الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة
في الترجيح بحال وروده
، وهو من وجوه:
أحدها: الخبر المدني راجح على المكي اعتبارًا بالغالب، فإن الغالب على المكيات التقدم والمتأخر منها عن المدنيات فقليل جدًا، والفرد المتردد بين الغالب والنادر يلحق بالغالب أبدًا.
وثانيها. ما يحتمل أن يكون مدنيًا راجح على ما لا يحتمل ذلك بل هو مكى قطعًا.
وثالثها: الخبر الذى يظهر وروده بعد قوة الرسول وعلو شانه راجح على الذى لا يكون كذلك، لأن ذلك يدل على تأخره، فإن قوة الرسول وعلو شانه كان في آخر أمره- عليه السلام.
قال الإمام: ما ليس كذلك ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: ما يعلم من حاله أنه ورد في حال الضعف.
وثانيهما: ما لا يعلم ذلك من حاله أيضا، فتقديم ما علم أنه ورد في حال القوة على الأول مسلم، وعلى الثاني ممنوع.
وهو مندفع، لأن ما يحتمل الراجح راجح على ما لا يحتمله، وما يقطع برجحانه راجح على ما يحتمله. ومن هذا يعرف أن الثاني من القسمين
راجح على الأول منهما، ولأنه حكم في أمثاله بالتقديم.
ورابعها: أن يكون راوي أحد الخبرين متأخّر الإسلام، ويعلم أن سماعه
كان بعد إسلامه، وراوي الخبر الأخر متقدم الإسلام، فيقدم الأول، لأنه أظهر تأخرًا.
والأولى أن يفصل فيقال: المتقدم اذا كان موجودًا مع المتأخر لم يمتنع أن تكون روايته متأخرة عن رواية المتأخر.
فأما إذا علمنا أنه مات المتقدم قبل إسلام المتأخر، "أو علمنا أن أكثر روايات المتقدم متقدمة على روايات المتأخر منها هنا نحكم برجحان روايات المتأخر على روايات المتقدم،" لأن النادر يلحق بالغالب، وحيث لا تقدم روايات المتأخر على المتقدم فروايات المتقدم أولى لسبق الإسلام كما تقدم ذلك في الترجيح بأحوال الراوي.
وخامسها: أن يحصل إسلام الراوين معًا كإسلام خالد وعمرو بن
العاص، لكن يعلم أن سماع أحدهما بعد إسلامه، ولا يعلم ذلك في سماع الآخر، فيقدم الأول، لأنه أظهر تأخرًا.
وهذا يستقيم لو كان ذلك الخبر الذى وقع التعارض فيه على ما ذكر من الوصف، أو كان يعلم أن كثر روايات أحدهما كان سماعه بعد إسلامه، فإما إذا لم يكن على هذين الوجهين فلا يستقيم ذلك
وسادسها: أن يكون أحد الخبرين مؤرخا بتاريخ مضيق "والآخر خاليا عن التاريخ بل ورد مطلقا فالأول أولى، لأن المؤرخ بتاريخ مضيق "أظهر تأخرًا عن المطلق.
مثاله: (ما روى أنه عليه السلام صلى بالناس في مرضه الذى توفى فيه قاعدًا والناس قيامًا فهذا يقتضى جواز اقتداء القائم بالقاعد.
ما روى عنه- عليه السلام أنه قال: إذا صلى الإمام قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعين فيقتضى عدم جواز ذلك فرجحنا الأول، لأنه كان
في آخر أحوال الرسول عليه السلام، وأما الآخر فيحتمل أنه كان قبل المرض.
وسابعها: إذا كان أحد الخبرين مؤرخا بتاريخ متقدم، والآخر خاليا عنه فالخالي عنه أولى، لأنه أشبه بالمتأخر.
وثامنها: أن يكون أحد الخبرين واردأ في حادثة كان الرسول- عليه السلام يغلظ فيها زجرًا لهم عن العادات القديمة، ثم خفف فيها نوع تخفيف فيرجح التخفيف على التغليظ، لأنه أظهر تأخرًا.
وأعترض عليه: بأنه- عليه السلام ما كان يغلظ إلا عند علو شأنه وهو في آخر الأمر، وأما التخفيف فكان أول أمره- عليه السلام فسيجب أن يرجح التغليظ.
وجوابه: منع المقدمتين فإن كثيرًا من التغليظات، شرع أول الأمر، وكثيراً