المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الأولىفي أن الأصل في المنافع الإذن، وفى المضار المنع خلافا لبعضهم - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٨

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابعفي الركن الثالثوهو العلة

- ‌القسم الأول:في الطرق الدالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثانيفي إثبات العلية بالمناسبة والإخالةوهي من الطرق العقلية

- ‌المسألة الأولىفي تعريف المناسب:

- ‌المسألة الثانيةاعلم أن الحكم إذا شرع للمناسبة فلابد وأن يكون محصلًا للمصلحة أو دافعًا للمفسدة، أو محصلًا للمصلحة ودافعًا للمفسدة معًا

- ‌المسألة الثالثةفي تقسيم المناسب

- ‌المسألة الرابعةفي أن مناسبة المصلحة تبطل وتحرم بمناسبة مفسدة مساوية أو راجحة، وقال قوم لا تبطل وهو اختيار الإمام

- ‌المسألة الخامسةفي إقامة الدلالة على أن المناسبة دالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثالثفي قياس الشبه

- ‌المسألة الأولىفي تعريف ماهيته

- ‌المسألة الثانيةفي إقامة الدلالة على أنه حجة إذا اقترن به الحكم

- ‌المسألة الثالثةذهب بعض أصحابنا أن الوصف الشبهي إذا لم يعرف تأثير عينه في عين الحكم بل عرف تأثير جنسه القريب في الجنس القريب للحكم لا يكون حجة. وخالفه الباقون وهو المختار

- ‌الفصل الرابعفي الدورانويسمى بالطرد والعكس

- ‌الفصل الخامسفي السبر والتقسيم

- ‌الفصل السادسفي الطرد

- ‌الفصل السابعفي تنقيح المناط

- ‌الفصل الثامنفيما ظن أنه من طرق إثبات العلة وليس كذلك

- ‌القسم الثانيمن الطرق الدالة على أن الوصف لا يجوز أن يكون علة الحكم

- ‌الفصل الأولفي النقض

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن ذلك هل يقدح في علية الوصف أم لا

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بأن تخلف الحكم عن الوصف لمانع أو لغير مانع لا يقدح في عليته اتفقوا على أن تخلفه كذلك عن حكمة الوصف لا يقدح في عليته.فأما القائلون بأن تخلفه عن الوصف يقدح في عليته اختلفوا في أن تخلفه عن حكمه المقصودة هل يقدح في عليته أم لا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بتخصيص العلة اختلفوا في أنه هل يجب على المستدل ابتداء التعرض لنفي المانع، أم لا

- ‌المسألة الرابعةالقائلون بعدم تخصيص العلة اختلفوا في النقض إذا كان واردًا على سبيل الاستثناء

- ‌المسألة الخامسةفي الكسروهو نقض يرد على بعض أوصاف العلة

- ‌المسألة السادسةفي كيفية دفع النقض

- ‌الفصل الثانيفي عدم التأثير والعكس

- ‌المسألة الأولىفي معناهما:

- ‌المسألة الثانيةفي أن عدم التأثير يقدح في العلية

- ‌المسألة الثالثةفي أن العكس غير واجب في العلة عقلية كانت أو شرعية

- ‌الفصل الثالثفي القلب

- ‌المسألة الأولىفي حقيقته

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةفي أقسام القلب:

- ‌الفصل الرابعفي القول بالموجب

- ‌الفصل الخامسفي الفرق

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانيةيجوز تعليل الحكم الواحد نوعًا المختلف شخصًا بعلل مختلفة وفاقًا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بكون الفرق يقدح في العلية اختلفوا في أنه هل هو من تمامه ولوازمه نفيه عن الفرع أم لا

- ‌المسألة الرابعة

- ‌القسم الثالثفي أمور ظنت أنها تفسد العلة مع أنها ليست

- ‌المسألة الأولىفي تقسيم العلة

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في جواز التعليل بمحل الحكم، أو جزئه الخاص:

- ‌المسألة الثالثةالحق أنه لا يجوز أن تكون علة الحكم في الأصل بمعني الأمارة

- ‌المسألة الرابعةيجوز التعليل بالحكمة عند قوم.وقال قوم لا يجوز

- ‌المسألة الخامسةذهب جمع إلى جواز التعليل بالعدم ثبوتيا كان الحكم أو عدميا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في جواز تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي:

- ‌المسالة السابعةالتعليل بالأوصاف العرفية

- ‌المسألة الثامنةالتعليل بالوصف المركب جائز عند المعظم، وقال بعضهم لا يجوز

- ‌المسألة التاسعةأطبق الكل على أن العلة المنصوصة أو المجمع عليها يجوز أن تكون قاصرة، وأختلفوا في المستنبطة:

- ‌المسألة العاشرةاتفقوا على التعليل بمجرد الاسم غير جائز

- ‌المسألة الحادية عشرة

- ‌المسألة الثانية عشرةذهب الأكثرون إلى إنه لا يجوز التعليل بالصفات المقدرة، خلافا للأقلين من المتأخرين

- ‌المسألة الثالثة عشرةفي تقسيم العلة باعتبارات أخر غير ما تقدم

- ‌المسألة الرابعة عشرةاعلم أن الاستدلال قد يكون بذات العلة على الحكم، وقد يكون بعلية الحكم للحكم عليه

- ‌المسألة الخامسة عشرةاعلم أن تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي يسمى تعليلا بالمانع

- ‌خاتمة لهذا القسم بمسائل في أحكام العلة لم يتقدم ذكرها

- ‌المسألة الثانيةالوصف الذي جعل علة الحكم بمعنى الباعث لا شتمالها على الحكمة يجب أن لا يمكن بمثابة يلزم منه إثبات الحكم، أو نفيه مع القطع

- ‌المسألة الثالثةقيل الوصف الذي جعل ضابطا لحكمته يجب أن يكون جامعا للحكمة

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أنه لا يجوز تعليل الحكم بعلة متأخرة عنه في الوجود

- ‌المسألة الخامسة: (231/ أ)العلة المستنبطة من الحكم يجب أن لا ترجع إليه بالإبطال، ومعلوم أن ذلك لا يكون إلا في الأصل

- ‌الباب الخامسفي الركن الرابع وهو الفرع

- ‌النوع الخامس عشرفي الاعتراضات [وأجوبتها]

- ‌النوع السادس عشرالكلام في التعادل والتراجيح

- ‌ القسم الأول في التعادل

- ‌المسألة الأولىأطبق الكل على أن تعادل القاطعين المتنافيين عقليين كانا أو نقليين غير جائزة

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بجواز هذا التعادل [قالوا: إن وقع هذا التعادل]، للإنسان في عمل نفسه كان حكمه فيه التخيير، أو التساقط والرجوع إلى غيرهما

- ‌المسألة الثالثةالمجتهد إذا نقل عنه قولان كالوجوب والتحريم مثلاً

- ‌القسم الثانيفي التراجيح

- ‌الفصل الأولفي مقدمات التراجيح

- ‌المسالة الأولى: في حد الترجيح

- ‌المسألة الثانيةذهب الأكثرون إلى وجوب العمل بالراجح سواء كان الترجيح معلومًا أو مظنونًا

- ‌المسألة الثالثةلا يتطرق الترجيح إلى الأدلة القطعية

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أن العقليات لا يتطرق الترجيح إليها

- ‌المسالة الخامسةذهب الشافعي ومالك- رضي الله عنهما إلى أنه يجوز الترجيح بكثرة الأدلة، خلافًا للحنفية

- ‌المسألة السادسةإذا تعارض دليلان فإن لم يمكن العمل بكل واحد منهما بوجه دون وجه صير إلى الترجيح

- ‌المسألة السابعةإذا تعارض نصان فإما أن يكونا عامين، أو خاصين.أو أحدهما عامًا والآخر خاصًا

- ‌الفصل الثانيفي تراجيح الأخبار

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح الخبر بكيفية السند

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح الخبر بكيفية الرواية

- ‌المسألة الثالثةفي الترجيح بحال وروده

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح الخبر باعتبار اللفظ

- ‌المسألة الخامسةفي ترجيح الخبر باعتبار مدلوله وهو الحكم

- ‌المسالة السادسةفي ترجيح الخبر بالأمور الخارجية

- ‌الفصل الثالثفي ترجيح القياس بحسب علته

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح القياس بحسب ماهية علته

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح القياس بحسب الدليل الدال على وجود علته

- ‌المسألة الثالثةفي ترجيح القياس بسبب الدليل الدال على علية الوصف في الأصل

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح القياس بسبب وصف العلة

- ‌النوع السابع عشر في الاجتهاد

- ‌ المقدمة:

- ‌الفصل الأولفي المجتهد

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن الرسول- عليه السلام هل كان يجوز له الاجتهاد فيما لا نص فيه:

- ‌المسألة الثانيةاتفقوا على جواز الاجتهاد بعد الرسول- عليه السلام

- ‌المسأله الثالثةفي شرائط المجتهد

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن صفة الاجتهاد هل تحصل في فن دون فن أم لا

- ‌الفصل الثانيفي المجتهد فيه

- ‌المسألة الأولىذهب الجماهير إلى أنه ليس كل مجهد في الأصول مصيبًا

- ‌المسألة الثانيةفي تصويب المجتهدين في الأحكام الشرعية

- ‌النوع الثامن عشرالكلام في المفتي والمستفتي وما فيه الاستفتاء

- ‌الفصل الأول في المفتي

- ‌المسألة الأولىفي المفتي المجتهد إذا أفتى مرة بما أدى إليه اجتهاده، ثم سئل مرة أخرى عن تلك الحادثة بعينها:

- ‌المسألة الثانيةفي أن غير المجتهد هل يجوز له الفتوى بما يحكيه عن الغير من المجتهدين

- ‌المسألة الثالثةالمختار عند الأكثرين أنه يجوز خلو عصر من الأعصار عن الذي يمكن تفويض الفتوى إليه سواء كان مجتهدًا مطلقًا، أو كان مجتهدًا في مذهب المجتهد، ومنع منه الأقلون كالحنابلة

- ‌الفصل الثانيفي المستفتي

- ‌المسألة الأولىيجوز للعامي أن يقلد المجتهدين في مسائل الفروع اجتهادية كانت أو غير اجتهادية

- ‌المسألة الثانيةفي شرائط الاستفتاء

- ‌المسألة الثالثةالرجل الذي تنزل به الواقعة إن كان عاميًا صرفًا جاز له الاستفتاء

- ‌المسألة الرابعةالعامي إذا عمل بفتوى بعض المجتهدين في حكم حادثة وقلده فيه لم يجز له الرجوع عنه إلى حكم آخر في تلك الحادثة بعينها بفتوى غيره إجماعًا

- ‌النوع التاسع عشرالكلام في المدارك التي اختلف المجتهدون في أنها هل هي مدارك للأحكام أم لا

- ‌المسألة الأولىفي أن الأصل في المنافع الإذن، وفى المضار المنع خلافا لبعضهم

- ‌المسألة الثانيةفي استصحاب الحال

- ‌المسألة الثالثةفي أن النافي هل عليه دليل أم لا

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن مذهب الصحابي وقوله هل هو حجة على من بعدهم من التابعين أم لا

- ‌المسألة الخامسةفي المصالح المرسلة

- ‌المسألة السادسةفي الاستحسان

- ‌المسألة السابعةاختلفوا في أنه هل يجوز أن يقول الله تعالى لنبي أو لعام: احكم بما شئت، فإنك لا تحكم إلا بالصواب:

- ‌المسألة الثامنةذهب الشافعي رضي الله عنه وأصحابه إلى أنه يجوز الاعتماد في إثبات الأحكام على الأخذ بأقل ما قيل فيه خلافًا لبعضهم

- ‌المسألة التاسعةذهب بعضهم إلى أن الأخذ بأخف القولين واجب على المكلف

- ‌النوع العشرونالكلام في الاستدلال

- ‌المسألة الأولىفي معنى الاستدلال

- ‌المسألة الثانيةفيما يتعلق بالسبب والشرط والمانع

- ‌المسألة الثالثةفي الاستدلال بعدم ما يدل على الحكم على عدم الحكم

- ‌المسألة الرابعةمن جملة طرق الاستدلال والاستقراء

- ‌المسألة الخامسةفي الاستدلال على عدم الحكم

- ‌المسألة السادسةفي الاستدلال على ثبوت الحكم

الفصل: ‌المسألة الأولىفي أن الأصل في المنافع الإذن، وفى المضار المنع خلافا لبعضهم

‌النوع التاسع عشر

الكلام في المدارك التي اختلف المجتهدون في أنها هل هي مدارك للأحكام أم لا

؟

وفيه مسائل:

‌المسألة الأولى

في أن الأصل في المنافع الإذن، وفى المضار المنع خلافا لبعضهم

.

هذا بعد ورود الشرع، فأما قبله فلا سواء كان ذلك بطريق اليقين، أو غيره على ما تقدم تقريره في مسالة حكم الأشياء قبل ورود الشرع.

أما الأصل الأول فالدليل عليه من وجوه:

أحدها: قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا} واللام للاختصاص بجهة الانتفاع، فوجب أن يكون الانتفاع بجميع ما في الأرض جائزًا.

فإن قلت: لا نسلم أن اللام تقتضى الاختصاص بجهة الانتفاع؛ وهذا لأنها وردت فيما ليس فيه ذلك كقوله: {وإن أسأتم فلها} ، {لله ما في السموات وما في الأرض} .

ص: 3938

ففي هاتين الآيتين يمتنع أن تفيد اللام الاختصاص بجهة الانتفاع؛ أما في الآية الأولى: فلاستحالة حصول النفع في الإساعة، وأما في الثانية: فلاستحالة النفع على الله ولأن الائمة قالوا: اللام إما للملك، أو للاختصاص وهو غير ما قلتموه؛ إذ المطلق غير المقيد قطعًا.

سلمناه لكن ذلك يفيد مسمى الانتفاع أو يفيد كل الانتفاعات؟

الأول مسلم، لكنه لا يفيد المطلوب؛ لأنه يكفي في العمل بها حينئذ حصول فرد واحد من أفراد الانتفاعات ونحن نقول به، وذلك الفرد هو الاستدلال بما في الأرض على وجود الصانع تعالى، والثاني ممنوع فما الدليل عليه؟

ثم الذى يدل على أن لا يفيد التعميم: أنه ليس في مدلولات الحروف عموم ألبتة.

سلمناه لكن اللام داخلة على الخلق فيجوز الانتفاع بالخلق؟

فلم قلت: إنه يجوز بالمخلوق فإن المخلوق غير الخلق؟

فإن قلت: الانتفاع بالخلق غير متصور؛ وهذا لان الخلق صفة من صفات الله تعالى فلا نفع للمكلف في صفة الله تعالى فيجب أن يكون المراد من الخلق: المخلوق.

قلت: لا نسلم أن الانتفاع بالخلق غير متصورة وهذا لأنه يمكن الاستدلال على وجود الصانع، وكمال قدرته، وهو وإن كان غير محسوس لكنه معقول، فأما إذا شاهدنا أن الشيء وجد بعد أن لم يكن علمنا أنه إنما وجد بالخلق.

سلمنا أن الانتفاع به غير متصور لكن حمل الخلق على المخلوق مجاز.

ص: 3939

فلم قلتم: أنه ليس هناك مجاز آخر أولى منه حتى يحمل عليه.

سلمنا أن المراد منه المخلوق لكن يجوز لكل واحد واحد من المخاطبين الانتفاع بكل واحد واحد من المخلوقات أو بكلها، والأول مسلم، والثاني ممنوع وهذا لأنه قابل الجمع بالجمع فيقتضى مقابلة الفرد بالفرد.

سلمناه لكن كلمة في للظرفية فتدل على إباحة كل ما في داخل الأرض وهو الركاز والمعادن.

فإن قلت: كلمة في تتناول ما على وجه الأرض بدليل قوله تعالى: {إني جاعل في الأرض خليفة} ، إذ ليس المراد منه داخل الأرض وفاقًا بل وجهها.

قلت: حمل اللفظ على المجاز في صورة لضرورة امتناع حمله على ظاهره

لا يوجب حمله عليه في صورة أخرى مع أنه لا ضرورة هناك.

سلمنا أن المراد منه: ما على وجه الأرض لكن في ابتداء الخلق، أو مطلقًا، حتى يجوز له ذلك في كل الأوقات؟ والأول مسلم، والثاني ممنوع؟ وهذا لأن قوله (خلق) مشعر بانه حال ما خلقها إنما خلقها لنا، فلم قلتم: أنه بقى في الدوام كذلك.

فإن قلت: الأصل في كل شيء بقاؤه واستمراره.

قلت: هذا فيما يحتمل الدوام، لكن كونه مباحا صفة والصفة لا تبقى كالأعراض

سلمنا الإباحة للكل حدوثا وبقاءً ولكن لمن كان موجودًا وقت ورود الآية دون من يأتي بعده؛ وهذا لأنه خطاب مشافهة فيختص بالحاضرين.

سلمنا أن الآية تدل على اختصاصها بنا لكن قوله تعالى: {لله ما في

ص: 3940

السموات والأرض} ينافى ذلك.

الجواب: الدليل على أن اللام للاختصاص بجهة المنفعة قوله تعالى: {لها ما كستب وعليها ما اكتسبت}

وقال عليه السلام: "النظرة الاولى لك والثانية عليك". وقال: "له غنمه وعليه غرمه"

ص: 3941

ويقال: هذا الكلام لك، وهذا عليك.

وأما ما ذكرتم من الاستعمال في الاختصاص لكن لا بجهة الانتفاع فهو على طريق التجوز دفعا للاشتراك.

لا يقال: ليس جعلها حقيقة في ذاك مجازًا في هذا أولى من العكس؛ لأنا نقول: لو جعلناها حقيقة في الاختصاص النافع أمكن جعلها مجازا في مطلق الاختصاص [لكونه لازمًا له، ولو جعلناها حقيقة في مطلق الاختصاص] لم يمكن جعلها مجازًا في الاختصاص النافع لكونه غير لازم، أو وإن أمكن ذلك/ (330/ أ) لكن عند التعارض، الأول أولى على ما عرفت ذلك غير مرة، فيكون جعلها حقيقة في الاختصاص النافع أولى.

ولقائل أن يقول: جعلها حقيقة في مطلق الاختصاص أولى لكن لا يلزم الاشتراك ولا التجوز بل يلزم منه التواطؤ وهو خير منهما وأمكن استعمالها في

ص: 3942

الاختصاص النافع وفى الخالي عنه على وجه الحقيقة ضرورة وجود مطلق الاختصاص فيهما فكان أولى، وكيف لا وهو موافق لكلام النحاة من أن اللام للاختصاص، ولا يقتضى النقل عنه الذى هو خلاف الأصل، وحمل كلامهم على أن المراد منه الاختصاص النافع خلاف الأصل لكونه تقييدًا للمطلق.

وعن الثاني: أنه يفيد مسمى الانتفاع كما سلمتم لكن يلزم منه المطلوب؛ لأنه يلزم منه تحقق فرد من أفراد الانتفاعات ضرورة أنه لا يمكن دخول المسمى الكلى في الوجود [إ] لا في ضمن فرد من أفراده، وما هو من ضرورات المأذون فيه يكون مأذونًا فيه فالانتفاع بفرد من أفراد الانتفاعات [مأذون فيه، ويلزم من هذا الإذن في كل الانتفاعات] ضرورة أنه لا قائل بالفصل.

وأما قوله: نحمله على الاستدلال به على وجود الصانع فغير ممكن؛ هذا النفع حاصل للمكلف من نفسه فإنه يمكنه أن يستدل بنفسه على وجود الصانع فلو حمل الانتفاع بما في الأرض على هذا لزم الحاصل وهو ممتنع.

لا يقال: لا نسلم أنه يلزم تحصيل الحاصل؛ وهذا لأن الانتفاع بالاستدلال الثاني غير الانتفاع بالاستدلال بنفسه ضرورة أنه يحصل تكيد العلم الأول؛ لأنا نقول: الدليل على أنه تحصيل للحاصل: أن الحاصل بالاستدلال الأول هو العلم بوجود الصانع وما هو من لوازمه، والحاصل بالاستدلال الثاني هو هذا فكان ذلك تحصيلا للحاصل.

وأما قوله: يحصل تأكيد العلم فممنوع؛ وهذا لأن العلم غير قابل للتأكيد.

ص: 3943

سلمناه لكن الحمل على غير هذه الفائدة فائدة تأسيسية، والحمل على ما ذكرتم فائدة تأكيدية فكان الأول أولى.

وعن الثالث. أن المراد من الخلق المخلوق، وهو وإن كان مجازا لكن يجب المصير إليه لتعذر حمله على حقيقته كما تقدم والأصل عدم مجاز آخر.

وعن الرابع: أنه ليس من قبيل مقابلة الجمع بالجمع، بل هو جارٍ مجرى تمليك الشيء الواحد للأشخاص، فكما أن ذلك يقتضى تعلق حق كل واحد متهم بجميع أجزاء ذلك الشيء على سبيل الشيوع فكذا ها هنا.

سلمناه لكن جار لكل واحد منهم الانتفاع بفرد منه جار لغيره ضرورة أنه لا قائل بالفصل.

وعن الخامس. أنا لو سلمنا أن ذلك مجار لكان يحب المصير إليه، لأن حمل كلام الله تعالى على ما هو أعم فائدة أولى.

سلمنا حصله على حقيقته لكن يلزم منه المطلوب للإجماع، إذ لا قائل بالفصل.

وعن السادس: أن المراد منه أنه خلق لنا مطلقا حتى يثبت لنا الاختصاص في كل الأوقات.

والدليل عليه. أن الرجل إذا قال لغيره: بنيت لك هذه الدار لا يفهم منه الاختصاص حالة البناء دون غيره، وإنما يفهم منه ذلك مطلقًا والأصل الحقيقة الواحدة.

ص: 3944

سلمنا أنه يقتضي ثبوت هذا الاختصاص في الابتداء لكن الأصل في كل ثابت دوامه.

قوله: الصفة لا تبقى.

قلنا: صفة المحدث لا صفة القديم الواجب لذاته، وأحكام الشرع كلها صفته تعالى على ما عرف ذلك في تعريف الحكم الشرعي.

وعن السابع: أنه لا قائل بالفصل. وأيضًا: الطريق الذي عرفنا عدم اختصاص كل خطاب مشافهة بالحاضرين حاصل فيما نحق فيه فوجب أن لا يختص بهم.

والاعتراض الذى اعترضنا به على المتمسك بهذه الآية في مسألة الأشياء قبل الشرع آت في هذا المقام أيضًا.

والدليل الثاني على المسألة: التمسك بقوله تعالى: {أحل لكم الطيبات} وليس المراد من الطيب الحلال، وإلا لكان نازلاً منزلة القائل: أحل لكم المحللات. ومعلوم أن ذلك تكرار من غير فائدة، فيتعين أن يكون المراد منه: ما يستطاب طبعًا، وذلك يقتضي حل المنافع بأسرها وهو المطلوب.

ولقائل أن يقول: إنما يفيد العموم أن لو كان الألف واللام في الطيبات للعموم وهو ممنوع؛ وهذا لأنه يجوز أن يكون للعهد وهو ما أحل في الشرع مما يستطاب طبعًا، وحينئذ لا يحمل على العموم لأن شوط حمل الجمع المحلى بالألف واللام على العموم أن يكون هناك معهود.

ص: 3945

الدليل الثالث: قوله: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} أنكر الله تعالى على من حرم رينة الله فوجبَ أَن لا تثبت حرمة زينة الله تعالى. وإذا لم تثبت حرمة زينة الله تعالى امتنع ثبوت الحرمة في فرد من أفراد زينة الله تعالى؛ لأن المطلق جزء من المقيد فلو ثبتت الحرمة في فرد من أفراد زينة الله تعالى لثبتت الحرمة في زينة الله تعالى وهو على خلاف النص.

وإذا لم تثبت الجرمة بالكلية ثبتت الإباحة.

فإن قلت: الدليل خاص، والدعوى عامة؛ ضرورة أنه لا يتناول ما ليس من الزينة من المنافع فلا يصح به التمسك.

قلت: قد عرف جواب هذا النوع غير مرة فلا حاجة إلى الاعادة.

واعلم أن هذا الاحتجاج مبنى على أن المفرد المضاف يفيد العموم فمن أنكر أن المفرد المعرف باللام لا يفيد العموم أنكر هذا فلا يمكنه التمسك بهذا إلا- أن يكون كرضه منه إلزام القائلين به.

الدليل الرابع: أن/ (331/ أ) الله تعالى خلق الأعيان، فإما أن يكون لحكمة، أو لا لحكمة والثاني باطل؛ لأن الفعل الخالي عن الحكمة عبث، وهو على الحكيم محال.

ويؤكده قوله تعالى: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لأعبين} {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا} وإذا بطل هذا القسم تعين الأول.

ص: 3946

وتلك الحكمة إما عود النفع إليه وهو محال لاستحالة الانتفاع عليه، وإما عود النفع إلينا؛ لأن كون تلك الحكمة عود الضرر إلينا ممتنع إجماعا، وحينئذ يلزم أن يكون الإذن ثابتًا لأن لازم المطلوب مطلوب، ولا يخفى عليك أنه مبنى على تعليل أفعال الله تعالى.

الدليل الخامس: القياس، وتقريره: أنه انتفاع بما لا ضرر فيه على المالك قطعا، وهو خال عن أمارات المفسدة فوجب أن يجوز كالاستضاءة بسراج الغير، والاستظلال بحائط الغير.

وانما قلنا: إنه لا ضرر فيه على المالك قطعًا؛ فلان المالك هو الله تعالى والضرر عليه ممتنع قطعًا.

وأما ملك العباد فلأن الأصل عدمه، فوجب استمراره، ولأن الكلام مفروض حيث لا ملك فيه لأحد من خلق الله تعالى.

وأما أنه خال من أمار ات المفسدة فلأن الكلام مفروض فعه وما ذكرناه في الجواب عنه في مسألة حكم الأشياء قبل الشرع غير آت ها هنا وهو ظاهر

فإن قلت: هذا يقتضى القول بإباحة كل المحظورات؛ لأن فاعلها ينتفع بها، ولا ضرر فيها على المالك. وهو يقتضي سقوط أكثر التكليف وهو ممتنع.

سلمنا سلامته عن النقض لكن الفرق بينهما حاصل:

وبيانه من حيث الأجمال: وهو أن المالك لو منع من الاستضاءة بسراجه ومن الاستظلال بجداره قبح ذلك منه، والله تعالى لو منع من الانتفاع لم يقبح منه، والافتراق في الحكم دليل على الافتراق في الحكمة:

قلت: أما الأول فغير واردة لأنه ليس خال عن أمارات المفسدة؛ لأن نهى الشارع عنها أمارة مفسدتها أما على رأى المعتزلة فظاهر، وأما على رأينا

ص: 3947

فلاستلزام النهي استحقاق العقاب عليه، ولا شك أنه من أعظم المفاسد.

وعن الثماني: أن ما ذكرتم من الافتراق في الحكم إنما نشا من اختلاف الحاكم إنما من اختلاف الحاكم فيه؛ وهذا لان التحسين والتقبيح لا يتطرفان إلى أفعال الله تعالى فيحسن منه كل شيء بحكم المالكية ألا ترى أنه لو منع الله تعالى من الاستضاءة بسراج الغير، والاستظلال بحائط الغير لم يقبح منه بخلاف العبد فإن يقبح منه؛ لأنه يتطرق إلى أفعاله المدح والذم والجواز وعدمه فلا جرم لا يحسن منه كل شيء.

الدليل السادس: أن كر الاشياء المنتفع بها مباح في الشرع فإذا وجدنا شيئًا منتفعًا به ولم نجد على إباحته وتحريمه دليلاً على خصوصية كل واحد منهما ألحقناه بكثر الأشياء في الاباحة إلحاقا للشيء بالأعم والأغلب.

وأما الأصل الثاني وهو أن الاصل في المضار الحومة، وفعل الخوض في تقرير الدلالة لابد من تفسير الضرر:-

ففيل: الضرر: عبارة عن ألم القلب، لأنه مستعمل في مواضع مختلفة، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك بينها دفعًا للاشتراك والتجوز، والمشترك بينهما ألم القلب فوجب جعله فيه حقيقة.

وإنما قلنا: إنه مستعمل في المواضع المختلفة فلأنه مستعمل في الضرب، والشتم، والاستخفاف، والجرح، والقطع، وأخذ المال، والغضب، وتعطيل المنافع وغيرها من الصور، فيقال: أضره وأضرته، وشتمه وأهانه، وكذا الكلام في بقية الأمثلة، فثبت أن الضرر مستعمل في المواضع المختلفة.

ص: 3948

وإنما قلنا: أن الألم قدر مشترك بينها فذلك ظاهر غنى عن البيان.

فإن قلت: ما المعنى بألم القلب؟

إن عنيت به الغم والحزن فهو باطل؟ فإن من خرق ثوب إنسان أو أحرق داره وكان المالك غافلاً عنه يقال فيه: أضر به وأضره مع أنه لا هم هناك ولا غم.

وإن عنيت به معنى آخر فبينه لينظر هل هو مشترك بينها أم لا؟ نزلنا عن هذا المقام، لكن كما أن ألم القلب قدر مشترك بينها فكذا يجوز أن يكون بينها فدر مشترك آخر وحينئذ لا يجب أن يكون حقيقة فيما ذكرتم من القدر المشترك فلم لا يجوز أن يكون كذلك وعليكم بيانه.

ثم أنا نتبرع ببيان القدر المشترك الأخر وهو أن تفويت الفع قدر مشترك بينها فلما كان ما ذكرتم من المشترك أولى من هذا؟ وعليكم الترجيح.

ثم أنه معنا؟ لأن النفع والضرر متقابلان لكون كل واحد محهما يذكر في مقابلة الآخر، والنفع عبارة عن تحصيل النفع، فيكون الضرر عبارة عن تفويت المنفعة، وإذا كان حقيقة فيه لا يكون حقيقة فيما ذكرتم دفعا للاشتراك.

سلمنا دلالة ما في ذكرتم على أن الضرر عبارة عن ألم القلب لكنه معارض بوجوه:

أحدها: أنه لو كان حقيقة فيه لوجب أن يتبادر إلى الفهم عند سماعه لأن من شان الحقيقة ذلك، لكنه غير متبادر إذ لا يفهم من قول القائل: أضر فلان فلانًا، أو أضر به أنه آلم قلبه، وحينئذ يلزم أن لا يكون حقيقة فيه.

وثانيها: قوله تعالى: {أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئًا

ص: 3949

ولا يضركم}.

أخبر أن عبادة الأصنام لا تضرهم مع أنها تؤلم قلوبهم يوم القيامة؛ لأنهم يعاقبون بذلك، ويلزم من هذا أن الضرر ليس عبارة عن ألم القلب.

وثالثها: أن من يسعى في إزالة مال أحد أو جاهه بحيث لا يعلم صاحبه بذلك.

يقال: أنه يضره مع أنه لم يوجد هناك ألم القلب ضرورة أنه/ (332/ أ) مشروط بالشعور به.

قلت: أما ألم القلب فحالة وجدانيه يعلمه كل أحد بالضرورة ويفرق بينه وبين فرحه ولذته، وإذا كان كذلك فلا حاجة لنا إلى تعريفه لأن المعلوم بالوجدان لا يعرف.

قوله: لم لا يجوز أن يكون هناك مشترك آخر؟

قلنا: الأصل عدمه.

قوله: تفويت النفع قدر مشترك بينهما.

قلنا: لا نسلم؟ وهذا لأنه ليس في صورة الشتم والإهانة إزالة لنفع مع أنه يستعمل فيهما الضرر.

سلمناه لكن لا يمكن جعله مدلول الضرر؟ لان البيع والهبة حصل فيهما تفويت النفع إذ البائع فوت على نفسه الانتفاع بالمبيع وكذا الواهب مع أن ذلك لا يسمى ضررًا.

لا يقال: شرطه أن لا يستلزم نفعًا آخر من محوض أو ثواب أو ثناء؛ لأنا نقول: فعلى هذا لا يوجد ضرر أصلا؛ لأنه ما من صورة من صور

ص: 3950

تفويت المنافع إلا ويوجد فيه نفع آخر من الثواب أو الثناء كما في الميتة.

سلمناه لكن توقيف المقتضى على الشرط على خلاف! الأصل.

قوله: النفع يذكر في مقابلة الضرر.

قلنا: هب أنه كذلك لكن ذلك لا يضرنا؛ لأن النفع عبارة عن تحصيل اللذة، أو ما يكون وسيلة إليها.

والضرر عبارة عن تحصيل الألم، أو ما يكون وسيلة إليه، وعلى، هذا التقدير المقابلة بينهما حاصلة مع أنه لا دلالة فيه على مطلوبكم.

وأما الجواب عن المعارضة الأولى فهو: أنا لا نسلم لنه لا يفهم هذأ المعفط منه؛ وهذا لأنه يصع أن يقال: أضره، وأضر به، ثم طيب خاطره وفرحه فلولا أنه يفهم منه هذا المعنى وإلا لما صح ذلك.

وعن الثانية: أنا لا نسلم أن الأصنام تؤلم القلب، بل الذي يؤلمه إنما هو عبادتها وهى غيرها فلم تدل الآية على التغاير لعدم اتحاد الوسط.

وعن الثالثة: أن ذلك بطريق التجوز من قبل إطلاق اسم المسبب على السبب فإنه إنما يقال ذلك على معنى أنه يوجد فعلا لو حصل الشعور به لحصل ألم القلب فألم القلب مسبب ذلك الفعل عند حصول الشعور به فبهذا الاعتبار يقال: أضر به أو أضره إذا عرفت هذا فنقول: الدليل على حومة الضرر قوله عليه السلام: "لا ضرر ولا إضرار في الإسلام" أي في أحكام

ص: 3951

الإسلام فلو أبيح له ما هو منشأ للضرر الذي هو عبارة عن ألم القلب لكان في أحكام الإسلام ضرار والحديث ينفيه.

وأيضًا: لو شرع ما هذا شانه لكان فيه حرج وعسر فكان منفيا بالنصوص النافية للحرج والعسر.

ص: 3952