المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة التاسعةأطبق الكل على أن العلة المنصوصة أو المجمع عليها يجوز أن تكون قاصرة، وأختلفوا في المستنبطة: - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٨

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابعفي الركن الثالثوهو العلة

- ‌القسم الأول:في الطرق الدالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثانيفي إثبات العلية بالمناسبة والإخالةوهي من الطرق العقلية

- ‌المسألة الأولىفي تعريف المناسب:

- ‌المسألة الثانيةاعلم أن الحكم إذا شرع للمناسبة فلابد وأن يكون محصلًا للمصلحة أو دافعًا للمفسدة، أو محصلًا للمصلحة ودافعًا للمفسدة معًا

- ‌المسألة الثالثةفي تقسيم المناسب

- ‌المسألة الرابعةفي أن مناسبة المصلحة تبطل وتحرم بمناسبة مفسدة مساوية أو راجحة، وقال قوم لا تبطل وهو اختيار الإمام

- ‌المسألة الخامسةفي إقامة الدلالة على أن المناسبة دالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثالثفي قياس الشبه

- ‌المسألة الأولىفي تعريف ماهيته

- ‌المسألة الثانيةفي إقامة الدلالة على أنه حجة إذا اقترن به الحكم

- ‌المسألة الثالثةذهب بعض أصحابنا أن الوصف الشبهي إذا لم يعرف تأثير عينه في عين الحكم بل عرف تأثير جنسه القريب في الجنس القريب للحكم لا يكون حجة. وخالفه الباقون وهو المختار

- ‌الفصل الرابعفي الدورانويسمى بالطرد والعكس

- ‌الفصل الخامسفي السبر والتقسيم

- ‌الفصل السادسفي الطرد

- ‌الفصل السابعفي تنقيح المناط

- ‌الفصل الثامنفيما ظن أنه من طرق إثبات العلة وليس كذلك

- ‌القسم الثانيمن الطرق الدالة على أن الوصف لا يجوز أن يكون علة الحكم

- ‌الفصل الأولفي النقض

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن ذلك هل يقدح في علية الوصف أم لا

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بأن تخلف الحكم عن الوصف لمانع أو لغير مانع لا يقدح في عليته اتفقوا على أن تخلفه كذلك عن حكمة الوصف لا يقدح في عليته.فأما القائلون بأن تخلفه عن الوصف يقدح في عليته اختلفوا في أن تخلفه عن حكمه المقصودة هل يقدح في عليته أم لا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بتخصيص العلة اختلفوا في أنه هل يجب على المستدل ابتداء التعرض لنفي المانع، أم لا

- ‌المسألة الرابعةالقائلون بعدم تخصيص العلة اختلفوا في النقض إذا كان واردًا على سبيل الاستثناء

- ‌المسألة الخامسةفي الكسروهو نقض يرد على بعض أوصاف العلة

- ‌المسألة السادسةفي كيفية دفع النقض

- ‌الفصل الثانيفي عدم التأثير والعكس

- ‌المسألة الأولىفي معناهما:

- ‌المسألة الثانيةفي أن عدم التأثير يقدح في العلية

- ‌المسألة الثالثةفي أن العكس غير واجب في العلة عقلية كانت أو شرعية

- ‌الفصل الثالثفي القلب

- ‌المسألة الأولىفي حقيقته

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةفي أقسام القلب:

- ‌الفصل الرابعفي القول بالموجب

- ‌الفصل الخامسفي الفرق

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانيةيجوز تعليل الحكم الواحد نوعًا المختلف شخصًا بعلل مختلفة وفاقًا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بكون الفرق يقدح في العلية اختلفوا في أنه هل هو من تمامه ولوازمه نفيه عن الفرع أم لا

- ‌المسألة الرابعة

- ‌القسم الثالثفي أمور ظنت أنها تفسد العلة مع أنها ليست

- ‌المسألة الأولىفي تقسيم العلة

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في جواز التعليل بمحل الحكم، أو جزئه الخاص:

- ‌المسألة الثالثةالحق أنه لا يجوز أن تكون علة الحكم في الأصل بمعني الأمارة

- ‌المسألة الرابعةيجوز التعليل بالحكمة عند قوم.وقال قوم لا يجوز

- ‌المسألة الخامسةذهب جمع إلى جواز التعليل بالعدم ثبوتيا كان الحكم أو عدميا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في جواز تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي:

- ‌المسالة السابعةالتعليل بالأوصاف العرفية

- ‌المسألة الثامنةالتعليل بالوصف المركب جائز عند المعظم، وقال بعضهم لا يجوز

- ‌المسألة التاسعةأطبق الكل على أن العلة المنصوصة أو المجمع عليها يجوز أن تكون قاصرة، وأختلفوا في المستنبطة:

- ‌المسألة العاشرةاتفقوا على التعليل بمجرد الاسم غير جائز

- ‌المسألة الحادية عشرة

- ‌المسألة الثانية عشرةذهب الأكثرون إلى إنه لا يجوز التعليل بالصفات المقدرة، خلافا للأقلين من المتأخرين

- ‌المسألة الثالثة عشرةفي تقسيم العلة باعتبارات أخر غير ما تقدم

- ‌المسألة الرابعة عشرةاعلم أن الاستدلال قد يكون بذات العلة على الحكم، وقد يكون بعلية الحكم للحكم عليه

- ‌المسألة الخامسة عشرةاعلم أن تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي يسمى تعليلا بالمانع

- ‌خاتمة لهذا القسم بمسائل في أحكام العلة لم يتقدم ذكرها

- ‌المسألة الثانيةالوصف الذي جعل علة الحكم بمعنى الباعث لا شتمالها على الحكمة يجب أن لا يمكن بمثابة يلزم منه إثبات الحكم، أو نفيه مع القطع

- ‌المسألة الثالثةقيل الوصف الذي جعل ضابطا لحكمته يجب أن يكون جامعا للحكمة

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أنه لا يجوز تعليل الحكم بعلة متأخرة عنه في الوجود

- ‌المسألة الخامسة: (231/ أ)العلة المستنبطة من الحكم يجب أن لا ترجع إليه بالإبطال، ومعلوم أن ذلك لا يكون إلا في الأصل

- ‌الباب الخامسفي الركن الرابع وهو الفرع

- ‌النوع الخامس عشرفي الاعتراضات [وأجوبتها]

- ‌النوع السادس عشرالكلام في التعادل والتراجيح

- ‌ القسم الأول في التعادل

- ‌المسألة الأولىأطبق الكل على أن تعادل القاطعين المتنافيين عقليين كانا أو نقليين غير جائزة

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بجواز هذا التعادل [قالوا: إن وقع هذا التعادل]، للإنسان في عمل نفسه كان حكمه فيه التخيير، أو التساقط والرجوع إلى غيرهما

- ‌المسألة الثالثةالمجتهد إذا نقل عنه قولان كالوجوب والتحريم مثلاً

- ‌القسم الثانيفي التراجيح

- ‌الفصل الأولفي مقدمات التراجيح

- ‌المسالة الأولى: في حد الترجيح

- ‌المسألة الثانيةذهب الأكثرون إلى وجوب العمل بالراجح سواء كان الترجيح معلومًا أو مظنونًا

- ‌المسألة الثالثةلا يتطرق الترجيح إلى الأدلة القطعية

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أن العقليات لا يتطرق الترجيح إليها

- ‌المسالة الخامسةذهب الشافعي ومالك- رضي الله عنهما إلى أنه يجوز الترجيح بكثرة الأدلة، خلافًا للحنفية

- ‌المسألة السادسةإذا تعارض دليلان فإن لم يمكن العمل بكل واحد منهما بوجه دون وجه صير إلى الترجيح

- ‌المسألة السابعةإذا تعارض نصان فإما أن يكونا عامين، أو خاصين.أو أحدهما عامًا والآخر خاصًا

- ‌الفصل الثانيفي تراجيح الأخبار

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح الخبر بكيفية السند

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح الخبر بكيفية الرواية

- ‌المسألة الثالثةفي الترجيح بحال وروده

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح الخبر باعتبار اللفظ

- ‌المسألة الخامسةفي ترجيح الخبر باعتبار مدلوله وهو الحكم

- ‌المسالة السادسةفي ترجيح الخبر بالأمور الخارجية

- ‌الفصل الثالثفي ترجيح القياس بحسب علته

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح القياس بحسب ماهية علته

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح القياس بحسب الدليل الدال على وجود علته

- ‌المسألة الثالثةفي ترجيح القياس بسبب الدليل الدال على علية الوصف في الأصل

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح القياس بسبب وصف العلة

- ‌النوع السابع عشر في الاجتهاد

- ‌ المقدمة:

- ‌الفصل الأولفي المجتهد

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن الرسول- عليه السلام هل كان يجوز له الاجتهاد فيما لا نص فيه:

- ‌المسألة الثانيةاتفقوا على جواز الاجتهاد بعد الرسول- عليه السلام

- ‌المسأله الثالثةفي شرائط المجتهد

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن صفة الاجتهاد هل تحصل في فن دون فن أم لا

- ‌الفصل الثانيفي المجتهد فيه

- ‌المسألة الأولىذهب الجماهير إلى أنه ليس كل مجهد في الأصول مصيبًا

- ‌المسألة الثانيةفي تصويب المجتهدين في الأحكام الشرعية

- ‌النوع الثامن عشرالكلام في المفتي والمستفتي وما فيه الاستفتاء

- ‌الفصل الأول في المفتي

- ‌المسألة الأولىفي المفتي المجتهد إذا أفتى مرة بما أدى إليه اجتهاده، ثم سئل مرة أخرى عن تلك الحادثة بعينها:

- ‌المسألة الثانيةفي أن غير المجتهد هل يجوز له الفتوى بما يحكيه عن الغير من المجتهدين

- ‌المسألة الثالثةالمختار عند الأكثرين أنه يجوز خلو عصر من الأعصار عن الذي يمكن تفويض الفتوى إليه سواء كان مجتهدًا مطلقًا، أو كان مجتهدًا في مذهب المجتهد، ومنع منه الأقلون كالحنابلة

- ‌الفصل الثانيفي المستفتي

- ‌المسألة الأولىيجوز للعامي أن يقلد المجتهدين في مسائل الفروع اجتهادية كانت أو غير اجتهادية

- ‌المسألة الثانيةفي شرائط الاستفتاء

- ‌المسألة الثالثةالرجل الذي تنزل به الواقعة إن كان عاميًا صرفًا جاز له الاستفتاء

- ‌المسألة الرابعةالعامي إذا عمل بفتوى بعض المجتهدين في حكم حادثة وقلده فيه لم يجز له الرجوع عنه إلى حكم آخر في تلك الحادثة بعينها بفتوى غيره إجماعًا

- ‌النوع التاسع عشرالكلام في المدارك التي اختلف المجتهدون في أنها هل هي مدارك للأحكام أم لا

- ‌المسألة الأولىفي أن الأصل في المنافع الإذن، وفى المضار المنع خلافا لبعضهم

- ‌المسألة الثانيةفي استصحاب الحال

- ‌المسألة الثالثةفي أن النافي هل عليه دليل أم لا

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن مذهب الصحابي وقوله هل هو حجة على من بعدهم من التابعين أم لا

- ‌المسألة الخامسةفي المصالح المرسلة

- ‌المسألة السادسةفي الاستحسان

- ‌المسألة السابعةاختلفوا في أنه هل يجوز أن يقول الله تعالى لنبي أو لعام: احكم بما شئت، فإنك لا تحكم إلا بالصواب:

- ‌المسألة الثامنةذهب الشافعي رضي الله عنه وأصحابه إلى أنه يجوز الاعتماد في إثبات الأحكام على الأخذ بأقل ما قيل فيه خلافًا لبعضهم

- ‌المسألة التاسعةذهب بعضهم إلى أن الأخذ بأخف القولين واجب على المكلف

- ‌النوع العشرونالكلام في الاستدلال

- ‌المسألة الأولىفي معنى الاستدلال

- ‌المسألة الثانيةفيما يتعلق بالسبب والشرط والمانع

- ‌المسألة الثالثةفي الاستدلال بعدم ما يدل على الحكم على عدم الحكم

- ‌المسألة الرابعةمن جملة طرق الاستدلال والاستقراء

- ‌المسألة الخامسةفي الاستدلال على عدم الحكم

- ‌المسألة السادسةفي الاستدلال على ثبوت الحكم

الفصل: ‌المسألة التاسعةأطبق الكل على أن العلة المنصوصة أو المجمع عليها يجوز أن تكون قاصرة، وأختلفوا في المستنبطة:

‌المسألة التاسعة

أطبق الكل على أن العلة المنصوصة أو المجمع عليها يجوز أن تكون قاصرة، وأختلفوا في المستنبطة:

فذهب أصحابنا، والحنابلة، وأكثر المتكلمين نحو القاضي منا،

ص: 3519

والقاضي عبد الجبار، وأبي الحسين البصري إلى أنها يجوز أن تكون قاصرة أيضا، وذهبت الحنفية وأبو عبد الله البصري والكرخي إلى امتناعها.

احتج الأولون بوجوه:

أحدها: أن صحة تعدية العلة إلى الفرع فرع صحتها في نفسها فلو توقفت صحتها في نفسها] على صحة تعديتها إلى الفرع لزم الدور وهو ممتنع وإذا لم تتوقف صحتها في نفسها [على صحة التعدية في نفسها فتصح نفسها وإن لم تصح تعديتها إلى الفرع وهو المطلوب.

فإن قلت: لا يلزم من عدم توقف صحتها نفسها على صحة تعديتها إلى الفرع صحتها في نفسها وإن لم تصح التعدية بها؛ لجواز أن تكون صحتها في نفسها متوقفة على وجودها في الفرع، وهو غير موقوف على صحتها في نفسها فلا يلزم الدور، ولا يظن أن صحة تعديتها إلى الفرع هو عين وجودها فيه؛ لأن المعني من صحة التعدية إلى الفرع ثبوت الحكم بها في الفرع، أو صلاحية الثبوت بها، ومعلوم أن هذا يتوقف على صحة كونها علة في

ص: 3520

نفسها، فلو كانت صحة كونها علة يتوقف على هذا لزم الدور.

وأما وجودها في المحل الذي جعل فرعا فلا يتوقف على صحة كونها علة في نفس الأمر فلا دور، ولو أراد بصحة تعديتها إلى الفرع وجودها فيه منعنا لزوم الدور لما سبق.

سلمنا لزوم الدور لكن دور معية أو غيره، والأول مسلم لكن لا نسلم امتناعه بل هو صحيح ثابت كما في المتلازمين والمضافين والثاني ممنوع وما الدليل عليه؟

قلت: أجيب عن الأول: بأن الحاصل في محل آخر لا يكون هو بعينه لاستحالة حلول الشيء الواحد في محلين بل يكون مثله، وإذا كان كذلك فنقول: كل ما يحصل من الصفات عند حلول مثله في محل آخر يكون ممكن الحصول عند عدم حلول مثله في محل آخر لأن حكم الشيء حكم مثله، وإذا أمكن حصول تلك الأمور حينئذ فبتقدير تحققها وجب أن تكون علة لأن تلك العلية ما حصلت إلا بسبب تلك الأمور.

واعترض عليه بمنع عليتها باعتبار تلك الصفات فقط بل بها وبوجود مثلها في غير الأصل، فإن لم يعتبر هذا بناء أنه لا مدخل له في تحقق المناسبة أو لشيء آخر فهو أول المسألة.

ويمكن أن يجاب عنه: بأن العلية لا يجوز أن تكون بمجموع تلك الصفات وبحصول مثلها في غير الأصل، بل يجب أن تكون بمجموع تلك الصفات

ص: 3521

ضرورة أن الحصول في الشيء أمر عدمي على ما تقرر ذلك في موضعه، والأمور الثبوتية لا يجوز أن تكون بالأمور العدمية على ما تقدم تقريره، ولأن العلة القاصرة لا يجوز أن تكون بمعنى المعرف؛ لأن حكم الأصل معلوم بالنص لا بها ولا فرع له حتى يعرف حكمه، بل إما أن يكون بمعنى الباعث، أو بمعنى الموجب بجعل الشارع إياه موجبا؛ إذ الإيجاب الذاتي باطل ببطلان التحسين والتقبيح، وعلى المعنيين لا يجوز أن يكون لحصول مثلها في محل آخر تأثير في العلية، أما بمعنى الباعث فظاهر؛ لأن الباعث للشارع على الحكم إنما هو جهة المصلحة أو المفسدة: إما باعتبار نفسهما على رأي من يجوز التعليل بنفس الحكم، أو باعتبار المشتمل عليهما على رأي من لم يجوز ذلك، ومعلوم أن حصول مثلها في محل آخر لا تأثير له في تحصيل جهة المصلحة أو دفع المفسدة فلم تكن العلية بالمجموع المركب منها ومن غيرها، وأما بالمعنى الثاني فلأن ذلك راجع إلى الأول أيضا؛ لأن الباعث للشارع على جعله علة إنما هو جهة المصلحة أو المفسدة، ومعلوم أن حصول مثلها في محل آخر لا مدخل له في تحصيل مثلها في محل آخر.

وعن الثاني أنه ليس بدور معية، والدليل عليه هو: أن صحة تعديتها إلى الفرع فرع صحتها في نفسها بدليل صحة دخول كلمة ثم عليه؛ إذ يصح أن يقال: صحت العلة في نفسها ثم عديت، أو عديت بعد أن صحت ولو كانا معا لما صح بهذا القول؛ إذ لا يجوز إدخال كلمة ثم ما بين المضافين والمتلازمين، فلا يجوز أن يقال: حصلت الأبوة ثم البنوة، ولا يقال أيضا: حصل العلو ثم السفل وبالعكس.

ص: 3522

وثانيها: أنا أجمعنا على أن العلة المنصوصة والمجمع عليها بجوز أن تكون قاصرة، فكذا المستنبطة إذ لا فرق بينهما سوى/ (223/أ) أنه نص عليها أو أجمع عليها، وذلك لا يوجب تفرقة في صحة ثبوت العلية وعدمها بل المستنبطة أولى؛ لأن التنصيص على العلة ربما يوهم الأمر بالقياس مع تعذره في القاصرة، والمستنبطة ليس فيها هذا المحذور فكانت أولى بالجواز.

وثالثها: أن طرق العقلية الدالة على العلية من المناسبة والسبر والتقسيم والدوران وجودا وعدما قد يدل على علية الوصف القاصرة، فوجب أن يكون علة كغيره لحصول غلبة الظن فيهما على حد سواء.

ورابعها: أنها لو امتنعت فإما أن تمتنع لذاتها وهو باطل قطعا، أو لامتناع مدركها وهو أيضا باطل لما سبق، أو لعدم فائدتها لو سلم أن ذلك يقتضي الامتناع وهو أيضا باطل؛ لأن فيه فوائد.

أحدها: معرفة الباعث على الحكم الشرعي وكونه مطابقا لوجه الحكمة والمصلحة، وهذه فائدة معتبرة؛ لأن النفوس إلى قبول الأحكام المطابقة للحكم والمصالح أميل، فيكون أفضى إلى حصول مقصود الشارع من شرعية ذلك الحكم ضرورة أنه حينئذ يكون أفضى إلى الحصول.

وثانيها: أنه يفيد عدم الحكم؛ لأنه يفيد المنع من القياس عليه، فإنه إذا علم أن الحكم في الأصل معلل بعلة قاصرة امتنع القياس عليه.

فإن قلت: هذه الفائدة حاصلة بأن لا يجد الحكم معللا بمتعدية وهو أعم من أن يكون معللا بقاصرة، أو لا يكون معللا أصلا، أو وإن كان معللا بها لكنا لا نجد بعد البحث الشديد، فلم تكن تلك الفائدة فائدتها فلم تكن فائدته.

قلت: بتقدير أن يوجد في الأصل وصف مناسب للحكم متعد فإنه تمتنع

ص: 3523

تعدية الحكم به إلا بشرط الترجيح، ولو لم يكن الحكم معللا بالقاصرة لزم تعدية الحكم بالمتعدية من غير شريطة فكان المنع من القياس في هذه الصورة إنما جاء من التعليل بالقاصرة لا غير.

فإن قلت: هذا إنما يلزم أن لو جاز التعليل بالقاصرة مع وجود المتعدية وهو ممنوع فإنه وإن جوز التعليل بالقاصرة لكن عندما لا يمكن التعليل بالمتعدية فأما مع وجود المتعدية فلا نسلم ذلك.

قلت: لو كان التعليل بالقاصرة مشروطا بعدم المتعدية لما تصور وقوع التعارض بينهما، لكن القائلون بتجويز التعليل بالقاصرة أطبقوا على جواز وقوع التعارض بينهما لكن رجح قوم منهم المتعدية، والباقون سووا بينهما ولو كان التعليل بالقاصرة مشروطا بعدم المتعدية لما تصور وقوع التعارض وجريان الترجيح بينهما.

وثالثها: أنه لا فائدة أكثر من العلم بالشيء فأنا إذا علمنا الحكم ثم اطلعنا على علته صرنا عالمين أو ظانين لما كنا عنه غافلين، وذلك كمال النفوس ومحبوب القلوب، أو لشيء آخر ولابد من بيانه لينظر هل هو مقتض للبطلان أم لا؟ وأيضا الأصل عدم اقتضائه لذلك وعدم وجوده وإذا انتفي مدارك البطلان وجب أن يقال: أنه يصح التعليل به.

احتجوا بوجوه:

أحدها: أن الدليل ينفى القول بالعلة المظنونة، ترك العمل به في المتعدية لكثرة فوائدها فوجب أن يبقى ما عداها على الأصل.

وجوابه: أنه لما وجب العمل بالمظنون قطعا كان العمل به عملا بالمقطوع

ص: 3524

لا بالمظنون وأيضا يجب حمل تلك الأدلة على ما المطلوب فيه القطع لا الظن جمعا بينه وبين الأدلة الدالة على جواز العمل بالمظنون ولئلا يلزم التخصيص فإن العمل الظن جائز في كثير من الصور وفاقا.

وثانيها: أنه لا فائدة فيها، وما لا فائدة فيه كان نصبه عبثا، وهو على الحكيم محال.

بيان الأول: أن فائدة العلة إنما هو معرفة الحكم، والقاصرة ليس فيها ذلك؛ لأن معرفة حكم الأصل إنما هو بالنص لا بالعلة وليس يوجد في غيره حتى يعرف منها حكمه فثبت أنه لا فائدة فيه.

بيان الثاني: طاهر.

وجوابه: أنا لا نسلم أنه لا فائدة فيها، وقد عرفت أن فيها فوائد.

سلمنا أنه لا فائدة فيها، لكن لم قلتم أن مالا فائدة فيه يكون عبثا باطلا؟ فإنه لا يمتنع عقلا أنه تكون باعثة على الحكم في نفس الأمر، أو مؤثرة فيه وإن لم ينتفع الطالب لها، ويكون الطالب لها طالبا لما لا ينتفع به.

فإن قلت: فائدة الخاصة للعلة إنما هو إثبات الحكم فإذا لم يحصل ذلك وجب القول بالبطلان كالبيع والنكاح فإنه إذا لم يحصل منهما حل البضع وجواز التصرفات في المبيع وجب القول ببطلانهما.

قلت: إن عنيتم ببطلانها أنه لا يثبت لها حكم في غير محل النص فهذا مسلم وإن عنى بذلك أنها ليست مؤثرة أو باعثة للشارع على الحكم في نفس الأمر فهذا باطل، وما ذكرتم لا يدل على بطلانها بهذين المعنيين، ونحن لا نعني بكونها صحيحة سوى أحد هذين المعنيين، ولهذا المعنى قلنا: إن حكم الأصل معلل بعلة لا بمعنى المعرف، فإن العلة لم تعرفنا في الأصل حكماً.

ص: 3525

سلمنا أن ما لا فائدة فيه يكون عبثا لا يجوز إثباته لكن متى قبل أن يعلم كونه كذلك أو بعد أن يعلم كونه كذلك؟ والأول/ (224/أ) ممنوع والثاني مسلم، وها هنا المجتهد الطالب للعلة لا يعلم ذلك إلا بعد أن يعثر عليه، وحينئذ لا يمكنه منع نفسه عن معرفتها لكونه خارجا عن وسعه.

وسلمناه لكنه منقوض بالمنصوصة والمجمع عليها.

وثالثها: أن العلة الشرعية أمارة فلابد وأن تكون كاشفة عن شيء، والقاصرة لا تكشف عن شيء من الأحكام فلا تكون أمارة فلا تكون علة.

وجوابه] لا يخفى [مما سبق.

ص: 3526