المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامسفي السبر والتقسيم - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٨

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابعفي الركن الثالثوهو العلة

- ‌القسم الأول:في الطرق الدالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثانيفي إثبات العلية بالمناسبة والإخالةوهي من الطرق العقلية

- ‌المسألة الأولىفي تعريف المناسب:

- ‌المسألة الثانيةاعلم أن الحكم إذا شرع للمناسبة فلابد وأن يكون محصلًا للمصلحة أو دافعًا للمفسدة، أو محصلًا للمصلحة ودافعًا للمفسدة معًا

- ‌المسألة الثالثةفي تقسيم المناسب

- ‌المسألة الرابعةفي أن مناسبة المصلحة تبطل وتحرم بمناسبة مفسدة مساوية أو راجحة، وقال قوم لا تبطل وهو اختيار الإمام

- ‌المسألة الخامسةفي إقامة الدلالة على أن المناسبة دالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثالثفي قياس الشبه

- ‌المسألة الأولىفي تعريف ماهيته

- ‌المسألة الثانيةفي إقامة الدلالة على أنه حجة إذا اقترن به الحكم

- ‌المسألة الثالثةذهب بعض أصحابنا أن الوصف الشبهي إذا لم يعرف تأثير عينه في عين الحكم بل عرف تأثير جنسه القريب في الجنس القريب للحكم لا يكون حجة. وخالفه الباقون وهو المختار

- ‌الفصل الرابعفي الدورانويسمى بالطرد والعكس

- ‌الفصل الخامسفي السبر والتقسيم

- ‌الفصل السادسفي الطرد

- ‌الفصل السابعفي تنقيح المناط

- ‌الفصل الثامنفيما ظن أنه من طرق إثبات العلة وليس كذلك

- ‌القسم الثانيمن الطرق الدالة على أن الوصف لا يجوز أن يكون علة الحكم

- ‌الفصل الأولفي النقض

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن ذلك هل يقدح في علية الوصف أم لا

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بأن تخلف الحكم عن الوصف لمانع أو لغير مانع لا يقدح في عليته اتفقوا على أن تخلفه كذلك عن حكمة الوصف لا يقدح في عليته.فأما القائلون بأن تخلفه عن الوصف يقدح في عليته اختلفوا في أن تخلفه عن حكمه المقصودة هل يقدح في عليته أم لا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بتخصيص العلة اختلفوا في أنه هل يجب على المستدل ابتداء التعرض لنفي المانع، أم لا

- ‌المسألة الرابعةالقائلون بعدم تخصيص العلة اختلفوا في النقض إذا كان واردًا على سبيل الاستثناء

- ‌المسألة الخامسةفي الكسروهو نقض يرد على بعض أوصاف العلة

- ‌المسألة السادسةفي كيفية دفع النقض

- ‌الفصل الثانيفي عدم التأثير والعكس

- ‌المسألة الأولىفي معناهما:

- ‌المسألة الثانيةفي أن عدم التأثير يقدح في العلية

- ‌المسألة الثالثةفي أن العكس غير واجب في العلة عقلية كانت أو شرعية

- ‌الفصل الثالثفي القلب

- ‌المسألة الأولىفي حقيقته

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةفي أقسام القلب:

- ‌الفصل الرابعفي القول بالموجب

- ‌الفصل الخامسفي الفرق

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانيةيجوز تعليل الحكم الواحد نوعًا المختلف شخصًا بعلل مختلفة وفاقًا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بكون الفرق يقدح في العلية اختلفوا في أنه هل هو من تمامه ولوازمه نفيه عن الفرع أم لا

- ‌المسألة الرابعة

- ‌القسم الثالثفي أمور ظنت أنها تفسد العلة مع أنها ليست

- ‌المسألة الأولىفي تقسيم العلة

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في جواز التعليل بمحل الحكم، أو جزئه الخاص:

- ‌المسألة الثالثةالحق أنه لا يجوز أن تكون علة الحكم في الأصل بمعني الأمارة

- ‌المسألة الرابعةيجوز التعليل بالحكمة عند قوم.وقال قوم لا يجوز

- ‌المسألة الخامسةذهب جمع إلى جواز التعليل بالعدم ثبوتيا كان الحكم أو عدميا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في جواز تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي:

- ‌المسالة السابعةالتعليل بالأوصاف العرفية

- ‌المسألة الثامنةالتعليل بالوصف المركب جائز عند المعظم، وقال بعضهم لا يجوز

- ‌المسألة التاسعةأطبق الكل على أن العلة المنصوصة أو المجمع عليها يجوز أن تكون قاصرة، وأختلفوا في المستنبطة:

- ‌المسألة العاشرةاتفقوا على التعليل بمجرد الاسم غير جائز

- ‌المسألة الحادية عشرة

- ‌المسألة الثانية عشرةذهب الأكثرون إلى إنه لا يجوز التعليل بالصفات المقدرة، خلافا للأقلين من المتأخرين

- ‌المسألة الثالثة عشرةفي تقسيم العلة باعتبارات أخر غير ما تقدم

- ‌المسألة الرابعة عشرةاعلم أن الاستدلال قد يكون بذات العلة على الحكم، وقد يكون بعلية الحكم للحكم عليه

- ‌المسألة الخامسة عشرةاعلم أن تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي يسمى تعليلا بالمانع

- ‌خاتمة لهذا القسم بمسائل في أحكام العلة لم يتقدم ذكرها

- ‌المسألة الثانيةالوصف الذي جعل علة الحكم بمعنى الباعث لا شتمالها على الحكمة يجب أن لا يمكن بمثابة يلزم منه إثبات الحكم، أو نفيه مع القطع

- ‌المسألة الثالثةقيل الوصف الذي جعل ضابطا لحكمته يجب أن يكون جامعا للحكمة

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أنه لا يجوز تعليل الحكم بعلة متأخرة عنه في الوجود

- ‌المسألة الخامسة: (231/ أ)العلة المستنبطة من الحكم يجب أن لا ترجع إليه بالإبطال، ومعلوم أن ذلك لا يكون إلا في الأصل

- ‌الباب الخامسفي الركن الرابع وهو الفرع

- ‌النوع الخامس عشرفي الاعتراضات [وأجوبتها]

- ‌النوع السادس عشرالكلام في التعادل والتراجيح

- ‌ القسم الأول في التعادل

- ‌المسألة الأولىأطبق الكل على أن تعادل القاطعين المتنافيين عقليين كانا أو نقليين غير جائزة

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بجواز هذا التعادل [قالوا: إن وقع هذا التعادل]، للإنسان في عمل نفسه كان حكمه فيه التخيير، أو التساقط والرجوع إلى غيرهما

- ‌المسألة الثالثةالمجتهد إذا نقل عنه قولان كالوجوب والتحريم مثلاً

- ‌القسم الثانيفي التراجيح

- ‌الفصل الأولفي مقدمات التراجيح

- ‌المسالة الأولى: في حد الترجيح

- ‌المسألة الثانيةذهب الأكثرون إلى وجوب العمل بالراجح سواء كان الترجيح معلومًا أو مظنونًا

- ‌المسألة الثالثةلا يتطرق الترجيح إلى الأدلة القطعية

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أن العقليات لا يتطرق الترجيح إليها

- ‌المسالة الخامسةذهب الشافعي ومالك- رضي الله عنهما إلى أنه يجوز الترجيح بكثرة الأدلة، خلافًا للحنفية

- ‌المسألة السادسةإذا تعارض دليلان فإن لم يمكن العمل بكل واحد منهما بوجه دون وجه صير إلى الترجيح

- ‌المسألة السابعةإذا تعارض نصان فإما أن يكونا عامين، أو خاصين.أو أحدهما عامًا والآخر خاصًا

- ‌الفصل الثانيفي تراجيح الأخبار

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح الخبر بكيفية السند

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح الخبر بكيفية الرواية

- ‌المسألة الثالثةفي الترجيح بحال وروده

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح الخبر باعتبار اللفظ

- ‌المسألة الخامسةفي ترجيح الخبر باعتبار مدلوله وهو الحكم

- ‌المسالة السادسةفي ترجيح الخبر بالأمور الخارجية

- ‌الفصل الثالثفي ترجيح القياس بحسب علته

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح القياس بحسب ماهية علته

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح القياس بحسب الدليل الدال على وجود علته

- ‌المسألة الثالثةفي ترجيح القياس بسبب الدليل الدال على علية الوصف في الأصل

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح القياس بسبب وصف العلة

- ‌النوع السابع عشر في الاجتهاد

- ‌ المقدمة:

- ‌الفصل الأولفي المجتهد

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن الرسول- عليه السلام هل كان يجوز له الاجتهاد فيما لا نص فيه:

- ‌المسألة الثانيةاتفقوا على جواز الاجتهاد بعد الرسول- عليه السلام

- ‌المسأله الثالثةفي شرائط المجتهد

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن صفة الاجتهاد هل تحصل في فن دون فن أم لا

- ‌الفصل الثانيفي المجتهد فيه

- ‌المسألة الأولىذهب الجماهير إلى أنه ليس كل مجهد في الأصول مصيبًا

- ‌المسألة الثانيةفي تصويب المجتهدين في الأحكام الشرعية

- ‌النوع الثامن عشرالكلام في المفتي والمستفتي وما فيه الاستفتاء

- ‌الفصل الأول في المفتي

- ‌المسألة الأولىفي المفتي المجتهد إذا أفتى مرة بما أدى إليه اجتهاده، ثم سئل مرة أخرى عن تلك الحادثة بعينها:

- ‌المسألة الثانيةفي أن غير المجتهد هل يجوز له الفتوى بما يحكيه عن الغير من المجتهدين

- ‌المسألة الثالثةالمختار عند الأكثرين أنه يجوز خلو عصر من الأعصار عن الذي يمكن تفويض الفتوى إليه سواء كان مجتهدًا مطلقًا، أو كان مجتهدًا في مذهب المجتهد، ومنع منه الأقلون كالحنابلة

- ‌الفصل الثانيفي المستفتي

- ‌المسألة الأولىيجوز للعامي أن يقلد المجتهدين في مسائل الفروع اجتهادية كانت أو غير اجتهادية

- ‌المسألة الثانيةفي شرائط الاستفتاء

- ‌المسألة الثالثةالرجل الذي تنزل به الواقعة إن كان عاميًا صرفًا جاز له الاستفتاء

- ‌المسألة الرابعةالعامي إذا عمل بفتوى بعض المجتهدين في حكم حادثة وقلده فيه لم يجز له الرجوع عنه إلى حكم آخر في تلك الحادثة بعينها بفتوى غيره إجماعًا

- ‌النوع التاسع عشرالكلام في المدارك التي اختلف المجتهدون في أنها هل هي مدارك للأحكام أم لا

- ‌المسألة الأولىفي أن الأصل في المنافع الإذن، وفى المضار المنع خلافا لبعضهم

- ‌المسألة الثانيةفي استصحاب الحال

- ‌المسألة الثالثةفي أن النافي هل عليه دليل أم لا

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن مذهب الصحابي وقوله هل هو حجة على من بعدهم من التابعين أم لا

- ‌المسألة الخامسةفي المصالح المرسلة

- ‌المسألة السادسةفي الاستحسان

- ‌المسألة السابعةاختلفوا في أنه هل يجوز أن يقول الله تعالى لنبي أو لعام: احكم بما شئت، فإنك لا تحكم إلا بالصواب:

- ‌المسألة الثامنةذهب الشافعي رضي الله عنه وأصحابه إلى أنه يجوز الاعتماد في إثبات الأحكام على الأخذ بأقل ما قيل فيه خلافًا لبعضهم

- ‌المسألة التاسعةذهب بعضهم إلى أن الأخذ بأخف القولين واجب على المكلف

- ‌النوع العشرونالكلام في الاستدلال

- ‌المسألة الأولىفي معنى الاستدلال

- ‌المسألة الثانيةفيما يتعلق بالسبب والشرط والمانع

- ‌المسألة الثالثةفي الاستدلال بعدم ما يدل على الحكم على عدم الحكم

- ‌المسألة الرابعةمن جملة طرق الاستدلال والاستقراء

- ‌المسألة الخامسةفي الاستدلال على عدم الحكم

- ‌المسألة السادسةفي الاستدلال على ثبوت الحكم

الفصل: ‌الفصل الخامسفي السبر والتقسيم

‌الفصل الخامس

في السبر والتقسيم

السبر في اللغة: هو الاختبار، يقال: سبرته أي اختبرته، ومنه يقال: للميل الذي يختبر به الجرح المسبار.

وإنما سمي هذا النوع الآتي من الكلام بالسبر والتقسيم؛ لأن الناظر في العلة يقسم الصفات ويختبر كل واحد منها في أنه هل يصلح للعلية أم لا؟

ثم اعلم أن التقسيم إما أن يكون دائرًا بين النفي والإثبات وهو التقسيم المنحصر، وإما أن لا يكون دائرًا كذلك وهو التقسيم المنتشر.

أما الأول: فهو لإفادته العلم حجة في العليات والعمليات قطعًا من غير خلاف إن كان الدليل الدال على نفي علة ما عدا الوصف المعين فيه قطعيًا أيضًا وإلا فهو والتقسيم الثاني سواء كان الدليل الدال على نفي علية ما عدا المعين فيه قطعيًا أو ظنيًا حجة في العمليات لإفادته الظن فقط دون العلميات.

ص: 3361

طريق إيراد النوع الأول هو أن يقال: الحكم إما أن يكون معللًا بعلة أو لا يكون.

الثاني باطل فيتعين الأول، وتلك العلة إما الوصف الفلاني أو غيره، والثاني باطل ويذكر على ذلك دليلًا قاطعًا من إجماع أو نص، وحصول هذا القسم في الشرعيات عسر جدًا أو على وجه التغليب، وأما الأقسام الثلاثة الباقية المفيدة للظن فيمكن أن توجد بأسرها فيها.

وطريق إيراد هذا القسم الظني المسمي بالمنتشر هو أن يقال: الحكم إما أن يكون معللًا، أو لا يكون، والثاني باطل؛ إما لما سبق من الإجماع على أن أحكام الله تعالى بأسرها معللة بالمصالح إن صح ذلك الإجماع، أو لإجماع الفقهاء والمعتزلة على ذلك، وإن اختلفوا في المأخذ كما عرفت ذلك من قبل، ولو سلم عدم انعقاد الإجماع على ذلك، لكن كونه غير معلل بالمصلحة على خلاف الغالب المألوف من أحكام الشرع بدليل الاستقراء، وذلك يدل ظاهرًا على أن ذلك الحكم معلل وهذا كاف في هذا المقام؛ إذ المطلوب إنما هو الظن وهو توجيه.

ثم تلك العلة إما ظاهرة لنا أو غير ظاهرة لنا، الثاني باطل.

أما أولًا: فلأن ذلك يبطل فائدة التعليل إذ فائدته توسع طرق معرفة الأحكام، وشرعية انقياد المكلف له وتلقيه بالقبول على وفق داعية الطبع من غير تأبي من جهة النفس وهي بأسرها غير حاصلة فيما خفيت علته.

وأما ثانيًا: فلأن الغالب في العلل المعللة بها الأحكام إنما هو الظهور واندراج الفرد تحت الأعم والأغلب أغلب على الظن [فيكون كونها ظاهرة أغلب على الظن].

ص: 3362

وأما ثالثًا: فلأن الحكم إذا كان معقول المعنى كان على وفق المعتاد من تصرفات العقلاء وأهل العرف، والأصل مطابقة الشرع للعقل والعرف، وإذا بطل الثاني تعين الأول، وحينئذ نقول: العلة إما هذا الوصف، أو ذلك الوصف، أو الوصف الفلاني؛ إذ الأصل عدم ما عداها، ولأن المجتهد ناظر في الأوصاف الحاصلة في محل الحكم فإذا لم يجد بعد البحث الشديد والطلب الأكيد إلا ما ذكر من الأوصاف الثلاثة أو الأربعة غلب على ظنه أنه لم يكن هناك وصف آخر غير ما ذكر، فإذا أخبر بذلك غلب على الظن صدقه؛ لأنه عارف سليم الحس والعقل عدل ثقة، وحينئذ يحصل الظن بانحصار صفات محل الحكم فيما ذكره المجتهد وأخبر أنه لم يجد سواه فإذا نفي بعد ذلك بدليل قاطع أو ظني علية ماعدا الذي ادعي عليته غلب على الظن أن ذلك الوصف علة لذلك الحكم والعمل بالظن واجب لما سبق فيكون هذا النوع حجة.

وضابط هذا النوع الظني: هو أن لا يكون الدليل الدال على انحصار الصفات في محل الحكم ونفي علية ما عدا الوصف المعين قاطعًا سواء كانا ظنيين أو أحدهما.

فإن قلت: لا نسلم حصر الصفات فيما ذكر فلعل له صفات أخر. قوله: بحث وطلب فما وجد.

قلنا: لا نسلم فلعله لم يبحث ولم يطلب/ (189/ أ) وأخبر بذلك كذبًا ترويجًا أو طلبًا للغلبة.

سلمناه لكن ربما وجده ولكن لعله ستره للعليتين السابقتين.

سلمنا أنه لم يجده لكن عدم وجدانه لا يدل على عدمه.

ص: 3363

سلمنا أنه يدل على ذلك بالنسبة إليه لا بالنسبة إلى غيره.

سلمنا أنه يدل عليه مطلقًا لكن لعل الخصم وجد فيه صفات أخر أو ما يدل عليها فحينئذ لا تعتبر تلك الدلالة بالنسبة إليه لعلمه بما يضاده.

سلمناه لكن لا نسلم فساد غير ما عين للعلية.

سلمناه لكن كل واحد منها لا مجموع اثنين أو ثلاثة منها.

سلمنا فسادها مجموعًا ومفردًا، لكن لا نسلم أنه يلزم منه علية ما عين؛ وهذا إنما يلزم ذلك أن لو كان الحكم هناك معقول المعني وهو ممنوع.

سلمنا أنه معقول المعني لكن لا يلزم من عدم علية غير ذلك الوصف عليته؛ لأن عدم علية غيره من قبيل إبطال المعارض ولا يلزم من عدم معارضة علية الشيء عليته في نفسه.

سلمنا علية الباقي بمعني أن غيره ليس بعلة لكن لم لا يجوز أن ينقسم الباقي إلى قسمين وتكون العلة أحد قسميه.

قلت: الجواب عن الأول: أن ما تقدم من الوجهين دليل على انحصار الصفات فيما ذكر ظاهرًا.

قوله: لعله لم يبحث ولم يطلب.

قلنا: الظاهر من حال المسلم العدل الثقة إنما هو الصدق لا الترويج والغلبة لاسيما فيما [لا] يتسامح بالكذب فيه كالإخبار عن حكم الله تعالى ولاسيما ممن شرفه الله تعالى برتبة الاجتهاد في الدين، وبه خرج الجواب عن الثاني، فإن الستر بعد الوجدان خيانة من المجتهد في الدين وهو بعيد منه.

ص: 3364

وعن الثالث: أنه لا يدل عليه قطعًا لكن يدل عليه ظنًا، والاستقراء يفيد العلم الضروري بذلك.

وعن الرابع: أن عدم جودانه بعد البحث الشديد والطلب الأكيد أفاد له الظن بالعدم فإذا أخبر عن ذلك مع أن ظاهر حاله الصدق أفاد لغيره الظن أيضًا كما في سائر الأخبار اللهم [إلا] إذا اتهمه بالخيانة لكن سبق أن الظاهر عدمها.

وعن الخامس: أن الظاهر من حال الخصم أنه لو وجدها أو وجد عليها دليلًا لأظهره إفحامًا لخصمه، ونصرة لنفسه، وإبرازًا لعلم مست الحاجة إلى إبرازه فلو ادعى علمه بها طولب ببيانها فإن لم يبين مع إمكان البيان لم يلتفت إلى دعواه لظهور عناده فيه فلو بين واستدل المستدل على إفساده بدليل لم يعد منقطعًا فيما ادعاه من الحصر ظاهرًا وإفساد غير الوصف الذي عينه.

وعن السادس: أن الكلام حيث يتبين إفسادها بدليل من الأدلة التي تدل على عدم علية الوصف نحو النقض وعدم التأثير وغيرها من الطرق الدالة على عدم العلية.

وقال الإمام رحمه الله: بلى لا يمكن إفسادها بعدم المناسبة لأنه حينئذ يحتاج إلى أن يبين خلو ما يدعيه علة عن هذا المفسد وذلك لا يتم إلا ببيان مناسبته، ولو بين ذلك لاستغنى عن طريقة السبر والتقسيم.

قيل عليه: إن كان بيان عدم مناسبة [الصفات المحذوفة بعد تسليم المعترض مناسبة كل واحد من الصفات المحذوفة وغيرها لم يسمع منه منع مناسبة] الباقي لكونه منعًا لما سلمه فلا يجب على المستدل بيان مناسبة

ص: 3365

الوصف الثاني.

وإن كان قبل تسليم مناسبة تلك الصفات، فللمستدل طريق صالح في دفع السؤال من غير حاجة إلى بيان المناسبة في الوصف المستبقي وهو ترجيح سبره على سبر المعترض لموافقته للتعدية وموافقة سبر المعترض للقصور، والتعدية أولى من القصور على ما يأتي تقريره في الترجيحات وهو ضعيف؛ أما أولًا: فلأن ذلك كلام على سند المنع وهو قد لا يكون جوابًا عن المنع؛ وهذا لأن المعترض تارة يمنع مناسبة الوصف المستبقي فقط من غير أن يسنده إلى شيء وتارة يسنده إلى شيء نحو الأصل بأن يقول: بأن الأصل عدم المناسبة، أو يقول: بحثت وسبرت فما وجدت فيه المناسبة [فإذا قال المستدل: بحثت وسبرت فوجدت فيه المناسبة] وسبري راجح على سبرك لما تقدم كان ذلك كلامًا على سند المنع لا على المنع.

وأما ثانيًا: فلأنه إذا ادعى المناسبة في الوصف المستبقي ورجحه على غيره، طولب ببيانها فإن لم يبين واقتصر على قوله: بحثت ووجدت فيه المناسبة، ولم يبينها تفصيلًا لم يصغ إليه ولم يكتف منه بهذا القدر، وإن اكتفينا بهذا في جانب النفي لأنه لا كلفة في الإظهار بعد الوجدان فيكون في عدم بيانها وسترها معاندا أو لأنا لو اكتفينا منه بهذا القدر لاكتفينا منه في كل مسألة خلافية أن يقول ابتداء بحثت وفتشت فوجدت على حكم المسألة دليلًا، إذ الظاهر من حال المجتهد العدل إنما هو الصدق ولا قائل به وإنما اكتفينا منه بهذا في النفي لأنه لا طريق إليه إلا ذلك.

وأما ثالثًا: فلأنا لو سلمنا الاكتفاء بهذا القدر فهو أيضًا بيان للمناسبة في الوصف المستبقي، غايته أنه على وجه جملي فلا يكون ذلك مافيًا/ (190/ أ)

ص: 3366

لقول القائل: إنه لا يتم ذلك إلا ببيان مناسبة الوصف المستبقى فبطل قول المعترض عليه أن له طريقًا صالحًا في دفع السؤال من غير حاجة إلى بيان المناسبة في الوصف المستبقي فإن ما ذكره بيان للمناسبة في الوصف المستبقي غايته أنه على وجه جملي.

واعترض على طريقة عدم التأثير [المسمي] بالإلغاء أيضًا: بأن ذلك لا يتم إلا أن يبين أن الحكم ثابت بالوصف المستبقي في صورة دون سائر الصفات المحذوفة لكن لا يكفي في ذلك أن يبين أنه يوجد الحكم مع الوصف المستبقي مع انتفاء الأوصاف المحذوفة، فإنه لو كفى ذلك لكفى في أصل القياس فلم يكن إلى البحث والسبر وسائر طرق العلية حاجة فإذن لابد من بيان الاستقلال بالاستدلال ببعض طرق إثبات العلة [وعند ذلك لابد وأن يشرع المستدل في بيان الاستدلال ببعض طرق إثبات العلة] فإن بين الاستقلال في صورة الإلغاء بالبحث والسبر كما أثبت ذلك في الأصل الأول فقد استقلت صورة الإلغاء بالاعتبار وأمكن أن يكون ذلك أصلًا [لعلته] وتبينًا أن الأصل الأول لا حاجة إليه فإن المصير إلى أصل لا يمكن التمسك به في الاعتبار إلا بذكر صورة أخرى مستقلة بالاعتبار تطويلًا بلا فائدة وإن بين الاستقلال بطريق آخر فيلزمه مع هذا المحذور محذور آخر وهو الانتقال من طريق إلى آخر في إثبات كون الوصف علة الحكم وهو قبيح في مقام النظر، وفيه نظر من حيث إن الصورة التي يتبين فيها إلغاء الأوصاف المحذوفة قد تكون متعددة فلا يمكن جعل كل واحد منها أصلًا لعلته إذا لم يجتمع في واحد منها جميع تلك الأوصاف المحذوفة فلم تستقل بالاعتبار فيكون أصل العلة محل السبر والتقسيم الذي اجتمع فيه الأوصاف المحذوفة والمستبقى ومحل

ص: 3367

الإلغاء هو تلك الصور.

وعن السابع: أنه باطل بالإجماع إذ الكلام حيث انعقد الإجماع على أنه لا يعتبر في ثبوت الحكم مجموع تلك الصفات.

وعن الثامن: أنه يلزم منه علية ذلك المعين وإلا لزم أن لا يكون الحكم معللًا، أو يكون معللًا بما لا يعقل وكلاهما باطلان لما تقدم.

وعن التاسع: أنه لا يلزم علية ذلك الوصف من ذلك الوجه الذي ذكرتم بل من حيث أنه لو لم يكن ذلك الوصف علة إذ ذاك لزم أحد ما تقدم من المحذور.

وعن العاشر: أنه على خلاف الإجماع، لأن المخالف لم يقل بعلية ذلك الوصف أصلًا، والمستدل بقول بعليته مطلقًا فالقول بعلية أحد مسمى ذلك الوصف دون الآخر قول لم يقل به أحد.

ص: 3368