الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - باب: ما جاء في السخاء والبخل
1275 -
أخبرنا أبو الحسن مُزاحِم بن عبد الوارث بن إسماعيل بن عبّاد البصري: نا محمّد بن زكريّا الغَلَابي: نا العباس بن بكّار: نا محمّد بن زياد عن ميمون بن مِهْران.
عن ابن عبّاسٍ، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "شابٌ سفيهُ سخيٌّ أحبُّ إليَّ (1) من شيخٍ بخيلٍ عابدٍ. إنّ السخيَّ قريبٌ من اللهِ (2)، قريبٌ من الجنّةِ، بعيدٌ من النارِ. وإنّ البخيلَ بعيدٌ من اللهِ (3)، بعيدٌ من الجنّةِ، قريبٌ من النار".
الحديث ذكره بسنده ومتنه معزوًّا إلى "فوائد تمّام": السيوطيُّ في "اللآلئ المصنوعة"(2/ 93)، لكن وقع فيه سقطٌ في الإِسناد، وهو من الطابع على الأرجح. وعزاه إلى تمّام أيضًا: ابن عرّاق في "تنزيه الشريعة"(2/ 139).
والحديث إسناده تالفٌ: محمد بن زياد هو اليَشْكُري الطحان كذاب يضع الحديث كما قال أحمد وابن معين، وكذّبه أيضًا: الفلاّس والجوزجاني وأبو زرعة والنسائي والدارقطني. فهو آفة الحديث. والراوي عنه: العبّاس بن بكّار الضبّي قال الدارقطني: كذّاب. وقال أبو نعيم: يروي المناكير، لا شيء. (اللسان: 3/ 237 - 238). وقال ابن حبّان في "المجروحين"(2/ 190): "يروي العجائب، لا يجوز الاحتجاج به بحالٍ".
والغلابي اتّهمه الدارقطني بالوضع، ووثّقه ابن حبّان!. (اللسان: 5/ 168).
(1) في (ظ): (إلى الله عز وجل) وكذا في "اللآلئ" دون عز وجل.
(2)
في (ظ) زيادة عز وجل.
(3)
في (ظ) زيادة عز وجل.
وقد عدَّه الشيخ الألباني في "الضعيفة"(2/ 102) آفة الحديث، ولم يشر إلى من فوقه! مع أن محمد بن زياد هو الأحق بهذا الوصف لإِطباق الأئمة على تكذيبه.
وأخرج الحاكم في "تاريخه" -ومن طريقه الديلمي (زهر الفردوس: 2/ ق 234) -، قال الحاكم: قرأت بخطِّ إبراهيم بن محمد بن سفيان في أصل كتابه: ثني الحسين بن عمر، وثني أحمد بن حرب: ثنا ابن أبي فُديك عن عبد الله بن أبي بكر عن صفوان بن سليم عن ابن عباس مرفوعًا: "شابٌّ سخيٌّ حسن الخلق أحبُّ إلى الله من شيخٍ بخيلٍ عابدٍ سيّىءُ الخلق".
وهذا علاوة على أنَّه وِجادةٌ -وهي منقطعة (1) - ففيه مجهولٌ، وهو عبد الله بن محمد بن أبي بكر الثقفي، فقد بيَّض له ابن أبي حاتم في "الجرح"(5/ 158).
أما الشطر الثاني: "السخي قريب
…
إلخ" فقد ورد من رواية أبي هريرة، وعائشة، وجابر، وأنس: أما حديث أبي هريرة:
فأخرجه الترمذي (1961) -واستغربه- والخرائطي في "المكارم"(ص 62) باختصار والعقيلي في "الضعفاء"(2/ 117) -ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 180) - وابن حبّان في "روضة العقلاء"(ص 246) وابن عدي في "الكامل"(3/ 1239) والإِسماعيلي في "معجمه"(2/ 732 - 733) والبيهقي في "الشعب"(7/ 429) والخطيب في "البخلاء"(ص 36) من طريق سعيد بن محمد الورَّاق عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عنه مرفوعًا بزيادة: "ولجاهل سخيٌّ أحبُّ إلى الله من عابدٍ بخيل".
(1) انظر: "فتح المغيث" للسخاوي (2/ 136)؛ وابن سفيان قد توفّي -كما في "سير النبلاء"(14/ 312) - سنة (308)، بينما كانت ولادة الحاكم سنة (321).
قال العقيلي: "ليس لهذا الحديث أصل من حديث يحيى ولا غيرِه". وقال البيهقي: "تفرد به سعيد بن محمد، وهو ضعيف". وقال ابن الجوزي: "المتّهم به: سعيد بن محمد الورّاق. قال يحيى: ليس بشيءٍ. وقال النسائي: ليس بثقة".
وفي "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 284): "قال أبي: هذا حديث منكرٌ".
والحديث ضعيف لا موضوع كما قال ابن الجوزي، لأن الورَّاق لم يُتَّهم بكذبٍ.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(مجمع البحرين: ق 67/ ب) والخطيب (ص 37) من طريق الورّاق عن يحيى بن سعيد لكن قال: عن محمد بن إبراهيم عن عائشة مرفوعًا. وهذا دليل على اضطرابه.
وفي "التهذيب"(4/ 77) في ترجمته: "قال المروزي عن أحمد: لم يكن بذاك، وقد حكوا عنه عن يحيى بن سعيد عن عروة عن عائشة حديثًا منكرًا في السخاء".
وأمَّا حديث عائشة:
فقد أخرجه البيهقي في "الشعب"(7/ 428) والخطيب (ص 37 - 38) والقشيري في "الرسالة"(ص 112) وابن الجوزي (2/ 181) من طريق سعيد بن مسلمة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقَّاص عنها مرفوعًا.
وابن مسلمة ضعيف كما في "التقريب"، قال أبو حاتم -كما في "العلل" لابنه (2/ 283) -:"هذا حديثٌ باطلٌ، وسعيد ضعيف الحديث، أخاف أن يكون أُدخل له". وقد تُوبع:
تابعه تَليد بن سليمان عند البيهقي والخطيب، وقال البيهقي:"تليد وسعيد ضعيفان". أهـ. وتَليد رافضيٌّ ضعيف كما في "التقريب".
وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان"(1/ 243) والخطيب (ص 37) وابن الجوزي (2/ 180 - 181) من طريق خلف [عند ابن الجوزي: خالد] ابن يحيى القاضي عن عَنْبَسة [عند ابن الجوزي: غريب] بن عبد الواحد القرشي عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيَّب عنها مرفوعًا.
قال ابن الجوزي: "خالد وغريب كلاهما غريبٌ مجهول". أهـ. وخلف بن يحيى قال أبو حاتم: متروك الحديث، كان كذّابًا، لا يُشتغل به ولا بحديثه. (الجرح: 3/ 372).
وعنبسة بن عبد الواحد الأموي القرشي ثقة عابد كما في "التقريب"، وما في سند ابن الجوزي أظنه محرّف.
وأخرج ابن عدي (3/ 1039) والخطيب (ص 34) والديلمي (زهر الفردوس: 2/ ق 220) من طريق روّاد بن الجرّاح عن ابن أبي حازم عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة عنها مرفوعًا: "السخيُّ الجهول أحب إلى الله من العابد البخيل".
وقال: "وهذا الحديث اختُلِف فيه على يحيى بن سعيد، وهذا لونٌ منه". ثم عدّد أوجه الخلاف، وقال:"وكل هذه الألوان ليست بمحفوظة". أهـ. وروّاد قال في "التقريب": "صدوق اختلط بأَخَرَة فتُرِك".
وأمّا حديث جابر:
فأخرجه البيهقي في "الشعب"(7/ 428) من طريق سعيد بن مسلمة عن جعفر بن محمد عن أبيه عنه مرفوعًا بزيادة: "ولجاهل سخي أحب
…
" وسعيد تقدَّم أنَّه ضعيف.
وأما حديث أنس:
فأخرجه ابن الجوزي (1/ 180) من طريق محمد بن تميم الفاريابي عن قبيصة بن محمد عن موسى بن عبيدة عن يزيد الرقاشي عنه مرفوعًا بزيادة، وجعله حديثًا قدسِيًّا.
قال ابن الجوزي: "المتّهم به. محمد بن تميم، قال ابن حبّان: كان يضع الحديث". أهـ. قلت: وكذّبه الحاكم وأبو نعيم وغيرهما. (اللسان: 5/ 98).
ونقل ابن الجوزي عن الدارقطني أنَّه قال: "لهذا الحديث طرقٌ لا يثبت منها شيءٌ بوجهٍ". قال الحافظ فيما نقله عنه السخاوي في "المقاصد"(ص 239): "ولا يلزم من هذه العبارةِ أن يكون موضوعًا، فالثابت يشمل الصحيح، والضعيفُ دونَه. وهذا ضعيفٌ، فالحكم [يعني: بالوضع] ليس بجيّدٍ عليه".
1276 -
أخبرنا أبو الحسن عليٌّ بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم البغدادي: نا معاذ بن المثنّى بن معاذ العَنْبريُّ: نا عمرو بن الحُصين العُقيلي: نا علي بن أبي سارة عن ثابت.
عن أنسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مَحَقَ الإِسلامَ مَحْقَ الشُّحِّ شيءٌ (1) ".
أخرجه أبو يعلى (3488) -وعنه ابن عدي في "الكامل"(5/ 1846) - والطبراني في "الأوسط"(مجمع البحرين: ق 261/ ب) من طريق عمرو به. وقال الطبراني: "لم يروه عن ثابت إلَّا عليٌّ، تفرّد به عمرو".
وإسناده تالفٌ: عمرو متروك، وكذّبه الخطيب. وشيخه ضعيف كما في "التقريب".
وقد سرقه النضر بن طاهر من عمرو! فرواه عن ابن أبي سارة به، أخرجه ابن عدي (5/ 1846)، والنّضر قال ابن عدي: يسرق الحديث، ضعيف جدًّا. وقال ابن أبي عاصم: يبالغ في الكذب. (اللسان: 6/ 162).
وأشار المنذري في "الترغيب"(3/ 380) إلى ضعف الحديث فصدّره
(1) في الأصل و (ر) و (ش): "شيئًا".