الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1496 -
أخبرنا محمَّد بن هارون بن شُعيب: أنا الحسن بن جرير الصُّوري: نا محمَّد [بن موسى](1) بن إسماعيل: نا أبو عمرو النَّصيبي عثمان بن عمرو: نا مالكُ بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه.
عن عائشة، قالت: قلتُ: يا رسولَ الله! كيف حبُّك لي؟. قال: "كعُقْدةِ الحبل". قلت: وكيف العُقْدةُ يا رسول الله؟. قال: "على حالها".
أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(2/ 44) من طريق عثمان به.
وعثمان هو ابن عبد الله بن عمرو -نُسِب إلى جده في سند تمام- الأموي، اتّهمه بالوضع ابن حبان وابن عدي والدارقطني، وكذّبه الجوزجاني ومسعود السجزي. (اللسان: 4/ 143). فالحديث موضوعٌ.
13 - باب: فضل زيد بن حارثة وابنه
1497 -
أخبرنا أبو الحسين محمَّد بن يحيى بن أيوب بن أبي عِقال قراءةً عليه في داره بحَجَرِ الذهب: أنا أبي: أبو زيد يحيى بن أيّوب بن أبي عقال -واسمُ أبي عِقال: هلال بن زيد بن حسن بن أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العُزّى بن امرئ القيس بن عامر بن يعمر بن رفيدة بن ثور بن كلب- أنّ أباه حدّثه، وكان صغيرًا فلم يعِ عنه. قال: فحدّثني عمِّي: زيد بن أبي عِقال عن أبيه.
أنّ آباءه حدّثوه أنّ حارثةَ تزوج إلى طيّىء بمرأةٍ من بني نبهان، فأولدها: جَبْلةَ وأسامةَ وزيدًا، وتُوفِّيت أمُّهم وبقوا في حِجر جدّهم لأمّهم، وأراد حارثةُ حملَهم، فأتى جدَّهم لأمّهم، فقال: ما عندنا خيرٌ لهم. فتراضوا إلى أن حَمَلَ جبلةَ وأسامةَ، وخلّف زيدًا. فجاعت خيلٌ من تِهامة من فَزَارة، فأغارت على
(1) من (ف).
طيّىء، فسَبَت زيدًا. فساروا به إلى عُكاظ، فرآه النبيُّ صلى الله عليه وسلم من قبل أن يُبعثَ، فقال لخديجة: يا خديجةُ! رأيتُ في السوق غلامًا من صفته كيْتَ وكيْتَ -يصفُ عقلًا وأدبًا وجمالًا-، ولو أنّ لي مالًا لاشتريتُه". فأمرت خديجةُ ورقةَ بن نوفل فاشتراه من مالها. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: يا خديجةُ! هِبِي لي هذا الغلامَ بطيبةٍ من نفسك". فقالت: يا محمّد! إنّي أرى غلامًا وضيئًا وأحبُّ أن أتبنّاه، وأخاف أنْ تبيعَه أو تَهَبَه!. فقال: "يا موفّقة! ما أردت إلَّا أن أتبنّاه". فقالت: به فُديت يا محمَّد.
فربّاه وتبنّاه، إلى أن جاء رجلٌ من الحيّ فنظر إلى زيد فعرفه، فقال له: أأنت زيدُ بن حارثةُ؟. قال: لا، أنا زيد بن محمَّد. فقال: بل أنت زيد بن حارثة، إنّ أباك وعمومتَك وإخوتك قد أتعبوا الأبدان، وأنفقوا الأموال في سببك!. فقال:
ألِكْنِي (1) إلى قومي وإن كنت نائيًا
…
وإنّي قطينُ البيتِ عندَ المشاعرِ
وكفّوا (2) من الوجْدِ الذي قد شَجَاكمو
…
ولا تُعمِلوا في الأرض نصَّ (3) الأباعرِ
فإنّي بحمد الله في خير أُسرةٍ
…
خيارِ مَعَدًّ كابرًا بعد كابرِ
فمضى الرجلُ فخبّر حارثة، ولحارثةَ فيه أشعارٌ بعضُها:
بكيتُ على زيدٍ ولم أدرِ ما فَعَلْ
…
أحيٌّ يُرجّى أما أتى دونَه الأجلْ
(1) في تاريخ ابن عساكر -وكذا تهذيبه (3/ 217): "الكندي". وهو تحريف. وفي "النهاية": "أي: بلّغ رسالتي، من الألُوكة والمألُكة، وهي الرسالة".
(2)
في (ظ): (فكفّوا).
(3)
نصَّ ناقتَه: استخرجَ أقصى ما عندها من السير. (قاموس).
ووالله ما أدري وإنّي لسائلٌ:
…
أغالكَ سَهْلُ الأرض أم غالك الجبلْ؟
فيا ليت شِعري: هل لك الدهرَ رجْعةٌ؟
…
فحسبي من الدُّنيا رجوعُك في بَجَلْ (1)
تُذكِّرُ فيه الشمسُ عندَ طلوعها
…
وتَعرِضُ ذِكراه إذا عَسْعَسَ الطَّفَل (2)
وإن هبّت الأرواح (3) هيّجنَ ذكرَه
…
فيا طولَ أحزاني عليه ويا وَجَلْ
سأُعمِلُ نصَّ العِيس في الأرض جاهدًا
…
ولا أسأمُ التَّطْوافَ (4) أو تسأمَ الإِبلْ
حياتي أو تأتى عليَّ مَنيّتي
…
وكلُّ امرئٍ فانٍ وإنْ غرَّه الأملْ
ثمّ إنّ حارثةَ أقبل إلى مكّةَ في إخوته وولده وبعض عشيرته، فأصاب النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -بفِناء الكعبة في نَفَرٍ من أصحابه وزيدًا فيهم، فلمّا نظروا إلى زيدٍ عرفوه وعرفهم، فقالوا: يا زيدُ!. فلم يُجِبهم إجلالًا منه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتظارًا منه لرأيه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من هؤلاءِ يا زيدُ؟ " قال: يا رسول الله! هذا أبي، وهذان عمّاي، وهذا أخي، وهؤلاء عشيرتي. فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"قُمْ فسلّم عليهم يا زيد". فقام فسلّم عليهم وسلّموا عليه، وقالوا: امضِ معنا يا زيد. قال: ما أُريد برسول الله بَدَلًا.
(1) البيت عند ابن سعد (3/ 41) وابن هشام (1/ 265) و"أُسد الغابة"(2/ 130): "
…
لي بَجَل". وهو الصواب. وبَجَلْ بمعنى: حَسْب.
(2)
الطَّفَلُ: الليل. (قاموس).
(3)
جمع ريح. (قاموس).
(4)
بالأصل (التطوال)، والتصويب من (ظ) و (ر) والمصادر المذكورة في التعليق (4).
فقالوا له: يا محمّد! إنّا مُعطوك بهذا الغلام دِيَاتٍ، فسَمِّ ما شئت، فإنّا حاملوها إليك. قال:"أسألكم أن تشهدوا أن لا إله إلَّا الله، وأنّي خاتمُ أنبيائه ورسله". فأبوا وتلكّؤوا وتلجلجوا، وقالوا: تقبَلُ ما عرضنا عليك يا محمَّد؟. فقال لهم: "ها هنا خصلةٌ غير هذه، قد جعلتُ أمره إليه: إن شاء فليُقِم وإن شاء فليرحل". قالوا: قضيتَ ما عليكِ يا محمَّد. وظنّوا أنّهم قد صاروا من زيد إلى حاجتهم. قالوا: يا زيد! قد أَذِنَ لك محمَّد فانطلق معنا. قال: هيهاتَ! هيهات! ما أُريد برسول الله صلى الله عليه وسلم بَدَلًا، ولا أُوثرُ عليه والدًا ولا ولدًا. فأداروه وألاصوه (1) واستعطفوه، وذكروا وَجْدَ مَنْ وراءهم به، فأبى وحَلَفَ أن لا يصحبَهم. فقال حارثة: أمّا أنا فإنّي مؤنسك بنفسي. فآمن حارثة، وأبى الباقون، فرجعوا إلى البريّةِ. ثمّ إنّ أخاه جَبَلَة رَجَعَ فآمن بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وأوّلُ لواء عقده النبيّ صلى الله عليه وسلم بيده إلى الشام لزيد، وأولُ شهيد كان بمؤتة زيد، وثانيه جعفر الطيار.
وآخر لواءٍ عَقَدَه بيده لأسامة على اثني عشر ألفًا من الناس، بينهم عمر. فقال: إلى أين يا رسول الله؟. قال: "عليك بيُبْنى (2)، فصبِّحها صباحًا، فقطِّعْ وحرِّقْ وضَعْ سيفك، وخُذْ بثأر أبيك". واعتلَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال: جهّزوا جيش أسامةَ! أنفذوا جيشَ أسامة! " فجُهِّز إلى أن صار إلى الجُرْف (3)، واشتدّت علّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبَعَثَ إلى أسامة: إنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم -يُريدك. فرجع، فدخَلَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقد أُغمي عليه، ثمَّ أفاق صلى الله عليه وسلم، فَنَظَرَ إلى أسامةَ، فأقبل يرفع يديه إلى السماء، ثم يُفرغها عليه. قالوا: فعرفنا أنّه إنّما يدعو له.
(1) ألصتُه عن كذا وكذا: راودته عنه. (قاموس).
(2)
بليدة قرب الرملة. (معجم ياقوت).
(3)
موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام
ثمَّ قُبِض صلى الله عليه وسلم فكان فيمن غسلّه الفضلُ بن عبّاس وعلي بن أبي طالب، وأسامةُ يصبُّ عليه الماء. فلمّا دُفِن عليه السلام قال عمر لأبي بكر: ما ترى في لواء أسامة؟. قال: ما أَحُلُّ عقدًا عَقَدَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولا يحُلُّ من عسكره رجلٌ إلَّا أن يكون أنت، ولولا حاجتي لمشورتك لما حَلَلْتُك من عسكره، يا أسامة! عليك بالمياه. يعني: البوادي. وكان يمرُّ بالبوادي فينظروا (1) إلى جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم فيثبتوا على أديانهم، إلى أن صار إلى عشيرته كلب، فكانت تحت لوائه، إلى أن قدِم الشامَ على معاوية، فقال له معاوية: اختر لك منزلًا فاختار المِزَّةَ، واقتطع فيها هو وعشيرته.
وقد قال الشاعر -وهو أعورُ كلب-:
إذا ذُكِرتْ أرضٌ لقومٍ بنعمةٍ
…
فبلدةُ قومي تَزْدهي وتطيبُ
بها الدّينُ والأفضال والخير والنّدى
…
فمن ينتجعْها للرشاد يصيبُ
ومن ينتجعْ أرضًا سواها فإنّه
…
سيندَمُ يومًا بعدها ويخيبُ
تأتّى لها خالي أسامةُ منزلًا
…
وكان لخير العالمين حبيبُ
حبيبُ رسول الله وابنُ رديفه
…
له إلفةٌ معروفةٌ ونَصيبُ
فأسكنها كلبًا فأضحت ببلدةٍ
…
لها منزلٌ رَحْبُ الجَنَابِ خصيبُ
فنصفٌ على برٍّ وشيحٍ ونُزهةٍ
…
ونصفٌ على بحرٍ أغزَّ رَطيبُ
ثمّ إن أسامة خرج إلى وادي القرى (2) إلى ضَيْعةٍ له فَتوفِّي بها، وخلّف في المِزَّةِ ابنةً له يُقال لها:(فاطمة)، فلم تزل مقيمةً إلى أن وُلِّيَ عمرُ بن عبد العزيز رحمه الله (3) -، فجاءت فدخلت عليه، فقام من مجلسه
(1) كذا بالأصول، وصوابه:(فينظرون).
(2)
وادٍ بين المدينة والشام من أعمال المدينة.
(3)
في (ر): رضي الله عنه.