىفي معنى الاستدلال

- ‌المسألة الثانيةفيما يتعلق بالسبب والشرط والمانع

- ‌المسألة الثالثةفي الاستدلال بعدم ما يدل على الحكم على عدم الحكم

- ‌المسألة الرابعةمن جملة طرق الاستدلال والاستقراء

- ‌المسألة الخامسةفي الاستدلال على عدم الحكم

- ‌المسألة السادسةفي الاستدلال على ثبوت الحكم

الفصل: ‌المسألة الرابعةفي ترجيح القياس بسبب وصف العلة

وخامس عشرها: الدوران الوجودي والعدمي المسمى بالطرد والعكس راجح على الدوران [الوجودي فقط وهو المسمى بالطرد وعلى الدوران] العدمي فقط وهو المسمى بالعكس، والدوران الوجودي راجح على العدمي لأن العكس غير معتبر ولو اعتبر كان اعتبار الطرد أولى لأنه متفق عليه.

وسادس عشرها: الشبه في الحكم الشرعي والصورة راجح على الشبه بأحدهما، أما إذا كان أحد القياسين باعتبار المشابهة في الحكم، والآخر باعتبار المشابهة في الصورة فإيهما أولى وأرجح؟

اختلفوا فيه:

فبعضهم رجح الثاني وهو الشبه في الصورة؛ لأنها أشبه بالعلل العقلية.

وبعضهم رجح الأول؛ لأن اعتبار الحكم الشرعي بالحكم الشرعي أولى. والحق أن ما غلب على الظن أنه مناط ذلك الحكم فالإلحاق به أولى.

‌المسألة الرابعة

في ترجيح القياس بسبب وصف العلة

وهو من وجوه:

أحدها: العلة المطردة أولى من المتخصصة؛ لأنها متفق عليها، ولأن العام الغير المخصوص لما كان أولى من المخصوص كانت العلة العامة التي هي مجرأة على العموم والاطراد أولى من المتخصصة بالطريق الاولى.

ثم المتخصصة لمانع أو لفقد شرط أولى من التي لا يعقل في تخصصها ذلك والمتخصصة على سبيل الاستثناء أولى من التي ليست كذلك.

وثانيها: العلة المتعدية أولى من العلة الغير المتعدية، والمتعدية إلى الأكثر

ص: 3770

أولى من المتعدية إلى الأقل.

وثالثها: العلة الغير المنكسرة أولى من المنكسرة وتعليلهما مما سبق من أنه متفق عليهما.

ورابعها: العلة المطردة والمنعكسة أولى من غير المنعكسة لما سبق.

وخامسها: المطردة فقط أولى من المنعكسة فقط؛ لأن اعتبار الاطراد متفق عليه بخلاف الانعكاس فإن اعتباره مختلف فيه.

وسادسها: العلة التي وجدت مع الحكم أولى من التي وجدت قبل الحكم ثم وجد الحكم بعدها ومن التي وجدت بعد الحكم؛ لأنه متفق عليها والباقيتان ليستا كذلك، وأما أن آية واحدة من هاتين الاثنتين أولى وأرجح فهو في محل النظر.

فيحتمل أن يقال: إن الأولى أولى؛ لأن غاية ما يلزم منه إنما هو تخصيص العلة والخلاف في تخصيص العلة مشهور.

وأما الثاني فالخلاف فيه غير مشهور فإن المشهور إنما هو عدم جواز ذلك. ويحتمل أن يقال: إن الثانية أولى؛ لأن الأصح أن العلة مفسرة بمعنى المُعرَّف وتأخر المعرِّف عن المعرَّف غير ممتنع ولا بعيد.

وسابعها: إذا كانت إحدى العلتين متضمنة للحكمة لم توجد بدونها، والأخرى مظنة لها قد توجد بدونها فالأولى أولى.

وثامنها: ضابط الحكمة إذا كان جامعا مانعًا أولى من الضابط الذى ليس كذلك.

وتاسعها: العلة التي لا ينعكس أصلها أولى من التي ينعكس أصلها، والمعنى من الأصل هنا كل واحد من النص والحكم فلو اقتضت رفع الحكم أو بعضه أو رفع شيء من مقتضى النص كانت عاكسة.

وعاشرها: العلة التي لا توجب حكما على خلاف نص، أو أثر، أو

ص: 3771

قياس، أو احتياط، أو تفسير [أو قياس]، الراوي، أو غيرها من الطرق المستقلة، أو المرجحة، أو كانت مستنبطة من أصول عدة، أو لم يكن لها في الأصل مزاحم أولى من التي لا تكون كذلك.

وحادي عشرها: إذا كانت علة أحد القياسين مناسبة لضد الحكم المطلوب من وجه، وعلة الآخر ليس كذلك فالثاني أولى.

وثاني عشرها: العلة/ (289/ أ) التي تكون أفضى إلى تحصيل مقصودها أولى من التي لا تكون كذلك.

وثالث عشرها: العلة التي تتضمن مقصودًا يعم المكلفين أولى من التي تتضمن مقصودًا لا يعمهم بل يرجع إلى آحادهم.

ورابع عشرها: المستنبطة من الحكم الذى يثبت على خلاف القياس مرجوحة بالنسبة إلى المستنبطة من الحكم الذى لا يكون كذلك.

وخامس عشرها: الترجيح باعتبار الحكم الذى توجبه، والكلام فيه ما سبق في النص ولا حاجة إلى الإعادة.

ص: 3772

الفصل الرابع

في ترجيح القياس بسبب حكم الأصل

ص: 3773

الفصل الرابع

في ترجيح القياس بسبب حكم الأصل

اعلم أنه لابد للحكم في الأصل من دليل فإما أن يكون ذلك الدليل قطعيا أو ظنيًا، وعلى التقديرين فدليل حكم الأصل في القياس الثاني إما أن يكون قطعيا، أو ظنيا، فهذه أقسام ثلاثة يجب البحث عنها:

فإن كان الدليلان قطعيين فإن قلنا: بجريان الترجيح بين القطعيات جرى بين دليليهما الترجيح فما يكون دليله أجلى وأرجح عند العقل فهو راجح.

وإن لم نقل بجريان الترجيح بين القطعيات فإن كان دليل أحدهما إجماعا والأخر نصًا قاطعًا في متنه ودلالته كان ما دليله الإجماع راجحًا على الأخر؛ لأنهما وإن اشتركا في القطع في صحة المتن والدلالة لكن النص قابل للنسخ، والإجماع لا يقبله فكان أولى، وهذا على رأي من يقول: أن الإجماع حجة قاطعة، وأما من لا يرى ذلك فلا، وإن لم يكنن كذلك بل كلاهما نصان تعارضا.

وإن كان الدليلان ظنيين فإما أن يكونا لفظتين، أو إجماعين، أو قياسين إن جوز أن يكون حكم الأصل ثابتًا بالقياس أو مختلفين.

فإن كانا لفظين جرى بينهما الترجيح، وقد عرفت تراجيح النصوص فلا حاجة إلى الإعادة.

وان كانا إجماعين جرى بينهما الترجيح أيضًا، [وقد عرفت أيضًا التراجيح بين الإجماعات الظنية.

ص: 3775

وإن كانا قياسين جرى بينهما الترجيح أيضًا، وقد عرفت بعض ما يترجح به القياس، وستعرف الباقي إن شاء الله تعالى.

وإن كانا مختلفين فإن كان أحدهما نصا ظنيا والآخر إجماعا ظنيا قيل:

ما كان دليله الإجماع راجح؛ لأنه لا يقبل النسخ، والتخصيص، والدليل اللفظي يقبلهما، وهذا صحيح لكن بشرط التساوي في الدلالة، فأما إذا اختلفا في ذلك فالحق أنه يتبع فيه الاجتهاد، فما تكون إفادته للظن أكثر فهو أولى، فإن الإجماع وإن لم يقبل النسخ والتخصيص لكن ربما تضعف دلالته على المطلوب بالنسبة إلى الدلالة اللفظية فقد يجبر النقص بالزيادة وقد لا يجبر فيقع فيه الاجتهاد.

وإن كان أحدهما نصًا أو إجماعًا، والأخر قياسًا كان ما دليله النص أو الإجماع راجح على ما دليله القياس؛ لأن الذين جوزوا أن يكون حكم الأصل ثابتًا بالقياس اتفقوا على أن الأصل الذى ثبت حكمه بالنص أو بالإجماع أولى منه لكونه متفقًا عليه، ولأن الذى ثبت حكمه بالقياس لابد وأن ينتهى بالأخرة إلى ما ثبت حكمه بالنص وإلا لزم التسلسل، وهو ممتنع، فيكون الذى ثبت حكمه بالنص أصله والفرع لا يكون أقوى من الأصل.

وكذا ما ثبت حكمه بالإجماع راجح على ما ثبت حكمه بالقياس، وأن كان [دليل حكم أصل أحد القياسين قطعيًا]، ودليل حكم أصل القياس الأخر ظنيا عمل بالأول؛ لأنه قياس أحد مقدماته قطعي والأخر كل مقدماته

ص: 3776

ظني فترجح عليه لما سبق، لكن بشرط أن لا يزيد مجموع الظنيات على الذى بعض مقدماته قطعي في زيادة إفادة الظن بان يكون كل واحد من مقدماته قوية والمقدمات الظنية في ذلك القياس الذى ثبت حكم أصله بدليل قطعي ضعيف بحيث يكون ظن القياس المركب منها أضعف من ظن ذلك القياس الآخر هذا هو الكلام الكلى في هذا الباب ولا باس أن نذكر بعض تفاريعه مفصلاً فنقول: ترجيح القياس باعتبار حكم الأصل من وجوه:

أحدها: إذا كان حكم الأصل في أحد القياسين غير ممنوع، وحكم الأصل في القياس الأخر ممنوع، فالقياس الذى حكم أصله غير ممنوع أولى؛ لأن ما يتطرق من الخلل بسبب منع حكم الأصل في/ (290/ أ) القياس الثاني منتف عنه فكان أغلب على الظن فكان أولى.

وثانيها. إذا كان حكم الأصل في أحد القياسين مقطوعا به أو كان ثابتًا بدليل ظني راجح نحو إيماء الخبر المتواتر، وفى القياس الأخر حكم الأصل مظنونًا أو كان ثابتًا بدليل ظني مروح نحو إيماء خبر الواحد والإيماءان متساويان كان الأول أولى.

وثالثها: إذا كان حكم الأصل في أحد القياسين مما اختلف في نسخه وفى الأخر غير مختلف فيه في ذلك بل أطبقوا على ثبوته كان الثاني أولى. ورابعها: القياس الذى حكم أصله غير معدول عن سق القياس راجح على الذى حكم أصله معدول عنه، وتعليله ظاهر، وكلما كان العدول فيه أكثر كان أضعف.

وخامسها: القياس الذى قام على تعليل حكم أصله وعلى جواز القياس عليه دليل خاص أولى من الذى ليس كذلك.

وسادسها: القياس الذى حكم أصله معلل بالاتفاق راجح على الذى اختلف في تعليل حكم أصله، وكذا القياس الذى اتفق على جواز القياس على أصله أولى من الذى اختلف في جواز القياس على حكم أصله.

ص: 3777

وسابعها: القياس الذى حكم أصله على وفق أصول أخر راجح على الذى ليس كذلك، وكلما كانت الموافقة للأصول أكثر كان أرجح.

وثامنها: القياس الذى حكم أصله [مما تعم به البلوى وهو ثابت بخبر الواحد مرجوح بالنسبة إلى القياس الذى حكم أصله، مما لا تعم به البلوى، أو مما تعم به البلوى لكنه ثابت بدليل قاطع وعلى هذا فقس غير المذكور [على المذكور]، وإذا اختلف جهتا القوة والضعف في كل واحد من حكمي الأصل، للقياسين كما إذا كان حكم أصل أحد القياسين مجمعًا عليه لكنه معدول عن سنن القياس، وحكم أصل القياس الثاني غير مجمع عليه بل هو ثابت بدليل ظني لكنه غير معدول عن سق القياس فليتبع المجتهد فيه اجتهاده فكل ما يفيده غلبة الظن اتبعه.

وأما ترجيح القياس بسبب كيفية حكم أصله فهو على ما سبق في النص فلا حاجة إلى الإعادة فعلى هذا القياس الذى يثبت الحظر مثلاً راجح على الذى يثبت الإباحة، وكذا القياس الذى يثبت العتق والطلاق راجح على الذى يثبت الرق والنكاح كما سبق في ترجيح النص بسبب حكمه.

ص: 3778

الفصل الخامس

في ترجيح القياس بسبب الفرع

ص: 3779

الفصل الخامس

في ترجيح القياس بسبب الفرع وهو من وجوه

أحدها: القياس الذى لا يلزم من ثبوت مقتضاه وهو الحكم في الفرع محذور كتخصيص عموم، أو تقييد مطلق، أو ترك العمل بظاهر أو حقيقة، أو معارضة قياس آخر له راجح على الذى يلزم من ثبوت مقتضاه شيء من ذلك وكميته ظاهرة.

وثانيها: القياس الذى يثبت الحكم في كل الفروع أولى من الذى يثبت في بعض الفروع دون البعض؛ لأنه حينئذ يلزم تخصيص العلة وهو جهة المرجوحية كما تقدم.

وثالثها: القياس الذى يشارك فرعه أصله في عين الحكم وعين العلة راجح على القياس الذى لا يكون كذلك وهو أقسام ثلاثة:

أحدها: ما شارك فرعه أصله في عين العلة وجنس الحكم.

وثانيها: عكسه.

وثالثها: ما يشارك فرعه أصله في العلة وجنس الحكم.

والقسم الأول من الأقسام الثلاثة أولى من القسمين الباقين، والقسم الثاني منها أولى من الثالث.

وتعليل هذه الأقسام ظاهر: أما الأول: فلأن التعدية باعتبار الاشتراك [في المعنى الأخص أغلب على الظن من التعدية باعتبار الاشتراك] في المعنى الأعم وأما الثاني: فلأن تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع إنما هو باعتبار تعدية العلة فهي الأصل في التعدية والحكم فرعها باعتبار خصوصها أولى.

ص: 3781

وأما الثالث بالنسبة إلى الرابع فلحصول الخصوص في الحكم الذى هو معلول العلة بخلاف القسم الرابع فإن العموم حاصل فيه في جهتي العلة والمعلول فكان الثالث أولى من الرابع.

ورابعها: القياس الذى فرعه متأخر عن أصله أولى من الذى فرعه متقدم على أصله.

وخامسها: القياس الذى علم وجود العلة في فرعه أولى من الذى ظن وجودها فيه، والذى ظن وجودها فيه ظنا غالبا أولى من الذى لا يكون كذلك.

وسادسًا: القياس الذى دل النص على ثبوت الحكم في فرعه جملة لا تفصيلاً أولى من الذى لا يكون كذلك؛ لأن الأول متفق عليه بين القائسين دون الثاني، ولأن ظن ثبوت الحكم/ (291/ أ) فيه أكثر فيكون أولى.

وسابعها: القياس الذى لا يلزم من ثبوت الحكم في فرعه بطلان الحصر الذى في دليل أصله أولى من الذى يلزم منه ذلك.

مثاله: قوله عليه السلام: "خمس يقتلن في الحل والحرم" فقياس جواز قتل مؤذ آخر في الحل والحرم عليهن يبطل الحصر المذكور فيكون مرجوحا بالنسبة إلى قياس آخر يقتضى عدم جواز قتله.

وثامنها: القياس الذى لا يوجد في فرعه معنى مناسب يقتضى عدم ثبوت الحكم المطلوب من القياس ولو من وجه أولى من الذى لا يكون كذلك.

ص: 3782

وتاسعها: القياس الذى له فروع كثيرة أولى من الذى لا يكون كذلك؛ لأنه تكثر فائدتها فيكون أولى.

ومنهم أنكر الترجيح بهذا محتجا بوجوه:

أحدها: أن كثرة الفروع ليست أمرًا شرعيًا، والترجيح إنما هو بكثرة

[الفوائد الشرعية، وهو ضعيف؛ لأنا لا نسلم ذلك بل هو عندنا بكثرة الفوائد] الشرعية أو بما يلزم منه كثرة الفوائد الشرعية وها هنا كذلك فيكون أولى [بسبب كثرة مدلوله].

وثانيها: لو كان القياس مرجوحًا بسبب كثرة فروعه لكان النص أيضا مرجحًا بسبب كثرة مدلوله فيلزم أن يكون العام أولى من الخاص.

وجوابه: أنه إنما لم يرجح الخطاب بكثرة مدلوله؛ لأنه يلزم منه إلغاء الخاص بالكلية، وتقديم الخاص عليه لا يلزم منه ذلك فكان الجمع بين الدليلين أولى بخلاف القياس فإنه إذا انتهى الأمر فيه إلى الترجيح فإنه لابد من إلغاء أحدهما لا محالة فكان إلغاء ما هو أقل فائدة أولى.

وثالثها: التعدية فرع الصحة، والأصل لا يرجح بالفرع.

وجوابه: منعه؛ وهذا فإن الاصل قد يرجح بكثرة فروعه لكونها دالة على قوته ولو قيل هكذا: التعدية فرع الصحة في الأصل فلو توقفت صحتها في الأصل على التعدية لزم الدور.

فجوابه: ما تقدم من ضعف هذا الدليل في القياس في مسالة جواز التعليل بالعلة القاصرة، ويخصه ها هنا جواب آخر وهو أنا نسلم أن كثرة التعدية فرع الصحة في الأصل لكن لا نسلم توقف صحتها في الأصل على كثرة التعدية،

ص: 3783

وهذا لأن العلة صحيحة وإنما الكلام في الرجحان ولا يلزم من كونها مرجوحة كونها غير صحيحة بل المرجوحية فرع الصحة ومستلزمها فبطل الدور.

وعاشرها: القياس الذى يرد الفرع إلى ما هو من جنسه أولى من القياس الذى يرده إلى غير جنسه.

مئاله: قياس الحنفية الحلى على التبر أولى من قياسه على سائر ما ينتفع به ويستعمل في الحاجات من الأموال كثياب البذلة والمهنة، وعبيد الخدمة، والخيول المسومة؛ لأن القياس الأول يرده إلى ما هو من جنسه [والثاني يرده إلى غير جنسه]. باعتبار وصف عرضي خارجي وهو كونه مستعملاً في الحاجات ومنتفعا به، والاتحاد بين المتجانس، أتم من الاتحاد بين المتغايرين في الجنسية المتحدين في وصف عرضي خارجي، ومهما كان الاتحاد أتم كان ظن الاشتراك في الحكم أكثر فكان أولى.

وأعلم أن بعض هذه الوجوه قد يناسب إيراده في الفصل الذى أوردناه، وقد يناسب إيراده في غير ذلك الفصل، وإنما أوردناه حيث أوردناه، إما لأنه أكثر مناسبة، أو بطريق الاتفاق، والأمر في ذلك قريب.

ص: 3784