المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الخامسةذهب جمع إلى جواز التعليل بالعدم ثبوتيا كان الحكم أو عدميا - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٨

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابعفي الركن الثالثوهو العلة

- ‌القسم الأول:في الطرق الدالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثانيفي إثبات العلية بالمناسبة والإخالةوهي من الطرق العقلية

- ‌المسألة الأولىفي تعريف المناسب:

- ‌المسألة الثانيةاعلم أن الحكم إذا شرع للمناسبة فلابد وأن يكون محصلًا للمصلحة أو دافعًا للمفسدة، أو محصلًا للمصلحة ودافعًا للمفسدة معًا

- ‌المسألة الثالثةفي تقسيم المناسب

- ‌المسألة الرابعةفي أن مناسبة المصلحة تبطل وتحرم بمناسبة مفسدة مساوية أو راجحة، وقال قوم لا تبطل وهو اختيار الإمام

- ‌المسألة الخامسةفي إقامة الدلالة على أن المناسبة دالة على كون الوصف علة الحكم

- ‌الفصل الثالثفي قياس الشبه

- ‌المسألة الأولىفي تعريف ماهيته

- ‌المسألة الثانيةفي إقامة الدلالة على أنه حجة إذا اقترن به الحكم

- ‌المسألة الثالثةذهب بعض أصحابنا أن الوصف الشبهي إذا لم يعرف تأثير عينه في عين الحكم بل عرف تأثير جنسه القريب في الجنس القريب للحكم لا يكون حجة. وخالفه الباقون وهو المختار

- ‌الفصل الرابعفي الدورانويسمى بالطرد والعكس

- ‌الفصل الخامسفي السبر والتقسيم

- ‌الفصل السادسفي الطرد

- ‌الفصل السابعفي تنقيح المناط

- ‌الفصل الثامنفيما ظن أنه من طرق إثبات العلة وليس كذلك

- ‌القسم الثانيمن الطرق الدالة على أن الوصف لا يجوز أن يكون علة الحكم

- ‌الفصل الأولفي النقض

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن ذلك هل يقدح في علية الوصف أم لا

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بأن تخلف الحكم عن الوصف لمانع أو لغير مانع لا يقدح في عليته اتفقوا على أن تخلفه كذلك عن حكمة الوصف لا يقدح في عليته.فأما القائلون بأن تخلفه عن الوصف يقدح في عليته اختلفوا في أن تخلفه عن حكمه المقصودة هل يقدح في عليته أم لا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بتخصيص العلة اختلفوا في أنه هل يجب على المستدل ابتداء التعرض لنفي المانع، أم لا

- ‌المسألة الرابعةالقائلون بعدم تخصيص العلة اختلفوا في النقض إذا كان واردًا على سبيل الاستثناء

- ‌المسألة الخامسةفي الكسروهو نقض يرد على بعض أوصاف العلة

- ‌المسألة السادسةفي كيفية دفع النقض

- ‌الفصل الثانيفي عدم التأثير والعكس

- ‌المسألة الأولىفي معناهما:

- ‌المسألة الثانيةفي أن عدم التأثير يقدح في العلية

- ‌المسألة الثالثةفي أن العكس غير واجب في العلة عقلية كانت أو شرعية

- ‌الفصل الثالثفي القلب

- ‌المسألة الأولىفي حقيقته

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثةفي أقسام القلب:

- ‌الفصل الرابعفي القول بالموجب

- ‌الفصل الخامسفي الفرق

- ‌المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانيةيجوز تعليل الحكم الواحد نوعًا المختلف شخصًا بعلل مختلفة وفاقًا

- ‌المسألة الثالثةالقائلون بكون الفرق يقدح في العلية اختلفوا في أنه هل هو من تمامه ولوازمه نفيه عن الفرع أم لا

- ‌المسألة الرابعة

- ‌القسم الثالثفي أمور ظنت أنها تفسد العلة مع أنها ليست

- ‌المسألة الأولىفي تقسيم العلة

- ‌المسألة الثانيةاختلفوا في جواز التعليل بمحل الحكم، أو جزئه الخاص:

- ‌المسألة الثالثةالحق أنه لا يجوز أن تكون علة الحكم في الأصل بمعني الأمارة

- ‌المسألة الرابعةيجوز التعليل بالحكمة عند قوم.وقال قوم لا يجوز

- ‌المسألة الخامسةذهب جمع إلى جواز التعليل بالعدم ثبوتيا كان الحكم أو عدميا

- ‌المسألة السادسةاختلفوا في جواز تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي:

- ‌المسالة السابعةالتعليل بالأوصاف العرفية

- ‌المسألة الثامنةالتعليل بالوصف المركب جائز عند المعظم، وقال بعضهم لا يجوز

- ‌المسألة التاسعةأطبق الكل على أن العلة المنصوصة أو المجمع عليها يجوز أن تكون قاصرة، وأختلفوا في المستنبطة:

- ‌المسألة العاشرةاتفقوا على التعليل بمجرد الاسم غير جائز

- ‌المسألة الحادية عشرة

- ‌المسألة الثانية عشرةذهب الأكثرون إلى إنه لا يجوز التعليل بالصفات المقدرة، خلافا للأقلين من المتأخرين

- ‌المسألة الثالثة عشرةفي تقسيم العلة باعتبارات أخر غير ما تقدم

- ‌المسألة الرابعة عشرةاعلم أن الاستدلال قد يكون بذات العلة على الحكم، وقد يكون بعلية الحكم للحكم عليه

- ‌المسألة الخامسة عشرةاعلم أن تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي يسمى تعليلا بالمانع

- ‌خاتمة لهذا القسم بمسائل في أحكام العلة لم يتقدم ذكرها

- ‌المسألة الثانيةالوصف الذي جعل علة الحكم بمعنى الباعث لا شتمالها على الحكمة يجب أن لا يمكن بمثابة يلزم منه إثبات الحكم، أو نفيه مع القطع

- ‌المسألة الثالثةقيل الوصف الذي جعل ضابطا لحكمته يجب أن يكون جامعا للحكمة

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أنه لا يجوز تعليل الحكم بعلة متأخرة عنه في الوجود

- ‌المسألة الخامسة: (231/ أ)العلة المستنبطة من الحكم يجب أن لا ترجع إليه بالإبطال، ومعلوم أن ذلك لا يكون إلا في الأصل

- ‌الباب الخامسفي الركن الرابع وهو الفرع

- ‌النوع الخامس عشرفي الاعتراضات [وأجوبتها]

- ‌النوع السادس عشرالكلام في التعادل والتراجيح

- ‌ القسم الأول في التعادل

- ‌المسألة الأولىأطبق الكل على أن تعادل القاطعين المتنافيين عقليين كانا أو نقليين غير جائزة

- ‌المسألة الثانيةالقائلون بجواز هذا التعادل [قالوا: إن وقع هذا التعادل]، للإنسان في عمل نفسه كان حكمه فيه التخيير، أو التساقط والرجوع إلى غيرهما

- ‌المسألة الثالثةالمجتهد إذا نقل عنه قولان كالوجوب والتحريم مثلاً

- ‌القسم الثانيفي التراجيح

- ‌الفصل الأولفي مقدمات التراجيح

- ‌المسالة الأولى: في حد الترجيح

- ‌المسألة الثانيةذهب الأكثرون إلى وجوب العمل بالراجح سواء كان الترجيح معلومًا أو مظنونًا

- ‌المسألة الثالثةلا يتطرق الترجيح إلى الأدلة القطعية

- ‌المسألة الرابعةالمشهور أن العقليات لا يتطرق الترجيح إليها

- ‌المسالة الخامسةذهب الشافعي ومالك- رضي الله عنهما إلى أنه يجوز الترجيح بكثرة الأدلة، خلافًا للحنفية

- ‌المسألة السادسةإذا تعارض دليلان فإن لم يمكن العمل بكل واحد منهما بوجه دون وجه صير إلى الترجيح

- ‌المسألة السابعةإذا تعارض نصان فإما أن يكونا عامين، أو خاصين.أو أحدهما عامًا والآخر خاصًا

- ‌الفصل الثانيفي تراجيح الأخبار

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح الخبر بكيفية السند

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح الخبر بكيفية الرواية

- ‌المسألة الثالثةفي الترجيح بحال وروده

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح الخبر باعتبار اللفظ

- ‌المسألة الخامسةفي ترجيح الخبر باعتبار مدلوله وهو الحكم

- ‌المسالة السادسةفي ترجيح الخبر بالأمور الخارجية

- ‌الفصل الثالثفي ترجيح القياس بحسب علته

- ‌المسألة الأولىفي ترجيح القياس بحسب ماهية علته

- ‌المسألة الثانيةفي ترجيح القياس بحسب الدليل الدال على وجود علته

- ‌المسألة الثالثةفي ترجيح القياس بسبب الدليل الدال على علية الوصف في الأصل

- ‌المسألة الرابعةفي ترجيح القياس بسبب وصف العلة

- ‌النوع السابع عشر في الاجتهاد

- ‌ المقدمة:

- ‌الفصل الأولفي المجتهد

- ‌المسألة الأولىاختلفوا في أن الرسول- عليه السلام هل كان يجوز له الاجتهاد فيما لا نص فيه:

- ‌المسألة الثانيةاتفقوا على جواز الاجتهاد بعد الرسول- عليه السلام

- ‌المسأله الثالثةفي شرائط المجتهد

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن صفة الاجتهاد هل تحصل في فن دون فن أم لا

- ‌الفصل الثانيفي المجتهد فيه

- ‌المسألة الأولىذهب الجماهير إلى أنه ليس كل مجهد في الأصول مصيبًا

- ‌المسألة الثانيةفي تصويب المجتهدين في الأحكام الشرعية

- ‌النوع الثامن عشرالكلام في المفتي والمستفتي وما فيه الاستفتاء

- ‌الفصل الأول في المفتي

- ‌المسألة الأولىفي المفتي المجتهد إذا أفتى مرة بما أدى إليه اجتهاده، ثم سئل مرة أخرى عن تلك الحادثة بعينها:

- ‌المسألة الثانيةفي أن غير المجتهد هل يجوز له الفتوى بما يحكيه عن الغير من المجتهدين

- ‌المسألة الثالثةالمختار عند الأكثرين أنه يجوز خلو عصر من الأعصار عن الذي يمكن تفويض الفتوى إليه سواء كان مجتهدًا مطلقًا، أو كان مجتهدًا في مذهب المجتهد، ومنع منه الأقلون كالحنابلة

- ‌الفصل الثانيفي المستفتي

- ‌المسألة الأولىيجوز للعامي أن يقلد المجتهدين في مسائل الفروع اجتهادية كانت أو غير اجتهادية

- ‌المسألة الثانيةفي شرائط الاستفتاء

- ‌المسألة الثالثةالرجل الذي تنزل به الواقعة إن كان عاميًا صرفًا جاز له الاستفتاء

- ‌المسألة الرابعةالعامي إذا عمل بفتوى بعض المجتهدين في حكم حادثة وقلده فيه لم يجز له الرجوع عنه إلى حكم آخر في تلك الحادثة بعينها بفتوى غيره إجماعًا

- ‌النوع التاسع عشرالكلام في المدارك التي اختلف المجتهدون في أنها هل هي مدارك للأحكام أم لا

- ‌المسألة الأولىفي أن الأصل في المنافع الإذن، وفى المضار المنع خلافا لبعضهم

- ‌المسألة الثانيةفي استصحاب الحال

- ‌المسألة الثالثةفي أن النافي هل عليه دليل أم لا

- ‌المسألة الرابعةاختلفوا في أن مذهب الصحابي وقوله هل هو حجة على من بعدهم من التابعين أم لا

- ‌المسألة الخامسةفي المصالح المرسلة

- ‌المسألة السادسةفي الاستحسان

- ‌المسألة السابعةاختلفوا في أنه هل يجوز أن يقول الله تعالى لنبي أو لعام: احكم بما شئت، فإنك لا تحكم إلا بالصواب:

- ‌المسألة الثامنةذهب الشافعي رضي الله عنه وأصحابه إلى أنه يجوز الاعتماد في إثبات الأحكام على الأخذ بأقل ما قيل فيه خلافًا لبعضهم

- ‌المسألة التاسعةذهب بعضهم إلى أن الأخذ بأخف القولين واجب على المكلف

- ‌النوع العشرونالكلام في الاستدلال

- ‌المسألة الأولىفي معنى الاستدلال

- ‌المسألة الثانيةفيما يتعلق بالسبب والشرط والمانع

- ‌المسألة الثالثةفي الاستدلال بعدم ما يدل على الحكم على عدم الحكم

- ‌المسألة الرابعةمن جملة طرق الاستدلال والاستقراء

- ‌المسألة الخامسةفي الاستدلال على عدم الحكم

- ‌المسألة السادسةفي الاستدلال على ثبوت الحكم

الفصل: ‌المسألة الخامسةذهب جمع إلى جواز التعليل بالعدم ثبوتيا كان الحكم أو عدميا

واعلم أن هذا التضعيف ضعيف؛ لأن ما ذكره من الاحتمال وإن كان جائزًا لكنه غير واجب، والمنع لا يندفع بمجرد الاحتمال، بل لابد من الدلالة على أنه لا مشترك بينهما إلا نفس كونه مصلحة حتى يتحقق النقض ويمكن أن يورد الاعتراض على الجواب بحيث لا يرد عليه هذا التضعيف بأن يقال: إنه إن عنى بقوله: إنه لابد وأن يكون بين الأصل والفرع مقدار معين مشترك بينهما مقدارا وائدا على مسمى المصلحة بحيث لا ينتقض ممنوع، ولابد من الدلالة عليه.

وإن عنى به: نفس الاشتراك في مسمى المصلحة أو مقدارا زائدا على نفس مسمى المصلحة لكن ليس بحيث لا ينفك الحكم عنه لزم النقض المذكور ومعلوم أن هذا الكلام لا يرد عليه التضعيف المذكور.

‌المسألة الخامسة

ذهب جمع إلى جواز التعليل بالعدم ثبوتيا كان الحكم أو عدميا

.

ومنع قوم منه إذا كان الحكم ثبوتيا.

احتج الأولون بوجوه:

أحدها: أنه لا معنى للعلة إلا المعرف، على ما تقدم تقريره، وهو غير

ص: 3502

مناف للعدم، فإن العدم قد يعرف وجود الحكم الثبوتى؛ فإن عدم امتثال العبد لأوامر سيده يعرفنا سخطه عليه، والحكم العدمى فإن عدم العلة يعرفنا عدم المعلوم وكذا عدم اللازم، وعدم الشرط يعرفنا عدم الملزوم وعدم المشروط، وإذا كان كذلك وجب أن يصح قيام العلية بالعدم كما بالموجود.

وثانيها: أنه قد يحصل دوران الحكم مع بعض العدمات، والدوران يفيد ظن العلية على ما تقدم تقريره، والعمل بالظن واجب، فيكون العمل بهذا القياس واجبا.

وثالثها: لو لم يجز أن يكون العدم علة، فأما لأن العلية ثبوتية ويستحيل قيام الصفة الثبوتية بما ليس بثابت، وهو باطل.

أما أولا: فلأن العلية ليست ثبوتية؛ وإلا فإن كانت واجبة لذاتها لم تفتقر إلى معروضها وموصوفها، أو كانت ممكنة/ (218/أ) لذاتها فتفتقر إلى مؤثر يؤثر فيها، والكلام في علية تلك العلة كالكلام في الأول ولزم التسلسل.

وأما ثانيا: فلأنها لو كانت وجودية فإن كانت قديمة، لزم امتناع قيامها بالمحدثات، ولزم أيضا قدم المعلول، وإن كانت محدثة لزم أن يكون لها موجدا، والكلام في عليته كالكلام في الأول ولزم التسلسل.

وأما ثالثا: فلأن العلية من الأمور النسبية والإضافية، وقد ثبت أنه لا وجود لها في الأعيان.

وأما رابعا: فلأن المخالف والعرف يساعدان على أنه يجوز أن يكون العدم علة العدم؛ إذ يجوز أن يقال: لم يعص أمره فلم يسخط عليه، ولم يره فلم

ص: 3503

يسلم عليه، ولو كانت العلبة ثبوتية لاستحال قيامها بالعدم سواء كانت علة للعدم أو الثبوت، أو لأن العلية تقتضي التأثير والإيجاب وذلك في العدم لا يعقل فهو أيضا باطل لما سبق آنفا أنه لا معنى للعلة إلا لكونها معرفة للحكم، وقد عرفت أن ذلك جائز على العدم أو لمعنى آخر، وهو أيضا باطل؛ لأن الأصل عدمه، ولأن كل من قال بعدم جوازه فإنما قال به بناء على الاحتمالين المذكورين فالقول بفساده بناء على احتمال آخر قول مخالف للإجماع فكان باطلا، وإذا بطلت هذه الأقسام بطل القول بعدم جوازه فوجب القول بصحته.

واحتج المانعون منه بوجوه:

أحدها: أن العلية ثبوتية، ضرورة أنها نقيض "اللا علية" المحمولة على العدم، والمحمول على العدم عدمي، وإلا لزم كون العدم موصوفا بالثبوت وهو يفضى إلى القول بالسفسطة. ومقتضى النفي ثبوت، فوجب أن تكون العلية ثبوتية، وإذا كان كذلك استحال اتصاف العدم بها.

وجوابه: أن الاستدلال بصورة النفي على الوجود يتوقف على العلم بأن ذلك المفهوم قبل دخول حرف النفي وجوديا، فإن بتقدير أن لا يعلم ذلك بل يجوز أن يكون عدميا، كان مفهومه حينئد بعد دخول حرف النفي وجوديا، ضرورة أن عدم العدم ثبوت وإذا كان كذلك كان العلم بكون ذلك المفهوم وجوديا قبل العلم بوجه دلالة صورة النفي على الوجود، فلو استدللنا بصورة النفي على الوجود لزم أن يكون العلم به حاصلا قبل العلم بالوجود؛ ضرورة أن العلم بالدليل وبدلالته قبل العلم بالمدلوم فيلزم الدور وهو ممتنع.

ص: 3504

سلمنا صحة دلالته لكنه منقوض بالامتناع، والامتناع مع أنه ليس بوجودي قطعا.

سلمنا المقدمتين، لكنه منقوض بالعدم إذا كان علة العدم، فإن جميع ما ذكروا آت فيه مع أنه يجوز أن يكون العدم علة العدم وفاقا.

وثانيها: أنه يصح أن يقال: أي شيء وجد حتى حدث هذا الأمر؟ ولو لم يكن الحدوث متوقفا على وجود شيء لما صح هذا الكلام، كما لو قال:"أي رجل مات حتى مرض هذا" حيث لم يكن مرض المشار إليه متوقفا على موت رجل.

وجوابه: أنا لا نسلم أن صحته واستقامته بناء على خصوصية الوجود بل لعموم الحدوث، ألا ترى أنه لو قال: أي شيء حدث حتى حدث هذا الأمر، استقام الكلام أيضا، وحدوث الأمر يعم الوجود والعدم؛ ولهذا يصح أن يقال: أي شيء عدم مما كان حتى وجدها الأمر.

وثالثها: أن العلة لابد وأن تتميز عما ليس بعلة بأي معنى كان وإلا لما صح الحكم عليها بكونها علة، والتمييز: عبارة عن كون واحد من المتميزين مخصوصا في نفسه بحيث لا توجد خصوصيته في الآخر وإلا لما كان متميزا، لكن ذلك غير معقول في العدم لأنه نفى صرف وعدم محض.

وأيضا لو جاز وقوع التمييز فيه لجاز أن يكون ما نراه من المحسوسات المتميزة بعضها عن البعض إعداما صرفا؛ إذ لا طريق إلى العلم بوجودها إلا ذلك، ويلزم أيضا إنسداد باب إثبات الصانع تعالى؛ لأنه حينئذ يجوز أن يقال: المؤثر في العالم عدم صرف ونفي محض؛ لأنه حينئذ يجوز أن يتميز عن غيره بصفات مخصوصة كما هو على تقدير الوجود.

ص: 3505

وجوابه: أنا لا نسلم أن ذلك غير معقول في الإعلام، وهذا لما سبق أن التمييز في الإعدام واقع؛ فإن عدم اللازم يتميز عن عدم الملزوم بكون ذلك يستلزم عدم الملزوم، وعدم الملزوم لا يستلزم ذلك، وكذا عدم أحد الضدين عن المحل يصحح حلول الضد الآخر فيه.

ولا نسلم أنه يلزم تجويز كون هذه المحسوسات إعداما؛ وهذا لأنا لا نقطع بوجودها بمجرد تميزها، بل تميزها بصفات محسوسة نحو الأكون، والألوان، ولا نسلم أنه يلزم انسداد باب إثبات الصانع؛ وهذا فإن مجرد التميز غير كاف في ذلك بل لا يصلح ذلك طريقا إلى العلم بالوجود، لما سبق، بل طريقه في حقه تعالى مشاهدة آثاره من مخلوقاته ومصنوعاته.

ورابعها: أن العدم لو كان علة لكان له نسبة مخصوصة، وإلا لم يكن باقتضاء حكم دون حكم، في وقت دون وقت أولى من العكس وحينئذ يلزم أن يكون العدم محل النسبة المخصوصة وهى وجودية؛ لأنها نقيض للانتساب الذى هو عدمي فيكون محل الصفة الوجودية فتكون موجودة فيلزم أن يكون العدم موجودا وهو محال.

وجوابه: ما سبق/ (219/أ) ولو سلم دلالة ما ذكره على ذلك لكنه معارض بما يدل على أن النسب والإضافات لا وجود لها في الأعيان.

وخامسها: أن المجتهد يجب عليه سبر الأوصاف التى تصلح للعلية وفاقا، ولا يجب عليه سبر الأوصاف العدمية؛ لكونها غير متناهية فلا شيء من الأوصاف التي تصلح للعلية بعدمية.

ص: 3506

وجوابه: منع المقدمة الثانية؛ وهذا فأنا لا نسلم أنه لا يجب عليه سبر ما يتخيل المناسبة فيه، أو الدوران، أو ما يقرب من العلية.

وسلمناه لكن ذلك لتعذره؛ لأن العدمات لما كانت غير متناهية تعذر سبرها.

وسادسها: العدم ليس من سعي الإنسان فلا يترتب عليه حكم لقوله تعالى} وأن ليس للإنسان إلا ما سعى {، لا يقال: هذا ينتقض بجميع المناهي، فإنا مكلفون فيها بالامتناع، ونثاب عليه، ويترتب عليه أحكام؛ لأنا نقول: قد ثبت أن ذلك تكليف بفعل الضد، لا بنفس أن لا تفعل الذى هو عدم محض بل ذلك يترتب عليه.

وأجيب عنه: بأنه لو كان كذلك لكان الممتنع عن الفعل فاعلا للفعل وهو محال.

وهو ضعيف؛

أما أولا: فلأنه مناقض لما اختاره هذا المجيب من أن متعلق التكليف في النهي إنما هو فعل الضد لا نفس أن لا تفعل، وأيضا لا محال في أن يكون الإنسان ممتنعا عن فعل ويكون فاعلا لفعل آخر، بل جوابه: أنه ليس من شرط ما يترتب عليه الحكم من العلل أن يكون من سعي الإنسان فإن كثيرا من العلل ليس من فعل الإنسان وسعيه، سلمناه لكن العدم الطارئ قد يكون من سعيه.

ص: 3507

وسابعها: أن العلة في الأصل لابد وأن تكون بمعنى الباعث على ما تقدم تقريره، والباعث ما يكون محصلا للمصلحة أو تكميلها، أو دافعا للمفسدة أو تقليلها، فإذا كان الحكم ثابتا بخطاب التكليف لمثل هذا الغرض، فلابد وأن يكون ضابط ذلك الغرض مقدورا للمكلف إيجادا وإعداما، وإلا لما كان شرع ذلك الحكم مفيدا للغرض؛ لعدم إفضائه إلى الغرض المطلوب والعدم المحض لا انتساب له إلى الحكم. ومقصوده، فلا يكون مفضيا إلى المقصود من شرع الحكم فيمتنع التعليل به.

وجوابه: أنه إن عنى بالعدم المحض، العدم الأصلي الذي لا يخصص ولا تمييز فيه بوجه من الوجوه فمسلم أنه لا انتساب له إلى شيء لكن لا يلزم من نفي علته علية مطلق العدم الذي وقع النزاع فيه.

وإن عنى به أنه الذي يصدق عليه أنه لا شيء ولا ذات متقررة ولا ثابتة فممنوع أنه لا انتساب له إلى الحكم أو إلى غيره؛ وهذا لأن الأعدام المضافة ليست أشياء ولا ذوات متقررة مع أن لها انتسابا وإضافة.

سلمنا كل ما ذكرتم لكنه إنما ينفي تعليل حكم الأصل به دون تعليل حكم الفرع؛ فإنه لا يجب أن تكون العلة فيه بمعنى الباعث بل يجوز أن تكون بمعنى الأمارة.

تنبيه

التعليل بالوصف الإضافي جائز إن قيل بوجود الإضافات وإلا فينبني على جواز التعليل بالعدم، فإن جوز ذلك جاز هذا وإلا فلا، وأما أدلة كونها وجودية أو عدمية فقد عرفت في علم آخر.

ص: 3508